خرجت من الحرم النيوي بعد صلاة العشاء متأخراً بعض الوقت ، ومررت بساحته المضيئة متجهاً نحو النقطة التي حددتها لي أم المؤمنين ، فأنا زوج مطيع لأوامر الجهات العليا ولا أعرف العقوق ولا التمرد ، وتخطيت بعض أكوام البشر ، وبدأت أتمتم ببعض الأدعية والأذكار وأنا أتجه إلى الهدف المحدد مسبقاً ...
وكان أمامي رجل مكتمل الرجولة والأناقة ، يسير تارة ويقف تارة ، ولما أصبحت قريباً منه وفي مرمى صوته النشاز راعني منه أنه يكلم نفسه ، وصوته يعلو أحياناً ويهبط أخرى .
قلت : سبحان الله ! هل الأحداث التي تعيشها الأمة أثرت في كوابح هذا الرجل فجعلته يهذي بهذه الطريقة ؟ أم أنه من أولي الطباع المتمردة فتراه يذوق مرارة تمرده ؟
توقف الرجل وأصبحت قريباً منه أكثر وبدأت بعض كلماته تصل إلي ، نظرت من الخلف إلى يديه لعله يمسك بجواله فأدفع عنه تهمة الحديث مع نفسه فإذا بإحدى يديه يعدل فيها غطوة رأسه ( الغترة ) والأخرى في جيبه يخرج منها شيئاً لم يتضح لي كنهه بعد .
دفعني الفضول لأن أقترب منه وأخفف مابه ، ثم تراجعت خشية أن أصاب بمكروه ، ثم حاذيته ورمقته بنظرة خلسة فوجدته ....
ماذا وجدت ؟
أترك ذلك لفطنة القارىء .