محمد البياتي شاعر عربي فذ من العراق .. ولطالما كان العراق معطاءً من أبي الطيب المتنبي الكوفي إلى محمد الجواهري ..

وهذا الشاعر _ ربما _ لم يسمعْ عنه الكثير ، وهذا _ كما قيل _ لليأس من الظفر بجيد ...
وهذا ليس عيباً في الشاعر إذا لم يكن في القارىء .

أنا لا أعرف عنه الكثير ، ولكن أعرف أنه كان شقياً فقيرا تخرج من جامعة بغداد ( الهندسة لربما ؟ ) ، وأنه مات شابا صغيرا مخلفا ديوانه الوحيد ( قمر المتاه ) والذي لم ينشر في حياته .
الغرابة أن الديوان موضوعه ( الموووت ) في أبشع صوره
فتسمع مرادافاته ( الرحيل ، القبور ‘ الزمان ، الطفل ، الفارس ... ) ، فكأنه صادف هوىً في نفس الشاعر.

للإطلاع على الديوان كاملا ( قمر المتاه )
فالرجاء زيارة الموقع :



وستعرفون من هو محمد البياتي !

وإليكم إحدى غرره بعنوان ( آخر معلقة للغفران ! )


وقف عليك من الرحيل شجونُها


ومن الطلول الدارسات حنينُها

ومن الرعود الغارسات نصولها

في لحم غيمك، أن تسحَّ جفونُها

ومن القفار الجاثمات على المدى

كالأسد يجتر الزئير عرينُها

ما تقتري إثر الصدى في ليلة

يرتدُّ وحشاً من صداك سكونُها

موسى، تبرَّأْ من عصاك فحيثما

وجهت وجهك رابض فرعونُها

البحرُ ميت لاضراب تفيقه

ويهودها صبأت وقوض دينها

ما أنت إلا كوكبٌ في غيهبٍ

وتدك أزمنةً عليك قرونُها

ما أنت إلا غزوةٌ مسبيةٌ

فكن التي يوماً أردتَ تكونُها

وذر العواصفَ نابشاتٍ في الثرى

يا ما تساوي حيُّها ودفينُها

كن لحظةَ الجدوى بدنياي التي

شابت سدىً أيامُها وسنينُها

لا غابةً فرّاسةً في جسمها

تقتات حبات الثمار غصونُها

كن فسحةً صغرى يمر خلالها

ومض الشعاع لتستبين ظنونُها

غضبانُ... مااتفقت خطاك ولادرت

يسراك في ماذا تخب يمينها

غضبانُ.. تلعن لا غفرت خطيئة

حتى يكفرَ ما يسوءُ لعينُها


والتين والزيتون والبلد الذي

يمتص تين حياته زيتونُها

سَتُرَدُّ هذي الأرض نحو جحورها

وتقيءُ موتاها عليك بطونُها



كن نوحها، تنجُ السفينُ بأهلها



وليبتلع جلمود أرضك طينُها

دع عنك موتك لست أول من نجا



لو غاص في بحر الدماء سفينُها

كم جرَّبتْ فيك المنيةُ سيفها



ونعى بنعيك فقدها تأبينها

كم هدهدتك وارضعتك صروفُها



كم عللتك النائبات دجونُها

كم خيرتك وما تخير غيرها



فاخترت إلا ما يكون قرينها

حانت بها الآجال لما اخترتها



وهي التي ما حان يوماً حينّها

وثوت كأن الله أوقف جريها



وثوى عليها طودُها وحصونُها

من لي بزوبعةٍ تشق مهبها



مفتضةً بكر القبورِ منونُها

من لي إذا اكتهلت خطاي بمهمه



يسري بقافلتي التشِتُ ظعونُها

مثوى لأرواح تئن بقاعها



روحي، وهُوجُ الميتين خزينُها

ريحٌ مسافرةًٌ بعصرٍ مقفرٍ



متشبثاتٌ في ثراه سنينُها

سيفٌ تعثرَ بالجراح كأنهُ



لما تضمَّخَ بالدما مطعونُها

قلَّبْ رياحَكَ ما استطعت فربما



ما كان ميتاً في مداك جنينُها

قلَّبْ رياحَكَ، لو رَأَتكَ دقيقةٌ



لتصخَّرتْ خلل الدهور عيونُها


قلبْ رياحك فالرجولة قد غدت



أدنى إلى كعب النعال ذقونُها

سيان في حسبان دمعة عينها



تهجيرها في الجفن أو توطينُها

قلقاً يمرُّ الكون عبرك خائضاً



لجج القرون كأنه مجنونُها

وكأنما الأيام مفرغة الدقا



ئق في الردى أو نافدٌ مخزونُها

وكأنما سجن السنين طلولها



وكأنَّ سجانَ السنين سجينُها


تحياتي ،،،

ماجد الرقيبة