كتبها إلى قومه إياد يحذرهم من غزو كسرى ( ملك فارس : إيران حالياً ) إليهم ...
وهي من غرر الشعر العربي القديم ..
وما أحوجنا إلى مثلها اليوم ...

هاكموها كاملة :



يـا دارَ عَـمْـرة َ مـن مُـحـتـلِّـهــا الـجَـرَعــا
هـاجــتَ لــي الـهــمّ والأحــزانَ والـوجـعــا

تـامــت فــادي بــذات الـجــزع خـرعــبــة
مــرت تـريــد بــذات الـعـذبــة الـبِـيَـعــا

فـمــا أزال عــلــى شــحــط يـؤرقــنــي
طـيـفٌ تـعـمَّـدَ رحـلـي حـيـث مــا وضـعــا

ألا تـخــافــون قــومــاً لا أبــــا لــكـــم
أمـسـوا إلـيـكـم كـأمـثــال الـدّبــا سُـرُعــا

فـهــم ســراع إلـيـكــم، بـيــن مـلـتـقــطٍ
شـوكـاً وآخـر يـجـنـي الـصــاب والـسّـلـعــا

وتـلـبـســون ثـيــاب الأمـــن ضـاحــيــة ً
لا تـجـمـعـون، وهـذا الـلـيـث قــد جَـمـعَــا

وقــد أظـلّـكــم مــن شــطــر ثـغــركــم
هــولُ لــه ظـلــم تـغـشــاكــم قـطــعــا

جـرت لـمـا بـيـنـنـا حـبـل الـشـمـوس فــلا
يـأسـاً مـبـيـنـاً نـرى مـنـهــا، ولا طـمـعــا

إنــي بـعـيـنــي مــا أمّــت حـمـولُــهــم
بـطـنَ الـسَّـلـوطـحِ، لا يـنـظـرنَ مَـنْ تَـبـعــا

أبـنــاء قــوم تــأووكــم عــلــى حــنــقٍ
لا يــشــعــرون أضــــرَّ الله أم نــفــعــا

لـــو أن جـمـعــهــمُ رامـــوا بــهــدّتــه
شُـمَّ الـشَّـمـاريـخِ مــن ثـهــلانَ لانـصـدعــا

أنـتــمْ فـريــقــانِ هـــذا لا يــقــوم لـــه
هـصـرُ الـلـيــوثِ وهــذا هـالــك صـقـعــا

مـالــي أراكــم نـيـامــاً فــي بـلـهـنـيــة ٍ
وقـد تـرونَ شِـهـابَ الـحــرب قــد سـطـعــا

طـــوراً أراهـــم وطـــوراً لا أبـيــنــهــم
إذا تــواضــع خـــدر ســاعــة لــمــعــا

أحــرار فــارس أبـنــاء الـمــلــوك لــهــم
مـن الـجـمـوع جـمــوعٌ تـزدهــي الـقـلـعــا

فـي كــل يــومٍ يـسـنّــون الـحــراب لـكــم
لا يـهـجـعــونَ، إذا مــا غـافــلٌ هـجــعــا

فـاشـفـوا غـلـيـلـي بـرأيٍ مـنـكــمُ حَـسَــنٍ
يُـضـحـي فــؤادي لــه ريّــان قــد نـقـعــا

بـل أيـهـا الـراكـب الـمـزجـي عـلـى عـجــل
نـحــو الـجـزيــرة مـرتــاداً ومـنـتـجـعــا

خُـــرْزاً عـيـونُــهــم كـــأنَّ لـحـظَــهــم
حـريـقُ نـار تـرى مـنــه الـسّـنــا قِـطـعــا

ولا تـكـونـوا كـمـن قــد بــاتَ مُـكْـتـنِـعــا
إذا يـقــال لــه: افــرجْ غــمَّــة ً كَـنَــعــا

أبـلــغ إيــاداً، وخــلّــل فـــي سـراتــهــم
إنـي أرى الـرأي إن لــم أعــصَ قــد نـصـعــا

لا الـحـرثُ يـشـغَـلُـهـم بــل لا يــرون لـهــم
مــن دون بـيـضـتِـكــم رِيّــاً ولا شِـبَــعــا

صـونــوا جـيـادكــم واجـلــوا سـيـوفـكــم
وجــددوا لـلـقـســيّ الـنَّـبــل والـشّــرعــا

يــا لـهــفَ نـفـســي إن كـانــت أمـوركــم
شـتـى َّ، وأُحْـكِـمَ أمـر الـنــاس فـاجـتـمـعــا

وأنـتــمُ تـحــرثــونَ الأرضَ عـــن سَــفَــهٍ
فــي كــل مـعـتـمــلٍ تـبـغــون مـزدرعــا

اشــروا تـلادكــم فــي حــرز أنـفـســكــم
وحِــرْز نـسـوتـكــم، لا تـهـلـكــوا هَـلَـعــا

وتُـلـقــحــون حِــيــالَ الــشّــوْل آونـــة ً
وتـنـتـجــون بــدار الـقـلـعــة ِ الـرُّبــعــا

ولا يــدعْ بـعـضُـكــم بـعـضــاً لـنـائـبــة ٍ
كـمـا تـركـتـم بـأعـلـى بـيـشـة َ الـنـخـعــا

اذكـوا الـعـيــون وراء الـســرحِ واحـتـرســوا
حـتـى تـرى الـخـيـل مـن تـعـدائـهـارُجُـعــا

فــإن غُـلـبـتــم عـلــى ضـــنٍّ بــداركــم
فـقــد لـقـيـتــم بـأمــرِ حـــازمٍ فَــزَعــا

لا تـلـهـكــم إبــلُ لـيـســت لـكــم إبـــلُ
إن الــعــدو بـعــظــم مـنــكــم قَــرَعــا

هـيــهــات لا مـــالَ مـــن زرع ولا إبـــلٍ
يُـرجــى لـغـابـركــم إن أنـفـكــم جُــدِعــا

لا تـثـمــروا الــمــالَ لــلأعــداء إنــهــم
إن يـظـفــروا يـحـتـووكــم والـتّــلاد مـعــا

والله مــا انـفــكــت الأمـــوال مـــذ أبـــدُ
لأهـلـهــا أن أصـيــبــوا مـــرة ً تـبــعــا

يــا قــومُ إنَّ لـكــم مـــن عـــزّ أوّلــكــم
إرثـاً، قـد أشـفـقـت أن يُــودي فـيـنـقـطـعــا

ومــايَــرُدُّ عـلـيــكــم عــــزُّ أوّلــكـــم
أن ضــــاعَ آخــــره، أو ذلَّ فـاتــضــعــا

فـــلا تـغـرنــكــم دنــيــاً ولا طــمـــعُ
لـن تـنـعـشــوا بـزمــاعٍ ذلــك الـطـمـعــا

يـا قـومُ بـيـضـتـكــم لا تـفـجـعــنَّ بـهــا
إنــي أخــافُ عـلـيـهــا الأزلــمَ الـجـذعــا

يــا قــومُ لا تـأمـنــوا إن كـنـتــمُ غُــيُــراً
عـلـى نـسـائـكــم كـســرى ومــا جـمـعــا

هــو الـجــلاء الــذي يـجـتــثُّ أصـلــكــم
فـمــن رأى مـثــل ذا رأيــاً ومــن سـمـعــا

قـومـوا قـيـامـاً عـلــى أمـشــاط أرجـلـكــم
ثـم افـزعـوا قـد يـنـال الأمــن مــن فـزعــا

فــقــلــدوا أمــركـــم لــلـــه دركــــم
رحـبَ الـذراع بـأمـر الـحــرب مـضـطـلـعــا

لا مـتـرفــاً إن رخــاءُ الـعــيــش ســاعــده
ولا إذا عـــضَّ مــكــروهُ بـــه خــشــعــا

مُـسـهّــدُ الـنــوم تـعـنــيــه ثـغــوركــم
يــروم مـنـهــا إلــى الأعــداء مُـطّـلــعــا

مــا انـفــك يـحـلــب درَّ الـدهــر أشـطــره
يـكــون مُـتّـبَــعــا طـــوراً ومُـتـبِــعــا

ولــيــس يـشـغَــلــه مـــالٌ يــثــمّــرُهُ
عـنـكــم، ولا ولــد يـبـغــى لــه الـرفـعــا

حـتـى اسـتـمـرت عـلــى شــزر مـريـرتــه
مـسـتـحـكـمَ الـسـنِ، لا قـمـحـاً ولا ضـرعــا

كـمـالِــك بـــن قــنــانٍ أو كـصـاحــبــه
زيـد الـقـنـا يـوم لاقــى الـحـارثـيــن مـعــا

إذّ عـابــه عـائــبُ يـومــاً فــقــال لـــه:
دمّـث لـجـنـبـك قـبـل الـلـيـل مـضـطـجـعـا

فــســاوروه فـألــفــوه أخــــا عــلـــل
فـي الـحـرب يـحـتـبـلُ الـرئـبـالَ والـسـبـعـا

عــبــلَ الـــذراع أبــيــاً ذا مــزابــنــة ٍ
فـي الـحـرب لا عـاجــزاً نـكـســاً ولا ورعــا

مـسـتـنـجــداً يـتّـحــدَّى الـنــاسَ كـلّـهــمُ
لـو قـارعَ الـنـاسَ عــن أحـسـابـهــم قَـرَعــا

هــذا كـتـابــي إلـيـكــم والـنـذيــر لـكــم
لـمــن رأى رأيــه مـنـكــم ومــن سـمـعــا

لـقـد بـذلــت لـكــم نـصـحــي بــلا دخــل
فـاسـتـيـقـظـوا إن خـيـرَ الـعـلـم مـا نـفـعـا


تحياتي ،،
د.ماجد الرقيبة
بادية سيناء _مصر .