صفحة 2 من 4 الأولىالأولى 1 2 3 4 الأخيرةالأخيرة
النتائج 13 إلى 24 من 41

الموضوع: معاني الأدوات

  1. #13 رد : معاني الأدوات 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    بعد : تقع للترتيب وتحتمل الفور والتراخي قاله صاحب القواطع
    رد مع اقتباس  
     

  2. #14 رد : معاني الأدوات 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    كل : تلازم الإضافة معنى , ولا يلزم إضافتها لفظا إذا وقع توكيدا ونعتا , وإضافتها منوية عند تجردها عنها , وإذا كان المضاف إليه المحذوف معرفة بقي " كل " على تعريفه , فلا تباشره اللام , ونصبه على الحال في قراءة { إنا كلا فيها } شاذ , وإن أضيف إلى نكرة روعي في عود الضمير وغيره المضاف إليه , وإن أضيف إلى معرفة جاز مراعاة المضاف إليه , ومراعاة لفظ " كل " .

    رد مع اقتباس  
     

  3. #15 رد : معاني الأدوات 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    غير : اسم لازم للإضافة في المعنى , ويجوز قطعه عنها إن فهم معناها وتقدمت عليها كلمة " ليس " . قال الشيخ جمال الدين في المغني " وقولهم : لا غير لحن , وليس كما قال , فإنه مسموح في قول الشاعر :
    جوابا به تنجو اعتمد فوربنا لعن عمل أسلفت لا غير تسأل

    وقد احتج به ابن مالك في باب القسم من شرح التسهيل " وكأن الشيخ تابع السيرافي فإنه قال : الحذف إنما يستعمل إذا كانت " إلا " و " غير " بعد ليس , ولو كان مكان ليس غيرها من ألفاظ الجحد لم يجز الحذف , ولا يتجاوز بذلك مورد السماع . انتهى .

    وقد سمع كما ذكرنا وهي عكس " لا " فإن شرط " غير " أن يكون ما قبلها صادقا على ما بعدها . تقول : مررت برجل غير فقيه , ولا يجوز [ ص: 216 ] غير امرأة بخلاف " لا " النافية فإنها بالعكس . والأصل في " غير " أن تكون صفة , وقد يستثنى بها . قال الرماني : والفرق بينهما في الحالتين أنها إذا كانت صفة لم توجب شيئا للاسم الذي بعدها , ولم تنف عنه , نحو جاءني رجل رشيد غير زيد , فوصفت بها ولم تنف عن زيد المجيء , ويجوز أن يقع مجيئه وأن لا يقع . وإذا كانت استثناء فإذا كان ما قبلها إيجابا كان ما بعدها نفيا أو نفيا فإيجابا . وإذا كانت صفة وصف بها الواحد والجمع , وإذا كانت استثناء فلا تأتي إلا بعد جمع أو معناه .

    وكذا قال الشلوبين : إنها إذا كانت صفة لم توجب شيئا للاسم الذي بعدها ولم تنف عنه . وفيما قالاه نظر , وفي كلام سيبويه خلافه . وقد أجاز في قولك : مررت برجل غيرك ثلاثة معان : أحدها : أن يكون المراد واحدا خلافك . الثاني : أن المراد واحد صفته مخالفة لصفتك , فالإبهام فيه أقل . الثالث : أن يكون المراد أنت مع غيرك , وهذا الثالث يحتاج إلى تقرير , ومثله قول الحنفية فيما لو قال لزوجته : أنت طالق غير طلقة أنه يقع ثلاث . وقول أصحابنا : كل امرأة غيرك طالق يقع على المخاطبة إلا أن يعزلها بالنية . وقال صاحب البرهان " إذا قلت ما جاءني غير زيد احتمل أن تريد نفي أن يكون قد جاء معه إنسان آخر , وأن تريد نفي أن يكون قد جاء [ ص: 217 ] غيره لا هو , ولا يصح ما جاءني غير زيد لا عمرو , كما لم يجز ما جاءني , إلا زيد لا عمرو ; لأن " غير " فيها معنى النفي , ومن ثم جاء حرف النفي مع المعطوف عليها في قوله تعالى : { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } .



    مسألة: الْجُزْء الثَّالِثغَيْرُ : اسْمٌ لَازِمٌ لِلْإِضَافَةِ فِي الْمَعْنَى , وَيَجُوزُ قَطْعُهُ عَنْهَا إنْ فُهِمَ مَعْنَاهَا وَتَقَدَّمَتْ عَلَيْهَا كَلِمَةُ " لَيْسَ " . قَالَ الشَّيْخُ جَمَالُ الدِّينِ فِي الْمُغْنِي " وَقَوْلُهُمْ : لَا غَيْرَ لَحْنٍ , وَلَيْسَ كَمَا قَالَ , فَإِنَّهُ مَسْمُوحٌ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ :
    جَوَابًا بِهِ تَنْجُو اعْتَمِدْ فَوَرَبِّنَا لَعَنْ عَمَلٍ أَسْلَفْتَ لَا غَيْرَ تُسْأَلُ

    وَقَدْ احْتَجَّ بِهِ ابْنُ مَالِكٍ فِي بَابِ الْقَسَمِ مِنْ شَرْحِ التَّسْهِيلِ " وَكَأَنَّ الشَّيْخَ تَابَعَ السِّيرَافِيَّ فَإِنَّهُ قَالَ : الْحَذْفُ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ إذَا كَانَتْ " إلَّا " وَ " غَيْرُ " بَعْدَ لَيْسَ , وَلَوْ كَانَ مَكَانَ لَيْسَ غَيْرُهَا مِنْ أَلْفَاظِ الْجَحْدِ لَمْ يَجُزْ الْحَذْفُ , وَلَا يَتَجَاوَزُ بِذَلِكَ مَوْرِدَ السَّمَاعِ . انْتَهَى .

    وَقَدْ سُمِعَ كَمَا ذَكَرْنَا وَهِيَ عَكْسُ " لَا " فَإِنَّ شَرْطَ " غَيْرَ " أَنْ يَكُونَ مَا قَبْلَهَا صَادِقًا عَلَى مَا بَعْدَهَا . تَقُولُ : مَرَرْت بِرَجُلٍ غَيْرِ فَقِيهٍ , وَلَا يَجُوزُ [ ص: 216 ] غَيْرِ امْرَأَةٍ بِخِلَافِ " لَا " النَّافِيَةِ فَإِنَّهَا بِالْعَكْسِ . وَالْأَصْلُ فِي " غَيْرَ " أَنْ تَكُونَ صِفَةً , وَقَدْ يُسْتَثْنَى بِهَا . قَالَ الرُّمَّانِيُّ : وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي الْحَالَتَيْنِ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ صِفَةً لَمْ تُوجِبْ شَيْئًا لِلِاسْمِ الَّذِي بَعْدَهَا , وَلَمْ تَنْفِ عَنْهُ , نَحْوَ جَاءَنِي رَجُلٌ رَشِيدٌ غَيْرُ زَيْدٍ , فَوَصَفْتَ بِهَا وَلَمْ تَنْفِ عَنْ زَيْدٍ الْمَجِيءَ , وَيَجُوزُ أَنْ يَقَعَ مَجِيئُهُ وَأَنْ لَا يَقَعَ . وَإِذَا كَانَتْ اسْتِثْنَاءً فَإِذَا كَانَ مَا قَبْلَهَا إيجَابًا كَانَ مَا بَعْدَهَا نَفْيًا أَوْ نَفْيًا فَإِيجَابًا . وَإِذَا كَانَتْ صِفَةً وُصِفَ بِهَا الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ , وَإِذَا كَانَتْ اسْتِثْنَاءً فَلَا تَأْتِي إلَّا بَعْدَ جَمْعٍ أَوْ مَعْنَاهُ .

    وَكَذَا قَالَ الشَّلَوْبِينُ : إنَّهَا إذَا كَانَتْ صِفَةً لَمْ تُوجِبْ شَيْئًا لِلِاسْمِ الَّذِي بَعْدَهَا وَلَمْ تَنْفِ عَنْهُ . وَفِيمَا قَالَاهُ نَظَرٌ , وَفِي كَلَامِ سِيبَوَيْهِ خِلَافُهُ . وَقَدْ أَجَازَ فِي قَوْلِك : مَرَرْت بِرَجُلٍ غَيْرِك ثَلَاثَةَ مَعَانٍ : أَحَدُهَا : أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ وَاحِدًا خِلَافَك . الثَّانِي : أَنَّ الْمُرَادَ وَاحِدٌ صِفَتُهُ مُخَالِفَةٌ لِصِفَتِك , فَالْإِبْهَامُ فِيهِ أَقَلُّ . الثَّالِثُ : أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنْتَ مَعَ غَيْرِك , وَهَذَا الثَّالِثُ يَحْتَاجُ إلَى تَقْرِيرٍ , وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ فِيمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ غَيْرُ طَلْقَةٍ أَنَّهُ يَقَعُ ثَلَاثٌ . وَقَوْلُ أَصْحَابِنَا : كُلُّ امْرَأَةٍ غَيْرِك طَالِقٌ يَقَعُ عَلَى الْمُخَاطَبَةِ إلَّا أَنْ يَعْزِلَهَا بِالنِّيَّةِ . وَقَالَ صَاحِبُ الْبُرْهَانِ " إذَا قُلْت مَا جَاءَنِي غَيْرُ زَيْدٍ احْتَمَلَ أَنْ تُرِيدَ نَفْيَ أَنْ يَكُونَ قَدْ جَاءَ مَعَهُ إنْسَانٌ آخَرُ , وَأَنْ تُرِيدَ نَفْيَ أَنْ يَكُونَ قَدْ جَاءَ [ ص: 217 ] غَيْرُهُ لَا هُوَ , وَلَا يَصِحُّ مَا جَاءَنِي غَيْرُ زَيْدٍ لَا عَمْرٍو , كَمَا لَمْ يَجُزْ مَا جَاءَنِي , إلَّا زَيْدٌ لَا عَمْرٌو ; لِأَنَّ " غَيْرَ " فِيهَا مَعْنَى النَّفْيِ , وَمِنْ ثَمَّ جَاءَ حَرْفُ النَّفْيِ مَعَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهَا فِي قَوْله تَعَالَى : { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ } .


    مسألة: الجزء الثالثغير : اسم لازم للإضافة في المعنى , ويجوز قطعه عنها إن فهم معناها وتقدمت عليها كلمة " ليس " . قال الشيخ جمال الدين في المغني " وقولهم : لا غير لحن , وليس كما قال , فإنه مسموح في قول الشاعر :
    جوابا به تنجو اعتمد فوربنا لعن عمل أسلفت لا غير تسأل

    وقد احتج به ابن مالك في باب القسم من شرح التسهيل " وكأن الشيخ تابع السيرافي فإنه قال : الحذف إنما يستعمل إذا كانت " إلا " و " غير " بعد ليس , ولو كان مكان ليس غيرها من ألفاظ الجحد لم يجز الحذف , ولا يتجاوز بذلك مورد السماع . انتهى .

    وقد سمع كما ذكرنا وهي عكس " لا " فإن شرط " غير " أن يكون ما قبلها صادقا على ما بعدها . تقول : مررت برجل غير فقيه , ولا يجوز [ ص: 216 ] غير امرأة بخلاف " لا " النافية فإنها بالعكس . والأصل في " غير " أن تكون صفة , وقد يستثنى بها . قال الرماني : والفرق بينهما في الحالتين أنها إذا كانت صفة لم توجب شيئا للاسم الذي بعدها , ولم تنف عنه , نحو جاءني رجل رشيد غير زيد , فوصفت بها ولم تنف عن زيد المجيء , ويجوز أن يقع مجيئه وأن لا يقع . وإذا كانت استثناء فإذا كان ما قبلها إيجابا كان ما بعدها نفيا أو نفيا فإيجابا . وإذا كانت صفة وصف بها الواحد والجمع , وإذا كانت استثناء فلا تأتي إلا بعد جمع أو معناه .

    وكذا قال الشلوبين : إنها إذا كانت صفة لم توجب شيئا للاسم الذي بعدها ولم تنف عنه . وفيما قالاه نظر , وفي كلام سيبويه خلافه . وقد أجاز في قولك : مررت برجل غيرك ثلاثة معان : أحدها : أن يكون المراد واحدا خلافك . الثاني : أن المراد واحد صفته مخالفة لصفتك , فالإبهام فيه أقل . الثالث : أن يكون المراد أنت مع غيرك , وهذا الثالث يحتاج إلى تقرير , ومثله قول الحنفية فيما لو قال لزوجته : أنت طالق غير طلقة أنه يقع ثلاث . وقول أصحابنا : كل امرأة غيرك طالق يقع على المخاطبة إلا أن يعزلها بالنية . وقال صاحب البرهان " إذا قلت ما جاءني غير زيد احتمل أن تريد نفي أن يكون قد جاء معه إنسان آخر , وأن تريد نفي أن يكون قد جاء [ ص: 217 ] غيره لا هو , ولا يصح ما جاءني غير زيد لا عمرو , كما لم يجز ما جاءني , إلا زيد لا عمرو ; لأن " غير " فيها معنى النفي , ومن ثم جاء حرف النفي مع المعطوف عليها في قوله تعالى : { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } .
    التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي ; 06/05/2007 الساعة 11:22 PM
    رد مع اقتباس  
     

  4. #16 رد : معاني الأدوات 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    كل : تلازم الإضافة معنى , ولا يلزم إضافتها لفظا إذا وقع توكيدا ونعتا , وإضافتها منوية عند تجردها عنها , وإذا كان المضاف إليه المحذوف معرفة بقي " كل " على تعريفه , فلا تباشره اللام , ونصبه على الحال في قراءة { إنا كلا فيها } شاذ , وإن أضيف إلى نكرة روعي في عود الضمير وغيره المضاف إليه , وإن أضيف إلى معرفة جاز مراعاة المضاف إليه , ومراعاة لفظ " كل " .

    رد مع اقتباس  
     

  5. #17 رد : معاني الأدوات 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    مسألة [ حتى العاطفة هل تقتضي الترتيب ؟ ] اختلف في العاطفة هل تقتضي الترتيب ; فأثبته ابن الحاجب وابن معط حيث قالا : إنها كالفاء , بل هذه العبارة توهم أنها للتعقيب , وهو بعيد , ولعلهم أرادوا أنها بمعنى الفاء للمناسبة الظاهرة بين التعقيب والغاية .

    [ ص: 226 ] وقال صاحب البسيط " هي مثل " ثم " في الترتيب والمهلة إلا أنه يشترط كون معطوفها جزءا من المعطوف عليه , ويصح جعله غاية له , فعلم منهما مخالفته للأول فيما أوجب المهلة من ضعف أو قوة , ك قدم الحجاج حتى المشاة . وقال الجمهور : إنها كالواو . وقال ابن مالك في شرح العمدة " هي في عدم الترتيب كالواو , وزعم بعض المتأخرين أنها تقتضي الترتيب , وليس بصحيح بل يجوز أن يقال : حفظت حتى سورة البقرة , وإن كانت البقرة أول محفوظك أو متوسطه , وفي الحديث : { كل شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس } ولا فرق في تعلق القضاء بالمقضيات , وإنما الترتيب في كونها أي : وجودها . وقال ابن مالك في شرح العمدة " هي في عدم الترتيب كالواو , وقال ابن أياز : الترتيب الذي تقتضيه " حتى " ليس على ترتيب الفاء وثم , وذلك أنهما يرتبان أحد الفعلين على الآخر في الوجود وهي ترتب ترتيب الغاية والنهاية , ويشترط أن يكون ما بعدها من جنس ما قبلها , ولا يحصل ذلك إلا بذكر الكل قبل الجزء .

    قال الجرجاني : الذي أوجب ذلك أنها للغاية والدلالة على أحد طرفي الشيء . وطرف الشيء لا يكون من غيره . ولهذا كان فيه معنى التعظيم والتحقير , وذلك أن الشيء إذ أخذته من أعلاه فأدناه غايته وهو المحقر , وإن أخذته من أدناه فأعلاه غايته وهو المعظم , ولهذا أيضا لم يكن ما بعد " حتى " وإن كان من جنس ما قبلها إلا بعضا وجزءا منه . تقول : جاء القوم حتى زيد , ولا تقول حمار . وكذلك لا تقول : جاء زيد حتى القوم , [ ص: 227 ] لاستحالة أن يكون بضعا لشيء وجزءا منه . ولا جاء زيد حتى عمرو كذلك أيضا , وللمساواة , وكل هذا لا يمتنع في الواو .

    وهنا تنبيهات الأول أنهم ذكروا أن " حتى " للغاية إما في نقص أو زيادة , نحو عليك الناس حتى النساء , واختطفت الأشياء حتى مثاقيل الدر , ثم قالوا : إنها لا تقتضي الترتيب بل تكون لمطلق الجمع كالواو , والجمع بين الكلامين مشكل . فإن قلت : الغاية في نفس الأمر والواقع ليس هو هذا , بل من الجائز أن يكون هو الأول , وما بعده أو الأخير , ومع هذا الاحتمال لا تكون للترتيب . قلت : لو لم تكن للترتيب لم يكن لاشتراط القوة أو الضعف فائدة , ولو لم تقتض التأخير عقلا وعادة لم يحسن ذلك , فإن قلت : فائدته إفادة العموم , قلت : العموم مأخوذ من المفهوم , وفيه نظر .

    التنبيه الثاني " حتى " الداخلة على الأفعال قد تكون للغاية ولمجرد السببية والمجازاة وللعطف المحض أي : التشريك من غير اعتبار غايته وسببيته , فالأول هو الأصل فيحمل عليه ما أمكن كقوله تعالى : { حتى يعطوا الجزية } فإن القتل يصلح للامتداد , وقبول الجزية يصلح منتهى له . وكقوله تعالى : { حتى تستأنسوا } أي تستأذنوا , فإن المنع من دخول بيت الغير يحتمل الامتداد , والاستئذان يصلح منتهى له . وجعل حتى هذه داخلة على الفعل نظرا لظاهر اللفظ وإلا فالفعل [ ص: 228 ] منصوب بإضمار " أن " فهي في الحقيقة إنما دخلت على الاسم , هذا إذا احتمل صدر الكلام الامتداد والآخر الانتهاء إليه , فإن لم يحتمل ذلك . فإن صلح الصدر أن يكون سببا للثاني كانت بمعنى " كي " فتفيد السببية والمجازاة , نحو أسلمت حتى أدخل الجنة , وإن لم يصلح لذلك فهي للعطف المحض من غير دلالة على غاية أو مجازاة .
    التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي ; 06/05/2007 الساعة 11:22 PM
    رد مع اقتباس  
     

  6. #18 رد : معاني الأدوات 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    متى : شرط يجزم به المضارع , مثل متى تخرج أخرج , وهي لازمة [ ص: 229 ] للظرفية لا تتجرد عنها بخلاف " إذا " في قوله :
    وإذا تصبك خصاصة فتجمل

    والعجب أنهم جعلوا " إذا " متمحضا للشرط بواسطة وقوعه في بيت شاذ جازما للمضارع مستعملا فيما على خطر الوجود , ولم يجعلوا " متى " متمحضا للشرط مع دوام ذلك فيه . وحقه في اللغة التكرار , واصطلح أكثر الفقهاء على أنها للمرة الواحدة , كقولك : إذا فعلت . قاله في القواطع " . قال : ومذهب عامة الفقهاء أنه إذا قال لامرأته : إن فعلت كذا فأنت طالق أنه على مرة واحدة , وكذا إذا فعلت . بخلاف " كلما " فإنها للتكرار . قال الرافعي في كتاب الأيمان : لو قال : متى خرجت , أو متى ما , أو مهما , ككلما , في اقتضاء التكرار , وهو خلاف قضيته في الأم " . انتهى . وحكى أبو البقاء عن ابن جني أن " مهما " للتكرار بخلاف " متى " .
    التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي ; 06/05/2007 الساعة 11:23 PM
    رد مع اقتباس  
     

  7. #19  
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    ثم : يتعلق الكلام فيها بمباحث .

    [ ص: 231 ] الأول : في الترتيب , وهو يقتضي على الصحيح , ونقل ابن أبي الدم عن ابن عاصم العبادي من أصحابنا أنها كالواو في اقتضاء الجمع المطلق . ووجهه بعضهم بأن " وقفت " إنشاء , فلا يدخل فيه الترتيب , كقولك : بعتك هذا ثم هذا , وهذا غلط , وإنما قال العبادي ذلك إذا قال : وقفت على أولادي ثم على أولاد أولادي بطنا بعد بطن أنها للجميع , ووجهه أن بطنا بعد بطن عنده للجمع لا للترتيب , والكلام بآخره , فالجمع من هذه الحيثية لا من جهة " ثم " . ونقل صاحب البسيط " من النحويين عن ابن الدهان أن المهلة والترتيب في المفردات , وأما الجمل فلا يلزم ذلك فيها بل قد يدل على تقديم ما بعدها على ما قبلها .

    قال : والأصح المحافظة على معناها أينما وقعت وتأويل ما خالف معناها ونقل ابن الخباز عن شيخه : أن " ثم " إذا دخلت على الجمل لا تفيد الترتيب كقوله تعالى : { فك رقبة } إلى قوله { ثم كان من الذين آمنوا } فحصل ثلاثة أقوال : أما في الزمان نحو { ثم أرسلنا موسى } وقوله : { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه } أو في المرتبة نحو { وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى } أو للترتيب في الأخبار كقوله تعالى : { أإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين } { ثم استوى إلى السماء } والسماء مخلوقة قبل الأرض بدليل قوله { والأرض بعد ذلك دحاها } وقال الراغب : تقتضي تأخر ما بعدها عما قبله إما تأخرا بالذات أو بالمرتبة أو بالوضع , ونقل ابن دقيق العيد في شرح الإلمام " فصلا عن [ ص: 232 ] الإمام محمد بن بري في الترتيب ب " ثم " ضعف فيه القول بالترتيب الإخباري .

    قال : بعد أن قررت أن " ثم " لترتيب الثاني على الأول في الوجود بمهلة بينهما في الزمان أن " ثم " تأتي أيضا لتفاوت الرتبة , ثم قال : ويجيء هذا المعنى مقصودا بالفاء العاطفة , نحو خذ الأفضل فالأكمل , واعمل الأحسن فالأجمل , ونحو { رحم الله المحلقين فالمقصرين } , فالفاء في المثال الأول لتفاوت رتبة الفضل من الكمال والحسن في الحال , وفي الثاني لتفاوت رتبة المحلقين من المقصرين بالنسبة إلى حلقهم وتقصيرهم . وقوله تعالى { والصافات صفا فالزاجرات زجرا } تحتمل الفاء فيه المعنيين مجازا , فيجوز أن يراد تفاوت رتبة الصف من الزجر , ورتبة الزجر من التلاوة . ويجوز أن يراد بها تفاوت رتبة الجنس الصاف من الجنس الزاجر بالنسبة إلى صفهم وزجرهم , ورتبة الجنس الزاجر من الثاني بالنسبة إلى زجره وتلاوته . ثم قال : وهذا أولى من قول من يقول : هي لترتيب الجمل في الأخبار لا لترتيب الخبرية في الوجود ; لأنه ضعيف في المعنى لبعد المهلة فيه حقيقة . واستدل القائلون به بقول :


    إن من ساد ثم ساد أبوه

    وأجيب بأنه لتفاوت رتبة الابن من أبيه أو لتفاوت رتبة سيادته من سيادة أبيه .

    ومجاز استعمالها لتفاوت أنها موضوعة للمهلة والتفاوت بمهلة في المعنى , ولأن بينهما قدرا مشتركا وهو الانفصال . قلت : وهذا طريق آخر للترتيب وهو الترتيب بالرتب . أعني تفاوت [ ص: 233 ] رتب الفعل أو رتب الفاعلين , ثم قال : وهذا المعنى بعينه في الفاء نحو قوله تعالى : { للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا } فالفاء في قوله تعالى : { فإن فاءوا } إنما دخلت لتبين حكم المولى في زمن التربص بجملتي الشرط بعدها لا لتعقيبها زمن التربص . وهكذا قال أبو حنيفة . قال : ولا يفصل ب ثم , والفاء في هذا المعنى ترتيب وجودي بل تفصيل معنوي ألا ترى أن قولك : اغتسل , فأفاض الماء على شقه الأيمن ثم على شقه الأيسر ليس القصد به إلا البيان لا الترتيب ؟ فلو قدمت أو أخرت جاز , وكذا لو أتيت بالفاء موضع " ثم " فإن كان الموضع يحتمل الترتيب جاز أن يقصد الترتيب , وجاز أن يقصد التفصيل , نحو توضأ , فغسل وجهه ثم يديه . فإن أردت الترتيب لا يجوز التقديم والتأخير وإن أردت التفصيل جاز . وإنما استعملت ثم والفاء للتفصيل حملا على " أو " في نحو قولك : الجسم إما ساكن أو متحرك .

    الإنسان ذكر أو أنثى . قال الشيخ : وما حكيناه عن ابن بري من أن التفصيل المبهم لا يوجب الترتيب قد وافقه عليه بعض المتأخرين . المبحث الثاني : في اقتضائها التراخي , وكما يوجب الترتيب يوجب تراخي الثاني عن الأول والمهلة بينهما , وعدم الفورية والمهلة , واحتج عليه ابن الخشاب بامتناع وقوع ما بعدها جوابا للشرط , كما جاز ذلك في الفاء , فلا تقول : إن تقم ثم أنا أقوم كما قلت : إن تقم فأنا أقوم وقال ابن يعيش : ولما تراخى لفظها بكثرة حروفها تراخى معناها ; لأن [ ص: 234 ] قوة اللفظ مؤذنة بقوة المعنى . قال ابن دقيق العيد : وقضيته أن تراخي معناها يقع كتراخي لفظها , وهو معلول له . قال : وهو عكس ما وجدته عن أبي الحسن بن عصفور , فإنه لما تعرض لبيان قول أبي علي إن " ثم " مثل الفاء إلا أن فيها مهلة . قال : فإنما يعني أنها مثلها في الترتيب إلا أنه ترتيب فيه مهلة وتراخ , وكأنه لما اختصت بمعنى يزيد على معنى الفاء خص لفظها بلفظ أزيد من لفظ الفاء وكانت على أكثر من حرف , والفاء على حرف واحد , وهذا يقتضي أن تكون زيادة اللفظ تبعا لزيادة المعنى , ويكون اللفظ موافقا لما ذكر عن ابن درستويه أن الواو وهي الأصل في هذه الثلاثة الواو والميم متقاربان في المخرج ; إذ الفاء من باطن الشفة والواو والميم من نفس الشفة , فلذلك جعلت هذه الحروف الثلاثة تجمع ما بين الشيئين في اللفظ والمعنى , وخصت بالاستعمال دون غيرها . ولما اختصت " ثم " بمعنى زائد على الفاء اختصت بالثاء المقاربة لمخرج الفاء لتدل على معنى ثالث , ثم لا خلاف في اقتضائها التراخي .

    وكلام ابن الخشاب يقتضي تخصيصه بالمفردات وأنه في عطف الجمل لا يكون كذلك كما سبق مثله في الترتيب . قال : وقد يتجرد عن التراخي إذا كررت على التعظيم والتأكيد كقوله تعالى : { وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين } والمعطوف هنا هو لفظ المعطوف عليه , وكقوله : { كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون } والمعطوفات كلها جمل فيها معنى التهديد والوعيد , وأما قوله تعالى : { والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا } فقال القاضي أبو الطيب : التراخي ظاهر فيه ; لأنه لا بد من تأخر العود عن الظهار بفصل , وهو زمن إمكان الطلاق . [ ص: 235 ]

    وقد اختلف الحنفية في أثر التراخي , فعند أبي حنيفة هو راجع إلى التكلم بمعنى الانقطاع المطلق بمنزلة ما لو سكت ثم استأنف قولا بعد الأول . وقال صاحباه : راجع إلى الحكم مع الوصل في المتكلم لمراعاة معنى العطف فيه ; لأن الكلام منفصل حقيقة أو حسا , فيكون في الحكم كذلك فإذا قال لغير المدخول بها : أنت طالق ثم طالق ثم طالق إن دخلت الدار . فعند أبي حنيفة لما كان في الحكم منقطعا وقع واحدة في الحال , ويلغى الباقي , لعدم المحل , كما لو قال : أنت طالق , وسكت , ثم قال : أنت طالق إن دخلت الدار , ولو كان كذلك لم يتعلق الطلاق بالشرط فكذا هنا , وعندهما لما كان المتكلم متصلا حكما تعلقت جميعا بالشرط إلا أنه إذا وجد الشرط يقع واحدة عملا بالتراخي . المبحث الثالث : إذا ثبت أنها للتراخي فلا دليل على مقداره من جهة اللفظ قاله ابن السمعاني . وقاله غيره : المراد بالتراخي الزماني فإنه حقيقة فيه , فإن استعمل في تراخي الرتبة أو في تراخي الأخبار كان مجازا . وقال ابن دقيق العيد : ويمكن أن يقال : إنها حقيقة في أمر مشترك بين هذه الأنواع أعني التراخي في الزمان والرتبة والأخبار .

    المبحث الرابع : أن التراخي قد يتزايد في عطف الجمل بعضها على بعض فإذا قلت : جاء زيد ثم جاء عمرو كان أدل على التراخي من قام زيد ثم عمرو , فإن تغاير الفعلان فقلت : قام زيد ثم انطلق كان كالثاني , وقد قال تعالى : { كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون } فعطف أولا بالفاء ; لأنهم كانوا نطفا فجعل فيهم حياة عقب حالة كونهم أمواتا , ثم تراخى حالة إماتتهم بمدة حياتهم وآجالهم المقسومة فعطف الإماتة , ثم تراخى الإحياء المتعقب عن الإماتة بمدة لبثهم في البرزخ فعطف { يحييكم } ب ثم , ثم تراخى الإحياء للبعث عن الإماتة بمدة لبثهم في البرزخ فعطف عليهم ب ثم , ثم إليه الرجوع بعد هذا كله .

    [ ص: 236 ] قيل : ويجيء بمعنى الواو كقوله { ثم استوى على العرش } { ثم استوى إلى السماء } { ثم الله شهيد } قالوا : هي فيها بمعنى الواو ; لأن الاستواء صفة ذات , وهي قديمة , والتعقيب بالتراخي لا يوصف به القديم . وأما من ذهب إلى أنها صفة فعل لا يحتاج إلى تأويل . وقد تأول بأن المراد بالاستواء هنا الاستعارة فإنه - تعالى - فرغ من إكمال الخليقة وأمر ونهى وكلف , ثم استوى على العرش , والمراد الإشارة إلى ما قلناه من إكمال المعنى المذكور هذا المعنى فيصح فيه التعقيب
    التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي ; 06/05/2007 الساعة 11:23 PM
    رد مع اقتباس  
     

  8. #20 رد : معاني الأدوات 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    الأولى : حروف الجريسميها الكوفيون الصفات لنيابتها عن الصفات ويجوزون دخول بعضها على بعض . أي : أن هذا الحرف بمعنى حرف كذا . ومنع البصريون ذلك وعدلوا عنه إلى تضمين الفعل معنى فعل آخر إبقاء للفظ الحرف على حقيقته , وكأنهم رأوا التجوز في الفعل أخف من التجوز في الحرف . والكوفيون عكسوا ذلك , وقال ابن السيد : في القولين جميعا نظر ; لأن من أجاز مطلقا يلزمه أن يجيز سرت إلى زيد . يريد مع زيد , ومن منع مطلقا لزمه أن يتعسف في التأويل الكثير . فالحق : أنه موقوف على السماع , وغير جائز في القياس . ثم ذكر ما حاصله يرجع إلى التضمين هو تضمين الحرف معنى آخر ليفيد المعنيين كقوله :


    إذا رضيت علي بنو قشير لعمر الله أعجبني رضاها
    قيل : إنما عدي رضي بعلي ; لأنه بمعنى أقبلت : وقال أبو الفتح بن دقيق العيد : المانعون إنما يمنعون الاستعمال حقيقة ومجازا , أو حقيقة فقط , والمجوزون إما أن يدعوا في الاستعمال الحقيقة فيه أو يقولوا بالمجاز فيه . فإن ادعى المانعون العموم بالنسبة إلى الحقيقة والمجاز لم يصح ; لأنهم إذا ردوا [ ص: 250 ] على المجيزين جعلوا مدلول اللفظ حقيقة معنى من المعاني , ثم ردوا الاستعمال الذي يذكره المجوزون بالتأويل إلى ذلك المعنى , وهو يقرب المجاز , فعلى هذا يؤول تصرف البصريين إلى المجاز أيضا ويرجع الخلاف في ترجيح أحد المجازين على الآخر لا في المنع من الاستعمال أو الحمل أو الجواز فيهما , وإن كان الكوفيون يرون الاستعمال في هذه المعاني التي يوردونها حقيقة . والبصريون يقولون : مجاز , فالمجاز خير من الاشتراك , والاشتراك لازم على هذا القول لاتفاق الفريقين على استعمال اللفظ في معنى حقيقة , والكوفيون على هذا التقدير يرون استعماله في معاني حقيقة , فيلزم الاشتراك على هذا التقدير قطعا . قال : ولست أذكر التصريح من مذهب المجوزين في أنه حقيقة , وإنما المشهور قولهم : ويكون كذا بمعنى كذا , وليس فيه دليل على أنه حقيقة فيه .

    رد مع اقتباس  
     

  9. #21  
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    الخامسة : النسبة المنفية إذا قيدت بحال تسلط النفي على الحال , وللعرب فيه طريقان : أكثرهما نفي المقيد , وهو الحال , فتقول : ما زيد أقبل ضاحكا فيكون الضحك منفيا , وزيد قد أقبل غير ضاحك والثاني : نفي المقيد والقيد , فيكون زيد لم يضحك ولم يقبل , ومن ثم رد على أبي البقاء تجويزه عمل { بمؤمنين } في الحال , وهو { يخادعون } إذ ليس معنى الآية نفي الخداع ألبتة , والعجب منه كيف تنبه فمنع الصفة ؟ وعلله بما ذكرنا , وأجاز الحال ولا فرق . ولأبي البقاء أن يقول : الفرق واضح , فإذا قلت : ما زيد ضاحك راكبا فمعناه نفي الضحك في حال الركوب , وهو لا يستلزم نفي حال [ ص: 256 ] الركوب ; إذ الحال كالظرف , فالمنفي الكون الواقع في الحال لا الحال كما في قولك : ما زيد ضاحك في الدار , وهذا بخلاف الصفة ; إذ هي كون من الأكوان فيقتضي نفيها به .

    وقال بعض المتأخرين : يظن كثير من الناس ممن لا تحقيق له أن في مدلول { لا يسألون الناس إلحافا } وقوله : { ولا شفيع يطاع } ونظائره مذهبان : أحدهما : نفي الإلحاف وحده . والثاني : نفي السؤال والإلحاف معا , وينشد :


    على لاحب لا يهتدى بمناره

    ولم يقل أحد إن نفيهما معا في الآية من مدلول اللفظ بل هو من جملة محامله , كما أن زيدا من جملة محامل رجل , وقد تقرر في المعقول أن القضية السالبة لا تستدعي وجود موضوعها فكذلك سلب الصفة لا يستدعي وجود الموصوف ولا نفيه . والحاصل : أن اللفظ محتمل , ولا دلالة له على واحد من الطرفين بعينه , وليس هو مترددا بينهما بل مدلوله أعم منهما وإن كان الواقع لا يخلو عن أحدهما , والمتحقق فيه انتقاء الصفة ; لأنه على التقديرين , وانتفاء الموصوف محتمل .

    لا دلالة لنفي المركب على انتفائه ولا ثبوته , لكن إذا جعلنا الصفة تشعر به نزع إلى القول بعموم الصفة , فمن أنكره فواضح , ومن أثبته وقال : إنه من جهة العلة فكذلك ; لأن محله إذا كانت الصفة المحكوم عليها والحكم معللا بها فلا يثبت عند انتفائها , وهنا الصفة في الحكم , ومن أثبته , وقال : إنه من جهة اللفظ فيناسبه القول به هنا إلا أن يظهر غرض سواه كما هو مبين هناك
    التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي ; 06/05/2007 الساعة 11:24 PM
    رد مع اقتباس  
     

  10. #22 رد : معاني الأدوات 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    الخامس : ادعى الزمخشري في كشافه " أن" أنما " المفتوحة للحصر . قاله في قوله تعالى : { إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد } وبه صرح التنوخي في الأقصى القريب " وأنكره الشيخ ابن حيان , وقال : إنما يعرف في المكسورة لا المفتوحة . واعتراضه مردود بوجهين : أحدهما : أن المكسورة هي الأصل , وأن المفتوحة فرعها على الصحيح وإذا ثبت هذا الحكم في المكسورة , ثم عرض لها الفتح لقيامها مقام المفرد , فالقياس يقتضي بقاء ذلك المعنى . وثانيهما : أن الزمخشري بناه على رأيه في إنكار الصفات . نعم رأيت في كتاب سيبويه " ما يدل على أنها لا تقتضي الحصر , فإنه قال في باب " إنما " واعلم أن كل شيء يقع فيه " أن " يقع " أنما " وما بعدها صلتها كما في " الذي " ولا تكون هي عاملة فيما بعدها كما لا يكون " الذي " عاملا [ ص: 249 ] فيما بعد , فمن ذلك قوله تعالى { إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد } فإنما وقعت " أنما " هاهنا ; لأنك لو قلت : أن إلهكم إله واحد كان حسنا . انتهى .



    الثانية : المقصود من علم العربية إنما هو النطق بالصواب , وذلك حكم لفظي , وما عداه من التقديرات وغيرها مما لا يقدح في اللفظ ليس هو بالمقصود فيها , فمتى احتج محتج بشيء مسموع من العرب لمذهبه , فذكر فيه تأويل , وكان ذلك التأويل مما يطرد في جملة موارد الاستعمال , فحينئذ لا يظهر للاختلاف فائدة لفظية ; لأن اللفظ جائز الاستعمال على الصورة والهيئة المذكورة على كل تقدير , إما من غير تأويل كما يذهب إليه المستدل , وإما بتأويل مطرد في الموارد كما ذكر المجيب , فلا يظهر للاختلاف فائدة في الحكم اللفظي , وهو المقصود من علم العربية . مثاله : إذا قلنا : { فإن في أحد جناحيه داء , والآخر شفاء } فأوله [ ص: 251 ] مؤول بحذف حرف الجر , وأول قولنا : " ما كل سوداء تمرة , ولا كل بيضاء شحمة " . بحذف المضاف , فاللفظ على الهيئة المذكورة غير خارج عن الصواب . غاية ما في الباب أن يكون الخلاف وقع في وجه جوازه . فقائل يقول : هو على حذف المضاف وإلغاء عمله , وهو جائز . وقائل يقول : هو على تقدير العطف على عاملين وهو جائز . فالاتفاق وقع على الجواز واختلف في علته , وذلك لا يفيد فائدة لفظية اللهم إلا إذا بين في بعض المواضع فائدة بأن يكون الجواز صحيحا بأحد الفريقين دون الآخر , فحينئذ تظهر الفائدة المحققة المعتبرة في علم العربية , فانظر هذا فإنه يقع في مواضع من مباحث النحويين .
    الرابعة : الأفعال الماضية تفيد بالوضع أمرا : أن معنى الجملة التي تليها الزمن الماضي فقط لا غير ولا دلالة لها نفسها على انقطاع ذلك المعنى ولا بقائه , بل إن أفاد الكلام شيئا من ذلك كان لدليل آخر . هذا هو التحقيق . واختلف الأصوليون في دلالة " كان " على التكرار , وهي مسألة لم يذكرها النحاة في دلالتها على الانقطاع , وهي مسألة لم يذكرها الأصوليون . قال ابن عصفور في شرح الجمل " : وأصحها , وهو قول الجمهور : نعم . فإذا قلت : كان زيد قائما دل على أنه قام فيما مضى وليس الآن بقائم , وقيل : بل لا يعطي الانقطاع بدليل : { وكان الله غفورا رحيما } وأجاب بأن ذلك قد يتصور فيه الانقطاع بأن يكون المراد به الإخبار بأن الله - تعالى - كان فيما مضى غفورا رحيما كما هو الآن كذلك , فيكون القصد الإخبار بثبوت هذا الوصف في الماضي , ولم يتعرض لخلاف ذلك . وأجاب السيرافي بأنه يحتمل الانقطاع بمعنى أن المغفور لهم والمرحومين قد زالوا .

    والأحسن في الجواب : أن في صفات الله - تعالى - مسلوبة الدلالة على تعيين الزمان , وصار صالحا للأزمنة الثلاثة بحدوث الزمان وقدم الصفات الذاتية , وكذا الفعلية على رأي الحنفية . والتحقيق خلاف القولين كما سبق , ولهذا قال الزمخشري في قوله تعالى : [ ص: 254 ] { كنتم خير أمة } " كان " عبارة عن وجود الشيء في زمن ماض على سبيل الإبهام وليس فيه دليل على عدم سابق , ولا على انقطاع طارئ , ومنه { وكان الله غفورا رحيما } , وقال ابن معط في ألفيته " : وكان للماضي الذي ما انقطعا وحكى ابن الخباز في شرحها قولا أنها تفيد الاستمرار محتجا بالآية , وسمعت شيخنا أبا محمد بن هشام - رحمه الله - ينكره عليه , ويقول : غره فيه عبارة ابن معط , ولم يصر إليه أحد , بل الخلاف في أنها تفيد الانقطاع أو لا تقتضي الانقطاع ولا عدمه , وأما إثبات قوله بالاتصال والدوام فلا يعرف .

    قلت : وقال الأعلم : تأتي للأمرين , فالانقطاع نحو كنت غائبا , وأما الآن حاضر , والاتصال كقوله تعالى : { وكان الله غفورا رحيما } وهو في كل حال موصوف بذلك . وهاهنا قاعدة من قواعد التفسير : وهي أنه وقع في القرآن إخبار الله عن صفاته الذاتية وغيرها بلفظ " كان " كثيرا { كان الله سميعا عليما } { واسعا حكيما } { غفورا رحيما } { توابا رحيما } وأنها لم تفارق ذاته , ولهذا يقدرها بعضهم بما زال فرارا مما يسبق إلى الوهم من أن " كان " تفيد انقطاع المخبر به من الوجود , كقولهم : دخل في خبر كان .

    قالوا : فكان وما زال أختان فجاز أن تستعمل إحداهما في معنى الأخرى مجازا بالقرينة , وهو تكلف لا حاجة إليه , وإنما معناها ما ذكرنا من أزلية الصفات ثم يستفيد معناها من الحال , وفيما لا يزال بالأدلة [ ص: 255 ] العقلية باستصحاب الحال وحيث الإخبار بها عن صفة فعلية , فالمراد تارة الإخبار عن قدرته عليها في الأزل , نحو كان الله خالقا ورزاقا ومحييا ومميتا , وتارة تحقيق نسبته إليه نحو { وكنا فاعلين } وتارة ابتداء الفعل وإنشاؤه , نحو { وكنا نحن الوارثين } فالإرث إنما يكون بعد موت المورثين , والله - سبحانه وتعالى - مالك كل شيء على الحقيقة من قبل ومن بعد , وحيث أخبر بها عن صفات الآدميين فالمراد بها التنبيه على أنها غريزية وطبيعية نحو { وكان الإنسان عجولا } { إنه كان ظلوما جهولا } ويدل عليه { إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا } أي : خلق على هذه الصفة , وهي حال مقدرة , أو بالقوة لم يخرج إلى الفعل , وحيث أخبر بها عن أفعاله دلت على اقتران مضمون أمر الجملة بالزمان نحو { إنهم كانوا يسارعون في الخيرات } ومن هذا الثاني الحكاية عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ " كان " نحو كان يقوم , وكان يفعل . وسنتكلم عليه في باب العموم إن شاء الله تعالى


    الثالثة : الأفعال باعتبار تعليقها بمفعولاتها على الاستيعاب وعدمه على أربعة أقسام : أحدها : ما يستوعب ليس إلا , نحو اشتريت الدار , وأكلت الرغيف فلا يحمل على البعض إلا مجازا . قال ابن المنير في تفسيره الكبير " : ومن ثم أشكل مذهب مالك - رحمه الله - في تحنيث الحالف ببعض المحلوف عليه , فإنه إلزام له بمقتضى خلاف حقيقة لفظه , وحمل عليه أنه أراد المجاز , وهو يقول : ما أردته فاحملوا لفظي على الحقيقة , أو عسى أن مكلفا قدر الجملة في المعنى بالأجزاء فكان معنى لفظه عنده لا أكلت جزءا من الرغيف . وأخذ ذلك في أجوبة الدعاوى فيما إذا قال : لا تستحق علي العشرة , فإن محمل النفي على الأجزاء أي : ولا شيء منها , ولهذا يلزمه في أجوبة الدعاوى , ولا شيء منها [ ص: 252 ] مع قرينة كون الحالف في مثله يريد الاجتناب ومباعدة المحلوف عليه , فمتى أكل الرغيف إلا لقمة فإنه مقصود الاجتناب .

    الثاني : مقابل الأول لا يقتضي الفعل في الاستيعاب , كقولك : شج زيد عمرا , فلا خفاء أنه لا يريد إلا جرحه في رأسه خاصة بعض الوجه ولا تكون الشجة إلا كذلك , ومنه ضربت زيدا . الثالث : كالثاني إلا أن العرف هو المانع للاستيعاب , كقولك : جعلت الخيط في الإبرة , وليس المراد وقفته على جملة الإبرة , وكقوله تعالى : { جعلوا أصابعهم في آذانهم } . الرابع : يختلف الحال فيه بدخول حرف الجر فيه وعدمه , ومنه عند الشافعي فعل المسح إن اقترن بالباء كان للتبعيض , وإلا للاستيعاب , وكذلك ما يقول أبو علي في السير واليوم لو قلت : سرت اليوم فظاهره الاستيعاب , وإن قلت : سرت في اليوم فظاهره عدم الاستيعاب , وتتحقق الظرفية بدخول " في " وتغلب الاسمية بسقوطها , ولهذا كان الأولى حين تتحقق الظرفية النصب .

    تقول : سرت اليوم فيه , وحين تغلب الاسمية الرفع تقول : اليوم سرته , وينبني على هذا الفرق أحكام كثيرة . منها : لو قال : أنت طالق في يوم السبت يقع بطلوع الفجر , ولو نوى وقوعه في آخره يدين , ولم يقبل ظاهرا عندنا , وقال أبو حنيفة : يقبل , وخالفه صاحباه . وجعل السروجي مأخذهما أن حذف حرف الجر وإثباته سواء ; لأنه ظرف في الحالين فصار كما لو قال : صمت يوم الجمعة , وفي يوم الجمعة , فإن الحكم فيهما سواء , ولأبي حنيفة أن الحذف للحرف قد يحدث معنى لا يكون مع إثباته ; لأن " في " قد تفيد التبعيض في الظرف الداخل عليه إلا أن يمنع مانع , ولهذا قالوا في قولهم : سرت فرسخا وسرت في فرسخ : إن الظاهر في الأول الاستغراق في السير وفي الآخر عدمه , وقوله : إلا أن يمنع مانع حتى يخرج صمت في يوم الجمعة , فإن صوم بعض [ ص: 253 ] اليوم لا يمكن , وردوا صمت شهر رمضان أو شهر رمضان إلى الأصل الأول أن صوم الشهر يقبل التبعيض
    التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي ; 06/05/2007 الساعة 11:24 PM
    رد مع اقتباس  
     

  11. #23 رد : معاني الأدوات 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    الباء وهي للإلصاق الحقيقي والمجازي أي إلصاق الفعل بالمفعول , وهو تعليق الشيء بالشيء واتصاله به , وقال عبد القاهر : قولهم : الباء للإلصاق إن حمل على ظاهره أدى إلى الاستحالة لأنها تجيء بمعنى الإلصاق نفسه كقولنا : ألصقت به , وحينئذ فلا بد من تأويل كلامهم , والوجه فيه أن يكون غرضهم أن يقولوا للمتعلم : انظر إلى قولك : ألصقته بكذا , وتأمل الملابسة التي بين الملصق والملصق به تعلم أن الباء أينما كانت الملابسة التي تحصل بها شبيهة بهذه الملابسة التي تراها في قولك : ألصقته به . انتهى .

    وتجيء للاستعانة , نحو ضربت بالسيف , وكتبت بالقلم . وبمعنى المصاحبة , كاشتريت الفرس بسرجه , وجاء زيد بسلاحه . وبمعنى الظرف , نحو جلست بالسوق . وتكون لتعدية الفعل , نحو مررت بزيد . قال
    القرطبي ويمكن أن يقال : إن هذه المواضع كلها راجعة إلى الملابسة فيشترك في معنى كلي , وهو أولى دفعا للاشتراك . قال : وأظن أن ابن جني أشار إلى هذا , وقيل : إنها حيث دخلت على الآلة فهي للإلصاق . واختلفوا في كيفية الإلصاق فقيل : تفيد التعميم فيه فعلى هذا لا إجمال [ ص: 159 ] في قوله تعالى : { وامسحوا برءوسكم } بل تفيد تعميم مسح جميع الرأس وقيل : إنما تفيد إلصاق الفعل ببعض المفعول , وعلى هذا فهي مجملة ; لأنه لا يعلم أن مسح أي بعض من الرأس واجب . وقيل : تقتضي الإلصاق بالفعل مطلقا ولا تقتضي بظاهره تعميما ولا تبعيضا , وصححه صاحب " المصادر " , ثم قال : والأولى أن يقال : إن دخلت على فعل متعد بنفسه أفادت التبعيض ; لأن الإلصاق الذي هو التعدي مفهوم من دونها فيجب أن يكون لدخولها فائدة وإن لم يكن متعديا بنفسه فإن فائدته الإلصاق والتعدية . اختيار صاحب " المحصول " و " المنهاج " وغيرهما أعني أنها إذا دخلت على فعل متعد بنفسه اقتضت التبعيض , ونسب ذلك بعضهم إلى الشافعي أخذا من آية الوضوء , وهو وهم عليه فإن مدركا آخر كما سبق في الواو . واحتج الإمام بأنا نفرق بالضرورة بين قولنا : مسحت يدي بالمنديل وبالحائط , وبين قولنا : مسحت المنديل والحائط في أن الأول للتبعيض والثاني للشمول . وأجيب : بأن ذلك أمر آخر يرجع إلى الإفراد والتركيب , وهو أن مسحت يدي بالمنديل سيق لإفادة ممسوح وممسوح به , والباء إنما جيء بها لتفيد إلصاق الممسوح به التي هي الآلة بمسح المحل الذي هو اليد . وقوله : مسحت المنديل والحائط إنما سيق إلصاق المسح بالممسوح , وإذا كان كذلك فكيف يحكم بعود الفرق إلى التبعيض مع أنه لا تبعيض في الكلام ؟

    [ ص: 160 ] وقيل : إن دخلت الباء على آلة المسح نحو مسحت بالحائط وبالمنديل فهي للكل , وإن دخلت على المحل نحو { وامسحوا برءوسكم } لا يتناول الكل . ووجهه أن الآلة غير مقصودة بل هي واسطة بين الفاعل والمنفعل في وصول أثره إليه , والمحل هو المقصود في الفعل المتعدي فلا يجب استيعاب الآلة بل يكفي فيها ما يحصل به المقصود . وأنكر ابن جني وصاحب " البسيط " مجيئها للتبعيض , وقالا : لم يذكره أحد من النحاة . قلت : أثبته جماعة منهم ابن مالك , وقال : ذكره الفارسي في " التذكرة " ونقل عن الكوفيين وتبعهم فيه الأصمعي والعتبي . انتهى , وكذا ابن مخلد في " شرح الجمل " ومثله بقوله : مسحت بالحائط , وتيممت بالتراب , واستحسنه العبدري في " شرح الإيضاح " قال : ووجهه عندي أن الباء الدالة على الآلة لا يلزم فيها أن يلابس الفعل جميعها , ولا يكون العمل بها كلها بل ببعضها . والحق : أن التبعيض الأول بالقرينة لا بالوضع , وليست الحجة بل هي ليست نصا في الاستيعاب , فهي مجملة فيكتفى فيه بما يقع عليه الاسم , ولو شعرة . وقال أبو البقاء : التبعيض لا يستفاد من الباء بل من طريق الاتفاق , وهو يحصل الغرض من الفعل بتبعيض الآلة بل ظاهر الحقيقة يغطي الجميع .

    ألا تراك : إذا قلت مسحت رأس اليتيم , فحقيقته إن تم المسح بجميعه , وإذا [ ص: 161 ] أمر ببعضه صح أن يقال : ببعض رأسه فلو كانت للتبعيض لا يستوي ذكر الكل والبعض وهو خلاف الحقيقة ؟ وقال الماوردي فيما نقله عنه ابن السمعاني : الباء موضوعة لإلصاق الفعل بالمفعول كقولك : مسحت يدي بالمنديل , وكتبت بالقلم , وقد يستعمل في التبعيض إذا أمكن حذفها , كقوله تعالى { وامسحوا برءوسكم } أي بعض رءوسكم قال : وهو حقيقة في قول بعض أصحاب الشافعي مجاز في قول الأكثرين . انتهى .

    وقال الغزالي في المنخول : ظن ظانون أنه للتبعيض مصدر يستقل بدونها كقوله تعالى : { وامسحوا برءوسكم } وتمسكوا بقولهم : أخذت زمام الناقة إذا أخذها من الأرض , وأخذت بزمامها إذا أخذت طرفه . وليست الباء للتبعيض أصلا , وهذا خطأ في أخذ الزمام , ولكن من المصادر ما يقبل الصلات كقولهم : شكرت له ونصحت له , وأما التبعيض في مسألة المسح مأخوذ من صفة المصدر فمصدر المسح لا يصير إلى الاستيعاب كمصدر الضرب بخلاف الغسل . انتهى . قيل : ومما يقطع النزاع في كونها ليست للتبعيض أنها لو كانت كذلك لامتناع دخولها على بعض للتكرار والتأكيد فيما دخلته بكل للتناقض , فكان يمتنع أن يقال : مسحت ببعض رأسي ; لأنه بمنزلة بعض بعض رأسي , ولا أن تقول : مسحت برأسي كله ; لأن الباء للتبعيض , وكل لتأكيد الجمع , وجمعهما على شيء واحد تناقض .

    [ ص: 162 ] تنبيه جعلوها للتبعيض في آية الوضوء , ولم يجعلوها للتبعيض في آية التيمم في قوله تعالى { فامسحوا بوجوهكم } وفرقوا بأن مسح الوجه في التيمم بدل , وللبدل حكم المبدل , فقيل لهم : إن أردتم أن حكمه حكم الأصل في الإجزاء فتحكم ولا يفيدكم في الفرق , وإن أردتم أن صورة البدل لصورة أصله فغير صحيح , فإن التيمم بدل عن الوضوء وهو في عضوين والوضوء في أربعة , وبأن مسح الخف بدل عن غسل الرجلين , ولا يجب في ذلك الاستيعاب . أجابوا عن ذلك بأن ذلك يفسد الخف ولأن مبناه على التخفيف حتى جاز مع القدرة على غسل الرجل بخلاف التيمم . نكتتان في الباء يغلط المصنفون فيها : الأولى أنهم يدخلونها مع فعل الإبدال على المتروك فيقولون : لو أبدلت ضادا بطاء . والصواب : العكس فإذا قلت أبدلت دينارا بدرهم فمعناه اعتضت دينارا عوض درهم , فالدينار هو الحاصل لك المعوض والدرهم هو الخارج عنك المعوض به , وهذا عكس ما فهمه الناس , وعلى ما ذكرنا جاء كلام العرب . قال الشاعر :


    تضحك مني أخت ذي النحيين أبدله الله بلون لونين سواد وجه وبياض عينين





    [ ص: 163 ] ألا ترى كيف أدخل الباء على المعوض منه وهو قوله : بلون , ونصب لونين وهو المعوض ؟ وقال : تعالى : { ومن يتبدل الكفر بالإيمان } و { بدلناهم بجنتيهم جنتين } { أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير } { وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم } أي : يستبدل بكم قوما غيركم , وقال تعالى : { عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها } فحذف بها أي : بالجنة التي طيف بها . وقال : { فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا } أي : يبدلهما به . وقد حذف حرف الجر لدلالة فعل الإبدال على العوض والمعوض كقوله تعالى : { يبدل الله سيئاتهم حسنات } أي بسيئاتهم . وهذا ذكره الشيخ أثير الدين في جموع التكسير من شرح التسهيل " . وكتب الشيخ تاج الدين التبريزي على الحاشية قال تعالى : { إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة } ولا شك أن الجنة عوض لا معوض . وعلى هذا يتخرج كلام المصنفين حيث أدخلوا الباء على المأخوذ , وإن لم يكن في الآية فعل الإبدال لكن الأكثر هو الأول والثاني فصحيح عربي . قلت : الدعوة مع فعل الإبدال , وفي جريان ذلك في كل ما دل على معاوضة نظر , فإنه لم يطرد فيه , فقد جاء { اشتروا الضلالة بالهدى } فقد دخلت على المتروك وجاء عكسه وهو قوله تعالى { فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة } وحينئذ فلا يحسن رد التبريزي بالآية .

    [ ص: 164 ] ويمكن أن يقال في هذه الآية : إن الضمير في " يقاتل " عائد على المسلمين والذين يشترون مفعول , وفيه نظر . وكان المعنى في دخول الباء على كل منهما مع الشراء أن " اشتريت " و " بعت " كل منهما مستعمل بمعنى الآخر لكن الأكثر في " بعت " الإخراج عن الملك , وفي " اشتريت " الإدخال . الثانية إدخالهم الباء مع فعل الاختصاص على المختص , والصواب : إدخالها على المختص به ; لأن التخصيص إفراد بعض الشيء عما لا يشاركه فيه بالجملة فإذا قلت : اختص زيد بالمال . فمعناه أن زيدا منفرد عن غيره بالمال فهو المختص بمعنى اسم الفاعل , والمال مختص به . والمختص أبدا هو المنفرد المحتوي أبدا على الشيء فهو كالظرف له , والمختص به أبدا هو المأخوذ كالمظروف . فلو قلت : اختص المال بزيد تريد ما أردته بالمثال السابق لم يصح ; لأنك في المثال الأول حصرت المال في زيد , وفي الثاني حصرت زيدا في المال , فلا يكون له صفة غير الاحتواء على المال , وهو غير المراد فإن زيدا قد يكون له صفات من دين وعلم وغيرهما . وبهذا يظهر حسن عبارة التسهيل : " وخص الجر بالاسم " على عبارة الخلاصة : " والاسم قد خصص بالجر
    التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي ; 06/05/2007 الساعة 11:24 PM
    رد مع اقتباس  
     

  12. #24 رد : معاني الأدوات 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    [ إن ] تجيء للشرط نحو { إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } والغالب استعمالها فيما يمكن وقوعه نحو إن قام زيد .

    [ ص: 173 ] ونقل في " المحقق " نحو إن مات زيد زرتك , ومنه قوله تعالى : { أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم } . وقوله :
    كم شامت بي إن هلكت وقائل لله دره
    إلا أنها إذا استعملت فيما لا بد من وقوعه فلا تستعمل إلا فيما كان زمن وقوعه مبهما , ولهذا دخلت في قوله تعالى : { ولئن متم } فإن علم زمن وقوعه فلا تستعمل فيه , فلا يصح أن تقول : إن احمر البسر فأتني فإن احمراره لا بد منه ووقته معلوم بالتقريب . والمتلخص من كلامهم أن " إن " و " إذا " يشتركان في عدم الدخول على المستحيل إلا لنكتة , نحو { قل إن كان للرحمن ولد } وتنفرد " إن " بالمشكوك فيه والموهوم , وتنفرد " إذا " بالمجزوم به , وهل تدخل على المظنون ؟ خلاف . وتجيء للنفي إن تلاها " إلا " نحو { إن الكافرون إلا في غرور } أو " لما " نحو { إن كل نفس لما عليها حافظ } أو غيرهما , نحو { إن عندكم من سلطان بهذا } وفيه رد على من ادعى ملازمته ل " إلا " و " لما " .



    مسألة: الْجُزْء الثَّالِث[ إنْ ] تَجِيءُ لِلشَّرْطِ نَحْوُ { إنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ } وَالْغَالِبُ اسْتِعْمَالُهَا فِيمَا يُمْكِنُ وُقُوعُهُ نَحْوُ إنْ قَامَ زَيْدٌ .

    [ ص: 173 ] وَنَقَلَ فِي " الْمُحَقَّقِ " نَحْوَ إنْ مَاتَ زَيْدٌ زُرْتُك , وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى : { أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ } . وَقَوْلُهُ :
    كَمْ شَامِتٍ بِي إنْ هَلَكْت وَقَائِلٍ لِلَّهِ دَرُّهُ
    إلَّا أَنَّهَا إذَا اُسْتُعْمِلَتْ فِيمَا لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ فَلَا تُسْتَعْمَلُ إلَّا فِيمَا كَانَ زَمَنَ وُقُوعِهِ مُبْهَمًا , وَلِهَذَا دَخَلَتْ فِي قَوْله تَعَالَى : { وَلَئِنْ مُتُّمْ } فَإِنْ عُلِمَ زَمَنُ وُقُوعِهِ فَلَا تُسْتَعْمَلُ فِيهِ , فَلَا يَصِحُّ أَنْ تَقُولَ : إنْ احْمَرَّ الْبُسْرُ فَأْتِنِي فَإِنَّ احْمِرَارَهُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَوَقْتُهُ مَعْلُومٌ بِالتَّقْرِيبِ . وَالْمُتَلَخِّصُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ " إنْ " وَ " إذَا " يَشْتَرِكَانِ فِي عَدَمِ الدُّخُولِ عَلَى الْمُسْتَحِيلِ إلَّا لِنُكْتَةٍ , نَحْوُ { قُلْ إنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ } وَتَنْفَرِدُ " إنْ " بِالْمَشْكُوكِ فِيهِ وَالْمَوْهُومِ , وَتَنْفَرِدُ " إذَا " بِالْمَجْزُومِ بِهِ , وَهَلْ تَدْخُلُ عَلَى الْمَظْنُونِ ؟ خِلَافٌ . وَتَجِيءُ لِلنَّفْيِ إنْ تَلَاهَا " إلَّا " نَحْوُ { إنْ الْكَافِرُونَ إلَّا فِي غُرُورٍ } أَوْ " لَمَّا " نَحْوُ { إنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ } أَوْ غَيْرُهُمَا , نَحْوُ { إنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا } وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ ادَّعَى مُلَازَمَتَهُ لِ " إلَّا " وَ " لَمَّا " .


    مسألة: الجزء الثالث[ إن ] تجيء للشرط نحو { إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } والغالب استعمالها فيما يمكن وقوعه نحو إن قام زيد .

    [ ص: 173 ] ونقل في " المحقق " نحو إن مات زيد زرتك , ومنه قوله تعالى : { أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم } . وقوله :
    كم شامت بي إن هلكت وقائل لله دره
    إلا أنها إذا استعملت فيما لا بد من وقوعه فلا تستعمل إلا فيما كان زمن وقوعه مبهما , ولهذا دخلت في قوله تعالى : { ولئن متم } فإن علم زمن وقوعه فلا تستعمل فيه , فلا يصح أن تقول : إن احمر البسر فأتني فإن احمراره لا بد منه ووقته معلوم بالتقريب . والمتلخص من كلامهم أن " إن " و " إذا " يشتركان في عدم الدخول على المستحيل إلا لنكتة , نحو { قل إن كان للرحمن ولد } وتنفرد " إن " بالمشكوك فيه والموهوم , وتنفرد " إذا " بالمجزوم به , وهل تدخل على المظنون ؟ خلاف . وتجيء للنفي إن تلاها " إلا " نحو { إن الكافرون إلا في غرور } أو " لما " نحو { إن كل نفس لما عليها حافظ } أو غيرهما , نحو { إن عندكم من سلطان بهذا } وفيه رد على من ادعى ملازمته ل " إلا " و " لما " .
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. معاني
    بواسطة محمد عرفة النجار في المنتدى الشعر
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 13/08/2009, 11:49 AM
  2. معاني الأدوات
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى لسان الضاد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 23/07/2009, 11:09 PM
  3. أغاني و معاني
    بواسطة ماجدة2 في المنتدى فسيفساء المربد
    مشاركات: 25
    آخر مشاركة: 17/04/2008, 10:18 PM
  4. إهــــــداء إلى الأخوات المربديات الكريمـــــات
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى مكتبة المربد
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 23/06/2006, 01:33 PM
  5. الى معالي الامبراطور
    بواسطة سالم سليم في المنتدى قبة المربد
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 16/08/2005, 09:43 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •