شكوى بين عامين
شعر: العمري
فجرٌ بَدَا.. وهِلالُ عامٍ غَابَا = وكأنَّ قلبي لابثٌ أحْقابَا
تتوَاردُ النُذُر الفِصَاحُ بأعيني = واللهُ يُحْصي مَا عليَّ كتابا
وأتيهُ في دُنيا السَّرابِ وكلمَا = أغلقتُ بابا أشْرعتْ أبوابا
أنّى تنالُ النفسُ منها رغبة ً = إلاَّ وتنشدُ رغبة ً ورِغابا
لا يرتوي العَطشانُ من رشافاتِها = ومعَ لذاذتِها سَرَتْ أوْصَابا
دعني أبوحُ بمَا يمزّقُني، فقدْ = تـُسْلي الشكاة ُ فؤادي الوَثـّابا
أستغفرُ الله العظيمَ بحكمه = أجرى الأمورَ.. وسبّبَ الأسبابا
لولا عُرى الإيمانُ تعقدُ مُهْجتي = لوأدتُ قلبي.. أو قصدتُ يَبَابا
لولا عُرى الإيمانِ تبعثُ عزمتي= لتصوغ َ منها مجدَنا الخلاّبا
لولا عُرى الإيمان لم ترَ بسمة ً = أو تسق ِ غرسا.. أو تذقْ أعنابا..
هذي السنونُ تصرّمتْ أيامُها = فمضتْ.. ولمْ نملكْ لهنَّ إيابا
كمْ من حبيبٍ غيّبته.. وكم منىً = تُقنا لها دهرا.. فكـُنَّ سرابا
ولكمْ تجندلَ ماجدٌ عن عرشِهِ = فحثتْ عليهِ جنادلا وترابا
وهنا المُعافى.. آمنٌ في سربِهِ = أضحى يكابدُ غربة ً وعذابا
وهنا عروسٌ سُجّيتْ في عُرسِها = في حينِ كان السَّعدُ منها قابا
وهناك زلزالٌ أناخَ فلم يدعْ = لحما ولا عظما ولا أعصابا
وهناكَ موجٌ هادرٌ غمرَ الرُّبا.. = واللاعبين.. وغيّبَ الألعابا
فإذا المدائنُ صرن قاعا صفصفا = والصمتُ ينعى حُسنها الخلاّبا
وهنا الصحارى المقفراتُ شواهقٌ = طُلْنَ السحاب.. وكنَّ قبلُ يبابا
والحرُّ أضحى العبدَ في أوطانِهِ = وبيوتُ إخواني غدونّ خرابا
والطفلُ زادُ الطيرِ من أشلائهِ = والأمُّ يُبقرُ بطُنها إرهابا
وإذا الحليمُ –من البليّةِ – حائرٌ = يدعو.. ويمسحُ دمعه المنسابا:
يا ليت أمي لم تلدنِ.. وليتني = ياربُ –قبل اليوم- كنتُ ترابا
وهنا العميلُ المستكنُّ بحقدِهِ = لبسَ العمامةَ واعتلى المحرابا
أذكارُهُ لعــنٌ.. وطعــنٌ وعظُهُ = وإذا تنفـّــلَ يمّمَّ الســــردابا ..
خانَ المكارم.. واستباحَ جوارَهُ = وقلى الصِحابَ.. وقبّلَّ الأغرابا
والقدسُ ثكلى.. والعراقُ أسيرةٌ = والخطبُ في الصومالِ عزَّ مصابا
وانظر فلولَ الغرب أضحتْ أمّة ً = والحزبُ أضحى عندنا أحزابا
وهناك سمسارُ الرذيلة ما خلا = يئدُ الحياءَ.. ويطعنُ الآدابا
في كفّه قمرٌ كسيفٌ أسحمٌ = أغوى شيوخا.. واستجالَ شبابا
والمسلمُ الغربيُّ في عزماتِهِ = نصرَ النبيّ ومجّدَ الأصحابا
وابنُ العروبةِ سادرٌ في غيّهِ = والكهلُ في لجج الهوى يتصابى!!
واسترجلتْ بنتُ الخدورِ فمزّقّتْ = حُللَ الحياء ِ.. تعففا وحجابا!!
واستأنثَ الشبّانُ فارْمُقهمْ بدوا = -أو قل بدينَ – كواعبا أترابا!!
وهنا صريعُ الاكتتابِ وقد هوى = والسهمُ أنفذ َ .. قشرة ً.. ولُبابا
كانت لهم خضراءَ باردة الصَبَا = فإذا بها نارا لهـــم وعــــذابا
فافهم دروسَ الدهرِ في دورانِهِ = فالدهرُ أبلغُ حجّة ً وخطابا
واعمل لمثواك القريب فربما = وقفَ المفوّهُ لا يحيرُ جوابا
يا أمتي: هذا مقامُك فانهضي = فالحكمُ حكمكِ سنّة ً وكتابا
ترنو لكِ الدنيا فقودي خطوها = واشفي السقيمَ وبصّري المرتابا
آن الأوانُ لأمة الإسلامِ أنْ = تبني الحياة هداية ً ومتابا
يا فجرَ أمتِنا تجلّ على المدى = واكسُ الزمانَ تفاؤلا وشبابا
شقّْ الســوادَ فللمخاضِ تألـُّم ٌ = والصبحُ من كنف الظلامِ انسابا
آمنتُ أنّ اللهَ منجـــزُ وعــدِهُ = والمرجفون رجاؤهم قد خابا....
جريدة المدينة- ملحق الرسالة