صفحة 19 من 40 الأولىالأولى ... 9 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 29 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 217 إلى 228 من 475

الموضوع: مكتبـــــة أدب السيــــــرة الذاتيــــــة

  1. #217 رد: مكتبـــــة أدب السيــــــرة الذاتيــــــة 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36



    كتب مؤلفة في باب أدب مذكرات
    للحفظ على الرابط التالي:
    المذكرات
    حياكم الله

    د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
    aghanime@hotmail.com

    رد مع اقتباس  
     

  2. #218 رد: مكتبـــــة أدب السيــــــرة الذاتيــــــة 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36


    "ذكرياتي"
    طاغور
    للحفظ على الرابط التالي:
    الذكريات
    حياكم الله

    د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
    aghanime@hotmail.com

    رد مع اقتباس  
     

  3. #219 رد: مكتبـــــة أدب السيــــــرة الذاتيــــــة 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36


    "ذكريات باريس"
    الدكتور
    زكي مبارك

    للحفظ على الرابط التالي:
    الذكريات

    حياكم الله

    د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
    aghanime@hotmail.com

    رد مع اقتباس  
     

  4. #220 رد: مكتبـــــة أدب السيــــــرة الذاتيــــــة 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36


    "ذكريات عارية"
    الدكتور
    السيد أبو النجا
    للحفظ على الرابط التالي:
    الذكريات

    حياكم الله

    د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
    aghanime@hotmail.com

    رد مع اقتباس  
     

  5. #221 رد: مكتبـــــة أدب السيــــــرة الذاتيــــــة 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36



    "بغداد ذكريات ومشاهدات"
    الشيخ
    علي الطنطاوي

    للحفظ على الرابط التالي:
    الذكريات

    حياكم الله

    د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
    aghanime@hotmail.com

    رد مع اقتباس  
     

  6. #222 رد: مكتبـــــة أدب السيــــــرة الذاتيــــــة 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36


    حياة أحمد أمين في حياتي
    محمد عبد الله محمد الزامل

    يعتبر كتاب«حياتي» للمفكر الدكتور«أحمد أمين» رحمه الله من أمتع كتب السيرة الذاتية التي صدرت خلال النصف الثاني للقرن العشرين ذلك أن المرحوم أحمد أمين بما فطر عليه من حس علمي وتفكير موضوعي دقيق استطاع أن يعرض ويؤرخ لا لمسيرته العلمية والفكرية فحسب، وإنما كان عرضاً حراً ينشال بالحياة ويزخر بالمشاهد والصور قديماً وحديثاً فكان صورة ناطقة لتاريخ جيل وحقبة مهمة من حقب النهضة العربية الحديثة في أواخر القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، وقد عرض فيه لمختلف مراحل حياته وسيرته الفكرية والعلمية مبتدئاً بالبيئة التي ولد فيها ومنتقلاً لدراسته وتعليمه والمناصب الوظيفية والرسمية التي تقلدها وزواجه وأسرته وأحزانه والدراسات الفكرية والعلمية التي حققها ونشرها عابراً أثناء ذلك أجواء التطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للمجتمع المصري مسجلاً خلاله لملاحظاته العميقة والهادفة على مختلف مناحي الحياة وجوانبها، ثم مرحلة الإحالة على المعاش والمرض وما انتهى إليه من فلسفة في الحياة والأحياء، كل ذلك بأسلوب علمي مبسط مشرق خال من الحشو والتعقيد.
    ولادته:
    ولد أحمد أمين في الأول من شهر أكتوبر لعام 1886م، أي بعد الاحتلال البيرطاني لمصر بأربع سنوات وهي فترة مضظربة أشد الاضطراب في التاريخ المصري الحديث واستمر أثرها طويلاً في الأحداث التالية لهذا الاحتلال.
    والده:
    والده هو الشيخ إبراهيم الطباخ وفيما بعد فقد ضاعت نسبته إلى الطباخ واشتهر باسمه الأول وهو أحمد أمين فقط وهو في الأصل من بلدة سخراط من أعمال البحرية وينتمي لأسرة من الفلاحين المصريين إلا أن مظالم السخرة وظلم تحصيل الضرائب أخرجه هو وأخوه الأكبر من بلدتهما تاركين أطيانها حلاً مباحاً لمن يستولي عليها ويدفع ضرائبها، وقد سكن الأخوان في بيت صغير في حارة متواضعة في حي المنشية بقسم الخليفة في القاهرة وهو أكثر أحياء القاهرة عدداً وأقلها مالاً وأسوأها حالاً، وسرعان ماصار الأخ الأكبر صانعاً كسوباً ووجه أخاه الأصغر أبو أحمد أمين إلى التعليم في الأزهر حيث تقدم في دراسته الأزهرية وعمل مصححاً بالمطبعة الأميرية ببولاق أحياناً ومدرساً في مدرسة حكومية وإمام مسجد، وكان يحب نسخ وجمع الكتب المختلفة من تفسير وفقه وحديث وكتب اللغة والأدب والتاريخ مما كان له أثر كبير في بذور الثقافة الأولى التي تلقاها أحمد أمين وتركت في نفسه أثراً مفعماً وعميقاً.
    بيته وحارته:
    كان بيت أحمد أمين هو أول مدرسة تعلم فيها دروس الحياة وكان طابع البيت البساطة والنظافة، وكان البيت محكوماً بالسلطة الأبوية المطلقة وكان اهتمام الأب بتعليم أبنائه فائقاً تشم رائحة الدين في البيت ساطعة زكية، ويربي الأب أبناءه تربية دينية ملتزمة منتظمة فيوقظهم لصلاة الفجر ويراقبهم في أوقات الصلوات الأخرى ويسائلهم متى صلوا وأين صلوا ويصوم رمضان ويزكي ويحج البيت الحرام، وعن هذه المرحلة يتحدث أمين بقوله: «وبعد فما أكثر ما فعل الزمان لقد عشت حتى رأيت سلطة الآباء تنهار وتحل محلها سلطة الأمهات والأبناء والبنات واصبح البيت برلماناً صغيراً ولكنه برلمان غير منظم ولا عادل فلا تؤخذ فيه الأصوات ولا يتحكم فيه الأغلبية ولكن يتبادل فيه الاستبداد فأحياناً تستبد فيه الأم وأحياناً البنت أو الابن قلما يستبد الأب وكانت ميزانية البيت في يد صراف واحد فصارت في أيدي صرافين وتلاعبت بها الأيدي وكثرت مطالب الحياة وتفرعت ولم تجد واحداً يعدل بينها ويوازن بين قيمتها فتصادمت وتخاصمت وكانت ضحيتها سعادة البيت وهدوؤه وطمأنينته.
    وكانت الحارة التي نشأ فيها هي مدرسته الثانية وينتقل بنا الأستاذ أحمد أمين إلى عرض نابض بالحياة للحارة التي قضى طفولته ومراهقته فيها حيث كانت الحارة تمثل الحياة القاهرية المصرية في صميم واقعها قبل أن تغزوها المدنية المعاصرة حيث تمثل في تركيبتها السكانية الواقع الطبقي للمجتمع المصري آنذاك، وما يصاحب هذا الواقع من أخلاق وسلوكيات وأنماط معيشية واقتصادية وترفيهية.في الكُتاب: يذهب أحمد أمين في طفولته المبكرة إلى الكُتاب لتعلم القراءة والكتابة ويحفظ القرآن، ولا يخفى على القارئ المرارة في حديث الأستاذ عن هذه الكتاتيب حيث كانت تقوم في أماكن كئيبة ومظلمة وتمارس في التعليم أساليب عقيمة من ضرب وتعليق وزجر ونهر تميت الروح والجسد وتؤدي في النهاية إلى كره الطفل للعلم والتعليم وتنفيره منه بل الخروج من الكُتاب إلى غير رجعة ثم ينتهي من ذلك كله إلى مقارنة بين تعليم الأطفال في سن طفولته والتعليم الحديث في رياض الأطفال حالياً والفرق الشاسع والبون العظيم بين العمليتين والتربويتين على أنه يخشى أن يكون هناك إفراط في الخشونة في أيامه وإفراط في التنعيم على أيام أبنائه.
    في المدرسة والأزهر:
    خرج أحمد أمين من الكتاتيب الكريهة كما دعاها ذات الأساليب العقيمة إلى المدرسة الابتدائية حيث دخل مدرسة «أم عباس» أو كما تدعى رسمياً « والدة عباس باشا الأول» وكانت مدرسته نموذجية بنيت على أحدث طراز وأجمله، حيث ارتدى أحمد أمين بدلة حديثة بدلاً من الجلبات وطربوشاً عن الطاقية وأحس علو القدر ورفعة منزلته عمن كان يختلط بهم من تلاميذ الكتاب وأبناء الحارة، وكان التعليم في المدرسة يتم وفقاً لأحدث الأساليب التربوية آنذاك حيث تعلم فيها الجغرافيا والتاريخ والحساب واللغة الفرنسية، على أنه صرف عن التركيز على دروسه المدرسية بما أعده له أبوه من برنامج غريب ومتناقض محتواه العلوم التقليدية من نحو وصرف وبلاغة ... الخ، مبعثه حيرة الوالد في مستقبل ابنه هل يوجهه إلى التعليم الديني في الأزهر أم التعليم المدني من ابتدائي إلى الثانوي ثم إلى الجامعة وهو برنامج مرهق صعب التحمل لتناقضه وإرهاقه النفس والبدن وعدم القدرة على الجمع بينها، وعلى كل حال يمضي أحمد أمين أربع سنوات حافلة في هذه المدرسة ثم يستخير الوالد الله سبحانه ويخرجه من المدرسة إلى الأزهر.وهاهو ذا أحمد أمين في الرابعة عشر من عمره يلبس القباء والجبة والعمة والمركوب بدل البدلة والطربوش والجزمة ويكون منظراً غريباً على من كان يراه سابقاً بملابسه الحديثه مما سبب له ضيقاً وخجلاً وإحراجاً ويحس بالعمامة تقيده وتمنعه من المرح واللعب والجري وبأنه شاخ قبل الأوان والطفل إذا تشايخ كالشيخ إذا تصابى كلا المنظرين ثقيل بغيض كمن يضحك في مأتم أو يبكي في عرس.
    ويصل إلى الأزهر استعداداً للدرس وطلب العلم حيث يرى حلقات الطلاب مستديرة أمام كل شيخ والشيخ يقرأ ويفسر ويقرر والطلاب منصتون أو يجادلون الشيخ فيما لا يفهمون، ويخرج إلى صحن الأهر فيراه سماوياً غير مسقوف ومبلطاً غير مفروش والخبز منشور على الملاءات ليجف، ويعقد أحمد أمين مقارنة حزينة في ذات نفسه بين مدرسته القديمة والأزهر الجديد عليه، ثم يصف نظام التعليم بالأزهر آنذاك وكان نظاماً حراً لا يعني بالطالب فيه وشأنه فإذا لم يرزق بمرشد يرشده غرق في هذا البحر الذي لا ساحل له إذ لا حضور ولا غياب ولا امتحانات ولا يسأل أحد الطالب ماذا صنع وكان توقيت الدروس بمواقيت الصلوات.وفي الأزهر يتعرف على شخصية المصلح الشيخ محمد عبده رحمه الله ويتأثر بآرائه الإصلاحية ولو أنه حضر دروسه لمدة قصيرة.
    في طنطا والإسكندرية:
    لم يمكث احمد أمين في الأزهر سوى سنوات معدودة أحس بعدها بظلام المستقبل وطول الطريق بغير جدوى، وهاهو يحاول أن يعثر على وظيفة مدرس بطنطا فيتقدم إليها ويسافر إلى طنطا باكياً شاكياً من فراق بيته وأهله ويتعثر الفتى في طنطا وتظطرب أموره وتفكيره فيستقيل ويعود إلى القاهرة بعد شهر ويسجل احمد أمين عجبه من مقارنة حاله وابنائه في سنه تلك حيث يسافرون ويعودون فرحين مغتبطين غير عابئين بشيء فيعجب لسرعة تطور الجيل في الزمن القصير.وبعد سنتين من سفره إلى طنطا يعثر على وظيفة مدرس في الإسكندرية بمدرسة«راتب باشا» وقد كانت هذه الخطوة نقطة تحول في حياته إذ التقى في الإسكندرية بمعلمه الثاني بعد أبيه الشيخ عبدالحكيم بن محمد وكان شيخاً مدرساً فاضلاً ذا بصر وخبرة بالدين والدنيا وأهلها ومن ثم استفاد من شيخه فوائد جمة وأخرجته صحبته له من عادات وأفكار كثيرة، وتعلم الدنيا التي ليست في الكتب وبالجملة فقد كانت فائدته من أستاذه كبيرة في مستقبل حياته.
    في مدرسة القضاء الشرعي:
    في عام 1907م تقرر افتتاح مدرسة القضاء الشرعي بعد اقتراح ذلك من قبل المصلح الشيخ محمد عبده رحمه الله لتخريج قضاة شرعيين مؤهلين تأهيلاً علمياً حقيقياً وصالحين للغاية من إعدادهم وتقدم أحمد أمين إلى المدرسة وتم قبوله بعد لأي لقصر نظره، ويدرس العلوم الإسلامية والفقهية والبلاغة والأدب والتاريخ إلى جانب العلوم الحديثة كالجغرافيا والعلوم والحساب والهندسة ويقضي فيها أربع سنوات في القسم العالي وينجح بتفوق بعد امتحان عسير لا رحمة فيه ويعين معيداً في مدرسة القضاء بعد تخرجه فيها بعد أن عين قاضياً في الواحات لمدة قصيرة حلاً لمشكلته المزمنة مع قصر النظر، ولعل أهم ما استفاد في مدرسة القضاء هو تعرفه وتأثره بشخصية مشهورة من شخصيات عصره هو عاطف بك بركات ناظر مدرسة القضاء، فقد وجد فيه الأبوة الروحية الحقيقية نظراً لما اشتهربه عاطف بك من حزم وبصيرة ورؤية نافذة هذا مع التزام الحق والعدل حتى في أمس الظروف وأحلكها، خاصة أن أحمد أمين قد عين معيداً في مادة الأخلاق التي كان يدرسها عاطف بك وبذلك توثقت العلاقة أكثر بين الأستاذ وتلميذه وخلال هذه المرحلة أحس بحاجته الشديدة إلى تعلم لغة أجنبية تكون معيناً له على استكمال ثقافته وانفتاحه الحضاري وبناء شخصيته العلمية ولينظر إلى الدنيا بعينين لا بعين واحدة.
    يتعلم اللغة الإنجليزية:
    ابتدأ أحمد أمين تعلم الإنجليزية وهو شاب في السابعة والعشرين بعد أن جرب حظه في تعلم الفرنسية فأخفق، وابتدأ بالكتب الدراسية في مدرسة برلتز ثم انتهى به المطاف إلى سيدة إنجليزية في الخامسة والخمسين من عمرها تدعى «مس بور» قضى معها بضع سنوات ووجهت إليه كامل عنايتها من الناحية التعليمية ومن الناحية التربوية حيث عنيت بتدريب ذوقه وإحساسه بالجمال والطبيعة من حوله وكانت تردد عليه دائماً « تذكر انك شاب» إلا أن هذه السيدة الفاضلة قد أصيبت بمرض عقلي رحلت على أثره إلى بلادها وانقطعت علاقته بها منذ ذلك الحين وقد وفق بعد ذلك في معرفة سيدة إنجليزية شابة وزوجها فكان يعلمها العربية وتعلمه الإنجليزية وتغذي أحاسيسه برقتها وصفائها وطهارتها، واجتاز هذه المرحلة فصار وكما قال بعد أن كان ينظر بعين صار ينظر بعينين، واستفاد من ذلك بسعة الأفق والسياحة الحضارية في الثقافة العالمية وانعكس ذلك وكان أثر ذلك واضحاً جلياً في أسلوبه المباشر المشرق البسيط.
    المدارس الفكرية وبدايات النشر:
    ثم يستطرد الأستاذ أحمد أمين في تجاربه الحياتية حيث يجمعه القدر ببعض الخريجين من جامعات فرنسا وجامعات بريطانيا حيث يستفيد من تجاربهم وخبراتهم ويشاركهم في أحاديثهم وأفكارهم فتكون مائدة من طعوم مختلفة ويتم الاتفاق بينهم على تأليف لجان متعددة تعنى بشؤون مصر المختلفة تبحث أوضاعها فلجنة للناحية السياسية ولجنة للنواحي التعليمية وهكذا... وعصفت الأحداث بهذه اللجان الواحدة تلو الأخرى ولم يثبت منها سوى لجنة التأليف والترجمة والنشر والتي كانت مناراً مضيئاً في سماء الثقافة والعلم لا في مصر وحدها بل الشرق العربي كله.
    زواجه وأسرته:
    ثم يتحدث بعد ذلك عن الزواج وتجربته الحياتية والوجدانية مع هذا الحدث الهام في حياة كل إنسان واصفاً كيف كان الزواج في بيئته وطبقته في ذلك الزمان وما لقيه من العنت والمشقة حتى وفق أخيراً إلى الزوجة التي ارتضاها ورضته وكيف وقفت عمته وزيه الديني عائقاً في سبيل زواجه نظراً لقصور نظر الكثرين وتركيزهم على المظهر دون المخبر.وحياته الزوجية بصورتها الإجمالية اليومية ورأيه في كثرة النسل وقلته وما يؤدي إليه ذلك من رقي الأمم وتأخرها وكيف تغلب رأي الزوجة ومعارفها على رأيه من ناحية كثرة الأولاد، وكذلك بعض المشاكل الأسرية كمشاكل الخدم وما لقي منها وكيفية التعامل مع السيدات وأن العقل والمنطق الخاص هو آخر ما يتم التفاهم به معهن وذلك لغلبة العاطفة والشعور والإحساس على تكوين المرأة.ويقوم بتربية أولاده ويعني بالولد الأول لظنه بأنه سوف يكون قدوة لبقية أخوته وكيف كان قاسياً في تربيته لأولاده الأولين ثم كيف تغيرت معاملته لهم بالزمن وأنه لم يجد فرقاً يذكر بين أولهم وآخرهم.
    أحمد أمين والحركة الوطنية:
    شارك أحمد أمين كمعظم أبناء جيله في الأحداث السياسية التي عصفت بمصر بعد الحرب العالمية الأولى إبان مراحل الكفاح الوطني ضد الاحتلال الإنجليزية كما شارك بفعالية وحماسة في هذه الحركة الوطنية وعن طريقها تعرف إلى معظم القياديين الوطنيين إبان تلك المرحلة من تاريخ مصر. كسعد باشا زغلول وعاطف بك بركات وغيرهم ولا تمر تلك المرحلة من حياته بسلام فها هو ينقل من مدرسة القضاء بعد أن كان أستاذاً بها إلى القضاء قاضياً شرعياً بمحكمة قويسنا الشرعية ومع ذلك فلم يستمرئ القضاء ولم يسعد به فكل ماكان يمر به ويراه أرحام تقطع وأسر قد خرجت وقد استفاد من عمله في القضاء الدراسة الاجتماعية ومشاكلها، وكان لا يعول في أحكامه القضائية على مرافعات المحامين وتزويقهم وإنما يعمد إلى حل المشاكل الأسرية من أطرافها مباشرة ومن ثم معالجتها بالنصح والتوفيق والصلح أو بالفراق إذا لم يكن جدوى من الصلح.ثم يعلق على منصب القضاء الشرعي بما يحلو له من ملاحظات واستنتاجات عقلية واجتماعية استوعبها عقله الذكي الحساس أثناء فترة عمله قاضياً لأربع سنوات متتالية.
    أحمد أمين والحياة الأكاديمية:
    توفي والد الأديب أحمد أمين وهو قاضٍ شرعي ومن بعده أستاذه الروحي عاطف بك بركات وبنفوذ صديقه «طه حسين» عميد الأدب العربي يعين الأستاذ أحمد أمين أستاذاً بكلية الآداب بالجامعة المصرية، ويدخل بذلك إلى العالم الأكاديمي، وهو عالم غريب عليه كل الغرابة إذ بدأ حياته العلمية أزهرياً ومن ثم أتم دراسته في دار القضاء وعمل في التدريس فيها قاضياً وهاهو ذا يحتل مكانه كأستاذ في كلية الآداب بين أساتذتها المصريين والإنجليز والفرنسيين والبلجيك وينتظم في سلكهم ويلاحظ اضطراب الجو الدراسي وكون النسيج الجامعي مهلهلاً في كلية الآداب وهو يستفيد من تجاربه الأكاديمية من حيث الكيف والكلم ويلاحظ أجواء الصراع في الكلية وتداخل السياسة والعلم.
    ثم تحدث أعجوبة في حياته على حد تعبيره إذ يعين عميداً لكلية الآداب ويغرق حتى لجة رأسه في الأعمال الإدارية الروتينية فحتى شراء مكنسة يعرض عليه ويظل عميداً للكلية لمدة سنتين ثم يحدث مايسبب استقالته من العمادة فيستقيل ويعود إلى عمله العلمي بين الكتب والبحث العلمي.وإذ ذاك تسفر له الحياة عن وجه قبيح من وجوهها المتعددة من إنكار للجميل والطعن في الظهر والتنكر لرابطة الأستاذية التي يراها رحمه الله من منظوره الخاص أقوى الروابط وأجلها بين الناس، وكان ذلك درساً من دروس الحياة لا ينسى.
    وأثناء عمله بكلية الآداب يقوم برحلات متعددة إلى العراق والشام ويمر بتلك الديار وهي في طور النهضة العربية الحديثة والانعتاق من ربقة المستعمر البغيض ويسجل انطباعاً ومشاهداته عن تلك الأقطار ولا ينسى أن يسجل آلامه لتخلف بلاد العرب وعدم استغلالها لثرواتها قدراتها نحو النهضة وما تعانيه من أدواء وأمراض في الاقتصاد والأخلاق والمجتمع والساسة ويسجل ما يراه من اقتراحات علمية وواقعية لتطوير بلاد العرب والنهوض بها نحو الرقي والأخذ بأسباب الحضارة.
    ويزور أوربا بعد ذلك ضمن وفد مصر إلى مؤتمر فلسطين باقتراح من صديقه الأستاذ العلامة أحمد لطفي باشا السيد وزير الخارجية المصرية آنذاك، ويسافر ويركب الطائرة لاول مرة في حياته فيصف انطباعه ومشاعره آنذاك ويصل إلى لندن وتبدأ المفاوضات ويتقدم فيجد نفسه على المائدة أمام مستر بيقن وزير خارجية بريطانيا ومعه وزير المستعمرات البريطاني وتنتهي المفاوضات من دون نتيجة تذكر، وتكون فرصة للأديب والعالم أحمد أمين ليزور بريطانيا ويتعرف على جوانب الحياة فيها والنواحي السلبية والإيجابية لهذه البلاد ولا ينسى أن يسجل إعجابه بالتنظيم الدقيق لحياة الإنجليز والروح الديمقراطية التي يتميز بها هذا الشعب الحضاري، وتلك الحياة الهادئة المنظمة المريحة التي يحيونها ولا يفوته أن يسجل تعجبه واشمئزازه من هذا التباين الصارخ بين حياة الإنجليز في بلادهم وسياستهم في المستعمرات.

    المصدر
    حياكم الله

    د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
    aghanime@hotmail.com

    رد مع اقتباس  
     

  7. #223 رد: مكتبـــــة أدب السيــــــرة الذاتيــــــة 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36


    الحقيقة الملتبسة
    ضمن منشورات شركة النشر والتوزيع المدارس - الدار البيضاء، في المغرب صدر كتاب جديد بعنوان:
    "الحقيقة الملتبسة: قراءة في أشكال الكتابة عن الذات"
    لصاحبه
    محمد الداهي
    الباحث والناقد المغربي المعروف الذي صدر له من قبل عدة كتب تربوية ونقدية، منها:
    - القراءة المنهجية للنص الحكائي، دار وليلي ط1، 1996.
    - عبد الله العروي: من التاريخ إلى الحب، الفنك، ط1 ،1977.
    - دينامية الإقراء: أوراق عبدالله العروي مثالا، دار وليلي، ط1، 1997.
    - التشخيص الأدبي في رواية الفريق لعبد الله العروي، دار الأمان، ط1 - 2005.
    - سيمائية الكلام الروائي، منشورات المدارس، ط1، 2005.
    يقع الكتاب في حوالي 200 صفحة (حجم متوسط)، ويتكون من ستة فصول ومقدمة وخلاصة، وتكمن أهمية الكتاب في تبني مرتكزات مشروع فيليب لوجون إطارا نظريا، وتطعيمه باجتهادات باحثين آخرين (أمثال فاصون كولونا وداريوسيك ماري) من أجل إطار نظري ومنهجي وتحليلي يستوعب مختلف أشكال الكتابة عن الذات، كما يضطلع الكتاب بهدف تصنيفي يقوم بموجبه الباحث بإعادة تصنيف نصوص اشتهرت إما بانتمائها إلى أدب الرحلة أو السيرة الذاتية.
    فصول الكتاب:
    - الفصل الأول : منابع الحداثة في المشروع السيرذاتي لابن خلدون (صص19-56).
    - الفصل الثاني: السندات السير ذاتية (صص57-74).
    - الفصل الثالث: محكي الحياة النسائية (صص75-108.
    - الفصل الرابع: شعرية التشخيص في المشروع السير ذاتي لمحمد شكري (صص109-119).
    - الفصل الخامس: الذات وظلالها (صص120-156).
    - الفصل السادس: منزلة "التخييل الذاتي" في المشهد الأدبي 'صص157-184).
    وقد قدم الباحث لكتابه هذا بمقدمة ابرز من خلالها السياق الخاص للاهتمام بأشكال الكتابة عن الذات (اتساع دائرة الكتابة عن الذات والاهتمام بالتجارب الفردية وعدم اهتمام الدراسات النقدية العربية بها) والسياق العام الموضوعي (اهتمام وسائل الإعلام الغربية بهذه الأشكال ، ووجود هامش ديموقراطي، وما شهده التعليم من انتشار، وشيوع المدونات )، كما اختتم الباحث كتابه بمجموعة من الخلاصات، لعل أهمها، اعتبار كتاب ابن خلدون "التعريف بابن خلدون ورحلته غربا وشرقا" مشروعا سيرذاتيا حداثيا، وتثمين دور السندات في إضفاء طابع مرجعي وتخييلي على السير الذاتية الذهنية، مع تحديد أسباب ضعف أدبية محكي الحياة، ممثلة في ضعف الوظيفة الشعرية وقوة الوظيفة المرجعية.
    كما وضح الكتاب أن المشروع السير ذاتي لدى محمد شكري قد عرف طفرة نوعية تجسدت في الانتقال من "استراتيجية المعيش" إلى "استراتيجية التخييل"، وتوصل الباحث إلى أن قراءة الأعمال السيرذاتية والروائية عند عبد الله العروي تستلزم مقاربة نسقية تأخذ بعين الاعتبار التساند الحاصل بين أعمال العروي الإبداعية جميعها، وانتهى إلى إعادة تصنيف دليل العنفوان ، لعبد القادر الشاوي، ومثل صيف لن يتكرر، لمحمد برادة، بإخراجهما من دائرة السيرة الذاتية إلى دائرة التخييل الذاتي.
    ومن هنا يتضح لنا، إن كتاب "الحقيقة الملتبسة" لمحمد الداهي، يأخذ قيمته من تحليله لعينات من المشاريع الذاتية القديمة والحديثة، وفق منظور يقوم على تثمين هذه الأشكال، ويطالب بمقاربتها وقراءتها اعتمادا على خصوصياتها التلفظية
    والموضوعاتية والشعرية والوظيفية.
    المصدر

    حياكم الله

    د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
    aghanime@hotmail.com

    رد مع اقتباس  
     

  8. #224 رد: مكتبـــــة أدب السيــــــرة الذاتيــــــة 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36


    "سيرة (أديـب) لطه حسين بين الذاتي والغيري"
    الدكتور
    جميل حمداوي
    للحفظ على الرابط التالي:
    السيرة الذاتية
    حياكم الله

    د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
    aghanime@hotmail.com

    رد مع اقتباس  
     

  9. #225 رد: مكتبـــــة أدب السيــــــرة الذاتيــــــة 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36


    مع الكاتبة المغربية الزهرة رميج في حلقة نقديةبمختبر السرديات:
    "أخاديد الأسوار"
    بين الرد بالكتابة والتخييل الذاتي
    • مونى تيموياس
    اعترافا منه بأهمية الكتابة النسائية ودورها في التعريف بقضايا المرأة والمواضيع التي تشغلها، ورغبة في التعرف على خصوصية هذه الكتابة على المستوى الموضوعاتي و الأسلوبي؛ نظم مختبر السرديات يوم الخميس 15 ماي 2008 برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك الدار البيضاء، جامعة الحسن الثاني المحمدية، ندوة علمية تحت عنوان "فاكهة الكتابة" في لقاء مع الكاتبة المغربية الزهرة رميج باعتبارها واحدة من الكاتبات اللواتي اتخذن من الكتابة وسيلة للتعبير عن الذات الفردية والجماعية، ومتنفسا لمواجهة الصمت.
    والمتتبع للساحة الأدبية سيلمس التطور الذي عرفته الكتابة النسائية، خاصة في السنوات الأخيرة، حيث برزت إلى الوجود أعمال ناضجة على مستوى الكم والكيف معا، وهذا دليل على إصرار المرأة على إثبات الذات ورغبتها في التمتع بكامل هويتها.

    وبالعودة إلى الزهرة رميج نجدها قد أثبتت بالفعل مكانتها وقدراتها الأدبية، وذلك من خلال سلسلة الأعمال الإبداعية التي أنتجتها خاصة في السنوات الأخيرة، وهي أعمال لم تبق مقيدة داخل جنس أدبي واحد، بل وجدناها تنفتح على القصة القصيرة والرواية والترجمة.
    وهذا ما يكسب عنوان هذا اللقاء "فاكهة الكتابة" أهميته من حيث دلالته على خاصية التنويع والغنى الذيي يميز كتابة رميج، غنى يمكن لمسه أيضا داخل نصوصها على مستوى الأسلوب.
    هكذا إذن تم افتتاح اللقاء بكلمة رئيس الجلسة بوشعيب الساوري الذي أعرب عن سرور مختبر السرديات باستضافة هذه الكاتبة للمرة الثانية، مشيرا إلى أن الكتابة عندها ليست ترفا فنيا بقدر ماهي مسؤولية وموقف من العالم،يقاوم الغربة والنبذ والإقصاء مدافعا عن القيم الإنسانية النبيلة يبعثها ضوءا ينير به ظلام العالم.

    ثم قدم الساوري بعد ذلك، نظرة موجزة تبرز خصوصيات الكتابة في أعمالها الإبداعية:
    في مجموعة أنين الماء هناك تصريف لكثير من المواقف في قالب حكائي تتلخص في الانتصار للجوهر الإنساني من خلال الاحتجاج على المظاهر السالبة لحرية الإنسان وكرامته.
    في مجموعة نجمة الصباح يتحقق الإنصات اليومي ومفارقاته بوعي متمسك بالقيم النبيلة المفتقدة، راصدا لتحولات المجتمع السلبية بوعي ينشد الكونية والإنسانية، مع التركيز على شخصيات مثيرة، تعيش صراعا بين قيم الخبر والشر، في قالب يعانق العجائبي.
    أما رواية "أخاديد الأسوار" فإنها تنفتح على ما هو حميمي وما ترتبط به من أحاسيس وعواطف خاصة بالفقد، من خلال التجربة السجنية للأقارب مع حضور قوي للجسد المعذب الحزين المشتاق، بلغة سردية مونولوجية تتلون بالبوح والمكاشفة والهمس، رواية تمتزج بالتخييل الذاتي مع استطرادات كثيرة يفرضها وضع الساردة المأزوم.
    أسلوبية التخييل الذاتي
    الورقة النقدية الأولى بعنوان "أخاديد الأسوار أو انبعاث الفينق :الأسئلة الانطولوجية والاجناسية والأسلوبية" ساهم بها الناقد والباحث عثماني الميلود استهلها بالإشارة إلى أهمية ودلالة هذا الانتشار الواسع للكتابة عن الذات، في الأدب المغربي المعاصر، مبرزا أن ذلك نابع من الحاجة الماسة لدى كتَّابِ هذا الصنف من الكتابة، في تقديم صورة عن الذاكرة والحاضر والهوية وفق رؤية منبثقة من التصورات الذاتية والأحاسيس والمواقف الخاصة.
    وقد ركز الباحث، في عرضه، على ثلاثة جوانب أساسية ذات طبيعة تصنيفية ووجودية وأسلوبية (الانتماء الأجناسي لـ"أخاديد الأسوار"، والمحتوى الوجودي، وعينة من الخصائص الأسلوبية )، وأكد أن "أخاديد الأسوار" للزهرة رميج، تندرج ضمن خانة "التخييل الذاتي" لتغليب البرنامج التخييلي على البرنامج الأوطوبيوغرافي، وذلك من خلال تعميق الهوة بين مضمون الذكريات وشكل الكتابة، وعليه، فإن "الأخاديد" هي تخييل ذاتي يعاد من خلاله بناء الهوية الذاتية، عبر الإجابة عن سؤال: من أكون؟ وبناء الصور الغيرية، والإجابة عن سؤال: من كان؟ مع التأشير إلى نهاية التاريخ وصبغه برؤية طللية تراجيدية .وقد توقف المتدخل، أيضا، عند مجموعة خصائص أسلوبية وجمالية، تميز "أخاديد الأسوار"، وهي التفصيل والتفاصل، والتقصيص والتقاصص، وتعدد الخطابات المتخللة، والنزعة المنولوجية، ليختتم مداخلته بالإشارة إلى أن "أخاديد الأسوار" للزهرة رميج، هو نص ينضاف إلى رأسمال التخييل الذاتي المغربي، مسهماً بذلك في تمتيع التعبير الأدبي الذاتي بأقصى درجات التجنس واتساع المعنى.

    الكتابة والمقاومة
    الورقة النقدية الثانية تدخل بها الباحث والناقد إدريس الخضراوي مؤكدا فيها أنه مهما يكن الاجتهاد الفكري الذي تقدمه الزهرة رميج في هذه الرواية الاستعادية، فإن أخاديد الأسوار هي إضافة حقيقية للمنجز الروائي المغربي المعاصر، خاصة ذلك المتن الخاص منه، والذي اضطلع بتعرية الأوهام، وإضاءة القسوة التي تجرعها جيل بأكمله في سبيل الإيمان بالتغيير.

    لذلك فالظروف الصعبة التي كابدها هؤلاء المناضلون، ومنهم زوج البطلة الساردة في هذه الرواية، هي التي أملت على الكاتبة تمثيلها بهذه اللغة الشاعرية المتدفقة التي ترحل بها إلى مهاد بعيدة تلامس فيها التجربة في صفائها وقوتها، وأعتقد أن هذه الإضاءة التي تنجزها الرواية تمثل ملمحا من ملامح الكتابة الاستعادية، حيث صورة ما هو غائب مختلطة مع أشياء وأحداث راهنة، تمثل مصدرا أساسيا للفهم، والبئر التي ننهل منها ماء الحياة نفسها.
    وقبل اختتام هذا اللقاء تدخل عدد من المناقشين من بينهم:
    شعيب حليفي الذي أبدى بعض الملاحظات حول الرواية حيث أدخلها ضمن التخييل الذاتي الجمعي، مقترحا مصطلح الثأر بالكتابة بدل الرد بالكتابة، وأكد في الأخير على مغربية الرواية، لأنها حافظت على الهوية المغربية على مستوى الصوت والموضوع.

    وفي إطار مسألة التجنيس تدخل كل من سالم الفائدة وإبراهيم أزوغ، وتساءل الأول عن الحدود الفاصلة بين الرواية والتخييل الذاتي، ودور هذا الأخير في الدفع بعجلة الكتابة المغربية نحو الأمام، في حين دعا الثاني إلى ضرورة تحديد نسق مفاهيمي يمكننا من التمييز بين النوعين.
    ثم تدخلت سلمى براهمة مستفسرة عن مدى وعي الكاتبة زهرة رميج بالشكل الأدبي الذي تكتب ضمنه،وهل يفترض في الكاتب أن يكون واعيا بذلك؟ ثم تطرقت لخاصية التفصيل والتفاصل التي اعتبرها الناقد عثماني سمة مميزة للتخييل الذاتي، واعتبرت أنها ليست كذلك لأننا نلمسها في أجناس أخرى، كما تدخل الطاهر محفوظي طارحا سؤال: لمن نكتب؟ متحدثا عن تجربته في روايته "أفول الليل".
    وفي الأخير تدخل أنيس الرافعي الذي عبر عن اندهاشه من النزعة الشيزوفرينية للكاتبة وقدرتها على الكتابة في مجال القصة والرواية معا، ودعا إلى تغيير مصطلح "الثأر بالكتابة" لأنه يغفل الجانب الجمالي في النص.
    وفي الختام أعطيت الكلمة للكاتبة الزهرة رميج التي مهدت لشهادتها ببعض الإجابات، مؤكدة على البعد الإنساني لكتابتها، وعن عدم فرضها لقوالب جاهزة.

    شهادة الزهرة رميج
    لا أفكر في الكتابة قبل الكتابة، غالبا ما تطرح علي أسئلة مثل:
    - لماذا التنوع في الكتابة؟
    - لماذا هذا التشتت الذي لا يسمح بخلق التراكم في جنس واحد، ولا يساعد على تثبيت الأقدام فيه؟

    - هل الكتابة القصصية مجرد قنطرة للعبور إلى الرواية؟
    أسئلة أستغربها أحيانا، لكوني لا أزال في بداية طريق الكتابة، ولكنها تجعلني أتأملها بعمق لمشروعيتها، خاصة وأنا أدرك أن الكتابة ليست عندي بنفس تراتبية النشر كما يبدو للمتتبع.

    فقد كتبت القصة، والقصة القصيرة جدا، والرواية في وقت متزامن، قبل نشر أول عمل لي، ذلك أني لا أفكر في الكتابة قبل الكتابة، لا أفكر فيها بشكل واع ومعقلن يدفعني إلى وضع قوالب معينة يتعين علي ملؤها والالتزام بحدودها التزاما صارما.
    لا أتحكم في الكتابة بقدر ما تتحكم في، فهي من تفرض نفسها وأشكالها حسب المواضيع والحالات النفسية والظروف المحيطة، لا أسعى عادة، إلى النص ولا أجلس إلى طاولة الكتابة بنية مبيتة للكتابة أو للتمرين عليها يوميا، لضمان استمراريتها، ذلك أن الكتابة قد تتمنع علي لفترة طويلة، و لكنها عندما تعود تنهمر انهمار الغيث، ولهذا غالبا ما تكون ولادتي الإبداعية غير عسيرة، ولا قيصرية، فأنا لا أفرض نفسي عليها وإنما أستجيب لندائها فحسب. آنذاك، تخرج الكتابة في قالب قصة قصيرة أو قصيرة جدا أو رواية، ولا أسعى أبدا، إلى قمع الشكل الذي تفرض به الفكرة نفسها، بل إن الأشكال تتمرد أحيانا،على إرادتي وتخرج بالطريقة التي تريدها هي لا أنا، وهذا ما حدث فعلا، مع كتابتي لرواية أخاديد الأسوار التي انطلقت في شكل قصة قصيرة في البداية، فإذا بها تنحرف في اتجاه الرواية، أسعد بالمولود كيفما كان، شرط أن يكون جميلا ولا يحمل إعاقات بارزة على الأقل.
    فالإبداع بالنسبة لي بستان رائع تتجاور فيه الورود والأزهار بكل أشكالها وألوانها، والمبدع هو النحلة التي لا تحرم نفسها من رحيق الأزهار التي تغريها وتناديها لكي تظل سجينة نوع واحد منها فقط.

    وما يجعلني لا أفكر كثيرا، في ضرورة الاقتصار على جنس إبداعي واحد هو اعتقادي بوجود ما يوحد فعل الكتابة رغم تنوعها، ذلك أن هناك منظومة فكرية واحدة تنتظم داخلها، فكيفما كانت طبيعة العمل الإبداعي، فإنه ينطلق دائما، من مفهوم محدد للكتابة ألا وهو الانحياز لجوهر الإنسان وللفضح والتعرية والإدانة، فأنا من الذين يؤمنون بتأثير الكلمة مهما كان ضئيلا، وبدور المبدع في الارتقاء بالإنسان ومسؤوليته باعتباره يتميز بالوعي ومجبولا على الحرية والسعي نحو الجمال والكمال، لذلك أعتقد أن العمل الإبداعي لا بد أن يحقق للقارئ إلى جانب المتعة الفنية - التي لا حديث عن الإبداع بدونها - حدا أدنى من المعنى.
    كما أومن أن الكاتب هو نتاج عصره وظروفه وعليه أن يكون شاهدا على هذا العصر وأن يتفاعل معه وينشغل بأسئلته الحارقة. لا أثق كثيرا في مقولة: الكاتب الذي يكتب للمستقبل فقط، أي لزمن آخر غير زمانه، فالكاتب الذي يكتب للمستقبل لا بد أن يمر عبر الحاضر، تماما مثلما يمر الكاتب إلى العالمية عن طريق المحلية بالضرورة.
    من هذا المنطلق، لا أسجن نفسي في جنس إبداعي واحد وأصد باقي الأجناس إذا ما طرقت بابي في كامل أناقتها ونضجها، بالعكس، أشرع الباب وأستقبلها بحفاوة لأني أعلم أنها نفس الروح التي تتناسخ في صور مختلفة.

    هذه تجربتي الخاصة في الكتابة، لكن الكتابة في نهاية المطاف، تظل بحرا لا حدود له، يتسع لكل التجارب وكل الرؤى وكل المتناقضات، وهذا سر جاذبيتها وسحرها.
    سيرة الكتابة والكاتبة
    *الشواهد المحصل عليها:

    -الإجازة في الأدب العربي بكلية الآداب، جامعة محمد بن عبد الله/ فاس سنة 1973
    - شهادة الكفاءة التربوية بالمدرسة العليا للأساتذة سنة 1973
    *الإصدارات:

    1- كلنا من أجلك يا فلسطين (شعر من إبداع التلاميذ) في إطار "نادي نازك الملائكة للكتابة" بثانوية الخنساء، شركة monalisa.com / الدار البيضاء - ( إعداد و إشراف)، 2002
    2- أنين الماء (مجموعة قصصية) منشورات مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب، دار القرويين/ الدار البيضاء، 2003
    3- تمارين في التسامح: (ترجمة) مسرحية لعبد اللطيف اللعبي، منشورات المركز الثقافي العربي الدار البيضاء/ بيروت، 2005
    4- قاضي الظل: (ترجمة) مسرحية لعبد اللطيف اللعبي منشورات المركز الثقافي العربي الدار البيضاء/ بيروت، 2005
    5- امرأة ليس إلا... !: (ترجمة) رواية لباهية طرابلسي منشورات المركز الثقافي العربي الدار البيضاء/ بيروت، 2005
    6- نجمة الصباح: (مجموعة قصصية) منشورات المركز الثقافي العربي الدار البيضاء/بيروت، 2006
    7- الكتابة النسائية التخييل و التلقي: مشورات اتحاد كتاب المغرب، يوليوز 2006 ( جماعي).
    8- نساء في الصمت: (ترجمة) رواية لنفيسة السباعي، منشورات المركز الثقافي العربي الدار البيضاء / بيروت، 2006
    9- أخاديد الأسوار: (رواية) منشورات المركز الثقافي العربي/ الدار العربية للعلوم، بيروت، 2007
    10- عندما يومض البرق: (قصص قصيرة جدا) مطبعة النجاح الجديدة، 2008
    11- عقدة دي، (ترجمة) رواية للكاتب الصيني داي سيجي، المركز الثقافي العربي، 2008
    12- نهر سيشوان، قصص من الصين، لكاتبات صينيات، منشورات ديدالوس، تونس، 2008
    *الجوائز:
    * جائزة الترجمة عن مسرحية "تمارين في التسامح" لعبد اللطيف اللعبي في إطار المسرح المدرسي لسنة 1998.
    * الجائزة الأولى لمجلة "ثقافة بلا حدود" بسوريا، في مجال القصة القصيرة جدا، 2007
    *العضويات في جمعيات أخرى: - عضو فريق تأليف الكتب المدرسية (مكتبة المدارس).

    المصدر
    حياكم الله

    د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
    aghanime@hotmail.com

    رد مع اقتباس  
     

  10. #226 رد: مكتبـــــة أدب السيــــــرة الذاتيــــــة 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36



    دراسة نقدية
    "السيرة الذاتية .. الحد والمفهوم"

    أحمد علي آل مريع
    السيرة: من سار أو من السير على الخلاف المعروف بين اللغويين في اصل المشتقات بمعنى: مشى وذهب في الأرض، والسِّيرة بكسر السين: السُّنَّة والطريقة والهيئة، يُقال: هذه سيرة فلان، أي: طريقته وسُنَّته، وسار الأمير في الرعية سيرةً حسنة أي: طريقة حسنة، وأَحسَنَ السَّير: أي هيئة المسير، وقد اطلق العرب كلمة سيرة على ما كُتب من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم واتسعوا في مدلولها فأطلقوها على حياة بعض الاشخاص كسيرة ابن طولون، وسيرة صلاح الدين الأيوبي، ومحمد بن سبكتكين، والظاهر بيبرس وغيرهم، ولعل أول سيرة أُلفت بعد سيرة الرسول الكريم كانت من تصنيف عوانة الكلبي المتوفى سنة 147هـ كما ذكرها ابن النديم رحمه الله في الفهرست تحت عنوان: سيرة معاوية وبني أمية .
    والسيرة في محيطها الادبي الواسع نوعٌ أدبي يكون فيه ملتقى الحق الفني بالحق التاريخي، ويراد بها: درس حياة فرد من الافراد ورسم صورة دقيقة لشخصيته، أو هي نوع ادبي يتناول بالتعريف حياة إنسان ما تعريفا يطول او يقصر، وقد وصفها المفكر الإنجليزي توماس كار لايل بمنتهى الايجاز والتركيز فقال: السيرة: حياة إنسان ، وقد نعتت الموسوعة الأمريكية هذا الوصف بأنه أوجز تعريف للسيرة.
    والسيرة أقدم استعمالا في التراث العربي من كلمة ترجمة من حيث مدلولها في تتبع حياة شخص من الاشخاص فالأولى استعملها محمد بن اسحاق في تاريخ حياة الرسول عليه السلام ثم انتقلت من المعنى الخاص الى العام كما أُشير آنفاً، والمعاجم العربية القديمة تغفل استعمال كلمة ترجمة للدلالة على تاريخ الحياة، ولكن المعاجم المعاصرة تستخدمها بهذا المعنى، وفي المعجم الوسيط وصفت كلمة ترجمة بأنها كلمة مولدة، أي: أنها استعملت بعد عصر الرواية.
    ويظهر ان اصطلاح ترجمة قد دخل العربية عن طريق الآرامية، ولم يستعمل بهذا المعنى إلا في اوائل القرن السابع الهجري حين استعمله ياقوت الحموي في معجمه الذي خصصه لذوي التأليف من الادباء، ولذلك مال بعض الباحثين الى التفرقة بين المصطلحين على اساس الاستعمال وحده، لأنه ليس في الفروق اللغوية ما يُبين الفرق بينهما على وجه التحديد، فاستعملوا كلمة ترجمة حين لا يطول نَفَسُ الكاتب فيها، فإذا ما طال النفس واتسعت الترجمة سميت: سيرة، ويرجح الاستاذ عبدالله الحيدري استعمال مصطلح السيرة ويرى انه اولى من استخدام مصطلح ترجمة ، لأن استخدام لفظ (سيرة) اسبق في اللغة من استخدام كلمة ترجمة ولأن كلمة سار معجميا تدل على السير والانتقال من مرحلة الى مرحلة، وتعني طول الطريق والانتقال من طور الى طور، وهو مايتفق تماما مع الكتابات الذاتية التي تؤرخ لسيرة الإنسان وانتقاله من مرحلة الطفولة إلى الشباب، إلى الكهولة، فالشيخوخة، كما اننا نجد في السيرة الذاتبة مراحل متعددة يصفها الكاتب كالدراسة والحياة العملية والرحلات والزواج .. إلخ، ولذلك فإن مضمون الكتابة في هذا الفن يبدو وشيج الصلة بمصطلح سيرة اكثر من انسجامه مع مصطلح ترجمة الذي يطلق على صفحة يكتبها المرء عن نفسه، او حتى على ما أسطر معدودة.
    وقد استطاع نقدنا العربي الحديث استيعاب المصطلحين المتجاورين Biography Autobiography يحاكيها لفظا فيقول السيرة الغيرية لBiography والسيرة الذاتية ل Auto Biography، وان ظلت المترادفات اشكالية تعوق تموضع الاصطلاح في محله من الاستعمال والانتشار، ويستعمل مصطلح السيرة الغيرية للدلالة على: الكتابة عن شخصية من الشخصيات المعروفة على مستوى الفن والادب او الاجتماع او السياسة او أي مجال من مجالات التفوق الإنساني، وتعمد الترجمة عادة إلى جلاء جوانب النبوغ في الشخصية المترجم لها,, او هي بتعريف باحث مصري: البحث عن الحقيقة في حياة إنسان فذ، وكشف عن مواهبه وأسرار عبقريته من ظروف حياته التي عاشها، والاحداث التي واجهها في محيطه، والأثر الذي خلفه في جيله.
    أما السيرة الذاتية فمتضمّنة على الاجمال التعريف بهويتها، إذ الاسم الذي يطلقه الإنسان كما يقول الفلاسفة يخلع على الشيء هويته، غير ان هذا الإحساس بهوية السيرة الذاتية، وانها بخلاف السيرة الغيرية لا يكفي ولا يشفي في بحث علمي، بل لابد من التحديد الدقيق لاستعمال المصطلح عند الباحثين والنقاد، لاسيما وان التَّعرُّف الى السيرة الذاتية وتحديدها سوف يؤسس لنا القاعدة التي ننطلق منها او نعتمد عليها في تجنيس الأعمال التي نتعامل معها او نقرؤها.
    بادئ ذي بدء يصطدم الباحث بعبارات مثبطة تدعو الى القعود عن العمل على ايجاد تحديد مرضٍ لفن السيرة الذاتية، بدعوى ان السيرة الذاتية جنس ادبي جديد لا يتجاوز عمر مصطلحه القرنين على وجه التحديد وان الوقت لم يحن بعد لصياغة تعريف محدد وشامل ومقبول للسيرة الذاتية.
    ولكن الباحث اذا تجاوز بعض الدراسات التي آثرت السَّلامة فناقشت الموضوع باستفاضة ولكن دون تحديد لأدنى تصور للسيرة الذاتية، سوى انها خلاف السيرة الغيرية فإنه لا يلبث ان يجد نفسه بإزاء اقتراحات متعددة تجتهد لتوصيف السيرة الذاتية، ويمكن للباحث ان يقسم تلك المقترحات الى اتجاهين عامين رئيسين تندرج تحتهما الاجتهادات المقترحة لتوصيف السيرة الذاتية:
    الاتجاه الأول: يعتمد في تعريفه للسيرة الذاتية على متون أعمال السير الذاتية، أي: نصوصها لذلك تباينت المفاهيم وتشعبت التصورات بحسب المتون/ النصوص التي خضعت للوصف والدراسة.
    وتستطيع الدراسة ان ترد هذا الاتجاه الى عدة أقسام:
    أ- القسم الأول: يغلب عليه طابع المرونة حيث جاءت حدوده فضفاضة واسعة تنظر الى السيرة الذاتية باعتبارها تأريخا للحياة يكتبها او يمليها صاحبها، ثم لا تأخذ في الحسبان شيئا بعد ذلك.
    وأول ما وقع عليه الباحث من هذه التعريفات باعتبار تاريخ النشر، هو تعريف الدكتور عزالدين إسماعيل في كتابه الادب وفنونه حيث قال: ترجمة الحياة الشخصية وذلك عندما لنا الكاتب ترجمة حياته هو الخاصة، وهي عندئذٍ تسمى ترجمة ذاتية Auto biography .
    ويتفق معه الاستاذ جبور عبدالنور في معجمه الادبي حيث يصفها بأنها كتاب يروي حياة المؤلف بقلمه وهو يختلف مادة ومنهجا عن المذكرات واليوميات .
    ولا يختلف الباحثان الدكتور مجدي وهبة ورفيقه كامل المهندس في تصورهما عما سبق فالسيرة الذاتية لديهما مجرد: سرد متواصل يكتبه شخص ما عن حياته.
    وكذلك الامر عند الدكتور محمد الشنطي حيث يعرفها في كتابه الادب العربي الحديث بأنها التي يُترجم فيها الكاتب لنفسه.
    وهذه التعريفات على عمومها لا تحدد ضابطا واضحا وهي وان كانت تعريفات عامة مقبولة تشير من بُعدٍ الى السيرة الذاتية إلا انها لا تُميزها عن ألوان ادبية اخرى تختلط بها مثل: المذكرات والذكريات واليوميات والاعترافات .. إلخ.
    ب- أما القسم الثاني: فينحو فيه اصحابه الى تحديد اكثر ايجابية اذ يشيرون الى بعض خصائصها الفنية، وأول ما يقع عليه الباحث في هذا الصدد تعريف الدكتورة رشيدة مهران، حيث تقدم للقارئ تصورين عن السيرة الذاتية احدهما عام تقول فيه: الترجمة الذاتية تفاصيل حياة شخصية يكتبها صاحبها بنفسه.
    وهو تعريف لا يختلف عما اشرنا اليه في القسم الأول، أما التصور الثاني فتشير فيه الى سمة مهمة ترى الباحثة وجوب اشتمال السيرة عليها فيما يظهر من تعريفها وهي: الامتداد الزمني تقول: الترجمة الذاتبة هي ان يكتب إنسان تاريخ حياته مسجلا حوادثها ووقائعها المؤثرة في مسيرة الحياة متتبعا تطورها الطبيعي من الطفولة الى الشباب ثم الكهولة.
    ويضيف الدكتور محمود ابو الخير سمة اخرى الى ما تذكره الدكتورة رشيدة مهران، وهي: الاعتماد على مصادر مساعدة في الترجمة للذات، وكأنه يشير الى ضرورة ان يكون الكاتب قد سجل انطباعاته واحداث حياته في مفكرة او يومية قبل الشروع في كتابة سيرته لنفسه والتأريخ لها داخليا او خارجيا، يقول: الترجمة الذاتية هي: ان يكتب المؤلف بنفسه تاريخ نفسه، فيسجل له حوادثه واخباره، ويسرد اعماله وآثاره، ويذكر ايام طفولته وشبابه وكهولته، وما جرى له فيها من أحداث تعظم او تضؤل تبعا لأهميتها، أي انها تبدأ من اصل الاسرة والطفولة ثم تتدرج حسب ادوار العمر، تسجل فيها الوقائع يوما فيوما او دفعة واحدة بصورة متقطعة بعد ان تجمع عناصرها من مصادر متعددة.
    وإذا كان الدكتور محمود ابو الخير في تعريفه السابق يُفسح المجال للكاتب بشأن التقيّد بالتسلسل الزمني للأحداث او عدمه، فإن الدكتور التونجي يلمح في تعريفه المقتضب الى ضرورة التزام التسلسل الزماني في السيرة الذاتية حيث يقول في معرض توصيفه لها هي: سرد قصصي يتناول فيه الكاتب ترجمة حاله، وما يعترض حاله من معضلات وشدائد، محاولا تتبع الاحداث زمنا وأهمية.
    أما الدكتور ابراهيم السامرَّائي فيركز في تعريفه على ثلاث قضايا أساسية وهي: الاعتراف، والشمول، والامتداد الزمني حيث يصفها بأنها ترجمة الأديب الكاتب عن نفسه فيتعرض لسيرته ابتداء من مولده ومدرجه واين عاش وكيف شق طريقه في الحياه وما عرض له من احداث سارة ومحزنة، وهو يمر على اسرته فيتحدث عما كان في صباه مع والديه، ويتجاوز ذلك الى سائر افراد اسرته ثم ينظر الى علاقاته بالناس اصدقاء واعداء.
    وصاحب السيرة الذاتية يفصح عن اسراره وما يكنه في دخيلة نفسه، وقد يكون في هذا ضرب من اعتراف بالحسن والسيء وما أحسن فيه وما اقترفه من عيوب.
    والى نحو ذلك يذهب الاستاذ الحقيل في تعريفه لها حيث يصفها بأنها: نوع من أنواع الأدب وتتميز بأن كاتبها يكشف عن خبايا نفسه ويعرض حياته وتربيته وأساليب تعامله وما اعترى حياته من تجارب وخبرات وذكريات وممارسات، وما واجهه من متاعب وما صادفه من مواقف مثيرة، وكذا توضيح الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي لازمت مسيرة عمله، بحيث يكون عرضة لتلك السيرة متسما بالوضوح والصراحة، التي تعينه ان يخرج من ذاته ويقف من نفسه موقفا موضوعيا، ولا يخشى مواجهة تلك الاشياء التي مرت في حياته مهما كانت صغيرة او كبيرة فهي تعبير عن موقف كاتبها واتجاهه وما يدور في مجتمعه من امور وقضايا.
    وعلى كل حال فهذه التعريفات جميعها مع الاحترام لشخوص من صدرت عنهم تميل الى الإنشائية اكثر من الوصف والتحديد الدقيق، وتنصب على الجانب المعنوي من السيرة بالدرجة الاولى، ولا تكاد تتعرض للشكل الادبي الذي تُزَفُّ من خلاله السيرةُ الى القارئ.
    ج أما القسم الثالث: فهو لا يقترح تعريفا بالمعنى الدقيق، ولكنه يذكر شروطا فنية تُميِّز السيرة الذاتية عن غيرها من الفنون كالسيرة الغيرية من جهة والذكريات والمذكرات والمفكرات واليوميات وغيرها من جهة ثانية، وهذه الشروط توضح الى حد بعيد تصور واضعيها لما ينبغي ان تكون عليه السيرة الذاتية، وهو تصور يتصف بالتشدد وتضييق النظرة، واستحضار الشرط الفني المثالي وتعميمه من اجل توصيف دقيق للسيرة الذاتية.
    وهذا في وجهة نظري أمر لا ينبغي الغلو فيه على هذا النحو، لأن العناصر الفنية الدقيقة يجب ان تبقى مجالا خصبا للتنافس بين الادباء داخل الجنس الواحد، ولا يصح ادخالها شروطا أو ضوابط في التصور الذي يقوم عليه التحديد، لأن من شأن ذلك أن يعوق النزعة الى التجديد والتجريب، وينفي عن السيرة الذاتية أعمالا ادبية جيدة لمجرد انها لا تحقق هذا الشرط او ذاك، والصحيح ان يكون التعريف المقترح عاما وجامعا ومانعا بالقدر الذي تحتمله الدراسات الإنسانية عموما فيشتمل على المكونات الاساسية والمميزة لهذا الفن عن غيره.
    ولذلك لم ينجح أيٍّ من هؤلاء برغم دورانهم الطويل حول طبيعة الفن في اقتراح تعريف محدد يوضح هوية السيرة الذاتية، وهذا ناجم عن عدم مقدرتهم على السيطرة عليه تماما، وذلك نتيجة طبيعية ومتوقعة للمغالاة في الشروط الجمالية الفنية.
    فالدكتور إحسان عباس مثلا في كتابه فن السيرة يعقد فصلا عن السيرة الذاتية بعنوان: السيرة الذاتية نظرة عامة يصف فيها قرب صاحب السيرة من القارئ، وثقة القارئ به واستساغته لحديثه عن نفسه، ويُبين ان كل سيرة ذاتية في حد ذاتها تجربة ذاتية لفرد من الافراد، فإذا بلغت دور النضج وأصبحت في نفس صاحبها نوعا من القلق الفني فإنه لابد ان يكتبها، وان هذه التجارب إما أن تكون جسدية او روحية، وليس هذا عند الدكتور إحسان عباس بكافٍ وحده بل إن السيرة تتطلب لرواجها ان يكون بطلها شخصا ذا تميز واضح في ناحية من النواحي، وتكون سيرته ذات حظ من عمق الصراع الداخلي او من شدة الصراع الخارجي، وان تكتب على اساس من التطور الذاتي في داخل النفس وخارجها، ومن ثم قد تجيء السيرة الذاتية صورة للاندفاع المتحمس والتراجع أمام عقبات الحياة، وقد تكون تفسيرا للحياة نفسها، وقد يميل فيها الكاتب الى رسم الحركة الداخلية لحياته مغفلا الاهتزازات الخارجية اهمالا جزئيا، وقد تكون مجرد تذكر اعترافي موجه الى قارئ متعاطف مع الكاتب وقد تمتزج هذه العناصر على انصباء متفاوتة اما إذا اقتصر الكاتب على تدوين مذكراته او يومياته او وجّه سيرته لتصوير احداث اكثر من تصوير ذات فإن عمله حينئذ يلتقي مفهوم السيرة الذاتية وليس هو.
    ثم يأخذ الدكتور في بيان أوجه الفروق بين السيرة الذاتية والغيرية مما لا يهمنا هنا بيانه، لاعتقادنا بأن الفرق من الجلاء والوضوح بحيث يكفي فيه القول: إن السيرة الغيرية يكتبها شخص عن آخر والسيرة الذاتية يكتبها الشخص عن نفسه.
    أما الدكتور ماهر حسن فهمي فيشير إلى أن: كاتب السيرة لا يجمع أكواما من المعلومات غير المنسقة، ولا يكتب يوميات لا بأس فيها بالتكرار ولا بالتفاهات، فكاتب اليوميات يمكن أن يمتعنا بالحديث عن وجبة بينما كاتب السيرة الذاتية رغم التزامه بعرض صغائر التجارب يختار وينتقي وينسق، ويحلل ويربط، ومعنى هذا انه لا يمكن ان يكون فوتوغرافيا في رصده يعرض علينا مجموعة الصور وعلينا نحن ان نبحث عن الوحدة بينها ونتعمقها ونقيم من خيالنا اطارا يجمعها، ولكنه يعرض علينا سيرته خصبة حية كما عاشها، يعرض علينا قصة حياته كما مثلها، يعرض علينا سيمفونية رائعة لم يوضع اللحن الواحد بجانب الآخر إلا تبعا لقوانين الانسجام، ولم تختلف النغمة عن النغمة شدة ونوعا إلا حسب ما تقتضيه قواعد التأليف، وبذلك يدخل الاطار الفني ليقيم جسرا من الخيال تَعبر فوقه الحقيقة وهو هنا عنصر جوهري ولكنه في الوقت نفسه محدود بحدود الحقيقة، توازن دقيق بينهما لا يطغى فيه الخيال أبدا على الواقع والحقيقة بل ولا يزحزحها عن موقعها غير انه قد يلونها بألوان الطيف فيزيدها بريقا ولكنه لا يغير معالمها.
    ولابد للسيرة من جانبين اصليين: جانب إنساني وجانب فني، ويتجلى الجانب الإنساني في عمق الصراع الداخلي او الخارجي بمعنى ان حياة كل إنسان تعتريها فترات من الركود، فإذا كثرت هذه الفترات حتى طبعت الحياة لم تكن للسيرة الذاتية قيمة كبيرة، ولكن الحياة المليئة بالصراع هي التي تستحق التسجيل والقراءة، وقيمة الفن هنا تأتي من عملية الصياغة فلا يكفي ان تكون أمامنا كومة من الاحجار والاخشاب والحديد ونتصور بيتا، ولكن التشكيل هو الذي يعطي هذه الموارد روحا.
    ويأتي الى الشكل المناسب للسيرة الذاتية فيقترح الشكل الروائي حيث يقول: بغير اساس فني يتداخل الزمان والمكان، وتتبعثر الاحداث وتخرج السيرة في شكل ذكريات متقطعة، ولو سار كاتب السيرة الذاتية على اساس تاريخي لوجد نفسه أمام معضلة فالحدث قد يبدأ ثم يتم بعد ذلك في مرحلة زمنية متأخرة وفي مكان آخر، فإذا كثرت مثل هذه الاحداث ولابد ان تكثر ارتبكت السيرة وتقطعت ولكن البناء الروائي على سبيل المثال يُنقذ كاتب السيرة ..

    ويواصل تصوره عن السيرة الذاتية مُركزا على عنصرين: التشويق وبروز الشخصية فيقول: وليس الأمر في السيرة الذاتية امر سرد للأحداث، لأن كاتب السيرة يدرك انه يعرض رحلة الحياة فلابد إذاً من حس قوي بالكشف، حس الرحالة الذي يشم رائحة الخطر فيستعد له، وحس الفنان الذي يوجهه دائما نحو المجهول ويجلو ابعاده، والسيرة الذاتية سيرة أعمال ولكنها سيرة إنسان يعمل وعلى ذلك تكون الشخصية قبل الحدث ..
    والكلام له قيمته النقدية والفنية التي لا تُنكر، ولكن اين تعريف السيرة الذاتية؟! وكيف افرق بينها وبين اليوميات والمذكرات والذكريات وغيرها؟! وهل البناء الروائي فعلا هو الرداء الوحيد الذي ينبغي ان تخطر فيه السيرة الذاتية حين تخرج الى الناس؟! وما حكم السيرة الذاتية التي كُتبت على هيئة مقالات متتابعة او حلقات متصلة أو فصول مترابطة؟! وأين نضع تلك السيرة الذاتية المشتملة على كل ما ذكر الدكتور الفاضل الا عنصرا او عنصرين؟! هل نخرجها من السيرة الذاتية ام ندخلها فيها على مضض ام ترانا نعقد لها جنسا مستقلا ونلحقها به؟!!.
    إنه ولاشك تصور مثالي جدا ينظر الى اعمال متميزة حققت قدرا رائعا من التماسك والترابط والجمال في رؤية الفن والتشكيل، غير ان الأعمال المثالية التي استقى منها الباحث الكريم وغيره من اصحاب هذا الاتجاه تصورهم هي للأسف الاقل بالنسبة للأعمال الاخرى التي تؤرخ لذات الكاتب، فهل يرتبط مفهوم السيرة الذاتية بهذه المتون الادبية المثالية دون غيرها؟!!
    وممن يسير في هذا الاتجاه الدكتور يحيى عبدالدائم حيث ينبه كما فعل الباحثان الدكتور احسان عباس والدكتور ماهر حسن فهمي الى ان الترجمة الذاتية وهي ما يَصطلِح عليها في دراسته للسيرة الذاتية ليست المذكرات وليست الذكريات وليست اليوميات ولا الاعترافات، وليست هي ايضا الرواية الفنية التي تستمد احداثها ووقائعها ومواقفها من الحياة الخاصة لكاتبها، فكل هذه الاشكال كما يقرر عبدالدائم فيها ملامح من الترجمة الذاتية وليست هي لأنها تفتقر الى كثير من الأُسس التي تستند عليها الترجمة الذاتية الفنية.
    ثم ينتهي الدكتور عبدالدائم الى نتائج تصلح كما يرى لأن تكون أُسُساً فنية لهذا الجنس، وتمنحنا مفهوما له خصائصه المميزة فيقول: وأخصّ ملامح الترجمة الذاتية التي تجعلها تنتمي الى الفروع الادبية ان يكون لها بناء مرسوم وواضح، يستطيع كاتبها من خلاله ان يُرتب الأحداث والشخصيات التي مرت به، ويصوغها صياغة ادبية محكمة، بعد ان يُنحي جانبا كثيرا من التفصيلات والدقائق التي استعادتها ذاكرته، وافادها من رجوعه الى ما قد يكون لديه من يوميات ورسائل ومدونات تعينه على تَمَثُّل الحقيقة الماضية.
    ثم يأخذ في الحديث عن الصدق فيذكر: ان الصدق المطلق أمر غير وارد في الفنون حتى في السيرة الذاتية، ولكنها يجب ألا تخلو من تحري الصدق، وان تُحقق على الاقل الصدق النسبي مادام ان هناك عوائق تعترض سبيل المترجم لنفسه، وتحول بينه وبين نقل الحقيقة الخالصة، ثم يقف أمام تصوير الصراع والترتيب الزمني قائلا: من ابرز ملامح الترجمة الذاتية الى ما ذكرناه تصوير الصراع بضروبه المختلفة، تصويرا يطالعنا الكاتب من خلاله على دخائل نفسه واثر احداث الخارج في حياته النفسية والشعورية والفكرية، مظهرا من خلاله ينعكس على مرآة ذاته من وقائع الماضي واحداثه خيرا كان أم شرا، مراعيا في عرضه ما يطلعنا على مدى ما حدث في شخصيته من نمو وتحول على مراحل العمر المتعاقبة ملتزما تواتر الايام وتدرج التاريخ ..
    وواضح أن هذا التصور الذي اعرب عنه عبدالدائم يلتقي التصور الذي ألمحنا اليه آنفا عند كل من عباس وفهمي وواضح ايضا انه تصورٌ بعضه من بعض وأنه قائم على اساس استحضار الشكل الروائي أساسا لما ينبغي ان تكون عليه سيرة الذات، وعلى الرغم مما يبدو من تكامل هذا التصور لدى هؤلاء النفر من الباحثين إلا انهم لم يستطيعوا السيطرة على المفهوم العام للسيرة الذاتية، ولذلك لم يسوقوا لنا تعريفا واضحا ومحددا لما هم بصدده بل انهم جميعا دون استثناء لم يسلموا من الخلط على المستوى التطبيقي بين أعمال ادبية ينطبق عليها شرطهم الفني كأيام طه حسين وسبعون ميخائيل نعيمة، وبعض أعمال توفيق الحكيم، وبين أعمال اخرى لا تَمُتُّ الى هذا التصور الصارم حقيقة مثل التعريف بابن خلدون، وكتاب الاعتبار لأسامة بن منقذ، وقصة حياتي لأحمد لطفي السيد، وأنا للعقاد وغيرها.
    وليس ذلك وقفا على هؤلاء المتقدمين من اصحاب هذا الاتجاه فقط، بل ان كلا من الباحثين: علي عبده بركات والاستاذ عبدالله الحيدري وهما ممن يمكن ادراجهما وفقا لتصورهما العام ضمن هذا الاتجاه برغم تأخرهما زمانا وحرصهما على التفريق نظريا بين الأنواع المختلفة كالمذكرات والذكريات واليوميات والرسائل والاعترافات وبين السيرة الذاتية لم يسلما من هذا الخلط فقد تنازل علي عبده بركات عن الشروط الفنية عند ممارسته التطبيقية وادخل الى قائمة السيرة الذاتية في آخر الكتاب الأنواع الادبية التي حرص نظريا على أن يميزها عن السيرة الذاتية ويفصلها عنها، أما الاستاذ عبد الله الحيدري والكلام هنا مُنصب على ما فعله في الفقرة (أ) من رسالته للماجستير لأنها هي التي تحت يد الباحث وقت إعداد هذا المبحث، فقد وقف وقفة جريئة مع الأنواع الأدبية المختلفة التي تلتبس بالسيرة الذاتية لأن كثيرا من الناس يخلطون بين هذه الأشكال خلطا بينا، ولا يكادون يدركون الفرق بينها على حد تعبيره ثم ميَّز السيرة الذاتية عنها في آخر حديثه معتمدا على رؤية الدكتور عبد الدائم السابقة، ثم لم يلبث ان عاد فجعل هذه الانواع جميعا اشكالات تفرعت عن السيرة الذاتية او أنها ألوان تتبع السيرة الذاتية، وهي منها بمثابة الفروع تتفرع عن الشجرة الأم، فكأنه بهذا التشبيه أعادنا الى النقطة التي انطلق منها ابتداء.
    وحاصل الأمر ان هذا الاتجاه بعامة اي من ينظر الى المتن النص السِّيَر ذاتي لم ينجح في تحديد تصور واضح المعالم للسيرة الذاتية، لتفاوت المتون الادبية التي اعتمد عليها في وصف هذا الفن، ولعدم وضوح الرؤية التي على أساسها يختارون وينتقون.

    *محاضر بكلية المعلمين/ أبها
    المصدر
    حياكم الله

    د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
    aghanime@hotmail.com

    رد مع اقتباس  
     

  11. #227 رد: مكتبـــــة أدب السيــــــرة الذاتيــــــة 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36


    "ترجمة جلال الدين السيوطي الذاتية"
    قال السيوطي: في كتابه "حسن المحاضرة"، قال: عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن سابق الدين بن الفخر عثمان بن ناظر الدين محمد بن سيف الدين خضر بن نجم الدين أبي الصلاح أيوب بن ناصر الدين محمد بن الشيخ همام الدين الهمام: الخضيري الأسيوطي.
    وإنما ذكرت ترجمتي في هذا الكتاب اقتداء بالمحدثين قبلي، فقلّ أن ألف أحد منهم تاريخاً إلا ذكر ترجمته فيه، وممن وقع له ذلك الإمام عبد الغافر الفارسي في "تاريخ نيسابور"، وياقوت الحموي في "معجم الأدباء"، ولسان الدين ابن الخطيب في" تاريخ غر ناطة"، والحافظ تقي الدين الفاسى في "تاريخ مكة"، والحافظ أبو الفضل بن حَجَر في "قضاء مصر"، وأبو شامة في"الروضتين"، وهو أورعهم وأزهدهم فأقول: أما جدي الأعلى همّام الدين، فكان من أهل الحقيقة ومن مشايخ الطرق، ومن دونه كانوا من أهل الوجاهة والرياسة، منهم من ولي الحكم ببلده، ومنهم من، ولى الحِسْبة بها، ومنهم من كان تاجرا فيِ صحبة الأمير شيخون،وبَنى مدرسة بأسيوط، ووقف عليها أوقافاَ، ومنهم من كان مقمولا ولا أعلم من خدم العلم حق خدمته إلا والدي.
    وأما نسبتنا بالخضيري فلا أعلم ما تكون إليه نسبة هذه النسبة إلا الخضيرية، محلة ببغداد، وقد حدثني من أثق به أنه سمع والدي رحمه اللهّ يذكر أن جده الأعلى كان أعجمياً، أو من الشرق، فالظاهر أن النسبة إلى المحلة المذكورة.
    وكان مولدي بعد المغرب ليلة الأحد مستهل رجب سنة تسع وأربعين وثمانمائة وحُملت في حياة أبي إلى الشيخ محمد المجذوب، رجل كان من كبار الأولياء بجوار المشهد النفيسي، فبرّك عليّ، ونشأت يتيماً، فحفظت القرآن ولي دون ثماني سنين. ثم حفظت "العمدة "، و"منهاج الفقه والأصول"، و"ألفية ابن مالك"، وشرعت في الاشتغال بالعلم، من مستهل سنة أربع وستين، فأخذت الفقه والنحو عن جماعة من الشيوخ، وأخذت الفرائض عن العلامة فرضيّ زمانه الشيخ شهاب الدين الشار مساحي الذي كان يقال: إنه بلغ السنّ العالية، وجاوز المائة بكثير- والله أعلم بذلك - قرأت عليه في شرحه على المجموع.
    وأجِزْت بتدريس العربية في مستهل سنة ست وستين، وقد ألفت في هذه السنة، فكان أول شيء ألفته "شرح الاستعاذة والبسملة"، وأوقفت عليه شيخنا شيخ الإسلام علم الدين البُلقيني، فكتب عليه تقريظاً، ولازمته في الفقه إلى أن مات، فلازمت ولدَه، فقرأت عليه من أول التدريب لوالده إلى الوكالة، وسمعت عليه من أول الحاوي الصغير إلى العدد، ومن أول المنهاج إلى الزكاة، ومن أول التنبيه إلى قريب من الزكاة، وقطعة من الروضة، وقطعة من تكملة شرح المنهاج للزركشي، ومن إحياء الموات إلى الوصايا أو نحوها.
    وأجازني بالتدريس والإفتاء من سنة ست وسبعين، وحضر تصديري، فلما توفي لزمت شيخ الإسلام شرف الدين المناوي، فقرأت عليه قطعة من المنهاج، وسمعته عليه في التقسيم إلا مجالس فاتتني، وسمعت دروساً من شرح البهجة، ومن حاشيته عليها، ومن تفسير البيضاوي.
    ولزمت في الحديث والعربية شيخنا الإمام العلامة تقي الدين الشبلي الحنفي، فواظبته أربع سنين، وكتب لي تقريظاً على شرح ألفية ابن مالك، وعلى جمع الجوامع في العربية تأليفي، وشهد ليِ غير مرة بالتقدم في العلوم بلسانه وبنانه، ورجع إلى قولي مجرِّداَ في حديث، فإنه أورد في حاشيته على الشفاء حديث أبي الجمرا في الإسراء، وعزاه إلى تخريج ابن ماجة، فاحتجت إلى إيراده بسنده، فكشفت ابن ماجة في مظنته فلم أجده، فمررت على الكتاب كله فلم أجده، فاتهمت نظري، فمررت مرة ثانية فلم أجده، فعدت ثالثة فلم أجده، ورأيته في معجم الصحابة لابن قانع، فجئت إلى الشيخ فأخبرته، فمجرد ما سمع مني ذلك أخذ نسخته وأخذ القلم، فضرب على لفظ "ابن ماجة"، وألحق "ابن قانع " في الحاشية، فأعظمت ذلك وهبته لعظم منزلة الشيخ في قلبي واحتقاري في نفسي، فقلت: إلا تصبرون لعلكم تراجعون! فقال: إنما قلدت في قولي "ابن ماجة" البرهان الحلبي، ولم أنفكّ عن الشيخ إلى أن مات.
    ولزمت شيخنا العلامة أستاذ الوجود محي الدين الكافيجي أربع عشرة سنة، فأخذت عنه الفنون من التفسير والأصول والعربية والمعاني وغير ذلك، وكتب لي إجازة عظيمة، وحضرت عند الشيخ سيف الدين الحنفي دروساً عديدة في الكشاف والتوضيح وحاشيته عليه وتلخيص المفتاح والعَضد، وشرعت في التصنيف في سنة ست وستين، وبلغت مؤلفاتي ثلاثمائة كتاب، سوى ما غسلته ورجعت عنه.
    وسافرت بحمد اللّه تعالى إلى بلاد الشام والحجاز واليمن والهند والمغرب والتكرور، ولما حججت شربت من ماء زمزم لأمور، منها أن أصل في الفقه إلى رتبة الشيخ سراج الدين البلقيني، وفي الحديث إلى رتبة الحافظ ابن حجر، وأفتيت من مستهل سنة إحدى وسبعين، وعقدت إملاء الحديث من مستهل سنة اثنتين وسبعين، ورزقت التبحر في سبعة علوم: التفسير، والحديث، والفقه، والنحو، والمعاني، والبيان، والبديع على طريقة العرب والبلغاء، لا على طريقة العجم وأهل الفلسفة.
    والذي أعتقده أن الذي وصلت إليه من هذه العلوم السبعة سوى الفقه والنقول التي أطلعت عليها، لم يصل إليه ولا وقف عليه أحد من أشياخي فضلاً عمن هو دونهم، أما الفقه فلا أقول ذلك فيه، بل شيخي فيه أوسع نظراً، وأطول باعاً، ودون هذه السبعة في المعرفة: أصول الفقه والجدل والتصريف، ودونها الإِنشاء والترسل والفرائض، ودونها القراءات، ولم أخذها عن شيخ، ودونها الطب.
    وأما علم الحساب، فهو أعسر شيء علي وأبعده عن ذهني، وإذا نظرت إلى مسألة تتعلق به، فكأنما أحاول جبلاً أحمله.
    وقد كملت عندي الآن آلات الاجتهاد بحمد اللّه تعالى، أقول ذلك تحدثاً بنعمة اللّه علي، لا فخراً، وأي شيء في الدنيا حتى يطلب تحصيله بالفخر! وقد أزف الرحيل، وبدا الشيب، وذهب أطيب العمر، ولو شئت أن أكتب في كل مسألة مصنفا بأقوالها وأدلتها العقلية والقياسية، ومداركها ونقوضها وأجوبتها، والموازنة بين اختلاف المذاهب فيها لقدرت على ذلك من فضل اللهّ، لا بحولي ولا بقوتي، فلا حول ولا قوة إلا باللّه.
    وقد كنت في مبادئ الطلب قرأت شيئاً في المنطق، ثم ألقى اللهّ كراهته في قلبي، وسمعت ابن الصلاح أفتى بتحريمه، فتركته لذلك، فعوضني اللهّ تعالى عنه علم الحديث الذي هو أشرف العلوم، وأما مشايخي في الرواية سماعاً وإجازة فكثير، أوردتهم في المعجم الذي جمعتهم فيه، وعدتهم نحو مائه وخمسين، ولم أكثر من سماع الرواية لاشتغالي بما هو أهم، وهو قراءة الدراية ...

    حياكم الله

    د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
    aghanime@hotmail.com

    رد مع اقتباس  
     

  12. #228 رد: مكتبـــــة أدب السيــــــرة الذاتيــــــة 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية احمد خميس
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    الدولة
    مصر
    العمر
    61
    المشاركات
    294
    معدل تقييم المستوى
    18
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. مكتبـــــة الحــــــديث النبـــــوي الشـــــــــريف ...
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى إسلام
    مشاركات: 25
    آخر مشاركة: 03/12/2007, 06:34 PM
  2. مكتبـــــة صيد الفوائــــد ...
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى مكتبة المربد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 16/07/2007, 11:14 AM
  3. مكتبـــــة الأزهــــر الشريــــف للمخطوطــــات ...
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى مكتبة المربد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 25/12/2006, 05:58 AM
  4. مكتبـــــة التـــــــراث الإســــــلامي ...
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى مكتبة المربد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 21/12/2006, 06:32 AM
  5. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 14/12/2006, 11:52 AM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •