"أبجد هوز"
"دال"
اعتاد أن يستريح في مثل هذا الوقت من كل يوم، أن يأخذ قسطاً من الراحة تحت ظل الشجرة العالية، بأوراقها الوافرة، التي تخفف عنه شدة الحرالتي ترسمها الشمس دون هوادة و لا رحمة، كسر صوت مزعج هذا الصمت الذي استلذه، فتح عينه اليمنى فرآى طيفها يمر أمامه، بقدها الممشوق، و مشيتها المختالة، جاهد لفتح عينه اليسرى، لم يفلح في فتح إلا جزء منها، لأن "العمش" الكثيف جعل الأمر مستعصياً عليه، اكتفى بالنظرإليها معتمداً على عين و نصف، ذلك أن العين اليمنى كانت سليمة. المهم أن يستمتع برؤيتها، سواء أكانت الرؤية كاملة أو رؤية إلا ربع. حاول أن ينهض و يلحق بها، تراجع عن فكرته هاته، مفضلاً الاستمتاع بالفيء و الظل الظليل، فغداً، و كعادتها في مثل هذا الوقت ستمر أمامه و سيستغل الفرصة لملاحقتها...التفتت نحوه، وتابعت سيرها، عاد إلى وضعه الأول. ما أن أغلق العين و العين إلا ربع، حتى سمع صياحاً، عرف ان الصوت صوتها، رآها تسرع فتهرول ثم تجري، كادت أن تتعثر و تسقط، استعادت توازنها وغابت عن نظره إلا ربع. التفت يمنة حيث ازدادت الضجة ارتفاعاً فرآى المجموعة مقبلة، تثير النقع. مرت قربه، لم تقف حيث يقبع، بل تابعت جريها قصد اللحاق بالهدف. استجمع قواه، أو ما تبقى منها، و لحق بالمجموعة. ما أن أطل من أعلى التل، حتى رأى المجموعة في رحى المعركة، ركض و عدو، إقبال و إدبار.. و آثار دماء على االجسم و الأرض. في حين وقفت هي الأخرى غيربعيد منتظرة، اتجهوا نحو الضفة اليمنى للنهر و غابوا عن الأنظار، و لم تعد تسمع إلا الأصوات و هي تخفت.. بعد برهة عاد الأشقر، في مشية اختيال المنتصر، اقترب منها، حام حولها، شم مؤخرتها، و تقدمها..لحقت به دون تردد..نظر إليهما نظرة إلا ربع، حرك دنبه، نبح نبحة أسيفة، و عاد إلى ظله الظليل مؤملاً نفسه بالغد الذي لن يستمتع فيه بها أبداً....

أبو كمال التطواني
تطوان/ المغرب