هو المختارُ
"صلى الله عليه وسلم"
*****
من نبـع هديـك تستقـي الأنـوارُ

وإلـى ضيائـك تنتمـي الأقـمـارُ
***

رب العبـاد حبـاك أعظـم نعـمـةٍ

ديـنـا يـعـز بـعـزه الأخـيـارُ
***

حُفِظت بك الأخـلاق بعـد ضياعهـا

وتسامقت فـي روضهـا الأشجـار
***

وبعثـت للثقلـيـن بعـثـة سـيـد

صدقـت بـه وبديـنـه الأخـبـار
***
أصغت إليك الجن وانبهرت بما تتلوا

وعــم قلـوبـهـا استـبـشـار
***
ياخـيـر مــن وطــئ الـثـرى

وتشرفت بمسيره الكثبان والأحجـار
***
يامن تتـوق إلـى محاسـن وجهـه

شمـس ويفـرح أن يـراه نـهـار
***
بأبي وأمـي أنـت حيـن تشرفـت

بـك هجـرة وتشـرف الأنـصـار
***
أنشـأت مدرسـة النبـوة فاستقـى

مـن علمهـا ويقينـهـا الأبــرار
***
هـي للعلـوم قديمهـا وحديثـهـا

ولمنهـج الديـن الحديـث مـنـار
***

لله درك مــرشــدا ومـعـلـمـا

شرفـت بــه وبعلـمـه الآثــار
***
ربيـت فيهـا مـن رجالـك ثـلـة

بالحـق طافـوا فـي البـلاد وداروا
***
قـوم إذا دعـت المطامـع أغلقـوا

فمهـا وإن دعـت المكـارم طـاروا
***

إن واجهـوا ظلمـاً رمـوه بعدلهـم

وإذا رأوا ليـل الـضـلال أنــاروا
***
قـد كنـت قرآنـا يسيـر أمامهـم

وبـك اقتـدوا فأضـاءت الأفـكـار
***

عمـروا القلـوب كـمـا عـمـرت

فما مضوا إلا وأفئدة العبـاد عمـار
***
لو أطلـق الكـون الفسيـح لسانـه

لسـرت إليـك بمدحـه الأشـعـار

***
لو قيل مـن خيـر العبـاد لـرددوا

أصوات من سمعـوا هـو المختـارُ
***

لم لا تكـون وأنـت أفضـل مرسـلٍ

وأعز من رسموا الطريـق وسـاروا

***
ما أنت إلا الشمـس يملـؤ نورهـا

آفاقـنـا مهـمـا أثـيـر غـبـار

***

ما أنـت إلا أحمـد المحمـود فـي

كـل الأمـور بـذاك يشهـد غــارُ
***

والكعبـة الغـرّاء تشهـد مثلـمـا

شهـد المقـام وركنـهـا والــدارُ
***
يا خير مـن صلـى وصـام وخيـر

من قاد الحجيج وخير مـن يشتـارُ
***

سقطـت مكانـة شاتـم وجــزاؤه

إن لـم يتـب ممـا جنـاه الـنـارُ
***
لكأننـي بخطـاه تـأكـل بعضـهـا

وهنـاوقـد ثقـلـت بـهـا الأوزار
***
مـا نـال منـك منافـق أو كـافـر

بـل منـه نالـت ذلّـة وصَـغَـارُ
***
حلّقت في الأفـق البعيـد فـلا يـد

وصلـت إليـك ولا فــم مـهـذارُ
***
وسكنت في الفردوس سكنى من بـه

وبـديـنـه يتـكـفـل الـقـهـار
***
أعـلاك ربــك هـمـة ومكـانـةً

فلـك السمـو وللحـسـود بــوار
***
إنــا ليؤلمـنـا تـطـاول كـافـر

ملئـت مشـارب نفسـه الأقــذار
***
ويزيدنا ألمـا تخـاذل أمـة يسكـن

بـحــار غثـائـهـا المـلـيـار
***

وقفت على باب الخضـوع أمامهـا

وهـن القلـوب وخلفهـا الكـفـار
***
ياليتهـا صانـت محـارم دارهــا

مـن قبـل أن يتحـرك الإعـصـار
***

يا خير من وطئ الثرى في عصرنـا

جيـش الرذيلـة والهـوى جــرار
***
في عصرنا احتدم المحيط ولم يـزل

متخبطـا فـي مـوجـه البـحـار
***

جمحت عقول الناس طاش بها الهوى

ومـن الهـوى تتسـرب الأخطـار
***
أنت البشيـر لهـم وأنـت نذيرهـم

نعـم البشـارة مـنـك والإنــذار
***

لكنهـم بهـوى النفـوس تشربـوا

فأصابهم غبـش الظنـون وحـاروا
***
صبغوا الحضارة بالرذيلـة فالتقـى

بالذئـب فيهـا الثعـلـب المـكـارُ
***

مادانمـارك القـوم مـا نرويجهـم

يصغـي الرعـاة وتفهـم الأبـقـار
***

ما بالهـم سكتـوا علـى سفهائهـم

حتـى تمـادى الشـر والأشــرار
***
عجبا لهـذا الحقـد يجـري مثلمـا

يجري صديـد فـي القلـوب وقـار
***
يا عصر إلحاد العقـول لقـد جـرى

بك فـي طريـق الموبقـات قطـار
***
قربت خطاك مـن النهايـة فانتبـه

فلربـمـا تتـحـطـم الأســـوار
***

إنـي أقـول وللـدمـوع حكـايـة

عـن مثلهـا تتـحـدث الأمـطـار
***

إنــا لنعـلـم أن قــدر نبيّـنـا

أسمـى وأنّ الشانئـيـن صَـغَـارُ
***

لكنـه ألـم المحـب يزيـده شرافـاً

وفـيـه لـمـن يـحـب فـخـار
***
يشقي غثاة القـوم مـوت قلوبهـم

ويـذوق طعـم الراحـة الأغـيـار
(د. عبد الرحمن العشماوي)

*******
د. أبو شامة المغربي