صفحة 1 من 2 1 2 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 12 من 20

الموضوع: علم الجمال

  1. #1 علم الجمال 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    علم الجمال

    طارق شفيق حقي
    1- تمهيد:
    بسم الله الرحمن الرحيم

    "لاشيء غير الجمال بقادر على أن يجعل العالم بأسره سعيداً"
    شيلر

    - الإنسان كائن جمالي:

    الإنسان هذا الكائن الجمالي , الذي يحس منذ نعومة أحاسيسه بطاقات تأخذ لبه , فتراه وهو صغير يتأمل أمواج الضوء وزوايا الجمال من حوله, ويبدأ هذا الإحساس يكبر في داخله حين يضاف له الوعي الجمالي الذي يقارب الوعي الديني من حيث الانفعال بالكون , والانبهار بخلق الله وإعادة الأسباب للمسبب.

    - يعد علم الجمال الطفل الأخير للعوم الفلسفة , وقد اهتم به الفلاسفة والنقاد لاحقاً فالناقد الحق هو من جمع لخبرته بالأعمال الأدبية فلسفة جمالية , تخترق النص الأدبي وتصل لسر جماله, ولعلي هنا أسمي علم الجمال بعلم الأسرار, فكل نص أدبي يخفي في طياته سراً جميلاً , وهذا ما يفسر لنا ميل الناقد الحصيف لنص ولو انكسر شكلاً, فهذا النقص الشكلي قد يدل على كمال معنوي, وقد يغش هذا

    الكسر القواعدي لو صح التعبير, يغش معظم النقاد الشكليين,فينجو هذا السر كما نجت السفينة التي خرقها الخضر, خشية أن يغصبها الملك الجبار, وربما نقول هنا أنه حري بالجمال أن يكون محتجباً خفياً , كاللؤلؤ في المحار في قاع البحار لا يصله إلا الغواص

    الماهر , لأن طرحه في الطريق يقتل معناه الحقيقي, ولذلك عمد بعض الصوفيين لإخفاء أسرار سعادتهم وظهرت بشكل رموز, كثيرة تقلب المعنى بين أذهان الناس والنقاد , وهي لا تدل إلا على معنى واحد هو السر الجميل الذي يعرفه من أدركه . وفي بحثنا هذا سنحاول تلمس بعض زوايا علم الجمال وهو لعمري علم جدير

    بالخوض في تفاصيله الكثيرة والتي تشكل في النهاية جسداً عضوياً في النهاية يدل على الدهشة والرفعة , سنتطرق لتعريفات الجميل ثم سنذكر مفاهيم الجمال عن بعض الفلاسفة القدماء , وسنقف عند الجمال والحق وقفة , ولنا وقفة ذاتية سنتعرض فيها للمحات ذاتية كذلك وقفة عند الجمال والجلال عند المرأة والرجل , وسنطرح

    بعض الإشكاليات حول الشعر والجمال ,ولا بد من الإشارة لتفاصيل ظهور الجميل كالتناسق والإيقاع , ولعل بحثنا هذا هو مقدمة لفهم علم الجمال وليس بحثاً جامعاً مانعاً ,إنما تلمساً أولياً لهذا العلم العميق .
    التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي ; 13/06/2007 الساعة 10:10 PM
    رد مع اقتباس  
     

  2. #2 رد: علم الجمال 
    ...... الصورة الرمزية د.ألق الماضي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    الدولة
    بين الكتب
    المشاركات
    10,196
    مقالات المدونة
    12
    معدل تقييم المستوى
    31
    آمل ألا يطول انتظاري

    ألقٌ من السِحرِ ..أم سِحرٌ بـهِ ألقُ
    وفي حروفِكِ يأتي البدرُ والشـفقُ
    وحِـسُ قلبِكِ أثْـرَىَ لحنَ أغنيتي
    فصـار قلبي على كفَّـيْكِ ينطلقُ
    أأكتبُ الشّـِعرَ أم أُهـديكِ قافلةً
    من الورودِ عليها القلبُ والحَـدَقُ
    ورمزُ اسمـِكِ مكتُوبٌ على شَفَتي
    من قبلِ أن يُولدَ القِرطاسُ والوَرَقُ
    ثروت سليم
    رد مع اقتباس  
     

  3. #3 رد: علم الجمال 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    - التفكير الجمالي في الفلسفة القديمة:

    هل المظهر الحسي هو معيار الجمال أم هي الأخلاق الرفيعة التي ترقى بالإنسان, هل يكون ارتباط الجمال بالمنفعة أم بالمثالية, وهل يكون التناسق تعبيراً وصفة للجمال كذلك التناظر والانسجام , أمور كثيرة شغلت أذهان الفلاسفة فالجمال أمر محير وأسهل طريقة لتناوله تحليله لعدة ظواهر, وتناول كل ظاهرة على حدا, لكن لنعود لنشأة التفكير الجمالي ولنر كيف بدأ:

    " لعل أول الفلاسفة اليونانيين الذين اهتموا بالمسائل الجمالية هو كسينوفان 580 -48 ق م فقد رأيي هذا الفيلسوف أن معيار القيمة الجمالية هو نفسه معيار المنفعة والأخلاق. فالجميل هو ما يبلغ غايته على النحو الأفضل . والناقع جميل بالنسبة إلى ما ينتفع به.

    والإنسان الجميل هو الرفيع الأخلاق, فليس المظهر الحسي الخارجي معياراً كافياً للجمال , وقد كان كسينوفان صاحب نظرية تعليمية أخلاقية في الفنون.

    وجاء سقراط بعده ( 470 -399) فطلب تحديد الجمال بذاته لا الشيء الجميل فحسب وسعى إلى إثبات وجود مقاييس شاملة للجمال إلا أنه وحد في النهاية بين الجمال والخير والنفع. وقد كان يعتقد بأن للفن وظيفة أخلاقية وأن الجمال الطبيعي أرقى من الجمال الفني. ولعل ديمقريطس( 460-370 ق م) أول فيلسوف يوناني نظر إلى الجمال نظرة موضوعية مادية, فالجمال هو عنده انتظام أجزاء الأشياء المادية وتناسبها وأهم خاصة للجميل هي الاعتدال وكان يدعو الناس إلى التمتع باللذة المتصفة بالجمال.

    أما أفلاطون427-347 ق م) فقد كانت تصوراته عن العلاقة الجمالية عديدة وعميقة وغير محددة تماماً. ففي بعض حواراته يعارض توحيد الجميل مع اللذيذ والملائم والنافع, وفي بعضها الآخر يرى الجميل في المنسجم والمتناظر. غير أن الجمال الحقيقي هو ما يصدر عن الحقيقة أو عالم المثل لدى معاينتها. فأفلاطون يوحد بين الجمال والحقيقة المطلقة ويحيل الجمال إلى بهاء الحق والخير. إن أفلاطون لا يستبعد أي شيء أو فعل من دائرة علاقة الإنسان الجمالية." ص 10 علم الجمال د نايف بلوز – منشورات جامعة دمشق ط6

    - باومجارتن يقول في كتابه " الميتافيزيقيا" :إن ظهور الكمال, أو الكمال الواضح للذوق بمعناه الضيق هو الجمال, والنقص المقابل هو القبح, ومن ثم فإن الجمال بهذه المثابة يمتع الناظر , والقبح – بهذا الشكل – يبعث الضيق . ويقول في كتابه " الأستطيقا : إن الأستطيقا هي علم المعرفة الحسية وغاية الأستطيقا هي كمال هذه المعرفة الحسية, وهذا هو الجمال. ونقص المعرفة الحسية ... هو القبح والأشياء القبيحة بهذا المعنى , يمكن التفكير فيها بطريقة جميلة, وأيضاً فإن الأشياء الجميلة يمكن التفكير فيها بصورة قبيحة" ص 46 الأسس الجمالية في النقد العربي د. عز الدين إسماعيل.

    كمال المعرفة الحسية يكون بالوصول لما وراء الحسية, يكون بمعرفة الأصل الحقيقي لهذا الشيء المتشكل بالحسية, والوصول لهذا الأصل هو كمال الحسية وعدم وقفوها عند الشكل فقط, ولعمري المقصود هو المعرفة البسيطة والتأمل الباطني والتبصر القلبي الذي يصل للمعنى الحقيقي ويخترق الشكل, وسيكون نقص المعرفة الحسية كمثال حقيقي أن تقليد الشكل لمجرد الشكل ما هو إلا قبح , أما لو فكرنا بهذه القبح ودعونا للتبصر بسر قبحه والوصول للكمال عن طريق النقص ,سيكون تفكيرنا بالقبح حينها تفكير جميل فالمعرفة هي المراد من الإحساس , أما إذا لم توصلنا الحواس للمعرفة والإدراك فهي معرفة ناقصة.

    وتجلت زوايا علم الجمال وصفاته ودقائقه لدى الغزالي أيما تجلي, بل لعله فاق كل من بحث في هذا المجال, وأرى أن دراسة مستفيضة بل دراسات لن تفيه حقه وتخرج كنوزه:

    يقول الغزالي في كتابه " إحياء علوم الدين" إنه لا يتصور محبة إلا بعد معرفة وإدراك , إذ لا يحب الإنسان إلا ما يعرفه , ولذلك لم يتصور أن يتصف بالحب جماد بل هو من خاصية الحي المدرك , ثم المدركات في انقسامها تنقسم إلى ما يوافق طبع المدرك و يلائمه ويلذه إلى ما ينافيه وينافره ويؤلمه , وإلى ما لا يؤثر فيه بإيلام و إلذاذ , فكل ما في إدراكه لذة وراحة فهو محبوب عند المدرك , وما في إدراكه ألم فهو مبغوض عند المدرك , وما يخلو عن استقطاب ألم ولذة فلا يوصف بكونه محبوباً ولا مكروهاً , فإذا كل لذيذ محبوب عند المتلذ به . ومعنى كونه محبوباً أن في الطبع ميلاً إليه .

    ومعنى كونه مبغوضاً أن في الطبع نفرة عنه . فالحب عبارة عن ميل الطبع إلى الشيء الملذ والبغض عبارة عن نفرة الطبع عن المؤلم المتعب..." ص 254 - 255 الغزالي – إحياء علوم الدين ج4


    ويقول " والقلب أشد إدراكاً من العين , وجمال المعاني المدركة بالفعل أعظم من جمال الصور الظاهرة للإبصار , فتكون لا محالة لذة القلب بما يدركه من الأمور الشريفة الإلهية التي تجل عن أن تدركها الحواس أتم وأبلغ" ص 255 نفس الموضع
    وهنا يكون قد قال كل ما يمكن أن يقال حول لذة الجمال والطريقة المثلى للوصول للجمال , وهي الرؤيا القلبية فالقلب أشد عمقاً وتبصراً من العقل وهو لا يخدع بالشكل لأن ما يصله ظلال الشكل فينكسر الخداع المراد عبر الشكل التي قد يخدع بها العقل والمحسوسات مادته , أما القلب فيعنى بالأثر وبالمعنى الخفي, وبالتوصل للأسرار الحقيقية خلف هذا الشكل, فلكل شكل قيمته التي تليق به وهذا هو الكمال .


    يقول " كل شيء فجماله وحسنه في أن يحضر جماله اللائق به , الممكن له , فإذا كان جميع كمالاته الممكنة حاضرة فهو في غاية الجمال , وإن كان الحاضر بعضها , فله من الحسن والجمال بقدر ما حضر , فالفرس الحسن هو الذي جمع ما يليق بالفرس من هيئة وشكل ولون وحسن عدو وتيسر وكر وفر عليه , والخط الحسن كل ما جمع ما يليق بالخط من تناسب الحروف وتوازنها واستقامة ترتيبها وحسن انتظامها , ولكل شيء كمال يليق به , وقد يليق بغيره ضده , فحسن كل شيء في كماله الذي يليق به." ص 258 نفس الموضع

    يقول أبو وحيان التوحيدي في الإمتاع والمؤانسة " فأما الحسن والقبيح فلا بد له من البحث اللطيف عنهما حتى لا يجور فيرى القبيح حسناً والحسن قبيحاً, فيأتي القبيح على أنه حسن , ويرفض الحسن على أنه قبيح , و مناشىء الحسن والقبيح كثيرة : منها طبيعي ومنها بالعادة ومنها بالشرع ومنها بالعقل ومنها بالشهوة.فإذا اعتبر هذه المناشىء صدق الصادق منها وكذب الكاذب , وكان استحسانه على قدر ذلك . " ص 117 عز الدين إسماعيل, الأسس الجمالية

    وهذه بعض أقوال الفلاسفة وعلماء الجمال العرب والأجانب , أما تفاصيل أقوالهم فلا تعد ولا تحصى وقد نبخسها حقها في هذا المقام بهذا الشكل, وإنما أردنا الإشارة لبعضها.

    التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي ; 13/06/2007 الساعة 10:04 PM
    رد مع اقتباس  
     

  4. #4 رد: علم الجمال 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    3- تعريفات الجميل:
    قبل الخوض في تعريف المصطلح لنعود للتعريف اللغوي, وموضع ذكر هذه الفظة ضمن الشعر الجاهلي:


    " إن الجميل هو الشحم يذاب , ثم يجمع . والجميل هو ضد القبيح أيضاً ويشير ابن قتيبة إلى المناسبة بين الدلالتين بقوله " والجميل الودك بعينه . ووصف الرجل به يراد أن ماء السمن يجري في وجهه".... ومن ناحية المنظور العلاقي , فلا يخفى أنه حين يكون الودك يكون اللحم, ويكون الغنى ورخاء العيش . ولا يخفى أن توفر هذه الظروف شرط هام لنمو المرء نمواً سليماً متناسقاً فيكون التوافق والتساوق والملائمة والانسجام....يقول عبد قيس بن خفاف , ينصح ولده جبيلاً:

    وإذا تشاجر في فؤادك مرةً أمران , فاعمد للأعف الأجمل
    ونحسب أن انحسار دلالة لفظة الجميل في الأدب الجاهلي , وحلول الدلالة المعنوية محلها , دليل واضح على ارتقاء وعي الإنسان العربي في الجاهلية على نحو عام, وتطور وعيه الجمالي على نحو خاص." ص 21/22/23 بتصرف - د أحمد محمود خليل – في النقد الجمالي دار الفكر دمشق 1996

    ورد في المعجم الشامل لمصطلحات الفلسفة للدكتور عبد المنعم الحفني بعض التعريفات المتناثرة , نجمعها ونوردها هنا لنكون صورة مبدئية عن هذا المصطلح:
    "جمال beauty :
    يطلق على معنيين , الجمال الذي يعرفه الجمهور , مثل صفاء اللون ولين الملمس , وهو على قسمين : ذاتي وممكن الاكتساب , وثانيهما الجمال الحقيقي , وهو أن يكون كل عضو من الأعضاء على ما ينبغي أن يكون من الهيئة والمزاح . والجمال الحقيقي صفة أزلية لله تعالى, شاهده في ذاته أولاً مشاهدة علمية , فأراد أن يراه في صنعه مشاهدة عينية , فخلق العالم كمرآة , شاهد فيه عين جماله عياناً ( القصيدة الفارضية)
    والقبيح من العالم كالمليح منه , باعتبار كونه من مجليات الجمال الإلهي , وباعتبار تنوع الجمال, فأن من الحس أيضاً إبراز جنس القبيح على قبحه لحفظ مرتبته من الوجود , كما أن الحسن الإلهي إبراز جنس الحسن على وجه حسنه لحفظ مرتبته من الوجود .( عبد الرحمن جامي – الإنسان الكامل).
    والقبح في الأشياء إنما هو بالاعتبار لا بنفس ذلك الشيء , فلا يوجد في العالم قبيح إلا بالاعتبار , فارتفع حكم القبيح المطلق من الوجود , فلم يبق إلا الحسن المطلق.
    والجميل هو ما يخاطب في النفس الإحساس بالجمال أو عاطفة الجمال , وهو بخلاف الجليل , حيث الأول محرك للرضا , وباعث على السعادة , والثاني يثير في النفس الرهبة والخشية . وقيل الجميل هو المعبر. وأخيراً فإن فكرة الجمال لم تعد علمية , ويفضلون عليها فكرة الفن لشمولها واتساعها ." ص 255 المعجم الشامل لمصطلحات الفلسفة- د عبد المنعم الحنفي

    "جميل beautful :
    الجميل هو موضوع علم الجمال.وقيل لا يوجد جميل بطبعه وإنما باعتبارات , وبحسب الثقافات , وقيل هو المفيد أو النافع , وقيل الجميل هو الحسي , وقيل بل المعنوي , وهو الخير. ثم إن الجميل له سمات من حيث انتظام الشكل وما فيه من تناسق , وهو الملائم لذاته والمتآلف مع غيره , وهو الجذاب الذي يشد الناظر إلى صورته يتأملها ويتعرف إلى معانيها , ثم إنه المبهج الذي يدخل السرور إلى نفس متأمله .والجميل فيه رشاقة , وسمو , وتألف , ووضاءة, ويوقظ الحب في النفوس . والجميل من أسمائه تعالى , وفي الحديث :" إن الله جميل يحب الجمال", وجماله تعالى هو أوصافه في لطفه ورحمته . والجميل أخلاقياَ هو المترفع عن الدنايا , وهو الذي يوافق عليه الناس , ويسر أكبر عدد من الناس. " ص 257 المصدر ذاته
    وحين يحضر الكلام عن الجميل لا بد من الكلام عن الجليل , لنعرف هذا المصطلح كذلك من خلال المصدر ذاته:
    " جلال sublimity :
    صفة العظمة والكبرياء والمجد والسناء . والجمال والجلال يندرجان في جنس واحد , وكل جمال فإن شدة ظهوره يسمى جلالاً , وكل جلال في مبادئ ظهوره يسمى جمالاً, إلا أن الجميل يتصف بالتناهي والجليل بعدم التناهي , ومن ثم يطلق الجلال على الصفات السلبية مثل أن لا يكون لله تعالى جسماً ولا جسمانياً , ولا جوهراً ولا عرضاً ونحو ذلك من السوالب . والجمال المطلق والجلال المطلق لا يكون شهوده إلا لله وحده , حيث الجلال هو ذاته , باعتبار ظهوره في أسمائه وصفاته والجمال هو أوصافه العلية وأسماؤه الحسنى, واستيفاء أوصافه وأسمائه للخلق محال. " ص 253 المصدر ذاته.

    4- علم الجمال :
    وبعد التفصيل في هذه المفردات نأتي على تعريف علم الجمال والمنهج الجمالي:
    " علم الجمال aesthetics
    ويسمى الأستطيقا أحياناً , من aesthetikos اليونانية بمعنى الإدراك الحسي , ثم اقتصر استخدامها على العلم الذي يعرض للمسائل التي يثيرها تأمل الموضوعات الجمالية , وانقسم هذا الأخير إلى علم نظري أو عام يبحث في الصفات المشتركة للأشياء التي ولد الشعور بالجمال ويحلل هذا الشعور , فهو إذن علم معياري كالمنطق والأخلاق , وقسمه العملي أو الخاص يبحث في الصور الفنية ويحللها ويستخلص قوانينها , ويطلق عليه اسم النقد الفني " المصدر ذاته.


    "منهج جمالي aesthetic attiude :
    الطريقة الجمالية في النظر إلى الأشياء , ويقابله المنهج العلمي الذي يقدر الأشياء بمقدار ما تقدمه من منافع , أما المنهج الجمالي فهو طريقة مطالعه الجمال لغاية المطالعة ذاتها وليس لأي غرض آخر أبعد من ذلك . ويتميز المنهج الجمالي عن المنهج المعرفي حيث يكون غرض الخير تجميع المعلومات وتحديد الطراز من مجرد مطالعة الأسلوب الجمالي للشيء ." ص 847 المصدر ذاته
    تعريف علم الجمال :" إن علم الجمال هو مجموعة الأدوات المعرفية التي تمكن صاحبها من دراسة المواقف التي يتخذها الإنسان من مظاهر الكون والمجتمع في إطار العقيدة الدينية , ويعبر عنها في أشكال متعددة تمتد من سلوكه اليومي البسيط إلى أنواع الفنون في إطار المجتمع والتراث" ص 22 د. حسين الصديق – فلسفة الجمال ومسائل الفن عن أبي حيان التوحيدي – دار القلم العربي

    " نزعة جمالية :
    الاتجاه الذي يقوم الجمال بالقيمة الجمالية, ويعرّف أصحاب هذه النزعة القيمة الجمالية بأنها الصفة التي تجعل من الشيء موضوعاً جمالياً , أو الصفة التي بها يحكم الأغلبية , أو النقاد في كل العصور بمعنى أصح , على الشيء بأنه جميل , أو أن القيمة الجمالية هي العلاقة التي تربط الشيء الجميل بمطالعيه , والجمال يدرك بالحدس أكثر منه العقل , والجمال لا يعرّف . "
    ص 873 المصدر ذاته.

    يمكننا أن نميز :
    1- معرفة عقلية واضحة (منطق)
    2- معرفة حسية غامضة ( إستطيقا)

    السؤال يقول: لماذا لا يمكن أن يكون الكتاب الفلسفي أو العلمي ليس صحيحاً فحسب بل جميلاً أيضاً.
    كروتشه يعرف علم الإستيطقا بأنه الوجدان أو الحدس المباشر.

    جون ديكارس :هي كل ماله صله بالمشاعر الحاصلة من خلال التأمل.
    سوريو:"العلم الذي يضع تحت أجناس كلية المعارف الخاصة المنتظمة في النشاط الفني.


    يمكن القول: كمال المعرفة الحسية جمال ـــــ نقصها قبح
    علم الأستطيقا تكشف عن الأسباب والتفسيرات التي تجعلنا نختار وصفاً خاصاً من أوضاع الشكل الهندسي ونفضله على الأوضاع الأخرى في حين أن الشكل الهندسي نفسه لم يتغير في ذاته شيء.
    لقد عرف الإغريق لفظة الجميل لكنهم لم يعرفوا الإستطيقي بالمعنى الذي ورد عند باومجارتن ,فأصبح يدل على علم يوازي ويكمل المنطق واستقل عن الفلسفة وأصبح فرعاً من فروعها.
    تدل الإستطيقا على العلم الخاص
    بالمعرفة الحسية أطلقه باومجارتن ويدل على علم يوازي ويكمل المنطق واستقل عن الفلسفة .
    وأصبحت لوناً من الإدراك يختلف اختلافاً جوهرياً عن التفكير الصرف للعقل , بل يتعارض معه.

    عرف باومجارتن علم الإستطيقا : بأنه علم المعرفة الحسية, ونظرية الفنون الجميلة , وعلم المعرفة البسيطة , وفن التفكير على نحو جميل وفن التفكير الاستدلالي
    " الأستطيقا ( علم الجمال , من اليونانية asisthetikos – إدراك حسي ) – علم , يدرس ميدان علاقة الإنسان الجمالية بالعالم, وكافة جوانب استيعاب الإنسان للعالم وفقاُ لقوانين الجمال , والعلاقة الجمالية هي تقييم الإنسان لظواهر الواقع على أنها حسنة أو قبيحة , سامية أو وضيعة , تراجيدية أو كوميدية . وهي تقوم وراء إحساس المرء بالعالم , وتحدد عالمه الروحي وسلوكه, وتتجلى في نمط حياته . ولعلاقة الإنسان الجمالية بالواقع جانبها الموضوعي – وجانبها الذاتي – الوعي الجمالي ( الأحاسيس والانفعالات البشرية , والذوق الجمالي , والمثال ) .

    ويشكل الفن أرفع ألوان الموقف الجمالي من العالم, فبوسعه عكس القيم الجمالية الموضوعية والتعبير ,في الوقت ذاته , عن نظرة الفنان الذاتية إليها . وتدرس الأستطيقا طبيعة الجميل ( الحسن) والصفات الأستطيقة الأخرى , وقدرة الإنسان على تمثلها , وماهية تطور الفن وقوانينه . وفي إطار بحث خصوصية الفن تعني الأستطيقا بارتباطه بباقي أشكال الوعي الاجتماعي وبتمايزه عنها , وبالعلاقة المتبادلة بين الفن والحياة الاجتماعية.... وإذا كانت علوم النقد الأدبي والفني والموسيقي وغيرها تدرس خصوصية الضروب المنفردة من الفن , فإن الأستطيقا تعني ماهية وقوانين الإبداع الفني عامة , والمسألة الأساسية في الأستطيقا هي مسألة علاقة الوعي الجمالي بالواقع. ص29
    المعجم الفلسفي المختصر ترجمة توفيق سلوم - دار التقدم.

    وقد عرف باومجارتن علم الإستطيقا "بأنه علم المعرفة الحسية , ونظرية الفنون الجميلة, وعلم المعرفة البسيطة , وفن التفكير على نحو جميل, وفن التفكير الاستدلالي فهناك إدراك حسي وتفكير صرف . وذلك الإدراك الحسي عند باومجارتن فيه كثير من الغموض على حين أن التفكير الصرف واضح كل الوضوح. وسبب هذا الغموض هو أن الجميل يكون في الأجزاء الغامضة من الوعي البسيط . وبذلك أصبح هناك نوعان من المعرفة معرفة حسية غامضة (إستطيقا) ومعرفة عقلية واضحة(منطق). وتختلف الحقيقة المنطقية عن الإستطيقا, في أن الحقيقة الميتافيزيقية أو الموضوعية تتمثل حيناً في العقل, عندما تكون حقيقة منطقية بالمعنى الضيق , وحينا في ما يشبه العقل وملكات الإدراك البسيطة عندما تكون إستطيقا."ص 16 الأسس الجمالية في النقد العربي القديم د عز الدين إسماعيل

    ولعنا نسأل ما الفائدة من الإستطيقا يجيبنا ديوت باركر: الغرض من الإستطيقا أو فلسفة الفن هو كشف الخصائص النوعية للفن الجميل, وتحديد العلاقة بين الفن والمظاهر الحضارية الأخرى كالعلم والصناعة والأخلاق والفلسفة والدين..... وقد حاول كروتشة أن يبين كيف أن اسم الإستطيقا وإن كان جديداً يتضمن محتويات قديمة عادية,فبامجارتن يشير إلى أرسطو وشيشرون في الأساس الأول من أسس علمه, وبعبارة أخرى يصل الإستطيقا بالبلاغة القديمة, مقتبساً الحقيقة التي قررها بوضوح زينو الرواقي القائلة : إن هناك أصلين للتفكير ,والتفكير الدائم الواسع وهو البلاغة, والتفكير الموجز المحدد وهو الجدل... وهو يوحد بين الأول والميدان الإستطيقي كما يوحد بين الثاني والميدان الإستطيقي ...فالاسم خال من أي مادة جديدة"
    رد مع اقتباس  
     

  5. #5 رد: علم الجمال 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    5- مصدر الجمال
    الجمال والخير
    "وحد معظم الفلاسفة في العصر اليوناني بين الجمال والانسجام واعتبروا من جهة إن الانسجام أو الجمال صفة طبيعية واجتمعوا من جهة أخرى على أن الحق والخير هما أسمى مراتب الجمال. .... وقد أعلن أفلوطين بوضوح أن الجمال هو جمال الإلوهية غير المحسوسة. ص 95 علم الجمال د نايف بلوز – منشورات جامعة دمشق ط6

    ولعلنا نفضل أن نرجع الجمال للجميل , وهو الله خالق الكون العظيم , وخالق الإنسان الكائن الجمالي.

    ولنتلمس مفردة جمال في القران الكريم:


    قال الله تعالى "4 وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ 5 وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ 6 وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ 7" النحل

    17 وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ 18 يوسف

    "قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ "83 يوسف

    "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا 28" الأحزاب

    "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا 49 "الأحزاب

    " فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا 5 إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا 6 وَنَرَاهُ قَرِيبًا 7" المعارج
    "84 وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ" 85 الحجر

    " فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا 5 إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا 6 وَنَرَاهُ قَرِيبًا 7 "المزمل

    فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ 52 الرحمن

    19 وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ 20 الواقعة

    19 وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ 20 المطفيين

    أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ 17 وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ 18 وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ 19 الغاشية

    لكن التربية الجمالية تكون أكثر ما تكون في هذه الآية الكريمة :

    وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ 99 الأنعام

    هنا يعلمنا الله سبحانه وتعالى وينبهنا لجمال التأمل( انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون)

    انظر أيها الإنسان ولعمري هذا النظر لا يكون إلا بعين القلب
    من فوق السماء نزل الماء ومن تحت الأرض طلع النبات, وأخرج للإنسان حباً متراكباً متعدداً,وجنات من أعناب متماثلة الثمر متراكبة الشكل متدلية بشكل جميل, وشجرة الزيتون التي تحمل حبات وحبات متشابهة فترى الكثرة المنظمة والرمان الذي يحوي بداخله حبات متراكبة , لكن هذا التراكب مختلف عن العن وعن الزيتون وعن الحبوب, كل هذا التناسق والانتظام والاختلاف والتغير بالشكل يدل على الجمال, بل ونلمح بداية الانفعال الجمالي ثم الإدراك الجمالي بقول الله انظروا, وهذه الآية لعمري هي مكمن الجمال وفيها تنطوي قواعده وأسراره, وسنرى فيما يأتي أن من النقاد من حدد للجمال شكلاً تظهر فيه وهو التناسق والسيمترية والرشاقة , والنظام والتكرار والتلازم والاختلاف والتغير, وتضيف هنا هذه الآية الكريمة للجمال الغرابة , فمن السماء ينزل الماء ونحن نراه يجري بين أيدينا على الأرض, لعل هذه الطريقة الغريبة في نزول الماء للهي مدعاة للقول بجمال نزول الماء, ولا ننسى أن نربط كل هذه الأسرار بالله تعالى" وهو الذي أنزل من السماء ماء....."

    رد مع اقتباس  
     

  6. #6 رد: علم الجمال 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    - تشخيص ذاتي:
    علم الجمال: من خلال ما ذكرنا أعلاه وهي بعض أقوال عن علم الجمال
    أختار هنا كلمة علم الأسرار , الذي يستدل على القيمة الحقيقة والجمال الحقيقي للشيء
    لو كتب أحدهم قصة ما أو قصيدة وقلنا أنها جميلة
    أقربنا من سيقول أن القصة جميلة سيبرر أنها وافقت هواه
    أحد النقاد سيبرر أن القصة جميلة لأنها وافت قواعد وأركان القصة وكانت بذلك قصة ناجحة جميلة
    هل هناك رأي أخر :
    أعتقد هناك من سيقول لماذا كانت القصة جميلة, هل الوفاء لقواعد القصة يحتم أن تكون جميلة
    السؤال يتكرر
    لو استكملت القصة أدواتها , هل ذلك يكفي أن تكون جميلة
    النقد سيبرر لنا لماذا هي جميلة

    علم الجمال سيحاول معرفة سر هذا الجمال
    لو كانت القصة فنية هل يكفي أن تكون جميلة
    السؤال يدور في ذهني
    حين بحثنا عن ماهية الأدب
    أو بالأحرى متى تكون القصة أدبية ومتى لا تكون
    هل استكمال القصة لأدواتها الفنية يعني أنها قصة أدبية أو نص أدبي
    علم الجمال سيبحث خلف هذه الأدوات الفنية ليدرك هل حققت الجمال من خلال هذا الخلق

    وكيف نعرف أن هذا العقل لم يخدعنا وقدم لنا محاكاة للجمال, أو مجرد تجميع لأدوات فنية وقال لنا أن هذا النص أدبي
    يمكننا هنا أن نقول:
    التجربة خير برهان لننظر لرأي المتلقي , ولنعرض هذه القصة على أكثر من ملتقي لنعرف من خلال اللذة العقلية التي أحدثتها أنها جميلة فعلاً ولنرى ذوقهم في الموضوع.


    الذوق "
    " الذوق بمعناه العام الذي يحدث فيه التفاوت بين الناس فهو شخصي والذوق بمعناه الخاص هو الذي يظفر أو ينبغي أن يظفر باتفاق بين الناس لأنه موضوعي يأخذ بالقواعد العامة للفن وأحكام الذوق بمعناه العام حسية ونسبية , هذه شخصية لأنها لا تعبر عن ذات الفرد دائما هي تتأثر إلى حد بعيد بآراء الأشخاص الآخرين المتصلين به شخصياً أو فكريا , وبالآراء السائدة في مجتمعه , و بالوراثات القديمة لجنسه.... " ص 70 المصدر ذاته.

    "علماء النفس المعنيون بالإستطيقا في القرن التاسع عشر ينقسمون إلى مدرستين رئيستين : هربارت herbart وأتباعه , ويأخذون برأي كانت في أن الجمال يتكون في صورة خاصة أو علاقة بين الأجزاء في الشيء المفهوم . وأتباع لبس يقبلون ما أدخله – أي لبس- على وجهة النظر الأفلاطونية الحديثة من تحسين... وهم يعتقدون أننا ننسب الجمال إلى كل الأشياء التي مكن أن نجد فيها روحاً تشبه روحنا " ص 48 المصدر ذاته.

    لو عرضنا قصة ما على ذوق عشرة قراء, وتبين أن ثمانية منهم أعجبتهم القصة واثنان لم تعجبهم, سنصل لنتيجة أن هذه القصة جميلة, لو كانت النتيجة عكسية سنقول أنها ليست جميلة, السؤال المطروح عند هذه المرحلة , ما الذي يجعلنا نثق بقدرات المتلقين العشر, وهنا سنضع يدنا عند مشكلة من مشاكل الجمال
    الثمانية قالوا أن القصة جميلة من خلال اللذة العقلية التي حصلت لديهم
    اثنان قالا أنه لا جمال فيها لأنها لم تحدث لذة عقلية
    لو وظفنا علم الجمال في جانب البحث عن دقة المتلقي وصحة جهازه الجمالي
    أعتقد هنا أن التشكيك المتطرف في نسب هذا الاستقراء لا يفيد , كما التسليم التام له ,والأمر بحاجة لروية.


    - مشكلة التلقي ومشكلة النص, لو سلمنا أن النص فني من خلال قيم ومعايير النقد الأدبي, وألقينا العمل الأدبي على شريحة مكونة من عشرة قراء, العمل الذي يحدث لذة عقلية هو عمل جميل, العمل الذي لا يحدث لذة عقلية هو عمل غير جميل
    لكن لو رأينا لعلمنا أن كثير من القصائد الشعبية مثلا لها شعبية عارمة ولو عرضناها على معاير التقويم لكانت ناقصة لأهم الأدوات , بل للكثير من المعايير الفنية
    فالوسط الشعبي متوهج مستعد لتلقي القصيدة الشعبية , ويتأثر عند كل كلمة أحسن الشاعر الشعبي إلقائها
    - فلو قرأ أحدهم القصيدة مكتوبة لما وجد فيها جمالاً
    علم الجمال هو العلم الذي يميز, ويكشف أساليب الذهن التي تظهر ربما بمنطقية وعقلية وواقعية, ويكشفها بطرق بعيدة عن المنطق
    يكشفها من خلال التأمل والحصيلة التي يولدها لتتبع خلفيات هذه المحاكاة الخادعة
    لو كتب شاعر قصيدة غزل سنصل أنه يحب حبيبته ويهيم بها
    ولو كتب أخر قصيدة غزل وتبين منها أنها لا يحب حبيبته
    فهل قصيدته قصيدة غزل ولو ظهرت بهذا المظهر

    مثلا لو قلت لعدوك : كم أحبك آه كم أحبك وأتمنى لو أحبك كما أشتهي
    سنفهم أنه يريد قتله من خلال هذه العبارات التي ظهرت بشكل غزلي للذهن
    المشكلة أكبر من ذلك سنحاول الخوض فيها.
    لو نظرت متأملاً حقيقة الأحاديث المكرورة ,التي تجريها كل عائلة حين تجتمع للطعام أو لشرب الشاي , ستجد أنها أحاديث تافهة تتكرر في كل اجتماع ربما حول المائدة


    لكن هذه الأحاديث لها جمال أيما جمال , وهي التي تجمع أواصر الأسرة ولو ظهرت بشكل سطحي إنما هي تعبر عن عمق عاطفي أسري , بينما لو طرح أي موضوع يحتاج لتركيز أو جدال لفرق الشمل ولو كان الحديث فنياً لكن النتيجة غير جميلة

    من النقص يتولد الجمال
    ومن السطحية نصل للعمق

    ومن البساطة نصل للمعقد الجميل, هذه النظرية بحاجة للتفكر والتأمل والشك
    فهل كل بسيط يوصل للجميل, وكل نقص يؤدي للكمال, هذه مشكلة أخرى من مشاكل علم الجمال, الشجرة الجميلة تحمل سراً
    هل نكتفي بالاستمتاع بسرها وجمالها, وهي يكون الجمال جميلاً بمجرد الوقوف عند ظاهره, ظاهر الجمال هو الاتساق والخفة والحيوية والرشاقة في الشجرة
    لو كانت شجرة ليمون أو دراق لأضفنا الرائحة , وثقلها بالثمار
    هذه الشجرة سر من أسرار الجمال, هل نقف عند هذا الشكل المتظهر....أم يقودنا لسر أخر
    سر يقودنا لسر
    ترى لو كشفنا سراً هل نكتفي بالوقف عنده
    هناك بالتأكيد من لم يصل للسر الأول الظاهر بشكل الشجرة الجميل
    بل لم يراها جمالاً أصلاً
    - ذات يوم قلت لصديق لي انظر ما أجمل هذه الشجرة, قال أن النقود أجمل لديه ثم أردف و كذلك السيارة
    لو كان السر في الشجرة أنها جميلة بأنها باسقة ,فيها حياة, تتمايل بشكل غير رتيب , تسمع وشوشة أوراقها التي تأخذ ألف شكل مع كل تمايل هل كانت مخلوق وسراً عجيباُ....نعم لقد كانت

    ماذا يزيد في هذا السر لو علمت مثلاً فناً أكثر مثلاً لو كانت شجرة ارتمى عليها الزهر وفاحت رائحته, ماذا لو تدلت منها عناقيد العنب ...ستحرك فيك طاقات الجمال
    هنا لو علمنا أن هناك سراً أكبر , وسنصل لعلم التأويل الذي يبدأ من التأمل أعتقد إطاره علم الجمال

    لو رأينا أثاراً لغزال في الرمال , سنفرح كثيراً لو عرفنا أن مشي يميناً ثم أكل هنا ثم شرب هناك , سنفرح بهذه المعرفة الجميلة
    لكن هل نكتفي بها , سيكون من الأجمل أن نتابع هذه الآثار لنصل إلى الغزال ذاته وندهش به وندهش بالشجرة العادية غير المثمرة... ستكون كل أثار الغزال البسيطة وقتها مدهشة ممتعة ولو وصلنا أنه أكل هنا سيزيد الفرح كثيراً

    مقارنة مع من لم يدهش أول مرة من خلال أثار الغزال البسيطة
    أو شكل الشجرة العادية
    إذ أنه لو عرفنا أن النص الأدبي يدل, ولو احتوى على قيمة معنوية كبيرة سندهش به
    مقارنة مع النص الفني الظاهر بشكل معقد ,وهو فارغ لا دلالة عميقة له
    هنا سنحل الكثير من المشاكل الفنية, بل سنفتح الباب جلياً على العديد من المشاكل التطبيقية للكشف عن فنيته الفارغة
    البساطة الجميلة
    جمال النص هو أرقى من فنيته
    جمال النص هو الغاية والسر الذي يكشفه ونصل إليه بعد فنه
    أما لو اكتملت فنيته دون وصول فلا قيمة له
    كمن يوزع الآثار في الرمال ولا غزال هناك فما فائدة هذه الآثار
    نحن نريد أن نصل للغزال من خلال الآثار
    لن نكتفي بهذه الآثار
    المرأة والحس الجمالي:
    حين ترى الزوجة أو الأم , تلومك على تناثر الكتب والأوراق من حولك رغم أنك ترى فيها جمالية تروق لك , أظن هذه الجمالية التي تراها رغم أنها تدل على الفوضى تنبع من خلال النفعية التي تربطك بالكتاب, لكن مدبرة المنزل تنظر للجمال من خلال الشكل , فهي ترى الجمال في الترتيب والنظام, ولعل نظرة مدبرة الأم الجمالية هي الأصح , ولو تابعنا ذلك لأحسننا بالطاقة الجمالية , ولتلمسنا ملامح جمالية لدى ربة المنزل, من خلال ترتيب كل شيء ووضعه في مكانه المناسب, ومن خلال التناظر والنظام والترتيب الذي يحكم مملكة المرأة , ولعلي أرى أن الرجل محكوم بقوانين المرأة الجمالية في المنزل, وهو يعيش عالم أنثوي يعاكس العالم الذكوري في الخارج وهذا السمات الجمالية لدى المرأة تبدأ من ترتيب المنزل ونظامه ونظافته , وإعداد الأكل وتزويقه وترتيب المائدة وما على ذلك , ولعل ذلك يعيدنا لأصل المجتمع الذكوري و الأنثوي لنتلمس الأسس الجمالية لدى المرأة وليس هذا هنا هو بحثنا لكن القصد هو توسيع الفكرة لزيادة تأثيرها على الدخول لمفاصل أخرى.

    تطالعنا ملحمة جلجامش على وحش بشري يدعى إنكيدو هذا البطل كان وحشياً وذلك لأنه يعيش مع عالم الحيوان , ويأكل معهم ولذا كانت سمات القوة والبطش سماته, لكن حين أرسل له جلجامش امرأة من المعبد هدأته , وأطعمته الخبز والشراب , وهذا الترتيب انتقل من طريقة تعامله مع المرأة , ومن أكله لروحه وحين عاد للغابة هربت منه الوحوش ولم تعد تآلفه , وللنظر كلام فتاة الحان لجلجامش حين عاد من لقاء أوتنابشتيم خالي الوفاض ولم ينل الخلود:
    تقول فتاة الحان لجلجامش:
    " إلى أين تمضي يا جلجامش ؟
    الحياة التي تبحث عنها لن تجدها
    فالآلهة لما خلقت البشر,
    وحبست بين أيديها الحياة.
    أما أنت يا جلجامش , فأملأ بطنك.
    افرح ليلك ونهارك.
    اجعل من كل يوم عيداً.
    ارقص لاهياً في الليل والنهار.
    أخطر بثياب نظيفة زاهية؟
    اغسل رأسك و تحمم بالمياه.
    دلل صغيرك الذي يمسك يدك,
    واسعد زوجك بين أحضانك.

    هذا نصيب البشر في هذه الحياة." ص 295 – فراس السواح – مدخل إلى نصوص الشرق القديم- دار علاء الدين 2006

    لو تأملنا هذا الحوار والذي يعود عمره لخمسة آلاف سنة
    لرأينا هذه الأسس الجمالية التي جبلت عليها المرأة , فنصائح فتاة الحان تختص بالتفاصيل والشكل , بعيداً عن الهدف والنفعية سمة تفكير الرجل , اخطر يا جلجامش بثياب نظيفة زاهية , اغسل رأسك و تحمم بالمياه. واهتم بالتفاصيل الصغيرة من حولك وعش حياتك, طبعا ذلك لا يعني تناقضاً مع الوصول للهدف , لكن هذه السمات الأنثوية صفات المرأة وهي ذي وظيفتها التي تتقن وتجيد, وتعلمها للرجل فيرتاح ويستعيد طاقته المهدورة في الوصول للهدف.

    وللنظر كذلك لهذا الحوار بين جلجامش و عشتار , ولنتأمل الخلاف في طريقة الوصف فعشتار تقدم لجلجامش أجمل الصور المغرية, وتنسج تفاصيل شهية, و جلجامش يرد عليها بالنتائج :
    " فرأته عشتار وقد جللته هيبة النصر, فتاقت إلى وصاله وعرضت عليه الزواج منها:

    تعال يا جلجامش وكن عريسي.
    سآمر لك بعربة من لازورد وذهب,
    و محوطاً بشذى الأرز تدخل بيتنا.
    ستقبّل المنصة قدميك والعتبة,
    وينحني لك الملوك والحكام والأمراء,
    يضعون غلة السهل والجبل أمامك,
    ..
    .. يجيبها جلجامش:
    ما هو نصيبي منك إذا تزوجتك؟
    ما أنت إلا موقد تخمد ناره عند البرد.
    باب متصدع لا يحمي من ريح أو عاصفة.
    حفرة يخفي غطاؤها كل غدر.
    قار يلوث ناقله.
    قربة تبلل حاملها.
    صندل يزل به منتعله.
    أي حبيب أخلصت له إلى الأبد؟
    ص290 نفس المصدر

    ولعل هذه الصفات التي نعت بها جلجامش عشتار, كانت من خلال إحساسه السامي , فهي التي غدرت بكل عشاقها , هذا الحس السامي سمة من سمات الجلال التي اتصف بها جلجامش, و ما هو إلا حس إنساني عميق ينبع من وراء الأفكار الإنسانية السامية, وهو صانع المواقف البطولية والنبيلة
    ولعل هذه السمات في كلا الطرفين تحيلنا لصفات الأنوثة البكر والرجولة البكر وهذه هي علاقة الجميل بالجليل يقول ديورانت عن هذه العلاقة:" يتصل الجلال بالجمال صلة الذكر بالأنثى. فاللذة التي نشعر بها من الشيء الجليل لا تنشأ من الملاحة المطلوبة في المرأة, بل من القوة التي نعجب بها في الرجل. وأكبر الظن أن المرأة أشد انفعالاً بالجليل من الرجل , وأن الرجل أعظم تأثراً بالجمال" ص 70 د احمد محمود خليل – في النقد الجمالي – دار الفكر
    " ويذهب جان ماري جويو إلى أن القوة تمثل في التعبير عن الحياة ناحية الرجولة, وأن الرشاقة تمثل ناحية الأنوثة, ويرى ول ديورانت أن اللذة التي نشعر بها من الشيء الجليل لا تنشأ من الملاحة المطلوبة في المرأة . بل من القوة التي نعجب بها في الرجل " ص 84 نفس المصدر
    وهذه النظرة ظهرت لدى الإغريق القدماء أيضاً , وها هي ذي فينوس إلهة الجمال تخاطب باريس بن بريام , قائلة " أترى إلى جمالك البارع وجسمك الممشوق السمهري ؟! أيكون هذا الخلق من نسل الرعاة الأجلاف ؟!" ص 85 نفس المصدر
    وهذه بعض الإشارات السريعة والتي تستحق كل تفصيلة الوقوف عندها مطولاً.
    رد مع اقتباس  
     

  7. #7 رد: علم الجمال 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    جمال القبح:
    إن التفكير في الجمال يستدعي بالضرورة التفكير في القبح
    هل يمكن للقبيح أن يصبح جميلاً
    وما الذي يدعوننا نعجب بأعمال تصور القبح
    يقول بلوتاك : أن القبيح لا يمكن أن يصير جميلاً ولكن ما يثير إعجابنا هو دقة المحاكاة عندما تكون مطابقة..فالجمال والمحاكاة ( ليس المقصود لنجاح في المحاكاة) هما شيئان مختلفان تماماً.

    أرجع أرسطو سابقاً جمال العمل الفني إلى نجاح المحاكاة بغض النظر عن الشيء المحكي , جميلاً كان أم قبيحاً وهو يقول في البوطيقيا ( poetics ) :" والسبب في أن الناس يستمتعون برؤية الشبيه هو أنهم بتأملهم فيه يجدون أنفسهم يتعلمون ويستنبطون الأفكار" ص 49 الأسس الجمالية في النقد العربي – د عز الدين إسماعيل – دار الفكر العربي
    العلاقة بين ذكاء الفنان وأهمية الأشياء التي يصورها هي استجابة ذهننا لمهارة الفنان وذكائه , وقدرته على تصوير القبح بأدق تفاصيله, فنحن نسر للتصوير لا للقبح.
    وهذا ببساطة تفسير لما يسمى جمال القبح , والذي قد يعرضه البعض ويظن أن القبيح جميل كذلك.


    8- الجمال والشعر :

    ما هو السر العجيب في الشعر, لماذا ننجذب إليه وتحركنا إيقاعاته, ومعانيه, ونحس بسر غريب متفلت من بين أصابع الإدراك, من هو هذا الشاعر الذي يحركنا:
    " الشاعر هو المرآة التي تبدو فيها الظلال الهائلة التي يعكسها المستقبل على الحاضر, فهو يرى الحياة جديدة لانسخة من صورة قديمة, فإذا انتقل شعره بنجاح إلى الآخرين فقد تحتم أن يكون له أهمية" ص 299 الأسس الجمالية
    وما هو شعره الذي فعل بنا وأثار كل هذا الإنفعال الجمالي:
    " إن الشعر يوحي أكثر من أن يقرر , وأنه يولد الفكر الحي المتحرك , فإننا نرى بأي معنى يمكن أن يحتوي الشعر على قيمة عقلية وخلقية , وأن يكون في الوقت نفسه شيئاً سوى أي معنى من المعاني التي ينسبها إليه قارئ ذواقة , إن الكلمات الشعرية بالقدرة على إطلاق الحرية. وفي تفسير القطعة الشعرية يجب ألا تستخدم تحديدات النثر مطلقاً بصورة جافة على أساس دعوى خاطئة هي أن الناقد يعين الشاعر على أن يقول شيئاً لم يكن واضحاً في ذهنه . فالتبسيط عادة يجر إلى الرداءة." ص 202 الأسس النقدية

    "وقليل من النقاد من التفت بين الطول في الأعمال الفنية وبين التعقيد والعظمة , ويمكن الانتهاء إلى قاعدة عامة هي أن السطر الواحد من الشعر أو القطعة الواحدة تتهيأ لها فرصة أوسع لآن تكون عظيمة إذا هي جاءت في عمل شعري طويل . ومعنى هذا أن التعقيد يصعب تحققه في الحيز المحدود . وليس الطول فقط في ذاته هو ما يشعر بالتعقيد , ولكن كل قسم بمفرده يستمتع بمزيد من الإيحاء والمعنى بسبب علاقته بالكل......... والفرق بين القصيدة الطويلة والقصيدة القصيرة فرق في الجوهر أكثر منه في الطول , ويثير هذا الاختلاف في الواقع مشكلة غنائية lyricism , فنحن نسمي القصيدة القصيرة في العادة غنائية lyric , وكان ذلك في الأصل يعني قصيدة من القصر بحيث يمكن تلحينها وغناؤها في فترة متعة, ويمكننا أن نعرف القصيدة الغنائية من وجهة نظر الشاعر بأنها قصيدة تجسم موقفاً عاطفية مفرداً أو بسيطاً , قصيدة تربط عن حالة أو إلهام غير منقطع . أما القصيدة الطويلة فالنتيجة الطبيعية هي أنها قصيدة تربط بمهارة بين عديد أو كثير من مثل تلك الحالات العاطفية , وإن كان من الواجب هنا أن تستخدم المهارة فكرة عامة واحدة في ذاتها تكون وحدة عاطفية " ص 203 الأسس النقدية
    - الشعر يتقاسم الأهمية والتعقيد والقوة مع باقي الفنون كالنثر والتصوير والنحت... و" جوهر الشعر تبعاً لأعظم النقاد القدامى ونقاد عصر النهضة والنهضة الثانية بين الرومانتيكيين – فهو القوة الإبداعية . ( لعل إستوفر يعني بأعظم القدامى أرسطو , فهو يرى أن جوهر الفن هو الخلق . فالشاعر هو الصانع المبدع الكاهن النبي . ولكن كيف يبدع ؟ إنه لا يبدع فحسب , ولكنه يؤلف كذلك ويركب الزمن , أي بألفاظ تكتب وتقرأ في خلال فترة زمنية لا في المكان . فالشعر إذن تركيبي , والإيقاع لازم لإظهار هذا التركيب الزمني . والاتصال بين الشعر والموسيقى في المجتمعات البدائية يكفي لتأكيد ذلك . ومن الممكن القول – تبعاً لورد سورث – إن الأثر الممتع للإيقاع ثلاثي عقلي وجمالي ونفسي . أما عقلياً فلتأكيده المستمر أن هناك نظاماً ودقة وهدفاً في العمل . وأما جمالياً فإنه يخلق جواً من حالة التأمل الخيالي الذي يضفي نوعاً من الوجود الممتلئ في حالة شبه واعية على الموضوع كله. وأما نفسياً فإن حياتنا إيقاعية : المشي والنوم والشهيق والزفير وانقباض القلب وانبساطه ". ص 305 الأسس النقدية


    رد مع اقتباس  
     

  8. #8 رد: علم الجمال 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    تفسيرات تشوه الجمال:

    - فرزت القصيدة الحداثية لو صحت تسميتها
    فرزت معايير جديدة وهي أن القصيدة النثرية تقرأ ولا تلقى ولا تحفظ ولا تغنى
    ومن خلال القراءة نصل للعديد من الصور الذهنية عماد معمار هذه القصيدة , التي قد تنشأ لذة عقلية خادعة
    ولو عدنا لمجمل هذا النوع الذي فرز نوعية خاصة من المتلقين
    بل وساهم النقاد في هذه الحملة

    الأرض اليباب للشاعر إليوت والتي عبر فيها عن مصطلحات لست لغات وثقافات تعود لـ خمس وعشرين كتاباً
    أفرزت نوعاً خاصاً من المتلقين , والتي تسربت لشعر هذا الكتيبة من الشعراء ,
    وبرر الكثير من النقاد تغطية هجوم هذه الكتيبة من الشعراء
    أن على المتلقي أن يثقف ذاته أكثر مع قصيدة الحداثة , بل هذه القصيدة هي موجهة لشريحة معينة وليست موجهة لبائع الخضار مثلاً
    يقفز لذهني كذلك تغير مفهوم الصورة التي شكلها هؤلاء الشعراء, فأصبحت الصورة التي كانت تنتقل من المشبه للمشبه به للقرينة بينهم
    إلى شكل جديد موجود في ذهن الشاعر وعلى المتلقي أن يعرف هذا المفهوم ويصل للدلالات الجديدة للصورة
    - يرى بعض النقاد عقم الشعر الحر – شعر التفعيلة – في رسم الوجود الذي يحياه الشاعر
    الحديث واستنفاده المعطيات التي قام عليها وازدهر في الربع الثالث من القرن العشرين , وانه لا بد من قصيدة النثر لكي تقوم بترجمة رؤى العصر وأزمة الضمير
    المضطرب الذي يمثله الشاعر الحديث خير تمثيل .

    - وفي الوقت الذي نجد فيه ناقدا كمحمد النويهي يدعو إلى ثورة في شكل القصيدة العربية ومضمونها, نراه لا يتردد في سبيل دعم فكرته في رفض الشكل العمودي الموروث ناظرا إليه نظرة استثقال وتخلف , لا يرقى إليه الذوق ولا تستسيغه الأذن .

    يقول النويهي :"فالبحر العربي المأثور ذو موسيقى حادة بارزة شديدة الجهر عنيفة الوقع على طبلة الأذن عظيمة الدرجة من التكرار والرتوب. وهذه طبيعية ينفر منها ذوقنا الحديث ولم تعد أذننا تحتملها وأصبحنا نراها شيئا بدائيا لا يعجب به إلا ذو الأذواق الفجة التي لم تنضج , وصرنا أميل إلى إيقاع أخف وقعا على الأذن وموسيقية اخف أثرا وأقل بروزا وحدةً وأحوج إلى الذكاء وإرهاف السمع لالتقطاها وتتبعها " الموقف الأدبي عدد 143

    ومن جهة أخرى :

    ينتقد الناقد امطانيوس الاتجاه الميتافيزيقي والوجودي والفني ( الفن للفن ) الذي تبته مجلة شعر اللبنانية وتعملق على يدها شعراء مثل أدونيس ويوسف الخال وأنس الحاج وشوقي أبو شقرا ويؤكد على شذوذ التوجه الذي غاص في اللامعقول وفي طيات المجهول هربا من الواقع وما النتائج التي وصل إليها إلى دليل على شذوذه يقول " وكثيرا ما اصطدمت تجارب أولئك الشعراء بالمطلق ......" ومن هؤلاء الشعراء توفيق حايك ويوسف الخال الذي وضعوا الحرية مقابل المطلق فأصبحوا عبيدا ً لكلمة اسمها الحرية فرغت من معناها وتحولت إلى معنى مناقض لها تماما ً. " ص 13 - امطانيوس ميخائيل - دراسات في الشعر العربي الحديث .

    " الأثر الممتع للشعر يمكن أن ينبع من الحقيقة القائلة بأن إيقاع الضربة الشعرية يكون عادة أقل سرعة من إيقاع النبض , فإن صح ذلك صح أن نقول " الشعر لغة القلب" .! " ص 305 الأسس النقدية
    كذلك نهض جماعة من فريق الهجوم وقال انه سيفض بكارة هذه اللغة, وسيغير فيها كما يحلو لفنه , وشهدنا بشكل أو بأخر تخريب واضح لأساليب الاشتقاق والنحت والكثير من قواعد اللغة العربية
    منهم من ساهم بذلك عارفاً ومنهم من اتبعهم وهو غير عارف لهذه القواعد

    وقد يأتينا من يقول يوماً من الشعراء:
    هذه الولد تمشي لسرعة من الطريق

    القمر مدت أرجله ببطء وناءت نارية
    يقول احد النقاد "تشكيل المادة من أهم ما يعنى به الشاعر ,غير الشاعر يستخدم اللغة باعتبارها وسيلة , أما عند الشاعر في غاية هي عند غيره نافعة وعنده جميلة . واهتمام الشاعر بالحياة لا يقل عن اهتمامه بالفن , فهو في لحظة واحدة يستقبل التجربة ويبدع" ص 306 الأسس النقدية


    - التأمل للتركيب الحسي والبحث عن ماهيته , وغايته هو بظني علم الجمال

    لن نسلم للكثير من الذين فسدت أذواقهم , وسنتبع طريقة التأمل البسيط لهذه التركيبات الذهنية لنكشف فشلها
    أصبحت العملية مجرد تركيب صور وجمع أركان لا قرينة بينها لتكوين تربة تشابه تربة الشعر


    وهذا ليس بشعر, لن أبالغ حين أذكر أنه سيعود للساحة الشعرية والأدبية الاهتمام بالمحاسن البديعية من جناس وطباق وتشبيه . لأن هذه المحاسن هي عبارة عن إيقاع شكلي للجمال اللغوي , والذي تغير اسمه للمحسنات بعد أن قلده الكتاب دون جمال داخلي لنصوصهم , لكن التصحيح لن يكون بنفي هذه الأشكال, وهذا الرأي توصلت إليه بعد دراسة علم الجمال ومن خلال فقرة الإيقاع ولا أعلم أن قول أفلاطون بالبلاغة القديمة يوافق ما قلت أم أنه يعني أمرا أخر رغم اعتقادي بصحة ما قلت حول المحاسن

    البديعية ,ونذكر كلامه: "حاول كروتشة أن يبين كيف أن اسم الإستطيقا وإن كان جديداً يتضمن محتويات قديمة عادية,فبامجارتن يشير إلى أرسطو وشيشرون في الأساس الأول من أسس علمه, وبعبارة أخرى يصل الإستطيقا بالبلاغة القديمة, مقتبساً الحقيقة التي قررها بوضوح زينو الرواقي القائلة : إن هناك أصلين للتفكير ,والتفكير الدائم الواسع وهو البلاغة, والتفكير الموجز المحدد وهو الجدل... وهو يوحد بين الأول والميدان الإستطيقي كما يوحد بين الثاني والميدان الإستطيقي ...فالاسم خال من أي مادة جديدة"
    .
    من ناحية أخرى :
    كثير من النقاد من دافع عن شعر الغزل الفاحش , وادعى أن النقد الجمالي هو من يدرس دون غاية أو نفعية يدرس الشكل والصورة.

    خلق الله هذا الخلق الذي نصل لجماله من خلال الشكل , هو خلق نتصوره من خلال الشكل , لكن ذلك لا يعني التناقض مع غاية هذا الشكل وفعله ووظيفته.

    - إن إدراك الجمال هو إدراك شكلي لا يتعلق بالمنفعة وهو مستقل عن الأخلاق .

    لكن ذلك لا يعني أنها لو أعجبنا بفتاة حسناء , لن تعجبنا لو عرفنا أنها سيئة الأخلاق
    لكن إدراكنا لحسنها كشكل لا شك أننا نعرف أنها جميلة الشكل , لأن الإدراك عملية عقلية مادية , وسوء الأخلاق أمر معنوي وليس بشكلي,


    ومن حاول أن يبرر الغزل الفاحش ضاع وأساء استخدام أن الجمال لا يتعلق بالأخلاق وبالمنفعة, ذلك انه يدرك بصورة شكلية ونقول أن الفن ما انطوى على قيمة جمالية شكلية ومعنوية :

    " الفن وهو ينطوي على قيمة جمالية مكثفة. وهو مطالب دائماً بأن يقدم شكلاً ذا قيمة جمالية ومن صفات الفن أنه يعكس واقعاً معيناً ويخلق واقعاً جديداً. والفن يجمع في شكله ومحتواه الصفة الجمالية وغير الجمالية, إلا أن جمالية الشكل المطلوبة في الفن لا تفترض جمالية المحتوى بالضرورة. أن القيمة الجمالية تشمل الشكل في علاقته بالمضمون أما القيمة الأخلاقية فتختص بالمضمون فحسب

    وقد يظهر التوافق بين الأخلاق والجمال في الفن فتكون الفضيلة جميلة أو يظهر التنافر فيبدو المجرم أو الشيطان جميلاً, ولقد اعتقد بعضهم أن الجمال الفني يجب أن يخدم الهدف الأخلاقي وقال آخرون أن الجمال يقود بذاته إلى الفضيلة في حين قال ثالث أن القيمة الجمالية غريبة عن الأخلاق وأنه يجب تحرير الفن والجمال من القيم الأخلاقية الضيقة." ص 62 علم الجمال

    وهذا الثالث نظر للأمر نظرية شكلية وهي لعمري تدرس شكلياً لكنها في ذات الوقت تتفق مع المعنى من خلال عامل الزمن والذي أجد أنه لم يدرس في البحث الجمالي وحري بنا أن نثيره بإذن الله.
    رد مع اقتباس  
     

  9. #9 رد: علم الجمال 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    9- الانفعال الجمالي:
    التذوق هو بداية الانفعال يقول ابن خلدون عن الذوق : اعلم أن لفظة الذوق يتداولها المعتنون بفنون البيان , ومعناها حصول ملكة البلاغة للسان" بهاء الدين الزهوري – فعالية الناقد في رصد القيم الجمالية – الموقف الأدبي ع 141 ص 51

    ولنأخذها لنقول أنها في مجال الجمال حصول ملكة البلاغة للروح, فالروح هي المحرك للتحسس الجمالي , وتعبر الروح بسلوك انفعالي يظهر نفورها من الموضوع الجمالي , أو انفعالها به.
    والمرحلة الثانية هي انتقال هذا الانفعال نحو العقل, ليتحول لعملية إدراك وتقويم جمالي.


    نستطيع أن نقول أن الانفعال الجمالي قاسم مشترك بين جميع الناس , لكن الإدراك الجمالي يختص به القلة منهم. لأن الإدراك يقوم بوظيفة دراسة هذا الانفعال والبحث عن أسبابه وصفاته, بغية تكريسه , قد يساهم في هذا الإدراك جملة من العناصر النفسية والاجتماعية والتاريخية.

    وهنا نقول أن الحواس الخمسة هي الأدوات للتبصر بالجمال , لكنها غير قادرة على الإحساس بالجمال دون الحاسة السادسة , وهي حاسة التحسس الجمالي أو لنقل البصيرة الجمالية . بل تقع الحواس الخمسة فريسة الشكل, وتضيع في زيف الصورة ما لم تخترق البصيرة الشكل لتصل للجمال الحقيقي, وهنا قد نضع يدينا عند مشكلة من مشاكل التذوق الجمالي وهي :
    تأثير الإدراك الجمالي على الانفعال الجمالي.
    لنسأل هل يؤثر الإدراك الجمالي على الانفعال الجمالي.؟!
    يحاول العقل دراسة الانفعال الجمالي , وتحديد صفاته , لتكريس هذا الجمال الذي جلب السعادة للقلب والعقل, لا شك أن الانفعال سيصل للعقل من خلال شكل له صفات ما , فكيف يفهم العقل المادي الأمور المعنوية التي يحس بها القلب
    فلو أنفعل القلب بزخرفة ما , سيحاول العقل أن يدرس أسباب هذا الانفعال ويقول أن الزخرفة عبارة عن أشكال متناسقة منتظمة متموجة بشكل متوازي , والسر في جمالها إذن هو التناسق والسيمترية , ويصبح للجمال قواعد ثابتة, والمشكلة تكمن حين يحاول الإنسان الانفعال من خلال عقله لا بصيرته أو قلبه , وهنا سيقع في مصيدة زيف الشكل
    أظن أن هذه المشكلة من أعمق المشاكل التي تواجه الدراسة الجمالية
    والتي ربما سقط في التباساتها الكثير من النقاد وسنحاول أن نعرض أراء بعض منهم :
    هل الجمال في التناسق والنظام ؟!

    " قديماً قال أرسطو إن النظام والتناسق ( السيمترية) والتحدد هي الخصائص الجوهرية التي يتألف منها الجمال . وقديماً أيضاً ناقش أفلوطين هذا الرأي , فهو يرى أنه من الشائع القول إن تناسق الأشياء وتناسبها يكسبانها جمالاً . وعلى هذا لا يكون الجزء جميلاً وإنما يكون الجمال في الكل , ولكن إذا كان الكل جميلاً فقد كان من الواجب أن تكون الأجزاء كذلك , فليس من المكن أن يتكون الجمال من عناصر قبيحة. فالألوان والأصوات المفردة لا يمكن إنكار جمالها. وإذا كان الوجه الواحد يبدو في بعض الأحيان جميلاً وفي بعضها قبيحاً دون أن يحدث أي تغير في تناسقه فإن هذا يدل على أن الجمال شيء أخر غير التناسق ,وأن الشيء المتناسق جميل ولكن لسبب آخر غير تناسقه . ومن ثم ينتهي أفلوطين إلى أن الروح soul هي مصدر الجمال. وهي التي تجعل للأشياء حتى الأجسام الحق في أن تسمى جميلة , والواقع أن هربارت قد انتهى أيضاً – وليس في ذلك غرابة - إلى نفس النتيجة التي انتهى إليها أفلوطين , وهي أن عبقرية المؤلف هي التي تبث الروح والقيمة في العناصر المكونة للجمال وإلا كانت العلاقات المختلفة المكونة لهذه العناصر تكراراً مملاً" ص 100 نفس المصدر
    يقول كروتشه" الجميل هو ما يؤدي إلى غاية , أي النافع xpnoiliou ولكن إذا كان الأمر كذلك فإن الشر سيكون جميلاً أيضاً لأن النافع يقود إلى الشر كذلك " ص 75 الأسس الجمالية في النقد العربي.


    الإيقاع:
    يدرس تحت قانون الإيقاع التناسق والانسجام والنظام....
    " عرف سوريوا الإيقاع rythme بأنه تنظيم متوال لعناصر متغيرة كيفيا في خط واحد, بصرف النظر عن اختلافها الصوتي.ونستطيع من جانبنا أن نعطي صورة واضحة لمفهوم الإيقاع , ففي الشكل التالي:



    ___ أ___ ___ب___ ___ ج ___


    (الشكل لم يظهر وهو عبارة عن مستطيلات متناوبة اللون متساوية الحجم متلاصقة)

    على بساطتها تتمثل سبعة قوانين هي:
    1- النظام : وهذا واضح من الترتيب الذي سرت فيه الخطوط الملونة بالأسود والأبيض.
    2- التغير : ويتمثل في أن اللون الواحد لا يملأ المساحة كلها , ولكن هناك تغير من لون إلى أخر.
    3- التساوي : ويتضح في تساوي الخطوط
    .
    4- التوازي : وهو توازي هذه الخطوط.
    5- التوازن: وهو أن كل خط ملون بالأسود يتوازن ويتعادل مع خط ملون بالأبيض.
    6- التلازم: وهو أن كل خطين متجاورين تلازماً يتمثل في كل وحدة من الوحدات أ ب ج
    7- التكرار : ويتمثل في تكرار الوحدة المكونة من خطين.
    وطبيعي أن الذي ينظر إلى هذا الشكل لا يكشف فيه هذه القوانين كلها لأول وهلة ولكنه سيتأثر بها على كل حال . فهذه القوانين السبعة تعمل جميعاً في وقت واحد , وعملها المتلازم جميعاً ينتج ما نسميه الإيقاع , فالإيقاع هو الصورة المجردة من هذه القوانين , وهي صورة ندركها إدراكاً حسياً مباشراً , ولكننا حين نحاول تحليل هذا الإدراك فأننا لا محلة مضطرون إلى الكشف عن هذه القوانين" ص 102 الأسس الجمالية
    - ولنرى هذه السمات في نص أكثر عضوية وجمالية من هذا الشكل الجاف لنعرف كيف يمكن أن تعبر هذه الصفات عن جمال مدهش محير:
    قال الله تعالى "وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ 4 الرعد
    قطع وجنات وزرع

    متجاورات : التلازم
    صنوان وغير صنوان : التساوي في صنوان و التغير في غير صنوان , وتكرار صنوان وغير صنوان فيه تلازم كذلك( رغم أنه يسقى بماء واحد), وفيه كل
    ما ذكر أعلاه من الصفات السبع .
    نفضل بعضها على بعض: الدرجات والمراتب
    قطع : تعني التنظيم
    متجاورات : تعني التلازم والتناسق
    كذلك هناك التنوع من ذكر أكثر من نوع
    حرف الواو : التلاحق والزمن


    وفي هذه الآية القصيرة إيقاع عجيب , بنى تقسيماته أفقية و عمودية , والإيقاع له سمات قد يظهر منها التناسق والتنظيم والتلازم لكنها ظهرت في هذه الآية كلها فكانت مقطوعة إيقاعية رائعة
    إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون




    10 - خاتمة:
    علم الجمال هو علم سيحل الكثير من المشاكل النقدية , وسيكون الفصل في الكثير من الخلافات النقدية, بل أبعد من ذلك سيحل مشكلات الإنسان وآلته في ذلك إدراك الإنسان للجمال والبحث عن سره, ومما قدمنا نجد أن النقد يعاني من فجوة كبيرة من خلال غياب الزمن في النقد الجمالي , فالنقد الجمالي شكلي وهو لعمري شكلي , لكن ذلك لا يتعارض مع المعنى لأن الرابط بينهما هو الزمن , وحين يغيب الزمن يغدو الفصل واضح بينهما,وتقع الإشكاليات والتي يكون الفصل فيها دقيقاً جداً وبسيطاً في آن واحد, ولعي أجد الحاجة ماسة لبحث في هذا المجال ونأمل أن ييسر الله لنا سبله , وسيبقى الجمال خافياً ولن ينالنا منه إلا ظلال الظلال, فأدواتنا قاصرة قصور عقولنا عن إدراك الله , والله من وراء القصد.


    طارق شفيق حقي
    رد مع اقتباس  
     

  10. #10 رد: علم الجمال 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ألق الماضي مشاهدة المشاركة
    آمل ألا يطول انتظاري

    ربما طال قليلاً

    أتمنى أن تستمتعي به

    حياك الله
    رد مع اقتباس  
     

  11. #11 رد: علم الجمال 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    76
    معدل تقييم المستوى
    17
    الأستاذ الباحث المبدع / طارق حقي
    أشكرك عظيم الشكر على على هذا البحث المعمق في فلسفة الجمال ، فكثير من مبدعينا وللأسف لا يدركون معني هذه الفلسفة ، ولا أثرها في تنية مدراكهم الإبداعية . وجميل منك أن تعمقها في الفلسفة اليوناينة والإسلامية والحديثة .
    بالنسبة لجماليات القصيدة الحديثة : التفعيلة والنثر ، فأحب أن أوضح أن هناك دراسات عميقة تناولت هذا البعد مثل كتاب : د. علي عشري زايد ( رحمه الله ) بعنوان : بناء القصيدة العربية الحديثة ( عن شعراء التفعيلة ) وهو رصد أبرز الجماليات التي أبدعتها قصيدة التفعيلة . وهناك كتاب سوزان برنار عن قصيدة النثر ، وفلسفتها ، وجمالياتها ، وعشرات الكتب والأبحاث التي تحتاج إلى المزيد من الدراسة والعرض عن قصيدة النثر ، ونحن ننظر للإبداعات المشرقة فيها ، وليست السخافات من بعض الشعراء .
    تحياتي إليك
    التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي ; 08/08/2007 الساعة 11:48 AM
    رد مع اقتباس  
     

  12. #12 رد: علم الجمال 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د.مصطفى عطية جمعة مشاهدة المشاركة
    الأستاذ الباحث المبدع / طارق حقي
    أشكرك عظيم الشكر على على هذا البحث المعمق في فلسفة الجمال ، فكثير من مبدعينا وللأسف لا يدركون معني هذه الفلسفة ، ولا أثرها في تنية مدراكهم الإبداعية . وجميل منك أن تعمقها في الفلسفة اليوناينة والإسلامية والحديثة .
    بالنسبة لجماليات القصيدة الحديثة : التفعيلة والنثر ، فأحب أن أوضح أن هناك دراسات عميقة تناولت هذا البعد مثل كتاب : د. علي عشري زايد ( رحمه الله ) بعنوان : بناء القصيدة العربية الحديثة ( عن شعراء التفعيلة ) وهو رصد أبرز الجماليات التي أبدعتها قصيدة التفعيلة . وهناك كتاب سوزان برنار عن قصيدة النثر ، وفلسفتها ، وجمالياتها ، وعشرات الكتب والأبحاث التي تحتاج إلى المزيد من الدراسة والعرض عن قصيدة النثر ، ونحن ننظر للإبداعات المشرقة فيها ، وليست السخافات من بعض الشعراء .
    تحياتي إليك

    سلام الله عليك

    الدراسة كانت بداية بحاجة للتوسع أكثر فأكثر

    وقد لمست خلطاً كبيراً في مفاهيم النقاد , وصار مصطلح علم الجمال مبرراً لكل انزياح عن الأخلاق والخيرية البشرية بحجة الفن والجمال , رغم أن أصول هذا العلم ترتبط بالأخلاق والخير

    ومن من ناحية أخرى فإن فلسفة الفن ستحل كثيرا من المشكلات التي تخص ما يسمى شعر النثر

    وبإذن الله سيكون لنا وقفات مطولة كما كان في المربد مع هذا الملف

    حياك الله
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. سفر الدماء
    بواسطة د.محمد صبحي أيوب في المنتدى الشعر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07/03/2011, 04:40 PM
  2. ربع الحنان
    بواسطة نبراس الحق في المنتدى الشعر
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 21/01/2011, 06:05 PM
  3. يطير الحمام .. يموت الحمام - اليك غزة مرة اخر
    بواسطة عيسى الأخير في المنتدى الشعر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 30/04/2009, 08:01 PM
  4. كأس الخمر الحلال
    بواسطة إبراهيم العدوي في المنتدى الرسائل الأدبية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 04/02/2008, 02:42 PM
  5. نوح الحمام
    بواسطة المودني عبدالسلام في المنتدى الشعر
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 18/03/2006, 09:48 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •