لقــاء حواري مع الأخ الكريم .. الدكتور جمال مرسي ...

[أبو شامة المغربي]

بسم الله الرحمن الرحيم
لقاء حواري مع الأخ الكريم الدكتور جمال مرسي

سلام الله عليك أخي الكريم
جمال
ورحمته عز وجل وبركاته
وبعد ...
قبل أن أهدي إليك ندى حروف من ورودها، باسمة الثغر في ظلال هذه الدوحة الثقافية المشرقة المورقة، وقبل أن أرسل علامات استفهامي زوارق من كلمات مبحرة في رحاب هذه الروضة السنية، وقبل أن أرسلها فراشات محلقة وعصافير مغردة في سماء هذه الواحة الطيبة البهية، أستهل هذا المقام الحواري بقبس نثري عساه يبدد بإصباحه كل عتمة جاثمة، فما الإصباح من كل ليل بهيم بأمثل ...
للحرف والشعر العربي العتيق، لا ريب، نبض رشيق وجوهر جليل، بل إن لهذا الكائن اللغوي الحي وذاك أصوات، وأصداء، ونبر أصيل ... ثم كيف بألق الصبح والفرح الجميل؟ وكيف بالعتمة إذ ترخي سدولها، وكيف بالجمال الموءود والحلم القتيل؟
كيف بحال المرء إذ يمشي وحيدا في القيظ، وهو يتصبب من الجبين إلى أخمص القدمين عرقا على عرق، وكيف به إذ يقطع الليل فردا، وقد سكن في عينيه أرق جاثم على أرق؟ ثم كيف به إذ يجوب الأرض غريبا، وهو ينادي الرحيل الرحيل، وحذار من الغرق؟ أحقا ستظل حروف النثر والشعر حبرا على ورق؟ أحقا لن تفيد الكلمات في شيء كثير أو قليل من خطها، ومن سمعها، ومن قرأها، ومن بها نطق؟
***
سؤال قبل الأسئلة
من هو جمال مرسي جملة وتفصيلا؟
سؤالي الأول
ترى ما يعنيه الشعر بالنسبة إليك، وما الذي يدل عليه في رأيك؟
سؤالي الثاني
كيف كانت البداية أو البدايات الشعرية لدى جمال مرسي؟
سؤالي الثالث
هل ثمة فاصل بين الكتابة النثرية وأختها الشعرية؟
سؤالي الرابع
من هم الشعراء العرب المحدثين والقدامى، الذين قرأت لهم أكثر من مرة؟
سؤالي الخامس
ما طبيعة القصائد الشعرية التي تجد في نفسك ميلا إلى رصدها بالقراءة، واقتفاء أثرها بالتلقي؟
سؤالي السادس
ترى هل ناظم القصيدة الشعرية في حاجة إلى تذوق الأعمال الأدبية النثرية؟
سؤالي السابع
كيف ترى القصيدة العربية المعاصرة بالمقارنة مع شقيقتها العتيقة؟
سؤالي الثامن
ما الذي يعنيه النقد الشعري بالنسبة للقصيدة العربية قديما وحديثا؟
سؤالي التاسع
هل ثمة من علاقة جوهرية عميقة بين شكل القصيدة العربية مخطوطة على الورق ومحتواها؟ وما نصيب عناوين القصائد من عناية واهتمام الشعراء العرب المعاصرين؟
سؤالي العاشر
ما هو في رأيك حظ الإلقاء والإنشاد مما ينظمه الشعراء المعاصرون؟ ثم ما نصيب الإلقاء الشعري من اهتمام جمال مرسي؟
سؤالي الحادي عشر
هل ثمة بالفعل أساس أدبي جلي لما يسمى بالنثر المشعور أو النثر الشعري من جهة، والشعر المنثور أو الشعر النثري من جهة ثانية؟
سؤالي الثاني عشر
ترى هل تجد للسيرة الذاتية أصواتا أو أصداء خاصة بالشاعر أو بالشاعرة في ما ينظمانه من شعر؟ وهل سبق لك أن قرأت بعض السير الذاتية الشعرية؟
سؤالي الثالث عشر
ما حظ الصبي جمال مرسي من كتاباتك الشعرية؟ وما آثاره وتجلياته في ما تخطه منها باليمين؟
سؤالي الرابع عشر
أحقا ما يزال الشعر ديوان العرب الأول؟
سؤالي الأخير
هل ثمة من سؤال أو أسئلة انتظرت مني طرحها عليك في هذا اللقاء الحواري، فلم آت على ذكرها ولم أبسطها على هذه الصفحة؟
***
هذه باقة من حروف حوارية، أهديها إليك وإلى كل قارئ كريم أزهارا في مزهرية، وهي قطر من غيث، ومنتهى القصد منها أن تكون جسرا للتواصل الإنساني، وللعبور إلى حيث المشترك الثقافي الجميل بين الإنسان والإنسان، وعساها تكون سببا في ميلاد إضاءات وإضافات أدبية أو نقدية ...
في انتظار حروف إجاباتك مسهبة ومقتضبة
حياك الله
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
aghanime@hotmail.com

[أبو شامة المغربي]

أخي الحبيب
أبا شامة المغربي
جمال مرسي إنسان بسيط محب للناس يبذل كل طاقاته من أجل إسعاد الآخر، يسعي للخير بأمر الله و لا يتواني عنه.
شهد اليوم الثاني من شهر فبراير لعام 1957م الصرخة الأولى في قرية جميلة نائمة في أحضان النيل هي قرية دار السلام بمحافظة كفر الشيخ بمصر.
كان والدي رحمه الله يعمل مدرساً بهذه القرية، وكنت ثالث مولود له، فرعاني وأمي رحمهما الله، وربياني على القرآن، والخلق القويم، وحب الناس، فكان أن التحقت بـ(كتّاب القرية) .. وهو ما يعادل روضة الأطفال في أيامنا هذه، ولكن بطريقة بدائية، وأنا في الرابعة من عمري، فتتلمذت على يد أستاذي المرحوم الشيخ أحمد عابدين الذي بدأ بتحفيظنا القرآن، ومعي مجموعة من أصدقائي الصغار، الذين صارت لهم مناصبهم المرموقة الآن، وكان يتخذ معنا أسلوب اللين والشدة، العصا والحلوى، فحفظنا ما تيسر من كتاب الله في أقل من سنة.
كنت أمارس طفولتي كبقية زملائي في اللعب في أزقة القرية الضيقة بألعاب بدائية لم أنسها، لأن لها ذكريات جميلة عندي، فلما أشرقت السنة الخامسة من عمري، انتقل والدي رحمه الله والأسرة جميعا إلى المدينة، حيث منصبه الجديد، كإداري بمديرية التربية والتعليم بكفر الشيخ المدينة، رغم أنه خريج المعاهد الأزهرية، وأنا أعتبره قدوتي ومثلي الأعلى، فقد كان عطوفاً ومربياً فاضلاً، لا يخشى في الحق لومة لائم، حتى إنني أذكر بينما كنت في القوات المسلحة ضابطا احتياطيا، حاولت التوسط لأحد الزملاء عنده، وكان هذا الزميل مخالفا، فما كان إلا أن أخذت دشاً باردا فوق رأسي أمام موظفي مكتبه، وكأنه نسي أنني ابنه الذي يرتدي الحلة العسكرية أمامه.
التحقت بمدرسة أحمد عرابي الإبتدائية، ثم انتقلت بعدها إلى مدرسة الشهيد حمدي الإعدادية، ومن بعدها إلى مدرسة الشهيد رياض الثانوية العسكرية، والتي أخذت منها شهادة الثانوية العامة، وكان هذا في العام 1975م.
كانت بي رغبة شديدة للإلتحاق بإحدى الكليات العسكرية، وخاصة الفنية العسكرية، ولكن الظروف حالت دون ذلك، فالتحقت بكلية الطب البيطري، التي تخرجت منها عام 1980م.
وبعد أن أنهيت دراستي الجامعية، وأديت الخدمة العسكرية تغير مسار حياتي تماماً، بدءًا من السفر إلى الأردن، ومرورا ببعض الدول الأوربية، كهولند، والنمسا، وتركيا، ويوغوسلافيا، وانتهاءً بالمملكة العربية السعودية التي أقيم فيها الآن منذ أكثر من سبعة عشر عاما أدير فيها إحدى مؤسسات الأدوية.
تزوجت بأم رامي حفظها الله وبارك فيها مع نهاية العام 1988م، ورزقني الله منها بولد (رامي) في كلية التربية قسم فيزياء وبنتين (سلمى في الصف الثالث الإعدادي، ومروة في الصف الخامس الابتدائي)، جميعهم مع أمهم هم كل شيء في حياتي لهم أعيش، ولهم أعطي حبي ووقتي.
كنت محبا للقراءة منذ نعومة أظفاري، وكان أبي رحمه الله يوفر لي الكتب، والقصص، والدواوين التي أحبها حين لمس بي رغبة في الأدب بشتى أنواعه شعراً ونثراً .. حتى حفلت مكتبته رحمه الله بأنفس الكتب، والتي ورثتها منه رحمه الله مستأذنا بقية إخوتي فيها.
وكان القرآن هو معلمي الأول وما زال، فمن كلام الله عز وجل تعلمت فنون الكلام وطريقة النطق ومخارج الألفاظ، حتى إنني فزت بجائزة الإلقاء في كثير من مسابقات الشعر، التي كانت تنظمها الجامعة.
أحببت الشعر حباً كثيراً، وعشقته حد الثماله، وله كرست معظم وقتي وفكري، فقرأت لفحول الشعراء في عصر ما قبل الإسلام، والعصر العباسي، والأموي، والعصر الحديث، ابتداءً من البارودي ومرورا بشوقي وحافظ، وانتهاءً بأدونيس ومحمود درويش، وما زالت القراءة دون انقطاع حتى إنني أقرأ أيضا لكثير من الشعراء عبر شبكة الإنترنت ومواقعها المختلفة، الشباب منهم المخضرمين .
روحي مرحة .. أعشق النكته، والتندر، وأحب مداعبة أصدقائي ومشاغبتهم حتى في ردودي عليهم .. أحببت الناس فأحبوني، وهذه نعمة كبيرة منَّ الله عليَّ بها، فكان لي قبولٌ عند الكثيرين.
أتعامل مع الآخر بأدب واحترام حتى لو أخطأ فيّ، وأغفر له لأنني أيضا لي أخطائي وزلاتي، وأحب أن تُغفر لي، والله غفور رحيم.
وماذا أيضا يا جمال؟ ماذا أيضا ...؟
يكفي اليوم ما سردته، وسأعود بإذن الله لأكمل معك أخي المفضال
محبتي وتقديري لك وللجميع

[أبو شامة المغربي]

سؤالي الأول
ترى ما يعنيه الشعر بالنسبة إليك، وما الذي يدل عليه في رأيك؟
أبو شامة المغربي
أخي الحبيب الدكتور عبد الفتاح
الشعر لي كالماء والهواء، وأنت تعلم بأهميتهما للمرء لكي يعيش، أحبه منذ الصغر، منذ أن قرأت أول بيت في أول كتاب مدرسي تعجبت بيني وبين نفسي وسألتها .. كيف يتمكن هذا الكائن العجيب من أن يسحر عقلي، ويأخذني إلى عالم آخر؟
عالم من اللذة، والنشوة، والارتقاء، والتحليق بالخيال لبناء مدن جديدة ليست موجودة على أرض الواقع.
أحببته مذ قرأت بعض المعلقات، التي لم أكن أفهم من معانيها إلا النزر اليسير، ثم لشوقي، والبارودي، وحافظ إبراهيم، وإيليا أبو ماضي، وكانت تشدني كثيرا القصائد المغناة بصوت أم كلثوم من شعر شوقي، وأبي فراس الحمداني، وأحمد رامي وغيرهم.
أحببته لدرجة أنه لا يمر عليّ يوم إلا وأنا أقرأ عشرات القصائد القديمة والحديثة، وإن حدث ولم أقرأ، فكأنني حرمت الماء أو الهواء في يومي هذا، ويعجبني جدا الشعر الصادق الذي أحس بأن شاعره ينزف قبل أن يكتب قصيدته، فما إن تخرج من قلبه حتى تسكن أعماق محبيه، ولهذا كان من البدهي أن أقتني العديد من دواوين الشعراء القدامى، وفي العصر الحديث، وحين تتاح لي أي فرصة لحضور ندوة أو أمسية شعرية أو صالون أدبي، فإنني لا أتوانى عن ذلك، ولا أستطيع كبح هذه الرغبة في ذاتي.
ولي عودة إن شاء الله ...
محبتي وتقديري

[أبو شامة المغربي]

سؤالي الثاني
كيف كانت البداية أو البدايات الشعرية لدى جمال مرسي؟
أبو شامة المغربي
البداية كانت حبي للقراءة منذ الصغر، وكانت هذه القراءات تتناسب مع المرحلة السنية، التي كنت فيها في المرحلة الابتدائية والإعدادية، والمتمثلة في قراءة قصص الأطفال، وبعض الأناشيد والأشعار الخفيفة، التي كانت مقررة علينا في المدرسة.
ولما رأى والدي ميلي إلى القراءة، وحبي لها، بدأ يساعدني في ذلك بشراء بعض الكتب وأخذ بيدي، فألحقني بقصر ثقافة كفر الشيخ، حيث اشتركت في مكتبة القصر، كنت أذهب إليها كلما سنحت لي ظروف الوقت، وهناك بدأت أقرأ من شعر الكبار، فأحببت أيامها شعر إيليا أبو ماضي، ثم قرأت لأحمد شوقي وحافظ إبراهيم، والبارودي، وكان هذا في نهاية المرحلة الإعدادية والثانوية.
كان مدرس اللغة العربية، وأذكر اسمه هو أستاذي رحمه الله عبد الفتاح الجزار يأخذ بيدي، ويرغبني في الشعر، لأنه كان شاعرا وزميلا للشاعر الكبير محمد عفيفي مطر إلا أنه لم يحظ بشهرة عفيفي مطر، ربما لاكتفائه بالتدريس ونشر أعماله على مستوى ضيق ومحلي، كان يشجعني حين سمع نظمي لأول بيتين في رثاء أمي في قصيدة اسمها (غدا يعود الصباح)، أذكرهما جيدا لأنني أكملتهما فيما بعد وصارا قصيدة:
إذا حمل الصباح طيوب أمي*فنعم الطيب ما حمل الصباحُ
وإن هبت رياحٌ فرقتــها*أسائلها لماذا يا رياح؟؟
هذا بالإضافة لبعض كتابات كانت أشبه بالنثر، وكنت أحسب أنها من الشعر، ذهبت جميعها أدراج الرياح، فلما كنت في الجامعة، توسعت في قراءاتي، ولكني لم أكن في هذه الفترة أجد التشجيع على الكتابة، وأيضا لأن الدراسة العملية في الكلية كانت تأخذ معظم وقتي.
أنهيت دراستي الجامعية وسافرت، بعد أن أديت الخدمة العسكرية، إلى الأردن للعمل هناك .. وهناك كتبت أول ديوان يدوي، وكان بعنوان "ريش مبعثر على خريطة الزمن"، ولكني فقدته بكل الأسف، ولكن أذكر أن قصائده كانت من الشعر الحر، وكنت في هذه الفترة متأثرا بنزار، فحمدت الله أن ذلك الديوان اليدوي قد ضاع مني، لأني لم أرد أن أكون نزاريا أو مقلدا لأحد في شعري.
انقطعت عن الشعر مدة طويلة، شغلتني فيها ظروف الحياة والزواج والسفر عنه، إلى أن حدث موقف أعادني للشعر من جديد بقصيدة عامية، ولكني لم أنس عشقي للفصحي، فعدت من جديد واستذكرت العروض، وكان أن أصدرت ديواني الأول بعنوان "غربة" عام 2000م، ثم بعد ذلك بدأت تجربتي مع عالم الإنترنت في العام 2002م والذي فتح لي آفاقا جديدة مع شعراء جدد من جيل الشباب أو المغمورين، وكان أن أصدرنا في تجربة فريدة ديوانا مشتركا بعنوان "على شرفة القمر" مع عدد من الشعراء العرب، تلاقينا بهم وتعارفنا عن طريق الشبكة الدولية.
وفي نفس العام 2003م وفقني الله لطباعة ديواني الثاني "أصداف البحر ولآلئ الروح" .. وهأنذا أعد للديوان الثالث بإذن الله وهو "أنهار لا تعرف الخوف"، و ما زالت مسيرة الشعر مستمرة ...
بارك الله فيك أخي الكريم أبا شامة المغربي ولي عودة إن شاء ربك
محبتي

[أبو شامة المغربي]

بسم الله الرحمن الرحيم
سلام الله عليكم أهل هذه الدوحة المورقة بكل حرف عربي أصيل ورحمته جل وعلا وبركاته
وبعد ...
للأخ الكريم جمال مرسي ولكم جميعا أهدي باقة من أزهار الشكر وندى نداها، وباقة ثانية من ورود التقدير وشذى شذاها على كرم المبادرة، وجميل التلقي، وحسن المشاركة، وكدأبه فأخوكم عبد الفتاح أبو شامة المغربي قريب من كل حرف رشيق فصيح بليغ، ترسلونه محلقا مشرقا شاديا في سماء هذه الواحة الغناء ...
في انتظار حروف باقي الإجابات الحوارية
حياكم الله
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
aghanime@hotmail.com

[أبو شامة المغربي]

سؤالي الثالث
هل ثمة فاصل بين الكتابة النثرية وأختها الشعرية؟
أبو شامة المغربي
وعودة من جديد
وإجابة على سؤالك .. هل ثمة فاصل بين الكتابة النثرية وأختها الشعرية؟
أقول إن الأدب عموما قد اتفق على تقسيمه إلى قسمسن رئيسين: الشعر والنثر، أما النثر فهو ما اشتمل على القصة والرواية والمقالة والرسائل الأدبية والخاطرة، ولكل واحدة منها تعريفاتها وخصائصها الخاصة بها.
أما الشعر: والذي يعد من أهم فنون الكلام وأكبرها تأثيراً في التاريخ الأدبي للعرب حتى أنهم درجوا على تسميته بديوان العرب لأنه جمع العرب على شتى اختلاف بلدانهم وجنسياتهم حول هذا الفن الجميل، وقد ظل بالفعل متفوقا على شتى فنون الأدب العربي الأخرى والتي بدأت تزاحمه وبقوة في العصر الحديث.
ولقد حار النقاد في وضع تصور ثابت للشعر العربي منذ القدم، فمنهم من قال: إنه ذلك الكلام الموزون المقفى، والذي يؤدي إلى بناء شعري متكامل يبدأ ببيت الشعر الواحد (بصدره وعجزه)،فالمقطوعة، فالقصيدة .. وظل هذا التعريف سائدا وربما ما يزال عند البعض هو الأكثر ذيوعاً.
وبالإضافة إلى ذلك التعريف فقد أضيف للشعر خاصية الإمتاع والنفع، الإمتاع بما يحويه من صور جميلة ومعان جديدة وتشبيهات بليغة قد يكون من الصعب إيجادها في الفنون النثرية الأخرى، والنفع بما يمكن أن تقدمه القصيدة من فائدة لمتلقيها سيان، من بث نصيحة أو دعوة لأخلاق ومبادئ أو كف عن سوء.
ثم ظهر في العصر الحديث أشكال محتلفة للقصيدة العربية، منها الشعر المرسل، وهو الذي يحتفظ بالإيقاع، ويتحررمن القافية، والشعر التفعيلي، الذي يحتفظ بوحدة التفعيلة، وأخيرا ما يطلق عليه قصيدة النثر، وهي التي تحررت من الوزن والقافية، واحتفظت بموسيقى خفية هي موسيقى الكلمة أو الجملة، وكما اختلف شكل القصيدة في العصر الحديث، فقد اختلفت أيضا التجارب الشعرية، فتحولت إلى دلالات نفسية، واجتماعية، ورمزية، وعليه فإنني أرى أن هناك فاصلا بين الكتابة النثرية والشعرية، ربما كان في الرتم، والإيقاع، والوزن المميز للشعر عن غيره من بقية الفنون النثرية الأخرى.
مع خالص تحياتي
ولي عودة إن شاء الله