صفحة 1 من 3 1 2 3 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 12 من 26

الموضوع: مقالات مُختارة للمفكر الإسلامي فهمي هويدي

  1. #1 مقالات مُختارة للمفكر الإسلامي فهمي هويدي 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    سؤال موجه إلى الأكاديميين العرب

    بقلم: فهمي هويدي
    .....................

    كان مدهشا ومخجلا حقا، غياب العالم العربي عن المعركة التي شهدتها بريطانيا خلال الأسابيع الأخيرة حول المقاطعة الأكاديمية للجامعات الإسرائيلية، إذ في حين حشدت إسرائيل حشودها بشكل غير عادي لإلغاء قرار الأكاديميين البريطانيين بالمقاطعة، فإنه باستثناء الجهد الفلسطيني، لم يكترث العالم العربي بما يجري، حتى أنه لم يغب فقط عن ساحة المواجهة، وإنما غاب أيضاً عن مقاعد المتفرجين! ولذلك لم يكن مفاجئاً لأحد أن تكسب إسرائيل الجولة، وأن يمنى جهد المقاطعة بنكسة كانت بمثابة ضربة لمساندي الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
    الأمر كان مفاجئاً منذ البداية، على الأقل بالنسبة للأغلبية التي تضع «الغرب» كله في سلة واحدة، من دون إدراك كاف للفروق بين أوروبا والولايات المتحدة، أو للتمايزات داخل كل قارة على حدة، ناهيك عن التمايزات داخل القطر الواحد. إذ لم يكن متوقعاً أن ينجح الأكاديميون البريطانيون المنصفون في استصدار قرار من نقابتهم التي تضم حوالي 50 ألف أستاذ جامعي، يدعو إلى مقاطعة اثنتين من الجامعات الإسرائيلية، الأولى «جامعة حيفا» بسبب مساندتها لسياسة قمع الفلسطينيين وللاحتلال، والثانية «جامعة بار إيلات» المؤيدة للمتطرفين الدينيين، خصوصاً بعدما افتتحت لها فرعاً في مستوطنة «ارييل» بالضفة الغربية المحتلة، وفي الاجتماع السنوي لنقابة أساتذة الجامعات الذي عقد 22 إبريل (نيسان) الماضي، اتفق أيضاً على إرجاء البحث في مقاطعة الجامعة العبرية للأسباب ذاتها.
    هذا القرار لم يتمكن الأكاديميون البريطانيون المتعاطفون مع القضية الفلسطينية من استصداره في مؤتمرهم الذي عقد في العام الماضي (2004)، ولكن افتضاح السياسات الإسرائيلية الوحشية، إضافة إلى إقدام الكنيسة المشيخية بالولايات المتحدة على تجميد نشاطها في إسرائيل بسبب تلك السياسات، هذه الملابسات ساعدت على نجاحهم في استصدار القرار خلال المؤتمر الذي عقد هذا العام. وكانت للخطوة أصداؤها القوية في بريطانيا، ففي حين أدرجت نقابة معلمي المعاهد العليا والفنية مسألة المقاطعة على جدول أعمال مؤتمرها الذي يفترض أن ينعقد هذا الصيف، فإن الأوساط الموالية لإسرائيل أصيبت بصدمة، وأقامت الدنيا وأقعدتها، ليس فقط لأن من شأن القرار كشف سياسة تل أبيب وإدانتها، وإنما أيضاً خشية أن تتسع دائرة المقاطعة، ويحدث مع إسرائيل ما سبق أن جرى مع جنوب أفريقيا، التي تعرض نظامها العنصري لمقاطعة عالمية، كانت بمثابة إدانة وتوبيخ لذلك النظام.
    تحركت على مستويات عدة كل القوى المساندة لإسرائيل، تتقدمها السفارة الإسرائيلية والمؤسسات اليهودية، بدءاً من الضغط السياسي الرسمي على أعلى مستوى، وانتهاء بممارسة ضغوط أخرى على نقابة الأساتذة الجامعيين، ومروراً بالتعبئة الإعلامية التي نددت بالقرار واعتبرته تهديداً لمسيرة «السلام» في المنطقة (!) وتعطيلا للجهود التي تبذل لإقامة حوار بين الإسرائيليين والفلسطينيين. في هذا الصدد فإن الصحف البريطانية الكبرى، الغارديان والاندبندنت مثلا، فتحت صفحاتها لعرض آراء مؤيدي المقاطعة ومعارضيها، وكان ملاحظاً أن المنافسة التي جرت هذا الأسبوع على صفحات «الغارديان» حول مسألة المقاطعة، اشترك فيها نفر من مثقفي جنوب أفريقيا، الذين عاشوا سنوات التمييز العنصري، فقد أيد المقاطعة وزير جنوب أفريقي، أعاد إلى الذاكرة واقعة مقاطعة 500 أكاديمي بريطاني لجامعات ونظام بريتوريا العنصري في الثمانينيات، بعد طرد جامعيين من وظائفهم، وتحدثت مقالته عن التشابه الكبير بين النظام العنصري السابق في جنوب أفريقيا وبين ممارسات دولة إسرائيل، واستشهدت في ذلك بقول رجل الدين الأفريقي البارز ديزموند تونو، أن نظام التفريق العنصري في إسرائيل أسوأ وأشد وطأة منه في جنوب أفريقيا، في المقالة أيضاً نقد للجامعات الإسرائيلية، التي التزمت الصمت إزاء السياسات القمعية والوحشية للدولة، خصوصاً التمييز الذي يمارس ضد عرب إسرائيل.
    في مقابل هذه الشهادة، نشرت الغارديان مقالة «موالية» حملت توقيع أحد رؤساء التحرير السابقين لصحيفة «راند ديلي ميل» الصادرة في جوهانسبرج، ومعه أكاديمي إسرائيلي من جامعة بن جوريون، استهلها الكاتبان بشجب الاحتلال الإسرائيلي للضفة والقطاع، ثم إدانة المقاطعة التي تلحق الأذى بآخر مكان متروك للنقاش في إسرائيل، وهو الجامعات، وذهب الكاتبان إلى أن المقاطعة تعطي زخماً جديداً لليمين المتطرف الذي سيستخدم هذا الحدث ليؤكد أن العالم بأجمعه يكره اليهود ويريد هلاكهم، أما جديد المقالة فيتلخص في نقطتين تتعلقان بقضايا إسرائيل ليس من المألوف إيرادهما لدى التكلم عن قضايا نظام جنوب أفريقيا العنصري هما:
    * هل يمكن نقد عنصرية إسرائيل والصمت حول عنصرية دول الجوار وسياساتها القمعية إزاء الأقليات الدينية أو العرقية أو سياساتها المجحفة إزاء نساء؟
    * المقاطعة البريطانية للجامعات في جنوب أفريقيا في عهد الامارتايد كان لها أثرها السلبي، لأنها لم تؤد في نهاية المطاف إلا إلى حرمان جامعات جنوب أفريقيا من الأكاديميين البريطانيين، الذين كانوا يضخون في تلك الجامعات أفكاراً جديدة، وحيوية وشجاعة سياسية، وكان ذلك الاعتبار أحد العوامل التي أدت إلى تراجع حملة المقاطعة في بريطانيا لجامعات جنوب أفريقيا.
    الحوار كان له صداه في داخل إسرائيل، حيث نشرت صحيفة «يديعوت احرونوت» مقالة لأستاذ علم الاجتماع اوري رام، انتقد فيها تواطؤ الجامعات مع الاحتلال، ووجه كلامه إلى رؤساء الجامعات الإسرائيلية قائلا: «لن يحاكمكم المستقبل على عدد خريجي جامعاتكم أو عدد المقالات العلمية التي أصدرتموها بل على مواقفكم أمام الاحتلال والاضطهاد»، كذلك أكد رام على أنه يقف ضد المقاطعة لأنها تضع هذه المسألة في الواجهة، ينسي الناس أن السيئ في الأمر هو الاحتلال. جامعي إسرائيلي آخر هو شلومو صاند طالب في «هارتس» بمقاطعة مشروع جامعة ارييل على الأقل تلك المستوطنة الإسرائيلية التي اقيمت في قلب الضفة الغربية للحيلولة من دون اقامة الدولة الفلسطينية في المستقبل.
    وبينما جندت السفارة الإسرائيلية كل ما تملك من امكانيات واتصالات لحمل نقابة الأكاديميين البريطانيين على الرجوع في قرارها، تلقت فكرة المقاطعة ضربة موجعة، كان أحد الأكاديميين الفلسطينيين شريكاً فيها للأسف، إذ قبل حوالي أسبوع من انعقاد اجتماع اتحاد الأساتذة الجامعيين ـتحديداً في 19 ـ 5 نشر في لندن بيان مشترك وقعه الدكتور سري نسيبه رئيس جامعة القدس ومناحم ماجيدور رئيس الجامعة العبرية بالقدس المحتلة ، أعربا فيه عن حرصهما على تمتين الروابط الأكاديمية بين المؤسستين، وتحدث البيان عن أن «التعاون» بدلا من المقاطعة هو الذي سيحل مشاكل الشعبين.
    أثار البيان موجة استياء واسعة تحث على مطالبة الدكتور محمد ابو زيد رئيس نقابة الأساتذة الجامعيين الفلسطينيين بطرد نسيبه من النقابة، كما حث مجلس إدارة الجامعة على تسريحه لانه خرج على الإجماع الأكاديمي والشعبي الفلسطيني.
    في يوم 26/5 الذي كان محدداً للاجتماع الاستثنائي لاتحاد الأكاديميين البريطانيين، وقف بعض المتظاهرين أمام مقر الاتحاد حاملين لافتات بعضها يدعو إلى إلغاء قرار المقاطعة، والبعض الآخر يدعو إلى تحرير فلسطين من الاحتلال، وفي الداخل كان الحضور غير عادي، وكان واضحاً أن مؤيدي إسرائيل جاءوا مصرين على كسب الجولة، وطبقاً للتصريحات التي نشرتها «الشرق الأوسط» على لسان الدكتورة سويلا كويل صاحبة مشروع المقاطعة، فإن الهيئة التنفيذية للنقابة جاءت خاضعة للضغوط، ومصممة على إلغاء القرار، وهو ما لم يحدث طيلة الخمسة عشر عاماً الماضية.. وتحقق للإسرائيليين ما أرادوا!
    لم أقرأ فيما نشر من تقارير حول الموضوع أن السفارات العربية في لندن اعتنت بالأمر ـ وهي معلومة أرجو ألا تكون صحيحة ـ وكان واضحا:ً أن بعض الناشطين الفلسطينيين وحدهم الذين تحملوا العبء، وساندوا قدر استطاعتهم أولئك النفر من الأكاديميين البريطانيين الشرفاء، في مسعاهم للدفاع عن مظلومية الشعب الفلسطيني، وكان مؤسفاً أيضاً أن الإعلام العربي غاب عن المشهد، ولم تهتم به سوى الصحف العربية الصادرة في لندن. الأمر الذي يجدد السؤال حول المكانة التي باتت تحتلها قضية فلسطين ضمن أولويات الخطاب السياسي العربي في الزمن الراهن، وهي التي كانت «قضية مركزية» في زمن مضى.
    يبدو المشهد مفجعاً من هذه الزاوية، ولا يخفف من حجم الفجيعة فيه سوى موقف المقاطعة الذي لا يزال يلتزم به أغلب المثقفين والأكاديميين العرب، حتى في بلد مثل مصر، الذي كان سباقاً إلى التطبيع مع إسرائيل ـ للأسف! ـ فإن نوادي هيئات التدريس في كل جامعاته لها قرارها المعلن الرافض للتطبيع والمتمسك بالمقاطعة، طالما استمرت السياسة الإسرائيلية إزاء الفلسطينيين على ما هي عليه.
    إن القصة لم تنته في بريطانيا، فالأكاديميون الداعون إلى المقاطعة، لا يزالون على موقفهم الشخصي ودعوتهم إلى المقاطعة الجماعية مستمرة، ثم انهم بما فعلوه نجحوا في فضح السياسة العنصرية الإسرائيلية.
    والسؤال الذي يشغلني هو: كيف نساندهم ونشد أزرهم، بعد أن نعبر لهم عن عميق الاحترام وبالغ التقدير؟.. السؤال موجه إلى الأكاديميين والمثقفين العرب، وليس السياسيين يقيناً!
    رد مع اقتباس  
     

  2. #2 رد: مقالات مُختارة للمفكر الإسلامي فهمي هويدي 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    مَنْ الذي محا فلسطين من الخريطة؟!..

    بقلم: فهمي هويدي
    ......................

    الكلمات التي أطلقت في طهران متعلقة بالصهيونية في الأسبوع الماضي أقامت الدنيا ولم تقعدها، لكن الصواريخ التي أطلقت على غزة وفتكت بشبابها اعتبرت أمرا عاديا، ولم تحرك ساكنا في الساحة الدولية، لقد استنفرت عواصم الدنيا لان الرئيس الإيراني تحدث عن القضاء على الكيان الصهيوني في مؤتمر عام، ولكن العواصم ذاتها أغمضت أعينها تماما عن عملية محو فلسطين من الخريطة وابتلاع الجغرافيا فيها، بعد اقتلاع اصلها وفرعها وتاريخها وثقافتها، ومن ثم اغتيال ماضيها وحاضرها ومستقبلها.
    لست هنا في وارد الدفاع عما قاله الدكتور أحمدي نجاد، لكني معني أكثر بالمفارقة الفاحشة في المشهد، الأمر الذي يفضح المدى العبثي الذي وصلنا إليه وبمقتضاه استبيح الدم الفلسطيني إلى أبعد مدى، وأحيط كل ما يتعلق بإسرائيل بحصانة تقترب من القدسية وإذ نفهم أن يحدث ذلك في العديد من عواصم الدنيا، إلا أننا لا بد أن نستغربه ونشمئز منه حين تتردد أصداؤه في بعض وسائل الإعلام العربي.
    لقد تحدث الدكتور أحمدي نجاد أمام مؤتمر عنوانه «عالم بلا صهيونية» معتبرا أن الصهونية هي مصدر البلاء وأغلب الشرور التي عرفتها المنطقة، وهذا أمر لا يختلف عليه أحد وفي سياق هذا التحليل استشهد بكلام للامام الخميني دعا إلى القضاء على الكيان الصهيوني ومن منطلق ولائه للإمام وتعلقه بفكره فإنه قال ان القضاء على ذلك الكيان سيكون حتميا، وخلص إلى أن إيجاد عالم خال من أميركا وإسرائيل أمر يمكن تحقيقه.
    هذا الكلام جرى اصطياده والمبالغة فيه وتعميمه على العالم بحسبانه دعوة إلى محو إسرائيل من الخريطة ورغم أنه تحدث عن عالم خال من الاثنتين أميركا وإسرائيل، إلا أن أميركا أعطت الكلام حجمه الحقيقي، فلم تأخذه على محمل الجد. وبالتالي فإنها لم تكترث به، سقطت الاشارة إليه في حملة التعبئة الإعلامية وسلطت كل الأضواء على إسرائيل وحدها، ربما لكي تكتمل سمات العصر للمشهد، أعني لكي تصبح إسرائيل التي محت فلسطين من الخريطة وما برحت تجتث ما بقي منها حينا بعد حين هي ذاتها التي تطلب من الأمم المتحدة طرد إيران لأن رئيسها تحدث عن محو إسرائيل من الخريطة.
    لقد عقدت بالسويد ـ فيما اذكر ـ خلال العام الماضي ندوة ناقشت حال العالم بدون الولايات المتحدة الأميركية، وكان من رأي البعض ان أحوال العالم ربما أصبحت افضل بدونها، في حين إنحاز آخرون إلى الرأي المعاكس، ولم يقل أحد ان الذين تحدثوا عن أفضلية العالم إذا غابت عنه الولايات المتحدة إنما كانوا يدعون إلى محو أميركا من الخريطة.
    غير أن الأمر حين يتعلق بإسرائيل لا بد أن يكون المعيار مختلفا ولا بد أن يستثار العالم بأسره حتى لا يمس لها طرف ولا تنتقد لها سياسة ولا تدان لها جريمة، فكل من يتفوه بكلمة في هذا الاتجاه موصوم سلفا بمعاداة السامية، ومعرض لكل ما يخطر على البال من فنون النازية والتأليب والتشهير.
    أدري أنه من غير المناسب سياسيا ودبلوماسيا ان يستخدم رئيس دولة اللغة التي تكلم بها الدكتور أحمدي نجاد عن دولة أخرى عضو بالأمم المتحدة، ومن ثم فإن الأمر لم يكن يستحق أكثر من «العتب» الدبلوماسي الذي يسجل التحفظ ثم يتجاوزه، لكن من الواضح أن الدكتور أحمدي نجاد حديث العهد بمنصبه تحدث بلغة حرس الثورة ولم يتمرس بعد على لغة رئيس الدولة، فأفصح عما في خلده الخاص بأكثر مما عبر عن سياسة بلده، وهو ما أوقعه في المحظور الذي ما زالت أصداء استنكاره تتردد في أروقة السياسة الغربية.
    فيما جرى الهاء الجميع بزوبعة تصريحات الرئيس الإيراني ومن وراء أستار الغبار والدخان التي سدت بها إسرائيل الأنف، فإن قادتها انهمكوا في أحكام محو فلسطين من الخريطة بالغارات التي لم تتوقف على غزة، بعمليات الاغتيال والاعتقال الذي استهدفت استئصال المقاومة واجتثاث عناصرها وجذورها بهدف القضاء على كل الذين يحلمون بالإبقاء على شيء من فلسطين على الخريطة.
    القصة مكررة، فإسرائيل تريد أن تواصل القتل والاعتقال وتجريف الأرض واستكمال بناء سورها الوحشي بينما الفلسطينيون جميعا ممتثلون وراكعون، تريد أن تحول غزة إلى سجن كبير تخرج منه قواتها، ثم تمسك بمفاتيح القطاع وفي الوقت ذاته تستفرد بالضفة لتفعل بها الأفاعيل، فتضم اغلب أراضيها فيما تحاصر الكيانات الفلسطينية إلى معازل تحت رقابتها وسيطرتها، تريد إسرائيل أن تمارس ذلك كله، محتمية باتفاق التهدئة مع فصائل المقاومة، ومستثمرة غفلة بعض العواصم الغربية وموالاة وتواطؤ البعض الآخر.
    كان من الطبيعي أن يكون لذلك المسك المخزي صداه في أوساط المقاومة التي التزمت بالتهدئة واشترطت من البداية ان تتم على اساس تبادلي رافضة أن تواصل إسرائيل جرائمها وتطلق يدها فيها، بينما هي مكبلة بالاتفاق الذي تم التوصل اليه في شرم الشيخ خلال شهر فبراير من العام الحالي، لذلك لم يكن غريبا ولا مفاجئا أن ترد المقاومة على الجرائم الإسرائيلية، استطاعت الى ذلك سبيلا وهو ما فعلته حماس بجناحها العسكري «كتائب القسام» تارة وسرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي تارة أخرى وكتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح تارة ثالثة.
    الحملة على اشدها الآن على حركة الجهاد الإسلامي وجناحها «سرايا القدس» بعد عملية «الخضيرة» التي قتل فيها خمسة إسرائيليين وأصيب 38 آخرون، وقد نفذها عنصر من أعضاء الجهاد الإسلامي هو الشهيد حسن أبو زيد وجاءت ردا على قتل الإسرائيليين لقائد سرايا القدس بالضفة لؤي السعدي، ورغم ان منفذ العملية من أبناء قرية قياطية المجاورة لمدينة جنين بالضفة، حيث لا سلطان للسلطة الفلسطينية عليها، فإن إسرائيل انتهزت الفرصة وعملت على ضرب عصفورين بحجر واحد: فمن ناحية ضاعفت ضغطها وابتزازها للسلطة الفلسطينية من خلال اتهامها بأنها لم تفعل شيئا لاجتثاث «الإرهاب» معتبرة أن السلطة مسؤولة عن غزة وعن أمن الإسرائيليين في الضفة التي يفترض أنها خاضعة مباشرة للسلطة الإسرائيلية.
    ومن ناحية ثانية قامت بحملة تأديب واجتياح واسعة النطاق، ضربت خلالها غزة بسيل من الصواريخ، دفعت بقوات كبيرة إلى شمال الضفة، حيث اجتاحت مناطق نابلس وطولكرم وجنين وفي تحركاتها تلك فإنها استهدفت نشطاء المقاومة وبالأخص عناصر حركة الجهاد الإسلامي.
    لا يقف الأمر عند حدود القمع الإسرائيلي للمقاومة لان السلطة الفلسطينية اصبحت بدورها مكبلة بوقف الإدانة لعملياتها التي هي في حقيقة الأمر مجرد رد على ممارسات العدوان الإسرائيلي الأمر الذي يعني ان هدف القضاء على المقاومة اصبح مقدما على هدف انهاء الاحتلال، خصوصا في غزة التي يراد بها أن تبقى خارج الصراع رغم استمرار التحكم الإسرائيلي في القطاع واستمرار عدوانه وانتهاكاته في الضفة.
    ولم يعد سرا ان القضاء على المقاومة في غزة له هدف اخر بعيد المدى ذلك ان التسريبات الصحفية تشير إلى ان إسرائيل تعد لانسحاب شكلي من 40% من الضفة لكي تضم ما تبقى منها وتلك النسبة تمثل الضفة التي يتمركز بها الفلسطينيون بكثافة أعلى، وتم تمزيقها بما يضمن استمرار السيطرة الإسرائيلية عليها وهي تعادل حوالي 2000 كيلومتر مربع من بين 5500 كم هي جملة مساحة الضفة ولتأمين هذه الخطوة ومن ثم اغلاق ملف القضية للتمهيد لمحو فلسطين التاريخية من الخريطة فإن رأس المقاومة يصبح مطلوبا بشدة الآن أكثر من أي وقت مضى.
    لا يخلو المشهد من مفارقات اخرى جانبية، فحركة الجهاد اتهمت بالتطرف لانها رفضت المشاركة في الانتخابات وحين قررت حركة حماس ان تشارك فيها فانها رفضت بدورها لاتهامها بالتطرف الامر الذي يعني ان المقاومة مهددة ومتهمة في كل أحوالها ان هي رفضت المشاركة أو قبلت بها، من تلك المفارقات أيضا ان الأطراف العربية التي عملت على التوصل إلى التهدئة، التزمت الصمت إزاء التعنت الإسرائيلي، الأمر الذي يوحي بأنها تعاطت مع التهدئة تحت الضغط الأميركي والإسرائيلي، باعتبارها ملزمة للمقاومة وحدها وليس للإسرائيليين أيضا، المفارقة الثالثة ان فريقا امنيا عربيا ذهب إلى غزة وبقي فيها لرعاية عملية انسحاب القوات الإسرائيلية، وتأهيل أجهزة أمن السلطة، ووجود الوفد هناك رغم أن القصف الإسرائيلي المستمر للقطاع يمثل إحراجا شديدا له، ويثير السؤال التالي: هل ذهب الفريق الأمني لتسهيل الانسحاب أم لشرعية الاحتلال؟ المفارقة الرابعة ان مجموعة الرباعية الدولية وقد أصابها مس التميز لإسرائيل طالبت سورية بطرد حركة الجهاد الإسلامي من أراضيها علما بأن ثقل الحركة الأساسي في الداخل الفلسطيني ومنفذ عملية «الخضيرة» انطلق من قباطيا ولم ينطلق من حماة أو حلب ـ عجبي..!
    ........................................
    *الشر ق الأوسط ـ في 2/11/2005م
    رد مع اقتباس  
     

  3. #3 رد: مقالات مُختارة للمفكر الإسلامي فهمي هويدي 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    التطبيع الباكستاني مع إسرائيل: وقوع في الحرام السياسي

    بقلم: فهمي هويدي
    .....................

    كوارث الأسبوع الماضي ثلاث: إعصار «كاترينا» المدمر الذي ضرب ولاية لويزيانا الأميركية، وغرق ألف عراقي في نهر دجلة من جراء الفوضى التي دبت بين جموع العابرين لجسر الأئمة في ذكرى وفاة الإمام الكاظم، والإعلان عن بدء إقامة علاقات دبلوماسية بين باكستان وإسرائيل. القاسم المشترك بين الكوارث الثلاث أن كلاً منها بمثابة صدمة موجعة من العيار الثقيل، جاءت من حيث لا نحتسب. غير أن ثمة تمايزات بينها، منها أن الكارثتين الأوليين لهما طابعهما الإنساني في المقام الأول. أما الكارثة الثالثة فهي ذات طابع سياسي وإنساني بنفس الدرجة. منها أيضاً أن الكارثتين الأوليين فاجأتا الجميع، أما الكارثة الثالثة فيبدو أن عنصر المفاجأة فيها كان نسبياً، لأن «طبخ» العلاقة بين باكستان كان مستمراً بعيداً عن الأعين خلال السنوات الأخيرة، حيث تبين أن الأمر كان يرتب في محيط دوائر صغيرة بين الطبقة السياسية، بالتالي فلم يفاجأ بالإعلان سوى الرأي العام العربي والإسلامي، الذي كان وقع الصدمة عليه شديداً. ولذلك لم أستغرب قرار الأحزاب والجماعات الإسلامية الباكستانية اعتبار يوم الجمعة الماضي (9/2) الذي أعقب الإعلان يوم «حداد» في البلاد، تعبيرا عن الفجيعة والغضب إزاء الخطوة التي أقدمت عليها حكومة إسلام آباد، فالذين يعرفون عمق المشاعر الإسلامية في باكستان، وتعلق شعبها بالقضية الفلسطينية وفي قلبها قضية القدس، يستطيعون أن يدركوا حجم الصدمة التي سرت في الشارع الباكستاني من جراء ما جرى، ولا يغيب عن البال في هذا الصدد أن الهوية الإسلامية هي جزء من شرعية الدولة في باكستان، وهي المبرر الأساسي لقيامها، بالتالي فإن المساس بأي قيمة تتصل باستحقاقات ذلك الانتماء، يحدث جرحاً عميقاً في الضمير الإسلامي هناك، من الصعب التئامه أو تجاهله. لذلك أزعم أن ما أقدمت عليه حكومة إسلام آباد يعد خطأ سياسياً جسيماً، حتى من وجهة النظر الداخلية، لأنه يمثل تحدياً صارخاً لمشاعر الشعب الباكستاني، يمكن أن يكون مصدراً لقلاقل تهدد النظام القائم، الذي يعرف الجميع حجم المتاعب التي يواجهها، والتي كان من تجلياتها تعرض الرئيس مشرف شخصياً لأكثر من محاولة اغتيال. وهو ما يخلف وضعاً أشبه بالصدمة التي أصابت الشعب الموريتاني المعتز بانتمائه العربي والإسلامي، إثر إقدام الرئيس السابق ولد الطايع على إقامة علاقات مع إسرائيل في عام 99، مما كان له صداه في توسيع نطاق الغضب وتحريك أكثر من محاولة للانقلاب على حكومته، انتهت بالإطاحة به في الشهر الماضي.
    حتى إذا تجاوزنا عن تداعيات القرار الباكستاني على الوضع الداخلي، فإن وصف «الكارثة» يظل يلاحقه.. لماذا؟
    * لأن الإعلان عن البدء في إقامة علاقات دبلوماسية بين باكستان وإسرائيل يعني مباشرة تحليل الحرام السياسي في العالم الإسلامي، صحيح أن تركيا أقامت علاقات مع إسرائيل بعد سنوات قليلة من إنشائها، وصحيح أيضاً أن لإسرائيل علاقات غير معلنة مع دول إسلامية أخرى، ولكننا نعرف أن تركيا العلمانية كان لها منذ تأسيس الجمهورية في العشرينيات موقف مرتم في أحضان الغرب ونافر من الإسلام والعروبة، وهو موقف ظل مؤثراً على السياسة التركية لأمد غير قليل، بعكس باكستان التي اكتسبت شرعيتها من الهوية الإسلامية كما ذكرت تواً، في حين ظلت القضية الفلسطينية تحتل مكانة خاصة في الوجدان الشعبي طول الوقت، في الوقت ذاته فإن إقامة علاقات بين بعض الدول العربية أو الإسلامية في السر يعد «منكراً» غير مرحب به بطبيعة الحال، ولكنه أقل سوءاً من الجهر بتلك العلاقة، لأن التعرف في الحالة الأولى يستبطن إدراكاً بعدم مشروعيتها، في حين أن الإعلان عنها يهتك الحرمة، ويقنن العلاقة، مضفياً عليها جانباً من المشروعية. ومن شأن ذلك أن يفتح الأبواب واسعة أمام إسرائيل لاجتياح العالم الإسلامي وتثبيت أقدامها في جنباته.
    * لأن تحليل الحرام السياسي الذي تجنبت الدول الإسلامية الإقدام عليه طيلة العقود التي خلت، بسبب الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل في فلسطين، من شأنه أن يؤدي إلى شطب القضية الفلسطينية من «أجندة» تلك الدول، باعتبار أن إقامة العلاقات مع إسرائيل في الوقت الراهن تعني من الناحية العملية القفز فوق القضية، والمشاركة في التعتيم على السياسات الإسرائيلية الاستئصالية في فلسطين، وليس ثمة شك في أن القرار الباكستاني يعد خطوة «رائدة» في هذا المجال، تشجع دولا إسلامية أخرى على احتذائها.
    * لأن الخطوة التي اتخذتها حكومة إسلام آباد تدل على أمرين: الأول أن إسرائيل نجحت في خداع البعض، وإيهامهم بأن انسحاب قواتها من غزة يعد تطبيقاً لقرار مجلس الأمن رقم 242، والتزاماً بخطة الطريق. الأمر الذي يفتح الباب أمام إقامة دولة فلسطينية مستقلة، بما يوحي بأن القضية بسبيلها إلى الحل، وتصديق هذا الزعم يعني أن هناك تغييباً كاملاً للواقع الحاصل على الأرض، الذي يكذب كل فقرة في الإدعاء الإسرائيلي، ببساطة لأن الجميع ـ حتى في قيادة السلطة الفلسطينية ـ يعرفون جيداً أن غزة لم تتحرر بعد، وأن الاحتلال لا يزال مستمراً، وأن إسرائيل مصرة على محاصرة القطاع والتحكم في مداخله ومخارجه، وفي بحره وسمائه.
    * لأن ما جرى يعد شهادة إضافية على مدى هيمنة السياسة الأميركية على القرار في باكستان، وهي السياسة التي فرضت على ذلك البلد المسلم أموراً كثيرة، كانت الحملة على التعليم الديني من أصدائها، ثم انه يعد شهادة دالة على أن موالاة الولايات المتحدة باهظة التكلفة، ولا تقف عند حد. إذ بات على من يروم كسب قلب واشنطن إن كان لها قلب أن يلتزم بموقف الانصياع الكامل، حتى وإن أدى ذلك إلى الإضرار بمصالح نظام البلد الصديق.
    لا ينطلي على أحد ادعاء من تحدث باسم الحكومة الباكستانية أن هذه الخطوة تمكن إسلام آباد من القيام بدور فعال في عملية السلام، فهو إدعاء غير قابل للتصديق، حتى في إسرائيل ذاتها، التي كتب معلقوها مرحبين بما اعتبروه «خطوة تاريخية»، وقائلين صراحة بأن باكستان بما فعلت أرادت أن تحصل على شهادة قبول في واشنطن، وقال أحدهم إن إسرائيل سعيدة بدور شباك التذاكر الذي ينبغي أن يمر به كل من يريد الوصول إلى قلب الإدارة الأميركية، يكفي أنها تقوم بدور المحصل الذي يستحوذ على ثمن التذكرة دائماً. الصحف الإسرائيلية حملت إلينا خبراً مفجعاً آخر، هو أن موسم «جني القطاف» قد حل أوانه، وأن الجوائز سوف تنهال تباعاً على شارون من العالم العربي والإسلامي، مكافأة له على الانسحاب من غزة، وقرار الحكومة الباكستانية يعد أحد تلك الجوائز الثمينة. وتحدثت صحيفة يديعوت احرونوت عن ممثلية إسرائيلية في دبي، «فهم دبلوماسيين، وتعمل بسرية تامة، بناء على طلب السلطات هناك»، وهو الخبر الذي أشير إليه أكثر من مرة في السابق، ولكن السلطات في دبي نفته.
    إلى عهد قريب كنا نعتقد أن التصريحات الإسرائيلية التي تحدثت عن عشر دول عربية وإسلامية ستقيم علاقات مع تل أبيب قبل نهاية العام الحالي، ليست سوى فرقعات سياسية وإعلامية، أو تمنيات قد تتحقق أو لا تتحقق. ولكن القرائن المتتالية دلت على أن إسرائيل لم تضيع وقتاً قبل الانسحاب من غزة وبعده، وأن آلتها الإعلامية والسياسية، المؤيدة بالمطلق من جانب واشنطن، نجحت في تحويل الكابوس إلى حقيقة، وليس هناك شك في أن هشاشة الوضع العربي وقوة النفوذ الأميركي في المنطقة كانا من العوامل الأساسية التي ساعدت على ذلك.
    ليست هذه أول الكوارث بطبيعة الحال، لأننا يجب أن نعترف بأن الاختراق الإسرائيلي بدأ بكارثة اتفاقيات السلام التي وقعت مع مصر أولاً ثم الأردن ثانياً، الأمر الذي أسهم في إضعاف الموقف الفلسطيني وضعضعة الموقف العربي، وهي الثغرة التي استثمرتها إسرائيل إلى أبعد مدى، ومنها نفذت إلى أرجاء العالم العربي والإسلامي، حتى بات الموقف العربي هو أضعف الحلقات في القضية الفلسطينية، للأسف الشديد.
    ليس سراً أن إسرائيل تسعى الآن جاهدة إلى إغلاق ملف القضية الفلسطينية، وشطبها من الأمم المتحدة ومن «الأجندة» العربية، وليس هناك شك في أن استمرار إسرائيل في تلقي الجوائز من دول العالم العربي والإسلامي يعد إسهاماً عملياً في بلوغها ذلك الهدف، وذلك وضع إذا ارتضته بعض الأنظمة العربية، فاحسب أنه سوف يفجر صوراً مختلفة من الغضب في العالم العربي والإسلامي، يعلم الله وحده شكله ومداه.
    إن المطلب العربي الذي يخدم القضية والسلام حقاً في المنطقة صار الآن أكثر تواضعاً، حيث انعقد اجماع الدول على القبول بالتطبيع مع إسرائيل إذا ما قامت بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها في عام 67، وهو الموقف الذي اعتمدته قمة بيروت بناء على المبادرة السعودية التي قدمها الملك عبد الله بن عبد العزيز (ولي العهد آنذاك)، ولذلك فإن أي تطبيع تمارسه دولة عربية تحت أي مسمى ينبغي أن يظل ضمن الحرام السياسي، وأي خطوة تتخذها إسرائيل في مواجهة الفلسطينيين ينبغي أن تقيم بمقدار اقترابها من هدف الانسحاب من أراضي 67.
    إنني أتمنى أن تجدد القمة العربية المرتقبة التي قيل إنها تأجلت إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية المصرية، الموقف الذي عبرت عنه في بيروت، لقطع الطريق على المحاولات الإسرائيلية لتطبيع العلاقات بالمجان مع المزيد من الدول العربية قبل نهاية العام، وهو موقف إذا أعلن، واحتذته القمة الإسلامية الطارئة التي دعا إلى عقدها الملك عبد الله عاهل السعودية، فإنه يمثل الخدمة الحقيقية للقضية الفلسطينية وللسلام العادل ـ وليس المزيف ـ في المنطقة.
    ..................................
    *الشرق الأوسط ـ في 7/9/2005م.
    رد مع اقتباس  
     

  4. #4 رد: مقالات مُختارة للمفكر الإسلامي فهمي هويدي 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    ألم يحن الوقت لاستعادة دور منظمات الإغاثة الإسلامية..

    بقلم: فهمي هويدي
    .......................

    رجاء: لا تنسوا ضحايا كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب باكستان، فلهم في أعناقنا حقوق يتعين أن نؤديها، تمنيت أن أطلق هذا النداء كل صباح بأعلى صوت في الفضاء العربي الذي تتزاحم فيه العناوين المثيرة قادمة من كل صوب، إذ في ظل الصرعة التي روج لها البعض ذات يوم قريب حين علقوا على جدران كل قطر ملصقات تقول «نحن أولاً»، فقد خشيت أن تتراجع أهمية الشأن الباكستاني في قائمة الهم العربي، الذي توزعت حصصه على مختلف عواصمنا، حتى أصبح أكثرها يعيش فوق ألغام متفجرة أصابت الناس بالذهول والخوف.
    متأثـراً بهذا الانطبـاع، فإنني تنفست الصعداء حتى قرأت يوم الأحد الماضي (23/10) في «الشرق الأوسط» أن القيادة السعودية، وعلى رأسها الملك عبد الله، دعت إلى حملة تبرعات لإغاثة متضرري الزلزال، كانت حصيلتها في اليوم الأول عشرة ملايين دولار، وجاءت هذه الخطوة بعد أيام قليلة من تبرع الحكومة السعودية بمبلغ 500 مليون دولار لإعمار المناطق المنكوبة.
    صحيح أن مختلف الدول العربية ـ وغير العربية أيضاً ـ سارعت إلى ارسال معونات عينية كثيرة إلى باكستان، لكن الذي أثار انتباهي في الخطوة السعودية أن باب التبرع لصالح أولئك المسلمين التعساء قد انفتح، بدعوة من الملك وتحت رعاية الدولة. ورغم أن اجراء من ذلك القبيل يفترض أن يكون أمراً عادياً وربما مفروغاً منه في العالم المعاصر، الذي وصف بأنه بات قرية صغيرة تداخلت فيها مصالح الشعوب وتشابكت، كما أنه شهد تنامياً كبيراً في دور المجتمع المدني، الذي صار قوة موازية للسلطة ومعادلة لها، لكن كل ذلك الحلال عند الآخرين أصبح في العالم العربي والإسلامي، إما حراماً أو مكروهاً، ومشتبهاً فيه عند الحد الأدنى.
    اذ يذكر الجميع ـ لا ريب ـ تلك اللوثة التي انتابت الولايات المتحدة بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول)، وكيف أنها دفعت الادارة الأميركية إلى شن حملة عالمية واسعة النطاق ضد كل الجمعيات الجديدة والمنظمات الاغاثية الاسلامية حيثما وجدت، وهو ما أدى إلى اغلاق مقارها وتجميد أموالها وملاحقة مسؤوليها، بعدما اتهم الجميع بدعم الارهاب وتمويله، واذا اعتبر ذلك هو الأمل في كل عمل خيري، فقد أصبحت كل أوجه الخير محل شبهة تعرض المتطوعون لها والمساهمون فيها للحساب والمساءلة، وهو ما أخاف الجميع، ودفع الأغلبية الساحقة إلى الاحجام عن التبرع ايثاراً للسلامة. أما القائمون على تلك المشروعات فالذين نجوا من الحبس والاعتقال، جرى تشريدهم وتجميدهم. ولا تسأل بعد ذلك عن الأضرار الجسيمة التي نجمت عن ذلك، وتمثلت في قطع المساعدات عن عشرات الألوف من الأرامل واليتامى، واغلاق مئات المدارس والملاجئ ووقف اعمار المساجد وغيرها من المشروعات العمرانية الخيرية، وكانت نتيجة ذلك كله أن ضرب العمل الخيري الأهلي في الصميم، وأصبح الاقدام على أي عمل خيري بمثابة مغامرة كبرى باهظة التكلفة.
    لم تكتف الادارة الأميركية بحملتها تلك، وإنما مارست ضغوطاً شديدة على مختلف الحكومات العربية والإسلامية لحملها على وقف التبرعات بزعم تجفيف ينابيع تمويل الارهاب حتى أرسلت وفودها الذين جابوا عواصم العرب للتفتيش على سجلات الجمعيات الخيرية ومراقبة سجلاتها المالية، للتعرف على مواردها وأوجه انفاقها.
    بعد أن خيم الخوف والتردد على مجتمعات المسلمين خلال السنوات الأربع الماضية، فإن المبادرة السعودية جاءت لتفتح ثغرة في الجدار، من خلالها جرى استدعاء المجتمع مرة اخرى كي ينهض بواجبه الانساني والإسلامي، ولا استبعد أن يكون دافعها إلى ذلك ليس فقط ادراكها لجسامة المسؤولية في المشهد الراهن، ولكن أيضاً اقتناعها بأن دعاوى اشتراك المنظمات الاغاثية والخيرية ثبت بطلانها، بعدما تمت تبرئة أهم تلك المنظمات من تهمة تمويل الارهاب، حتى أن الحكومة الأميركية التي قادت الحملة الظالمة وحرضت الآخرين على السير وراءها، قدمت اعتذاراً لبعض تلك المنظمات (مؤسسة الحرمين مثلا) بسبب الاتهامات الظالمة التي نسبتها إليها. واذا ما تابعنا نتائج المراجعات التي قام بها الأميركيون للجمعيات الخيرية الكبرى في دول منطقة الخليج، التي هي الأكبر اسهاماً في أعمال الخير، فسوف نجد أن تلك النتائج لم تسفر عن توجيه أي اتهام له قيمته لتلك الجمعيات، حتى يبدو الآن أن هدف الحملة كان مجرد تشويه صورتها وتبرير الضغط على الحكومات لوقف أنشطتها وتشديد الرقابة عليها، تحسباً لأية احتمالات تخطر على البال.
    ان المبادرة السعودية التي نرحب بها، تعد مناسبة جيدة للدعوة إلى اعادة فتح ملف المنظمات الخيرية والاغاثية في الدول العربية ورد اعتبارها، ليس فقط لأنها ظلمت ورفع الظلم عنها من أول مقتضيات الانصاف، ولكن أيضاً لأن العالم العربي والإسلامي الحافل بالمشكلات الانسانية أشد ما يكون حاجة إلى العون، الذي لا تكفي فيها مساعدات الحكومات. بل أزعم أن المجتمعات العربية والإسلامية تستطيع أن تفعل الكثير في هذا الصدد، ليس فقط من خلال الزكوات، ولكن أيضاً من خلال الاجتهادات الفقهية التي يمكن أن تعيد ترتيب الأولويات في التزامات المسلمين، بحيث تقع على رأسها في الظرف الكارثي الراهن مثلاً اغاثة المنكوبين الذين دمرت الزلازل قراهم وحياتهم، بعدما قتلت وشردت أكثر من 125 ألف مواطن.
    إنني أتخيل الموارد التي يمكن أن يوفرها العالم العربي والإسلامي لو أن المجامع الفقهية اتفقت مثلاً على توجيه نداء إلى الأمة يقول إن اغاثة منكوبي المسلمين واجب شرعي يقدم على أداء فريضة الحج هذا العام. وان حجة المرء تحسب له إذا ما عزم على ذلك ثم حين وقعت الكارثة، أودع ماله الذي خصصه لحجته في الحساب المخصص للاغاثة. وفي حدود علمي فإن ذلك جائز شرعاً، وثمة سوابق مشهودة تؤيده.
    ان اجراء من ذلك القبيل سيفتح الأبواب واسعة أمام المسلمين لنيل ثواب حجتهم من ناحية، وسيوفر مليارات الدولارات التي يمكن أن تغيث المنكوبين في باكستان ربما في بلدان أخرى أيضاً، وليس خافياً على أحد أن التمويل لا يزال مشكلة مؤرقة تعترض محاولات مساعدة الضحايا. فقد قدرت الأمم المتحدة المبالغ المطلوبة للاغاثة بمبلغ 313 مليون دولار، تحصلت الأمم المتحدة منها على 90 مليوناً فقط، وهو ما يوازي ثلث المبلغ المطلوب.
    لقد دعت الولايات المتحدة إلى احتشاد دولي لاعمار ما دمرته قواتها في أفغانستان وأقامت صندوقاً لهذا الغرض برعاية الأمم المتحدة، للدول المانحة، وأرادت بذلك تخفيف آثار الدمار الذي خلفته فضلاً عن الخراب الذي أشاعته الحروب السابقة، ومارست ضغوطها بدرجة أو أخرى على مختلف دول العالم الصناعي ـ الحلفاء ـ لكي تسهم في تمويل جهود اعمار البلاد. ولا أعرف لماذا لا تبادر الدول العربية والاسلامية إلى اطلاق حملة مماثلة، تحت رعاية منظمة المؤتمر الاسلامي، ومن خلال بنك التنمية الاسلامي مثلاً.
    ان الهم ثقيل في باكستان، وثمة جهات دولية عديدة تبذل جهوداً للانقاذ، تتراوح بين أيواء المشردين واغاثة سكان القرى التي عزلت عن العالم وحوصرت على سفوح جبال الهيمالايا، والاسراع بنقل الجثث تحسباً لاحتمالات تفشي الأوبئة والأمراض. وذلك كله غير الجهود المطلوبة للاعمار واعادة البنية التحتية والمرافق التي دمرت بالكامل. وكما في تجارب سابقة فإن الحماس يكون عالياً في البداية، لكنه يهدأ ثم يفتر حيناً بعد حين. وسيبقى في النهاية أن تقوم الأمة الاسلامية بواجبها قبل أن تدخل المسألة طور النسيان الذي يعقب الفتور. وهو الحاصل الآن إلى حد كبير في أفغانستان.
    ان اسهام الحكومات مقدر ولا غنى عنه، كما أن استعادة المجتمع لدوره، من خلال تبرعات الجماهير، واحياء دور المنظمات الخيرية والاغاثية التي ظلمت حتى شلت حركتها، ذلك أيضاً أمر مهم للغاية. وأحسب أن كيفية ضبط الموارد ومراقبة المصارف لابعاد الشبهات باتت أمراً ميسوراً يمكن التحكم فيه من خلال الاطر التنظيمية المتعارف عليها.
    اننا يجب ألا نترك الشعب الباكستاني وحيداً في مواجهة الكارثة، بقدر ما ينبغي ألا ننكفئ على ذواتنا تاركين قطاعات عريضة من الشعوب الاسلامية تعيش فريسة البؤس والفاقة. وليتنا نوسع في دائرة الدفاع عن انتمائنا الانساني، نسهم في تخفيف معاناة البشر ونمد أيدي العون إلى التعساء وضحايا الكوارث حيثما وجدوا. وتلك دوائر للاهتمام تتجاوز بكثير طاقة الحكومات، وتتطلب تضافر الشعوب أيضاً، ولدى المسلمين الحوافز والحجج الشرعية التي تحثهم على الوقوف بجانب المستضعفين في الأرض. حسبهم في ذلك أن اغاثة هؤلاء واجب يمثل أحد أركان الاسلام الخمسة، إذ لأجل ذلك شرعت الزكاة بمصارفها المعروفة.
    أكرر النداء: رجاء لا تنسوا ضحايا كارثة الزلزال في باكستان.
    .......................
    *الشرق الأوسط ـ في 26/10/2005م
    رد مع اقتباس  
     

  5. #5 رد: مقالات مُختارة للمفكر الإسلامي فهمي هويدي 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    مصر: من هو المضطهد.. ومن هو المجني عليه حقا؟

    بقلم: فهمي هويدي
    .....................

    أحداث الفتنة الطائفية التي شهدتها مصر أخيرا قلبت الاعلام رأساً على عقب. حتى صور المسلمين فيها باعتبارهم مغتصبين ومعتدين، بينما الأقباط ضحايا مغلوبين على أمرهم. في حين أن وقائع الحدث كما جرت في مدينة الإسكندرية على العكس من ذلك تماماً، ولكن التسريبات التي حدثت حين انضافت إلى الصورة النمطية للمسلمين في الاعلام الغربي بوجه أخص، فإنها وضعت المسلمين في القفص وألصقت بهم زوراً وعدواناً نغمة اضطهاد الأقباط. وهو ما ضلل بعض المحللين والكتاب، وأشاع في أوساط النخبة انطباعاً مغلوطاً، كان من أصدائه الأخيرة أن أسقف الكنيسة الكاثوليكية في بريطانيا وجه رسالة إلى الرئيس المصري حسني مبارك في مستهل هذا الأسبوع دعاه فيها إلى انصاف المسيحيين ورفع الغبن عنهم.
    ماذا تقول الوقائع عما حدث في الإسكندرية؟
    أصل المشكلة أن بعض أتباع احدى الكنائس الكبيرة في المدينة (كنيسة مارجرجس) أعدوا مسرحية عنوانها «كنت أعمى والآن أبصرت».. خلاصتها أن شاباً قبطياً دخل في الاسلام، ليس اقتناعاً به ولكن تحت تأثير الاغراء بالعثور على وظيفة، والتزوج، والحصول على شقة سكنية. وحين عاش الشاب في وسط المجموعة التي شجعته على التحول إلى الاسلام، فإنه وجد كل شيء فيهم منفراً، فعاد إلى المسيحية مرة أخرى. وهذه هي الفكرة من وراء العنوان «كنت أعمى والآن أبصرت».
    التفاصيل في المسرحية ركزت على نقائص الاسلام، فانتقدت تعاليمه ووظفت مسألة الناسخ والمنسوخ لتسفيه الخطاب السماوي، وسخرت من القرآن وغمزت في موضوع الجهاد ونظام الزواج، إلى جانب أمور أخرى بدت كافية لإقناع الشاب بالرجوع في الاسلام والفرار من المجموعة.
    في تقديم المسرحية اشارة إلى أنها أعدت تحت رعاية اثنين من القساوسة، وعرض لقائمة بأسماء 49 شخصاً «نالوا بركة العمل» حتى ظهر بالصورة التي عرض بها. وكان العرض الأول لها قبل سنتين في داخل كنيسة مارجرجس، ولم يسمع به أحد. وخلافاً لما أعلن فإنها عرضت بعد ذلك في شهر أغسطس (آب) الماضي، وتم تصويرها بكاميرات الفيديو، ثم نقلت إلى قرص مدمج (c.d)، وعبر هذا النقل تسربت المسرحية إلى خارج الكنيسة، وشاهدها آلاف المسلمين، وكنت واحداً منهم.
    صدم المسلمون بمضمون المسرحية، التي لم تكن تتحدث عن المتطرفين كما ادعى البعض، وانما كانت تتحدث عن الدين والقرآن ونبي المسلمين، على نحو غير مسبوق. حيث لم يحدث شيء من هذا القبيل في أي مرحلة من مراحل التاريخ الحديث. وإذا كان قد حدث فهو على الأقل ظل وراء جدران الكنائس، ولم يخرج إلى الناس بمن فيهم عامة المسلمين.
    الثابت أن شريط المسرحية تم تداوله في جامعة حلوان في بداية الأمر، التي تبعد حوالي 400 كيلو متر عن مدينة الإسكندرية، وفي ذلك الوقت علمت أجهزة الأمن بأمره، فأبلغت النيابة العامة به، حتى تتخذ الاجراء القانوني المناسب، باعتبار أن مضمونه مما تنطبق عليه نصوص قانون العقوبات التي تحظر ازدراء الأديان. غير أن النيابة العامة التزمت الصمت، في الأغلب لكي تتيح الفرصة لتسوية الموضوع سياسياً، وتجنباً للضجيج الاعلامي الذي يمكن أن يحدث، خصوصاً في العالم الخارجي ـ إذا ما قدم المسؤولون عن المسرحية، الذين وردت أسماؤهم بالكامل في التسجيل ـ إلى النيابة أو أحيلوا إلى القضاء.
    حين ذاع الأمر في الإسكندرية وشاهدت المسرحية أعداد كبيرة من المسلمين، وسمع أضعافهم بمضمونها، نظمت مجموعات منهم يوم الجمعة 14/10مسيرة سلمية اتجهت إلى مقر كنيسة «مارجرجس»، حيث أحاطت بها، وأوصل منظمو المسيرة رسالة إلى آباء الكنيسة أعربت عن الاحتجاج على تنديد المسرحية وسخريتها من دين المسلمين، كما طالبت باعتذار بطريرك الأقباط البابا شنودة عنها، باعتباره رأس الطائفة والمسؤول المباشر عن الكنيسة.
    لم تستجب الكنيسة لمطلب المسلمين الغاضبين لدينهم، وظلت النيابة العامة على صمتها، في حين كانت مشاعر الغضب تسري وتتصاعد في مدينة الإسكندرية، فما كان من جموع المسلمين الذين استبد بهم الانفعال إلا أن خرجوا بعد صلاة الجمعة في الأسبوع التالي (يوم 21/10) . وللأسف فإنهم هاجموا الكنيسة معبرين عن غضبهم بطريقة انفعالية. حتى أن واحداً منهم اعتدى بسكين على احدى الراهبات وحدث اشتباك بين جموع الغاضبين وبين رجال الأمن، أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة أكثر من مائة شخص بجروح مختلفة.
    ظل البابا شنودة متمسكاً بموقفه الرافض للاعتذار، وبعد اتصالات عديدة مع آباء الكنيسة الأرثوذوكسية بالإسكندرية، صدر عنها بيان مقتضب في 28/10 أعلن أن الكنيسة لا تقبل أي مساس بالدين الإسلامي، وأنه في حالة ثبوت أي خطأ من جانب الذين اشتركوا في المسرحية، فسوف توقع عليه العقوبة، وبدا واضحاً في البيان أن رجال الكنيسة يرفضون الإقرار بأن ثمة إهانة للمسلمين وعقيدتهم في المسرحية.
    في هذه الأجواء تحركت المجموعات القبطية خارج مصر، وأذاعت في بيانات لها أن المسلمين يهاجمون كنائس الأقباط، هكذا بالمطلق ودون أي إشارة لأصل المشكلة، وفاقم الموقف أن البابا شنودة ظل معتصماً بالصمت، ورافضاً التعبير عن أي موقف يهدئ خواطر المسلمين، وحين تكلم في موعظة له يوم 26/10 فإنه بكى أمام جمهور الحاضرين قائلا إن في قلبه الكثير، لكنه يفضل الصمت «لكي يتكلم الرب»، ثم قال كلاماً موحياً بأن الأقباط يعانون في مصر اضطهاداً يماثل ما أصاب المسيح عليه السلام من اليهود.
    حين عمم هذا الكلام على الكافة، ونقلت صور البابا وهو يبكي، فإن ذلك بدا تأييداً وترويجاً لمقولة اضطهاد الأقباط وكونهم ضحية لعدوان المسلمين وتعصبهم، وهي الرسالة التي احتفت بها وسائل الإعلام، وعممتها العناصر والجماعات القبطية المتعصبة في داخل مصر وخارجها، فانقلب الحال تماماً، وصار الجناة ضحايا، وتحول المجني عليهم إلى ظلمة ومعتدين.
    لم يغير من الأمر كثيراً أن أصواتاً إصلاحية داخل الكنيسة ذاتها كان لها موقف أكثر موضوعية وإنصافا، وأصحاب تلك الأصوات اعترفوا بالخطأ واعتبروا المسرحية حماقة وعملاً يستحق الاستنكار والحساب، وكان من هؤلاء أسقف الشباب في الكنيسة الأنبا موسى، الذي أدلى بتصريحات للصحف يشجب فيها هذا الموقف، غير أن كلامه لم يغير شيئاً من الموقف، لأن صوته ضاع وسط أصوات المتعصبين المتعالية، فضلا عن أنه في ذلك كان معبراً عن رأيه الخاص وليس رأي الكنيسة.
    لقد تمسك البابا الذي يرأس كنيسة لا يتجاوز اتباعها 6% من سكان مصر، بموقف التحدي والاتهام لمشاعر المسلمين الذين يمثلون 94% من السكان، الأمر الذي خلق أجواء غير صحية ارتفعت في ظلها وتيرة الغضب بين المسلمين على نحو أرجو ألا يخرج عن السيطرة، لكني لا أتردد في القول بأنه يوفر زاداً للفتنة يفتح الباب واسعاً لاشتعالها في أي وقت.
    لم يكن قلب الصورة على النحو الذي رأيت هو المفارقة الوحيدة، لأن هناك أكثر من مفارقة أخرى، منها مثلا أن الذين يتحدثون عن اضطهاد الأقباط الذين يمثلون 6% من السكان يتجاهلون أنهم يسيطرون على نسبة تتراوح بين 30 و40% في مجال النشاط الاقتصادي، ومنها أيضاً أنهم يتمتعون بحرية واسعة في الحركة، لا يتمتع بها المسلمون، وقد عبر عن المفارقة في هذا الجانب الدكتور محمد سليم العوا، المفكر المعروف وعضو مجموعة الحوار الإسلامي المسيحي، في مقالة نشرتها له صحيفة «الأسبوع» المصرية، قال فيها إن الأقباط في مصر يتمتعون بمقادير من النفوذ والقوة والسلطان السياسي والاقتصادي والاجتماعي، لم يسبق لهم أن تمتعوا بمثلها، آية ذلك أن مصر تشهد حركة واسعة في بناء الكنائس والقلاع، في الوقت الذي تشترط فيه شروطاً معجزة لبناء المساجد، كما أن الجميع يعرفون ما تتمتع به الكنيسة من حرية في اتخاذ دورها مدارس وملاعب ونوادي وفصول تعليم ومستوصفات ومشاغل، وهي مفتوحة للعبادة والاعتراف وسائر أنواع النشاط دون أي قيد حكومي أو أمني على كهنتها وشعبها 24 ساعة يومياً و365 يوماً سنوياً، في الوقت الذي تغلق فيه المساجد بعد الصلاة بربع ساعة، وتفتح قبلها بعشر دقائق ولا يسمح فيها بأي نشاط إلا الدروس الرسمية لموظفي الأوقاف، ويخضع داخلها وخارجها، ويخضع خطباؤها وروادها لرقابة أمنية مكثفة، وذلك كله يؤكد مدى النفوذ الذي بلغته الكنيسة القبطية، وسائر الكنائس الإنجيلية والكاثولوكية، مقارنة بمؤسسة العبادة للأغلبية التي أصبحت شبه مغلقة في وجوه أصحابها إلا سويعات من النهار والليل معاً.
    .............................................
    *الشرق الأوسط ـ في 9/11/2005م
    رد مع اقتباس  
     

  6. #6 رد: مقالات مُختارة للمفكر الإسلامي فهمي هويدي 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    هزل هنا وجد هناك

    بقلم: فهمي هويدي
    ..........................

    هي مصادفة لا ريب‏,‏ أن يتزامن سفري إلي طهران هذه المرة مع حدثين‏,‏ أحدهما إيراني شغل العالم وتمثل في إعلان طهران رسميا عن نجاحها في تخصيب اليورانيوم‏,‏ والثاني عربي شغل قطاعات عريضة من شبابنا‏.‏ هو إعلان نتائج مسابقة من يكون العندليب‏,‏ التي ترقبها متابعو الفضائيات بعد انتهاء دورة برنامج ستار أكاديمي‏!‏
    ‏(1)‏
    الرحلة بالنسبة لي كانت بمثابة انتقال بين عالمين‏,‏ أحدهما حمل فوق رأسه هموم الدنيا‏,‏ والثاني بدا وكأنه فرغ من هموم الدنيا‏.‏ وعلي مستوي شخصي فإن الإعلان الإيراني أصابني بالارتباك‏,‏ ذلك أنني كنت قد أعددت مقالة للنشر في أسبوع السفر عبرت فيها عن شعوري بالحنق والأسى إزاء انهيار التعليم بمختلف مراحله في مصر‏,‏ في مواصلة لمناقشة حول الموضوع كنت قد أثرتها خلال الأسابيع الأخيرة‏.‏ وقارنت فيما أعددته بين انشغال شبابنا بكرة القدم وبرامج اللهو والعبث التي أصبحت مادة أساسية في الفضائيات العربية‏,‏ وبين الاهتمام الذي تبديه بالعلوم الحديثة دول أخري تنتمي إلي عالمنا الثالث‏.‏ ومما ذكرته أن ستة من طلاب المدارس الإيرانية فازوا بالمركز الأول في أوليمبياد الرياضيات العالمي الذي أقيم في تايوان‏,‏ متفوقين في ذلك على ‏419‏ طالبا من‏76‏ دولة مشاركة في المسابقة العلمية‏,‏ وكان الطلاب الإيرانيون قد حققوا فوزا مماثلا في مسابقات أخري للكيمياء والفيزياء‏.‏ في حين لم نسمع أن أحدا من العالم العربي قد اشترك فيها‏.‏
    في التعبير عن الحنق قلت‏:‏ إننا أقمنا الدنيا ولم نقعدها في مصر حين فزنا بكأس أفريقيا في كرة القدم‏,‏ لكننا التزمنا الصمت وأصبنا بالخرس حين فضحنا إعلان دولي عن أفضل‏100‏ جامعة أفريقية‏,‏ كشف النقاب عن أن جامعة القاهرة العريقة انحط قدرها حتى أصبحت تقع في المرتبة الثامنة والعشرين بين جامعات القارة‏.‏ وحين صدمنا تقرير دولي آخر أخرج الجامعات المصرية من سجل‏500‏ جامعة محترمة في العالم‏,‏ في حين أخذت‏7‏ جامعات إسرائيلية مكانها في ذلك السجل‏.‏
    وحتى اقنع القارئ بأن المسألة جد ولا تحتمل اللعب أو الهزل‏,‏ استعنت بشهادة للمعلق الأمريكي توماس فريدمان‏,‏ نشرتها صحيفة نيويورك تايمز‏(‏ في 25/‏3)‏ ذكر فيها أنه خلال جولاته في أنحاء العالم‏,‏ اكتشف أن أكثر الجدل والمساجلات الأكثر سخونة في العديد من الدول تدور حول التعليم ومستقبله‏,‏ وأن الاهتمام المتزايد بالموضوع جعل كل دولة تعتقد أنها متأخرة في هذا المجال‏,‏ وأن ما حققته يظل دون الطموح الذي تتطلع إليه‏,‏ فرئيس الوزراء البريطاني توني بلير ظل يصارع داخل حزبه لمنح المدارس مزيدا من الاستقلال عن سلطات التعليم المحلية‏.‏ كما أن سنغافورة تبدي اهتماما كبيرا بتحسين مستوي مدارسها في مادة الرياضيات‏,‏ برغم أنها تتصدر دول العالم في ذلك المجال‏.‏ أما الولايات المتحدة فتشعر بالقلق إزاء جدية مدارسها في تحسين مستوياتها في الرياضيات والعلوم‏.‏ وفي الاجتماع السنوي الأخير للرابطة الهندية للتقنيات المتطورة‏(‏ ناسكوم‏)‏ أعرب كثير من المتحدثين عن قلقهم إزاء تقصير نظام التعليم الهندي في تنشئة عدد كاف من المبتكرين‏.‏
    استشهدت أيضا بتقرير عن اهتمام الصين بتشجيع المبدعين والموهوبين‏,‏ تحدث عن أن شركة مايكروسوفت العالمية أقامت مركزا آسيويا للأبحاث في بكين لجذب القدرات العقلية الصينية‏.‏ وفي عام‏ 1998‏ أجري المركز اختبارات ذكاء علي‏2000‏ من أفضل المهندسين والعلماء الصينيين‏,‏ واستخدم منهم‏20‏ فقط‏,‏ وهذا الرقم وصل إلي‏200‏ في عام‏2005.‏ وفي ذلك العام الأخير نشر المؤتمر العالمي لتقنيات الكمبيوتر‏98‏ بحثا تخيرها من أهم مراكز الأبحاث في العالم‏,‏ وكان‏10%‏ منها من مركز أبحاث مايكروسوفت في بكين‏.‏
    ‏(2)‏
    في الإلحاح علي إثارة الاهتمام بالارتقاء بالتعليم رجعت إلي تقرير أمريكي مهم عنوانه أمة في خطر‏,‏ أعده في عام‏1983‏ فريق ضم‏18‏ من اكبر العقول الأمريكية في مجالات التربية والتعليم والفكر والصناعة‏.‏ وهو الفريق الذي شكل في عقب نجاح الاتحاد السوفيتي السابق في إطلاق القمر الصناعي‏(‏ سبوتنيك‏),‏ الذي جاء دالا علي المدى الذي بلغه التفوق العلمي للسوفيت‏,‏ وهو ما اعتبر صدمة هزت أركان الإدارة الأمريكية‏,‏ التي سارعت إلي تحري الأمر واكتشاف مواضع الخلل في البناء التعليمي‏.‏ وفي سياق التحقيق والتحري أجريت عدة اختبارات خضع لها طلاب المدارس الأمريكية‏,‏ مع آخرين من أبناء الدول الصناعية‏,‏ وكانت النتيجة مفاجأة‏,‏ إذ تبين أن الأمريكيين لم يحصلوا علي المرتبة الأولي أو الثانية في ‏19‏ اختبارا للمواد الأكاديمية‏,‏ وان ترتيبهم بالمقارنة مع الدول الصناعية جاء في المرتبة الأخيرة‏,‏ في سبع مرات أجريت فيها الاختبارات‏.‏
    ظلت مجموعة الخبراء تعمل طيلة ‏18‏ شهرا‏,‏ ثم أصدرت تقريرها الذي كان بمثابة جرس إنذار عالي الصوت دعا إلي وقف التدهور‏,‏ من خلال قائمة طويلة من التوصيات‏,‏ التي ركزت علي ضرورة الاهتمام بما سمته الأساسيات الخمسة‏,‏ وهي‏:‏ اللغة القومية ـ الرياضيات ـ العلوم ـ الدراسات الاجتماعية ـ علوم الحاسب الآلي‏.‏ ووجهت اللجنة في تقريرها رسائل متعددة لكل المعنيين بمستقبل البلد‏,‏ من رئيس الجمهورية إلي الآباء والأمهات‏,‏ مرورا برجال التعليم وأجهزة الدولة‏.‏ ومن تلك الرسائل اقتبست عبارات برقية مسكونة بالإشارات النفاذة‏,‏ منها علي سبيل المثال‏:‏
    لو قامت قوة معادية بفرض أداء تعليمي قليل الجودة علي المجتمع‏,‏ لاعتبر ذلك مسوغا لإعلان الحرب‏,‏ لكن ذلك يحدث من خلالنا للأسف‏,‏ التربية هي المحرك الأساسي لنهضة الأمة‏..‏ والتعليم هو حجر الأساس في بناء المستقبل‏,‏ وهو أكثر أهمية من تنمية الصناعة ونظامها‏,‏ بل هو أهم في بناء أقوي جيش‏,‏ لأن ذلك كله لا تقوم له قائمة بغير التعليم‏.‏ لقد أظهر الاستفتاء الذي تؤيده الأغلبية أن التربية ينبغي أن تحتل رأس أولويات برنامج العمل الوطني للأمة ـ صحيح أن التعليم الممتاز والمتفوق مكلف‏,‏ ولكن المتدني وقليل الجودة منه أعلي تكلفة علي المدى الطويل ـ أن حياة أي مجتمع في تفوقه‏,‏ وتفوقه رهن بامتيازه‏,‏ والامتياز يتوقف علي مستوي التعليم الذي يوفر الخبرة لأبنائه‏.‏
    ‏(3)‏
    حين سمعت نبأ النجاح الذي حققته إيران في عملية التخصيب خطر لي لأول وهلة أن ما كتبته عن كارثة التعليم في مصر قد يكون غير مناسب في ظل الأجواء التي استجدت‏,‏ لكني غيرت رأيي وقررت أن احتفظ ببعض أجزائه‏,‏ خصوصا تلك التي تشير إلي خبرات الآخرين في الموضوع‏.‏ وقلت إنه حين يفوز الفريق الإيراني بالمركز الأول في أوليمبياد الرياضيات الذي أقيم بتايوان‏,‏ فإن نجاح بلادهم في تخصيب اليورانيوم يغدو نتيجة طبيعية‏.‏ أما فوز الفريق القومي المصري بكأس أفريقيا فهو وإن كان خبرا سارا‏,‏ لكنه يظل إنجازا في الهواء‏.‏ ولا تسأل عن المردود الذي نجنيه أو المستقبل الذي نتوقعه من الفوز في مسابقات الغناء والطرب‏,‏ التي أصبحت تستقطب اهتمام قطاعات عريضة من المواطنين العرب من الخليج إلي المحيط‏.‏
    لم تكن هذه هي المفارقة الوحيدة‏,‏ لأنني وقعت علي مفارقة أخري وأنا أعيد قراءة الأوراق التي حملتها معي للاطلاع عليها في رحلة السفر‏.‏ وأكثرها تعلق بأصداء المشهد الإيراني‏(‏ قبل إعلان نبأ التخصيب‏)‏ في الصحف الغربية والعربية‏.‏ كان في المقدمة منها تقرير سيمون هيرش في صحيفة‏(‏ النيويوركر‏)‏ ـ 17/‏4‏ ـ الذي حشد فيه كما هائلا من التفاصيل المثيرة حول الخطط الأمريكية لقصف المواقع الإيرانية بهدف إجهاض مشروعها النووي‏,‏ وتقرير آخر نشرته صحيفة نيويورك تايمز في 15/‏4,‏ فصل في مشاعر القلق التي انتابت الدوائر المعنية في واشنطن عقب المناورات البحرية التي أجرتها إيران في خليج هرمز‏,‏ واستعرضت فيها بعض الأسلحة الجديدة‏,‏ في مقدمتها الصاروخ فجر الذي اعتبرته طهران أسرع طوربيد في العالم‏.‏ وقد تعاملت واشنطن بجدية بالغة مع تطوير إيران صواريخها‏,‏ التي بوسعها أن تصل إلي السواحل الشرقية لأمريكا‏.‏ وأهم من ذلك أنها قادرة علي الوصول إلي إسرائيل‏,‏ وهو ما نبه إليه وحذر منه جون نيجروبونتي مدير الاستخبارات القومية الأمريكية‏.‏
    تحدث التقرير أيضا عن دور الروس في تطوير السلاح الإيراني‏,‏ مشيرا إلي أن الصاروخ المثير الأخير‏(‏ فجر‏3)‏ بنفس قوة الطوربيد الروسي شكفال في آي‏111‏ ولافتا الانتباه إلي أن طهران انضمت إلي نادي الفضاء الدولي‏,‏ وسوف تطلق في شهر أكتوبر القادم بمساعدة روسية أيضا قمرا صناعيا صغيرا يدور حول الأرض كل ‏99‏ دقيقة‏,‏ مزودا بكاميرات تمكن إيران من استكشاف قطاعات واسعة من الأرض‏.‏
    ثمة تقارير أخرى بالمعني نفسه تتفق علي أن ثمة تطورا لا يمكن تجاهله في القدرة العسكرية الإيرانية‏,‏ ربما كان محدودا في الوقت الراهن‏,‏ لكنه يعني الكثير بالنسبة للغرب‏,‏ خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل‏.‏
    ‏(4)‏
    الذي أثار دهشتي وارتيابي في الوقت ذاته‏,‏ هو تلك الكتابات التحريضية والتهكمية المستنكرة التي ظهرت في بعض الصحف العربية‏,‏ والتي جاءت علي النقيض تماما من الجدية والاهتمام اللذين لمستهما في التعليقات الغربية‏.‏ وتلك هي المفارقة الأخرى التي عنيتها‏.‏
    لقد كتب أحدهم في صحيفة عربية لندنية‏(‏ يوم 21/‏1)‏ قائلا‏:‏ إنه لم يعد هناك بديل عن ضرب المنشآت النووية الإيرانية وقال ما نصه‏:‏ لا يبقي إلا قرار واضح وجرئ من مجلس الأمن‏,‏ يتبعه عمل عسكري تحت راية الأمم المتحدة‏,‏ في حالة رفض طهران القرار‏(‏ يقصد وقف التخصيب‏)‏ ـ من خلال غارات جوية وصواريخ كروز علي المنشآت النووية الإيرانية‏.‏ وسيتبع ذلك طبعا ردود فعل غاضبة من الأمم الإسلامية‏,‏ لكنها ستكون اقل ضررا مما قد يترتب علي اتخاذ إسرائيل عملا عسكريا منفردا‏.‏
    علق آخر في الصحيفة ذاتها ‏(‏ يوم 3/‏4)‏ علي المناورات الإيرانية الأخيرة قائلا إن تطويرها لأسلحتها يثير مخاوف الدول المجاورة لإيران من توجهات رئيس جمهوريتها الجديد‏.‏ فضلا عن انه بمثابة تبديد للمال واستعداء للعالم وللدول الأكبر عضلاتها منها‏..‏ وتساءل الكاتب‏:‏ ألم يكن أسعد وأفضل بدلا من الإعلان عن الصاروخ المفخرة أن تعلن إيران عن إنجاز آخر يحقق لها تقدما صناعيا أو تقنيا؟‏.‏
    كاتب ثالث نشرت له إحدى الصحف الكويتية‏(‏ في 5/‏4)‏ تعليقا سخر من الصاروخ الإيراني الجديد وهون من شأنه‏,‏ قائلا‏:‏ إنه روسي يحمل الجنسية الفارسية‏,‏ وان موسكو التي هي حليف قوي لواشنطن لن تتردد في إعطاء الأمريكيين كل المعلومات اللازمة عنه‏,‏ الأمر الذي يعني أن الإنجاز المفترض لن تكون له قيمة‏.‏
    كاتب رابع نشرت له إحدى الصحف القاهرية في 9/‏4‏ تعليقا اعتبر فيه أن حديث طهران عن تطوير أسلحتها من قبيل الأكاذيب التي تطلق في شهر أبريل‏,‏ مشيرا إلي أنها ستتحول إلي خيال مآتة إذا تطور الأمر إلي مواجهة ساخنة مع الولايات المتحدة‏.‏ ثم أعاد طرح السؤال‏:‏ أيهما أنفع للأمن القومي الإيراني‏:‏ المناورات والإنفاق علي المناورات والأسلحة والمعدات‏,‏ أم تحسين معيشة الناس وتنمية مجتمعهم سياسيا وثقافيا واقتصاديا ؟
    الملاحظ أن الذين كتبوا هذه التعليقات استخدموا لغة واحدة‏,‏ وان أحدا منهم لم يشر بكلمة إلي خطورة التسلح النووي الإسرائيلي‏.‏ كما أنهم حين سفهوا وتهكموا علي الأسلحة الإيرانية الجديدة‏,‏ وضعوها في سياق المواجهة مع الولايات المتحدة‏,‏ باعتبار أنها الطرف المرشح الآن للاشتباك مع إيران‏,‏ حيث لم يقل أحد إنها يمكن أن تشكل مصدر تهديد أو تخويف من أي باب لدول الخليج‏.‏
    أما وجه الاسترابة في هذه التعليقات فيمكن اختزاله في السؤال التالي‏:‏ إذا كان تطوير السلاح الإيراني لا يسبب إزعاجا إلا للولايات المتحدة وإسرائيل‏,‏ فباسم من ولمصلحة من يتحدث هؤلاء ؟ ـ أرجو أن تجيب عن السؤال علي مهل‏,‏ وأنا واثق من أنك لن تحتاج إلي الاستعانة بصديق.
    .................................
    *المصدر: الأهرام 18/4/2006م
    رد مع اقتباس  
     

  7. #7 رد: مقالات مُختارة للمفكر الإسلامي فهمي هويدي 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    مغامرة عمرو موسى المستحيلة في العراق

    بقلم: فهمي هويدي
    ......................

    ليس بوسعنا الآن أن نتحدث عن نتائج المغامرة التي يقوم بها عمرو موسى في بغداد، لكننا نعرف أمورا محددة، منها أنه يحمل مبادرة عربية طرحت فكرتها الأساسية في نيويورك، أثناء وجود وزراء الخارجية العرب لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وأن عناصرها تبلورت في اجتماع لجنة المبادرة العربية في جدة، نعرف أيضا أن مشاوراته بصددها ستتواصل في طهران بعد بغداد (تسلم قبل أسبوع دعوة رسمية لزيارة إيران)، ونعرف كذلك أن القاهرة تحظى بقبول وتشجيع أميركيين.
    لا مبالغة في وصف رحلة عمرو موسى لبغداد بأنها مغامرة، بعدما استبق الجميع وقال إنها «صعبة وخطرة» وليس الهاجس الأمني المقصود هنا، لأن الرجل سيكون طول الوقت تحت حراسة أميركية مشددة حتى أزعم بأنها المرة الأولى التي يقوم فيها أمين الجامعة محتميا «بمظلة» أميركية، لكن ما أعنيه هو المغامرة السياسية، لأن مهمته محاطة بكم من الألغام العميقة التي تصعب إزالتها، حتى أزعم بأن ما يقوم به نوع من المغامرات المستحيلة. وقبل أن اشرح وجه الاستحالة الذي أدّعيه، فإنني ألفت النظر إلى أن هذه هي المرة الأولى في تاريخ السياسة بالمنطقة التي يتاح فيها للجامعة العربية أن تقوم بدور في بلد تحت الاحتلال الأميركي، أو لواشنطن كلمة في تقرير مصيره، ذلك أن السياسة الأميركية اختارت على الأقل في العقود الثلاثة الأخيرة، إقصاء الجامعة العربية من السياسة في المنطقة، إلا إذا كان لها دور تحدده واشنطن مسبقا، وما حدث في فلسطين والسودان، دليل يؤكد ذلك الادعاء، وجيلنا يذكر جيدا أن هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأميركي الأسبق، أثناء مباحثاته مع الرئيس السادات، حول فض الاشتباك مع الإسرائيليين، الذي تطرق بطبيعة الحال إلى القضية الفلسطينية، طلب منه أمرين محددين، أولهما أن تتحدث مصر عن نفسها ولا تتحدث عن العرب، وهو ما نصحت به في حينه مختلف العواصم العربية المعنية. الأمر الثاني أن ينطلق في حديثه من الحاضر وليس الماضي، بمعنى أنه طلب منه أن يغض الطرف عن التاريخ في المسألة الفلسطينية، لأن ثمة خرائط ووقائع تغيرت على أرض الواقع، ولا مفر من التعامل معها كما هي (لا تنس ان المشروع الصهيوني كله خارج من عباءة التاريخ، الذي هو المسوغ الوحيد للاحتلال والاستيطان الإسرائيلي في فلسطين).
    ولان الزيارة تعد عملا غير مسبوق، فلا بد أن يثير انتباهنا تحمس أميركا لها وترحيبها بها، إلى الحد الذي دفع سفيرها في العراق إلى القيام بزيارة أكثر من عاصمة عربية قبل أسابيع لترتيب الأمر، كما دفع القيادة الأميركية إلى التعهد بتأمين رحلة عمرو موسى طول الوقت، ومن السذاجة بمكان أن نعتبر ذلك الحماس تعبيرا عن حفاوة أميركية بالجامعة العربية أو تقديرا لها، وهي التي رأت فيها طرفا مناوئا يجسد أحد أشكال الوحدة العربية وأحد أحلام الانتماء القومي العربي، الأمر الذي يقف حائلا دون انخراط إسرائيل في خريطة المنطقة، التي تفضل لها واشنطن وصف الشرق الأوسط الذي يحتضن إسرائيل وليس العالم العربي الذي يلفظها.
    لا تفسير لذلك الحماس الأميركي سوى أنه دال على عمق المأزق الذي تواجهه واشنطن في العراق، والذي أدى إلى تدهور شعبية الرئيس بوش، حتى أن مؤيدي البقاء في العراق أصبحوا لا يتجاوزون 30%، الأمر الذي أدى إلى تزايد الحملة الشعبية الداعية إلى الانسحاب من هناك، وهي الحملة التي وصل صداها إلى صفوف ممثلي الحزب الجمهوري في الكونجرس، ولاجل الخروج من الورطة، فإن أميركا أصبحت مستعدة لان تفعل أي شيء يستر موقفها أو يخفف من وطأة الظروف الضاغطة عليها في العراق، وهي التي استقوت من البداية وأعلنت على لسان وزير دفاعها رونالد رامسفيلد، انها ماضية وحدها إلى الحرب في العراق، وليست بحاجة إلى مساعدة أو عون من أحد، ثم تراجعت خطوة وأقامت «التحالف»، الذي قادته وتولى اسقاط النظام، وتراجعت خطوة أخرى حين رحبت بمشاركة دول إسلامية في الحفاظ على الاستقرار في البلاد، لكن الفكرة لم تنجح، وآخر ما لجأت إليه بعدما ازداد المأزق وتعمقت الورطة هو دعوة الجامعة العربية للمساهمة في تهدئة الوضع، بعدما تخلت الجامعة عن أحد ثوابتها، وقبلت الاعتراف بنظام أقامته سلطة الاحتلال. وحين أقول إنها تخلت عن أحد ثوابتها، فإنني استعيد موقفا للجامعة العربية في عام 61، حين تعرضت الكويت للتهديد من جانب نظام عبد الكريم قاسم في العراق، ولجأ أمير الكويت آنذاك إلى بريطانيا التي أرسلت بعضا من قواتها تنفيذا لمعاهدة الحماية المعقودة بين البلدين، حينذاك اجتمع مجلس الجامعة العربية، وأبدى استعدادا لإرسال قوة حفظ سلام عربية إلى الكويت لحماية حدودها، واشترطت الجامعة آنذاك أن تغادر القوات البريطانية البلاد قبل أن تصل إليها القوات العربية، وهو ما حدث بالفعل.
    هل تستطيع الجامعة العربية الآن أن تطلب رحيل القوات الأميركية قبل ان تقوم بدور في العراق، يمكن أن يترجم إلى إرسال قوة سلام عربية تتولى تأمين البلاد؟!.
    السؤال ليس واردا، ثم أنه متأخر جدا، لأن النظام الذي أقامه الاحتلال، والذي لا يزال متمسكا ببقاء القوات الأميركية، ومرحبا بقواعدها العسكرية، أصبحت له شرعيته في الخرائط العربية، وجرى استقباله والاعتراف به في الجامعة العربية.
    ما الذي سيفعله عمرو موسى اذن في بغداد؟..
    هاتفيا اتصلت به وألقيت عليه السؤال، فقال إنه يحمل مبادرة عربية تعالج مختلف عناوين المشهد العراقي، من الاحتلال إلى الإرهاب والإعمار وبناء الدولة وموضوع السنة والشيعة والأكراد وغير ذلك من التمايزات المذهبية والعرقية، كما أن المبادرة تولي أهمية كبيرة لمسألة الوفاق الوطني.. الخ.
    أثارت انتباهي في هذا الصدد ورقة قدمت إلى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن حول الدور العربي في العراق، وفضلا عن الأهمية الخاصة للمركز في صناعة القرار الأميركي، فإن الذي أعد الورقة كان واحدا من أهم الباحثين الاستراتيجيين الأميركيين، انتوني كوردزمان، وتاريخ اعدادها هو 5 أكتوبر (تشرين الأول) 2005.
    في هذه الورقة أورد كوردزمان عشر مهام، تمنى أن ينجزها الوجود العربي في العراق، الذي وصفه أنه إسهام «سني» في استقرار الأوضاع هناك.
    هذه المهام هي: وجود دائم للأمة العربية في بغداد، من خلال التمثيل الدبلوماسي لمختلف الدول الذي اقترح له أن يتم في منطقة «خضراء» (تحت الحماية الأميركية بطبيعة الحال)، واعتبر أن ذلك الوجود على الأرض سيوفر فرصة للحوار المستمر مع العراقيين حول مختلف الشؤون: حل مشكلة ديون العراق المستحقة للدول المجاورة، بما يساعد على توفير الموارد لإعمار البلاد ـ توفير المساعدات اللازمة لإعانة العراق على النهوض بصناعة النفط ـ إقناع أهل السنّة بإمكانية النهوض بالمحافظات التي يعيشون فيها إذا توقفت عمليات المقاومة ـ وإزالة أسباب التوتر والحساسية بين السنّة والشيعة ـ إقناع السوريين والإيرانيين بضرورة مساهمتهم في استقرار العراق وإبعاد شبح الحرب الأهلية فيه ـ تنبيه الجميع إلى أن انخراط أعداد كبيرة من الشباب في عمليات المقاومة يمكن أن يشكل تهديدا ليس للعراق فحسب، لكن لدول المنطقة كلها ـ العمل مع الحكومة العراقية لإقناع إيران بخطورة العواقب الوخيمة التي تترتب على تقسيم العراق أو دفعه إلى مربع التطرف ـ التعامل مع الملف الكردي ومع تركيا بقدر من التفهم الذي ينطلق من احترام الخصوصية، حتى لا تتفاقم المشكلة وتتحول المسألة الكردية إلى سبب إضافي للتوتر في المنطقة ـ تشجيع الدول العربية على احتزاء النموذج الأردني والخليجي في تقديم العون للعراقيين في مجالات تدريب الشرطة وتوفير الاحتياجات اللازمة لهم لإنجاح مهماتهم على هذا الصعيد، ومن شأن ذلك التشجيع ان يساعد على انخراط السنّة والأكراد في المساعدة على استقرار الأمن بالبلاد.
    لقد تجاهلت ورقة كوردزمان المشكلة الأساسية المتمثلة في الاحتلال، بل بدت وكأنها تسعى في نهاية المطاف إلى توفير الأجواء المناسبة لاستمراره في هدوء، وتحويله إلى احتلال «ناعم»، الأمر الذي يعني أنه أراد في حقيقة الأمر أن يحل مشكلة البقاء الأميركي، بأكثر مما شغل باستقرار العراق، ونقطة الضعف في الورقة هي ذاتها العقبة الأساسية التي تواجه مهمة عمرو موسى، لأنه لن يستطيع أن يقترب من ملف الاحتلال بأية صورة، حتى على صعيد تحديد موعد لرحيل قواته في المستقبل، ذلك أن الذين دعوه ورحبوا به وتولوا حمايته وضمنوا له العودة سالما بإذن الله، هم الأميركيون. ومن ثم فأبعد ما يكون عن البال أن يخاطبهم في أمر رحيلهم، واحسب انهم ما كانوا ليوافقوا على زيارته أصلا، إلا إذا كانوا قد اطمأنوا إلى أنه سيغض الطرف عن ذلك الجانب ولن يتوقف عنده طويلا، وكما انه لن يحقق إنجازا يذكر في مسألة الاحتلال، فلن يكون حظه أفضل في صدد ملف الشيعة والأكراد، حيث من الواضح أن قيادات الطرفين ليست على استعداد لتقديم أي تنازل عن المكاسب التي حققوها على الأرض، وفي وضع هذا شأنه، فإن موقف أهل السنّة لن يتغير، خصوصا إذا أدركوا أن مهمة الأمين العام ستنتهي إلى محاولة الضغط عليهم وحثهم على القبول بما يجري، مقابل وعود مستقبلية تظل في مهب الريح، وغني عن البيان ان المبادرة العراقية لن تجد ما يبرر وقف عملياتها، ناهيك عن أن الذين يقومون بالعمليات الإرهابية ضد المدنيين لن يغيروا من أساليبهم أو مقاصدهم. عمليا لن يستطيع عمرو موسى أن يفعل شيئا، غاية ما هناك أن تحاول الإدارة الأميركية أن تستثمر زيارته لاقناع الرأي العام الداخلي بأن العرب يقفون معها في نفس الخندق، وأنهم ليسوا وحدهم في الورطة.
    ............................
    *الشرق الأوسط ـ في 19/10/2005م.
    رد مع اقتباس  
     

  8. #8 رد: مقالات مُختارة للمفكر الإسلامي فهمي هويدي 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    هل تخرج غزة من دائرة الصراع..؟

    بقلم: فهمي هويدي
    ......................

    إذا جاز لنا أن نصف المشهد الفلسطيني خلال الأسبوعين الأخيرين، فقد نقول إنه يحمل في ثناياه إشارات لتصفية المقاومة، لضمان تركيع الشعب الفلسطيني والأمة العربية بالتالي، صحيح أن تلك أهداف تسعى إليها إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة منذ برزت المقاومة في الأفق، لكن التعبئة الإعلامية والسياسية التي تمت خلال ذلك الأسبوع الأخير جاءت من الكثافة بحيث لا تخطئها عين مراقب، ومن الخبث بحيث إنها أفصحت عن حقيقة النوايا، ولعلي لا أبالغ إذا قلت إنها بلغت بعض مرادها.
    حماس الآن في القفص، وهي التي كانت ولا تزال على رأس قائمة «المطلوبين»، لكن التفجيرات التي وقعت أثناء الاستعراض العسكري الذي أقيم في جباليا، وفرت ذريعة قوية لكل الراغبين في تصفية المقاومة: إسرائيل والولايات المتحدة وبعض عناصر السلطة الفلسطينية ذاتها، ودعاة الاستسلام والانبطاح بين المثقفين العرب.
    لست في وارد التحقيق فيما وراء تلك الانفجارات التي راح ضحيتها بعض الفلسطينيين، وهل نتجت عن تدبير إسرائيلي بالتعاون مع الاستئصاليين في أجنحة السلطة، أم أنها كانت نتيجة خطأ ارتكبته حماس في الداخل؟ والأول غير مستغرب، والثاني كان ينبغي أن تتسلح حماس بالشجاعة فتعلنه وتعتذر عنه، أياً كان الأمر، فإن الأطراف التي أشرت إليها وجدتها فرصة لتوجيه ضربة إلى حماس، وإجهاض فكرة المقاومة، والنتائج المترتبة بعد ذلك معروفة، وحين يتتبع المرء الأصداء التي تلاحقت بعد الحادث فإنه يلاحظ ما يلي:
    * أن حملة تنديد وهجاء مكثفة وشبه منظمة شنت ضد حماس، لم تذكر الفصائل الأخرى، على نحو يكشف عن مدى التربص بالحركة التي لا تزال تمثل شوكة موجعة في خاصرة إسرائيل، وحاولت تلك الحملة أن تهيل التراب على سجل حماس على مدى 18عاماً، بما تضمنه من صفحات مشرفة للشعب الفلسطيني وللأمة العربية والإسلامية بأسرها.
    * أن خطاب التنديد والهجاء في بعض تجلياته استخدم أسلوباً ماكراً في التعبير، فشطب على فكرة المقاومة، وتحدث فقط عن «العنف الفلسطيني»، كي يعطي انطباعاً بأن المعادلة هي عنف في مواجهة سلام، وليست مقاومة في مواجهة احتلال.
    *أن إسرائيل حين انتهزت الفرصة، وشنت حملة شرسة لتأديب الفلسطينيين في القطاع، فإنها بعثت برسالة تهديد ضمنية إلى فلسطينيي الضفة الغربية، وحين عادت إسرائيل إلى القطاع بقواتها البرية والبحرية والجوية في استعراض للقوة، لم يكن خافياً أن شارون يوجه رسالته ليس إلى الفلسطينيين وحدهم، ولكن إلى الرأي العام الإسرائيلي أيضاً، لإقناعه بأن شارون ليس أقل تطرفاً من نتنياهو.
    *أن ما فعلته إسرائيل قوبل بصمت وشبه تأييد من العالم الخارجي، إذ بهذا النجاح الذي حققته حملة شارون الدعائية التي صورته رجلاً ضحى وتنازل حين التزم بالانسحاب من القطاع، واقتلع المستوطنين منه، لكن عطاءه قوبل «بجحود» فلسطيني، بتأثير هذه الخلفية تم تمرير الاجتياح الإسرائيلي، فتجاهل الجميع وحشيته، وتركزت أبصارهم على حماس وعلاقتها بالسلطة.
    *أن الموقف المصري بدا محيراً ومثيراً للتساؤل، إذ المعروف أن اتفاق التهدئة تم في اجتماع شرم الشيخ الذي دعت إليه مصر، وحضره شارون ولم تشارك فيه الولايات المتحدة، لكن إزاء الهجوم الوحشي الذي شنته إسرائيل على غزة، والاعتقالات الواسعة التي قامت بها هناك، الأمر الذي اعتبر انتهاكاً صارخاً لاتفاق شرم الشيخ، فإن القاهرة التي استعان بها أبو مازن لكبح جماح الإسرائيليين لم تخاطب القيادة الإسرائيلية أو تراجعها دائماً لكنها خاطبت واشنطن كي تتولى من جانبها الاتصال بإسرائيل وتهدئتها، ليس ذلك فحسب، وإنما واصلت إسرائيل عمليات القصف والاجتياح والاعتقال دون اعتبار لوجود الوفد المصري الذي توجه إلى غزة للإسهام في تهدئة الأوضاع بها، وهو مشهد أعطى انطباعاً بأن الدور المصري يمارس ضغطه على الطرف الفلسطيني، ولا يملك أوراقاً للضغط على الإسرائيليين، وأن إسرائيل هي المستفيد الأكبر من هذه المعادلة، فهي تستعين بالقاهرة إذا أرادت أن تحصل من الفلسطينيين على شيء، ثم تتجاهلها وتعطي لها ظهرها إذا ما أطلقت آلتها العسكرية لقمع الفلسطينيين وسحقهم.
    إذا نحينا جانباً ما حققته الحملة العسكرية الإسرائيلية من أصداء في الداخل، وما أحرزته من نقاط لصالح شارون في مواجهة خصمه بنيامين نتنياهو، فإن أهم وأخطر انجاز في خارج هذه الدائرة هو أنها ضمنت ـ تقريباً ـ إخراج قطاع غزة ـ وليس السلطة الفلسطينية بطبيعة الحال ـ من الصراع، حتى إشعار آخر على الأقل.. كيف؟
    تشير مختلف الدلائل إلى أن حركة حماس قررت أن توقف إطلاق صواريخ القسام من غزة، وهي السلاح الوحيد الذي كان بمقدور المقاومة أن تستخدمه للرد على الاعتداءات الإسرائيلية، بعدما جرى تطويق القطاع بالسور، وتم التحكم الإسرائيلي في مداخله ومخارجه، وهذا القرار يعني أنه لن يكون بمقدور حماس أو غيرها أن تواصل دورها المقاوم في الضفة الغربية، إلا من خلال عناصرها الموجودة هناك، يعني أيضاً أن قوى المقاومة الضاربة المقيمة في غزة ستظل مكتوفة الأيدي إزاء الممارسات الإسرائيلية المختلفة في الضفة، وربما كان ذلك الاعتبار هو الذي دفع حركة حماس إلى المشاركة في الانتخابات والعملية السياسية، باعتبار أن دورها المقاتل في القطاع ليس وارداً في الوقت الراهن على الأقل، وهذا التحول المفترض سوف يقتضي من حماس بذل جهد للتوافق السياسي في غزة والتركيز على توفير عناصر العافية والاستقرار للوضع في القطاع، كي تصبح السلطة الفلسطينية في موقف أقوى يسمح لها بمواصلة السعي لتحقيق الانسحاب الإسرائيلي من الضفة (لا تنسى أن غزة تمثل 6% فقط من الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967).
    هل يعني ذلك أن دور المقاومة انتهى في غزة؟
    ذلك ما يطمح إليه الإسرائيليون، والاستئصاليون الفلسطينيون، علماً بأن خريطة الطريق تنص في بندها الأول على تفكيك البنية التحتية لفصائل المقاومة، ولا يغيبن عن البال أن مصير القضية كلها مرهون بمصير المقاومة، وإذا كان هناك أي انجاز تحقق حتى الآن لصالح الفلسطينيين، فالمقاومة هي صاحبة الفضل الأول فيه، وليست المفاوضات كما يدعي المهزومون الذين يروجون لخطاب الاستسلام.
    لا بد أن تبقى المقاومة في غزة إذن، بهياكلها وعناصرها وسلاحها، ولا بد أن يدرك الإسرائيليون ذلك جيداً، إنما الذي لا محل له الآن هو المظاهر المسلحة، التي تسبب إحراجاً للسلطة، فضلا عن أنه بعد تفكيك المستعمرات فلن تكون هناك أهداف إسرائيلية داخل القطاع يمكن أن يطولها السلاح الفلسطيني، وفيما فهمت فإن السيد محمود عباس (أبو مازن) متفاهم مع ممثلي المقاومة على أن السلطة لا شأن لها بالسلاح الموجود في البيوت، حيث يفترض أن يظل موجوداً طالما الاحتلال مستمر، للقطاع بصورة غير مباشرة، وللضفة بصورة مباشرة، وإذ يقر بذلك، فإنه يتشدد في مسألة الاستعراضات العسكرية وإشهار السلاح في الشوارع. ستظل المسؤولية كبيرة في الضفة، ذلك أن تخفف الإسرائيليين بصورة نسبية من «صداع» غزة، سوف يمكنهم من الاستفراد بها وربما أتاح لهم فرصة شل حركة المقاومة هناك، وهو مخطط نفذته إسرائيل منذ فترة، يسعى إلى بلوغ تلك النتيجة، ولا مفر من الاعتراف بأنها نجحت بصورة مؤقتة في بلوغ مرادها، وسوف يوفر الوضع المستجد بعد الانسحاب من غزة فرصة أفضل للتقدم في هذا الاتجاه.
    وليس سراً أن الحملة القوية على المقاومة التي لاحظناها خلال الأسبوعين الأخيرين، لم تستهدف اغتيال حركة حماس في غزة فحسب، وإنما سعت إلى ضرب عصفورين بحجر واحد، الأول هو ضرب فكرة المقاومة ضد أي محتل من الأساس، عن طريق وصفها بالعنف أو الإرهاب، والثاني التأثير على همة المقاومين في الضفة الغربية، وإذا لاحظت أن تلك هي الرسالة التي أراد شارون أن يوصلها إليهم من خلال اجتياحه وقمعه لغزة، فستدرك أن تلك الشريحة من المهزومين والمثبطين العرب يقفون في حقيقة الأمر داخل المربع الإسرائيلي، وأن مسعاهم ـ بصرف النظر عن نواياهم ـ يصب في المصلحة الإسرائيلية ويخدم مخططاتها.
    ....................................
    *الأهرام ـ في 5/10/2005م.
    رد مع اقتباس  
     

  9. #9 رد: مقالات مُختارة للمفكر الإسلامي فهمي هويدي 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    مساندة الانتفاضة الثالثة مسؤولية الجميع

    بقلم: فهمي هويدي
    ......................

    ما أسفرت عنه الانتخابات الفلسطينية يمثل في أغلب الظن إفقاراً للقضية، ذلك أن القطاعات الحديثة، التي تضم متعلمي الطبقة الوسطى والنساء المتحررات وأبناء الأقليات الدينية، سيتعاظم استلابها حيال موضوع أمسى في عهدة «حماس»، فهي تمعن في تغييب الموضوع الفلسطيني، عبر دمجه في الموضوع الديني الغيبي، فضلا عن عدم امتلاكها أي تصور للسياسة والعلاقات الدولية، ناهيك عن عدم خبرتها فيها، أما الذين يتذرعون بالقهر الفلسطيني، الذي هو صارخ بالتأكيد، لتجميل «حماس»، فإن أصحابه ينسون كم كان الألمان مقهورين بمعاهدة فرساي وبانهيار اقتصادهم يوم اقترعوا لهتلر، آنذاك قام الألمان بعملية انتحار جماعي، وهذا ما قام به الفلسطينيون.
    الكلام ليس من عندي بطبيعة الحال، وما تضمن رؤية سوداوية، مسكونة بالازدراء والغِل، لم تصدر عن أحد من غلاة الليكوديين في إسرائيل، ولا عن رمز من رموز المحافظين الجدد في أميركا الذين يملؤهم الحقد على العرب والإسلام والمسلمين، لكنه نص جمعت فيه بعض الجمل التي وردت في تعليق لأحد الكتّاب العرب ـ صدّق أو لا تصدق ـ نشرتها صحيفة عربية، لم ير في فوز «حماس»، إلا أنه بداية ترويع المجتمع الفلسطيني، وإفقار وتغييب القضية عبر دمجها في الشأن الديني الغيبي، وانتحار جماعي للفلسطينيين أشبه بتجربة النازيين في ألمانيا، إلى غير ذلك من النتائج الكارثية، التي لم ير فيها أي إيجابية أو بارقة أمل في الحاضر أو المستقبل.
    بذات النظرة السوداوية رأى آخرون من دعاة ثقافة الاستسلام المشهد، وتعددت تعبيراتهم عن هجاء ما جرى التنديد به، ومنهم من لطم الخدود وشق الجيوب في ثنايا الولولة على أوسلو وخريطة الطريق، ومنهم من لم ينشغل إلا بالإلحاح على الاعتراف بإسرائيل ونزع سلاح المقاومة، وكأن المشكلة هي فقط في كيفية توفير ضمانات الأمن وراحة البال لإسرائيل، من دون أدنى إشارة إلى أية حقوق أو ضمانات للشعب الفلسطيني، وكأن الفلسطينيين هم المحتلون والغاصبون والمفترون، بينما الإسرائيليون هم الضحايا المغلوبون على أمرهم.
    وكان مثيرا للدهشة أن نفرا من هؤلاء تنافسوا في تقديم النصائح التي تستهدف حصار «حماس» وتوريطها، ومن ثم إفشال مهمتها، بالدعوة إلى مقاطعة حكومتها تارة، وبتسويغ وقف المعونات المالية الدولية تارة أخرى، وبحشد كل الأسئلة المطروحة على العمل الوطني الفلسطيني منذ عام 48 وحتى الآن، ووضعها جميعا أمام «حماس» لكي تحلها تارة ثالثة، وبمطالبتها بتنفيذ شعار تحرير كل فلسطين من البحر إلى النهر الذي نادت به في الثمانينات تارة رابعة.. وهكذا حتى يبدو لمتابع تلك الحملات ان المعركة الحقيقية ليست بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي، لكنها بين دعاة الانبطاح والاستسلام وبين «حماس»!.
    وإذا أعمتهم المرارات والحسابات الذاتية عن رؤية الحقائق الناصعة التي كشفت عنها الانتخابات، التي كان بطلها الحقيقي هو الشعب الفلسطيني ذاته، فإنهم لم يروا أن عملية التصويت كانت بمثابة انتفاضة ثالثة، اثبت فيها ذلك الشعب الباسل أنه، رغم القبضة التي تمسك بخناقه والضربات التي قصمت ظهره، لا يزال منحازا إلى المقاومة والصمود، كما انه بموقفه عبر عن غضبه إزاء العجز السياسي أمام إسرائيل، ورفضه للفساد الذي استشرى والتفلت الأمني الذي عجزت السلطة عن احتوائه، فضلا عن ذلك فإنه لم يأبه بالتهديدات وحملات التخويف التي صدرت من العواصم الغربية، ملوحة بقطع المعونات إذا فازت «حماس» في الانتخابات.
    لقد أداروا ظهورهم لذلك كله، وصبوا جام غضبهم على «حماس» التي فازت، والجماهير التي صوتت لها، الأمر الذي أنساهم أن تركيع الفلسطينيين لا يزال هدفا استراتيجيا، لا خلاف عليه في إسرائيل بالأخص بين الأحزاب الرئيسية الثلاثة، وانه لأجل ذلك حاصروا أبو عمار وقتلوه، وابتزوا أبو مازن طيلة الوقت، ثم لم يعطوه شيئا، رغم أنه أعطاهم الكثير وتمنع عن الركوع، حلما في تغير الظروف الراهنة المحلية والإقليمية، التي تهتز فيها الأرض بشدة تحت أقدام الأميركيين من جراء فشلهم في العراق. فغاية ما هناك أن تتعامل إسرائيل مع «حماس» كما تعاملت مع حكومة «فتح».
    لا أريد أن أهوّن من الأمر، لأنني مدرك ان التحدي الذي تواجهه «حماس» كبير وجسيم، لكني في الوقت ذاته استغرب كثيرا أن يكون موقف البعض من تلك التحديات هو الضغط لإفشال «حماس»، وليس السعي لمساندتها وإعانتها، لأجل الوطن والقضية وليس لأجل «حماس»، باعتبار أن ذلك الموقف الأخير هو الذي يمليه كل عقل رشيد وضمير وطني مستقيم.
    في هذا الصدد فإنني استحي أن أقول إن بعض المنتفعين بالسلطة، الذين استسلموا للهوى والطموح وتقلبوا في المغانم، وجدناهم يقفون بدورهم في الصف الأول من دعاة حصار «حماس» وإفشالها، فمنهم من سارع إلى إعلان مقاطعة حكومتها، ومنهم من اعتبر الالتحاق بالحكومة «عارا» يلاحق أي «فتحاوي»، ومنهم من استبق وطالب بإلحاق الأجهزة الأمنية برئاسة السلطة مرة ثانية بعدما ضمت إلى الداخلية، لكي يستخدم تلك الأجهزة في تكريس الانقلاب وتخريب التجربة، ومنهم من هدد «بتصفية» (!)، كل من يحاول كسر احتكار فتح لأجهزة الدولة، هكذا بمنطق قطّاع الطرق وزعماء العصابات.
    إننا إذا طرحنا السؤال حول كيفية إعانة «حماس» وإنجاح مهمتها ـ انجاح الانتفاضة الثالثة أن شيءت الدقة ـ فإن الرد يستدعي مجموعة من العناصر، بعضها يخص «حماس» ذاتها، والبعض الآخر يخص القوى الوطنية الفلسطينية، والبعض الآخر يتعلق بالموقف العربي.
    « في ما يخص «حماس»، فإنها تواجه موقفا عصيباً للغاية، ليس فيما يتعلق بإسرائيل وحدها، وإنما في الداخل الفلسطيني أيضا، سواء في ما يخص انتقال السلطة التي احتكرتها «فتح»، أو في مواجهة الفساد المتفشي الذي كانت بعض رموز فتح ضالعة فيه، وفي كل الأحوال فإن وحدة الصف الوطني تظل هدفا ينبغي الحفاظ عليه، بل الانطلاق منه، وبالتالي فإن «حماس» يتعين عليها أن تمد أيديها للجميع بصرف النظر عن انتماءاتهم، وأن تعلي في ذلك من شأن الالتزام بالقضية والوطن، وتعتبره مقدما على الالتزام بالحركة، إذ تظل «حماس» فصيلا معتبرا في الحركة الوطنية وليست ممثلا وحيدا لها. وعلى «حماس» أيضا أن تدرك أن التوافق الوطني نهج ينبغي أن تعض عليه بالنواجذ، وهو لا يتحقق بأن يفرض طرف برنامجه على الآخرين، وإنما باستعداد كل الأطراف للقاء في منتصف الطريق، وإذا حسب أن قضية التحرير والملف السياسي بالتالي على رأس أولويات العمل الوطني، فإن ذلك يعني بالضرورة أن يتراجع أي شأن آخر لإتاحة الفرصة للتركيز على استحقاقات ذلك الملف. والتوافق المنشود يفترض ألا يمثل فقط التقاء على النهج والأساليب أو المشاركة في السلطة، لكن الذي لا يقل أهمية عن ذلك كله أن يعبر عن الاتفاق حول ترتيب الأولويات، وتحديد القضايا الأساسية التي ينبغي التركيز عليها في المرحلة الراهنة.
    وعن التفكير في مسألة البرنامج فإن «حماس» لها أن تفرق بين استحقاقات الضرورات وقضاء الخيارات، فثمة ضرورات يمكن أن تنهض بها أطراف أخرى غير الحكومة (منظمة التحرير مثلا)، وإذا استحكمت الضرورات ولم يكن هناك مفر من التعامل معها، فقد تجيز المحظورات، حسب القاعدة الشرعية المعمول بها، ولـ «حماس» أن تهتدي في تعاملها مع مختلف الملفات بالقواعد المتعارف عليها عند الأصوليين في التغيير، التي تراعي سنة التدرج فيما يراد تغييره، وتدقق في الموازنة بين المصالح والمفاسد، أو بين المفاسد والمفاسد، حيث تحتمل بعض المنكرات مؤقتا، إذا كان تغييرها سيؤدي إلى ما هو أنكر وأسوأ عملا بقاعدة اختيار أخف الضررين وأهون الشرين.
    « بالنسبة للقوى الوطنية الفلسطينية فهي مطالبة بأن ترتفع فوق خلافها مع «حماس» إن وجد، بحيث تظل عند التزامها بتحرير الأرض من الاحتلال، عن أي طريق جاء، إذ ليس هذا وقت الشماتة في أحد أو تصفية الحساب مع أحد، والانسحاب أو المقاطعة الآن ليست موقفا من «حماس» وإنما هو في حقيقة الأمر تخل عن المسؤولية الوطنية في ظرف تاريخي دقيق وإخلاء لجبهة لا يزال القتال فيها مشتعلا، ورحى الحرب مستمرة، من ثم فالمشاركة مع «حماس» في الحكومة يمثل استمرارا للمقاومة من موقع آخر، وإسداء النصح لها ضرورة تفرضها المسؤولية الوطنية، كما أن وجود معارضة قوية ونزيهة لها في المجلس التشريعي يسهم بطبيعته في ترشيد المواقف والحفاظ على عافية وحيوية المجتمع الفلسطيني.
    « أما الموقف العربي فيحزنني أن أقول إنه يمثل إحدى الحلقات الضعيفة في المشهد في شقه المتعلق بالأنظمة بوجة أخص، ولا مفر من الاعتراف في هذا الصدد بأن ضعف الموقف في هذه الزاوية، كان أحد العوامل التي أثرت سلبا باستمرار على مسار القضية الفلسطينية، ولو كان هناك موقف عربي متماسك وقوي لاختلف الأمر تماما، ولتغيرت خرائط المنطقة، وربما امتحن هذا الموقف خلال الأيام المقبلة، إذا ما قررت أوروبا وأميركا وقف المساعدات المالية لحكومة السلطة الفلسطينية الأمر الذي يثير سؤالا حول موقف العالم العربي في هذه الحالة، وهل سينضم إلى المقاطعة، أم يحاول مد يد العون للفلسطينيين بصورة أو أخرى.
    على أي حال فالمراهنة الآن هي بالدرجة الأولى على تضأمن الشعوب العربية، والنخب الوطنية، والشريفة، وهي وفيرة والحمد لله، وما النماذج التي سبقت الإشارة إليها إلا شذوذا واستثناء، وبثورا على الجسم لا أكثر.
    أن إنجاح الانتفاضة الفلسطينية مسؤولية الجميع، وخذلانها جريمة تاريخية لا تغتفر.
    ......................................
    *الشرق الأوسط ـ في 1/2/2006م
    رد مع اقتباس  
     

  10. #10 رد: مقالات مُختارة للمفكر الإسلامي فهمي هويدي 
    مشرف
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    المشاركات
    736
    معدل تقييم المستوى
    19
    الشكر الجزيل لناقل الموضوع الدكتور حسن
    الحقيقة ان فهمي هويدي هو من اكبر المفكرين و هو صاحب منهج في التحليل السياسي .لا ينكر العقل ولا يفرط في العاطفة ما يجعله يجمع بين الاثنين في طريقة قلما يفعلها مفكر ما يجعله بامتياز و هذا رأي الشخصي من اكبر المفكرين المعاصرين.فالعقل هو قلب الحقيقة و العاطفة نبضها .
    قد تهزم الجيوش لكن لن تهزم الأفكار إذا آن أوانها
    رد مع اقتباس  
     

  11. #11 رد: مقالات مُختارة للمفكر الإسلامي فهمي هويدي 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رزاق الجزائري مشاهدة المشاركة
    الشكر الجزيل لناقل الموضوع الدكتور حسن
    الحقيقة ان فهمي هويدي هو من اكبر المفكرين و هو صاحب منهج في التحليل السياسي .لا ينكر العقل ولا يفرط في العاطفة ما يجعله يجمع بين الاثنين في طريقة قلما يفعلها مفكر ما يجعله بامتياز و هذا رأي الشخصي من اكبر المفكرين المعاصرين.فالعقل هو قلب الحقيقة و العاطفة نبضها .

    سلام الله عليك

    والله الرجل هويدي يستحق كل احترام
    رد مع اقتباس  
     

  12. #12 رد: مقالات مُختارة للمفكر الإسلامي فهمي هويدي 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رزاق الجزائري مشاهدة المشاركة
    الشكر الجزيل لناقل الموضوع الدكتور حسن
    الحقيقة ان فهمي هويدي هو من اكبر المفكرين و هو صاحب منهج في التحليل السياسي .لا ينكر العقل ولا يفرط في العاطفة ما يجعله يجمع بين الاثنين في طريقة قلما يفعلها مفكر ما يجعله بامتياز و هذا رأي الشخصي من اكبر المفكرين المعاصرين.فالعقل هو قلب الحقيقة و العاطفة نبضها .
    شكراً للأديب الأستاذ رزاق الجزائري على التعليق،
    مع موداتي.
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. أسئلة الانكسار والضياع – فهمي هويدي
    بواسطة رزاق الجزائري في المنتدى قبة المربد
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 19/05/2010, 07:04 PM
  2. «إيباك» تحييكم! – فهمي هويدي
    بواسطة رزاق الجزائري في المنتدى قبة المربد
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 05/04/2010, 08:50 AM
  3. إنها مصر الأخرى – فهمي هويدي
    بواسطة رزاق الجزائري في المنتدى قبة المربد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 27/03/2010, 08:15 PM
  4. المريب والعجيب في صفقة الغاز*فهمي هويدي*
    بواسطة رزاق الجزائري في المنتدى قبة المربد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 18/03/2010, 09:50 AM
  5. القضية البربرية من وجهة نظر د.فهمي هويدي.
    بواسطة رزاق الجزائري في المنتدى قبة المربد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 29/12/2006, 03:58 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •