من هنا جاءت بداية البحث عن التساوي والتعادل في النتيجة فلا يعقل في منطق إبليس أن يبقى خارج الجنة وحده بل لابد أن يصاحبه في ذلك غريمه وعدوه آدم الذي كان سببا في طرده.. وهذا بطبيعة الحال يتطلب البحث عن المداخل الضامنة للإيقاع بآدم ومن ثمة الانتصار عليه..
وكان أهم مدخل هو التحريض على الممنوع والمحرم.. ومن هنا كان المنطلق الإبليسي وكانت وسيلته الأساس في الوصول إلى مبتغاه بما أنه خارج الجنة وبعيد جسديا عن آدم وزوجه..
كانت وسيلته هي التأثير عن بعد وذلك باستعمال ما كان من طبيعة خلقته: النار التي يشتد أوارها في مكان بعيد ويسرح دخانها في مكان أبعد منه.. والوسوسة تلك عملية إستراتيجية خطيرة استطاع إبليس استغلالها لصالحه سلاحا نفاثا من خلاله سينفث في روع آدم كل ما يمكنه من تحقيق ما يصبو إلى تحقيقه من أهداف حربية تؤدي في آخر المطاف إلى هزيمة آدم..
فكان هذا الوسواس عبارة عن أسلحة فتاكة تنخر النفس في حالها الضعيفة ومن ثمة تسيطر على مراكز القوة فتشل الحركة إلا في إطار ما يصبو إليه الموسوس..
هذا الأخير الذي يسعى إلى التأثير على الخصم كي يوقعه.. وهذا هو ما قام به إبليس في حق آدم لما سخر الوسوسة وهي خاصية جنية شيطانية مرتبطة بالطبيعة النارية التي يكون أوارها في مكان ودخانها في مكان آخر بعيد..
إذن سخرها واستغلها كطبيعة خلقية من أجل التحريض والإغواء والتزيين والضرب على الأوتار الحساسة والتخويف من المصير المجهول والتشكيك فيما هو موعود به وتقديم الأمور على غير حقيقتها أو على غير أصلها وذلك بجمال اللفظ وحسن التعبير، ورونق السبك وبهاء المظهر، وتنميق المنظر وزركشة النتائج والرفع من قيمة الأهداف وتصوير الحقيقة الربانية في صورة مغلوطة ومزيفة..
وذلك للحصول على ثقة المخاطب/المتلقي والذي هو آدم وبعد ذلك يتم تحقيق الهدف المرسوم من قبل إبليس والذي هو في آخر المطاف انتقام ورد الاعتبار النفسي والتساوي في المعصية والخروج من الرحمة والجنة..




°°**..أرجو التثبيت..**°°