***
**
*

.. ولكنَّه نَثرُ القبَائل




نبـا السيـفُ والهـامُ العنيـدةُ تَصطـفّ
وقـد أيْنعـتْ لكـن نبـا دونهـا السَّيـفُ

كـأنْ لـم يكـنْ عَضبًـا يُـدوِّنُ مقطعـا
من الشعـر، والهَيجـاءُ يُنشدهـا الكـفُّ
ومـا كــان بـتّـارًا وأجــذمَ مـخـذمٍ
إذا الضارياتُ الغُمضُ عاج بهـا العسـفُ
ولا كــان هنـديًّـا ظبـاتُـه رحـلــةٌ
بـأروعَ خنذيـذٍ إلـى حيثمـا الـرَّجـفُ
ولا سفـرًا بالمُعتـديـن إلــى الــردى
وقد وجمـتْ عيـنٌ ومـا صـدَّقَ الطـرفُ
ولا عـبـرًا والـحـادثـاتُ هـواتــفٌ
بأخبارهـا الجُلَّـى، فمـا نزلـتْ سجْـفُ

نبا السيفُ، والتاريـخُ عـريٌ، ومـا نبـا
كـلامٌ مـن التاريـخ بالـوهـم يلـتـفُّ
كـأنَّ الـذي قـد كـان مـجـدا مـؤثـلا
علـى عَمـدٍ شمَّـاءَ لـم يعـرُه كـسـفُ
ولم تغتمضْ شمـسٌ ولـم يخْـبُ عمرُهـا
ولـمْ تغـدُ نثـرًا أمـةٌ مـا لهـا صـفُّ

زمـانٌ وقـدْ دارَ الزمـانُ كـمـا تــرى
على العربِ " الأمجادِ " واستحكـمَ الخلـفُ
موانـعُ، مـا بيـنَ الـحـدودِ، قـواطـعٌ
ولا إلف.َ هلْ يدنو مـنَ المُديـةِ الإلـفُ ؟
وهلْ يطرقُ المهوى وقـدْ أوقـد الغضـى
مجامـرَه تلـهـو، ومحجـرُهـا كـهـفُ
أم الـوحـدة الكـبـرى مـنــازلُ درَّسٌ
وقدْ وقفَ الباكـون وانصـرفَ الوصـفُ ؟
" لخولـة أطـلالٌ " هـل اسْتنـوقَ العلـى
ومـا برحـتْ أعناقُـه مائلـةً تغـفـو ؟
تراهـا تغـضُّ الطـرفَ تكتنـهُ الـمـدى
أم الشعرُ يدعو أنْ يُغـضّ لهـا طـرفُ ؟

" وقوفـا بهـا صحبـي " وللنخـل آيــةٌ
وآيـلـة أعْجـازُهـا حينـمـا تقـفـو !
ولا خطوَ تقفـو غيـر مـا تـرك النـوى
من الهذي في صحراءَ ضاعَ بهـا الخُـفُّ
حفـاةٌ مـن الأحـلام تَمضـي عصـائـبٌ
تحفُّ بهـا الأوهـامُ مـنْ حيثمـا تهفـو
ولا نعـلَ .. للأطـلال ذاكــرةُ الـسـدى
جـدارٌ مـن الأسْمـال يعـلـو ويلـتـفُّ
ولا أيــكَ يشـتـارُ الهـديـلُ أريَّـــه
مُنـادمـةً، والأيــكُ رُمـتـه كـهــفُ
فمـا نرتـدي إلا كهوفـا مــن البـلـى
وإلا صروفـا صبَّهـا الراقـدُ الصِّـرفُ !

تئـنُّ الجبـاهُ الناضـراتُ مـنَ الـونـى
ويَسـودُّ فـي إطراقِهـا البـارقُ الــرفُّ
قتـادُ الأسـى زادٌ ألا حـبـذا الـطـوى
إذا مـا سِنـادُ الأمـر أعْـوزه الثـقـفُ
ولا رُقـيـةٌ ، كــلُّ الـكـلام مـدائـنٌ
إذا سلسلـتْ معنـى تَشـرَّبـه الـزَّيـفُ
كـلامٌ، وقـد طـارَ الحـمـامُ وأقـفـرتْ
مرايـا، ولـم يعبـرْ حواشيَهـا حــرفُ
لكـم خطبـة عجمـاء سامرهـا الصَّـدى
كأن الصدى، من خطبـةٍ ، عـربٌ تغفـو!

يطيرُ الحمـامُ الحـرُّ مـنْ غبـش هَمـى
يحـط حمـامُ القلـب فـي نبـرةٍ تصفـو
علـى وتـر يحنـو وقـد شـدَّ قـوسَـه
إلـى وتـر، فـي القلـب، بالعـزِّ يلتـفُّ
وغـنـىَّ بـأقـدام البطـولـةِ شــارعٌ
له الصدرعمرٌ، ما الغنـاءُ ؟ ومـا الـدفُّ ؟
فلـولا انحـراقُ الـذاتِ معنـىً وسطـوةً
لما انسربتْ نـارٌ، ولا غمغـمَ الكشـفُ !

خـرائـبُ غـرثـى ذاتُـنـا ومـفــازةٌ
تَعاورهـا الإبـلاسُ واليـأسُ والـنـزفُ
إذا لــم يُتوِّجْـهـا انـحـراقٌ بـنـوره
ولم يَستبقْ شـوقٌ إلـى حيثمـا الشـوفُ
خرائـبُ تعـوي أم هـيَ الـذاتُ لا تنـي
عن اللغـو أم بيـداءُ غرَّبَهـا الطـوفُ ؟
كـأنَّ الحديـثَ المَحْـلَ غِربيـبُ نخـلـةٍ
تـوغَّـلَ تاريـخـا تطـاوحَـه العـقـفُ
فمِـنْ كـلِّ حِقْـفِ السـاريـاتِ تـذكـرًا
معالـمُ مـنْ طخيـاءَ يعـدو بهـا حقـفُ

علـى الأفـق والذكـرى تَمائـمُ صِرفـةٍ
إلـى خَبـر ترنـو وقـد همهـمَ الطـرفُ
هـنـالـكَ آيـــاتٌ ، وثــمــة دارةٌ
مـنَ العـزِّ سُقياهـا غَمائمُهـا الوُطـفُ
عَمائمُهـا زُهــرٌ ولا نـجـمَ غيـرهـا
إذا المُدلهمَّـاتُ اسْتعـرَّ بـهـا الحِـلـفُ
وحوَّم حـولَ الـدار مـنْ باشـق الـذُّرى
دَعــيٌّ تَغـشَّـاه حجـارتُـه الـرَّصـفُ
أتـى ضاريـا فانهـارَ مسعـى ومخلـبـا
وقـام خطيبـا فـي مضاربـه السـيـفُ

" ألا ما لسيـفِ الدولـةِ اليـوم عاتبـا "
ومـا ظفـرت رومٌ ولا استحكـمَ الخُلـفُ
" فداه الورى أمْضى السيـوفِ مضاربـا "
وهَـبَّ إليـه الشعـرُ والبشـرُ والــرَّفُّ
تـولـتْ فـلـولٌ والدمسـتـقُ خـرقـةٌ
منَ الرُّعبِ خرقـاءٌ وقـد ولـولَ الحتـفُ
أموقعـةٌ مــا راء أم أســدُ الـشـرى
إليـه سـرى والمَـوجُ بالمـوج يلتـفُّ ؟
أتـيٌّ مــن الإيـمـان عــمَّ زئـيـرُه
وأنشبَ ظفـرا عزمُـه فانجلـى الكسـفُ
وحملـقَ خبـلا ذا الدمسـتـقُ وانثـنـى
يُـحـاوره عـنـد انثنـاءتِـه الـخـفُّ

قتـامٌ مـن الإرجـافِ ينـهـشُ قلـبَـه
سـوادا إذا مـا شـابَ خضَّبـه الرجـفُ
وثقَّـفـه حـتــى ثـمـالـة أمْـتــه
وما اعوجَّ من أمـر لـه الرجـلُ الثقـفُ
وخـبَّــره أن الـمـجـنَّ مـهـلـهـلٌ
وأهـونُ منـه غـزو قـوم هـمُ الأنـفُ
وأن سيـوفَ العـربِ مشبوبـةُ الظـبـى
إذا جــرِّدتْ يصـحـو ... ولا يـغـفـو

فيـا ليـتَ شعـري والقصيـدةُ واحــةٌ
إليهـا يُولـي وجهـةً شـاعـرٌ صــرفُ
" ألا ما لسيـف الدولـة اليـوم عاتبـا "
أراء دويــلاتٍ ومــا راءه الـسـيـفُ
أمَ انــه وارى القـصـيـدة غـاضـبـا
وما راقـه الإقـواءُ ينـدى بـه الوقـفُ
ورابـه منهـا مـا تشظـى ومـا بـرى
وأعمـدةٌ معقـوفـةٌ أسُّـهـا الـحـذفُ ؟

فخـلِّ " مفاعيـلـن " يــرجُّ خبـاءَهـا
وخُـذكَ سـرى والليـلُ للمُنتهـى طـرفُ
لعـلَّ ديـار القـلـب تـبـدو ضواحـيـا
فـلا حـجـبٌ والسَّمهـريَّـةُ تصـطـفُّ
ألا " فاعلـن " يغشـى الكريهـة باسـمـا
يُنـاجـزُ صـرفـا والمهـامـزُ تلـتـفُّ
ويأتـي النواصـي و " المنايـا مواثـل "
وللنـقـع ألـهـوبٌ تـداولـه الحـتـفُ

فمـنْ عجـبٍ أنَّ الدُّمستـقَ مـا قـضـى
رمـادا وقـد وافـى دمـارا لـه عسـفُ
وأمَّ ديــارَ الـعـربِ يلـهـثُ قاصـفـا
ومـن عجـبٍ أنَّ الحصـارَ لـه سـيـفُ

ومـنْ تـعـبٍ أنَّ القبـائـلَ مــا درتْ
ومـا عبـرتْ خـوفـا يُـدثـره خــوفُ

هي الرومُ سيـفَ الدولـةِ اليـوم أقبلـتْ
بأبرهـةٍ، لا فـيـلَ، لكـنَّـه القـصـفُ

شــواظ سعـيـر يصطلـيـه أحـبــةٌ
فما ترتئي يا ابـنَ الحسيـن ومـا تقفـو؟

أنـحـرقُ ديــوانَ الفروسـيـةِ الـتـي
أتتهـا القوافـي منـكَ مادحـةً تهـفـو؟
أتَشـرَقُ بالمـاء الـذي حـاكَ غـصـةً
أم القصـة الثكلـى تهـمُّ ولا تصـفـو ؟

وفيمَ رحيلُ الشعـر عنـكَ إلـى الصَّـدى
كأنـكَ مـا قلـتَ افتخـارا ولـم تـقـفُ
ومـا الـشـارداتُ الآبــداتُ شـواهـدٌ
ولا الهاديـاتُ الغـاديـاتُ لـهـا ردفُ ؟

أحقـا عيـونُ الشعـر تلـكَ أم الـقـذى
تعقَّبها، يا ابـن الحسيـن، ولـم يطـفُ ؟
وكيـفَ مـدارُ العمـر لـيـسَ قصـيـدةً
تؤلـفُ مـا يربـدُّ مِـنْ دونـه الصـفُّ ؟

ولكـنـه نـثـرُ القبـائـل مـــا درى
ومـاءُ عـراق الخيـر يشربُـه القصـفُ

ومـاءُ عـراق الخـيـر ينـهـلُّ قـامـةً
مـنَ الكبريـاء الحـرِّ لـم يعْـره حـرفُ

هـي القامـة الشـمَّـاء لا تنحـنـي إذا
عواصفُ أرغـتْ واستبـدَّ بهـا العسـفُ
وإما صـدورُ " الأهـل " ضاقـتْ فأرَّخـتْ
مبـاذلَ مـن خُلـفٍ إذا ذكــرَ الحـلـفُ

هـيَ النخلـة / التاريـخ تنشـدُ مقطعـا
مـن القافيـاتِ البابلـيَّـاتِ إذ تصـفـو
هو الشعـرُ مـن نخـل العـراق قصيـدةٌ
تعالـى، إبـاءً ، ذلـك النخـلُ والعـرفُ
تعالـى علـى عـزفِ النـوائـب قــدرُه
وأربـى سُمـوًّا، مـن تمنعِـه ، العـزفُ
جنـاحـاه ســرٌّ : عــزة ومـهـابـةٌ
وذكرٌ: صمودُ الصخر مـا هـزه الرجـفُ

وقد سافرتْ، في الجـرح، أشـلاءُ وحـدةٍ
وسُلَّ، لكـي ينكـي جراحاتِهـا، السيـفُ
إذا حَملقـتْ ، بالبتْـر، عَـيـنُ أخُــوةٍ
تَوزَّعهـا الغافـون منـذ ابتـدا القصـفُ
فـمـا جمَّعتْـهـا قـافـيـاتٌ لأحْـمــدٍ
لتصفو كـأنْ عيـنُ العروبـةِ لا تصفـو!

زمـانٌ، وقـد عـاد الـزمـانُ بغـربـةٍ
مَدائنُهـا خُــرسٌ وأجراسُـهـا نــزفُ
هو البحـرُ فاحـذرْه " إذا كـان مُزبـدا "
وما زبدٌ، يا ابـنَ الحُسيـن، إذا يطفـو ؟
تكسَّـر مـاءُ البحـر وانفلـقَ الـصـدى
فراغـا، فـلا بحـرٌ، هنـاك، ولا طـيـفُ
وما قد ترى، يـا ابـنَ الحُسيـن، بـوارجٌ
تُحيـلُ النـدى نـارا إذا انهمـرَ القـذفُ

حـرائـق تــردي أم زنـابـق مثـلـة
تمـورُ بهـا الدنيـا ويأخذهـا النـزفُ ؟
كــأنَّ الليـالـي فـاقـداتٌ نجـومَـهـا
سوى شُهـبٍ ضـاءتْ يُضرِّجُهـا الحتـفُ

وبـغـدادُ لـيـلٌ مُطـبـقٌ بـحـصـاره
تخـاوصَ حتـىَّ فـارقَ الغلـةَ الرَّشـفُ
" تطـاولَ حتـىَّ قلـت ليـسَ بمنقـضٍ "
وأن الـذي يرعـاه هـمَّ بــه الكـهـفُ

وإذ جئـتُ بغـدادا أسائلـهـا الــرؤى
تـأوَّه صـوتٌ لا يغـيـم لــه حــرفُ

ألا إنـمــا بـغــدادُ أمُّ حــضــارةٍ
وبـابـلُ للدنـيـا عَجائبُـهـا الألـــفُ
ومنهـا الصُّـعـودُ المـولـويُّ أصـالـة
تحفُّ بها " الأعرافُ " و" الرومُ" و" الصفُّ "
هنـالـكَ فـجـرٌ والسَّـواعـدُ أهـبــةٌ
ولا يـدَ إلا دونَهـا تنْـطـوي السُّـجـفُ

هنـا مـاردٌ ، مـنْ أول الشعـر، خـالـدٌ
وإنْ زحفـتْ رومٌ وحـاصَـره الـزحـفُ
تَلاحقـتِ الآهــاتُ والـطـودُ شـامـخٌ
مــدارَ عـقــودٍ بابلـيـتُـه أنـــفُ
وأرسـلـتِ الأيــامُ مــنْ حدثـانِـهـا
غرابيـبَ لكـنْ غالهـا فــارسٌ ثـقـفُ

ومهمـا يكـنْ ظـلُّ الدمُستُـق شاخصًـا
يُــؤازره بـغـيٌ وينـصـرُه حـيــفُ
فإنـا الحصـارُ الحَـقُّ لـلأمَـم الـتـي
إذا اتحدتْ أسـرى إلـى يدِهـا الصَّـرفُ

عـراقَ صُمـودِ الحـقِّ ألــفُ تحـيـةٍ
سَلمـتَ مـنَ الأرزاء مـا تُلـيَ اللطـفُ
ومـا رقـرقَ المـاءَ الفـراتُ ودجـلـةٌ
ليطلـعَ مِـنْ رقراقـكَ الفـارسُ الـعِـفُّ
يُـجـرِّدُ مــن ذاتِ العـروبـةِ ذاتَـهـا
ويُلقـي حديثًـا، بَعـدَ بسْملـةٍ، سَـيـفُ