صفحة 8 من 9 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 6 7 8 9 الأخيرةالأخيرة
النتائج 85 إلى 96 من 106

الموضوع: قضية للمناقشة: لماذا قالت الملائكة:"أتجعل فيها من....."

  1. #85 رد: قضية للمناقشة: لماذا قالت الملائكة:"أتجعل فيها من....." 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36




    سلام الله عليكم أهل المربد الكرام
    ورحمته عز وجل وبركاته
    وبعد ...
    يقول الله جل وعلا في كتابه العزيز:
    بسم الله الرحمن الرحيم
    "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَٰئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ*وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلأَسْمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى ٱلْمَلَٰئِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هَـٰؤُلاۤءِ إِن كُنْتُمْ صَٰدِقِينَ*قَالُواْ سُبْحَٰنَكَ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَآ إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ"
    صدق الله العظيم
    جاء في "تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل" للنسفي(المتوفى عام 710هـ)
    الآتي:
    {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَـٰئِكَةِ} "إذ" نصب بإضمار «اذكر». والملائكة جمع ملأك كالشمائل جمع شمأل وإلحاق التاء لتأنيث الجمع. {إِنّي جَاعِلٌ} أي مصير من جعل الذي له مفعولان وهما {فِي ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً} وهو من يخلف غيره "فعيلة" بمعنى "فاعلة" وزيدت الهاء للمبالغة والمعنى: خليفة منكم لأنهم كانوا سكان الأرض فخلفهم فيها آدم وذريته، ولم يقل خلائف أو خلفاء لأنه أريد بالخليفة آدم، واستغنى بذكره عن ذكر بنيه كما تستغني بذكر أبي القبيلة في قولك "مضر وهاشم"، أو أريد من يخلفكم أوخلقاً يخلفكم فوحد لذلك، أو خليفة مني، لأن آدم كان خليفة الله في أرضه، وكذلك كل نبي، قال الله تعالى:
    "يا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَـٰكَ خَلِيفَةً فِي ٱلأَرْضِ"
    [ص: 26]

    وإنما أخبرهم بذلك ليسألوا ذلك السؤال، ويجابوا بما أجيبوا به، فيعرفوا حكمته في استخلافهم قبل كونهم، أو ليعلِّم عباده المشاورة في أمورهم قبل أن يقدموا عليها، وإن كان هو بعلمه وحكمته البالغة غنياً عن المشاورة. {قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا} تعجب من أن يستخلف مكان أهل الطاعة أهل المعصية، وهو الحكيم الذي لا يجهل، وإنما عرفوا ذلك بإخبار من الله تعالى، أو من جهة اللوح أو قاسوا أحد الثقلين على الآخر. {وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَاءَ} أي يصب، والواو في {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ} للحال كما تقول: أتحسن إلى فلان، وأنا أحق منه بالإحسان؟ {بِحَمْدِكَ} في موضع الحال أي نسبح حامدين لك ومتلبسين بحمدك كقوله تعالى:
    {وَقَدْ دَّخَلُواْ بِٱلْكُفْرِ}
    [المائدة: 61]

    أي دخلوا كافرين. {وَنُقَدِّسُ لَكَ} ونطهر أنفسنا لك، وقيل: التسبيح والتقديس تبعيد الله من السوء من سبح في الأرض وقدس فيها إذا ذهب فيها وأبعد. {قَالَ إِنّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} أي أعلم من الحكم في ذلك ما هو خفي عليكم يعني يكون فيهم الأنبياء والأولياء والعلماء، و"ما" بمعنى "الذي" وهو مفعول أعلم والعائد محذوف أي ما لا تعلمونه، "إني" حجازي وأبو عمرو.
    {وَعَلَّمَ ءَادَمَ} هو اسم أعجمي وأقرب أمره أن يكون على فاعل كآزو، واشتقاقهم آدم من أديم الأرض أو من الأدمة كاشتقاقهم يعقوب من العقب، وإدريس من الدرس، وإبليس من الإبلاس.
    {ٱلأَسْمَاء كُلَّهَا}، أي أسماء المسميات، فحذف المضاف إليه لكونه معلوماً مدلولاً عليه بذكر الأسماء إذ الإسم يدل على المسمى وعوض منه اللام كقوله تعالى:
    "وَٱشْتَعَلَ ٱلرَّأْسُ شَيْباً"
    [مريم: 4]

    ولا يصح أن يقدر وعلم آدم مسميات الأسماء على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، لأن التعليم تعلق بالأسماء لا بالمسميات لقوله تعالى: "أنبئوني بأسماء هؤلاء" - و- "أنبئهم بأسمائهم"، ولم يقل "أنبئوني بهؤلاء وأنبئهم بهم"، ومعنى تعليمه أسماء المسميات أنه تعالى أراه الأجناس التي خلقها وعلمه أن هذا اسمه فرس، وهذا اسمه بعير، وهذا اسمه كذا، وهذا اسمه كذا.
    وعن ابن عباس رضي الله عنهما: علمه اسم كل شيء حتى القصعة والمغرفة. {ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى ٱلْمَلَـٰئِكَةِ} أي عرض المسميات، وإنما ذكر لأن في المسميات العقلاء فغلبهم، وإنما استنبأهم وقد علم عجزهم عن الإنباء على سبيل التبكيت {فَقَالَ أَنبِئُونِي} أخبروني {بِأَسْمَاءِ هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ} في زعمكم أني أستخلف في الأرض مفسدين سفاكين للدماء، وفيه رد عليهم وبيان أن فيمن يستخلفه من الفوائد العلمية التي هي أصول الفوائد كلها ما يستأهلون لأجله أن يستخلفوا. {قَالُواْ سُبْحَـٰنَكَ} تنزيهاً لك أن يخفى عليك شيء أو عن الاعتراض عليك في تدبيرك، وأفادتنا الآية أن علم الأسماء فوق التخلي للعبادة فكيف بعلم الشريعة؟! وانتصابه على المصدر تقديره سبحت الله تسبيحاً {لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا} وليس فيه علم الأسماء، و"ما" بمعنى "الذي"، والعلم بمعنى المعلوم أي لا معلوم لنا، إلا الذي علمتنا. {إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَلِيمُ} غير المعلم {ٱلْحَكِيمُ} فيما قضيت وقدرت، والكاف اسم"إن" و "أنت" مبتدأ، وما بعده خبره والجملة خبر "إن"، أو "أنت" فصل والخبر "العليم". و"الحكيم" خبر ثانٍ.
    حياكم الله


    د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي


    aghanime@hotmail.com

    رد مع اقتباس  
     

  2. #86 رد: قضية للمناقشة: لماذا قالت الملائكة:"أتجعل فيها من....." 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36




    سلام الله عليكم أهل المربد الكرام
    ورحمته عز وجل وبركاته
    وبعد ...
    يقول الله جل وعلا في كتابه العزيز:
    بسم الله الرحمن الرحيم
    "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَٰئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ*وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلأَسْمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى ٱلْمَلَٰئِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هَـٰؤُلاۤءِ إِن كُنْتُمْ صَٰدِقِينَ*قَالُواْ سُبْحَٰنَكَ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَآ إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ"
    صدق الله العظيم
    جاء في "لباب التأويل في معاني التنزيل" للخازن
    (المتوفى عام 725هـ)
    الآتي:
    قوله تعالى: {وإذ قال ربك} أي واذكر يا محمد إذ قال ربك وكل ما ورد في القرآن من هذا النحو فهذا سبيله، وقيل إذ زائدة والأول أوجه {للملائكة} جمع ملك وأصله مألك من المألكة والألوكة وهي لفظ البغوي وهي الرسالة وأراد بالملائكة الذين كانوا في الأرض وذلك أن الله تعالى خلق الأرض والسماء وخلق الملائكة والجن فأسكن الملائكة السماء وأسكن الجن الأرض، فعبدوا دهراً طويلاً، ثم ظهر فيهم الحسد والبغي فأفسدوا وقتلوا، فبعث الله إليهم جناً من الملائكة يقال لهم الجان ورأسهم إبليس وهم خزان الجنان فهبطوا إلى الأرض وطردوا الجن إلى جزائر البحور وشعوب الجبال وسكنوا هم الأرض وخفف الله عنهم العبادة وأعطى الله إبليس ملك الأرض وملك السماء الدنيا وخزانة الجنة، وكان رئيسهم ومرشدهم وأكثرهم علماً فكان يعبد الله تارة في الأرض وتارة في السماء وتارة في الجنة فدخله العجب وقال في نفسه: ما أعطاني الله هذا الملك إلاّ لأني أكرم الملائكة عليه فقال له ولجنده {إني جاعل في الأرض خليفة} أي إني خالق خليفة يعني بدلاً منكم ورافعكم إليّ، فكرهوا ذلك لأنهم كانوا أهون الملائكة عبادة والمراد بالخليفة هنا آدم عليه الصلاة والسلام لأنه خلف الجن وجاء بعدهم.
    وقيل لأنه يخلفه غيره والصحيح إنه إنما سمي خليفة لأنه خليفة الله في أرضه لإقامة حدوده وتنفيذ قضاياه {قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها} أي بالمعاصي {ويسفك الدماء} أي بغير حق كما فعل الجن، فإن قلت من أين عرفوا ذلك حتى قالوا هذا القول؟ قلت يحتمل أن يكونوا عرفوا ذلك بإخبار الله إياهم أو قاسوا الشاهد على الغائب، وقيل إنهم لما رأوا أن آدم خلق من أخلاط مركبة علموا أنه يكون فيه الحقد والغضب، ومنهما يتولد الفساد وسفك الدماء فلهذا قالوا ذلك.
    وقيل لما خلق الله تعالى النار خافت الملائكة، وقالوا لمن خلقت هذه النار؟ قال لمن عصاني فلما قال إني جاعل في الأرض خليفة قالوا هو ذلك. فإن قلت الملائكة معصومون فكيف وقع منهم هذا الاعتراض. قلت ذهب بعضهم إلى أنهم غير معصومين واستدل على ذلك بوجوه منها قوله {أتجعل فيها من يفسد فيها} ومن ذهب إلى عصمتهم أجاب عنه بأن هذا السؤال إنما وقع على سبيل التعجب لا على سبيل الإنكار والاعتراض فإنهم تعجبوا من كمال حكم الله تعالى وإحاطة علمه بما خفي عليهم، ولهذا أجابهم بقوله {إني أعلم ما لا تعلمون} وقيل: إن العبد المخلص في حب سيده يكره أن يكون له عبد آخر يعصيه فكان سؤالهم على وجه المبالغة في إعظام الله عز وجل: {ونحن نسبح بحمدك} أي نقول: سبحان الله وبحمده وهي صلاة الخلق وعليها يرزقون (م) عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي الكلام أفضل؟ قال: "ما اصطفى الله لملائكته أو لعباده سبحان الله وبحمده"
    قال ابن عباس رضي الله عنهما كل ما جاء في القرآن من التسبيح، فالمراد منه الصلاة، فيكون المعنى ونحن نصلي لك. وقيل أصل التسبيح تنزيه الله عما لا يليق بجلاله فيكون المعنى، ونحن ننزهك عن كل سوء ونقيصة، ومعنى بحمدك حامدين لك أو ملتبسين بحمدك، فإنه لولا إنعامك علينا بالتوفيق لم نتمكن من ذلك {ونقدس لك} أصل التقديس التطهير أن نطهرك عن النقائص وكل سوء، ونصفك بما يليق بعزك وجلالك من العلو والعظمة واللام صلة وقيل معناه نطهر أنفسنا لطاعتك وعبادتك {قال إني أعلم ما لا تعلمون} قيل إنه جواب لقول الملائكة {أتجعل فيها} فقال تعالى: {أعلم} من وجوه المصلحة والحكمة ما لا تعلمون. وقيل أعلم أن فيهم من يعبدني ويطيعني وهم الأنبياء والأولياء والصالحون، ومن يعصيني منكم وهو إبليس، وقيل أعلم أنهم يذنبون ويستغفرون فاغفر لهم.فصل: في ماهية الملائكة وقصة خلق آدم عليه السلامقيل إن الملائكة أجسام لطيفة هوائية خلقت من النور تقدر أن تتشكل بأشكال مختلفة، مسكنهم السموات عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلاّ وملك واضع جبهته لله ساجداً" أخرجه الترمذي بزيادة، وقال حديث حسن غريب.
    وأما صفة خلق آدم عليه السلام فقال وهب بن منبه: لما أراد الله تعالى أن يخلق آدم أوحى ألى الأرض أني خالق منك خليقة منهم من يطيعني ومنهم من يعصيني فمن أطاعني أدخلته الجنة، ومن عصاني أدخلته النار، قالت الأرض أتخلق مني خلقاً يكون للنار قال نعم، فبكت الأرض فانفجرت منها العيون إلى يوم القيامة، فبعث الله إليها جبريل ليأتيه بقبضة منها من أحمرها وأسودها وطيبها وخبيثها، فلما أتاها ليقبض منها قالت: أعوذ بعزة الله الذي أرسلك إليّ أن لا تأخذ مني شيئاً فرجع جبريل إلى مكانه وقال: يا رب استعاذت بك مني فكرهت أن أقدم عليها فقال الله تعالى لميكائيل: انطلق فأتني منها فلما أتاها ليقبض منها قالت له ما قالت لجبريل، فرجع إلى ربه فقال ما قالت له، فقال لعزرائيل انطلق فأتني بقبضة من الأرض فلما أتاها قالت له الأرض، أعوذ بعزة الله الذي أرسلك أن لا تأخذ مني شيئاً، فقال: وأنا أعوذ بعزته أن أعصي له أمراً. وقبض منها قبضة من جميع بقاعها من عذبها ومالحها وحلوها ومرها وطيبها وخبيثها، وصعد بها إلى السماء فسأله ربه عز وجل وهو أعلم بما صنع فاخبره بما قالت له الأرض وبما رد عليها فقال الله تعالى: وعزتي وجلالي لأخلقن مما جئت به خلقاً ولأسلطنك على قبض أرواحهم لقلة رحمتك.
    ثم جعل الله تلك القبضة نصفها في الجنة ونصفها في النار ثم تركها ما شاء الله ثم أخرجها فعجنها طيناً لازباً مدة ثم حمأ مسنوناً مدة ثم صلصالاً ثم جعلها جسداً وألقاه على باب الجنة فكانت الملائكة يعجبون من صفة صورته لأنهم لم يكونوا رأوا مثله، وكان إبليس يمر عليه ويقول لأمر ما خلق هذا ونظر إليه فإذا هو أجوف فقال هذا خلق لا يتمالك، وقال يوماً للملائكة إن فضل هذا عليكم ما تصنعون؟ فقالوا نطيع ربنا ولا نعصيه فقال إبليس في نفسه لئن فضل علي لأعصينه ولئن فضلت عليه لأهلكنه فلما أراد الله تعالى أن ينفخ فيه الروح أمرها أن تدخل في جسد آدم فنظرت فرأت مدخلاً ضيقاً فقالت يا رب كيف أدخل هذا الجسد؟ قال الله عز وجل لها ادخليه كرهاً وستخرجين منه كرهاً فدخلت في يافوخه فوصلت إلى عينيه فجعل ينظر إلى سائر جسده طيناً فصارت إلى أن وصلت منخزيه فعطس فلما بلغت لسانه قال: الحمد لله رب العالمين وهي أول كلمة قالها فناداه الله تعالى رحمك ربك يا أبا محمد ولهذا خلقتك. ولما بلغت الروح إلى الركبتين همّ ليقوم فلم يقدر، قال الله تعالى:
    {خلق الإنسان من عجل}
    [الأنبياء: 37] فلما بلغت إلى الساقين والقدمين استوى قائماً بشراً سوياً لحماً ودماً وعظاماً وعروقاً وعصباً وأحشاء وكسي لباساً من ظفر يزداد جسده جمالاً وحسناً كل يوم، وجعل في جسده تسعة أبواب سبعة في رأسه وهي الأذنان يسمع بهما والعينان يبصر بهما والمنخران يشم بهما والفم فيه اللسان يتكلم به والأسنان يطحن بها ما يأكله ويجد لذة المطعومات بها وبابين في أسفل جسده وهما القبل والدبر يخرج منهما ثفل طعامه وشرابه وجعل عقله في دماغه وفكره وصرامته في قلبه وشرهه في كليته وغضبه في كبده ورغبته في رئته وضحكه في طحاله وفرجه وحزنه في وجهه فسبحان من جعله يسمع بعظم ويبصر بشحم وينطق بلحم ويعرف بدم وركب فيه الشهوة وحجزه بالحياء (ق) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خلق الله تعالى آدم عليه السلام وطوله ستون ذراعاً ثم قال اذهب فسلم على أولئك نفر من الملائكة فاستمع ما يحيونك به فإنها تحيتك وتحية ذريتك فقال: السلام عليكم فقالوا: السلام عليك ورحمة الله فزاده ورحمة فكل من يدخل الجنة على صورة آدم. قال: فلم يزل الخلق ينقص حتى الأن (م) عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما صور الله آدم تركه ما شاء الله أن يتركه، فجعل إبليس يطوف به ينظر ما هو فلما رآه أجوف عرف أنه لا يتمالك"
    عن أبي موسى قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله تبارك تعالى خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك والسهل وبين ذلك والسهل والحزن والخبيث والطيب" أخرجه الترمذي وأبو داود. قوله عز وجل: {وعلم آدم الأسماء كلها} سمي آدم لأنه خلق من أديم الأرض، وقيل لأنه كان آدم اللون وكنيته أبو محمد، وقيل: أبو البشر، ولما خلق الله آدم وتم خلقه، علمه أسماء الأشياء كلها، وذلك أن الملائكة قالوا ليخلق ربنا ما شاء، فلن يخلق خلقاً أكرم علم منا، وإن كان فنحن أعلم منه لأنا خلقنا قبله ورأينا ما لم يره، فأظهر الله فضل آدم عليهم بالعلم، وفيه دليل لمذهب أهل السنة أن الأنبياء أفضل من الملائكة وإن كانوا رسلاً، قال ابن عباس: علمه آدم اسم كل شيء حتى القصعة والقصيعة، وقيل: خلق الله كل شيء من الحيوان والجماد وغير ذلك، وعلم آدم اسماءها كلها فقال يا آدم هذا بعير وهذا فرس وهذه شاة حتى أتى على آخرها، وقل علم آدم أسماء الملائكة وقيل أسماء ذريته وقيل علمه اللغات كلها {ثم عرضهم} يعني تلك الأشخاص، وإنما قال عرضهم ولم يقل عرضها لأن المسميات إذا جمعت من يعقل ومن لا يعقل عبر عنه بلفظ من يعقل لتغليب العقلاء عليهم كما يعبر عن الذكور والإناث بلفظ الذكور {على الملائكة فقال} يعني تعجيزاً لهم {أنبئوني} أي أخبروني {بأسماء هؤلاء}، يعني تلك الأشخاص {إن كنتم صادقين} أي إني لم أخلق خلقاً إلاّ كنتم أفضل منه وأعلم {قالوا}، يعني الملائكة {سبحانك} تنزيهاً لك وذلك لما ظهر عجزهم {لا علم لنا إلاّ ما علمتنا} أي إنك أجل من نحيط بشيء من علمك إلاّ ما علمتنا {إنك أنت العليم} أي بخلقك وهو من أسماء الصفات التامة وهو المحيط بكل المعلومات {الحكيم} أي في أمرك، وله معنيان أحدهما أنه القاضي العدل والثاني المحكم للأمر كيلا يتطرق إليه الفساد.
    حياكم الله


    د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي

    aghanime@hotmail.com

    رد مع اقتباس  
     

  3. #87 رد: قضية للمناقشة: لماذا قالت الملائكة:"أتجعل فيها من....." 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36




    سلام الله عليكم أهل المربد الكرام
    ورحمته عز وجل وبركاته
    وبعد ...
    يقول الله جل وعلا في كتابه العزيز:
    بسم الله الرحمن الرحيم
    "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَٰئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ*وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلأَسْمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى ٱلْمَلَٰئِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هَـٰؤُلاۤءِ إِن كُنْتُمْ صَٰدِقِينَ*قَالُواْ سُبْحَٰنَكَ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَآ إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ"
    صدق الله العظيم
    جاء في "البحر المحيط" لأبي حيان
    (المتوفى عام 754هـ)
    الآتي:
    إذ: اسم ثنائي الوضع مبني لشبهه بالحرف وضعاً أو افتقاراً، وهو ظرف زمان للماضي، وما بعده جملة اسمية أو فعلية، وإذا كانت فعلية قبح تقديم الاسم على الفعل وإضافته إلى المصدرة بالمضارع، وعمل المضارع فيه مما يجعل المضارع ماضياً، وهو ملازم للظرفية إلا أن يضاف إليه زمان، ولا يكون مفعولاً به، ولا حرفاً للتعليل أو المفاجأة، ولا ظرف مكان، ولا زائدة، خلافاً لزاعمي ذلك، ولها أحكام غير هذا ذكرت في النحو. الملك: ميمه أصلية وهو فعل من الملك، وهو القوة، ولا حذف فيه، وجمع على فعائله شذوذاً، قاله أبو عبيدة، وكأنهم توهموا أنه ملاك على وزن فعال، وقد جمعوا فعالاً المذكر، والمؤنث على فعائل قليلاً. وقيل وزنه في الأصل فعأل نحو شمأل ثم نقلوا الحركة وحذفوا، وقد جاء فيه ملأك، فيحتمل أن يكون فعأ، وعلى هذا تكون الهمزة زائدة في فاء الكلمة وعينها، فمنهم من قال: الفاء لام، والعين همزة، من لاك إذا أرسل، وهي لغة محكية، فملك أصله ملأك، فخفف بنقل الحركة والحذف إلى فعل، قال الشاعر:
    فلست لإنسى ولكن لملأك* تنزل من جو السماء يصوب
    فجاء به على الأصل، وهذا قول أبي عبيدة، واختاره أبو الفتح، وملائكة على هذا القول مفاعلة. ومنهم من قال الفاء همزة، والعين لام من الألوكة، وهي الرسالة، فيكون على هذا أصله مألكاً، ويكون ملأك مقلوباً، جعلت فاؤه مكان عينه، وعينه مكان فائه، فعلى هذا القول يكون في وزنه معلاً، ومنهم من قال: الفاء لام، والعين واو، ومن لاك الشيء: أداره في فيه، وصاحب الرسالة يديرها في فيه، فهو مفعل من ذلك، نحو: معاذ، ثم حذفوا العين تخفيفاً. فعلى هذا القول يكون وزنه معلاً، وملائكة على القول مفاعلة، والهمزة أبدلت من واو كما أبدلت في مصائب. وقال النضر بن شميل: الملك لا تشتق العرب فعله ولا تصرفه، وهو مما فات علمه، انتهى. والتاء في الملائكة لتأنيث الجمع، وقيل: للمبالغة، وقد ورد بغير تاء، قال الشاعر:
    أنـا خـالـد صلـت عليـك المـلائـك
    خليفة: فعيلة، وفعيلة تأتي بمعنى الفاعل للمبالغة، كالعليم، أو بمعنى المفعول كالنطيحة، والهاء للمبالغة. السفك: الصب والإراقة، لا يستعمل إلا في الدم، ويقال: سفك وسفك وأسفك بمعنى، ومضارع سفك يأتي على يفعل ويفعل. الدماء: جمع دم، ولامه ياء أو واو محذوفة لقولهم: دميان ودموان، وقصره وتضعيفه مسموعان من لسان العرب، والمحذوف اللام، قيل: أصله فعل، وقيل: فعل، التسبح: تنزيه الله وتبرئته عن السوء، ولا يستعمل إلا لله تعالى، وأصله من السبح، وهو الجري. والمسبح جار في تنزيه الله تعالى، التقديس: التطهير، ومنه بيت المقدس والأرض المقدسة، ومنه القدس: السطل الذي يتطهر به، والقداس: الجمان، قال الشاعر:
    كنظـم قـداس سلكـه متقطـع
    وقال الزمخشري: من قدس في الأرض إذا ذهب فيها وأبعد. علم: منقول من علم التي تتعدى لواحد، فرقوا بينها وبين علم التي تتعدى لاثنين في النقل، فعدوا تلك بالتضعيف، وهذه بالهمزة، قاله الأستاذ أبو علي الشلوبين، وسيأتي الكلام عليه عند الشرح. آدم: اسم أعجمي كآزر وعابر، ممنوع الصرف للعلمية والعجمة، ومن زعم أنه أفعل مشتق من الأدمة، وهي كالسمرة، أو من أديم الأرض، وهو وجهها، فغير صواب، لأن الاشتقاق من الألفاظ العربية قد نص التصريفيون على أنه لا يكون في الأسماء الأعجمية، وقيل: هو عبري من الأدام، وهو التراب، ومن زعم أنه فاعل من أديم الأرض فخطؤه ظاهراً لعدم صرفه، وأبعد الطبري في زعمه أنه فعل رباعي سمي به. العرض: إظهار الشيء حتى تعرف جهته. الإنباء: الإخبار، ويتعدى فعله الواحد بنفسه والثاني بحرف جر، ويجوز حذف ذلك الحرف، ويضمن معنى أعلم فيتعدى إلى ثلاثة. هؤلاء: إسم إشارة للقريب، وها: للتنبيه، والاسم أولاء: مبني على الكسر، وقد تبدل همزته هاء فيقال: هلاء، قد يبنى على الضم فيقال: أولاء، وقد تشبع الضمة قبل اللام فيقال: أولاء، قاله قطرب. وقد يقال: هؤلاء بحذف ألف ها وهمزة أولاء وإقرار الواو التي بعد تلك الهمزة، حكاه الأستاذ أبو علي الشلوبين، وأنشد قوله:
    تجلد لا تقل هولاء هذا* بكى لما بكى أسفاً عليكا
    وذكر الفراء: أن المد في أولاء لغة الحجاز، والقصر لغة تميم، وزاد غيره أنها لغة بعض قيس وأسد، وأنشد للأعشى:
    هؤلاء ثم هؤلاء كلاأعطيت نعالاً محذوة بنعال
    والهمزة عند أبي علي لام الفعل، ففاؤه ولامه همزة، وعند أبي العباس بدل من الياء وقعت بعد ألف فقلبت همزة. سبحانك: معناه تنزيهك، وسبحان اسم وضع موضع المصدر، وهو مما ينتصب بإضمار فعل من معناه لا يجوز إظهاره، وهو من الأسماء التي لزمت النصب على المصدرية، ويضاف ويفرد، فإذا أفرد كان منوناً، نحو قول الشاعر:
    سبحانه ثم سبحاناً نعوذ به*وقبلنا سبح الجودي والجمد
    فقيل: صرفه ضرورة، وقيل: لجعله نكرة غير منون، نحو قول الشاعر:
    أقول لما جاءني فخبره* سبحان من علقمة الفاخر
    جعله علماً فمنعه الصرف للعلمية وزيادة الألف والنون، وزعم بعض النحويين أنه إذا أفرد كان مقطوعاً عن الإضافة، فعاد إليه التنوين، ومن لم ينونه جعله بمنزلة قبل وبعد، وقد ردّ هذا القول في كتب النحو. الحكيم: فعيل بمعنى مفعل، من أحكم الشيء: أتقنه ومنعه من الخروج عما يريده. الإبداء: الإظهار، والكتم: الإخفاء.{وإذ قال ربك للملائكة}: لم يرد في سبب نزول هذه الآيات شيء، ومناسبتها لما قبلها أنه لما امتن عليهم بخلق ما في الأرض لهم، وكان قبله إخراجهم من العدم إلى الوجود، أتبع ذلك ببدء خلقهم، وامتن عليهم بتشريف أبيهم وتكريمه وجعله خليفة وإسكانه دار كرامته، وإسجاد الملائكة تعظيماً لشأنه وتنبيهاً على مكانه واختصاصه بالعلم الذي به كمال الذات وتمام الصفات، ولا شك أن الإحسان إلى الأصل إحسان إلى الفرع، وشرف الفرع بشرف الأصل.
    واختلف المعربون في إذ، فذهب أبو عبيدة وابن قتيبة إلى زيادتها، وهذا ليس بشيء، وكان أبو عبيدة وابن قتيبة ضعيفين في علم النحو. وذهب بعضهم إلى أنها بمعنى قد، التقدير: وقد قال ربك، وهذا ليس بشيء، وذهب بعضهم إلى أنه منصوب نصب المفعول به بأذكر، أي واذكر: {إذ قال ربك}، وهذا ليس بشيء، لأن فيه إخراجها عن بابها، وهو أنه لا يتصرف فيها بغير الظرفية، أو بإضافة ظرف زمان إليها. وأجاز ذلك الزمخشري وابن عطية وناس قبلهما وبعدهما، وذهب بعضهم إلى أنها ظرف. واختلفوا، فقال بعضهم: هي في موضع رفع، التقدير: ابتداء خلقكم. وقال بعضهم في موضع نصب، التقدير: وابتداء خلقكم، إذ قال ربك. وناسب هذا التقدير لما تقدم قوله:
    "خلق لكم ما في الأرض جميعاً"
    [البقرة: 29]

    وكلا هذين القولين لا تحرير فيه، لأن ابتداء خلقنا لم يكن وقت قول الله للملائكة: {إني جاعل في الأرض خليفة}، لأن الفعل العامل في الظرف لا بد أن يقع فيه، أما أن يسبقه أو يتأخر عنه، فلا لأنه لا يكون له ظرفاً. وذهب بعضهم إلى أن إذ منصوب يقال بعدها، وليس بشيء، لأن إذ مضافة إلى الجملة بعدها والمضاف إليه لا يعمل في المضاف. وذهب بعضهم إلى أن نصبها بأحياكم، تقديره:
    "وهو الذي أحياكم"
    [الحج: 66]

    {إذ قال ربك}، وهذا ليس بشيء لأنه حذف بغير دليل، وفيه أن الإحياء ليس واقعاً في وقت قول الله للملائكة، وحذف الموصول وصلته، وإبقاء معمول الصلة. وذهب بعضهم إلى أنه معمول لخلقكم من قوله تعالى:
    "اعبدوا ربكم الذي خلقكم"
    [البقرة: 21]

    {وإذ قال ربك}، فتكون الواو زائدة، ويكون قد فصل بين العامل والمعمول بهذه الجمل التي كادت أن تكون سوراً من القرآن، لاستبداد كل آية منها بما سيقت له، وعدم تعلقها بما قبلها التعلق الإعرابي.
    فهذه ثمانية أقوال ينبغي أن ينزه كتاب الله عنها. والذي تقتضيه العربية نصبه بقوله: {قالوا أتجعل}، أي وقت قول الله للملائكة: {إني جاعل في الأرض}، {قالوا أتجعل} ، كما تقول في الكلام: إذ جئتني أكرمتك، أي وقت مجيئك أكرمتك، وإذ قلت لي كذا قلت لك كذا، فانظر إلى حسن هذا الوجه السهل الواضح، وكيف لم يوفق أكثر الناس إلى القول به، وارتبكوا في دهياء وخبطوا خبط عشواء. وإسناد القول إلى الرب في غاية من المناسبة والبيان، لأنه لما ذكر أنه خلق لهم ما في الأرض، كان في ذلك صلاح لأحوالهم ومعايشهم، فناسب ذكر الرب وإضافته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تنبيه على شرفه واختصاصه بخطابه، وهز لاستماع ما يذكر بعد ذلك من غريب افتتاح هذا الجنس الإنساني، وابتداء أمره ومآله.
    وهذا تنويع في الخطاب، وخروج من الخطاب العام إلى الخطاب الخاص، وفي ذلك أيضاً إشارة لطيفة إلى أن المقبل عليه بالخطاب له الحظ الأعظم والقسم الأوفر من الجملة المخبر بها، إذ هو في الحقيقة أعظم خلفائه، ألا ترى إلى عموم رسالته ودعائه وجعل أفضل أنبيائه أمّ بهم ليلة إسرائه، وجعل آدم فمن دونه يوم القيامة تحت لوائه، فهو المقدم في أرضه وسمائه وفي دارَي تكليفه وجزائه. واللام في للملائكة: للتبليغ، وهو أحد المعاني التي جاءت لها اللام، فظاهر لفظ الملائكة العموم، وقال بذلك قوم، وقال قوم هو عام المراد به الخصوص، وهم سكان الأرض من الملائكة بعد الجان، وقيل: هم المحاربون مع إبليس، ومعمول القول إني جاعل، وكان ذلك مصدراً بأن، لأن المقصود تأكيد الجملة المخبر بها، وإن هذا واقع لا محالة وإن تكسر بعد القول، ولفتحها بعده عند أكثر العرب شروط ذكرت في النحو، وبنو سليم يفتحونها بعده من غير شرط، وقال شاعرهم:
    إذا قلت إني آيب أهل بلدة* نزعت بها عنها الولية بالهجر
    جاعل: اسم فاعل بمعنى الاستقبال، ويجوز إضافته للمفعول إلا إذا فصل بينهما كهذا، فلا يجوز، وإذا جاز إعماله، فهو أحسن من الإضافة، نص على ذلك سيبويه، وقال الكسائي: هما سواء، والذي أختاره أن الإضافة أحسن، وقد ذكرنا وجه اختيارنا ذلك في بعض ما كتبناه في العربية. وفي الجعل هنا قولان: أحدهما: أنه بمعنى الخلق، فيتعدى إلى واحد، قاله أبو روق، وقريب منه ما روي عن الحسن وقتادة أنه بمعنى فاعل، ولم يذكر ابن عطية غير هذا. والثاني: أنه بمعنى التصيير، فيتعدى إلى اثنين. والثاني هو في الأرض، أي: مصير في الأرض خليفة، قاله الفراء، ولم يذكر الزمخشري غيره، وكلا القولين سائغ، إلا أن الأول عندي أجود، لأنهم قالوا: {أتجعل فيها من يفسد فيها}؟ فظاهر هذا أنه مقابل لقوله: {جاعل في الأرض خليفة}. فلو كان الجعل الأول على معنى التصيير لذكره ثانياً، فكان: أتجعل فيها خليفة من يفسد فيها؟ وإذا لم يأت كذلك، كان معنى الخلق أرجح. ولا احتياج إلى تقدير خليفة لدلالة ما قبله عليه، لأنه إضمار، وكلام بغير إضمار أحسن من كلام بإضمار، وجعل الخبر اسم فاعل، لأنه يدل على الثبوت دون التجدد شيئاً شيئاً.والجعل: سواء كان بمعنى الخلق أو التصيير، وكان آدم هو الخليفة على أحسن الفهوم، لم يكن إلا مرة واحدة، فلا تكرر فيه، إذ لم يخلقه أو لم يصيره خليفة إلا مرة واحدة. وقوله: في الأرض: ظاهره الأرض كلها، وهو قول الجمهور.
    وقيل: أرض مكة. وروى ابن سابط هذا التفسير بأنها أرض مكة مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإن صح ذلك لم يعدل عنه، قيل: ولذلك سمي وسطها بكة، لأن الأرض بكت من تحتها، واختصت بالذكر لأنها مقر من هلك قومه من الأنبياء، ودفن بها نوح وهود وصالح بين المقام والركن، وتكون الألف واللام فيها للعهد نحو:
    { فلن أبرح الأرض }
    [يوسف: 80]
    {وكذلك مكنا ليوسف في الأرض}
    [يوسف: 21]
    {استضعفوا في الأرض}
    [القصص: 5] وقال الشاعر:

    يقولون لي أرض الحجاز حديثة* فقلت وما لي في سوى الأرض مطلب
    وقرأ الجمهور: خليفة، بالفاء، ويحتمل أن يكون بمعنى الخالف، ويحتمل أن يكون بمعنى المخلوف، وإذا كان بمعنى الفاعل كان معناه: القائم مقام غيره في الأمر الذي جعل إليه. والخليفة، قيل: هو آدم لأنه خليفة عن الملائكة الذين كانوا في الأرض، أو عن الجن بني الجان، أو عن إبليس في ملك الأرض، أو عن الله تعالى، وهو قول ابن مسعود وابن عباس. والأنبياء هم خلائف الله في أرضه، واقتصر على آدم لأنه أبو الخلائف، كما اقتصر على مضر وتميم وقيس، والمراد القبيلة. وقيل: ولد آدم لأنه يخلف بعضهم بعضاً: إذا هلكت أمة خلفتها أخرى، قاله الحسن، فيكون مفرداً أُريد به الجمع، كما جاء:
    {وهو الذي جعلكم خلائف الأرض}
    [الأنعام: 165]
    {ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم}
    [النور: 55]

    وقيل: الخليفة اسم لكل من انتقل إليه تدبير أهل الأرض والنظر في مصالحهم، كما أن كل من ولى الروم: قيصر، والفرس: كسرى، واليمن: تبَّع. وفي المستخلف فيه آدم قولان: أحدهما: الحكم بالحق والعدل. الثاني: عمارة الأرض، يزرع ويحصد ويبني ويجري الأنهار. وقرأ زيد بن علي وأبو البرهسم عمران: خليقة، بالقاف ومعناه واضح.وخطاب الله الملائكة بقوله: {إني جاعل في الأرض خليفة} أن كان للملائكة الذين حاربوا مع إبليس الجن، فيكون ذلك عاماً بأنه رافعهم إلى السماء ومستخلف في الأرض آدم وذريته. وروي ما يدل على ذلك عن ابن عباس، وهو ما ملخصه: أن الله أسكن الملائكة السماء، والجن الأرض، فعبدوا دهراً طويلاً ثم أفسدوا وحسدوا، فاقتتلوا، فبعث الله إليهم جنداً من الملائكة رأسهم إبليس، وكان أشدهم وأعلمهم، فهبطوا الأرض وطردوا الجن إلى شعف الجبال وبطون الأودية وجزائر البحور وسكنوها، وخفف عنهم العبادة، وأعطى الله إبليس ملك الأرض وملك سماء الدنيا وخزانة الجنة، فكان يعبد تارة في الأرض وتارة في الجنة، فدخله العجب وقال في نفسه: ما أعطاني الله هذا إلا أني أكرم الملائكة عليه. فقال الله تعالى له ولجنوده: { إني جاعل في الأرض خليفة } بدلاً منكم ورافعكم إليّ، فكرهوا ذلك لأنهم كانوا أهون الملائكة عبادة، وقالوا: { أتجعل } الآية. وإن كان الملائكة، جميع الملائكة. فسبب القول: إرادة الله أن يطلع الله الملائكة على ما في نفس إبليس من الكبر وأن يظهر ما سبق عليه في علمه.
    روي عن ابن عباس، وعن السدي، عن أشياخه: وأن يبلو طاعة الملائكة، قاله الحسن، أو أن يظهر عجزهم عن الإحاطة بعلمه، أو أن يعظم آدم بذكر الخلافة قبل وجوده، ليكونوا مطمئنين له إذا وجدوا، أو أن يعلمهم بخلقه ليسكن الأرض وإن كان ابتداء خلقه في السماء، وأن يعلمنا أن نشاور ذوي الأحلام منا وأرباب المعرفة إذ استشار الملائكة اعتباراً لهم، مع علمه بحقائق الأشياء، أو أن يتجاوز الخطاب بما ذكر فيحصل منهم الاعتراف والرجوع عما كانوا يظنون من كمال العلم، أو أن يظهر علو قدر آدم في العلم بقوله لآدم: {أنبئهم بأسمائهم} ، أو أن يعلمنا الأدب معه وامتثال الأمر، عقلنا معناه أو لم نعقله، لتحصل بذلك الطاعة المحضة أو أن تطمئن قلوب الملائكة حين خلق الله النار فخافت وسألت: لمن خلقت هذا؟ قال: لمن عصاني. إذ لم يعلموا وجود خلق سواهم، قاله ابن زيد. وقال بعض أهل الإشارة في قوله: {إني جاعل في الأرض خليفة}: سابق العناية، لا يؤثر فيه حدوث الجناية، ولا يحط عن رتبة الولاية، وذلك أنه تعالى نصب آدم خليفة عنه في أرضه مع علمه بما يحدث عنه من مخالفة أمره التي أوجبت له الإخراج من دار الكرامة وأهبطه إلى الأرض التي هي محل الأكدار، ومع ذلك لم يسلبه ما ألبسه من خلع كرامته، ولا حطه عن رتبة خلافته، بل أجزل له في العطية فقال:
    {ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى}
    [طه: 122]، قال الشاعر:

    وإذا الحبيب أتى بذنب واحد* جاءت محاسنه بألف شفيع
    كان عمر ينقل الطعام إلى الأصنام والله يحبه، قال الشاعر:
    أتظنني من زلة أتعتب*قلبي عليك أرق مما تحسب
    ويقال إن الله سبحانه خلق ما خلق ولم يقل في شيء منها ما قال في حديث آدم، حيث قال: {إني جاعل في الأرض خليفة}. فظاهر هذا الخطاب تنبيه لشرف خلق الجنان وما فيها، والعرش بما هو عليه من انتظام الأجزاء وكمال الصورة، ولم يقل: إني خالق عرشاً أو جنة أو ملكاً، وإنما قال ذلك تشريفاً وتخصيصاً لآدم. قالوا تقدم أن الاختيار في العامل إذ هو، قالوا: ومعموله الجملة من قوله: أتجعل؟ ولما كانت الملائكة لا تعلم الغيب ولا تسبق بالقول، لم يكن قولهم: {أتجعل فيها} الآية، إلا عن نبأ ومقدمة، فقيل: الهمزة، وإن كان أصلها للاستفهام، فهو قد صحبه معنى التعجب، قاله مكي وغيره، كأنهم تعجبوا من استخلاف الله من يعصيه أو من يعصي من يستخلفه في أرضه. وقيل: هو استفهام على طريق الاستعظام، والإكبار للاستخلاف والعصيان. وقيل: هو استفهام معناه التقرير، قاله أبو عبيدة، قال الشاعر:
    ألستم خير من ركب المطايا* وأندى العالمين بطون راح
    وعلى هذه الأقوال يكون علمهم بذلك قد سبق، إما بإخبار من الله، أو بمشاهدة في اللوح، أو يكون هو مخلوق غيرهم وهم معصومون، أو قالوا ذلك بطريق القياس على من سكن الأرض فأفسد قبل سكنى الملائكة، أو استنبطوا ذلك من لفظ خليفة، إذ الخليفة من يكون نائباً في الحكم، وذلك يكون عند التظالم. وقيل: هو استفهام محض، قاله أحمد بن يحيـى، وقدره: أتجعل هذا الخليفة على طريقة من تقدّم من الجن أم لا؟ وفسره أبو الفضل البجلي: أي أم تجعل من لا يفسد، وقدره غيرهما، ونحن نسبح بحمدك، أم نتغير؟ فعلى الأقوال الثلاثة الأول لا معادل للاستفهام، لأنه مذهوب به مذهب التعجب أو الاستعظام أو التقرير. وعلى القول الرابع يكون المعادل مفعول أتجعل، وهو من يفسد. وعلى القول الخامس تكون المعادلة من الجملة الحالية التي هي قوله، ونحن نسبح بحمدك. وقرأ الجمهور: ويسفك بكسر الفاء ورفع الكاف. وقرأ أبو حياة وابن أبي عبلة: بضم الفاء. وقُرىء: ويسفك من أسفك ويسفك من سفك مشدّد الفاء. وقرأ ابن هرمز: ويسفك بنصب الكاف، فمن رفع الكاف عطف على يفسد، ومن نصب فقال المهدوي: هو نصب في جواب الاستفهام، وهو تخريج حسن وذلك أن المنصوب في جواب الاستفهام أو غيره بعد الواو بإضمار أن يكون المعنى على الجمع، ولذلك تقدر الواو بمعنى مع، فإذا قلت: أتأتينا وتحدثنا ونصبت، كان المعنى على الجمع بين أن تأتينا وتحدثنا، أي ويكون منك إتيان مع حديث، وكذلك قوله:
    أتبيت ريان الجفون من الكرى*وأبيت منك بليلة الملسوع
    معناه: أيكون منك مبيت ريان مع مبيتي منك بكذا، وكذلك هذا يكون منك جعل مفسد مع سفك الدماء. وقال أبو محمد بن عطية: النصب بواو الصرف قال: كأنه قال من يجمع أن يفسد وأن يسفك، انتهى كلامه. والنصب بواو الصرف ليس من مذاهب البصريين. ومعنى واو الصرف: أن الفعل كان يستحق وجهاً من الإعراب غير النصب فيصرف بدخول الواو عليه عن ذلك الإعراب إلى النصب كقوله تعالى:
    {ويعلم الذين يجادلون}
    [الشورى: 35]

    في قراءة من نصب، وكذلك:
    {ويعلم الصابرين}
    [آل عمران: 142]

    فقياس الأول الرفع، وقياس الثاني الجزم، فصرفت واو الفعل إلى النصب، فسميت واو الصرف، وهذا عند البصريين منصوب بإضمار أن بعد الواو. والعجب من ابن عطية أنه ذكر هذا الوجه أولاً وثنى بقول المهدوي، ثم قال: والأول أحسن. وكيف يكون أحسن وهو شيء لا يقول به البصريون وفساده مذكور في علم النحو؟ ولما كانت الصلة يفسد، وهو فعل في سياق الإثبات، فلا يدل على التعميم في الفساد. نصوا على أعظم الفساد، وهو سفك الدماء، لأنه به تلاشي الهياكل الجسمانية التي خلقها الله، ولو لم ينصوا عليه لجاز أن لا يراد من قولهم: يفسد، وكرر فيها لأن في ذلك تنبيهاً على أن ما كان محلاً للعبادة وطاعة الله كيف يصير محلاً للفساد؟ كما مر مثله في قوله:
    {وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض}
    [البقرة: 11]

    ولم يحتج إلى تكرير فيها بعد قوله: ويسفك، اكتفاء بما سبق وتنكباً أن يكرروا فيها ثلاث مرات. ألا ترى أنهم نقدوا على أبي الطيب قوله:
    ونهب نفوس أهل النهب أولى* بأهل النهب من نهب القماش
    {ونحن نسبح}: جملة حالية، والتسبيح التنزيه، قاله قتادة: أو رفع الصوت بذكر الله تعالى، قاله المفضل: والخضوع والتذلل، قاله ابن الأنباري، أو الصلاة، أي نصلي لك، من المسبحين: أي من المصلين، قاله ابن مسعود وابن عباس، أو التعظيم، أي ونحن نعظمك، قاله مجاهد، أو تسبيح خاص، وهو: سبحان ذي الملك والملكوت، سبحان ذي العظمة والجبروت، سبحان الحيّ الذي لا يموت. ويعرف هذا بتسبيح الملائكة، أو بقول: سبحان الله وبحمده.وفي حديث عن عبادة بن الصامت، عن أبي ذر، "أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أي الكلام أفضل قال:«ما اصطفى الله لملائكته أو لعباده سبحان الله وبحمده»" {بحمدك}: في موضع الحال، والباء فيه للحال، أي نسبح ملتبسين بحمدك، كما تقول: جاء زيد بثيابه، وهي حال متداخلة لأنها حال في حال. وقيل: الباء للسبب، أي بسبب حمدك، والحمد هو الثناء، والثناء ناشيء عن التوفيق للخير والإنعام على المثنى، فنزل الناشىء عن السبب منزلة السبب فقال: ونحن نسبح بحمدك، أي بتوفيقك وإنعامك، والحمد مصدر مضاف إلى المفعول نحو قوله: من دعاء الخير، أي بحمدنا إياك. والفاعل عند البصريين محذوف في باب المصدر، وإن كان من قواعدهم أن الفاعل لا يحذف وليس ممنوع في المصدر، كما ذهب إليه بعضهم، لأن أسماء الأجناس لا يضمر فيها، لأنه لا يضمر إلا فيما جرى مجرى الفعل، إذ الإضمار أصل في الفعل، ولا حاجة تدعو إلى أن في الكلام تقديماً وتأخيراً، كما ذهب إليه بعضهم، وأن التقدير: ونحن نسبح ونقدس لك بحمدك، فاعترض بحمدك بين المعطوف والمعطوف عليه لأن التقديم والتأخير مما يختص بالضرورة، فلا يحمل كلام الله عليه، وإنما جاء بحمدك بعد نسبح لاختلاط التسبيح بالحمد. وجاء قوله بعد: {ونقدس لك} كالتوكيد، لأن التقديس هو: التطهير، والتسبيح هو: التنزيه والتبرئة من السوء، فهما متقاربان في المعنى. ومعنى التقديس كما ذكرنا التطهير، ومفعوله أنفسنا لك من الأدناس، قاله الضحاك وغيره، أو أفعالنا من المعاصي، قاله أبو مسلم، أو المعنى: نكبرك ونعظمك. قاله مجاهد وأبو صالح، أو نصلي لك، أو نتطهر من أعمالهم يعنون بني آدم. حكى ذلك عن ابن عباس، أو نطهر قلوبنا عن الالتفات إلى غيرك، واللام في لك فيل زائدة، أي نقدّسك.
    وقيل: لام العلة متعلقة بنقدّس، قيل: أو بنسج وقيل: معدية للفعل، كهي في سجدت لله، وقيل: اللام للبيان كاللام بعد سقياً لك، فتتعلق إذ ذاك بمحذوف دلّ عليه ما قبله، أي تقديسنا لك. والأحسن أن تكون معدية للفعل، كهي في قوله:
    {يسبح لله}
    [الجمعة: 1، التغابن: 1]

    و{سَبَّح لله}
    [الحديد: 1، الحشر: 1، الصف: 1]

    وقد أبعد من ذهب إلى أن هذه الجملة من قوله: {ونحن نسبح} استفهامية حذف منها أداة الاستفهام وأن التقدير، أو نحن نسبح بحمدك، أم نتغير، بحذف الهمزة من غير دليل، ويحذف معادل الجملة المقدرة دخول الهمزة عليها، وهي قوله: أم نتغير، وليس ذلك مثل قوله:
    لعمرك ما أدري وإن كنت دارياً* بسبع رمين الجمر أم بثمان
    يريد: أبسبع، لأن الفعل المعلق قبل بسبع والجزء المعادل بعده يدلان على حذف الهمزة. ولما كان ظاهر قول الملائكة: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدّس لك}، مما لا يناسب أن يجاوبوا به الله، إذ قال لهم: {إني جاعل في الأرض خليفة}، وكان من القواعد الشرعية والعقائد الإسلامية عصمة الملائكة من المعاصي والاعتراض، لم يخالف في ذلك إلا طائفة من الحشوية، وهي مسألة يتكلم عليها في أصول الدين، ودلائلها مبسوطة هناك، احتاج أهل العلم إلى إخراج الآية السابقة عن ظاهرها وحملها كل قائل ممن تقدّم قوله على ما سبح له، وقوي عنده من التأويل الذي هو سائغ في علم اللسان، وقال بعض أهل الإشارات: الملائكة لما توهموا أن الله تعالى أقامهم في مقام المشورة بأن لهم وجه المصلحة في بقاء الخلافة فيمن يسبح ويقدس، وأن لا ينقلها إلى من يفسد فيها ويسفك، فعرضوا ذلك على الله، وكان ذلك من جملة النصح في الاستشارة، والنصح في ذلك واجب على المستشار، ولله تعالى الحكم فيما يمضي من ذلك ويختار.ومن أندر ما وقع في تأويل الآية ما ذهب إليه صاحب (كتاب فك الأزرار)، وهو الشيخ صفي الدين أبو عبد الله الحسين بن الوزير أبي الحسن علي بن أبي المنصور الخزرجي، قال: في ذلك الكتاب ظاهر كلام الملائكة يشعر بنوع من الاعتراض، وهم منزهون عن ذلك، والبيان، أن الملائكة كانوا حين ورود الخطاب عليهم مجملين، وكان إبليس مندرجاً في جملتهم، فورد منهم الجواب مجملاً. فلما انفصل إبليس عن جملتهم بإبائه وظهورإبليسيته واستكباره، انفصل الجواب إلى نوعين: فنوع الاعتراض منه كان عن إبليس، وأنواع الطاعة والتسبيح والتقديس كان عن الملائكة. فانقسم الجواب إلى قسمين، كانقسام الجنس إلى جنسين، وناسب كل جواب من ظهر عنه والله أعلم. انتهى كلامه. وهو تأويل حسن، وصار شبيهاً بقوله تعالى:
    {وقالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا}
    [البقرة: 135]

    لأن الجملة كلها مقولة، والقائل نوعان، فرد كل قول لمن ناسبه.
    وقيل في قوله: {ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك}، إشارة إلى جواز التمدح إلى من له الحكم في التولية ممن يقصد الولاية، إذا أمن على نفسه الجور والحيف، ورأى في ذلك مصلحة. ولذلك جاز ليوسف، على نبينا وعليه السلام، طلبه الولاية، ومدح نفسه بما فيها فقال:
    {اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم}
    [يوسف: 55]، قال: { إني أعلم } ، مضارع علم وما مفعولة بها موصولة، قيل: أو نكرة موصوفة، وقد تقدم: أنا لا نختار، كونها نكرة موصوفة، وأجاز مكي بن أبي طالب والمهدوي وغيرهما أن تكون أعلم هنا اسماً بمعنى فاعل، وإذا كان كذلك جاز في ما أن تكون مجرورة بالإضافة، وأن تكون في موضع نصب، لأن هذا الاسم لا ينصرف، وأجاز بعضهم أن تكون أفعل التفضيل. والتقدير: أعلم منكم، وما منصوبة بفعل محذوف يدل عليه أعلم، أي علمت، وأعلم ما لا تعلمون.وهذا القول فيه خروج عن الظاهر وادعاء حذفين: أحدهما: حذف المفضل عليه وهو منكم، والثاني: الفعل الناصب للموصول، وأما ما أجازه مكي فهو مبني على أمرين غير صحيحين، أحدهما: ادّعاء أن أفعل تأتي بمعنى فاعل، وهذا قال به أبو عبيدة من المتقدمين، وخالفه النحويون وردوا عليه قوله، وقالوا: لا يخلوا أفعل من التفضيل، وإن كان يوجد في كلام بعض المتأخرين أن أفعل قد يخلو من التفضيل، وبنوا على ذلك جواز مسألة يوسف أفضل إخوته، حتى أن بعضهم ذكر في جواز اقتياسه خلافاً، تسليماً منه أن ذلك مسموع من كلام العرب فقال: واستعماله عارياً دون من مجرداً عن معنى التفضيل، مؤولاً باسم فاعل أو صفة مشبهة، مطرد عند أبي العباس، والأصح قصره على السماع، انتهى كلامه. والأمر الثاني: أنه إذا سلم وجود أفعل عارياً من معنى التفضيل، فهو يعمل عمل اسم الفاعل أم لا. والقائلون بوجود ذلك لا يقولون بإعماله عمل اسم الفاعل إلا بعضهم، فأجاز ذلك، والصحيح ما ذهب إليه النحويون المتقدمون من كون أفعل لا يخلو من التفضيل، ولا مبالاة بخلاف أبي عبيدة لأنه كان يضعف في النحو، ولا بخلاف بعض المتأخرين لأنهم مسبوقون بما هو كالإجماع من المتقدمين، ولو سلمنا سماع ذلك من العرب، فلا نسلم اقتياسه، لأن المواضع التي أوردت دليلاً على ذلك في غاية من القلة، مع أنها قد تؤولت. ولو سلمنا اقتياس ذلك، فلا نسلم كونه يعمل عمل اسم الفاعل. وكيف نثبت قانوناً كلياً ولم نسمع من العرب شيئاً من أفراد تركيباته لا يحفظ: هذا رجل أضرب عمراً، بمعنى ضارب عمراً، ولا هذه امرأة أقتل خالداً، بمعنى قاتلة خالداً، ولا مررت برجل أكسى زيداً جبة، بمعنى: كاس زيداً جبة، وهل هذا إلا إحداث تراكيب لم تنطق العرب بشيء من نظيرها؟ فلا يجوز ذلك.

    وكيف يعدل في كتاب الله عن الشيء الظاهر الواضح من كون أعلم فعلاً مضارعاً إلى هذا الذي هو؟ كما رأيت في علم النحو، وإنما طولت في هذه المسألة لأنهم يسلكون ذلك في مواضع من القرآن سيأتي بيانها، إن شاء الله تعالى، فينبغي أن يتجنب ذلك، ولأن استعمال أفعل عارية من معنى التفضيل مشهور عند بعض المتأخرين، فنبهت على ما في ذلك، والمسألة مستوفاة الدلائل. نذكر في علم النحو: {ما لا تعلمون} الذي مدح الله به نفسه من العلم دونهم علمه ما في نفس إبليس مع البغي والمعصية، قاله ابن عباس ومجاهد والسدي عن أشياخه أو علمه بأنه سيكون من ذلك الخليفة أنبياء وصالحون، قاله قتادة، أو علمه بمن يملأ جهنم من الجنة والناس، قاله ابن زيد؛ أو علمه بعواقب الأمور فيبتلي من تظنون أنه مطيع فيؤديه الابتلاء إلى المعصية، ومن تظنون أنه عاص فيؤديه الابتلاء إلى الطاعة فيطيع، قاله الزجاج، أو علمه بظواهر الأمور وباطنها، جليها ودقيقها، عاجلها وآجلها، صالحها وفاسدها، على اختلاف الأحوال والأزمان علماً حقيقياً، وأنتم لا تعلمون ذلك، أو علمه بغير اكتساب ولا نظر ولا تدبر ولا فكر، وأنتم لا تعلمون المعلومات على هذا النسق. أو علمه بأن معهم إبليس، أو علمه باستعظامكم أنفسكم بالتسبيح والتقديس. والذي يدل عليه ظاهر اللفظ أنه أخبرهم إذا تكلموا بالجملة السابقة التي هي أتجعل فيها بأنه يعلم ما لا تعلمونه. وأبهم في إخباره الأشياء التي يعلمها دونهم، فإذا كان كذلك، فإخباره بأنه يجعل في الأرض خليفة يقتضي التسليم له والرجوع إليه فيما أراد أن يفعله والرضا بذلك، لأن علمه محيط بما لا يحيط به علم عالم، جل الله وعز. والأحسن أن يفسر هذا المبهم بما أخبر به تعالى عنه من قوله، قال: {ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض} الآية.{وعلم آدم الأسماء كلها}: لما أخبر تعالى الملائكة عن وجه الحكمة في خلق آدم وذريته على سبيل الإجمال، أراد أن يفصل، فبين لهم من فضل آدم ما لم يكن معلوماً لهم، وذلك بأن علمه الأسماء ليظهر فضله وقصورهم عنه في العلم، فتأكد الجواب الإجمالي بالتفضيل. ولا بد من تقدير جملة محذوفة قبل هذا، لأنه بها يتم المعنى ويصح هذا العطف، وهي: فجعل في الأرض خليفة. ولما كان لفظ الخليفة محذوفاً مع الجملة المقدرة، أبرزه في قوله: {وعلم آدم} ، ناصاً عليه ومنوهاً بذكره باسمه. وأبعد من زعم أن: {وعلم آدم} معطوف على قوله، قال من قوله تعالى: {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل}، وهل التعليم بتكليم الله تعالى له في السماء، كما كلم موسى في الأرض، أو بوساطة ملك أو بالإلهام؟ أقوال أظهرها أن الباري تعالى هو المعلم، لا بواسطة ولا إلهام...
    حياكم الله


    د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي

    aghanime@hotmail.com
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو شامة المغربي ; 27/04/2008 الساعة 09:55 AM

    رد مع اقتباس  
     

  4. #88 رد: قضية للمناقشة: لماذا قالت الملائكة:"أتجعل فيها من....." 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    45
    معدل تقييم المستوى
    0
    بارك الله فيكم دكتور أبو شامة المغربي على النقل الطيب
    الكلام حول القضية كتير وكثير وكثير ... ولو أردنا نقل ما قاله علماء التفسير في هذه الاية لما اتسع المقام
    سأحاول نقل الجديد في القضية وليس ما يتكرر .. ولعل هذا ما يصبو إليه الأستاذ عبد الرزاق المساوي حفظه الله ورعاه :
    قرأت كلاماً للشيخ العلامة ابن عاشور في التحرير والتنوير فأحببت نقله وهو ما نصه :
    وفي المجيء بالصلة جملة فعلية دلالة على توقع أن يتكرر الإفساد والسفك من هذا المخلوق وإنما ظنوا هذا الظن بهذا المخلوق من جهة ما استشعروه من صفات هذا المخلوق المستخلف بإدراكهم النوراني لهيئة تكوينه الجسدية والعقلية والنطقية إما بوصف الله لهم هذا الخليفة أو برؤيتهم صورة تركيبه قبل نفخ الروح فيه وبعده، والأظهر أنهم رأوه بعد نفخ الروح فيه فعلموا أنه تركيب يستطيع صاحبه أن يخرج عن الجبلة إلى الاكتساب وعن الامتثال إلى العصيان فإن العقل يشتمل على شاهية وغاضبة وعاقلة ومن مجموعها ومجموع بعضها تحصل تراكيب من التفكير نافعة وضارة، ثم إن القدرة التي في الجوارح تستطيع تنفيذ كل ما يخطر للعقل وقواه أن يفعله ثم إن النطق يستطيع إظهار خلاف الواقع وترويج الباطل، فيكون من أحوال ذلك فساد كبير ومن أحواله أيضاً صلاح عظيم وإن طبيعة استخدام ذي القوة لقواه قاضية بأنه سيأتي بكل ما تصلح له هذه القوى خيرها وشرها فيحصل فعل مختلط من صالح وسيء، ومجرد مشاهدة الملائكة لهذا المخلوق العجيب المراد جعله خليفة في الأرض كاف في إحاطتهم بما يشتمل عليه من عجائب الصفات على نحو ما سيظهر منها في الخارج لأن مداركهم غاية في السمو لسلامتها من كدرات المادة، وإذا كان أفراد البشر يتفاوتون في الشعور بالخفيات، وفي توجه نورانية النفوس إلى المعلومات، وفي التوسم والتفرس في الذوات بمقدار تفاوتهم في صفات النفس جبلية واكتسابية ولدنية التي أعلاها النبوة، فما ظنك بالنفوس الملكية البحتة؟وفي هذا ما يغنيك عما تكلف له بعض المفسرين من وجه اطلاع الملائكة على صفات الإنسان قبل بدوها منه من توقيف واطلاع على ما في اللوح أي علم الله، أو قياس على أمة تقدمت وانقرضت، أو قياس على الوحوش المفترسة إذ كانت قد وجدت على الأرض قبل خلق آدم كما في سفر التكوين من التوراة. وبه أيضاً تعلم أن حكم الملائكة هذا على ما يتوقع هذا الخلق من البشر لم يلاحظ فيه واحد دون آخر، لأنه حكم عليهم قبل صدور الأفعال منهم وإنما هو حكم بما يصلحون له بالقوة، فلا يدل ذلك على أن حكمهم هذا على بني آدم دون آدم حيث لم يفسد، لأن في هذا القول غفلة عما ذكرناه من البيان.
    رد مع اقتباس  
     

  5. #89 رد: قضية للمناقشة: لماذا قالت الملائكة:"أتجعل فيها من....." 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    68
    معدل تقييم المستوى
    17
    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام على كل الأحبة

    السلام على حبيبي أبي شامة المغربي

    السلام على حبيبي أحمد الحمادي

    ورحمة الله وبركاته ومغفرته...

    أولا ألتمس المعذرة من أخي الفاضل أبي شامة لكوني لم أنتبه لما سطرته يمينكم

    المباركة قبل منقولاته المفيدة واختياراته الرائعة.. أعتذر منكم أخي وأشكركم على

    ما يبذله قلمكم الهادف وأبارك لكم ما تصبو إليه نفسكم وأرجو لكم من الله العلي القدير

    كل التوفيق..

    أما أخي الكريم أحمد الحمادي فأشد على يديه بقوة مع ابتسامة عريضة تصاحبها

    همسات رقيقة تحمل عبير المحبة والتقدير..

    أخي الكريم لقد لمست في كلام العلامة ابن عاشور -وهو يعتبر من كبار مفسري القرآن

    الكريم في العصر الحديث- اجتهادا لا بأس به لتجاوز محنةالاختلاف حول هذا الموضوع،

    إلا أنه رحمه الله في نظرنا لم يلامس ما سنطرحه إن شاء الله تعالى..

    لكن المهم عندي هو أنه استطاع أن يشير إلى ضحالة الآراء السابقة وعدم قدرتها على

    فصل المقال في تفسير آيات سورة البقرة..

    وإلى لقاء آخر إن شاء الله تعالى إنه الموفق لكل خير..
    رد مع اقتباس  
     

  6. #90 رد: قضية للمناقشة: لماذا قالت الملائكة:"أتجعل فيها من....." 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    45
    معدل تقييم المستوى
    0
    وعليكم سلام الله ورحمته وبركاته
    أستاذنا الأجل " عبد الرزاق المساوي " حفظه الله ورعاه
    نسأل الله تعالى الذي أكرمنا بمعرفتكم أن ينعم علينا بدوام البقاء معكم والنهل من معينكم

    سيدي :
    من خلال النظر في الآيات القرآنية التي تتحدث عن قصة آدم عليه السلام في كتاب الله؛ وجدت بأن الملائكة عليهم سلام الله سلموا في قضية خلق آدم في كل المواضع التي ذكرت فيها القصة,و لم يحتجوا على ذلك -إن صح التعبير - إلا في قصة آدم عليه السلام في سورة البقرة ولنقرأ الآيات القرآنية معاً ونشاهد ذلك :
    {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } (30) سورة البقرة

    {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ 28 فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ (29) فَسَجَدَ الْمَلآئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} (30) سورة الحجر

    {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} (73) سورة ص

    والسؤال هنا : هل السر في قول الحق سبحانه وتعالى ( إني جاعل في الأرض خليفة ) هو الذي دعا الملائكة لقول ما قالوا؟ أم أن الأمر خلاف ذلك ؟
    أستاذنا الكريم " عبد الرزاق المساوي " لعلنا نستطيع الاقتراب شيئا فشيئا من الجواب كلما أنعمنا النظر في الآيات القرآنية الكريمة, ودققناه في أقوال بعض العلماء في هذه القضية الكبيرة ..

    لنا عودة بحول الله بعد تعقيبكم حفظكم الله ورعاكم.
    رد مع اقتباس  
     

  7. #91 رد: قضية للمناقشة: لماذا قالت الملائكة:"أتجعل فيها من....." 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    45
    معدل تقييم المستوى
    0
    بسم الله الرحمن الرحيم
    أستاذنا الأجل " عبد الرزاق المساوي " حفظكم الله ورعاكم
    لعلني أستطيع الجزم أن الذي جعل الملائكة يقولون هذا القول هي مفردة " خليفة "
    فإن الأمر يدور حولها, وهي المفردة الوحيدة-بعد البحث- التي أخالها يخرج منها قول الملائكة ..
    ولكن كيف؟
    لعلني امتلك الجواب ..
    ولكن بعد تعقيبكم سيدي حتى استطيع طرح ما لدي من نتائج..
    أدام الله رفدكم
    التعديل الأخير تم بواسطة أحمد الحمّادي ; 30/04/2008 الساعة 07:53 AM
    رد مع اقتباس  
     

  8. #92 رد: قضية للمناقشة: لماذا قالت الملائكة:"أتجعل فيها من....." 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    247
    معدل تقييم المستوى
    17
    بسم الله الرحمن الرحيم..
    لقد تتبعت الموضوع حرفا حرفا..
    فالحمد لله..
    وأشكر الإخوة الأفاضل على مداخلاتهم المفيدة جدا..
    وأقول..
    إن الحديث في القرآن الكريم كلام شيق جدا..
    وكلما فتحنا للقرآن قلوبنا.. أعطانا من بركاته وفتح لنا من مغاليقه..
    وفي هذا الموضوع.. ككل المواضيع التي تعتمد النص القرآني حجة.. يمكن أن تجد في القرآن مؤيدا لها من القرآن..
    .. فقد أؤيد رأيي من القرآن.. وقد تنقضه لي من القرآن.. إلا ما كان من المحكمات البينات..
    وإلا ما كان من الترهات التي لا تستقيم لمنطق ولا لعقل.. فهذا مما لا يلتفت إليه..
    من خلال القراءات التي اطلعت عليها في ثنايا الموضوع.. أفادتني كثيرا.. لكنها أثارتني كذلك..
    وسأعرض لبعضها تباعا إن شاء الله تعالى..
    فشكرا جزيلا لكل المشاركين..
    كل باسمه..
    رد مع اقتباس  
     

  9. #93 رد: قضية للمناقشة: لماذا قالت الملائكة:"أتجعل فيها من....." 
    مشرف الصورة الرمزية عماد ابو رياض
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,366
    معدل تقييم المستوى
    19
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الاولين والاخرين وبعد :
    اخي العزيز المحترم
    الكل يعرف في القران ماهو محكم وما هو متشابه .. وجعل باب الاجتهاد مفتوح لامة الحبيب .. اختلف واجتهد العلماء جزاهم الله خيرا في هذا الموضوع ومن باب التنوير وحث الباحث بالغوص في بحور العلم والتفكير ومن
    اجتهد واصاب فله اجرين ومن اجتهد واخطأ فله اجر على ان لايتزمت في رأي ويرى غيره بابطل ... فأقول جزاك
    الله خيرا ... من النضريات التي سبقت الاسلام اكثرها جاءت من الكتب السماويه فأخذ من الفلاسفه مااخذ
    من الكتب السماويه وطور فيها حسب عقله وتفكيره ..
    كانت الارض يسكنها البشر وهذه الاقوام اجساد بأنفس بلا روح واقصد بالروح هو العقل .. فكان همهم شهوتهم
    وقتلهم بعضهم لبعض لايعرفون الرحمه وبمعنى اخر لاعقل يلزمهم بما يفيدهم او يضرهم اي كالبهائم فـــــــــي
    تواجدهم .....
    فاراد الله تعالى ان يغير هذه الاقوام ويجعل منهم خليفه فأختار ادم وانهى البقيه ووضع فيه الروح وعلمه كل شيء
    فتغير الخلق من البشر الى الانس الذين ورثوا الانسانيه من العقل الموهوب لهم من الله تعالى علما ان في الارض من عالم الجن قبل البشر ....
    فاعتراض الملائكه على الخلق الاول وجعله خليفه ولما بدا لهم ما به من تغيرات سجدوا له تشريفا .......

    والله تعالى اعلم .... تحياتي واشواقي لك اخي العزيز
    رد مع اقتباس  
     

  10. #94 رد: قضية للمناقشة: لماذا قالت الملائكة:"أتجعل فيها من....." 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    45
    معدل تقييم المستوى
    0
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عماد ابو رياض مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الاولين والاخرين وبعد :
    اخي العزيز المحترم
    الكل يعرف في القران ماهو محكم وما هو متشابه .. وجعل باب الاجتهاد مفتوح لامة الحبيب .. اختلف واجتهد العلماء جزاهم الله خيرا في هذا الموضوع ومن باب التنوير وحث الباحث بالغوص في بحور العلم والتفكير ومن
    اجتهد واصاب فله اجرين ومن اجتهد واخطأ فله اجر على ان لايتزمت في رأي ويرى غيره بابطل ... فأقول جزاك
    الله خيرا ... من النضريات التي سبقت الاسلام اكثرها جاءت من الكتب السماويه فأخذ من الفلاسفه مااخذ
    من الكتب السماويه وطور فيها حسب عقله وتفكيره ..
    كانت الارض يسكنها البشر وهذه الاقوام اجساد بأنفس بلا روح واقصد بالروح هو العقل .. فكان همهم شهوتهم
    وقتلهم بعضهم لبعض لايعرفون الرحمه وبمعنى اخر لاعقل يلزمهم بما يفيدهم او يضرهم اي كالبهائم فـــــــــي
    تواجدهم .....
    فاراد الله تعالى ان يغير هذه الاقوام ويجعل منهم خليفه فأختار ادم وانهى البقيه ووضع فيه الروح وعلمه كل شيء
    فتغير الخلق من البشر الى الانس الذين ورثوا الانسانيه من العقل الموهوب لهم من الله تعالى علما ان في الارض من عالم الجن قبل البشر ....
    فاعتراض الملائكه على الخلق الاول وجعله خليفه ولما بدا لهم ما به من تغيرات سجدوا له تشريفا .......

    والله تعالى اعلم .... تحياتي واشواقي لك اخي العزيز

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    اخي الكريم
    الرأي الذي تفضلت به قال به بعض العلماء. ولكن ليس هناك دليل صحيح يثبت صحة هذا الرأي .

    بانتظار شيخنا وأستاذنا "عبد الرزاق المساوي" فقط أطال الغياب, وكلنا شوق.
    رد مع اقتباس  
     

  11. #95 رد: قضية للمناقشة: لماذا قالت الملائكة:"أتجعل فيها من....." 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    68
    معدل تقييم المستوى
    17
    :bism:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    تتمة لما سبق:

    لقد جاءت الوسوسة على الشكل التالي يقول تعالى:

    ((...فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى..))
    (طه:117)

    ((..فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا

    وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ

    أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ

    وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ.)) (الأعراف:20)

    من أين أتت فكرة الخلود هذه؟

    وكيف استطاع إبليس أن يغري بها آدم وزوجه؟

    كيف استطاع إبليس أن يغري آدم وحواء بالملك أو الملكية؟

    وكيف استطاع أن يغريهما بالملائكية؟

    وكيف استطاع أن يغريهما بالخلود؟

    كيف عرف هذه المسائل ولا أحد يدرك أن الخلود موجود؟؟

    وأنى للزوجين بمعرفة هذه الأمور حتى يتمكن إبليس من إغرائهما بها؟؟

    هل يعني ذلك أن هذه القضايا كانت هدفا مسبقا؟؟

    وكيف تم التعاقب أو الانتقال في إغواء إبليس لآدم

    من الملكية إلى الملائكية إلى الخلود؟

    كل هذه القضايا الإبليسية المطروحة على الزوجين

    مغرية وتدفع للتفكير فيها والانصياع لها والعمل على تحقيقها..

    وخصوصا إذا قدمت في شكل مثير وغلاف جذاب وإيقاع ملحاح وأسلوب ضامن..


    ثم كيف تم لإبليس ذلك الحوار -كما قال بعض المغرضين-

    مع آدم وهو مطرود من الجنة؟

    ""كيف عاد الشيطان إلى الجنة بعد أن طرده الله

    ليوسوس إلى آدم وحواء بالأكل من الشجرة المحرمة ؟؟

    أم أنه تسلل بدون علم الله إلى الجنة ؟؟"" (1)

    تعالى الله عما يقول الجهلة علوا كبيرا..


    (1) انظر الرابط: ***************
    التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي ; 10/06/2008 الساعة 09:03 PM
    رد مع اقتباس  
     

  12. #96 رد: قضية للمناقشة: لماذا قالت الملائكة:"أتجعل فيها من....." 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    سلام الله عليكم
    أتعبنا مفهوم الكم ونحن نلهث وراء الكثرة, ونتباهي بالأرقام
    نتباهى بعدد ختمات القرآن, وترانا لم نتدبر حرف منه

    الصحيح هو تدبر آي القرآن الكريم والعمل على خطى الصحابة في فهم الآية والآيتين والعمل بها ثم معرفة غيرها


    -

    في موضوع كيف عاد إبليس إلى الجنة وهو مطرود, سمعت كلاماً كثيراً حول ذلك , منه ما قاله المفسر الشعراواي رحمه الله
    أن النار تكون في مكان ودخانها في مكان, و وسوسة إبليس هي كالدخان
    بكل الأحوال يجب أن نفهم المجاز في القرآن قبل أن نريد فهم أي آية
    فقوله" يجري من ابن آدم مجرى الدم" يحسبه الكثيرون أن يجري في عروقنا
    وهذه الصورة هي للتقريب, وهذا من باب المجاز
    كنت أنوي سرد باب عن المجاز في القرآن وتبيان استخدام الجمل وقد قارب ذلك موعده بإذن الله


    -

    الموضوع الأم هنا وهو كيف عرفت الملائكة بوجود من سفك الدماء, والتفسير أن الجن خلق قبل الإنس وقد سفك الدماء

    هناك سؤال في ذهني قد يحل الموضوع ولا أعرف دقته , وعلينا أن نكون دقيقين مع كلام الله وحذرين في تفسير أو نقل جمع آراء المفسرين:

    لماذا لا نقول أن الملائكة اطلعت على اللوح المحفوظ , وعرفت منه المثال الأول قصة قتل قابيل لهابيل
    فهي قرأت ما سيحدث الأرض, لكنها لم تكن تعلم متى سيخلق ذلك , وحين قال الله تعالى: إني جاعل في الأرض خليفة.."
    قالت له وهي قد قرأت اللوح المحفوظ : أتجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدماء....."

    والله أعلم بذلك

    القضية مفتوحة للنقاش
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. مقال: الجوانب المخفية من قضية " الرسوم الكاريكاتورية للرسول محمد(ص)"
    بواسطة رزاق الجزائري في المنتدى مجلة المربد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 22/01/2015, 11:25 PM
  2. مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 14/10/2014, 10:50 PM
  3. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 31/05/2012, 01:09 PM
  4. مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 02/09/2008, 09:13 AM
  5. الجوانب المخفية من قضية " الرسوم الكاريكاتورية للرسول محمد"
    بواسطة رزاق الجزائري في المنتدى قبة المربد
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 27/11/2007, 12:40 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •