قال مسلم بن الوليد كنت يوما جالساً عند خياط بازاء منزلي فمر بي انسان أعرفه فقمت اليه وسلمت عليه وجئت به الى منزلي لاضيفه وليس معي درهم بل كان عندي زوج أخفاف فارسلتها مع جاريتي لبعض معارفها فباعهما بتسعة دراهم واشترت بها ما قلته لها من الخبز واللحم فجلسنا نأكل وإذا بالباب يطرق فنظرت من شق الباب وإذا بانسان يسأل هذا منزل فلان ؟ ففتحت الباب وخرجت فقال أنت مسلم بن الوليد قلت نعم واستشهدت له بالخياط على ذلك فاخرج لي كتابا وقال هذا من الأمير
يزيد ين مزيد فإذا فيه قد بعثنا لك بعشرة آلاف درهم لتكون في منزلك وثلاثة آلاف درهم تتجمل بها لقدومك علينا فأدخلته الى دراي وزدت في الطعام واشتريت فاكهة وجلسنا فأكلنا ثم وهبت لضيفي شيئا يشتري به هدية لأهله وتوجهنا الى باب يزيد بالرقة فوجدناه في الحمام فلما خرج إستؤذن لي عليه فدخلت فإذا هو جالس على كرسي وبيده مشط يسرح به لحيته فسلمت عليه فرد أحسن رد وقال ما الذي أقعدك عنا ؟ قلت قلة ذات اليد وأنشدته قصيدة مدحته بها قال أتدري لم أحضرتك ؟ قلت لا أدري قال كنت عند الرشيد منذ ليال أحادثه فقال لي يا يزيد من القائل فيك هذه الأبيات
( سل الخليفة سيفا من بني مضر ... يمضي فيخترق الاجسام والهاما )
( كالدهر لا ينثني عما يهم به ... قد أوسع الناس إنعاما وارغاما ) فقلت والله لا أدري يا أمير المؤمنين فقال سبحان الله أيقال فيك مثل هذا ولا تدري من قاله ؟ فسألت فقيل لي هو مسلم بن الوليد فأرسلت اليك فانهض بنا الى الرشيد فسرنا اليه واستؤذن لنا فدخلنا عليه فقبلت الأرض وسلمت فرد على السلام فأنشدته ما لي فيه من شعر فأمر لي بمائتي ألف درهم وأمر لي يزيد بمائة وتسعين ألف درهم و قال ما ينبغي لي أن اساوي أمير المؤمنين في العطاء فانظر الى هذا التيسير الجسيم بعد العسر العظيم وما أحسن ما قيل
( الامن والخوف أيام مداولة ... بين الانام وبعد الضيق تتسع )