الفأر .. و الفيزياء


دخان يتصاعد من قبة المسجد الأقصى
أحذية قذرة ..
تدنس عتباته المقدسة
طفل يوأد بالرصاص أمام صمت العالم
إيمان ..تموت في حضن أمها
هولاكو .. يحرق بغداد من جديد
شيخ .. تتناثر شظاياه مختلطة بشظايا كرسيه المترع بالتعب والكرامة
مصاحف بغداد تمزق وتداس في مساجدها ..
حرمات منتهكة .. نساء تغتصب .. أبو غريب .. والديمقراطية الجديدة ..
لن استطرد كثيراً لأنني ربما أحتاج إلى صفحات .. ربما دفاتر
لكن على الرغم من كل هذا ..
كل هذا ومازلنا .. نضحك .. نرقص .. نتابع كرة القدم .. نصفق للقمة .. ولنانسي عجرم
يستوقفني ما حدث في سجن أبو غريب لأطرح ما يمكن أن أسميه فكرة جديدة
وأنطلق من الأسئلة
- من يا ترى وراء نشر صور التعذيب والانتهاكات ؟؟!!
- هل يمكن أن تمر مئات الصور إلى الإعلام دون علم الـ سي آي ايه ؟؟
- ثم لماذا صورت هذه الصور أصلاً ؟؟ !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
الجواب لو أمعنا قليلاً واضحٌ كالشمس
وما حدث في أبو غريب لم يكن سوى مسرحية هزلية مرسومة بدقة ومهارة والهدف منها
اختبار الطلقة الأخيرة
ففأر التجارب هذا عانى لعشرات السنين من الذلة والإهانة وكثرة التجارب التي أكلت جسده..
ها هو يتزوج وينجب ويضحك ويرى المستقبل مشرقاً من خلال أغنية لهشام عباس أو رقصة لهيفاء وهبي
الموضوع بسيط جداًَ
ويتعلق بسيكولوجية المواطن العربي ، فبالرغم من كل ما تعرض له على مدى عشرات السنين .. لم يحرك ساكناً !!
إذاً لا بد من زيادة جرعة المنبه
الشرف ..
فكان ما أطلق عليها العالم فضيحة أبو غريب
ردة الفعل = صفر
وفي الفيزياء لكل فعل رد فعل يساويه بالشدة ويعاكسه بالاتجاه
إذاً فقد خرق الفأر نظريات الفيزياء والطبيعة .
هنا تحضرني قصة قاطع الطريق والفارس المقدام
ومفادها أن فارساً مدججاً كان يعبر أحد الجبال حين اعترضه قاطع طريق ضئيل الجسم يحمل بيده عصى (كان قد تردد كثيراً قبل أن يغامر ويبادره) :
- ترجل وانزل على ركبتيك واعطني هذه الفرس .. إنها كانت لجدي
( وأمام استغراب اللص ) نفذ الفارس ما طلب منه الصعلوك واعطاه الفرس
- ارم سلاحك
فرمى سلاحه !!
- أعطني درعك .. وكل ما تحمل من متاع
( فامتثل لما أمره بخنوع )
ولما رأى قاطع الطريق ما رأى ، حدثته نفسه بأشياء أخرى .....
- اخلع ملابسك واستدر
فنفذ الفارس ما أمره وبدأ بنزع ملابسه وإذ به قد وضع تحت ملابسه الداخلية خنجراً كان قد ربطه إلى لحمه
خاف قاطع الطريق .. وتراجع إلى الوراء
- ارم هذا الخنجر بعيداً ( قالها صارخاً )
وببرود أعصاب حمل الفارس خنجره وألقاه أرضاً
فهم به قاطع الطريق .. وهو في حالة ذهول واستغراب
- أريد أن أسألك سؤالاً
- تفضل
- ماسر هذا الخنجر الذي كنت قد أخفيته تحت ملابسك ؟؟!!
أجاب الفارس رفع رأسه ونفش صدره
- أنه (لوقت عوزة ) !!!!
فيما استمر قاطع الطريق بما بدأ به وما يزال .. !!!
لنستمر في الغناء ..والروتنة ...................


جــامعة دمـشق
كـليــة الآداب
قســم الإعـلام
عبد الله عبد الوهاب