فرحة العيد

[مروان قدري عثمان مكانسي]

فرحة العيد
أيها السادة والسيدات ، السلام عليكم من قلب يتمنى لكم الخير كلَّ الخير ، ورحمة من الله العلي الأعلى ، وبركاته تحيط بكم أنى اتجهتم ، ومغفرةٌ منه ورضوان تكلؤكم في غدوكم ورواحكم ، وبعد :
فهذا هو عيد الأضحى يحلُّ ركابه بين ظهرانيكم ، ويدخل بيوتكم وأزقتكم ، فلا توصدوا القلوب دونه ، بل اسمحوا له أن يقيم بيننا سعيداً مبتهجاً فرحاً مسروراً ما طابت له الإقامة ، فإنه مغادر لا محالة ، وأرجو أن يحمل في جعبته عن أمة محمد أثلج الذكريات ، وأنقى المشاعر ، وأرقَّ التعبيرات ..
أيها السادة والسيدات ، إن للعيد فرحة عظيمة ، فلا تقتلوها بخلافاتكم ومنازعاتكم وشقاقاتكم .. اطرحوا كل ما يعكِّر صفو العيد جانباً ، وتناسوا الشحناء والبغضاء فيما بينكم ، واستقبلوا ولادته بوجه طلق ، وأفئدة نقية ، وطويَّة طاهرة ، بادروا بصلة مَنْ قطعتم ، وزيارة مَنْ هجرتم ، ومسامحة مَنْ أساء إليكم أو أخطأ في حقكم ، ولا تدعوا الحقد والكره يسيطر على تصرفاتكم ، فإن الله جلَّ في عليائه سيعقبكم إن فعلتم ما أقول : برداً وسلاماً في أحشائكم ، وستتذوقون حلاوة الإيمان المشفوعة بحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وستكونون من أصحاب الخير الذي عناه الأثر : ((وخيرهما مَنْ يبدأ صاحبه بالسلام )) .
أيها السادة والسيدات ، إن أولى مَنْ يستحق بركم وعطفكم هما الوالدان ، فإن كانا على قيد الحياة ، فسارعوا إليهما ، واسفحوا على أقدامهما العَبَرات ، واطلبوا منهما الدعاء ، فليس أصدق من دعاء الوالدين لأبنائهما ، وإن كانا قد فارقا الحياة ، فأكثروا لهما من الدعاء والاستغفار (( رب ارحمهما كما ربياني صغيراً )) ثم صِلوا مَنْ كانا يحبانه من أقارب أو أصحاب ، فهذا نوع من برهما .
أيها السادة والسيدات ، إذا أكرمكم الله بتطبيق سنة الأضحية ، فلا تنسوا الفقراء والمعوزين ، فمن حقهم ثلثها ، تلطَّفوا إليهم وأنتم تقدمونها إليهم ، حتى لا تكسروا قلوبهم أو تجرحوا مشاعرهم فهم عباد لله أمثالكم ، وعندهم من الكرامة والكبرياء ما عندكم ولولا الحاجة المرَّة لما مدُّوا أيديهم إليكم ، لا تزهقوا أَنَفَتَهم ، أشعروهم وأنتم تعطونهم أنهم أصحاب فضل عليكم إذ قبلوا منكم عطيتكم ، وليكن عطاؤكم في السر ما استطعتم إلى ذلك سبيلاً ، تحرَّوا في اختيارهم وقدِّموا الأحوج على المحتاج ، وأخلصوا النية لله (( ولن يتركم الله أعمالكم )) .
أيها السادة والسيدات ، أسأل الله لكم عملاً مقبولاً موصولاً بطاعة الرحمن ، جعل الله أيامكم كلها أعياداَ ، وكل عام أنتم بخير .