النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: العالم الذي رحل

  1. #1 العالم الذي رحل 
    مشرف
    تاريخ التسجيل
    May 2006
    المشاركات
    2,180
    معدل تقييم المستوى
    20
    الشيـخ مصـطفـى الزرقـاء
    العالم الذي رحل

    بقلم :
    أ .د. : بكري شيخ أمين
    عضو اتحاد الكتاب العرب
    عضو اللجنة العالمية للغة العربية

    مصائب كبرى متتالية وقعت على العالم الإسلامي مطلع هذه السنة الهجرية ، تجلت في موت الشيخ عبد العزيز ابن باز في المحرم ، ثم موت الشيخ علي الطنطاوي في صفر ، و موت الشيخ مصطفى الزرقاء في ربيع الأول ، والشيخ مناع القطان في ربيع الثاني ، وعلامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر في جمادى الأولى ، والفريق يحيى المعلمي في جمادى الثانية ماتوا جميعاً في المملكة العربية السعودية ، ودفنوا تحت ثراها ، وبكاهم العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه ، وسيظل الناس يذكون أعمالهم الكبيرة إلى أن تقوم الساعة ، وحتى يرث الله الأرض ومن عليها .
    ومجلة الحج لا تستطيع أمام هذه الأحداث المفجعة الخطيرة إلا أن تقوم بواجبها نحو قرائها الكرام الذين يتعشـقون صدورها ، ونحو الأجيال الناشئة الجديدة ، فتبين لهم الحدث الخطير أولاً ، ثم تشرح لهم بكثير من التأني بعضاً من سيرة هؤلاء الأعلام العمالقة ممن هم على سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى خط الشريعة الغراء المبين ، والذين كان لهم تأثير كبير في عصرهم ، وفي أبناء جيلهم ، وتكشف لهم عن الآثار التي خلفوها وراءهم ، والمناهج التي اتبعوها في حياتهم حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه ، وهي بهذا تصل سلسلة الخلف مع السلف ، وتعرّف الأبناء ما فعله الآباء ، وتبقي الصلة قائمة بين الأجيال القديمة والأجيال الحديثة . وبهذا العرض تبقى مجلة الحج مجلة كل قارئ ، وعربي ، ومسلم ، محب للفائدة ، راغب في المتعة ، معجب بالأسلوب الرفيع ، مقدر للرسالة الهادفة التي تحملها .
    مصطفى الزرقاء :
    ولد مصطفى الزرقاء في مدينة حلب الشهباء سنة 1322هـ /1904 م . كان والده الشيخ أحمد بن محمد الزرقاء من أعلام علماء تلك المدينة ، وفي أعلى مراتب العلم ، وأهم مصادره ، وكان مشهوراً بالفقه الحنفي بوجه خاص ، يدرّس في الثانوية الشرعية المعروفة من قبل باسم (المدرسة الخسروية الشرعية ) وبالمدارس الشرعية الأخرى كالشعبانية والعثمانية والجامع الأموي الكبير .
    يقول الدكتور محب الدين أبو صالح : سمعت من أبي الشيخ ناجي أبو صالح ـ يرحمه الله ـ وهو من جيل الشيخ مصطفى ورفيقه في طلب العلم أن مصطفى حين كان يجلس في الدرس على أبيه الشيخ أحمد يأخذ في مناقشته ، فيقول له أبوه : يا مصطفى ‍ لا تكثر من هذه المناقشات ، لَـمّـا يأت وقتك بعد . وكأن هذه إشارة من الوالد بذكاء ابنه ، وقوة حجته ، و أنه سيكون بفضل الله خلَفَه من بعده في جميع دروسه . وفعلاً عندما صار الأب يتخلف عن الدروس لمرضه كان ولده مصطفى يقوم مقامه ، ويحل محله ، وكان المؤهل الأكبر بين جميع تلامذته الذين تتلمذوا عليه . وهذا يدل على مكانة الشيخ مصطفى المبكرة في قدرته العلمية .
    درس الزرقاء علومه الدينية على شيوخ بلده في المدرسة الخسروية الشرعية ، كما درس العلوم العصرية واللغة الفرنسية دراسة خاصة ، ونال الشهادتين الشرعية والثانوية الرسمية الحكومية ، مما أهله للالتحاق بكليتي الحقوق والآداب طالباً سنة 1930م ونال شهادتيهما بتفوق بعد ثلاث سنوات واشتغل بالمحاماة عشر سنوات ، وخلالها حاز دبلوم الشرعية الإســلامية من كليـة الحقوق بجامعة فؤاد الأول ( جامعة القاهرة حالياً ) .
    الزرقاء أستاذ في الجامعة السورية
    عين مصطفى الزرقاء في أول عام 1944م أستاذاً لمادة الشريعة والقانون المدني في كلية الحقوق، ومحاضراً في كليتي الشريعة والآداب لمادة الحديث النبوي ، وظل في هذا المنصب إلى سنة 1966م حيث أحيل على التقاعد . وألف كتابه المشهور ( المدخل الفقهي العام ) أو ما يدعوه صاحبه باسم : الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد .
    انتخب عن مدينة حلب نائباً في المجلس النيابي السوري لدورتين تشريعيتين ، عام 1954ثم 1961م ، كما أسندت إليه وزارتا العدل والأوقاف في عهود دستورية ( في عامي 1956 م ثم 1961م ) .
    قال الأستاذ عبد القادر عودة ـ يرحمه الله ـ عن كتابه المدخل الفقهي العام : اعتصم الفقه الإسلامي من طالبيه في المتون ، وتحصن في الشروح ، واستعصى على طلابه في اللغة المغلقة والأسلوب العقيم . وكان كل من له إلمام بالفقه الإسلامي ، وكل من عانى من قراءة كتبه ، يود أن توطأ للناس هذه الكتب حتى يتيسر لهم قراءتها ، وتسهل عليهم دراستها ، وحتى يستطيعوا أن يوازنوا بين الفقه الحديث وبين الفقه الإسلامي العتيد ؛ ذلك الفقه الغني بموضوعاته ونظرياته واصطلاحاته ، المتميز بدقته وقوته ، ليكون لهم من هذه الموازنة ما يزيد ثقافتهم ، ويوسع آفاقهم ، ويفتح أعينهم ، ويوجههم إلى الطريق المستقيم .
    وتابع يقول : لقد نقل الأستاذ الزرقاء الفقه الإسلامي بخطوة واحدة جبارة من العصر العباسي إلى عصرنا الحديث ، فإذا هذا الفقه الغني القوي الذي كان ملتفاً في ثوبه العتيق القديم يخرج على الناس في ثوبه الجديد فتياً مشرقاً يزاحم الفقه كله بمنكبيه ، ويعلن للناس أن فقه الإسلام هو الفقه ، وأن شريعته هي الشريعة ، وأن ما اختاره الله للناس هو الخير كل الخير للناس لو كانوا يعلمون .
    وكتب الدكتور منير العجلاني عنه فقال : لم ينسج الزرقاء على منهاج من سبقوه من شراح مجلة الأحكام الشرعية ، والتي كانت تمثل القانون المدني العثمانـي القديم ، الذين جعلوا الفقه ( فتاوى ) و( قضايا ) و ( جزئيات ) وإنما حاول أن يدرس المجلة كما يدرس الأساتذة الفرنسيون في كلية الحقوق بباريس مادة القانون المدني ، فجمع من أحكام القرآن الكريم والحديث النبوي الشـريف وآراء الفقهاء ، من مختلف المذاهب ، ما يؤلف نظريات عامة تشبه النظريات الأوربية الحديثة ، وقد وفق في محاولته توفيقاً كبيراً . فمن قرأ كتابه خرج منه بفائدتين : النظريات الفقهية الجديدة ، وله فضل إخراجها ، وآراء الفقهاء التي لخصت للقارئ ، فأغنته عن قراءة عشرات من كتب الفقه

    الزرقاء في المؤتمرات الدولية :
    كان الأستاذ الزرقاء يتقن اللغة الفرنسية تحدثاً وكتابة ، ويجيد اللغة الإنكليزية ، ويعرف شيئاً من اللغة الألمانية . وهذه المعرفة للغات الغربية ، إضافته إلى تفوقه العلمي قادته إلى حضور كثير من المؤتمرات العالمية ، وقد كانت له بصمات واضحة في نتائج تلك المؤتمرات ، نذكر منها ما يلي :
    1 ـ في عام 1937 م عقد في لاهاي عاصمة هولاندا ( مؤتمر الحقوق المقارنة ) وكان من نتائجه أن اتخذ المبادئ الثلاثة التالية :
    أ ـ اعتبار الشريعة الإسلامية مصدراً من مصادر التشريع العام
    ب ـ اعتبارها حية ، قابلة للتطور .
    ج ـ اعتبارها تشريعاً قائماً بذاته ، ليس مأخوذاً عن غيره .
    2ـ في 1948م انعقد في باريس ( مؤتمر المحامين الدولي ) ، وانتهى المؤتمر إلى إصدار التوصية التالية :
    اعترافاً بما في التشريع الإسلامي من مرونة ، وما له من شأن ، يجب على جمعية المحامين الدولية أن تقوم بتبني الدراسة المقارنة لهذا التشريع ، وبالتشجيع عليها
    3 ـ في عام 1951م عقدت شعبة الحقوق الشرقية من ( المجمع الدولي للحقوق المقارنة ) في كلية الحقوق من جامعة باريس للبحث في الفقه الإسلامي تحت اسم ( أسبوع الفقه الإسلامي ) برئاسة المسيو مِيّو MILLIOT أستاذ التشريع الإسلامي بجامعة باريس ، دعت إليه عدداً كبيراً من أساتذة كليات الحقوق العربية وغير العربية ، وكليات الأزهر ، ومن المحامين الفرنسيين والعرب وغيرهما ، ومن المستشرقين . وكانت المحاضرات والمناقشات كلها باللغة الفرنسية . وعند انتهاء المؤتمر صرح نقيب المحامين في باريس فقال بالحرف الواحد : أنا لا أعرف كيف أوفق بين ما كان يحكى لنا عن جمود الفقه الإسلامي وعدم صلوحه أساساً تشريعياً يفي بحاجات المجتمع العصري المتطور ، وبين ما سمعناه في المحاضرات والمناقشات مما يثبت خلاف ذلك تماماً ببراهين النصوص والمبادئ .
    وانتهى هذا المؤتمر بالتوصية التالية :
    إن المؤتمرين بناء على الفائدة المتحققة من المباحث التي عرضت أثناء ( أسبوع الفقه الإسلامي ) وما جرى حولها من المناقشات التي ظهر منها بوضوح تقرر :
    أ ـ أن مبادئ الفقه الإسلامي لها قيمة ( حقوقية تشريعية ) لا يمارى فيها
    ب ـ وأن اختلاف المذاهب الفقهية في هذه المجموعة الحقوقية العظمى ينطوي على ثروة من المفاهيم والمعلومات ، ومن الأصول الحقوقية ، هي مثار الإعجاب ، وبها يستطيع الفقه الإسلامي أن يستجيب لجميع مطالب الحياة الحديثة ، والتوفيق بين حاجاتها .
    وإذا كان لنا من تعليق على هذه النتائج الرائعة التي ترفع الرأس فنقول : إن الفضل ، كل الفضل ، لأولئك الذين نذروا أنفسهم ، من أمثال الأستاذ الزرقاء وإخوانه العلماء الفطاحل الأفذاذ الكبار ، والذين يستحقون منا أن نحيي ذكراهم ، وأن ننشر للأجيال الحاضرة والقادمة سيرتهم وأعمالهم وأفضالهم ، ونبين بكل الألسنة وبكل وسائل النشر والإعلان ما قدموا لخدمة هذه الشريعة الغراء ، و كيف أجبروا علماء التشـريع والقانون في العالم إلى الاعتراف بالشريعة الإسلامية مصدراً أساسياً من مصادر التشريع العالمية .
    الزرقاء بين فقهاء المسلمين وعلمائهم :
    في الستينيات من هذا القرن أقيم في دمشق ( أسبوع الفقه الإسلامي ) وقد حضره فقهاء كثيرون من مختلف بقاع العالم الإسلامي ، وكان منهم الأستاذ الزرقاء والشيخ محمد أبو زهرة ، والدكتور مصطفى السباعي ـ يرحم الله الجميع ـ . وكان فارسا المؤتمر في هذا الأسبوع الفقهي الزرقاء وأبو زهرة ، وفي إحدى المسائل الفقهية المعاصرة ، وقد تكون مسألة التأمين ، اختلف العملاقان اختلافاً كبيراً ، وانتصـر كل منهما لرأيه ، وراح يأتـي بالأدلة والبراهين ، ولم ينته الرجلان إلى اتفاق .
    وسئل الدكتور السباعي في جلسة خاصة عن سبب اختلاف العالمين ، ورأيه فيما قالا ، فقال : الأستاذ أبو زهرة مكتبة فقهية ، والزرقاء ملكة فقهية . وكأنه رحمه الله يعني أن الفرق كبير بين المكتبة والملكة ، ففي المكتبة عشرات أو آلاف المراجع المحفوظة والروايات المسجلة ، بينما الملكة هي أول أدوات المجتهد .
    ويحكي لنا الصديق الدكتور محب الدين أنه كان طالباً في كلية الشريعة بدمشق ، فالتقاه عميدها الدكتور مصطفى السـباعي ، فسأله : إلى أين أنت ذاهب الآن ؟ فقال: إلى منزل الشيخ أحمد الحارون . وهذا الرجل المبارك أحمد الحارون يحبه أهل دمشق جميعاً ، ويحبهم ، ويزوره عظماء العلماء من شتى بلاد المسلمين ، وكان من جملة زواره ومحبيه الشيخ الشربتلي ، الوزير السعودي السابق ، إذ كان كلما جاء إلى دمشق يبدأ بزيارته والسلام عليه ، ذلك أن الحارون ، يرحمه ، كان فقيراً ، بسيطاً ، متواضعاً ، تقياً ، وشبه مقعد . قال السباعي : وهل تعرف الشيخ الحارون ؟ قال التلميذ : وكيف لا أعرفه ووالدي ، يرحمه الله ، عرفني به ، وأوصاه بي ، وأمرني ألا أنقطع عن زيارته ، وأن آتيه كلما احتجت إلى شيء . قال الدكتور السباعي : إذن سلم لي عليه . وتابع السباعي يقول : هذا الرجل عجيب والله ، أذهب إليه أنا والأستاذ الزرقاء والشيخ محمد المبارك ، والشيخ منتصر الكتاني ، ونجلس عنده ، فيفتح لنا أموراً في العلم ، نحن لا نعرف كيف ندخل إليها . وفي مجلس الحارون نقلت إليه سلام أساتذتي . فقال: يابني ! هؤلاء الذين ذكرتهم قد يكون فيهم من لا يصلي صلا الضحى ، أو صلاة الأوابين ، ولكنهم فيما يدعون إليه من العلوم الإسلامية ، وما ينفعون به طلبة العلم والناس ربما كانوا أنفع من هؤلاء المصلين .
    الزرقاء والبنوك الإسلامية :
    كان يقال : إن التحدي الكبير للمسلمين ، وللفكر الإسلامي يتمثل في المعاملات الاقتصادية ، ويذكر أن أول من أشـار إلى هذه المشكلة ، ولفت الأنظار إليها الأستاذ أبو الأعلى المودودي ، يرحمه الله ، ورسم الطريق الذي يجب أن يسير عليه الاقتصاد الإسلامي ، والبنوك الإسلامية .
    كان الأستاذ الزرقاء من أكبر الدعاة إلى توجيه البنوك الإسلامية ، ووضع أنظمتها في ضوء الشريعة الإسلامية ، وكان ساعده الأيمن في ذلك ولده الدكتور محمد أنس الزرقاء المتخصص في الاقتصاد الإسلامي ، وهو اليوم أستاذ في كلية الاقتصاد الإسلامي في جامعة الملك عبد العزيز بجدة .
    هذه البنوك الإسلامية نهضت أول الأمر وقامت كتجربة ، وقد أصيب بعضها أول الأمر ، فتعثرت ، ثم توقفت ، لأنها لم تكن تملك الكوادر العلمية ، المؤهلة بالعلم الصحيح ، والثقافة الاقتصادية الإسلامية الصحيحة ، فكانوا يأتون بموظفين من البنوك العادية فتقع الأخطاء .
    لكن مع توالي الزمن ، ونشوء عدد من الكفاءات العالية ، المتخصصة في الاقتصاد الإسلامي صارت معاملة هذه البنوك من الصحة والعافية والاستقامة إلى حد كبير .
    زد على ذلك أن عدداً من البنوك العادية بدأت تخصص زاوية خاصة معينة لمن يريد أن يتعامل مع البنك وفق الشريعة الإسلامية .
    نضرب على ذلك مثلاً بالشيخ الراجحي ، صاحب المؤسسة المالية الضخمة في المملكة العربية السعودية ، والتي تتعامل مع معظم المؤسسات المالية العالمية ، ويشترك فيها آلاف المتمولين الحريصين على أن تكون معاملاتهم المالية ربحاً وخسارة وفق الشريعة الإسلامية .
    لقد أنشأ في مؤسسته مكتباً خاصاً سماه ( مكتب البحوث والدراسات ) وجعل على رأسه مصطفى الزرقاء ، وعينه مستشاراً دينياً لجميع المعاملات التي تجريها مؤسسته ، فكان نعم المستشار المؤتمن . ويذكرون أنه كان يسجل جواباً لإحدى الاستشارات المالية ، وحين انتهى من كتابة الجواب سقط القلم من يده ، وخر الزرقاء ميتاً . يرحمه الله .
    الزرقاء يحصل على جائزة الملك فيصل العالمية :
    منح جائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية عام 1404هـ تقديراً لإسهاماته المميزة في مجال الدراسات الفقهية ، ولكتابه ( المدخل إلى نظرية الالتزام في الفقه الإسلامي ) وهو الجزء الثالث من سلسلة الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد .

    الزرقاء في حفلات تكريمه في المملكة العربية السعودية :
    لقد أحب الشيخ مصطفى الزرقاء السعودية والسعوديين ، فبادلوه حباً بحب، وراحوا يكرمونه في ندواتهم ، واحتفالاتهم ، فما إن ترى ندوة رفيعة المستوى ، عالية المقام إلا والزرقاء مدعو إليها ، متصدر في مجالسها .
    في ندوة العالم والأديب والشاعر الدكتور راشد المبارك الأسبوعية
    والتي يعقدها في دارته في الرياض ، ويحضرها أكابر العلماء والأدباء ، ويضفي صاحب الدار عليهم كل الود والاحترام والتكريم والضيافة الباذخة ، اللائقة به وبضيوفه الكبار ، وفيها يظل السمر العلمي ، والأدب الرفيع ، والقصائد الملقاة حتى ساعات الفجر الأولى .
    والأستاذ الزرقاء عضو أصيل فيها ما دام في الرياض ، وكثيراً ما يطلب المنتدون منه بعض قصائده الغزلية ، وأشعاره في بعض المناسبات الطريفة ، فينشدهم ، ويقص عليهم القصص الممتع ، والنكات الحلوة . وكثيراً ما كانت تدور في هذا المنتدى البهيج أشعار وقصائد قديمة أو مشكلات نحوية ولغوية ، ويكون الزرقاء ابن بجدتها ، فيذكر القاعدة النحوية ، ويأتي بشواهدها ، أو يأتي بالقصيدة القديمة كأنه يقرأها من كتاب مفتوح بين يديه .
    وفي ندوة الشيخ عبد المقصود خوجة في جدة
    يكون للشيخ الزرقاء مكان الصدارة ، طالما هو في جدة . وإذا كان من عادة هذا الســيد الكريم أن يستضيف علماء بلده فيكرمهم ، إنه وسع الدائرة ، فجعل التكريم كذلك لعلماء العالم العربي والإسلامي ، فكان يخصص للمكرم ليلة كاملة ، يقدم له فيها لوحة مطرزة كستارة الكعبة الشريفة ، عليها اسمه ، وتاريخ تكريمه ، كما يقوم بطبع كتبه التي لم تطبع ، وتوزيعها بالمجان على نفقته ، . ولقد كرم هذا الوجيه الثري في إحدى أمسياته الشيخ الزرقاء خير تكريم ، وأظهر للناس أن هذا العالم الفذ لم يكن فقيهاً فحسب ، وإنما هو شاعر من الطراز الأول .
    وفي ندوة الشيخ عثمان الصالح بالرياض :
    الشيخ عثمان الصالح رجل يعرفه الناس جميعاً في قلب المملكة وخارجها ، فهو شاعر مبرز ، وكاتب معروف ، وقبل كل هذا فقد كان مدير مدارس الأنجال بالرياض . وهذه المدارس أنشأها المغفور له الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود لتعليم أبنائه الأمراء وأبنائهم .. فكل أمير من أبناء عبد العزيز دخل مدارس الأنجال ، وتعلم فيها ، وكان مديره الشيخ عثمان الصالح . لذلك فكل الأمراء يحبونه حب والد ، ويحترمونه احترام معلم .
    هذا الرجل الفاضل له دارة في الرياض ، يعقد فيها يوم الثلاثاء في كل أسبوعين ندوة ، يحضرها من أحب من شداة الأدب ، ومحبي الشيخ عثمان . وغالباً ما تخصص الندوة النصف شهرية لعالم من العلماء ، أو أديب من الأدباء ..
    ويشاء الله أن تكون آخر ندوة العام الحالي مخصصة لتكريم الأستاذ مصطفى الزرقاء ، لا على اعتباره عالماً كبيراً من علماء المسلمين فقط ، بل على كونه شاعراً مبدعاً ، له ديوان شعري كامل .
    كان عريف الحفل يومذاك الدكتور عبد القدوس أبو صـالح ، فقد عرّف الحضور به أجمل تعريف ، والأستاذ الزرقاء ليس بحاجة إلى مثل هذا التعريف ، ولكنه أدب المجالس ، وحق العلماء ، وواجب الطلبة والمحبين
    ليلة يصفها الذين حضروها من أمتع الليالي ، ومر الزمن ولم يشعر أحد من المنتدين بالوقت ، والأستاذ الزرقاء ينشد القصيدة تلو القصيدة عن ظهر قلب ، وكأنه يقرأ من ديوان بين يديه ..
    وصاحب الدار يملأ الجو بهجة ، ويعلق بين الفينة والفينة بتعليقات طيبة ، وينتصف الليل ويمتد ، ويقترب الفجر ، والجميع نشاوى بالشعر الجميل ، والمجلس الطيب ، والترحيب الكبير .
    من آثاره الأدبية والعلمية :
    1. أحكام الأوقاف
    2. في الحديث النبوي
    3. الاستصلاح والمصالح المرسلة في الفقه الإسلامي
    4. الفعل الضار والضمان فيه
    5. نظام التأمين ، والرأي الشرعي فيه
    6. الفقه الإسلامي ومدارسه ( بتكليف من منظمة اليونسكو )
    7. رسالة بعنوان : عظمة محمد مجمع العظمات البشرية
    8. عقد الاستصناع وأثره في نشاط البنوك الإسلامية
    9. صياغة شرعية لنظرية التعسف في استعمال الحق
    10. المدخل الفقهي العام ج1+2
    11. مجموعة فتاوى الشيخ مصطفى الزرقاء
    يرحم الله الشيخ مصطفى الزرقاء ، ويرحم العلماء العاملين ، وجزاهم عن الإسلام والمسلمين بما يستحقون . إنه سميع مجيب .


    حلب الشهباء الدكتور بكري شيخ أمين
    8ربيع الثاني 1420هـ
    21تموز 1999م
    عنواني
    المكتب 2124266 21 00963
    الجوال 664752 94 00963
    إيميل
    sheikha@scs-net.org
    أمينة أحمد خشفة
    رد مع اقتباس  
     

  2. #2 رد: العالم الذي رحل 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية احمد خميس
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    الدولة
    مصر
    العمر
    61
    المشاركات
    294
    معدل تقييم المستوى
    18
    رد مع اقتباس  
     

  3. #3 رد: العالم الذي رحل 
    مشرف
    تاريخ التسجيل
    May 2006
    المشاركات
    2,180
    معدل تقييم المستوى
    20
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد خميس مشاهدة المشاركة

    أشكرك يا أخي الكريم
    أحمد خميس
    على هذه الصورة , والدعاء الكريم
    أمام صفحة هذا العالم الكبير الذي رحل
    ولم يرحل علمه وأدبه
    بل سيبقى راسخا في أذهان كل من أراد أن يعلم كيف له أن يكون فاعلا لأمته
    أمينة أحمد خشفة
    رد مع اقتباس  
     

  4. #4 رد: العالم الذي رحل 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية احمد خميس
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    الدولة
    مصر
    العمر
    61
    المشاركات
    294
    معدل تقييم المستوى
    18
    رد مع اقتباس  
     

  5. #5 رد: العالم الذي رحل 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد خميس مشاهدة المشاركة
    سلام الله عليك أخي أحمد خميس

    لا أدري من سن هذه السنة في المربد؟؟!!
    وهي الرد بصورة, فهي تحمل من الجفاء لصاحب الموضوع الكثير

    لتكن الحيوية سمة لحرفنا في كل رد وكل موضوع
    حياك الله

    رد مع اقتباس  
     

  6. #6 رد: العالم الذي رحل 
    مشرف
    تاريخ التسجيل
    May 2006
    المشاركات
    2,180
    معدل تقييم المستوى
    20
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طارق شفيق حقي مشاهدة المشاركة
    سلام الله عليك أخي أحمد خميس


    لا أدري من سن هذه السنة في المربد؟؟!!
    وهي الرد بصورة, فهي تحمل من الجفاء لصاحب الموضوع الكثير

    لتكن الحيوية سمة لحرفنا في كل رد وكل موضوع
    حياك الله

    أشكرك أخي طارق
    على هذا التنبيه
    وأتمنى أن يلتزم به كل أهلنا في المربد

    ونحن نقول لا مانع من الصورة , ولكن لتكن معها إضافات متميزة , وردود
    حتى ولو كانت نقدا
    فهذا لن يعيبنا بل سيدفعنا لأن نتجاوز الأخطاء والهفوات

    فألف شكر أخي طارق
    أمينة أحمد خشفة
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. هو الذي كان قد سمع الصوت
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05/11/2012, 09:31 PM
  2. قلت الذى لدىَّ
    بواسطة عطاء في المنتدى أدب الجملة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 03/01/2011, 11:59 AM
  3. الكائن الذي..
    بواسطة خليد خريبش في المنتدى الرسائل الأدبية
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 08/03/2009, 01:18 PM
  4. الطائر الذي لم يعد
    بواسطة الحمري محمد في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 22/04/2008, 09:08 PM
  5. هو الذي كان قد سمع الصوت
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 11/01/2007, 12:13 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •