ها قد فك الله عقالك، كُنْتَ قبل لحظات، تسترق النظر إلى معصمك كل نصف ثانية، و تتأكد إن كانت ساعتك لازالت على قيد الحياة.... و تجهد نفسك في رفع رأسك، و النظر إلى الساعة المعلقة على جدار المكتب، و بنظرتك الاستجدائية تتمنى لو أن لديك قوة سحرية تجعل عقرب الساعة الأكبر يسرع ليقبع عند الرقم اثني عشر.. كما كنت تفعل، يوم كنت في المستوى الرابع من التعليم الابتدائي، عندما كنت تسترق النظر خلف زجاج النافدة المتسخ، و أنت تراقب حارس المدرسة يتقدم من الجرس الحديدي المعلق في أقصى الزاوية اليسرى في الساحة، و يقرعه بإيقاعه المعهود ليعلن انتهاء الحصة الدراسية المسائية.. فيعلو صياحك و صياح زملائك فرحاً بانتهاء ساعات الاعتقال...
تغادر المكتب.. تصل إلى بيتك.. و تلقي بجسدك المتعب على الأريكة..تحتسي من كوب الشاي.. و تعب نفساً عميقاً من سيجارتك المفضلة، التلفاز أمامك..تبدأ في الضغط على زر التحكم عن بعد، و تبدأ القنوات بإمطارك بسيل من البرامج :"كليبات" عربية وغربية، أغاني رديئة ورقصات مبتذلة..أفلام إباحية..
على إيقاع موسيقى رومانسية يهاجمك مسلسل" فليحيا الحب ".. يجلس أسعد إلى جانب أحلام.. يبثها شوقه و لوعة الفراق..و يُمَنِّيها بقرب انتهاء مأمورية بدولة صديقة..وعودته لإعداد مراسيم حفل الزواج ..في أسفل الشاشة و عبر شريط الأخبار المتحرك: قوات الاحتلال تمنع المصلين من الوصول إلى المسجد الأقصى لأداء صلاة الجمعة، باستثناء حاملي الهوية الزرقاء شريطة أن يتعدى سنهم الخامسة و الخمسين..بدل الخامسة و الأربعين كما كان مقرراً من قبل..
تنظر أحلام إلى وجه أسعد تظل صامتة و الدموع تعبر خدها لتستقر عند حافتي شفتيها.. يطمئنها أسعد معللاً أن سفره لن يطول..
اعتصام المعطلين حاملي الشهادات العليا أمام باب البرلمان للشهر الثالث و تدخل قوات "الأمن" بعنف.. نقل ثلاثة من المعتصمين إلى المستشفى في حالة خطر..
في لقطة بانورامية تمسح الكاميرا جزء من البيت الفخم و تستقر عند أحلام التي تقسم أنها ستنتظره إلى حين عودته..و أنها لن تخضع لرأي الأسرة التي تريد أن تزفها لابن العم؛ العائد تواً من الخارج محملاً بأموال طائلة يستطيع أن يضمن لها مستقبلها..
الشرطة الاسبانية توقف مائة و خمسة و ثلاثين من المهاجرين السريين أغلبهم من دول جنوب الصحراء، و تعمد إلى إرجاعهم إلى بلدانهم الأصلية.... و نساء عراقيات تتعرضن لاغتصاب جماعي من طرف أفراد قوات الأمن و الحكومة تكذب الخبر...
يُدْخِل أسعد يده إلى جيب بدلته و يخرج علبة صغيرة، يفتحها و يخرج منها خاتماً يقدمه لحبيبته كعربون إخلاص وارتباط بها..
مناضلو و مناضلات الجمعية الوطنية لحملة الشهادات يتعرضون للهجوم من قبل أجهزة القمع..
تأخذ نوال الخاتم و تضعه في أصبعها، تقبل أسعد على خده..
طفل في السادسة من عمره ضحية اغتصاب متكرر داخل روضة الأطفال التي كان يذهب إليها.
يبادلها أسعد إحساسها ويعبث بشعرها، ينظر إلى عينيها و يهمسان معاً في لحظة واحدة:" لِيَحْيا الحب"
منع تظاهرة تضامنية مع الشعبين الفلسطيني و العراقي..والاحتلال الإسرائيلي يواصل توغله في نابلس و يعتقل ستة عشر شخصاً بتهمة الانتماء لفصائل المقاومة.. فليحيا الحب! فليحيا الحب! !!!!
تطوان 26/02/2007