قضية نقد الآخر
إن نقد الإنسان ومحاولة تصويب مواقفه بحاجة لمنطلق إنساني لا يسيء إلى الإنسان كإنسان وفي هذا السياق يقول العالم النفسي فكتور فرانكل :
" إن كشف الأقنعة عملية مشروعة تماماً، غير أني أرى أن الواجب يقضي بالتوقف عن ذلك حالما يواجه المرء ما هو أصيل الصدق - ما هو إنساني حقاً - في الإنسان . فإذا لم تتوقف العملية عند هذا الحد فالشيء الوحيد الذي يكشف عنه " العالم النفسي الكاشف " فعلاً هو " دافعه الخفي " وأعني به حاجته اللاواعية إلى الحط والانتقاص من إنسانية الإنسان "
بهذا التحليل النفسي العميق لفرانكل يدخل كل نقد للآخر ومحالة تقييمه في باب الكشف عن دوافعنا وقيمنا الإنسانية الحقيقية.
وعلاوة على ذلك وإضافة له فإن تجاوز نقد أفكار وتصرفات الإنسان لشخصه وإنسانيته أو عرقه وقوميته أو مذهبه تحوي نوعاً من انتقاص ودونية في ذات الناقد لنفسه يعكسها ويحررها بنقده للآخر وتجاوز فكرته أو حتى الخطأ الذي ارتكبه لنسبه للمورثات وإنسانية الإنسان الذي خلقه الله في أحسن تقويم وكرمه ، وإن الحسابات العلمية لخلق الكون في لحظة الانفجار العظيم تؤكد أنه لو تسارعت لحظاته لما خلقت الأرض ولو تباطئت كذلك لما وجدت الظروف المناسبة وكل الأدلة العلمية الحديثة تؤكد أن الكون أعد لحضور الإنسان ومراقبته لهذا الكون العظيم ، فلا قيمة لكون لا مراقب له كما لا قيمة لمسرحية بديعة من دون جمهور.
فالنقد عملية أصيلة للإنسان المراقب الشاهد لكنها لا تنطلق من منطلقات ذاتية بل من عقل موضوعي ومن دوافع إنسانية لا شخصانية
طارق حقي