أرسل لنا الأستاذ فضل هذه المادة وأحببت نشرها في هذا القسم


إدارة داء السكري
بقلم : يوسف فضل
التمهيد الأول :
وصلني استفسار من قاريء (محظوظ) مثلي يعاني من مرض داء السكري يطلب مني تفسيراً لمعنى ما كتبته في مقالي السابق بعنوان " مواعيد طبية " حيث ذكرت على سبيل التفكه والحقيقة : " أن صديقي الدكتور احمد عزيز مدير إدارة داء السكري في جسمي " وماذا أعني "بإدارة داء السكري "؟ وبما أنني لست نطاسيا حاذقا ربما أكون مريضا بارعا في معرفة ما أعاني منه لذا سيكون ردي هو مقالي من واقع تجربتي الشخصية مع داء السكري (صديق المريض) ولا أدعي أن قصتي ستكون كاملة لأنها تبقى همي اليومي الخاص بي منذ أربع سنوات لكن رأيت أن أعممها على القراء متوخيا إن شاء الله أن تفيد الآخرين ممن سجلوا معي على غير رغبتهم في نادي داء السكري وبذلك أفوز بالقليل من الحسنات بفضلهم . وبعيدا عن استخدام المصطلحات الطبية التي اجهلها لكن أتيحت لي الفرصة بالتعرف عليها من طوال المراجعة مع الطبيب الذي يتمتع بمؤشر معيار إنساني عالي إذ قدم وشرح لي المعرفة الطبية التي أحتاجها . سأجلس مطوعا القرطاس والقلم وما بداخل الجمجمة لنتعرف معا على هذا الداء (الغبي ) الذي لا شفاء منه لكن يمكن التحكم به بسهولة لأنني أتقبله كجزء من حقائق الحياة الكثيرة التي أعيشها . أسأل طبيب ولا تسأل مجرب . أعرف أن هذا المثل معكوس لأن هذا المثل ليس دائم الإصابة .
التمهيد الثاني:
تم اكتشافي لداء السكري عندما شعرت بجفاف الشفتين والعطش الشديد لشرب الماء وكثرة التبول . في البدء لم الق بالا لكن - عندما شعرت بدبق سكري على سطح جلدي مما جعلني مصدرا لجذب الحشرات التي أخذت تلاحقني من كثرة نز مادة السكر من مساماتي – (هذه الجملة الاعتراضية غير صحيحة ) عرضت نفسي على الطبيب الذي رحب بي وأشعرته بالزهو لأني أصبحت له أرضاً خصبة لتطبيق معلوماته الطبية على إنسان فانٍ وبحرية التسلط باستباحته جسدي وأسراري .

لم يكن مرض السكري لدي وراثيا بل أن الجينات الو راثية كانت في سباق ماراثوني عبر الأجيال تعدت حواجز كل أفراد عائلتي واستقرت أخيرا في خلايا جسدي لتبدأ مرحلة الوراثة من نقطة الأنا التي أظهرت داء السكري في بداية عقدي الرابع ، والله العليم حتى يكون داء السكري سببا لكتابة هذا المقال . ربما أورث هذا الداء لذريتي وأنال عدم الرضا منها أو لا أورثها هذا الداء أو المال فلا أنال حتى الرضا.
ما هو داء السكري؟
مرض يتصف بارتفاع سكر الدم ( الجلوكوز ) عن المستوى الطبيعي وهو (70 إلى 110 ملجم/ 100مل مصل الدم ) مما ينتج عنه طرح الجلوكوز في البول فيؤدي إلى كثرة التبول والشعور بالعطش . يحدث مرض السكر نتيجة نقص أو عدم فعالية هرمون الأنسولين الذي تفرزه غدة البنكرياس وغالبا ما يكون مزمنا ، وقد يكون وراثيا أو مكتسبا عند وجود العوامل المساعدة على الإصابة به .
أنواع داء السكري :
حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية WHO:
1- النوع الأول ويسمى داء السكري المعتمد على الأنسولين IDDM.
والذي كان يسمى سابقا السكري الشبابي. وعلاجه بأخذ حقن الأنسولين .
2- النوع الثاني ويسمى داء السكري غير المعتمد على الأنسولين NIDDM.
إذ 80-90% من مرضى داء السكري مصابون بهذا النوع ومنهم العبد الفقير لله . الذي يعتمد حاليا على حبوب الدواء .
3- سكري الحمل ( السكري الحملي ):
وهو نتيجة ضعف أو خلل تحمل الجلوكوز الذي يحدث أثناء الحمل ويتم التشخيص بفحص السكر على الريق 105ملجم/100مل.
4- كما توجد أنواع من داء السكري منها السكري البرنزي:
والذي يحدث نتيجة زيادة امتصاص الحديد وتراكمه في الأعضاء الداخلية وخاصة في غدة البنكرياس نتيجة خلل في الصفة الو راثية الموجودة في كروموسوم 6 وهو من الأمراض الشائعة في العالم الغربي والأوروبي .
5- السكري الكاذب Renal Glucosuria
هذا الداء ليس له علاقة بزيادة أو نقص الأنسولين في الجسم بل ان أعراضه فقط مشابهه لمرضى السكري . إذا يعاني المريض من كثرة التبول نتيجة عيب خلقي في الكلية التي لا تحتفظ بالسكر فيتم تصريفه عبر البول . والمريض لا يتعاطى أي أنواع من أدوية السكري .
تشخيص المرض :
يتم تشخيص داء السكري بفحص الجلوكوز والهيموجلوبين المتحد من الجلوكوز بالدم والجلوكوز والأستون في البول .
العوامل المساعدة للإصابة بداء السكري :
1- السمنة أو البدانة : تؤدي إلى إضعاف حساسية خلايا الجسم لهرمون الأنسولين وبالتالي زيادة جلوكوز الدم وهذا يؤدي لإفراز الأنسولين بكميات كبيرة مما يسبب إنهاك خلايا البنكرياس وبالتالي حدوث داء السكري .
2- الوراثة : تعدد الإصابات بين أقرباء المريض بداء السكري وغالبا ما يصاب الشخص بعد التعرض لأحد العوامل المساعدة الأخرى .
3- المناعة : يترافق داء السكري مع العديد من أمراض المناعة الذاتية (autoimmune diseases) مثل فرز أجسام مضادة لخلايا البنكرياس .
4- الحمل : إذا ظهر داء السكري أثناء الحمل فغالبا ما تصاب به المرأة مستقبلا وبصورة دائمة .
5- الالتهابات : مثل التهاب الغدة النكافية والتهاب البنكرياس كأحد المضاعفات المحتملة.
6- الأدوية والهرمونات : استعمال بعض مدرات البول لفترة طويلة ، فرط هرمون النمو ، الأدرينالين والكورتيزون .
7-أمراض البنكرياس : التهاب يصيب جزر لانغرهاس بالبنكرياس التي تصنع وتفرز الأنسولين مثل : الإصابة بالحمى الراشحة COXSAKIE والتهاب البنكرياس نتيجة إدمان شرب الخمور وورم بالبنكرياس أو استئصاله .
8- الصدمة أو الزعل أو الخوف وهذه العوامل لا تسبب داء السكري لكنها تكشف المستور أي أن الشخص يكون مصاب بداء السكري وتعرضه لمثل هذه العوامل تكشف داء السكري .
إذ أن زيادة الضغط النفسي المفاجيء الناجم عن الصدمة أو الزعل أو الخوف تكشف القابلية للإصابة بداء السكري لدى الشخص .
إدارة داء السكري للنوع غير المعتمد على الأنسولين
مررت بإتباع طريقتين في إدارة داء السكري :
الطريقة الأولى : والتي أسميتها ( إنهاك حصان السباق ) أي تعاطي حبوب الدواء خاصة طويل المفعول منها الذي يحفز عمل خلايا البنكرياس بإفراز المزيد من مادة الأنسولين أي عصر الخلايا حتى آخر خلية وهذه الطريقة شبيه بركوب حصان السباق الذي يُضرب حتى الإرهاق ليفوز في السباق لكن في نهاية السباق يسقط ميتا . وهذا حال خلايا البنكرياس التي تعمل فوق طاقتها لأنها قد أرهقت بمحفزات الأدوية لإفراز المزيد من الأنسولين . وفي خلال 8-10 سنوات يتوقف البنكرياس عن العمل أو إفراز مادة الأنسولين فينتقل مريض داء السكري إلى النوع الأول المعتمد على ابر الأنسولين.
أما الاسم العلمي لمركبات الأدوية المستخدمة في الطريقة الأولى :
1- Glibenclamide
2- Gliclazide
3- Glimepiride
4- Glipizide
الطريقة الثانية : والتي أسميتها ( المحافظة على الرصيد ) وهذه الطريقة تحافظ على قدرة البنكرياس في إنتاج رصيد ثابت من الأنسولين حسب الطاقة الإنتاجية له مع المحافظة على هذا الرصيد دون زيادة أو نقصان . وتشبه هذه الطريقة مثل شخص يملك رصيد بنكي ولا يريد أن ينقص هذا الرصيد أو يزيد بل يريد الإبقاء عليه ثابتا . وبإتباع هذه الطريقة يمتد عمل البنكرياس من 15-25 عاما . لان هذه الطريقة تزيد من حساسية الخلايا للأنسولين وتقلل من تكوين الجلوكوز في الكبد وتساعد على دخول الجلوكوز للخلايا .
أما الاسم العلمي لمركبات الأدوية المستخدمة في الطريقة الثانية:
1- مركبات تعمل على زيادة حساسية الخلايا للأنسولين وتقلل من تكوين الجلوكوز في الكبد وتساعد على دخول الجلوكوز للخلايا خاصة بالأشخاص (القطط )السمان .
1-1 Metformine
2- مركبات تعمل على زيادة حساسية الخلايا للأنسولين فقط
2-1 Pioglitazone
2- 2Rosiglitazone
3- وهناك مركبات أدوية (عملها موضعي ) تقلل امتصاص السكر من الجهاز الهضمي بتحييد عمل أنزيم مسئول عن امتصاص السكريات من خلال الأمعاء :
Acarbose
نصائح عامة لمرضى داء السكري :
1- إتباع الحمية الغذائية بإرادة وصبر والمقاومة الشديدة لنزعة شهوة الطعام للمحافظة على :أ- نسبة سكر الدم قريبا من المعدل الطبيعي بقدر الامكان مما يؤخر حدوث مضاعفات داء السكري ب- والدهون ج - وضغط الدم لأن تقليل المتناول من الطعام وخفض وزن الجسم وجعله مناسبا لطول الجسم من أحسن الطرق لتحقيق هذا الهدف .
2- شرب الماء أثناء الأكل لأنه يشعر بالشبع .
3- زيادة تناول مواد الطاقة الغنية بالألياف مثل الحبوب الكاملة ومشتقاتها (الخبز الكامل – الأسمر) والحبوب والبطاطا . فهذه الأغذية بالإضافة إلى أنها قليلة السعرات فهي تحتاج مدة أطول للهضم وتعطي أحساسا بالشبع .
4- اعتماد تناول (طعام الأرانب) أي الإكثار من تناول الخضراوات والفواكه قليلة السعرات كالخيار والبندوره والخس والجرجير والهندباء والكرفس والبصل الأخضر والجزر ......(كن صديق السلطات )
6- الامتناع أو الإقلال من الكربوهيدرات الناعمة أو البسيطة كالسكر والحلويات والمشروبات الغازية والعصائر المحلاة بالسكر – الكسترد – الجاتوهات – الجلي – المربى لان هذه الأطعمة تمتص بسرعة وبالتالي تزيد من تركيز الجلوكوز بالدم بسرعة .
7- تقليل تناول الدهون وتناول الحليب قليل الدسم ومشتقاته وتناول لحم الدجاج والسمك بدون جلد .
8- إذا كانت الرياضة ضرورية لحياتنا اليومية فانه يتوجب اختيار بعض أنواع التمرينات والرياضة الخفيفة المناسبة لسن مريض داء السكري خصوصا التي تحتاج إلى تحريك القدمين مثل رياضة المشي . لأن النشاط الرياضي يساعد الجسم على استخدام الأنسولين بصورة أفضل على أن لا تقل ممارسة الرياضة عن 30 دقيقة يوميا . أيضا عدم استخدام المصعد في العمل .
9- التنوع في طرق الطهي باستعمال السلق أو الشي أو الفرن أما القلي فيكون بقليل من المرق بدل من الدهون مع تقليل فترة الطهي قدر الامكان للحفاظ على القيمة الغذائية للطعام ومضغ الطعام جيدا بهدوء للحصول على عملية هضم أفضل وللإحساس بالشبع بسرعة .
10- الابتعاد عن تناول الأطعمة المدخنة والمعلبات والمعالجة والمخللة بالملح .
11- إجراء الكشف الدوري المنتظم للوقاية من مضاعفات السكري التي تصيب الأوعية والشرايين وتسبب الذبحة الصدرية أو الفشل الكلوي أو نزف شبكية العين أو ضغط الدم أو تلك التي تصيب الأعصاب .
والفحوصات هي :
1- فحوصات كل شهر
1-1 سكر صائم وفاطر Fasting &2 hours postprandial blood sugar
2- فحوصات كل ثلاثة شهور
2-1 هيموجلوبين جلوكوزي HbA1c
3- فحوصات كل 6 شهور
3-1 انواع الكولسترول والدهون بالدم Lipid Panel
4- فحوصات كل سنة
4-1 ميكروزلال في البول Microalbumin
4-2 فحص لشبكية العين Fundus Exam
5- تحليل وظائف الكلى Renal Function
6- تحليل كامل للبول عند الشعور بأي أعراض للالتهاب Urine Exam
12- ليس هنالك ما يدعو إلى القلق فلنحاول التنعم بالحياة على أكمل وجه إذا استطعنا أو عرفنا كيف .أسأل الله لي ولكم العفو والعافية .

editor@grenc.com
nfys001@yahoo.com
www.grenc.com