ما ماتَ من كانَ دارُ الخلدِ سُكناهُ
وردَّدَ الجيلُ بعدَ الجيلِ مغناهُ

هو الشهيدُ نبيٌّ في رسالتهِ
الصِّدقُ والبَذلُ بعضٌ من سجاياهُ

للأرضِ وعدٌ له أوفى بذِمتِهِ
فجادَ في دمِهِ والروحَ أعطاهُ

ناداهُ واجبُهُ لما اشتكى وطنٌ
ما ارتدَّ طرفاً إليهِ حتَّى لبَّاهُ

قد أخلصَ الوطنَ الغالي محبتهُ
وجادَ بالروحِ ما أسنى عطاياهُ!!

إهابُ نورٍ تجلَّى فوقَ وجنتِهِ
من فجرِ قدسٍ لهُ الرَّحمنُ أهداهُ

إذا الشَّهيدُ على يُمناهُ عِزتُنا
روحُ الفداءِ تسامت فوقَ يُسراهُ

من جادَ بالنَّفسِ لم يُبقِ لذي كَرَمٍ
فضلاً وكلُّ سخاءٍ دونَ معناهُ

وراحَ يرفلُ في أنداءِ بُردَتهِ
وسُندسُ الخلدِ جلَّ اللهُّ أعطاهُ

ليسَ الرجالُ سواءً في صنائِعِهم
بعضٌ رجالٌ وبعضُ القومِ أشباهُ

"وإنما الأممُ الأخلاق مابقيت"
فان همُ ضيعوا أخلاقَهم تاهوا

كم آهةٍ في ربوعِ القدسِ صارخةٍ
وفي حلوقِ الثَّكالى غَصَّتِ الآهُ

وربَّ مجتهدٍ لم يرعوِ أبداً
يسيلُ نهرَ دماءٍ حذوَ فتواهُ

عودوا إلى وطنٍ بالحبِّ يغمرُكم
ماخابَ من كانت الأوطانُ مرساهُ

غداً سيسألُكم إن تذبحوا وطناً
دمعُ الثكالى وقهرٌ من يتاماهُ

ظلُّ العروبةِ والإيمانِ يجمَعُنا
قد فازَ بالأمنِ حرٌ قد تفيَّاهُ

وباطلٌ شقَّ صفَّ العُربِ فاجتنِبوا
والحقُّ أولى اذا نحنُ اتبعناهُ

رصُّوا الصفوفَ كما البنيانِ واعتبروا
وليسَ عذرٌ لنا في يومِ نلقاهُ

عُرْبٌ وعُجْمٌ تساووا في عقيدتهِ
قالَ النَّبيُّ ولكنْ ما أطعناهُ

فالحب ديني وإيماني ومعتقدي
والعربُ نبضُ فؤادي يشهدُ اللهُ

وفتنةٌ نفثَ الدَّجالُ عُقدَتَها
وألفُ حَمَّالةٍ أزَّت لتلقاهُ

في جيدِها مسدٌ أرخت حبائِلَهُ
لتنفثَ الحِقدَ بينَ الأهلٍ ويلاهُ

وأيُّ دينٍ دعا للشرِّ ليسَ لنا
فاللهُ خيرٌ وخيرُ الحافظِ اللهُ

إنا اتخذنا هوى أوطانِنا سكراً
من كرمةِ الصُّحُفِ الأولى عصرناهُ

يا شامُ شهقةُ حرفي من صَبا بردى
وكلُّ بوح بياني فيضُ مغناهُ

والشام أمٌّ لكل العرب قاطبةً
وقلبُها حَدِبٌ يشكو حناياهُ

وريدها أبداً وردٌ لمن وردوا
قلبُ العروبةِ نبضُ الحبِّ ريّاهُ

أقسمتُ بالشَّامِ لادينٌ يفرقنا
عودوا إلى رشدِكم فوزوا بنعماهُ

نعيدُ مجداً إذْ الأوطانُ في دمِنا
وما خفرنا لعهدٍ قد قطعناهُ

ياشامُ جرحُكَ في قلبي يؤرِّقُني
بثَّ اليمامُ على الأدراجِ أنثاهُ

في كلِّ بيتٍ ترى ثكلى تنوحُ على
فقدِ الحبيبِ الَّذي في النَّبضِ تلقاهُ

يا قاسيونَ أتاكَ العربُ عن ثقةٍ
يا كعبةَ الشَّمم العالي ومعناهُ

جاؤوكَ من كلِّ فجٍّ يبتغونَ قرىً
وطالما عزَّ ضيفٌ كنتَ تلقاهُ

ضمِّدْ جِراحَك ولتغفرْ لمن أبقوا
أنتَ الكريمُ وسامحْ كلَّ من تاهوا

يامن أعدَّ رباطَ الخيلِ غايتهُ
نصرُ مبينٌ به الأعداءُ تخشاهُ

عاشَ الشهيدُ على عرنينهِ شَمَمٌ
وليسَ يعقدُ قوسَ النَّصرِ إلاهُ

...............................................
الشاعر محمد حسن علي