الرئيس الأسد في خطاب .. تحية للمقاومة ... إذا كان الوقوف مع المقاومة هو تهمة وعار فهو بالنسبة للشعب السوري شرف وافتخار ... الشرق الأوسط الذي يتحدثون عنه أصبح وهماً.. القرار الوطني أعلى من أي قرار دولي ... علينا أن نحوّل النصر العسكري إلى سياسي ... المقاومة والسلام محور واحد


دمشق

الثورة
صفحة اولى
الاربعاء 16/8/2006م
وضع السيد الرئيس بشار الأسد في خطابه امام المؤتمر الرابع لاتحاد الصحفيين النقاط على الحروف ازاء الاحداث والتطورات الجارية في المنطقة وخاصة تداعيات الانتصار الكبير الذي حققته المقاومة الوطنية اللبنانية على اسرائيل ومحاولات البعض النيل من هذا الانتصار.











واكد الرئيس الاسد ان الشرق الاوسط الجديد بالمعنى الذي نفهمه والمعنى الذي نريده جديد بانجازات المقاومة.. جديد بفرز القوى الواضح للعيان .. جديد بافتضاح الاعيبه ومؤامراته وباكتشاف اقنعته وزيف مصطلحاته بشكل لم يسبق له مثيل من قبل.‏

واضاف الرئيس الاسد انه لكي توجد الحكمة لابد من وجود الشجاعة معها لكي تعطي صاحبها الاستقرار الضروري لكي يكون حكيما اما عندما يوجد الخوف فلا مكان سوى للحكمة الزائفة التي تدفع بصاحبها للهزيمة والمذلة تحت عنوان الحكمة.‏

وقال الرئيس الاسد .. في عالمنا العربي الراهن ربما يتحقق النصر لنا تحت عنوان فريق آخر هو المغامرة او التهور.واشار الى ان عملية السلام فشلت وهي فاشلة وميتة كما يقال والاكثر دقة ان نقول ان العرب هم الذين فشلوا في عملية السلام عندما لم يفهموا معنى الخيار الاستراتيجي في السلام يعني لم يفرقوا بين خيار السلام الاستراتيجي وخيار السلام الوحيد. منوها الى ان سورية اكدت على خيار السلام منذ بدء عملية السلام مع تمسكنا بخيار المقاومة طالما ان السلام لم يتحقق وخصوصا ان الشريك المفترض في السلام هو طرف لا يؤمن بهذه المقولة اصلاً.‏

وحول العدوان الاسرائيلي على لبنان اكد سيادته ان لا علاقة للحرب على لبنان بأسر الجنديين الاسرائيليين وهناك مخطط معد مسبقا ومن لايرى ذلك لدىه تشويش في الرؤية. ومؤكداً ان تحميل القرار 1701 المسؤولية للمقاومة هو من الاشياء الفاقعة التي لايمكن ان نقبلها.‏

وقال الرئيس الأسد إن اسرائيل هي من يتحمل المسؤولية وكذلك من شجعوا اسرائيل وجماعة 17 ايار يتحملون المسؤولية.‏

وان هدف القرار 1701 انقاذ اسرائيل سياسياً مما خسرته عسكرياً.مشيرا الى ان العدوان الاسرائيلي على لبنان كان عبارة عن مزيد من الفشل لاسرائيل ولحلفائها ولأسيادهم والمزيد من الرسوخ للقوى الوطنية الملتفة حول المقاومة وتجذر فكر المقاومة في عقول وقلوب مئات الملايين في المنطقة العربية والاسلامية.‏

واوضح الرئيس الأسد ان المعركة الحقيقية ابتدأت الان وعلىنا ان نحول النصر العسكري الى نصر سياسي. منوهاً بأن المقاومة الوطنية اللبنانية ضرورية بمقدار ما هي طبيعية وشرعية وشرعيتها تأتي من كون الاعتداءات الاسرائيلية لم تتوقف منذ العام 2000 من خلال الخرق شبه الىومي للطيران الاسرائيلي للاجواء اللبنانية.‏

واكد الرئيس الاسد الى ان المعارك الاخيرة في جنوب لبنان حققت انجازات مباشرة للبنان وكان اعظم ما في هذه المعارك انها اتت ردا قوميا على الطروحات الانهزامية التي تم الترويج لها في منطقتنا وخاصة بعد غزو العراق.‏

واضاف سيادته بان اسرائيل هزمت في الحرب بل انها هزمت منذ بداية العدوان. مشيراً الى ان سورية ولبنان وفلسطين لاتزال لهم اراض لم تحرر وهذا يعني انهم المعنيون بالحرب وبالسلم في المقام الاول ونحن نريد من اشقائنا العرب ان يقفوا معنا ونرحب بكل من يريد ان يقف معنا من خلال رؤيتنا وتقديرنا لمصالحنا.‏

ووجه السيد الرئيس رسالة الى القيادات الاسرائيلية لتتخلى عن حماقتها وعن غرورها وتعرف بأنها امام مفصل تاريخي الآن فإما ان تذهب باتجاه السلام وعودة الحقوق واما ان تذهب باتجاه اللا استقرار المستمر حتى يحسم الامر بجيل من الاجيال.‏

كما طالب الرسميين وكل مسؤول عربي لكي ينحاز الى جانب شعبه ولجانب المقاومة لان الشعب هو اساس الاستقرار.‏

وحول دور سورية قال الرئيس الاسد ان قدر سورية هو الاعتزاز بالعروبة والدفاع عنها وصونها لانها الاساس الوحيد لمستقبل مشرق ومشرف نبنيه من اجل ابنائنا.‏

واكد الرئيس الاسد ان لا مكان في هذا العالم لغير الاقوياء .. والقوة تبدأ بقوة العقل وبقوة الارادة وبقوة الايمان وهي اساس المقاومة والطريق الوحيد لتحقيق النصر. واضاف أن الشعب العربي السوري وجه صفعة لمن أرادوا خلق شرخ بين سورية ولبنان.‏

وخاطب الرئيس الاسد الشعب السوري: لقد كنت رائعا في استيعابك لحجم المؤامرة وقويا بردك علىها وباختصار كنت قلب العروبة النابض بكل ما تحمله هذه الكلمة من حرارة سترتفع ومعنى سيزداد قوة عندما نحرر الجولان بأيدينا وعزيمتنا.وإزاء نظرة العالم الى العرب قال الرئيس الأسد ان العالم لن يهتم بنا وبمصالحنا ومشاعرنا وحقوقنا الا اذا كنا اقوياء. موضحا ان الطريق الطبيعي لتحقيق السلام هو المفاوضات ولكن عندما يفشل هذا الطريق او لا يتوفر اصلا فالمقاومة باشكالها المختلفة هي البديل من اجل استعادة الحقوق والمقاومة ليست بالضرورة ان تكون فقط مقاومة مسلحة وانما ثقافية وسياسية وممانعة بالاشكال المختلفة.‏

وكان الدكتور صابر فلحوط رئيس اتحاد الصحفيين القى كلمة اكد فيها ان رعاية السيد الرئيس لهذا المؤتمر تجسد تثمينه العالي لحرية الصحافة وتقديره الكبير لدورها رسالة ورجالا في مسيرة الامة غابرا وحاضرا ومستقبلا وتؤكد رسوخ ايمانه بأن حرية الصحافة من حرية الوطن وقواه الجماهيرية.‏

وقال الدكتور فلحوط في لحظة مفتاحية من تاريخ الامة ينعقد مؤتمرنا على سمو رسالته ونبل غايته باعتباره مؤتمر الكلمة الرصاصة والحرية المسؤولة والقلم الشجاع في قولة الحق في معارك البناء والتطوير وتحصين الجبهة الداخلية العصية على رياح واراجيف العدوان.‏

واضاف رئيس الاتحاد ان الصحفيين الذين عقدوا قران اقلامهم مع بندقية المقاومة تأكيدا للتآخي التاريخي بين الفكر الثوري القومي الخلاق والصاروخ المؤتمن بعظمة هذه الامة وخلود رسالتها.. يجددون الىوم في مؤتمرهم عهد الوفاء المطلق والولاء الاصدق لشعبنا العظيم ومسيرته على طريق تحرير الارض والارادة بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد.‏

واكد ان المقاومة الوطنية اللبنانية تعتبر مفخرة الامة العربية في مطلع القرن الحادي والعشرين حيث ادهشت العالم وانتزعت اعجابه يوم خلخلت كيانه بصمودها وتضحياتها وانتصاراتها.‏

ولفت الدكتور فلحوط الى ان اتحاد الصحفيين الذي ولد نقابة في ثلاثينيات القرن الماضي وامسى اتحادا في مطلع السبعينيات منه ليشمخ اعتزازا بدوره الى جانب المنظمات الشعبية والنقابات المهنية وليواكب الخيوط الاولى لفجر ثورة اذار ويتنفس الفجر المتوهج للحركة التصحيحية ويستمر في معركة هموم الناس واهتماماتهم وطموحاتهم.‏

واستعرض بعضا من مواقف الاتحاد العام للصحفيين الذي يستلهم نبض الشارع القومي من المحيط الى الخليج حيث يدعو الى قطع علاقات الدول العربية مع العدو الصهيوني وسحب السفراء العرب وطرد سفراء العدو وتشديد مقاطعة جميع من يساندونه بالسياسة والسلاح والمواقف.‏

وحضر افتتاح المؤتمر السادة عبد الله الاحمر الامين العام المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي وفاروق الشرع ونجاح العطار نائبا رئيس الجمهورية ومحمد سعيد بخيتان الامين القطري المساعد للحزب والدكتور سليمان قداح نائب رئيس الجبهة الوطنية التقدمية والدكتور محمود الابرش رئيس مجلس الشعب والمهندس محمد ناجي عطري رئيس مجلس الوزراء.‏

كما حضر الافتتاح الامناء العامون لاحزاب الجبهة الوطنية التقدمية ونائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية والوزراء وامناء فروع الحزب والمحافظون والمفتي العام للجمهورية واعضاء مجلس الشعب ورؤساء المنظمات الشعبية والنقابات المهنية ورؤساء الجامعات وعدد من رجال الدين الاسلامي والمسيحي وحشد من الفعالىات الاقتصادية والعلمية والثقافية وعدد من المدعوين.‏

وفي ختام حفل الافتتاح تسلم السيد الرئيس درع اتحاد الصحفيين من رئيس الاتحاد عربون محبة ووفاء من الصحفيين لسيادته.‏

هذا وسيتابع المؤتمر اعماله عند الساعة الحادية عشرة من صباح اليوم الاربعاء في المركز الثقافي العربي بالمزة.‏

قوبل السيد الرئيس بشار الأسد لدى دخوله الى قاعة المؤتمر بعاصفة من التصفيق.‏




وفي ما يلي نص الكلمة :‏













أيتها الأخوات والإخوة أعضاء المؤتمر العام الرابع لاتحاد الصحفيين‏

أيها السيدات والسادة..‏

يسعدني أن ألتقيكم في افتتاح أعمال مؤتمركم الرابع..وأن أتوجه إليكم بالتحية والتقدير ..ومن خلالكم ..إلى الصحفيين العرب الشرفاء الذين خاضوا بالأمس ويخوضون اليوم حربا إعلامية وثقافية لا تقل شراسة وخطورة عن المعارك العسكرية التي يخوضها إخوان لكم في ساحات الشرف والكرامة..‏

ومعركتكم هي معركة الأمة لصون عقلها وروحها والذود عن هويتها وتراثها ضد ما تتعرض له من غزو منهجي يستبيح كرامتها ويمزق وحدتها ويشوه قضيتها ويضرب إرادة المقاومة فيها من خلال الترويج لثقافة الانهزام والرضوخ والانقياد الأعمى في الاتجاهات التي يحدد سمتها العدو ومن يقف في خندقه ويسوق لمشاريعه.‏

يسعدني أن ألتقي بكم في هذا الشرق الأوسط الجديد بالمعنى الذي نفهمه وبالشكل الذي نريده.. ولو لم يكتمل بعد ..جديد بإنجازات المقاومة..جديد بفرز القوى الواضح للعيان ..جديد بافتضاح ألاعيبه ومؤامراته وبانكشاف أقنعته وزيف مصطلحاته بشكل لم يسبق له مثيل من قبل.‏

هذا الشرق الأوسط الجديد الذي بشرت به سورية مرارا وتكرارا على أنه الأمل الوحيد للعرب لكي يكون لهم مكان على هذه الأرض بالمعنى السياسي وبالمعنى المادي..ولا يخفى على أحد منكم أنه لم يكن من السهل أبدا أن نتمكن من إقناع الكثيرين برؤيتنا للمستقبل..بل كان علينا انتظار هذا المستقبل لكي يصبح حاضرا ويتحدث عن نفسه..واليوم تتحدث الوقائع عن نفسها ليس كما تصورناها في الماضي فحسب بل بشكل أكثر وضوحا وتعبيرا.‏



















نلتقي اليوم وشرق أوسطهم المنشود المبني على الخنوع والمذلة وحرمان الشعوب من حقوقها وهويتها.. قد أصبح وهما بل انقلب إلى نهضة شعبية عارمة على مستوى الساحة العربية موسومة بالعروبة موسومة بالكرامة موسومة برفضها لكل ما قدم لها من أعذار وحجج تبرر بقاءنا أذلاء خانعين نقتل صامتين بنفس الطريقة التي كانت تقدم فيها الأضحية من أجل إرضاء الآلهة واتقاء لغضبها..ولكن تقديم الأضحية في تلك العصور كان يعتبر حكمة..فهل من المفترض أن نتبع هذه الحكمة اليوم..وهل من معنى للحكمة مفصولة عن الشجاعة والإقدام...‏

لو أردنا أن نقتدي بغزو العراق..هذا الغزو الذي يذكرنا بالعصور الغابرة للبشرية..ولو أردنا أن نقتدي بنتائج هذا الغزو من تدمير وخراب للعراق..يذكرنا بالعصور الحجرية للبشرية.. فأنا أعتقد بأن هذه الحكمة ما زالت سارية المفعول..والدليل أن البعض من حكمائنا العرب ما زال يتبع هذه الحكمة اليوم.‏

فلكي تتواجد الحكمة لابد من وجود الشجاعة معها لكي تعطي صاحبها الاستقرار الضروري..لكي يكون حكيما, أما عندما يوجد الخوف فلا مكان سوى للحكمة الزائفة التي تدفع بصاحبها للهزيمة والمذلة تحت عنوان الحكمة..وفي عالمنا العربي الراهن ربما يتحقق النصر لنا تحت عنوان مزيف آخر هو المغامرة أو التهور.‏

أي إذا كانت الحكمة قد أصبحت في قواميس البعض من العرب هي الهزيمة والذل..فبشكل بديهي في هذه القواميس نفسها..سنرى الانتصار يعادل المغامرة والتهور.‏

ولكي لا نغرق في الكلام النظري لنسأل أنفسنا ماذا حقق لنا الانقياد اللاحكيم واللاعقلاني والمتهور خلف بعض حكمائنا الافتراضيين وعقلائنا الشكليين خلال عقود مضت..حقق الكثير لكن ضد مصالحنا..ولنأخذ عملية السلام تحديدا كمثال..ولنتساءل إن كانت فشلت أم لا...نحن نتحدث بشكل مستمر مؤخرا عن موت عملية السلام..وقبل ذلك كنا نتحدث عن فشل عملية السلام..وكل هذا الكلام صحيح لا شك فيه..لكن الأكثر دقة من أن نقول إن عملية السلام فشلت وهي فاشلة وميتة كما يقال...الأكثر دقة هو أن نقول إن العرب هم الذين فشلوا في عملية السلام عندما لم يفهموا معنى الخيار الاستراتيجي في السلام.‏

أي لم يفرقوا بين خيار السلام الاستراتيجي وخيار السلام الوحيد..عندما يكون هناك خيار استراتيجي ما..فلا يعنى انه لا يوجد خيارات استراتيجية أخرى..أو أنه لا يوجد خيارات تكتيكية ليس بالضرورة استراتيجية أخرى.‏

نحن العرب خلال مسيرة عملية السلام تبنينا خيار السلام الوحيد وألغينا كل الخيارات الأخرى ومن ثم استبدلنا مضمون السلام الوحيد بخيار السلام الرخيص أو المجاني..وفي هذا يفترض أن نقدم كل شيء لإسرائيل وأن نأخذ القليل..وفي الواقع..ومن خلال الممارسة قدمنا الكثير وربما قدم البعض كل شيء ولكن حتى القليل لم نحصل عليه بل لم نحصل على شيء على الاطلاق..‏

ولذلك نرى اليوم بأن الفلسطينيين يدفعون ثمن ذلك الواقع في الماضي..ولهذا السبب رفضت سورية من خلال رؤيتها في ذلك الوقت أن تتنازل عن أي من حقوقها.‏

فعندما نقول اخترنا السلام كخيار استراتيجي فهذا لا يعني أننا الغينا الخيارات الأخرى بل بالعكس فكلما ابتعد السلام عن التحقيق..كلما ظهرت أهمية وضرورة البحث عن طرق وحلول أخرى لاستعادة حقوقنا..وبالمقابل أكدنا في سورية على هذا الخيار..أي خيار السلام..منذ بدء عملية السلام مع تمسكنا بخيار المقاومة طالما أن السلام لم يتحقق وخصوصا أن الشريك المفترض في السلام هو طرف لا يؤمن بهذه المقولة أصلا وقدم لنا الدليل تلو الدليل بما يؤكد ذلك.‏

بمعزل عن المجازر العديدة في تاريخ إسرائيل تجاه العرب..وغيرها من الأدلة الأخرى..لكن هناك دليل واضح على لسان رئيس الوزراء الإسرائيلي اسحق شامير عند بدء عملية السلام عندما قال في عام 1991 سنجعل هذه العملية تستمر لعشر سنوات..يعني لن يتحقق السلام..وفعلا صدق..الآن وبعد خمسة عشر عاما لم يتحقق السلام..كانت إسرائيل تسوق قبل عملية السلام دائما في العالم أن إسرائيل تريد السلام وأن العرب يريدون الحرب..‏

وكانت مفاجأة لهم أن العرب قبلوا الدخول في عملية السلام فكان رد الفعل هو هذا التصريح العلني.‏

ولكن الحكمة العربية السائدة كانت تقول انه علينا أن نغمض أعيننا لكي نحرج إسرائيل أمام المجتمع الدولي الذي تم اختصاره ببضع دول موالية لإسرائيل مهملة ومهمشة كل ما تبقى من دول هذا العالم والتي تقف في معظمها معنا وتدعم قضايانا والنتيجة أننا نحن الذين أصبحنا محرجين أمام شعبنا العربي وفقدنا احترامنا ومصداقيتنا أمام أصدقائنا وخصومنا في آن واحد. هذه كانت المسؤولية العربية في فشل عملية السلام..ولكن ماذا عن مسؤولية الآخرين..طبعا باستثناء إسرائيل والولايات المتحدة في سلة واحدة..دول العالم بعد حرب 1973 حرب تشرين التحريرية اهتمت بالشرق الأوسط.. ركزت كل اهتمامها على منطقتنا وبدأ الحديث عن السلام واستمر هذا الحديث عن السلام حتى وصلنا إلى عملية السلام في مدريد..ومر طبعا هذا الموضوع في مراحل مختلفة..عندما اطمأنت معظم دول العالم المهتمة بأن عملية السلام أقلعت من خلال المفاوضات..سلمت العملية برمتها للولايات المتحدة وبقيت الولايات المتحدة الراعي الوحيد لهذه العملية..والتي بدورها سلمتها لإسرائيل..وبالتالي كان كل مقترح يأتي للعرب خلال تلك الفترة إما أن يكون مقترحا إسرائيليا أو مقترحا صادق عليه الإسرائيليون..وعندما أدركت معظم دول العالم أن العرب أسقطوا خيار السلام الحقيقي واستبدلوه بخيار سلام استرضاء إسرائيل والولايات المتحدة أداروا ظهرهم لعملية السلام ولنا واليوم فقط في هذه المعارك تذكروا عملية السلام وتذكرونا..طبعا نستبعد إسرائيل والولايات المتحدة من موضوع السلام..لأن إسرائيل عدو وكما قلت لا تريد السلام والسلام يفرض على إسرائيل إعادة الأراضي المحتلة لأصحابها وإعادة الحقوق..بينما هي عدو بني ولن يتغير على أساس العدوان والتوسع..أما الولايات المتحدة..فدائما نقول انها ضرورية لعملية السلام وأساسية من خلال موقعها كقوة عظمى ومن خلال علاقاتها مع الاطراف المختلفة..لكن ليس أي ولايات متحدة..هذه الإدارة تتبنى مبدأ الحرب الاستباقية وهي حرب مناقضة تماما لمبدأ السلام..وثبت بعد ست سنوات من مجيء هذه الإدارة بأنه لا يوجد سلام..وبالتالي لا نتوقع سلاما قريبا في المدى المنظور.‏

وهنا نتساءل..هل تذكرونا وتحركوا مؤخرا بسبب القتل والدمار الذي سببه الإرهاب الإسرائيلي في لبنان...بكل تأكيد لا.. فسنوات من القتل والتدمير ضد الفلسطينيين لم تجعلنا نسمع عن مبادرات وحلول ونشاط مكثف لمجلس الأمن كما هو الحال اليوم..هل تحركوا خوفا من الفوضى أو قلقا على أمن المنطقة الذي يعنيهم مباشرة... أمن المنطقة بكل تأكيد هو سبب كاف لهم لكي يتحركوا.. لكن المنطقة على حافة التفجير والانفجار.. منذ عدة سنوات .. فلماذا لم يتحركوا حتى هذه المرحلة.‏

الحقيقة أنهم لا يتحركون إلا عندما تتألم إسرائيل.. وإسرائيل لا تتألم إلا عندما نمتلك القوة..هذا يعني بالمحصلة النهائية أن العالم لن يهتم بنا وبمصالحنا ومشاعرنا وحقوقنا إلا إذا كنا أقوياء..سوى ذلك فانهم لا يفعلون شيئا.. إلا أن يدفعونا بأقوالهم باتجاه السلام.. ولكنهم يدفعوننا بأفعالهم باتجاه الحرب.. وهنا يتحملون مسؤولية ما يحصل..أقصد الدول المهتمة بعملية السلام والمعنية وبمعظمها دول أوروبية..وهنا نتساءل ما هو الدافع الذي يحرك البعض من مسؤولي تلك الدول لكي يرسل الرسائل ويصدر البيانات بشأن شخص دخل إلى السجن عندما خالف القانون...‏

ولاحقا نفاجأ بأنهم يرسلون لنا رسائل بأن شخصا موجودا في السجن وهو مصاب بوعكة صحية.. وهم قلقون جدا على الوضع الصحي لهذا الإنسان.. يعني ما هذا النبل...ما هذه الإنسانية... ما هذه العظمة...الآن نسال أين هؤلاء من المجازر التي حصلت في لبنان...كل هؤلاء الأطفال والنساء والشيوخ والدمار لم نر منهم شيئا.. لم نسمع أي تحرك.. لم تصلنا أية رسالة.. ولا احتجاج.. إلا بعض البيانات الخجولة..أنا أقول أن هذا أصاب مصداقيتهم بالصميم.. وهذا يعني أن هناك أهدافا أخرى لهذه الرسائل.. نحن نعرفها ولكن أعتقد بأن الأمور الآن أصبحت واضحة..أيضا نسأل ذلك المسؤول الفرنسي المتقد حماسة بشكل دائم ومستمر خاصة باتجاه سورية.. ونسأل هل سيطالب بلجنة تحقيق دولية لكي تحقق بمجزرة قانا فقط...ولا نتحدث عن بقية المجازر كما طالبوا بالتحقيق باغتيال الرئيس الحريري...‏

أم أن السبب والدافع كان هو أن المتهم الأول هو سورية وهذا دافع ومبرر والآن المتهم هو إسرائيل وهذا مانع...أم أن أطفال قانا والآخرين هم من الفقراء الذين لا يستحقون نظرة من هذا المسؤول.‏

نحن مقتنعون بأن الطريق الطبيعي لتحقيق السلام هو المفاوضات ولكن عندما يفشل هذا الطريق أو لا يتوفر أصلا.. فالمقاومة بأشكالها المختلفة هي البديل من أجل استعادة الحقوق.. والمقاومة ليست بالضرورة أن تكون فقط مقاومة مسلحة.. وانما ثقافية وسياسية وممانعة بالأشكال المختلفة..فإذاً دعم المقاومة هدفه السلام وليس الحرب وذلك من خلال الردع لمنع العدوان..وإن لم ينفع فمن خلال الحرب لتحرير الأرض.. وبالتالي فالمقاومة ليست نقيض السلام ولا بديلا عنه بل هي.. على الأقل.. في ظروفنا الحالية.. ضرورية من أجل تحقيقه..وإلا النتيجة ستكون خسارتنا معركة الحرب وخسارتنا معركة السلام.. خاصة أن إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة قد انتقلا نهائيا إلى اعتماد الخيار العسكري المبني على مذهب الحرب الاستباقية..‏

بينما بقينا نحن كعرب في مكاننا نتحاور ونتفاوض مع أنفسنا مقتنعين بسلام موعود مع طرف وهمي يحضر نفسه يوميا من أجل عدوانه القادم على المواطنين العرب.‏

هذا الموضوع.. موضوع المقاومة وضرورتها كان محل نقاش طويل وعبر سنوات ولأكثر من عقد من الزمن مع المسؤولين الأجانب والعرب.. وفي المرحلة قبل تحرير القسم الأكبر من الأراضي اللبنانية في عام 2000 كنا نناقش هؤلاء المسؤولين العرب والأجانب.. طبعا لا نستغرب أن لا يفهم الأجنبي منطقنا..‏