الرد على الموضوع
صفحة 4 من 6 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 6 الأخيرةالأخيرة
النتائج 37 إلى 48 من 71

الموضوع: النص الكامل لكتاب «أغنيــــــــــــات / نصوص سردية قصيرة »، للروائي محمد جبريل

  1. #37 رد: النص الكامل لكتاب «أغنيــــــــــــات / نصوص سردية قصيرة »، للروائي محمد جبريل 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    * هيلا ليصة *

    .......................

    أنزل من الأوتوبيس فى محطة ستانى بالورديان . الصباح ضبابى ، خريفى ، ينذر ببرودة ، وأنفاس البحر : رائحة اليود والملح والطحالب والأعشاب ، تترامى من وراء الشون والمخازن . تساقطت أوراق الشجر المصفرة ، الجافة ، على الأرض . وإلى جانب الرصيف حصان مد خطمه فى مخلاة التبن الملقاة أمامه ، تناثرت بقاياها فى دائرة واسعة حولها ..
    أميل إلى الشارع المسفلت ، فى نهايته سور حجرى يطل على الميناء ، ويصل بين شون الغلال على جانبى الشارع . العصافير تشكل غيمة صوتية وهى تتسلل ـ لالتقاط القمح ـ من الأسقف المفتوحة ..
    تطول وقفتى أمام كشك الشاى المستند على السور الحجرى . تتزايد أعداد العمال فيشكلون ما يشبه نصف الدائرة حول الكشك ، وفى أيديهم أكواب الشاى ..
    فى السابعة تماماً ، يبدو خليل أفندى قادماً من أول الشارع . يولج المفتاح فى القفل الضخم ، ويتشارك العمال فى دفع الجرار الحديدى ، ويسبقنا خليل أفندى فى الدخول ..
    أدركت منذ أول أيام عملى فى الشونة أن القصد مجاملة ابن عم أبى محمد على جبريل رئيس قلم القضايا فى بنك التسليف . لم أكن أمارس عملاً ما ، ولم تصدر لى توجيهات لأنفذها . طلب خليل أفندى أن أراقب العمال وهم ينقلون أجولة الغلال من السيارات إلى داخل الشونة ، يرصونها فى بلوطات أشبه بالمربعات الهائلة ..
    بعد عشرة أيام ، صحبنى خليل أفندى إلى تقاطع ، وقال :
    ـ أنت معنا فى إجازة الصيف ..
    أومأت برأسى دلالة الموافقة ..
    قال :
    ـ أخشى أنك لا تراقب العمال كما يجب !
    وأنا أغالب الحيرة : كيف أراقبهم ؟
    وهو يهز إصبعه :
    ـ أبلغنى بكل ما تراه من تقصير ..
    عدت إلى وقفتى وسط العمال . أراقب حركتهم بين السيارات والشونة ، وأستمع إلى أغنياتهم التى تبدأ بالهتاف : هيلا ليصة ، ويغيب عنى الكثير من مفرداتها ، وإن اتسمت بأنغام محملة بالحزن والحنين . تجتذبنى اللحظة بكل شجوها . أنسى ملاحظة خليل أفندى ، فلا يشغلنى من يلتمس الراحة داخل أزقة البلوطات المتقاطعة ، أو يفرد طعامه ، أو تتلكأ خطواته ..
    شاركت العمال أداء أغنياتهم .
    رد مع اقتباس  
     

  2. #38 رد: النص الكامل لكتاب «أغنيــــــــــــات / نصوص سردية قصيرة »، للروائي محمد جبريل 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    * النيل *
    ..........

    القصيدة مودعة فى ذكريات الصبا الباكر . لا أذكر ـ بالطبع ـ متى استمعت إليها للمرة الأولى ، لكن الذى أذكره جيداً ، أنى كنت أحفظ أبياتها ، حين وجدتها ضمن أبيات القصيدة كاملة فى " المحفوظات " المقررة ضمن مواد المرحلة الثانوية ..
    لامست موضعاً رهيفاً داخلى ، فأحببتها . أمرنا المدرس بكتابة موضوع إنشاء نحدد موضوعه بأنفسنا . اخترت ـ بلا تردد ـ قصيدة شوقى . تحدثت عن أم كلثوم ـ لم أكن أعرف معنى الأداء بعد ـ وتحدثت عن اللحن . لولاه ما تغلفت الأغنية بنورانيتها ، وإن كنت تأخرت كثيراً قبل أن أعرف اسم الملحن : رياض السنباطى . تحدثت كذلك عن تأثير الأبيات فى نفسى ، ما وهبته لى من صور هطول الأمطار على رءوس الجبال فى الحبشة ، الفيضان ، احتفالات عروس النيل ، الوادى ، الخضرة . منابع النيل تبعد عن مصر آلاف الكيلو مترات ، لكن النيل ظاهرة مصرية . حتى مقولة هيرودوت " مصر هبة النيل " ـ رغم قسوتها ـ تضغط على هذه الظاهرة ، وتؤكدها . يأتى الحديث سريعاً عن بلاد ومدن وقرى يقطعها النيل فى رحلة المنبع والمصب .. لكن الحديث يتباطأ حين يشرف على المدن المصرية ، بدءاً بالشلالات وانتهاء بعناق البحر المتوسط ..
    أعجب المدرس ـ اسمه فيما أذكر الأستاذ عبد العليم ـ بما كتبت ، ومنحنى الدرجة النهائية . أزمعت أن أكتب ـ فى قادم الأيام عن النيل من خلال هذه الأغنية ، شعر شوقى ولحن السنباطى وأداء أم كلثوم . كانت حرفة الأدب تناوشنى ، وإن لم تدركنى تماماً . وكانت تنويعات القراءة تتجاذبنى ، فلم أستقر على اللون الأدبى الذى أخوض مغامرته ..
    فى حياتى الكثير من المشروعات المؤجلة .
    رد مع اقتباس  
     

  3. #39 رد: النص الكامل لكتاب «أغنيــــــــــــات / نصوص سردية قصيرة »، للروائي محمد جبريل 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    * على قد الشوق *

    ......................



    حين دخلت سينما الأهلى بالسيدة زينب ، لمشاهدة فيلم " لحن الوفاء " ، كان بينى وبين عبد الحليم حافظ تاريخ مشترك . استمعت إلى اسم عبد الحليم ـ للمرة الأولى ـ فى مسرح الأزاريطة بالإسكندرية . صديق لأبى دعاه إلى حفل من بين فقراته المطرب الجديد عبد الحليم حافظ . كان أبى مشغولاً بقراءاته وترجماته ، فرشحنى بدلاً منه ..
    صحبت صديق أبى إلى المسرح . تابعت الفقرات . أذكر منها راقصة اسمها هيرمين ، رافق أداءها صراخ من جمهور الصفوف الأمامية وتأوهات وقذف بالورود وتصرفات أخرى أذهلتنى . عرفت ـ من حوار بين أبى وصديقه ـ أن متعهد الحفلات الحاج صديق ، أعاد عبد الحليم إلى القاهرة ، لأنه ـ على حد تعبيره ـ لا يريد أغنيات من نوع " أيها الراقدون تحت التراب" . يقصد أغنية " ظالم " التى أعتبرها من أجمل أغنيات عبد الحليم . استجاب الرجل لاستياء الجمهور وزياطه ، فمنع عبد الحليم من مواصلة الغناء . غنى ـ بدلاً منه ـ كارم محمود بصوته الحلال ـ الصفة للشيخ زكريا أحمد ـ ورقصت هيرمين على أغنيات : سمرة يا سمرة .. وعينى بترف .. وأمانة عليك يا ليل طوّل .. وغيرها ..
    لم يذهب عبد الحليم من بالى . استمعت إلى أغنياته : على قد الشوق ، صافينى مرّة ، بتقولى بكرة ، ظالم ، يا مواعدنى بكرة . اعتبرته مطربى المفضل ، وأثمرت متابعتى لمشواره الحياتى والفنى ، دراسة مطولة نشرتها فى " الخليج " الإماراتية عن شاب مصرى ، شكلت حياته ـ منذ الميلاد إلى الممات ـ مأساة كاملة ..
    المهم ، دخلت السينما ، يدفعنى الإعجاب بعبد الحليم حافظ . وجدت فى تصفيق رواد السينما لمقدمة على قد الشوق ، كأنه موجه لى . هذا هو المطرب الذى أشفقت عليه لما طرده متعهد الحفلات من الأزاريطة ، ثم أحببت صوته فى الأغنيات التى أداها من كلمات سمير محبوب وألحان الموجى والطويل ..
    ظللت متابعاً لعبد الحليم ، فناً وسيرة حياة . حتى قرأت نبأ وفاته على وكالات الأنباء ..
    كنت ـ أيامها ـ أحرر جريدة " الوطن " العمانية . وكانت أغنيات عبد الحليم ممنوعة من الإذاعة والتليفزيون . عرفت أن المسئولين فى السلطنة عرضوا عليه أن يغنى فى عيد ميلاد السلطان ، فاعتذر . عاقبوه بمنع أغنياته !..
    اتصلت بمكتب وزير الإعلام . من السخف أن أهمل نبأ وفاة مطرب فى قامة عبد الحليم . تلقيت الموافقة قبل أن أرسل مواد الجريدة إلى المطبعة بدقائق : فلتكن المرة الأولى والأخيرة ..
    لكن التحقيق الذى أفردت له الصفحة الأخيرة كان انفراجة الباب . ثم أصبح عبد الحليم حافظ مادة ثابتة فى وسائل الإعلام العمانية .
    رد مع اقتباس  
     

  4. #40 رد: النص الكامل لكتاب «أغنيــــــــــــات / نصوص سردية قصيرة »، للروائي محمد جبريل 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    * النيل نجاشى *

    حدثتك عن أغنية " النيل " التى تمنيت ـ فى صباى ـ أن أكتب عنها ، أعبر عن حبى لها على مستوى الكلمات واللحن والأداء . كانت الفكرة تشغلنى ـ أحياناً ـ فتجاوز مجرد نيل شوقى والسنباطى وأم كلثوم ، إلى نيل ثان ، وثالث ، إلى آخر الأغنيات التى تتحدث عن النيل . وكنت أحبها جميعاً . حتى أغنية " يا تبر سايل بين شطين " الساذجة الكلمات ، الجميلة اللحن والأداء ، أحببتها ، وكنت أرددها بينى وبين نفسى ..
    الأغنية التى صعب على فهمها ـ لا أتقبل أغنية ما إلا إذا فهمت كلماتها ، وتقبلتها ـ هى أغنية شوقى ، لحن وأداء عبد الوهاب " النيل نجاشى .. حليوة أسمر " . وصلتنى الكلمات بمعنى مغاير . تصورت أنها تتحدث عن الفيضان . النيل ما جاشى .. فهل الإطراء ، وأنه حليوة أسمر ، حتى يأتى بالماء والطمى والحياة للأرض المصرية ؟
    لم أفهم المعنى تماماً ، وأهملت الأغنية . لم أقرر حتى إن كانت ستدخل ضمن مشروعى للكتابة عن النيل من خلال أغنية أم كلثوم الشهيرة ، وما يتصل بها من أغنيات تتحدث عن النيل ..
    ويوماً ، تحدث أبى عن الحب الذى كان يضمره ـ ويعلنه ـ شوقى لعبد الوهاب ، والذى أملى عليه أن يتخلى عن تخوفه من عامية بيرم التونسى ، فيكتب لعبد الوهاب أغنيات بالعامية ، منها هذه الأغنية التى أسقطتها ..
    ماذا ؟..
    النيل نجاشى !..
    الكلمات إذن عن النجاشى ، الملك ، السلطان .. وليست عن الغائب الذى نسر فى تدليله حتى يعود !
    أعدت تأمل الأغنية : الكلمات .. اللحن .. الأداء . بدا لى إهمالها أشبه بحكاية الثعلب الذى تطلع إلى التقاط العنب . فلما أعياه العجز ادعى إنه حصرم ..
    أحببت النيل نجاشياً !
    رد مع اقتباس  
     

  5. #41 رد: النص الكامل لكتاب «أغنيــــــــــــات / نصوص سردية قصيرة »، للروائي محمد جبريل 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    * صافينى مرة *

    ................



    تعرفت إليه فى ناصية شارعى رأس التين وفرنسا . شاب فى حوالى الثلاثين . بيضاوى الوجه ، أبيض البشرة ، له عينان زرقاوان ، دائمتا التلفت . ينسدل شعره الذهبى على قفاه ، تتطاير خصلات منه ، فيزيحها براحته إلى الوراء ..
    سألنى عن عنوان شركة قريبة . اتصل الحديث ، فصرنا أصدقاء .اسمه ديمترى ـ هو نفسه أحد شخصيات روايتى الشاطئ الآخر ـ تعرفت منه إلى ناظم حكمت وكفافيس وغيرهما من الشعراء الذين لم أكن قرأت لهم من قبل . ولم يكن فى قراءاتى ما أقدمه له سوى ما حفظته من كتب التراث ..
    فاجأنى ديمترى بلغة عربية تداخلت بألفاظ أجنبية ، بأنه يحفظ أغنية عبد الحليم حافظ " صافينى مرة " . أدى الأغنية ، وحاكى موسيقاها بالدندنة ..
    صحبنى ديمترى إلى عوالم جميلة من السرد والتشكيل والغناء ، فأحببت صداقته ، وتصورته صديقاً أبدياً . فلما فاجأنى بالزقاق المظلم فى حياته [ أذكرك بالشاطئ الآخر ] قررت أن أمضى ـ بعيداً عنه ـ فى الشوارع الفسيحة ، المنيرة ..
    رد مع اقتباس  
     

  6. #42 رد: النص الكامل لكتاب «أغنيــــــــــــات / نصوص سردية قصيرة »، للروائي محمد جبريل 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    * عشق الروح *

    .................



    واربت الباب ، فدخلت ..
    فى حوالى الخامسة والعشرين . ترتدى فستاناً ضيقاً ، عليه نقوش مستديرة ، ملونة . أهملت إغلاق الزرار العلوى ، فظهر من صدرها ما أغرانى بالتحديق . سمراء البشرة . عيناها سوداوان ، مكحولتان . عقصت شعرها فى جديلة ألقتها خلف ظهرها . لردفيها الممتلئين استدارة واضحة ، تختلف مع الضمور النسبى للخصر وأعلى الصدر ..
    تعرفت إليها فى أشهر إقامتى بالسيالة . التقينا ـ للمرة الأولى ـ عند عم عبد المعطى مكوجى الرجل على ناصية شارعى العوامرى والسيالة . اجتذبتنى الحياة فى الحى الشعبى بناسه وتجاره وحرفييه وسلوكيات حياته . أمضى الساعات متأملاً انحناءة عم عبد المعطى على مكواة الرجل ، فصاله مع الزبائن ، تبادله النكات مع أصحاب الدكاكين المجاورة ، تعليقاته المرحة على ذوات الملاءات اللف والبسمات المحرضة ..
    طلب شهادتى فى قيمة كى الملاءة . ذكرت ما اعتدت سماعه منه ، وهو يعد أنواع الملابس . اتجهت ناحيتى بسؤالها . أجبت بما أعرفه ..
    التقينا بعيداً عن بحرى .
    سرنا فى منطقة السلسلة ، والشوارع المتفرعة من محطة الرمل ، وحدائق الشلالات [ قبلتها تحت ظل شجرة ] والشوارع المحيطة باستاد البلدية ..
    كنت ـ آنذاك ـ مفتوناً بروايات محمد عبد الحليم عبد الله . وجدتها امتداداً جميلاً لروايات المنفلوطى التى قرأتها فى مكتبة أبى . كلمتها عن التسامى فى الحب ، وعن يتمى الباكر فأنا أريد فى حبيبتى عاطفة أمومة . وكلمتنى عن زوجها البحار . حياته كلها فى البحر . حتى فى أيام إجازاته ينشغل بأصدقائه وقعدات قهوة الزردونى ..
    أستعيد الآن ملامحها وهى تغالب التوتر :
    ـ أنا فى حاجة إلى رجل !
    شردت فى المعانى الجميلة ، وقلت :
    ـ أنا أيضاً فى حاجة إلى حبيبة لها قلب الأم ..
    ودندنت برومانسية ساذجة ـ كأنى أغنى لنفسى ـ :
    وعشق الروح مالوش آخر لكن ده عشق الجسد فانى
    كان ذلك آخر لقاءاتى بالمرأة . لم تعد تتردد على دكان عم عبد المعطى ، ولا رأيتها فى شوارع بحرى ..
    غابت عن حياتى تماماً .

    رد مع اقتباس  
     

  7. #43 رد: النص الكامل لكتاب «أغنيــــــــــــات / نصوص سردية قصيرة »، للروائي محمد جبريل 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    * يمامة بيضة *

    ....................



    يتناهى الصوت الأنثوى الرائق بكلمات الأغنية التى لم أكن استمعت إليها من قبل :
    يمامة بيضة ومنين أجيبها طارت يا عينى عند صاحبها
    الباب مغلق . أكتفى بتصور الفتاة ـ أو المرأة ـ التى تنشر الغسيل فى السطح ، وتغنى ..
    حين تسلمت مفتاح الغرفة ، أوصانى الريس بركات شيخ الصيادين ، وصاحب البيت ، أن الزم الحجرة ، فلا أغادرها إلا لضرورة . تحددت الضرورة فى عودتى إلى الغرفة ، وخروجى منها ، واستعمال دورة المياه الملاصقة لها ..
    دفعنى الفضول للتظاهر بأنى أتجه إلى دورة المياه . طالعتنى بقامتها القصيرة ، وعينيها اللامعتين الواسعتين ، يعلوهما حاجبان أسودان ، طويلان ، والأنف الأقنى ، الصغير ، والجلابية القصيرة ، المشمرة عن ساعديها .
    اتجهت عيناى ـ بادعاء الخجل ـ إلى الناحية المقابلة ـ وإن تأكدت ـ من النظرة السريعة ـ أن الفتاة ـ التى لا تتجاوز الثامنة عشرة ـ فائقة الجمال ..
    تكرر خروجى ، ودخولى ، من باب الحجرة . أضفت إلى جرأتى صوت هامس :
    ـ مساء الخير ..
    شجعنى ردها ، فمالت عيناى عن اتجاهها الجانبى ، ونظرت إليها ..
    ساعدتها ـ فى الأيام التالية ـ على رفع " القروانة " بالغسيل الذى جف فوق المنشر . ثم سألتنى فيما لا أذكره ..
    انفرج باب الصداقة الموارب . تحدثنا فى أحوال السيالة والصيادين وعمال البحر ومعلمى حلقة السمك . امتدت أحاديثنا ، فلامست الحب . وبدت لى جريئة ..
    ذات أصيل . غادرت الحجرة على تناهى الصوت . كانت الفتاة مشغولة فى لم الثياب . وكان قرص الشمس قد سقط فى أفق الأمواج بالأنفوشى ، واختفى تماماً . لم يعد إلا تداخلات الألوان وهى تذوب فى رمادية شاحبة ..
    لا أدرى ما الذى حرضنى على تعرية أسفل جسدى ، والرنو إليها بنظرة محرضة ..
    داريت نفسى ـ فى اللحظة التالية ـ وأنا أعانى الذهول للبكاء الذى انخرطت فيه الفتاة ، وجريها نحو باب السطح ، فلا تصعد إليه ثانية !
    رد مع اقتباس  
     

  8. #44 رد: النص الكامل لكتاب «أغنيــــــــــــات / نصوص سردية قصيرة »، للروائي محمد جبريل 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    * أهواك *

    ............

    بدت مختلفة عن كل الفتيات اللائى تصورت ـ وربما تصورن ـ أن العلاقة الخاصة فى أفق البحر . لم تكن جميلة ، ولعلها كانت أقرب إلى الدمامة ، فعيناها مشروطتان ، وشعرها مجعد ، وثمة ما يشبه الشارب الخفيف فوق شفتيها ..
    شدنى انسحابها ـ بالخجل ـ من النافذة المطلة على عم عبد المعطى مكوجى الرجل فى ناصية شارعى السيالة والعوامرى ..
    كنت ـ لبواعث أسرية حدثتك عنها من قبل ـ قد استأجرت غرفة فوق سطح بيت بين البيوت القديمة المتلاصقة ، داخل الحوارى الملتوية والمتعرجة والمتقاطعة . أمضى الوقت فى المذاكرة ، وأطرد إحساسى بالملل ، أو أنشد الصداقة فى بيئة لم يسبق لى الحياة اليومية فيها . تعرفت إلى دقائق المهن المتصلة بركوب البحر : الصيد وصناعة السفن ، وغزل الشباك ، وبيع السمك ، والعمل فى الحلقة ، وفى الدائرة الجمركية . أفدت من ذلك كله فى أعمالى التى تناولت الصلة بين اليابسة والبحر
    لاحظت نظرتها المتسللة من خصاص النافذة . شدنى انسحابها بالخجل ، فنقلت ملاحظتى إلى عم عبد المعطى ..
    قال فى هدوء وجدية :
    ـ عفاف .. لا .. دى غير كل البنات !
    حرصت أن ألتقط طرف خيط الكلام عن عفاف بين خيوط أحاديثنا المتشابكة . نشرق ونغرب فى مناقشات بلا ضفاف ولا آفاق . أعاود إلقاء الطراحة ، ربما تصيد ولو سمكة وحيدة تتصل بسيرتها . نفض عم عبد المعطى اليد الخشبية للمكواة بقدمه الحافية ، واعتدل فى وقفته ، وأسند ظهره إلى ساعده ، وتنهد :
    ـ البنت دخلت مخك .. هل تريد التقدم لخطبتها ؟
    أضاف دون أن يعبأ بالدهشة التى ملأت وجهى :
    ـ إنها مثل ابنتى .. أستطيع أن أقنعها بلقائك ليتعرف كل منكما إلى الآخر ..
    سبقتها حين اقتربت من أول شارع السيالة . مضيت ـ بحيث ترانى ـ فى شارع الموازينى ، إلى رأس التين ، فشارع الميدان . التفتّ نحوها ـ للمرة الأولى ـ مسلّماً فى ميدان المنشية . غلبنا الارتباك ، فلم نجد ما يتيح لنا الكلام ، والسير المتمهل ..
    لم أكن أعرف كيف يتكلم الحبيبان ، من يسأل ، ومن يجيب ، مدى الأفق فى حديثهما ، بل إنى لم أكن أعرف الفوارق البيولوجية بين المرأة والرجل . طاقتى الجنسية أنفقها فى ممارسة العادة السرية ، ترافقها صور أتمثلها ، وأتخيلها ، وأستدعيها من الذاكرة ..
    ترامى من المقهى المطل على الميدان صوت عبد الحليم حافظ :
    أهواك واتمنى لو أنساك ..
    قلت :
    ـ أغنية جميلة ..
    قالت :
    ـ فعلاً ..
    ـ تحبين عبد الحليم حافظ
    هزت رأسها مؤمّنة ..
    وأنا أشير إلى الكراسى المتناثرة فى حديقة المنشية :
    ـ هل نجلس ؟
    ـ لا .. أريد أن أعود إلى البيت ..
    ـ لكننا لم نتكلم ..
    فى حسم :
    ـ بل تكلمنا ..
    طالعنى عم عبد المعطى فى عودتى إلى السيالة بوجه يعلوه الاستياء :
    ـ ضيّعت فرصة عمرك .. البنت للزواج لا للفسحة !
    رنوت إلى النافذة المطلة على الدكان . فلما ظلت النافذة مغلقة ، أهملت الأمر ، وتناسيته ..

    رد مع اقتباس  
     

  9. #45 رد: النص الكامل لكتاب «أغنيــــــــــــات / نصوص سردية قصيرة »، للروائي محمد جبريل 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    ألوان
    ..........



    أبيض غار النهار منه ..
    أتفاءل بالعبارة ، يعلو بها صوت محمد عبد الوهاب فى جهاز الكاسيت بسيارة الدكتور جمال الدين ..
    كنت أجلس إلى جواره ، من خلفى اثنان من مؤيدى الدكتور فى حملته الانتخابية . جو الصباح الباكر يحيط بنا . معظم النوافذ مغلقة ، والمارة قليلون ، وعربات الفول على نواصى الشوارع يلتف حولها عمال وصيادون وتلاميذ ..
    لم تكن لى بالدكتور جمال الدين ـ نسيت بقية الاسم ـ سابق معرفة . هو أستاذ بكلية العلوم . رشح نفسه لانتخابات مجلس الأمة ، ودعا مثقفى بحرى إلى تأييده . ولأنى وجدت فى نفسى مثقفاً يسعى إلى التحقق ، فقد اعتبرت مساندة المرشح المثقف وسيلة لإثبات الذات ، وأيضاً لتأكيد موقفى ، وأن لى توجهاً سياسياً ..
    أمضيت غالبية أيام الحملة الانتخابية فى مقر الدكتور جمال الدين . شقة بالطابق الأول من بيت فى شارع حسن باشا عاصم ، خصصها لحفظ كتبه وأدواته العلمية . جعل من إحدى الغرف مخزناً للمكتب والكتب والأدوات ، بينما فرشت الصالة والغرفتان الباقيتان بالكراسى ، ليجلس عليها مؤيدو الدكتور ..
    أقنعنا الأستاذ الجامعى ـ وكان يعانى الخجل والارتباك ـ بأن الانتخابات لها وسائلها التى يجب أن نعنى بها . خرجنا فى ثلاث مظاهرات على مدى عشرة أيام . أعداد قليلة من المتعلمين ، زادت بالأولاد والمتسكعين فى شوارع السيالة وحواريها . رددنا هتافاً واحداً : إن جيت للحق .. جمال أحق . لا أذكر أننا بدّلنا الهتاف . اكتفينا بترديده كشريط " الأنسر " الذى يخاطب الطالبين بكلمات محددة ..
    فى صبيحة يوم الانتخاب صحبنا الدكتور جمال الدين فى سيارته إلى مراكز الانتخاب . أدار جهاز الكاسيت ، فعلا صوت عبد الوهاب بأغنيته الجميلة ..
    مع أنى لا أومن بالسحر ، ولا التنجيم ، ولا الأعمال التى تقرّب وتبعد ، فإنى ورثت عن أبى ميلاً إلى التفاؤل والتشاؤم . إذا ظل الضوء الأخضر قبل أن أصل بسيارتى إلى الإشارة ، فهو يوم طيب . إذا علا صراخ أو صوات موضع قريب ، فذلك أدعى للتشاؤم .. وهكذا ..
    كان عبد الوهاب يقلّب الألوان فى أغنيته . داخلنى يقين بأن اللون الذى ستقف به السيارة أمام أول مركز انتخابى هو الذى سيحدد حظ الدكتور من أصوات الناخبين . ارتحت للون الأبيض . ضايقنى اللون الأصفر . عاودتنى الراحة فى الأحمر .. ثم اختلط قلقى وتوقعى بتعليمات الدكتور لنا فيما يجب أن نفعله ..
    فى اليوم التالى ، أعلنت نتيجة الانتخاب ..
    تصورت أن اللون الذى أغلق عليه الدكتور جهاز الكاسيت يرفض التفاؤل ، ويرفض التشاؤم كذلك . خسر الرجل ، وفاز من يمتلكون النفوذ والأموال ، وإن استطاع ـ وهو ما اعتبره أبناء بحرى مفاجأةً ـ أن يستعيد تأمينه الانتخابى !
    </H2>
    رد مع اقتباس  
     

  10. #46 رد: النص الكامل لكتاب «أغنيــــــــــــات / نصوص سردية قصيرة »، للروائي محمد جبريل 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    * الحب *

    تبينت عمق السكون من حولى ، حين صدرت خشخشة وأنا أقلب الورقة التى سودت سطورها لأكتب ورقة أخرى .
    كان قد مضى على قدومى إلى القاهرة ثلاثة أيام .
    صدمت خالتى المقيمة فى مصر الجديدة تصورى بأن أقيم ضيفاً عليها حوالى الشهر . اعتذرت بالحرج من زوجها ، فبدأت البحث عن شقة بالقرب من دور الصحف ، فى وسط البلد . رحب خالى باستضافتى حتى أعثر على الشقة ـ أو الحجرة ـ المناسبة . لم أوفق فى مقابلة سعد الدين وهبة فى مكتبه بمجلة البوليس . تذكرت اسم أحمد عباس صالح . كنت أحب كتاباته النقدية . منحنى إصغاءه ، وقرأ لى . توسط ببطاقة زرت بها عدداً من أصدقائه . أزمعت ألا أضيع وقتاً ، فانشغلت بالكتابة . ترك لى خالى شقته فى حدائق القبة . طابق أول من بناية عالية . تركت الباب مفتوحاً استجلاباً لنسمة هواء تلطف حرارة أغسطس . ترامى من نافذة تطل على المنور الخلفى صوت نجاة : العواذل ياما قالوا .. ليه تحبوا ليه ؟.. رد قلبى وقال وماله .. لما احبه إيه ؟..
    كنت أحب الأغنية . أجد فى كلماتها تحدياً للمثبطات ، وإصراراً على مشاعر الحب . استدعت ذاكرتى ـ بلا رابط ـ مكتبة أبى ، والكلمات المشجعة لصديقى فتحى الإبيارى ، وقراءة الفاتحة فى القطار ، وأبواب دور الصحف الموصدة ، وعناد أمواج البحر فى تواليها على الشاطئ ..
    جففت عرق وجهى بجاكتة البيجامة التى كنت ألقيتها على الكرسى المجاور ..
    واستأنفت الكتابة .
    (يتبع)
    رد مع اقتباس  
     

  11. #47 رد: النص الكامل لكتاب «أغنيــــــــــــات / نصوص سردية قصيرة »، للروائي محمد جبريل 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    * بسيمة *

    ..........



    لمحت فى عينيها نظرة داعية . خلفت شارع نجيب الريحانى ورائى ، واتجهت ناحية الدرجات الحجرية . تفضى إلى شارع فيه بيوت ودكاكين ونوافذ مفتوحة ومغلقة ومناشر غسيل ..

    أهملت الانشغال بنهاية الشارع لما دخلت البنت ـ بجسدها الأنثوى ـ بيتاً من طابقين ..
    ـ تعال ..
    فاجأنى النداء من سيدة جاوزت الستين . فاض الكرسى الذى جلست عليه بردفيها الممتلئين . زججت حاجبيها ، وسدت فجوات التجاعيد فى وجهها بأصباغ وألوان . المقهى الذى تجلس أمامه أقرب إلى دكان من ضلفتين ، خلا إلا من نصبة انشغل وراءها رجل بدس كنكة القهوة فى الرمالة ، وثلاث طاولات ، وكراسى فارغة . وتناهى من الراديو ـ فوق الحامل الخشبى ـ صوت عبد الوهاب : مين عذّبك بتخلّصه منّى ..
    قاومت التردد لحظات ، قبل أن تومئ لى بنظرة محرضة :
    ـ ماذا تريد ؟
    انتزعت الكلمات بصعوبة :
    ـ هذه البنت ..
    ـ أى بنت ؟
    ـ التى طلعت فوق ..
    ـ بسيمة ..
    وربتت فخذى :
    ـ ذوقك حلو ..
    وأردفت :
    ـ معك جنيه ..
    دسست فى يدها خمسين قرشاً :
    ـ كل ما معى ..
    استعادت يدها فارغة :
    ـ ما نعطلكش !
    وأنا أهبط الدرجات ، تلفت ـ بعفوية ـ ورائى . وضعت السيدة فى صدرها ما أخذته من الشابين اللذين ربما قدما من الناحية المقابلة . وعلا صوتها وهى ترنو إلى شرفة الطابق الأول :
    ـ بسيمة !
    رد مع اقتباس  
     

  12. #48 رد: النص الكامل لكتاب «أغنيــــــــــــات / نصوص سردية قصيرة »، للروائي محمد جبريل 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    * ماجدة *

    .........



    قالت جدتى فى هدوء ، أذهلنى :
    ـ ماجدة ماتت ..
    ـ ماجدة من ؟
    ـ بنت خالتك ..
    ـ متى ؟ وكيف ؟
    ـ اشتد عليها المرض فى الليل . أخذتها فى حضنى ، لكنها ماتت ..
    ـ لماذا لم تقولى لنا ؟
    ـ ولماذا أثير مشكلة بلا داع ؟.. يأتى الصباح فندفنها ..
    لاحظت جدتى أن الراديو ـ على غير العادة ـ ظل مغلقاً . أصرت على أن ندير الراديو ، فلا يفطن الجيران إلى ما حدث ، وتتناثر الأسئلة والشائعات ..
    علا الراديو بأغنية أم كلثوم :
    يا صباح الخير ياللى معانا .. الكروان غنى وصحانا
    قالت جدتى :
    ـ ليس لها شهادة ميلاد .. ولن يكون لها شهادة وفاة .. حاولوا إنهاء كل شئ ..
    ماجدة هى الشقيقة التوءم لطفلة أخرى هى نعمت . لم يفارقها المرض منذ ولادتها قبل أسبوع ، وتوقع الجميع موتها ، حتى أن خالتى أهملت استخراج شهادة ميلادها ..
    قامت جدتى بتغسيل ماجدة ، ولفها بطيات بشكير . احتضنت جثمان ماجدة بجوار سائق التاكسى [ وعدناه بأجر زيادة ! ] ، بينما جلست خالتى وقريبة لزوجها فى المقعد الخلفى ..
    اخترق التاكسى شوارع القاهرة المزدحمة ، وتوقف فى إشارات المرور . عانينا توقع الخطر حتى بلغ التاكسى ـ فى النهاية ـ مقابر الدراسة ..
    حدثتك عن العقدة التى أعانيها من رؤية الموتى . لم يكن ما فعلته كذلك ، وإنما احتضان جثمان طفلة ، سعياً لدفنه . اجتذبتنى اللحظات القاسية ، فلم أفطن إلى التفاصيل . لم أدرك ما حدث ، حتى انطلق التاكسى بنا فى طريق العودة ..
    هل جرى ما جرى بالفعل ؟
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. النص الكامل لرواية «صيد العصاري» للروائي الكبير محمد جبريل
    بواسطة د. حسين علي محمد في المنتدى مكتبة المربد
    مشاركات: 20
    آخر مشاركة: 04/08/2008, 02:12 PM
  2. النص الكامل لرواية «ذاكرة الأشجار» للروائي الكبير محمد جبريل
    بواسطة د. حسين علي محمد في المنتدى مكتبة المربد
    مشاركات: 24
    آخر مشاركة: 13/07/2008, 08:24 AM
  3. النص الكامل لمجموعة «ما لا نراه» لمحمد جبريل
    بواسطة د. حسين علي محمد في المنتدى مكتبة المربد
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 25/01/2008, 07:26 AM
  4. النص الكامل لمجموعة «إيقــــاعات» للقاص الكبير محمد جبريل
    بواسطة د. حسين علي محمد في المنتدى مكتبة المربد
    مشاركات: 18
    آخر مشاركة: 23/12/2007, 10:20 AM
  5. النص الكامل لكتاب (شيخ القراء:محمد تميم الزعبي ...المقرئ والمكتبه)
    بواسطة عبدالله خليفه في المنتدى مكتبة المربد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08/12/2007, 05:09 PM
ضوابط المشاركة
  • تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •