أوزان الخليل
هل نعترف بوجود قصيدة النثر أم لا؟هل هي من الشعر العربي أم لا؟في اعتقادي الضعيف قصيدة النثر موجودة وتفرض نفسها بقوة ويجب أن نعترف بها كطفرة في الإنتاج الشعري العربي موازية للإنتاج الشعري بشكله التقليدي. المشكلة في القبول بها كعنصر إغناء وليس كعنصر تهديد أوتقويض.
تغنى الشعراء العرب الأوائل في شبه الجزيرة العربية بأشعارهم بشكل تلقائي عفوي فهم لم يعوا لا فعولن ولا مفاعيل وإنما كان الوزن وليد ظروف طبيعية وبشرية معروفة(الصحراء، القبيلة،...).عبر الشاعر العربي الشاب طرفة بن العبد عن هموم غرامه وأحاسيسه ،مدح ،افتخر،رثى...فاستوعبت الأوزان تعبيره،موسيقى وليدة هذه البيئة ،طربت لها أذن إنسان هذه البيئة،لماذا نلزم شاعرا عربيا شابا معاصرا مقيما في القاهرة حيث الظروف تختلف جملة وتفصيلا عما كان في زمان طرفة بالتدرب والتمرن وامتلاك هذه الآلة القديمة للتعبير عن هموم حبه،لماذا نتمسك بصلاحيتها لكل زمان ومكان.وإن ملك بعض المعاصرين ملكة التعبير بالشكل القديم فذلك ليس شرطا ملزما للجميع ..إننا نكبل الإبداع والخيال نضع شروطا كهذه ونقف ضد سنة التطور التغيير، نومن بهذه الأصول كحقيقة ثابتة ،نخاف التغيير.
ثار شعراء العربية التجديديون على الأنماط التقليدية ليس لعجزهم عن اكتساب آلة الشعر العربي التقليدي كما يعتقد البعض .الأمر ليس كذلك. إنها لم تسعفهم في تبليغ رسالتهم ،همومهم ،سخطهم،على واقع أمة مخز،تداعت عليها الأمم.فكان المشكل في إدخال تحسينات للآلة لآداء الوظيفة شأنهم شأن الرومانسيين والسرياليين عندما فروا من جحيم العقلانية المجحفة.لعبت زوابع الحداثة بأذهانهم ،وندبات سوط الغازي في قلوبهم،فكان السبيل البحث عن المخرج إيجاد الحلول والمتنفس للضيق الذي هم فيه.

عقلية القياس.
صب المتشبتون بالأصول جام غضبهم على طه حسين .لماذا ؟لأنهم لم يحاجوه بلغته.قام بقراءة التراث بمكروسكوب وضعي عقلي منطقي ،خاطبهم بلغة العقل فخاطبوه بلغة الاعتقاد،المهم وقعت خلخلة مجموعة من المفاهيم.الخلخلة كانت ستقع بطه حسين أو بغيره.يخاف التقليديون من كل شيء له علاقة بالغرب،الآخر.ألا يمتلكون منهجا نقديا للتمحيص وبالتالي تمييز الصالح من الطالح؟هل كل ما هو آت من الغرب غربي خالص،قد تكون بضاعتنا ردت إلينا، تم اجترارها.
ما علاقة هذه المقدمة بموضوع القصيدة النثرية؟
يربط المتشبت بالتقليدي بين علوم أساسها الاستدلال والاستنباط وربط الأسباب بمسبباتها بعلوم أساسها القياس ،يربط بين علم الحديث والفقه بعلم التاريخ وعلم العروض فيجعل من الأوزان أحاديث.يخافون على الأوزان كما يخافون على الأحاديث،يتحققون من القصيدة ، صحيحها من حسنها من ضعيفها،يتحققون من مدى مطابقتها لقصيد الجاهلية.لقد فطن ابن خلدون إلى الأمر ونبه إلى المزالق التي يقع فيها المؤرخ حينما يطبق منهج جمع الحديث على الوقائع التاريخية
منهج واحد يعمل به التقليدي شعوريا ولا شعوريا.يومن بذلك إيمانا.هل يعي التقليدي علاقة المنطق بالقياس؟إذا وعى هذه العلاقة سيتجاوز.