لقــاء حواري مع الأخت الكريمة .. شريفة العلوي ...

[أبو شامة المغربي]

لقــــــاء حـــواري مــــع الأخت الكريـــــمة
شريفة العلوي
سلام الله عليك أختي الكريمة
شريفة
ورحمته جل وعلا وبركاته
وبعد ...
قبل أن أهدي إليك علامات استفهامي الحوارية ورودا في مزهرية، أبادر إلى توجيه دعوتي لك المتواضعة إلى هذا اللقاء الحواري أريجا سنيا في حديقة شروق الزاهرة المتألقة، ثم أستهل حديثي الحواري بهذه الحروف التمهيدية التالية:
للحرف العربي العتيق نبض جميل ...
لهذا الكائن اللغوي الحي أصوات، وأصداء، ونبر أصيل ...
ثم كيف بالحرف الشعري إذا نطق؟ وكيف بالشاعر إذا نادى: الرحيل .. الرحيل؟
أحقا لن تفيد الكلمات بعد الوفاة في شيء كثير أو قليل؟
ثم كيف بحال الخير إذ يمكث في الأرض وحيدا غريبا في ظل ظليل؟
وكيف بحال الزبد إذ تنجلي ظلمته بإصباح ليس له مثيل؟

نافذة لا يغادرها صمتي
لا شيء يشبه
... هذه النافذة
تستحم بعنبر الشمس
من طلتين
والعالم في عينيها
أصغر من جفنين
تتدلى ضفيرتها المعبقة
بالمسك والأخضرين
ومن برج الضوء
تستدرج النظر
إلى ما وراءها مرتين
يرتد البصر ليسرد رائحة
الماضي بخطوتين
شريفة العلوي
***
سؤال قبل الأسئلة
ترى من تكون شريفة العلوي جملة وتفصيلا؟
علامة استفهامي الأولى
في رأيك هل يقدر الشعراء العرب اليوم حروف القصيدة العربية استماعا وقراءة، وإلقاء وكتابة حق قدرها؟
علامة استفهامي الثانية
كيف كان مبتدأ الكتابة لديك، وما أثر ما تقرئينه من أدب عموما، ومن شعر بوجه خاص في ما تكتبينه؟
علامة استفهامي الثالثة
ما حظ العمق الأخلاقي في الشعر العربي المعاصر، وهل للمبادئ والقيم الإسلامية مقام محفوظ في ما تقرئين اليوم من إبداع شعري؟
علامة استفهامي الرابعة
هل لنا أن نعرف الشعراء والكتاب العرب، الذين قرأت لهم أكثر من مرة، وما عنوان أول عمل أدبي، وأول عمل نقدي قرأتهما؟
علامة استفهامي الخامسة
ما طبيعة الإبداعات الشعرية والنثرية التي تجدين لها في نفسك أصواتا مميزة وأصداء متفردة؟ وما الذي يبعث منها في ذاتك الرغبة في الكتابة والشوق الدائم إليها؟
علامة استفهامي السادسة
ترى هل ممارسة فعلي الكتابة والقراءة، في نظرك، هما في حاجة إلى تنظيم ونهج محددين يجب أن يعتمد بصرامة؟
علامة استفهامي السابعة
كيف ترين اليوم حال الأدب والأدباء، ناثرين كانوا أم شعراء، وكيف ترين حال النقد الأدبي والنقاد في البلاد العربية الإسلامية؟
علامة استفهامي الثامنة
ما الذي يعنيه الأدب القديم بالنسبة إليك، ثم هل استطاع الأدباء والنقاد المحدثون أن يأتوا بأعمال لم يأت به الأولون؟
علامة استفهامي التاسعة
هل ثمة من رابط قوي وعميق بين ما خلفه القدماء من آثار أدبية ونقدية، وما شهده العصر الحديث من أدب ونقد؟
علامة استفهامي العاشرة
ما هو في اعتقادك حظ الخيال ونصيب الواقع مما ينثره وينظمه الكتاب والشعراء العرب المعاصرون؟
علامة استفهامي الحادية عشرة
ترى هل لسيرة الكتاب والشعراء الذاتية من أصوات وأصداء تسكن قلب أعمالهم الأدبية والنقدية؟
علامة استفهامي الثانية عشرة
هل سبق لك أن قرأت بعض السير الذاتية، سواء أكانت نثرية أو شعرية؟
علامة استفهامي الثالثة عشرة
كيف ينتقي الأديب في رأيك عناوين أعماله الأدبية؟ وكيف يصطفي الناقد عناوين أعماله النقدية؟
***
هذه باقة حروف حوارية، انتقيتها ونظمتها زهورا باسمة المحيا في مزهرية شروقية، وهي في ذات الظرف سرب فراشات أرسلتها محلقة في سماء هذه الواحة الثقافية المشرقة، والقصد والغاية بدءا وانتهاء أن يستقبلها القارئ الكريم برحابة صدر وبعين البصيرة ...
في انتظار حروف إجاباتك مسهبة ومقتضبة
حياك الله
د.أبو شامة المغربي
aghanime.hotmail.com

[أبو شامة المغربي]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ المحترم
أبو شامة المغربي
سلامي إليك بحجم جنان هذه الورود التي نثرتها في هذه المأدبة العربية الكريمة، بحيث يظهر جليا سخاء الضيافة إلى جانب زوابع العطر من الأسئلة، التي أتمنى من الله أن يعينني على الإجابة الشافية عليها أو المقنعة، حيث أراها دسمة، ولا أخفي عليك بأني صرخت صرخة غير مسموعة عندما قرأت الأسئلة، لأن كل سؤال فيها يحتاج إلى يوم كامل كما أرى، ولا أخفيك سعادتي بأن أبعثر ما في جعبتي أمام إخوتي في الشروق، الذين يتحملون دائما بعثرة حروفي ...
سوف أبدا غدا باذن الله، لمجرد رؤيتي هذه الأسئلة أحببت أن أحييك أخي الموقر أبو شامة المغربي ..
سلام مؤقت حتى أعود

[أبو شامة المغربي]

الدكتور أبو شامة المغربي ...
ما بين عناقيد الأسئلة المتدلية من قلمكم البديع، وبين حفاوة الترحيب الذي يتجاوز إطار الصفحة، قد تتضاءل المسافة بين الذاكرة والذهن، لأجد بأن الشعر مجال يفوق كل المجالات في الحياة لتأكيد الانسنة وتحقيق السعادة التي قد لا تجود بها المجالات الأخرى على طبق من الفضة، ولو للحظة بسيطة، ولأن الشعر من أجمل المجالات القرائية والكتابية، فهو يشارك مادة التاريخ بالرغم من تفوقه عليها في بعض السمات بقوة الذاكرة، ويتفوق عليها من حيث اعتبار التاريخ تطغى عليه الحقائق التجريدية بجمودها في حالة طغيان الحياد أو يعتري حقائقه زيف الإنحياز ... لذا الشعر فقط يشارك التاريخ في قوة الذاكرة، ويحمل عبق الأزمنة المتعددة من خلال التذوق والاطلاع كذلك للانطلاق نحو سمو الخيال ... ويشترك الشعر أيضا مع مجال علم الاجتماع لأنه لا ينفصل عن المجتمع في أغراضه المتعددة سواء في الوجدانيات، أو في الحماسة، أو في الفخر، وحتى الفسلفة والرثاء، وكذلك الشعر الإسلامي الرائع، الذي يضيف إلى المخيلة جمال الواقعية لتماس القضايا العصرية والبحث عن هويتنا وقيمنا، ومبادئنا التي بنيت عليها الجملة الشعرية في بداياتها ... لذا ليس هناك مجال يشارك الشعر في خصائصه ومميزاته، كما الشعر يشارك كل مجال هادف في مميزاته ...
ثم كيف بالحرف الشعري إذا نطق؟ وكيف بالشاعر إذا نادى: الرحيل .. الرحيل؟
الحرف الشعري اذا نطق يستطيع ايضا ان يستنطق ويستفز المشاعر حيث ينجح في اغراضه التوجيهيه ومنهجيته في ايصال رسالاته فربما الحجر أنطق اذا قرأ الشعر والشعر ليس بنيان اُصلح بنائه فقط وليس جملا مركبة تدهش الناظر فحسب وانما هو منظمومة تجتمع فيه دلائل الصدق المدعمة بالقيم والمبادئ والمدلولات الجمالية التي تقنع المتلقي وتجعله مشاركا مباشرا مع كاتب النص ...
الشاعر دوما ينادي فندائه يتوقف على ما ينادي به وهنا يفرق النداء وما نوع النداء وهل نداءه يدور فقط حول حالة آنية لصاحب النداء ام انه نداء مرن يتجاوز تحديدات الذاتية ؟ وحسب عقلية المنادى يصل النداء ...
أحقا لن تفيد الكلمات بعد الوفاة في شيء كثير أو قليل؟
بل بالعكس لربما تفيد الكلمات بعد رحيل صاحبها وخاصة لكل جيل رؤيته وتعمقه ومدى ملامسة الكلمات لواقع الجيل وكثيرا من الشعراء علت اصداء متونهم بعد ان وارتهم المنية وما زالوا يتواجدون بيننا بقوة عن طريق نصوصهم الخالدة.
ثم كيف بحال الخير إذ يمكث في الأرض وحيدا غريبا في ظل ظليل؟
الصراع بين الخير والشر لن ينتهي، وهذه حكمة الخالق وأساس الحياة الذي بنيت عليه هذه الدنيا، فهو مثل أي ضد يظهر مقابل نظيره، وفي النهاية يتغلب الخير على الشر مهما قويت شوكته، والخير عبر عصور سحيقة كان يعاني أمام قوى الشر المتكتلة، ولكن ثباته وصموده دليل بقائه وانتصاره، حتى ينتاب الشر اليأس ...
وكيف بحال الزبد إذ تنجلي ظلمته بإصباح ليس له مثيل؟
و كأنك ممسك بطرف فتيل القنبلة، قاب قوسين أو أدنى ودوي الحدث العظيم ... فيرتد البصر لتسدل الستارة نسمع الرعد معلنا عن أمطار من أعلام الحرية على رؤوسنا، ويعم الكون أمان وهنا يظهر الزبد بكل جماله وسطوعه ... ولكن هل هذه حقيقة أم خيال، أيا كان فالتشبث بنتوءات تحقيق الحلم أكثر اقناعا من التوجس الذي تخلفه الريبة، والخوف المؤدي إلى اليأس ... سؤالك هذا كان يحتمل الإجابة
فقط قراته دون أن أجاوب ...
سؤال قبل الأسئلة
ترى من تكون شريفة العلوي جملة وتفصيلا؟
ربما الاجابة على هذا السؤال لا يمكن ان تُختصر او تُختزل ومهما كنت اعرف نفسي حق المعرفة واتعامل معها بالصدق الا اني اعتبر الانسان اولا واخيرا كيان ومفردة تشكل الكلية ويتفرع منها الوطن والبيئة بكل تباينها الجغرافي والتاريخ وهموم المجتمع التي يحملها على اكتاف آماله واحلامه وتلك العثرات التي تشكل ما تشكله الاخاديد في الطرق الوعرة للمسافر وهي طبيعة الحياة ...
كما اني اعتبر نفسي قلم يتجاوز حدود الذات ولان هموم الذات آنية حالما تتغير الظروف تصبح مجرد ذكرى لذا عندما اكتب تتكدس علي الهموم المحيط بي واحيانا تتجاوز الحدود الجغرافية لتضم الوطن العربي ككل وهنا اعتبر نفسي قلما مؤنثا يحمل مشاعر نبيلة نحو أمته العربية التي تنطق بالضاد وتدين بالإسلام امة ذات يوم سادت الكون ومازال الكون يتسضيء بزيت قنديلها وعلوم عباقرتها ...
الاسم: شريفة محمد عبدالرحمن عثمان العلوي
الدراسة: العلوم السياسية.
الكتابات: الشعر، والنثر، والخاطرة، والمقالة.
البلد : جمهورية جيبوتي.
مكان الاقامة: جدة - المملكة العربية السعودية.
ولكن هذا لا يفسرني جملة وتفصيلا، يمكنك ان تجمع بقية المعلومات من خلال نثار احرفي مع امتداد الحوار .........
سعادتي لا توصف لهذا الكرم النبيل الذي لا يصدر الا من شخصية دمثة نقية الروح ... سوف أعود.
في رأيك هل يقدر الشعراء العرب اليوم حروف القصيدة العربية استماعا وقراءة، وإلقاء وكتابة حق قدرها؟
لكل عصر متطلباته والشعر عبر سياقاته المتعددة مرورا من الشعر الجاهلي الى يومنا هذا مر بميادين مختلفة حسب ما يتطلبه العصر والقضايا الانسانية التي تحفز الشعراء وتلهمهم على تصويب قريحتهم وما تجود به من بدائع القول وروائع الفكر , لذ سوف نجد في كل عصر وقفة تأمل تستوجب معرفة الظروف والمناخات التي خلقت وفرضت نوع معين على الشعر وخصائص محددة تعالج المشاكل المطروحة التي واجهت الشعراء والمعاصرين لهذه القضايا وكثيرا ما جاء الشعر بمثابة جرعات علاجية اما بتوجيه المجتمع للرقي به والتحصن بالوعي والادراك عن طريقه الى التسلح بقوة الارادة ومقاومة الصعوبات ... لهذا الشعراء يختلفون حسب اختلافات الميول والمذاهب والقناعات كل هذا التباين يخلق تباينا في الكلمة الموجه وهناك ايضا الفروق الفردية التي لها فاعليتها لتضعنا امام نصوص تختلف تبعا لاختلاف الشعراء ولكن كل هذا في النهاية يصب في بحيرة واحدة الا وهي دلائل الابداع و الرقي نحو سمو الكلمة ... حتما سوف يقدر الشاعر الكلمة طالما هي نابعة من ايمانه وقناعته
ولا ننسى بان الشعر فن جميل وراقي والفنون تحتاج الى اتقان للوصول الى صورة جميلة تسر الناظر ومضمون اجمل يعمق المصداقية ... وهذا لا يتم الا اذا كان تفكيرنا منظما ومنسقا .. الصورة الظاهرة اليوم تبعث على التفاؤل بان الاهتمام بالشعر كتابة وقراءة اصبح يزداد وخاصة فترة من الزمن كان هناك ركود ليس سببها الشعراء ولكن الاعلام لم يشهد ثورة هكذه الثورة التي اصبحت الان تفرض تواجدها بكل قوة باستحداث وسائل الاتصالات كشبكة العنكبوتية التي لا تحد مساحات الكتابة في حيز محدد وكلما تقدمت وسائل الاعلام يتقدم الشعر والشعراء ...
علامة استفهامي الثانية
كيف كان مبتدأ الكتابة لديك، وما أثر ما تقرئينه من أدب عموما، ومن شعر بوجه خاص في ما تكتبينه؟
مبتدأ الكتابة عندي بدأ من المدرسة وخاصة في مادة التعبير ذات يوم طلب مني المدرس عندما كنت طالبة في اولى متوسط ان اكتب في موضوع غير الموضوع الذي طلبه من الفصل و عندما سالته قال لي نظرا لقدرتك الفائقة في مادة التعبير يجب ان تكتبي في مواضيع مختلفة عن الفصل .. وحدث ان طلب منا جميعا ان نكتب عن القضية الفلسطينية ... وكان متفائلا بأن أكتب له النص بإسهاب، لكني لم أفعل، غير أني جئت له بأقل من سطر حيث كتبت ... لا تحرير فلسطين إلا بالوحدة العربية ...
بالنسبة للاثر مما اقراوه حتما لا يكون مردوده سريعا ولكن للذاكرة مخابئها ولها موانئها التي تستخرج في الوقت المناسب ما اختزنته من المعلومات حتى تلك المعلومات التي نشعر بضياعها مع رياح النسيان تظل رابضة في مكانها وعندما يستدرجها موقف ما تظهر للسطح وهذا من فضل الله علينا ولكن اهم اسرع فائدة للقراءة هي تحسين وتنظيم وتهذيب الاسلوب الكتابي الى حد ما ..
علامة استفهامي الثالثة
ما حظ العمق الأخلاقي في الشعر العربي المعاصر، وهل للمبادئ والقيم الإسلامية مقام محفوظ في ما تقرئين اليوم من إبداع شعري؟
الشعر كما قلت آنفا يتبع صاحبه سوف تجد شاعرا ورعا واخر هادفا وتجد بالمقابل من يتبع خطواتهم عن كثب فيما يكتبون وهذا توافق الذائقة المتبادلة بين الكاتب والمتلقى ... وهناك من يستخدم الشعر لافكار هدامة الغرض منها ايضا الوصول الى الاخرين بعبثية وتحويل الاننتباه عما قد يرتقي به القراء الى الهبوط والانحلال ... الكل له رسالته والاهم ان نميز بين الهادف والمستهدف وعلى من يحمل القلم ان يلتصق بالموضوعية ويقيس الامور بالحكمة وان يعي مدى مسؤولية القابض على القلم فهو كالقابض على السيف وهو يحرس الحدود .. للجملة الشعرية مفعول السحر، ووقعها أكثر أثرا على المتلقي لأن الشعر يشرع أبواب الخيال على مصراعيه أمام المتلقي، لذا فالقارئ إذا لم يتسلح بالوعي ويملك القدرة على استساغة الكلمة الصادقة قد يضيع بين الجيد والرديء، الشعر يخدم الأخلاق كما كان يخدم الجهاد ومقاومة الاستعمار كذلك هو يغرس الأخلاق والمبادئ ويرسخ الثوابت، وأعود لأقول بأن هذا كله يتوقف على نوع الشاعر ... واليوم يوجد شعراء في الساحة الشعر الاسلامي وعندك مثال رائع في الشاعر الرائع عبدالرحمن العشماوي ...
علامة استفهامي الرابعة
هل لنا أن نعرف الشعراء والكتاب العرب، الذين قرأت لهم أكثر من مرة، وما عنوان أول عمل أدبي، وأول عمل نقدي قرأتهما؟
قراءاتي اغلبها كانت ايام الدراسة حيث تتنوع عصور الشعر الثلاثية من الجاهلي الى عصر صدر الاسلام الى العصر الحديث
وفيما بعد تنوعت قراءاتي في مجالات متعددة ما بين السياسة والاجتماع وبعض الكتب في علم النفس وكذلك في الصحف مقالات للتحليلات السياسية وغيرها ... احببت القراءة للشاعرة الفذة نازك الملائكة وكذلك السياب معروف الرصافي جميل صدقي الزهاوي , ابو القاسم الشابي من تونس , محمود درويش كل هذا قرات منذ زمن ....اول كتاب قراته كان لابو القاسم الشابي باسم اغاني الحياة على ما اظن وكان الكتاب ليس لي بل كان لوالدي ولكن صدقني لا اتذكر منه سوى انه كان الوطن ...
ما طبيعة الإبداعات الشعرية والنثرية التي تجدين لها في نفسك أصواتا مميزة وأصداء متفردة؟ وما الذي يبعث منها في ذاتك الرغبة في الكتابة والشوق الدائم إليها؟
الخواطر والشعر الحر أقرب إلى نفسي دون ان اقصد ان امارسهما لان هذان النوعان من الأجناس الأدبية البديعة بغض النظر عن التصنيف تكون كتابتي بهذا الاتجاه بطريقة عفوية وربما هي قدرتي أو سلوك قريحتي نحو هذا الجانب تميل اكثر وغالبا لا اهتم بالنوع والتصنيف قدر ما يهمني ان يكون النص إبداعيا عميقا يحمل الفكرة ويهدف الى ايصال الرسالة المحددة ..التي تنطلق مني الى المتلقي والذي يشاركني في النص وله ما لي ...
عموما الكتابة عندي لها طقوسها التي تفرضها علي لحظة كتابة النص وهي لحظة النص او نص اللحظة يأتيني في اي وقت وفي اي مكان هي حالة تداهم الكاتب واذا كنت بعيدة عن جهازي او ليس بحوزتي قلم لن يعود النص وحدث معي كثيرا هذا ...
علامة استفهامي السادسة
ترى هل ممارسة فعلي الكتابة والقراءة، في نظرك، هما في حاجة إلى تنظيم ونهج محددين يجب أن يعتمد بصرامة؟
كل شيء في الحياة يحتاج الى التنظيم والترتيب والفوضى تبدد الوقت والمجهود ويفقد الامر مشروعيته هذا عامة اما بالنسبة للكتابة مثلا هناك قواعد عامة يسير عليه الامر قواعد وتحديدات لا يمكن تجاوزها سواء كانت اخلاقية او نحوية اما التقوقع على ضوابط لا تخدم تعميق الفكرة ولا تجدي غير انها تجمل البنيان الخارجي للنص هنا لا يمكن ان نبذر الجهد والفكر ببناء بيت لا يصلح للسكن قدر ما هو جميل من الخارج لذا افضل النص العميق الذي يجعلنا نقرأه اكثر من مرة من نص عاري زينه الكاتب بغية اتباع قواعد وتحديدات لا تخدم الكلمة واذا تواجد الشكل والمضمون فهذا جميل والناس تختلف في مذهبيتها في الكتابة وكل حسب قدرته ... أما القراءة بالنسبة لي ليس لها حدود اطلاقا الا ما لم يضيف الي او يخالف قناعاتي اخلاقيا في هذه الحالة فقط اختار النصوص التي قد استفيد منها ...
علامة استفهامي السابعة
كيف ترين اليوم حال الأدب والأدباء، ناثرين كانوا أم شعراء، وكيف ترين حال النقد الأدبي والنقاد في البلاد العربية الإسلامية؟
هناك أمور لم تتغير، وهي الأصول منذ أقدم العصور كل شيء كما هو والتغييرات تطرأ لصالح التجديد منعا للتمرد وحماية منه، مثلا الاخلاقيات لم تتغير ولم تستحدث فيها امور وان ظهر الفساد باختلاف انواعه ... لذا النقد هو الفرع الاخر للادب والنص النقدي نص ادبي ابداعي والنقد دوما وابدا يتبع الادب والادب لا يستغني من النقد كالليل والنهار والشمس والقمر اضداد تتوازى وتتحاذي بعضها ..وفي كل العصور للنقد وجهه كما الادب وجهه والتغييرات تحدث تبعا لما يحدث في الفكرة وخيال وادوات التقنية ومكيانيزم الفكرة والصورة ... والنقد يتناول ما يطرحه الادباء ولكل ناقد رؤيته كما لكل شاعر رؤيته ولن تجد النقاد يتفقون في امر ما سيظل هذا الاختلاف ابداع اخر كما الأدب له أوجهه العدة ...
علامة استفهامي الثامنة
ما الذي يعنيه الأدب القديم بالنسبة إليك، ثم هل استطاع الأدباء والنقاد المحدثون أن يأتوا بأعمال لم يأت به الأولون؟
الادب القديم اكبر من انه ادب فهو موروث ثمين وكنز قيم وهو الاساس بل الهوية لهذه اللغة العظيمة التي كرمها الله بالقرآن الكريم ... بالرغم من تقدم التكنولوجيا لم تطور مفرداتها الا ان اللغة العربية بغنائها ورخائها لم تتوقف على محطات الزمن كي تملأ خزينتها باستعارة ... بالنسبة للنقاد المحدثون أو الأدباء المحدثون ربما أتوا بالجديد بمعنى ان الفكرة هي التي تتبلور مواكبة للزمن ومتطلبات الحياة وانفتاح الاخيلة من خلال الاطلاع على الثقافات الأخرى، ولكن هذا لا يلغي النقد او الادب القديم.
علامة استفهامي التاسعة
هل ثمة من رابط قوي وعميق بين ما خلفه القدماء من آثار أدبية ونقدية، وما شهده العصر الحديث من أدب ونقد؟
حتما توجد روابط ذات مردود ايجابي سريع والذاكرة مربط الفرس لكل عمل ابداعي يقوم به الناس ....يقول نيتشة (كثير من الناس يفشل في أن يكون مفكراً أصيلا وذلك لأن ذاكرته متفوقة)، لذا فإن الأدب القديم بصمة لكل أدب حديث، وسيظل هكذا مدى الحياة ...
علامة استفهامي العاشرة
ما هو في اعتقادك حظ الخيال ونصيب الواقع مما ينثره وينظمه الكتاب والشعراء العرب المعاصرون؟
لم افهم علاقة الحظ بالخيال كنت أظن الخيال عنصرا مستقلا وهو إلهام الفكر وعمق التفكير مستنتج عن انفتاح العقل المشرع لبحث عن الأجمل المفقود في الواقع او محاولة ربط الجانب الواقعي الجامد بذلك الجانب المخفي الآتي من مخيلة تستقطب الحسن والجمال لمزج كلا الواقع بالخيال، وهو طيف يعكس الرؤية على هيئة الرؤى ... الحظ لا أعول عليه وإذا جاء ووجد فعلا فهو أكيد آني ... طالما لا يعتمد على المجهود الذاتي .. وفي ظني كل كاتب أو شاعر متقن لما يقوم به سوف ينال قدر ما يقوم به، وحتى ان كان مهمشا سوف يجد طريقه إلى النور ذات يوم ...
والذين يخدمهم الحظ والنصيب لن يستمر حالهم، لأن مثل هذه الأمور أشبه بالبالون المنفوخ، حالما تجتازه إبرة يصبح الأمر هباء.
علامة استفهامي الحادية عشرة
ترى هل لسيرة الكتاب والشعراء الذاتية من أصوات وأصداء تسكن قلب أعمالهم الأدبية والنقدية؟
السير الذاتية سوف تأتي على عدة اوجه اولا تعتمد على مدى تمكن الكاتب ببعثرة ادواته ثم اتقان اعادة ترتيبه بهندس الابداع وهنا سوف يكون الامر مقنعا ...السيرة الذاتية اما تعرفنا على سراديب واروق مليئة بمعلومات عظيمة للشخصية ربما لم نكن ننتبها لها وقد تكون ايضا كشف القناعة عن شخصية كانت تتراءى بصورة مختلفة وفي كل حال السير الذاتية حتما انجاز عظيم نتعلم منه وينقل الينا خبرات تصقل حياتنا فيما بعد وتقدم لنا خدمة مجانية قد لا نتعلمها في دور العلم.
نافذة لا يغادرها صمتي
لا شيء يشبه
... هذه النافذة
تستحم بعنبر الشمس
من طلتين
والعالم في عينيها
أصغر من جفنين
تتدلى ضفيرتها المعبقة
بالمسك والأخضرين
ومن برج الضوء
تستدرج النظر
إلى ما وراءها مرتين
يرتد البصر ليسرد رائحة
الماضي بخطوتين
شريفة العلوي
***
سعدت جدا بأتيانك بهذا النص الذي يحاكي نافذة طقوس الصمت ولكل انسان نافذة البوح ونافذة الصمت واظن بان الشاعر يملك نافذتي ويحجزهما معا للافشاء وان كان الصمت يلجمه في لحظات ما ....
هناك نص آخر يسكن وجداني

رمضاء قلبي على أقدام أبي
هذه الوردة في منبت كفي
تشرق الصبح على تربة قلبي
كيف اجري وافر
في صميم الحرف تدمي
مثل جرح
مثل بدر
مثل أيامي الخوالي
تحمل التاريخ والذكريات
فناءا وثباتا في غباري
ربما سلة أرواقي القديمة
تفرز الوقت خيوطا تتهاوى
وتبث الأمنيات
مجفلات كالغمامات
تعبر من ذهني خلسة
وتمرر عقرب الساعة
على جرح انتظاري
هذه الوردة في مسبحة الجد عبادة
وفي مكحلة الأم قيادة
هي في دميتي القديمة رسالة
تأخذ المجداف من إصبع موج
عله يرتاب يوما في فناري
في مساري واعتدالي
هذه الوردة تأخذني بعيدا
إلى أحلام الصبا الملولة
حيث استرجع وجه أبي النائم
في طقوس القيلولة
وصيرورة أيام الطفولة
خذي أيامي الجديدة
وسحابات الأنوثة
أعطني ثمة لحظة
تؤسر البرق
وترميني على حضن أبي
ترسم على صفحة وجهي
خطوات ممشاه
يا ذاك المساء المزهو بنسيج ابيض
خذ هذه الجذوة من يدي
لقد أتعبني الاحتراق
لكن لا تحرمني من رؤية الرماد الفضي
حتى أتيقن باني لم اجن بعد
من طقوس الإضرام
عناد السبات السرمدي اشتعال
يلسعني على رمضاء أقدام أبي

علامة استفهامي الثانية عشرة
هل سبق لك أن قرأت بعض السير الذاتية، سواء أكانت نثرية أو شعرية؟
هنا ك سير ذاتية علقت في وجداني وما تزال ولها اثر عميق في سلوكي وقناعتي وقبل ان اذكر تلك السير احب اقول بان السيرة الذاتية لاي شخصية كانت حتما تتخذ شكلها الادبي الابداعي بكل ما تحملها من معاني الضوء التي تتغلغل في اعماق صاحب السيرة وتظل السيرة نهرا يجري في اوردة السطور بصورة مرئية تضخ دماء الهمة وتدلل على الاهمية لتاريخ طويل يقود القارئ الى انجازات تذخر حيوية وتبعث على التأمل والمتابعة ومن ثم اكتساب خبرة ما ...
السير التي أحببتها بكل ما تحملها من معاني سامية هي سيرة نبينا ورسولنا العظيم محمد صلى الله عليه وسلم ... لأن سيرته لا تتوقف على أحداث وقعت في فترة زمنية محددة، ولا تسرد مسيرة شخص ترك مجرد بصة في عهده، وإنما جاءت سيرته منهاجا ودستورا، بل عقيدة وتهذيبا للسلوك، وترميما للنفوس، إنها سيرة ما زالت سارية وستظل تسير إلى ما لا نهاية سيرة تتجدد تناسب كل عصر، وتتوافق مع كل أمة، سيرة عطرت الكون بما تحمله من قيم ومبادئ إنسانية، إنها سيرة علمتنا كيف ضحى المهاجرون بديارهم وأهاليهم، وكيف آثر الأنصار المهاجرين على أنفسهم بالتاخي والتآزر ... تلك هي سيرة رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك أحببت قراءة صور من حياة الصحابة، هنا ستجد دوحة تتدلى من أغصانها ثمار مختلفة الأنواع، ناضجة شهية أتت أكلها، وكلما تناولت واحدة منها تمد يدك إلى الأخرى ...
علامة استفهامي الثالثة عشرة
كيف ينتقي الأديب في رأيك عناوين أعماله الأدبية؟ وكيف يصطفي الناقد عناوين أعماله النقدية؟
وضعت يدك على مشكلة أعاني منها دائما يحدث معي أحيانا ان اتباطئ في نشر النص لان العنوان لم يعجبني وغالبا احتار في اختياره وهناك رغبة غريبة تنتابني بان يدلل العنوان على خلاصة النص بحيث يكون بعد قراءة النص يصل القارئ الى فحوى الموضوع من خلاله .. ولأن العنوان مهم جدا، أحيانا يكون أعمق من النص كله ...
بالنسبة للناقد يتحتم عليه بأن يذكر شيء من النص الذي يتناوله للنقد كأن يذكر اسم كاتب النص او عنوان النص الذي يراد تشريحه هذا حسب ما اراه وفي النهاية يعود الامر للناقد نفسه لان العمل النقدي الذي يقوم به يؤكد هوية الناقد قبل صاحب النص الادبي المعمول عليه النقد ...

[أبو شامة المغربي]

سلام الله عليك أختي الكريمة
شريفة العلوي
ورحمته جل وعلا وبركاته
وبعد ...
لك ندى الشكر وشذى التقدير على ما قرأت لك على هذه الصفحة المشرقة من حروف ذات ألق في رحاب شروق الزاهرة، ومن المؤكد أن القارئ الكريم قد عثر في هذا اللقاء الحواري على ما يفيده ويمتع ...
وإلى لقاء حواري جديد قادم إن شاء الله
حياك الله
د.أبو شامة المغربي
aghanime.hotmail.com