أول شريط رسوم متحركة طويل يتناول حياة الرسول محمد
(صلى الله عليه وسلم)
عبير صلاح الدين
2001/06/12
في أول تجربة من نوعها في العالم انتهت شركة "بدر" الدولية من إنتاج أول فيلم رسوم متحركة طويل يتناول حياة الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) بأيدي رواد فن الرسوم المتحركة في هوليود وبموافقة الأزهر الشريف، وعُرضت أجزاء من الفيلم في مؤتمر صحفي بالقاهرة تمهيدًا لعرضه خلال الأيام القادمة في دور السينما.
وأوضح محيي الدين سعدية - مدير عام شركة بدر الدولية - أن الفيلم هو الأول من نوعه في الموضوع والتقنية العالية، بحيث استطاع أن يزاوج بين الأثر الذي تتركه مشاهدة أفلام الرسوم المتحركة مع هيبة وجلال الموضوع، والحفاظ على قداسة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، فهو لم يجسد الرسول (صلى الله عليه وسلم)، فضلا عن المؤثرات الصوتية السمعية التي ألفها "ويليام كيد" الفائز بجائزة "إيمي" عام 1992 لأفضل أعمال موسيقية أصلية، والشركة المنفذة هي "ريتش كريس" التي سبق وأنتجت أفلام "أميرة الإوزة" و"الملك وأنا"، و"سكيركيرو"، "وبوق الأوزة" بالتعاون مع إستديوهات هوليود.
والمخرج "ريتشارد ريتش" يعد من أهم المخرجين العالميين في مجال الرسوم المتحركة بعد أن قضى 14 عامًا من الخبرة في "ديزني" قام خلالها بإخراج العديد من أفلام الرسوم المتحركة الكلاسيكية، مثل: الثعلب والكلب، والأبطال الكلاسيكيون، بالإضافة إلى إخراجه أكثر من سبعين قصة قصيرة وستة أفلام طويلة.
وكاتب السيناريو هو "بريان نلسين"، وهو من أبرز كتّاب أفلام الرسوم المتحركة، الذي اعتمد على المادة التاريخية التي شاركت في تجميعها السيدة "فردوس وارتون" مع الدكتور "خالد أبو الفضل" أستاذ القانون الإسلامي ، وتُوِّج السيناريو بموافقة علماء الأزهر الشريف على ما ورد فيه، ثم موافقة علماء الأزهر على عرض الفيلم بعد رؤيته.
الفيلم ناطق باللغة الإنجليزية، وتم إعداد نسخة (مدبلجة) باللغة العربية بأصوات كبار النجوم العرب المسلمين، وقد استغرق إعداد الفيلم عامين، فهو يحتوى على (196) ألف رسمة ـ لوحة تحريك ـ وتكلف حوالي 10 ملايين دولار.
خطاب لغير المسلمين
ويُعلّق "فايز الصباغ" رئيس قناة" سبيس تون" البحرينية المتخصصة في الرسوم المتحركة أن ما يميز الفيلم أنه استطاع أن يخاطب غير المسلمين وغير العرب وبلسان العصر وبلغتهم، وهو فيلم للأطفال وللكبار معًا، وسيترجم الفيلم إلى الكثير من لغات العالم وسيعرض خلال قناة " سبيس تون" التي ستشجع الإنتاج العربي أيضًا في هذا المجال، وتقدم له التمويل اللازم، وإذا كانت شخصيات الفيلم تشبه شخصيات (ديزني) فلا بأس، فقد اعتاد الغرب على صيغة ديزني، والفيلم موجه لغير المسلمين عمومًا.
وهنا يقول الشيخ "فهمي حسن إسماعيل" وكيل وزارة الأوقاف المصرية، الفيلم يُعرض في وقت مناسب، حيث يتعرض الإسلام في الغرب لهجمة شرسة، والفيلم يوضح الصورة المعتدلة للإسلام بأنه ليس دين عنف، بل دين أخلاق وقيم، وأولادنا أيضًا في حاجة للمعلومة الإسلامية الصحيحة بأسلوب ممتع وبلغة العصر وبطريقة يحبونها.
ويرى الدكتور "محمد رأفت عثمان" عميد كلية الشريعة والقانون أن الفيلم يخدم الناحية الأخلاقية للأطفال والناس بشكل عام، وهذا باب يحسن استغلاله، فيوضح الفيلم أن محمد (صلى الله عليه وسلم) جاء للدفاع عن الضعفاء، والدين هو مجموعة قواعد تنظم علاقات الناس بعضهم ببعض وعلاقتهم بالله سبحانه وتعالى.
ويعلق الناقد الفني "سمير فريد" قائلاً: الفيلم لا يجسد شخصية الرسول (صلى الله عليه وسلم) فقط، ولم يُجسِّد أيضا شخصية عم الرسول أيضًا بناء على طلب الأزهر الشريف، رغم أن الفنان عبد الله غيث جسَّد هذه الشخصية في فيلم "الرسالة" الذي أنتج عام 1975، والذي يمنع عرضه حتى الآن.
وقد كانت هناك محاولة فاشلة لتجسيد شخصية الرسول (صلى الله عليه وسلم) في السينما، حينما اتفق أحد المخرجين الأتراك مع مخرج ألماني ليقوم الفنان "يوسف وهبي" بتجسيد شخصية الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وانتهت المحاولة عندما تدخل الأزهر، ولم يوافق على تصوير الفيلم، وطلب من يوسف وهبي الاعتذار عن هذه المحاولة، وفعلا اعتذر وقال بأنه كان يعتقد أنه بالإمكان تجسيد شخصية الرسول (صلى الله عليه وسلم)، كما تُجسِّد الأفلام الأمريكية شخصية "عيسي" عليه السلام.
ويحسب لهذا الفيلم الذي نحن بصدده، والحديث ما يزال لـ(سمير فريد) أنه يأتي في عصر تعيش فيه السينما العالمية عصرها الذهبي في مجال أفلام الرسوم المتحركة، فقد حققت أفلام "التحريك" أو الرسوم المتحركة نجاحًا كبيرًا في العالم كله بذات القدر الذي تنجح به الأفلام العادية، وهو يأتي أيضًا في توقيت صحيح بالنسبة لما يتعرض له الإسلام من هجوم في العالم الغربي فيعتبر كرد بليغ على كل ما يثار عن سيرة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، ووضع المرأة في الدين الإسلامي، وغير ذلك.
ويُعلِّق ممثل الشركة المنتجة: لقد كتب السيناريو مسلم غير عربي، لكنه من أفضل الكتّاب في هذا المجال؛ فصناعة الرسوم المتحركة صناعة خطيرة لها أصولها.
قصة الفيلم
ويحكي الفيلم قصة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، حيث يتناول جزءا من الحياة في مكة قبل بعثة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وكيف كانت مكة مجتمعا فاسدا مليئا بالظلم، والجشع، والفسق، وعبادة الأصنام، ثم جاء الرسول (صلى الله عليه وسلم) ليواجه تلك الحياة.
ويحكي الفيلم كيف تمسّك المسلمون الأوائل بدينهم، وتحمّلوا من أجله كافة أنواع التعذيب، وقد أثرّت الدعوة المحمدية على الحياة في مكة، فتحولت إلى مجتمع يشع بالإيمان، والوحدانية بالله، والمساواة بين العبيد والأسياد، وغيرها من السمات التي لم ترض قريش، وهو ما دفعهم لمحاولة الانتقام من الرسول وأصحابه.
ويصور الفيلم كيف استقبل أهل المدينة الرسول وأصحابه، وهناك تأسس أول مسجد في الإسلام، وبدأ المسلمون يمارسون شعائرهم الدينية دون خوف، ويصور الفيلم غزوة بدر التي انتصر فيها المسلمون رغم قلة عددهم، وبعدها غزوة أحد ثم غزوة الأحزاب.
د. أبو شامة المغربي
