ديالى تستغيث ولا مغيث


سجل التاريخ الأوروبي بالدماء في حروبه القديمة مقولة أن: بريطانيا لا تقاتل إلا لآخر جندي فرنسي، ويعني ذلك استعمال الإنجليز وتسخريهم للفرنسيين في تنفيذ مخططاتهم، يدفعون بهم إلى الواجهة، ويتمترسون خلفهم حتى يفنى الفرنسيون، ثم بعد ذلك يأتي دور الجندي البريطاني..
واليوم وبعدما حمل المستعمرون للشعب الهندي في القارة الأمريكية مفاهيمهم وأفكارهم تبنى الكوكتيل المسيخ في الولايات المتحدة الأمريكية نفس المقولة وطبقها عمليا، ولكنه لا يستعملها ويطبقها على الشعب البريطاني لأن هذا الأخير بحكوماته المتعاقبة عند الاستقراء يتبين أنها هي التي تدفع بأمريكا لتنفيذ مخططاتها في منطقنا تحديدا؛ وفي العالم أجمع، وليس العكس، وهي وإن حظيت بأقل مما تحظى به الولايات المتحدة الأمريكية من غنائم في عمليات الاحتلال والسرقة والسطو على خيرات الشعوب ومقدراتها، إلا أنها لا تخرج بحصة الضبع أو الذئب أو الثعلب.. بل تحظى بحصة النمر وهي حصة كبيرة مقارنة مع حصة الضبع والذئب والثعلب..
وفي هذه اللحظات لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية في العراق بديالى تقتل وتحاصر وتجوع الشعب العراقي، قتلت المئات بحسب ما تنشره وكالات الأنباء ولم تزل، وفي خضم ذلك تتبع أعمالها بتغطية إعلامية خبيثة مفادها محاربة الإرهاب والقاعدة، وما هي إلا محاربة لكل من يرفض مخططاتها والسير معها والانصياع لها والانبطاح لقدمها من القوميين والوطنيين والشيوعيين والإسلاميين والمسيحيين، وعند هذه النقطة وجب التوقف قليلا، فمن يتقدم الجندي الأمريكي في بلادنا اليوم، وفي عراقنا الذبيح وَيْهْ؟
لا يتقدم الجندي الأمريكي في العراق الجندي الفرنسي بطبيعة الحال، لأن الفرنسيين وعوا على واقع الجشع الأمريكي ودجل راعية الإرهاب المقنن، وإرهاب الدولة فيما تفعل، وهم لا يسيرون معها كما كانوا يسيرون مع بريطانيا عند طفولتهم السياسية، بل يتقدمه الجندي العراقي البئيس، ومرتزقة شركات خصخصة الحروب ..
واللافت أن العملية قد سبقت بأحداث أخرى منها قتل المدنيين في أفغانستان بالأمس بحجة مطاردة طالبان والقاعدة، وادعاء وجود سيارة مفخخة، ومتفجرات في مطار غلاسكو ببريطانيا.. وسنسمع ما يشبه هذا في إسبانيا دون إدخال منظمة إيتا الانفصالية فيه لأن هذه الأخيرة لن تسكت على اتهامها بشيء لم تفعله، والمخابرات الإسبانية ليست في الصف الابتدائي الأول في تعلم فنون الاستخبارات حتى تقوم بتمثيلية تخرجها على شكل تمثيلية ذهب مثلا أو غيرها من التمثيليات التي قامت في مسرح الأردن وتونس والجزائر.. سنسمع في الأيام القليلة المقبلة أخبارا عن مسرحيات خسيسة تنفذها وكالات الاستخبارات في أوروبا وإفريقيا وآسيا وتنسبها للإسلاميين والحركات التحررية والمقاومة.. كل ذلك يصب في إشعال الحرائق وتركها مشتعلة لتحقيق أهداف على حساب مجازر رهيبة تمنع التحرك للتنديد بها، وذلك بتصوير الأحداث على أنها حرب على الإرهاب حتى تنوم الشعوب الأوروبية والشعب الأمريكي أولا لأنها شعوب ضاغطة تؤثر بالرأي العام في حالتما إذا قامت بالتنديد والمظاهرات، وتنويم الشعوب العربية المنومة أصلا من طرف حكامها حتى لا تنهض هي أيضا لعمل شيء ما ثانيا..

ـــــــــــــــــــــــــــ

محمد محمد البقاش
طنجة في:
1 يوليو 2007