فرانسيس بيكن ومختارات من كتاب ( الأورغانون الجديد ) ..


عماد البابلي
فرانسيس بيكن فيلسوف انكليزي ( 1561 - 1626 ) من رواد عصر التنوير ومن أتباع التجريبية العلمية ومن أنصارها الأوائل بعد عصور الانحطاط الفكري التي سادت أوربا .. أذا كان السومري أول من خط بالقلم فأن بيكن أول كتب المنطق العلمي بشكله الصحيح الحالي ، المنطق الذي علمنا كيف نفكر وكيف ندرك وكيف نميز بين الحقيقة والوهم ، قواعد بيكن العلمية كانت لها الفضل في انبثاق الثورة الصناعية الكبرى لاحقا وحتى علم النفس الحديث التجريبي يدين لبيكن الكثير ، فكل شيء عنده خاضع للتجربة والتدقيق العلمي حتى اللاهوت كان يدعوا لدراسته علميا حاله حال الفيزياء والكيمياء.. أنحدر بيكن من عائلة ارستقراطية عملت في قصور ملوك انكلترا ، درس في جامعة كامبريدج وهو في سن الثالثة عشر ، تخرج بعد أن درس الفلسفة والقانون ، سافر إلى فرنسا ليعمل ملحقا ثقافيا في السفارة الإنكليزية في باريس ، عاد إلى لندن بعد خبر وفاة والده سنة 1979 ، لم يرث شيئا يذكر لأنه كان الشقيق الأصغر شغل مناصب عديدة في القصر الملكي منها حامل أختام الملكة إليزابيث عن طريق علاقته الحميمة بالأمير ( اسكس ) الذي كان الأخير من أقرب المقربين من الملكة ، فيما بعد ساءت العلاقة بين الأمير والملكة فبقى بيكن محتارا بين طاعته للملكة وواجبه تجاه صديقه الذي طالما وقف معه في ظروفه المادية الصعبة ، ولكن ضحى بصديقه من أجل الملكة (! ) وشهد ضده في المحكمة ( !!) ، لم تجري الأمر كما يريد فيما بعد فقد طرد من القصر الملكي و أتهم بالرشوة والفساد وجرد من كل امتيازاته ، سجن لعدة سنوات وأصدر الملك عفوا عاما خرج بواسطته من السجن وحين تولى الملك شارل الأول السلطة عادت إليه كل الامتيازات السابقة ..
أهم ما أضافه بيكن للعلم هو نظريته الشهيرة عن أوهام العقل التي احتلت الفقرات 38 – 68 في كتابه ( الأورغانون الجديد ) ، تلك الأوهام التي فتكت بالبشرية على طول تاريخها ، التي فيها لا فكرة أو ظاهرة يمكن أن صحيحة وقابلة للتصديق العلمي الدقيق إلا أذا عبرت من تلك المرشحات الأربعة ، وهي :
أولا / أوهام القبيلة : لا يمكن الاعتماد على الحواس البشرية في قبول الحقائق .
ثانيا / أوهام الكهف: التكوين الفكري والاجتماعي الخاص بالفرد، هو حاجز يحول دون عبور الحقائق لنا.
ثالثا / أوهام السوق : اللغة ويقصد بها بيكن الألفاظ هي أكثر وأخطر الشبهات التي توقع العقل البشري في أخطاء لا حد لها .
رابعا / أوهام لمسرح : الموروث الفكري والثقافي القديم حين يقدس على أنه مسلمات وبديهيات غير قابلة للخطأ .

أهم مؤلفاته :
- الأورغانون الجديد ( وهو أهم مؤلفاته ) .
- الأطلنطية الجديدة ( يوتوبيا خيالية يعرض فيها بيكن أرائه الاجتماعية ) .
- تاريخ هنري .
- المقالات.
- النهوض بالعلم ( نشر باللغة اللاتينية ) .

مختارات من كتابه الكبير الأورغانون الجديد ( المنطق الجديد ) :
- أن كل ما كان جديرً بالوجود فهو جديرا أيضا بالمعرفة.
- يشتركون مع الأطفال في الميل إلى الكلام والعجز عن الإنتاج المثمر . ( في نقده لرجال الدين )
- أن الناس يتوهمون أن عقلهم يتحكم في الألفاظ، على حين أن الألفاظ هي التي تتحكم فيهم.
- المعرفة البشرية والقوة البشرية تلتقيان، فإذا ظل السبب مجهولا تعذر الإتيان بالنتيجة، لكي تؤمر الطبيعة يجب أن تطاع وذلك هو السبب في التأمل الذي هو القاعدة في مجال العمل.
- إن علم المنطق المستخدم الآن يعمل على تثبيت وترسيخ الأخطاء التي تجد أساسها في الأفكار الشائعة، بدلا من أن يساعد في البحث عن الحقيقة، لهذا الضرر منه أكثر من خيره .
- من العبث أن نتوقع تقدما هائلا في العلم عن طريق الإضافة وتطعيم الأشياء القديمة بأشياء جديدة ، علينا أن نبدأ من جديد ومن الأساس ، هذا إلا أذا أردنا أن ندور في حلقة من التقدم الوضيع المزري .
- هناك فرق كبير بين أصنام العقل البشري وبين الأفكار المقدسة، بكلمات أخرى بين عقائد فارغة وبين البصمات الحقيقية التي وضعت على أعمال الخلق والتي نعثر عليها في الطبيعة.
- كما أن قوانين السماوات والأرض مواضيع ملائمة للفلسفة فأن الحصول على معرفة جوهر النفس العاقلة عن طريق الفلسفة أمر غير ممكن .
- أفلاطون أفسد الفلسفة الطبيعية بلاهوته ( مثاليته المفرطة ) تماما كالذي فعله أرسطو بمنطقه.