يحلو للتطوريين دوماً (وخاصة المبتدئين منهم) أن يذكروا أن كل شيء في النظرية (يسير على ما يرام)، وأن النسخة الحديثة من الداروينية (أو النظرية التركيبية الحديثة المعتمدة على الطفرات والانتخاب الطبيعي) قد قامت بتفسير التطور أفضل تفسير !!
ثم لا ينسى أن يكرر لك عبارتهم الشهيرة :
أن 99% من العلماء يؤيدون التطور !!
فهل هذه الادعاءات صحيحة ؟!

من جديد : سنرى حقيقة ذلك من كلام التطوريين أنفسهم : ومن داخل أشهر مؤتمراتهم !! ففي نوفمبر الماضي 2016م عقدت الجمعية الملكية مؤتمراً بعنوان (اتجاهات جديدة في البيولوجيا التطورية) New Trends in Evolutionary Biology حيث ألقى الكلمة الافتتاحية في المؤتمر أحد أشهر علماء البيولوجيا التطورية المعاصرين وهو البروفيسور النمساوي (جيرد مولر) Gerd B. Muller بروفيسور الأحياء النظرية بجامعة فيينا بأوستريا. وهي الكلمة التي لم يتم نشر نصها إلا في شهر أغسطس 2017م !! وكان عنوانها :
(لماذا أصبح ضرورياً التعديل في النظرية التركيبية التطورية) ؟
Why an extended evolutionary synthesis (EES) is necessary

هذا رابط مباشر تنزيل ملف pdf للكلمة (11 صفحة بالمراجع) :
http://rsfs.royalsocietypublishing.org/…/5/20170015.full.pdf

وسوف ننقل لكم ترجمة لبعض أهم ما قاله الرجل من اعترافات ثمينة (وهي صدمات للتطوريين الحالمين في عالم آخر لا يدرون بحجم الانتقادات العلمية والتجريببية لخرافة التطور الكبير Macro وعدم جدوى استمرار التزييف العلمي من وصف التكيف والتأقلم بالتطور الصغير Micro)
وسوف نضع النص الإنجليزي كاملا أولا ثم الترجمة .. وذلك تحسباً لأي تعديلات أو حذف للورقة مستقبلا
------------------

1-
يقول جيرد مولر في الصفحة 2 عن الوضع الجدلي الحالي حول التطور :
A rising number of publications argue for a major revision or even a replacement of the standard theory of evolution [2–14], indicating that this cannot be dismissed as a minority view but rather is a widespread feeling among scientists and philosophers alike.
الترجمة :
"ولذلك، فإن هناك أعداد متزايدة من الدراسات التي تدعو إلى إجراء تنقيح كبير أو حتى استبدال كامل لنظرية التطور القياسية، مما يشير إلى أن هذا التوجه لا يمكن رفضه باعتباره وجهة نظر أقلية، بل هو شعور واسع الانتشار بين العلماء والفلاسفة على حد سواء " !!

هل لاحظتم :
" شعور واسع الانتشار بين العلماء والفلاسفة " !!
ثم لا زالوا يكررون لك : 99% من العلماء يؤيدون التطور !!
-------------------

2-
ويواصل جيرد مولر من نفس الصفحة 2 قائلا :
Indeed, a growing number of challenges to the classical model of evolution have emerged over the past few years, such as from evolutionary developmental biology [16], epigenetics [17], physiology [18], genomics [19], ecology [20], plasticity research [21], population genetics [22], regulatory evolution [23], network approaches [14], novelty research [24], behavioural biology [12], microbiology [7] and systems biology [25], further supported by arguments from the cultural [26] and social sciences [27], as well as by philosophical treatments [28–31]. None of these contentions are unscientific, all rest firmly on evolutionary principles and all are backed by substantial empirical evidence
الترجمة :
" في الواقع، ظهرت على مدى السنوات القليلة الماضية أعداد متزايدة من التحديات للنموذج الكلاسيكي للتطور في مجالات عدة، مثل بيولوجيا النمو التطورية، والوراثة فوق الجينية، وعلم وظائف الأعضاء، وعلم الجينوم، وعلوم البيئة، وعلم الوراثة السكانية، والتطور التنظيمي، والنظم الشبكية، ودراسات ظهور الصفات المستحدثة، وعلم الأحياء السلوكي، وعلم الأحياء المجهرية، وبيولوجيا النظم، مدعومة أيضا بالكثير من الحجج من العلوم الثقافية والاجتماعية، فضلاً عن المعالجات الفلسفية. لا شيء من هذه الادعاءات غير علمي ! وكل هذه الادعاءات مؤسسة حول المبادئ التطورية وكلها مدعومة بأدلة تجريبية كثيرة." !!

أقرأتم ماذا قال عن هذه التحديات :
" وكل هذه الادعاءات مؤسسة حول المبادئ التطورية وكلها مدعومة بأدلة تجريبية كثيرة " !!
ثم لا زالوا يصفون كل ما ينتقد خرافة التطور والصدفى والعشوائية بـ (العلم الزائف) !!
----------------

3-
ويقول جيرد مولر في نفس الصفحة 2 عن رد فعل العلماء التطوريين أمام تلك التحديات للأسف :
Sometimes these challenges are met with dogmatic hostility, decrying any criticism of the traditional theoretical edifice as fatuous [32], but more often the defenders of the traditional conception argue that ‘all is well’ with current evolutionary theory, which they see as having ‘co-evolved’ together with the methodological and empirical advances that already receive their due in current evolutionary biology [33]. But the repeatedly emphasized fact that innovative evolutionary mechanisms have been mentioned in certain earlier or more recent writings does not mean that the formal structure of evolutionary theory has been adjusted to them.
الترجمة :
" غير أنه بعض الأحيان، تتم مواجهة هذه التحديات بنوع من "العداء العقائدي"، الذي يحاول مهاجمة وتفكيك أي انتقاد للمعبد النظري التقليدي باعتباره "طرحاً هزلياً"، وفي كثير من الأحيان يدافع المدافعون عن المفهوم التقليدي بأن "كل شيء على ما يرام" مع النظرية التطورية الحالية التي يرون أنها تسير جنباً إلى جنب مع الإطار المنهجي والتجريبي الذي يحظى باحترامهم في البيولوجيا التطورية بشكلها الحالي. ولكن الحقيقة التي تم تأكيدها مرارا وتكرارا أن الآليات التطورية التي ذكرت في بعض الكتابات السابقة أو الحالية لا تعني بالضرورة أن يتم وضع الهيكل الرسمي للنظرية التطورية ليناسب تلك الكتابات فقط " !!

والحقيقة :
كلام لن نجد مثله عند المدافعين (بعمى) عن خرافة التطور للأسف !! المشكلة أنه داخل الإطار المادي (أي المستبعد لأي ذكر أو تدخل إلهي) : فلن يجد هؤلاء إلا خرافة التطور كتفسير وحيد للحية والكائنات الحية .. هي اللاعب الوحيد على الساحة كما قال الفيلسوف ألفن بلانتنجا .. فكيف يتخلون عنه أو يقبلون نقده وليس وراءه إلا الاعتراف بوجود خالق (أو مصمم ذكي بحسب نظرية التصميم الذكي بغض النظر عن ماهيته) ؟
---------------

4-
ويزيد الأمر وضوحا جيرد مولر في الصفحة 8 بخصوص ردود أفعال التطوريين من دافع معرفتهم بورطتهم العلمية مع عدم وجود أي دليل تجريبي حقيقي على التطور الكبير (بعكس التكيف الذي أسموه زورا وبهتانا بالتطور الصغير) :
A subtler version of the this-has-been-said-before argument used to deflect any challenges to the received view is to pull the issue into the never ending micro-versus-macroevolution debate. Whereas ‘microevolution’ is regarded as the continuous change of allele frequencies within a species or population [109], the ill-defined macroevolution concept [36], amalgamates the issue of speciation and the origin of ‘higher taxa’ with so-called ‘major phenotypic change’ or new constructional types. Usually, a cursory acknowledgement of the problem of the origin of phenotypic characters quickly becomes a discussion of population genetic arguments about speciation, often linked to the maligned punctuated equilibria concept [9], in order to finally dismiss any necessity for theory change. The problem of phenotypic complexity thus becomes (in)elegantly bypassed. Inevitably, the conclusion is reached that microevolutionary mechanisms are consistent with macroevolutionary phenomena [36], even though this has very little to do with the structure and predictions of the EES. The real issue is that genetic evolution alone has been found insufficient for an adequate causal explanation of all forms of phenotypic complexity, not only of something vaguely termed ‘macroevolution’. Hence, the micro–macro distinction only serves to obscure the important issues that emerge from the current challenges to the standard theory
الترجمة :
" وهناك نسخة كذلك أكثر تعنتاً من هذه - وهي استخدام حجة "لقد تم ذكر ذلك من قبل" والتي تستخدم لتحويل أي تحديات تجاه الرؤية التي يتم استقبالها إلى جدال لا ينتهي حول (التطور الصغروي ضد التطور الكبروي). فبينما يعتبر "التطور الصغروي" هو التغير المستمر في ترددات الأليل داخل الأنواع أو السكان (توضيح : الأليل هو مكان الجين على الكروموسوم)، فإن مفهوم التطور الكبروي يظل غير محدد ويقوم بدمج مسألة الانتواع مع مسألة أصل "الأصناف الرئيسية" مع ما يسمى "بالتغيرات الظاهرية الرئيسية" أو نشوء البنى الجسمية الأساسية.
وعادة ما ينقلب الاعتراف الصريح بمشكلة أصل السمات الظاهرية سريعاً إلى مناقشة حجج الوراثة السكانية حول الانتواع، وغالبا ما تكون تلك المناقشة مرتبطة بإقحام مفهوم التوازن النقطي (توضيح : التوازن النقطي هي إحدى الأفكار المطروحة لتفسير عدم وجود حفريات بينية بصورة كثيرة ومتدرجة بين الأنواع وظهور الأنواع فجأة في السجل الحقري) وذلك من أجل الوصول في النهاية إلى إلغاء أية ضرورة لتغيير النظرية.
وبهذا يتم تجاوز مشكلة التعقيد البنائي بشكل أنيق. وفي النهاية، فلا مفر لهؤلاء من محاولة التوصل إلى استنتاج مفاده أن آليات التطور الصغروي تتسق مع التطور الكبروي، على الرغم من أن هذه الآليات ليس لها علاقة تذكر بتطوير الهيكل البنائي للنظرية وتنبؤاتها. القضية الحقيقية هنا هي أن التطور الجيني وحده غير كاف لإعطاء تفسير سببي مناسب لظهور التعقيد في السمات الظاهرية، ناهيك عن جعله جزءاً من شيء غامض يطلق عليه "التطور الكبروي". ومن ثم، فإن التمييز بين التطور الصغروي والكبروي لن يؤدي إلا إلى محاولة إخفاء المسائل الهامة التي تنشأ عن التحديات الراهنة التي تواجه النظرية التطورية القياسية " !!

لا تعليق
-----------------

5-
ونختم مع هذا النقل المطول من كلام جيرد مولر من الصفحة 3 : ونرجو الانتباه لما سيقوله في آخره :
As can be noted from the listed principles, current evolutionary theory is predominantly oriented towards a genetic explanation of variation, and, except for some minor semantic modifications, this has not changed over the past seven or eight decades. Whatever lip service is paid to taking into account other factors than those traditionally accepted, we find that the theory, as presented in extant writings, concentrates on a limited set of evolutionary explananda, excluding the majority of those mentioned among the explanatory goals above. The theory performs well with regard to the issues it concentrates on, providing testable and abundantly confirmed predictions on the dynamics of genetic variation in evolving populations, on the gradual variation and adaptation of phenotypic traits, and on certain genetic features of speciation. If the explanation would stop here, no controversy would exist. But it has become habitual in evolutionary biology to take population genetics as the privileged type of explanation of all evolutionary phenomena, thereby negating the fact that, on the one hand, not all of its predictions can be confirmed under all circumstances, and, on the other hand, a wealth of evolutionary phenomena remains excluded. For instance, the theory largely avoids the question of how the complex organizations of organismal structure, physiology, development or behavior — whose variation it describes — actually arise in evolution, and it also provides no adequate means for including factors that are not part of the population genetic framework, such as developmental, systems theoretical, ecological or cultural influences
الترجمة :
" كما يمكننا أن نلاحظ من المبادئ المذكورة، فإن نظرية التطور بشكلها الحالي موجهة في الغالب نحو تفسيرات جينية للتغير، وباستثناء بعض التعديلات الدلالية الطفيفة، لم يتغير هذا على مدى العقود السبعة أو الثمانية الماضية. ومهما كانت الضرورة تدفع إلى مراعاة عوامل أخرى غير تلك المقبولة تقليديا، فإننا نجد أن النظرية كما وردت في الدراسات الموجودة تركز على مجموعة محدودة من التفسيرات التطورية.
تعمل النظرية بشكل جيد "فقط" فيما يتعلق بالقضايا التي تركز عليها، موفرة تنبؤات قابلة للاختبار وقابلة للتأكد في نطاق الاختلاف الجيني في الأجيال الحالية، وفي نطاق الاختلاف التدريجي والتكيفي في الصفات الظاهرية وفي بعض الخصائص الجينية للأنواع. وإذا توقفت النظرية عن التفسير هنا (يقصد في نطاق دراسة التكيفات الحالية في الأنواع)، فلن يكون هناك خلاف.
غير أنه قد أصبح من المعتاد في البيولوجيا التطورية أن تقوم بأخذ مفاهيم الوراثة السكانية كتفسير مميز يصلح لتفسير جميع الظواهر التطورية. هذا الاتجاه يستبعد حقيقة أنه من ناحية لا يمكن تأكيد كل تنبؤات الوراثة السكانية في جميع الظروف، ومن ناحية أخرى يستبعد حقيقة أنه لا تزال هناك ثروة من الظواهر التطورية التي يتم استبعادها!
فعلى سبيل المثال، تتجنب النظرية إلى حد كبير مسألة كيفية نشوء النظم المعقدة للبنى الحيوية أو وظائف الأعضاء أو تطور السلوك - الذي يصفه الاختلاف التطوري - ، كما أن النظرية لا توفر وسائل كافية لاعتبار العوامل التي ليست جزءا من الإطار الجيني للسكان، مثل التنموية، والنظم النظرية، والتأثيرات البيئية أو الثقافية."

ونكتفي بهذا القدر ...
إعداد : أشرف قطب