بسم الله الرحم الرحيم
أنت على موعد مع.
أيها المسلم الحبيب :
لو ذكُر لك :
- انك على موعد مع رئيسك في العمل .
- أنك على موعد مع شخصية مرموقة .
- أنك على موعد مع مطربك المفضل .
- أنك على موعد مع لاعب كرة له مكانة في قلبك .
- أنك على موعد مع جائزة .
فماذا تفعل ؟
فهل أنت متمن لهذا اللقاء هل تتعجله ؟
أتظن انك سوف تكون في غفلة عن هذا اللقاء ، أم انك سوف تكون على استعداد تام حتى إذا نودي عليك أجبت ، أليس كذلك ؟!.
بل نقول :
ما من لحظة تمر عليك إلا وأنت في انتظار المنادي متى ينادي باسمك لتجبين ، فلقد أسكت كل جوارحك حتى لا يفوت عنك الاستماع للمنادي ، أليس كذلك ؟.
ونحن نقول لك :
أيها الحبيب :
أنت على موعد مع محبوب ، فهل ترغب في ذلك ، أم ترغب عن ذلك ؟
(( أنت على موعد مع الله ))
فهل تتمنى أيها الحبيب ذلك الموعد أم تكره هذا اللقاء ؟
نقول لك : أسأل قلبك : هل أنت تتمنى ذلك الموعد أم لا تتمناه ؟
,إن كنت لا تتمناه بقلبك قلنا :
لماذا وما السبب ، أترغب عن لقاء ربك ؟
وأن قلت : بل أرغب .
قلنا لك : ما هي استعداداتك لهذا اللقاء، وما هو استعدادك النفسي لهذا اللقاء ؟
أتبيت وأنت تحلم متى يأتي ذلك اليوم الموعود ؟
أيطير قلبك فرحا وشوقا لهذا اللقاء ؟
أيها الحبيب :
فما بالك لا تفرح بلقاء ربك كفرحك بهذا المخلوق ؟
مالك وعدم الاستعداد لهذا اللقاء ؟
قد يقول قائل :
بل أنا في شوق للقاء الله !.
قلنا لك :
- من أحب لقاء الله .
- ومن تمنى لقاء الله .
- ومن كان في شوق للقاء الله .
كان مستعدا لذلك .
أأنت أخذت الاستعدادات اللازمة لذلك ؟
وقبل أن تجيب نقول لك :
مهلا أيها الحبيب ، احتفظ بإجابتك ، وامسك لسانك إلى آخر المقال ؛ للنظر أتصدق فيما قلنا أم إن الأمر يحتاج إلى مراجعة .
اعلم أيها الحبيب :
(( إن المرء مع من أحب ))
ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين )).
بل أنظر إلى نبيك وحبيبك المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول :
(( أتاني ربي تبارك وتعالى في أحسن صورة ، وقال : سل .قلت : اللهم إني أسالك فعل الخيرات وترك المنكرات ، وحب المساكين ، وان تغفر لي ، وترحمني ، وإن أردت بقوم فتنة فتوفني إليك غير مفتون ، وأسألك حيك وحب من يحبك ، وحب كل عمل يقربني إلى حبك )).
وقال صلى الله عليه وسلم :
(( إنها حق فادرسوها ثم تعلموها ))
وهذا أنس بن مالك رضي الله عنه يذكر أن رجلا سال النبي صلى الله عليه وسلم قال : متى الساعة يا رسول الله ؟
قال صلى الله عليه وسلم : (( ما أعددت لها ؟))، فقال : ما أعددت لها من كبير صلاة وصيام ولا صدقة ، ولكني أحب الله ورسوله .
فقال صلى الله عليه وسلم : (( أنت مع من أحببت)).
أيها الحبيب : أختبر محبتك لربك ، قال الله تعالى مبينا السبيل الذي يعرف من خلاله محبة العبد لربه :
﴿ قُلْإِنكُنتُمْتُحِبُّونَاللّهَ فَاتَّبِعُونِييُحْبِبْكُمُاللّهُوَيَغْفِرْلَكُمْذُنُوبَكُمْوَاللّهُغَفُورٌرَّحِيمٌ﴾ [ آل عمران :31].
فثبات هذه المحبة وإثباتها ، يكون بمتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم في أقواله وأعماله وأخلاقه ، محبة تبعث على إيثار الحق على غيره .
ولتعلم :
أن أطيب الحياة أن تكون محبا لله محبوبا له ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( يقول الله عز وجل : من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ، وان سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن يكره الموت وأنا اكره مساءته )).
فهذا العبد محب لربه محبوب من ربه ، متقرب إلى ربه ، وربه قريب منه .
فالمحب هو المتقرب لربه بالأعمال الظاهرة والباطنة .
المحب محب لطاعة ربه وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم .
فنقول أيها الحبيب : ما أسهل الدعوى وما أعز المعنى .
فالمحبة شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء ، ثمارها تظهر في القلب واللسان والجوارح .
ولقد نادى الله تعالى على الطائفة المؤمنة مبيناً لهم صفات المحبين له.
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَآمَنُواْمَنيَرْتَدَّمِنكُمْعَندِينِهِفَسَوْفَيَأْتِياللّهُبِقَوْمٍيُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُأَذِلَّةٍعَلَىالْمُؤْمِنِينَأَعِزَّةٍعَلَىالْكَافِرِينَيُجَاهِدُونَفِي سَبِيلِاللّهِوَلاَيَخَافُونَلَوْمَةَلآئِمٍذَلِكَفَضْلُاللّهِيُؤْتِيهِمَنيَشَاء وَاللّهُوَاسِعٌعَلِيمٌ﴾ [ المائدة :54].
فهذه صفات أربعة اشتملت عليها هذه الآية لصفات المحبين :
(1) الذلة على المؤمنين ولين الجانب وخفض الجناح والرحمة والرأفة للمؤمنين .
(2) أعزة على الكافرين شدة وغلظة عليهم .
(3) الجهاد في سبيل الله ومجاهدة الأعداء باليد والمال واللسان .
(4) لا يخافون في الله لومة لائم ، يجتهدون فيما يرضي الله به من الأعمال ، لا يبالون من لامهم في شيء منه إذا كان فيه رضا ربهم.
وكذا صفات المحبين :
متابعتهم الرسول صلى اله عليه وسلم ؛ فطريق محبة الله للعبد أن يكون تابعا لهدي رسوله صلى اله عليه وسلم .
ومن علامات الحب : أن يكون مؤثرا ما أحب الله تعالى على ما يحبه في ظاهره وباطنه ، وان يتنعم بالطاعة ولا يستثقلها ويسقط عنه تعبها .
ومن علامات المحب :
الشوق إلى الله عز وجل ؛ قال سبحانه :
﴿ مَنكَانَيَرْجُو لِقَاءاللَّهِفَإِنَّأَجَلَاللَّهِلَآتٍوَهُوَالسَّمِيعُالْعَلِيمُ ﴾ [ العنكبوت : 5].
وقال صلى الله عليه وسلم:
(( اللهم بعلمك الغيب ، وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي ، وتوفني إذا علمت الوفاة خيراً لي ، اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة ،وأسألك كلمة الإخلاص في الرضا والغضب ، وأسألك القصد في الفقر والغنى ، وأسألك نعيما لا ينفد ، وأسألك قرة عين لا تنقطع ، وأسألك الرضا بالقضاء ، وأسألك برد العيش بعد الموت ، وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقاءك غير ضراء مضرة ، ولا فتنة مضلة ، اللهم زينا بزينة الإيمان ، واجعلنا هداة مهتدين )).
ون علامات المحب :
﴿ كَانُواقَلِيلًامِّنَاللَّيْلِمَايَهْجَعُونَ ﴾ [ الداريات:17].
ولذا قال النبي صلى اله عليه وسلم .
(( من أحب لقاء لله ، أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه)).
أيها المسلم الحبيب :
أيهما أحب إليك ؟
﴿قُلْإِن كَانَآبَاؤُكُمْوَأَبْنَآؤُكُمْوَإِخْوَانُكُمْوَأَزْوَاجُكُمْوَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌاقْتَرَفْتُمُوهَاوَتِجَارَةٌتَخْشَوْنَكَسَادَهَاوَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَاأَحَبَّإِلَيْكُممِّنَاللّهِوَرَسُولِهِوَجِهَادٍ فِيسَبِيلِهِفَتَرَبَّصُواْحَتَّىيَأْتِيَاللّهُبِأَمْرِهِوَاللّهُلاَيَهْدِي الْقَوْمَالْفَاسِقِينَ﴾ [ التوبة : 24[.
فهذه الآية تمثل لك مجالا لاختبار حبك لربك تعالى .
وختاماً ..
نقول لك أيها الحبيب :
إن هذا الموعد حتمي لا محالة ، أرغبت أم لم ترغب ، ولكن أعطاك الله الفرصة لكي تتجمل وتتزين في أحسن ملبس يتفق مع موعدك مع الله ، فما هي الملابس التي أعددتها لهذا اللقاء ؟
فلتعلم أيها الحبيب :
أن الملابس ما ينبغي أن تكون إلا من مادة واحدة ، لا يصلح لهذا اللقاء غيرها ، أتعرفها أم لا تعرفها ؟
﴿ وَلِبَاسُالتَّقْوَىَذَلِكَخَيْرٌ﴾ [ الأعراف : 26].
فكن على يقين :
﴿إِنَّوَعْدَاللَّهِ حَقٌّفَلَاتَغُرَّنَّكُمُالْحَيَاةُالدُّنْياَ﴾ [ لقمان : 33].
﴿ وَعْدَاللَّهِلَايُخْلِفُاللَّهُوَعْدَهُوَلَكِنَّأَكْثَرَالنَّاسِلَايَعْلَمُونَ﴾ [ الروم : 6].
ولتعلم أيها الحبيب :
أنك في هذا اللقاء الذي يكون بينك وبين ربك لا وسطاء ولا ترجمان ، فكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ، ليس بينه وبينه ترجمان ، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم ، وينظر أشام منه لا يرى إلا ما قدم ، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه ؛ فاتقوا النار ولو بشق تمرة ))
فهيا أيها الحبيب :
لنردد ونهتف :
﴿ رَبَّنَالاَتُزِغْقُلُوبَنَابَعْدَإِذْهَدَيْتَنَاوَهَبْ لَنَامِنلَّدُنكَرَحْمَةًإِنَّكَأَنتَالْوَهَّابُ (8)رَبَّنَاإِنَّكَجَامِعُ النَّاسِلِيَوْمٍلاَّرَيْبَفِيهِإِنَّاللّهَلاَيُخْلِفُالْمِيعَادَ ﴾ [ آل عمران : 8].