http://www.thaqafa.org/Blogs/default.aspx
صلى عليك الله يا علم الهدى


المصلحون أصابع نسجت يداً هي أنت، بل أنت اليد البيضاء

لماذا تُدخل النصوص الدينية في كل كتاباتك؟

سؤال وُجّه إلي، فوجدتها مناسبة للكتابة في هذا الأمر الذي أرى أنه مهمٌّ بيانه وواجب إيضاحه، وبخاصة في هذا العصر الذي غلبت عليه الأفكار العلمانية بشتى طرقها وطرائقها، والتي تحرّم أن يكون للدين دور في الحياة الإنسانية، وما الدين إلاّ علاقة روحية خصوصية بين الإنسان وربه لا تتجاوزها إلى حركة الحياة، "الأسرة ، التعليم، العمل، العلاقات الاجتماعية، والحياة السياسية، والعسكرية..الخ".

وما درى هؤلاء أن هذا الفكر الذي يحكمهم هو دين أيضاً بالمفهوم اللغوي له {مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ}76 يوسف.

وعندما يتحدث هؤلاء ويكتبون لا يلتفتون أبداً إلى دين الله المتمثل في كتابه وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم.

ويستشهدون ويحتجون ويتمثلون بقول فلان وعلاّن من الفلاسفة والمفكّرين الأرضيّين فيقولون:قال ماركس، نيتشه، دوركاين، روسو، أفلاطون، كوهلر، سارتر..الخ

وإذا كان الكاتب العلماني عربياً فإنه يحتج بأحوال وكتابات المنسوبين للإسلام ولكن أفكارهم ومناهجهم فيها انحراف وضلال عن دين الله مبين.

إني أرى أني بحكم إسلامي وانتمائي لهذا الإسلام عقيدة وشريعة ومنهاج حياة يجب أن تكون مرتكزاتي ومنطلقاتي مستنبطة ومستقاة من مصادر الإسلام الذي هو دين الله الخاتم للعالمين، وأن هذا الإسلام نظام كامل تام {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينً}3 المائدة

وأن هذا الإسلام جاء ليحكم حركة الحياة كلها النفسية والروحية والمادية و ينظم العلاقة بين الإنسان ونفسه، وأهله، وأصدقائه، وأقاربه، وجيرانه، ومجتمعه، وحاكمه. كما ينظم العلاقة بين الدولة المسلمة والدول الأخرى المحاربة والمسالِمة والمعاهِدة.

وأن الدولة المسلمة دستورها وقانونها ونظامها كله قائم على نصوص القرآن والسنة النبوية ولا يجوز بحال من الأحوال الانتقاء نأخذ هذا ونترك ذاك { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}البقرة 85

{ وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً } الإسراء73

إنني أفاخر الدنيا بديني العظيم الذي رضيه الله لي وشرّفني بلإنتساب له وأخرجني به من الظلمات إلى النور { أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }الأنعام 122

إنني أرى نفسي واقفاً بكل كبرياءٍ وعزةٍ وشموخ أمام كل طواغيت الأرض مرددا الكلمات الخالدات اللات زلزل بها ربعي بن عامر رسول المسلمين في مجلس يزدجرد:

( الله ابتعثنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ) .

وأرفع صوتي عالياً بقول عمر الفاروق رضي الله عنه:

"نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمتى ابتغينا بغير الإسلام أذلنا الله".

كيف لا يكون كلامي كله قال الله وقال رسول الله وأنا أتلو قول الله:

{ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ }140 البقرة.

{ قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

و{ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} الملك 14

وأيم الحق إني لأستحيي أشد الحياء أن أذكر اسم العلمانية فلاناً أو الشيعية علاّنا واترك قول الله وقول رسول الله أو قول أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير ومالك وأبو حنيفة والشافعي وابن حنبل وابن تيمية وسيد قطب.. الخ.

وأنا أعلم أن ديننا العظيم لم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا وله فيها حكم وقضاء أو بيان وإرشاد أو زجر وترهيب أو أمر وترغيب. { ما فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ }

فلما أستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير أيليق بالعاقل القمم السامقات والنجوم النيرات وألجأ إلى الكهوف والمغائر المعتمة { أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } الملك 22

{ وما يستوي الأعمى والبصير *ولا الظلمات ولا النور *ولا الظل ولا الحرور *وما يستوي الأحياء ولا الأموات }فاطر

أسمح لنفسي أن أتحدى إن كانت مسألة أو هي كائنةٌ وليس للإسلام فيها قول وبيان وحكم.

وأتحدى أن يكون في ديننا قرآنا وهديا نبويا ما يستحيى منه _ وحاشى لهما فقد قضي الأمر وجفت الصحف إن القول الفصل في ذلك ما قال نبينا الكريم:

(مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ)البخاري

أن القضية فيما أرى لها تعلق بمدى اختراق العدو للذات والنفس وهو ما يسمى بالهزيمة النفسية - إنها مربط الفرس -.

كثيرون يرون أنهم ضعاف مهزومون ماديا ومعنويا وأن العدو يملك البر ويملك البحر والفضاء وأنهم يلبسون ممّا يصنع ويأكلون ممّا يزرع.. فتتهاوى النفس وتصرع أمام هذا الغزو المبرمج فتتحول الماديات التي يغزون بها إلى أفكار وبرامج ومناهج وإعلام..الخ

نحن المسلمين يجب أن ندرك حقيقة المعركة وطبيعتها وكيف نتعامل معها وأن النصر مع الصبر وأن مع العسر يسرى نحن المسلمين نؤمن أن الزبد سيذهب جفاء وأن ما ينفع الناس سيمكث في الأرض.

نحن المسلمين نؤمن أن هذا الأمر سيبلغما بلغ الليل والنهار:
عَنْ تَمِيمٍالدَّارِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ )
وَكَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ يَقُولُ قَدْ عَرَفْتُ ذَلِكَ فِي أَهْلِ بَيْتِي لَقَدْ أَصَابَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ الْخَيْرُ وَالشَّرَفُ وَالْعِزُّ وَلَقَدْ أَصَابَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ كَافِرًا الذُّلُّ وَالصَّغَارُ وَالْجِزْيَةُ.
نحن المسلمين نؤمن أن الذي صدق فالأولى سيصدق حتماً في الثانية:

( لتفتحنالقسطنطينيةولنعم الأمير أميرها ولنعمالجيش ذلك الجيش(
ولقد فتحت على يد القائد التركي المسلم محمد الفاتح.

قال عبد الله بن عمرو: ( بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب ، إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي المدينتين تفتح أولا : قسطنطينية ، أو رومية ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا ، بل مدينة هرقل أولا .). سنن الدارمي، ورواه أحمد ورجاله رجال الصحيح

وسنَفتحُ روما...

{ إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً *وَنَرَاهُ قَرِيباً }7 المعارج

{ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } آل عمران الآية 140
نحن المسلمين نؤمن بقول الله:{ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ }38 محمد

ونؤمن بقول رسولنا الكريم والعظيم: ( لا تزال طائفةمن أمتي قائمة بأمر الله ، لايضرهم من خذلهم أو خالفهم ، حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس ).

وهل أصابنا الذل والهوان إلا حين تخلينا عن ديننا؟

في الحديث الشريف عن ابن عمر: (إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ، ورضيتم بالزرع ، وتركتم الجهاد ، سلطالله عليكم ذلا لا ينزعهحتى ترجعوا إلى دينكم)-إسناده صحيح

فلنستمع ولنقرأ ولنتأمل قول عمرو بن العاص : خرج جيش من المسلمين أنا أميرهم حتى نزلنا الإسكندرية فقال لي عظيم من عظمائهم : أخرجوا إليّ رجلاً أكلمه ويكلمني ، فقلت: لا يخرج إليه غيري ، فخرجت مع ترجمانه حتى وضع لنا منبران ، فقال: ما أنتم ، فقلنا:
« نحن العرب ، ونحن أهل الشوك والقرظ - ورق شجر السلم يدبغ به - ، ونحن أهل بيت الله ، كنا أضيق الناس أرضا ، وأشده عيشا ، نأكل الميتة والدم ، ويغير بعضنا على بعض بِشرّ عيشٍ عاش به الناس ، حتى خرج فينا رجل ليس بأعظمنا يومئذ شرفاً ، ولا بأكثرنا مالاً ، فقال : أنا رسول الله إليكم ، يأمرنا بأشياء لا نعرف ، وينهانا عما كنا عليه وكانت عليه آباؤنا ، فشنفنا له ، وكذبناه ورددنا عليه مقالته ، حتى خرج إليه قوم من غيرنا ، فقالوا : نحن نصدقك ونؤمن بك ، ونتبعك ونقاتل من قاتلك ، فخرج إليهم وخرجنا إليه ، فقاتلناه فقتلنا ، وظهر علينا وغلبنا ، وتناول من يليه من العرب فقاتلهم حتى ظهر عليهم ، فلو يعلم من ورائي من العرب ما أنتم فيه من العيش لم يبق أحد إلا جاءكم حتى يشرككم فيما أنتم فيه من العيش » مسند أبي يعلى الموصلي ج15 ص160.