أعمال الدكتور محمد مندور المجهولة .. متى تري النور؟

حوار: د. زينب العسال
................................

أعمال د.مندور المجهولة.. متى تري النور؟ في الخامس من يوليو القادم تحل مئوية ميلاد الناقد الراحل الدكتور محمد مندور. في الوقت الذي استطاع فيه ابنه د.طارق الوقوف علي جانب هام من تراثه الذي كان مفقودا.. يقول د.طارق: قادتني الصدفة بعد أكثر من أربعين عاما علي وفاته إلي العثور علي الكثير من المخطوطات التي كانت ترقد في عمق الصندرة بمنزلنا وأهم هذه المخطوطات مخطوط كتاب فن القصة وكان ينوي طبعه وقد ذكر ذلك في حديثه مع الأستاذ فؤاد دوارة في ديسمبر 1964 في كتابه "عشرة أدباء يتحدثون" عن دار الهلال ومخطوط هام آخر هو محضر تحقيق النيابة مع الدكتور مندور في إحدي القضايا الكثيرة التي سجن بسببها لدفاعه عن الحرية وحقوق الوطن ووجدت مخطوطين لمسرحيتين غير مكتملتين من تأليفه الأولي باسم المفرد والجمع والثانية باسم "مأساة نفس" كذلك وجدت مخطوطا بعنوان أبحاث في الأدب وقد كتبه قبيل سفره إلي البعثة 29. 30 ومخطوط لمحاضرات المعهد العالي لفن التمثيل عام .58
عثرت كذلك علي تقرير باسم "التخطيط الثقافي" مرفوع للدكتور عبدالقادر حاتم وزير الثقافة كتبه قبل وفاته بفترة وجيزة. ويطرح فيه أفكاره العملية للتثقيف العام والدور الاستراتيجي للأجهزة الثقافية.
يضيف د.طارق: وجدت مخطوط ترجمة كاملة لكتاب "المدينة الإغريقية" تأليف جوستاف جلوتز ووجدت بعض المخطوطات في علم اللسان واللغة والكثير من الترجمات لأعمال شعرية عن الفرنسية والإنجليزية وترجمات عن اليونانية القديمة والكثير من الخطابات من وإلي مندور مع د.طه حسين ومصطفي النحاس ومصطفي عبدالرازق وكذلك مخطوط هام كتبه عقب عودته مباشرة من البعثة بعد أن أصبح البصر حديدا يناقش فيه ضمن ما ناقش فكرة استخدام الحروف اللاتينية لكتابة العربية.
ولعل من أهم المخطوطات التي وجدتها مخطوط لخمس عشرة محاضرة ألقاها د.مندور بمعهد الصحافة في العام الدراسي 1954/1955 بعد أزمة مارس 54 أي بعد اختفاء الصحف الحزبية وظهور صحف جديدة كجملة التحرير نصف الشهرية التي صدرت في سبتمبر ثم جريدة الجمهورية ديسمبر 53 ومجلة الثورة يوليو 54 وتبدأ المحاضرات بمحاضرة عن الصحافة ومقدماتها وكيف كانت سنة 1837 سنة فاصلة في تاريخ الصحافة ثم محاضرة عن صحافة الرأي وصحافة الخبر وتتوالي المحاضرات عن كافة جوانب الصحافة وعلاقتها بالرأي العام والسياسة والتوجيه الثقافي والأدبي وتنتهي المحاضرات بمحاضرتين أولاهما عن إصدار الصحف وتنظيمها أما الثانية فهي عن تنظيم الصحف وإدارتها وإن كان هذا المخطوط يعتبر مدخلا لفهم الصحافة وارتباطها بالواقع وتأثيرها فيه وتأثرها به فعلي الأرجح أن مندور قد أسهب في شرح مكونات هذا المخطوط أثناء محاضراته بما يتناسب مع تجربته الكبيرة منذ عشرينيات القرن الماضي حتي عام .1954
كانت بداية تعامل مندور مع الصحافة كتابات وطنية في صحيفة الحائط المدرسية بمدرسة طنطا الثانوية تندد بحكومة زيور التي خلفت حكومة سعد زغلول إثر مقتل السردار حتي أنه فصل من المدرسة فترة غير قصيرة قبل نهاية العام الدراسي "البكالوريا" عام 1925 والتحق مندور بكليتي الآداب والحقوق معا إلي أن تخرج منها عامي 29 و30 وأرسل في بعثته إلي فرنسا ومن هناك أرسل مقالات لمجلة الجامعة المصرية بداية من عام 1931 وأولها مقال عن حياة الشاعر الفرنسي فيني وأعماله ثم نشر له في مجلة الرسالة بداية من عددها الأول يناير 33 ترجمته لقصيدة بيت الراعي لألفريد دي فيني ومقالات أخري بمجلة الثقافة ونشر أيضا مقالات في الصحف الفرنسية ينتقد الحكومة الفرنسية لمعارضتها إلغاء الامتيازات الأجنبية في مصر ورد عليه وكيل وزارة الخارجية الفرنسية الذي كان يرأس وقتها الوفد الفرنسي في مفاوضات منترو وعقب مندور ونشر الوكيل تعليقا علي رأي مندور وعقب مندور بمقال مسهب وانتهي الأمر بموافقة الوفد الفرنسي علي إلغاء الامتيازات الأجنبية في مصر.
بعد عودته من البعثة عام 39 اشتغل بالتدريس بالجامعة إلي أن استقال منها عام 44 وانضم إلي أسرة تحرير جريدة المصري ثم عين رئيسا لتحرير جريدة الوفد المصري من فبراير 45 بجانب إصدار صحيفته الخاصة "البعث" في ثلاثة إصدارات أولها في 14/11/1944 ووصلت إلي العدد 12 ثم توقفت عن الصدور.
وبدأ الإصدار الثاني وعدده الأول بتاريخ 13/12/1945 إلي أن توقف بالعدد 16 إثر القبض عليه في 26/3/46 في قضية أقامها عليه صدقي باشا رئيس الوزراء ووزير الداخلية لكتابته مقالات تفضح صدقي لتهاونه بل تعاونه مع الإنجليز.
وبعد خروجه من السجن أصدر الإصدار الثالث لمجلة البعث وعدده الأول بتاريخ 25/4/46 ولكنها ما لبثت أن أغلقت إثر الحملة الكبري في 11 يوليو 1946 من صدقي باشا وإعلانه عن قضية الشيوعية الكبري حيث تم إغلاق 12 مجلة وجريدة والقبض علي 200 صحفي وكاتب.
ومن بين المجلات والجرائد التي أغلقت جريدة البعث وجريدة الوفد المصري اللتان كان يرأس تحريرهما وبعد ذلك رأس تحرير جريدة صوت الأمة وكتب الكثير من المقالات الأدبية والثقافية والسياسية في جرائد البلاغ وبلادي والأهرام والحوادث وغيرها وبعد 1952 كتب في مجلة الثورة وجريدة الشعب وجريدة الجمهورية وجميع المجلات المصرية والعربية السياسية والثقافية والأدبية وليس هنا مجال حصرها.
مقالات عن الصحافة
رأيت أن أضيف إلي مخطوط المحاضرات المذكورة ما كتبه د.مندور من مقالات عن الصحافة بشكل عام عبر حقبة الأربعينيات والخمسينيات وحتي منتصف الستينيات.
تبدأ هذه المقالات مع بداية عام 45 وقبل توليه رئاسة تحرير جريدة الوفد المصري بمقال بتاريخ 22/1/45 بجريدة الوفد بعنوان "الرأي العام" ويبين فيه أهمية الصحافة لتكوين الرأي العام المستنير ثم تتوالي المقالات عن مهمة الصحافة وحرية الصحافة وحقوق الصحافة وأنواع الصحف والصحفيين ومناقشة الإجراءات القانونية في التعامل مع الصحفيين ومناقشة الحبس الاحتياطي. وآفة الأخبار المضللة ومقالين عن حرية الرأي في مجالاتها ووسائلها.
هذه المقالات تكون مع المحاضرات رؤية الدكتور مندور للصحافة خلال حقبة تاريخية هامة من تاريخ الصحافة المصرية.
وفي النهاية يطرح ابن الناقد الراحل سؤالا هاما للمهتمين بالأدب والنقد وتاريخهم هل تستحق مخطوطات د.مندور المكتشفة أن تبحث وتنشر؟
.........................................
*المساء ـ في 26/5/2007م.