النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: القرآن والأسماء الوهمية: من جوزف قزي الى لوكسمبورغ

  1. #1 القرآن والأسماء الوهمية: من جوزف قزي الى لوكسمبورغ 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10

    القرآن والأسماء الوهمية: من جوزف قزي الى لوكسمبورغ

    محمد حجيريالسبت 02/05/2015

    على هامش مقالتي زكي بيضون"بدايات الإسلام في عهدة مؤرخين غربيين" وحسين عبد الحسين "صليب هرقل وجغرافية الأقصى: إشكاليتان تاريخيتان"، لا بدّ من التطرق الى قضية تأتي في السياق نفسه، تتعلق بالاسلام وبداياته والقرآن ولغته. ففي خلال الحرب الأهلية اللبنانية (1975 -1991) برز اسمان مثيران للجدل والضجيج وربما "الفتنة" أو القلق، يكتبان دراسات واراء تهاجم الإسلام:

    الاسم الأول، مصطفى حجا وهو ينتمي من حيث بطاقة الهوية إلى الطائفة الشيعية وكان مقرباً من الأحزاب اليمينية (المسيحية) ويكتب في صحفها كجريدة "العمل" الكتائبية، وفي العام 1983 اتهمته المحكمة الشرعية الجعفرية (الشيعية) بالارتداد والكفر وأيدتها في ذلك دار الفتوى (السنية). وجحا، كان يوظف في مقالاته "علم النفس الفرويدي" ليكتب عن "الاسلام السني" -أو "السفياني" كما يسميه- إلى جانب كتاباته عن الخميني، وأصدر عملاً بعنوان "محنة العقل في الإسلام"، أدخل فيه نبي الاسلام من خلال مخيلته إلى العيادة الفرويدية، واسترسل في الحديث عن رغبات النبي الجنسية ومآربه وامنياته ونسائه، بطريقة يعتبرها المسلمون مسيئة لديانتهم، وهذا الموضوع ما زال الشغل الشاغل لعشرات الباحثين.

    الاسم الثاني: أبو موسى الحريري وهو اسم مستعار لراهب ماروني اسمه جوزف قزي ومن أشهر مؤلفاته "نبي الرحمة" و"قس ونبي، بحث في نشأة الإسلام"، ويعتبر قزي أن "القس اختار محمداً وتبناه"، ويعمد إلى فرضية يتعامل معها وكأنها حقيقة مطلقة مفادها أن ورقة بن نوفل، ذلك النصراني الأبيوني (فرقة دينية قديمة) والذي نسبت إليه مهمة تدريب النبي محمد تدريباً مكثفاً وأعده للنبوة حتى يكون محمد ما أراده ورقة في تقديم رسالة لجزيرة العرب يبشر بها، وتكون النصرانية دعامتها الأولى والأساسية. وهذا يعني أن القرآن ليس كتاباً منزلاً من الوحي على نبي الاسلام بل نسخة مترجمة من الإنجيل العبراني، وبالتالي فإن محمد، حسب زعم جوزف قزي، ما هو إلا مترجم إلى العربية لما تعلمه من ورقة بن نوفل قريب زوجته خديجة بنت خويلد، التي نصحته بأن يقص رؤياه على قريبها النصراني بعد نزول الوحي عليه، فأبلغه أنه نبي هذه الأمة و"خاتم الأنبياء المرسلين".

    وردّ الباحث زياد منى على قزي بكتاب "الإبيونيون وورقة ابن نوفل والإسلام"(دار قدمس) الذي قال فيه "ونرى أن بحثه المحموم عن دعم لآرائه المسبقة هو ما سبب تسرعه وبحثه عن الإثارة، ومحاولة اجبار المراجع على البوح بمعلومات لا تحويها". في المقابل أصدر الخوري يوسف الحداد المعروف بـ"الاستاذ حداد" وهو من منطقة القلمون السورية، كتاباً بعنوان "القرآن دعوة نصرانية، في سبيل الحوار الإسلامي المسيحي". قال فيه: "القرآن كله دعوة نصرانية. وقد درس محمد هذه الدعوة مدة خمس عشرة سنة بعد زواجه من خديجة، ثرية مكة، على يد ورقة بن نوفل"(لنا عودة لاحقة له).

    الرابط بين مصطفى حجا وجوزف قزي، أنهما يهاجمان أو ينتقدان الاسلام لغايات سياسية أو غرضية، قبل أن تكون معرفية أو علمية، وهما من افرازات العصبيات والحرب الأهلية، التي بعد نهايتها اغتيل مصطفى حجا في شرق بيروت في 15 كانون الثاني 1992، وباتت كتبه شبه محجوبة ونادرة في المكتبات اللبنانية، واحتفلت عائلته قبل مدة في إعادة اصدار كتابه "الخميني يغتال زراديشت"، أما جوزف قزي (أو أبو موسى الحريري) فاختفى، وقيل أنه يعيش في فرنسا، وخلال مرحلة تواجده هناك ظهر اسم كريستوف لوكسمبرغ (وهو اسم مستعار) صاحب كتاب "قراءة آرامية سريانية للقرآن" والذي وصفه المستشرق غيرهارد بروينغ بأنه مأخوذ عن كتب قزي. مما دفع بعض الباحثين (منهم الباحث اللبناني رضوان السيد) للشك في كون لوكسمبورغ هو نفسه جوزف قزي، وهذا الأمر ليس مستغرباً، فهانس شيلر ناشر كتاب "قراءة آرامية سريانية للقرآن"، اعترف أن اسم المؤلف مستعار وهو مسيحي لبناني، وقد دفعه إلى ذلك الخوف على حياته من المتطرفين المسلمين الذين قد يثيرهم ما ورد في الكتاب من نتائج تهدم إرثهم القديم عن القرآن. وبعض المصادر الخاصة، تفيد ان لوكسمبرغ هو في الواقع اسم "أدبي" لكاتب سرياني – سوري.

    يعرّف لوكسمبرغ نفسه على أنه عالمٌ ألماني متخصص في اللغات السامية القديمة، ويدرّس في الجامعات الألمانية، من دون ذكر لأسم هذه الجامعات. وأثار كتابه نقاشات عديدة في ألمانيا وعموم أوروبا وبعض العالم الإسلامي، وكان منطلقاً للعديد من الدراسات حول اللغات السامية والأساطير الآرامية – المسيحية القديمة والأصول القرآنية، مثل أي كتاب يقدم وجهة نظر مختلفة عن السائد، وبغض النظر عن جديّتها أو هشاشتها، فلوكسمبرغ ادعى أنه يفك "شيفرة القرآن" والمعنى الأصلي له، وعلى هذا لم يكن مستغرباً ان يتلقف بعض الباحثين الغربيين الفكرة ويفتحون النقاش حول القرآن الذي طالما شغلهم وقدموا حوله الأبحاث اكثر من اصحاب الشأن والعلاقة، أحياناً بطرق علمية لا عقائدية وأحياناً أخرى بطرق استشراقية وسطحية.

    ثمة باحث اعتبر أن ما كتبه لوكسمبرغ يبين أنه ليس عالماً باللغات السامية القديمة بل إنه واحد من أولئك الذين يتكلمون بعض اللهجة العربية، وليس له تمكن من الفصحى، وله معرفة بالسريانية بالقدْرِ الذي يمكّنه من استخدام القاموس السرياني، مع فهم سطحي لمنهجيات اللغات السامية المقارنة. وكتابه ليس عمل عالم محترف، لكنه عمل هاوٍ ومع ذلك وأثارت دراسته انتباهاً شعبياً واعلامياً، دفعت الكثيرين من الباحثين إلى الاهتمام بهذه القضية، ونشرت حولها بعض الدراسات الاجنبية المترجمة على مواقع الانترنت (الحوار المتمدن، شبكة اللادنيين العرب، معابر).

    بالطبع، بعض هذه الدراسات فيها شيء من الجموح، فبمجرد أن تكون القضية تخص القرآن، فهي تدغدغ أفكار بعض الكتّاب الذي يعيشون الاسلاموفوبيا، لكن دانيال ماديغان من الجامعة الغريغورية البابوية في روما، يقول في تصديره كتاب "القرآن في محيطه التاريخي"(منشورات الجمل) إنه "بسبب الافتراضات المسبقة التأويلية واللاهوتية التي اعتمدت كأساس في عمل لوكسمبرغ، والافتقار إلى فهم واضح لكيفية عمل وتكوّن اللغة، يتساءل المرء عما إذا لم تكن مقاربته توحل المياه بدلاً من أن تنقيها". يضيف ماديغان "ان لوكسمبرغ يقترح أن "يفك" لنا المعنى الاصلي للقرآن، الذي وقع حتى الآن – كما يدّعي – سجين عجز التراث الاسلامي عن فهم وتقدير دور السريانية – الآرامية في تشكيل القرآن ولغته. خلف ذلك الهدف، يكمن افتراض أنّ المعنى الحقيقي للقرآن يجب أن يعثر عليه في النص نفسه، أو على الأدق خلف النص في فكر الكاتب الأصلي". ويصنف ماديغان كتابة لوكسمبرغ ضمن السذاجة التفسيرية التي تنشئ الجاذبية الشعبية، والاستجابة الشعبية.

    ابن ورّاق اسم آخر اشتهر في نقده للاسلام، هو الاسم المستعار أو المزيف لكاتب من أبوين هنديين يعيشان في باكستان. درس في جامعة أدنبرة في بريطانيا على يدي المستشرق مونتغومري وات. منذ انتقاله وعيشه في الغرب، صار نقده للاسلام هوساً واسلاموفوبياً. كثيراً ما كتب ابن ورّاق أفكاراً تعميمة وعنصرية، وتحدث عن مواضيع مثل أصل القرآن وحياة نبي الاسلام وكتب "لماذا لست مسلماً" الذي يعدد فيه اسباب عدم كونه مسلما، ليس له كتب مترجمة على العربية على حد علمنا، لكن نشرت له بعض المقالات في المواقع الالكترونية العربية ذات التوجه "الإلحادي والعلماني".

    يبرر ابن ورّاق نشر كتبه باسم مستعار لأن إسمه موضوع في عدة قوائم لأشخاص تقررت تصفيتهم جسدياً مثل سلمان رشدي. ولا يود إثارة غضب أفراد من عائلته ينتمون إلى الإسلام. ويعتبر أن سبب وضعه على لائحة الإغتيال لكونه انتقد الإسلام وطريقة التفسير الحرفي للقرآن. لكن عالم الأديان هربيرت بيرغ وصفه بأنه "انفعالي ومتضارب في الأقوال". وحتى الآن ما زال ابن ورّاق يكتب بهذا الاسم الذي يوحي بأنه تراثي، ولكن في المدة الاخيرة ظهر على الملأ، انتشرت صورته ولكنه بقي محتفظاً باسمه المستعار.

    بين جوزف قزي ولوكسمبرغ وابن ورّاق غاية واحدة، هي المقارعة في نشأة الاسلام واصول القرآن وبداياته ومحاولة الحد من "قدسيته" لدى المسلمين، هذه القضية التي شغلت الكثيرين من الباحثين وألفوا فيها آلاف الأبحاث لكنها لم تؤد في الواقع الى تغيير يذكر في توجهات المسلمين العاديين وعصبياتهم وأفكارهم الغيبية، والاهتمام بها يقتصر على نخبة تتحاور من خلال الانترنت الذي بات بحراً للأفكار، لكن في زمنه ولدت دولة اسمها "داعش".

    باختصار، الضجيج الذي أحدثه لوكسمبرغ (المستعار) في أوروبا الآن، وفي الأمس حول القرآن وبدايات الاسلام، مصدره جوزف قزي الذي انتشرت كتبه على الانترنت وهي على الأرجح غير متوفرة في أي مكتبة من المكتبات.


    القرآن والأسماء الوهمية: من جوزف قزي الى لوكسمبورغ

    محمد حجيريالسبت 02/05/2015

    على هامش مقالتي زكي بيضون"بدايات الإسلام في عهدة مؤرخين غربيين" وحسين عبد الحسين "صليب هرقل وجغرافية الأقصى: إشكاليتان تاريخيتان"، لا بدّ من التطرق الى قضية تأتي في السياق نفسه، تتعلق بالاسلام وبداياته والقرآن ولغته. ففي خلال الحرب الأهلية اللبنانية (1975 -1991) برز اسمان مثيران للجدل والضجيج وربما "الفتنة" أو القلق، يكتبان دراسات واراء تهاجم الإسلام:

    الاسم الأول، مصطفى حجا وهو ينتمي من حيث بطاقة الهوية إلى الطائفة الشيعية وكان مقرباً من الأحزاب اليمينية (المسيحية) ويكتب في صحفها كجريدة "العمل" الكتائبية، وفي العام 1983 اتهمته المحكمة الشرعية الجعفرية (الشيعية) بالارتداد والكفر وأيدتها في ذلك دار الفتوى (السنية). وجحا، كان يوظف في مقالاته "علم النفس الفرويدي" ليكتب عن "الاسلام السني" -أو "السفياني" كما يسميه- إلى جانب كتاباته عن الخميني، وأصدر عملاً بعنوان "محنة العقل في الإسلام"، أدخل فيه نبي الاسلام من خلال مخيلته إلى العيادة الفرويدية، واسترسل في الحديث عن رغبات النبي الجنسية ومآربه وامنياته ونسائه، بطريقة يعتبرها المسلمون مسيئة لديانتهم، وهذا الموضوع ما زال الشغل الشاغل لعشرات الباحثين.

    الاسم الثاني: أبو موسى الحريري وهو اسم مستعار لراهب ماروني اسمه جوزف قزي ومن أشهر مؤلفاته "نبي الرحمة" و"قس ونبي، بحث في نشأة الإسلام"، ويعتبر قزي أن "القس اختار محمداً وتبناه"، ويعمد إلى فرضية يتعامل معها وكأنها حقيقة مطلقة مفادها أن ورقة بن نوفل، ذلك النصراني الأبيوني (فرقة دينية قديمة) والذي نسبت إليه مهمة تدريب النبي محمد تدريباً مكثفاً وأعده للنبوة حتى يكون محمد ما أراده ورقة في تقديم رسالة لجزيرة العرب يبشر بها، وتكون النصرانية دعامتها الأولى والأساسية. وهذا يعني أن القرآن ليس كتاباً منزلاً من الوحي على نبي الاسلام بل نسخة مترجمة من الإنجيل العبراني، وبالتالي فإن محمد، حسب زعم جوزف قزي، ما هو إلا مترجم إلى العربية لما تعلمه من ورقة بن نوفل قريب زوجته خديجة بنت خويلد، التي نصحته بأن يقص رؤياه على قريبها النصراني بعد نزول الوحي عليه، فأبلغه أنه نبي هذه الأمة و"خاتم الأنبياء المرسلين".

    وردّ الباحث زياد منى على قزي بكتاب "الإبيونيون وورقة ابن نوفل والإسلام"(دار قدمس) الذي قال فيه "ونرى أن بحثه المحموم عن دعم لآرائه المسبقة هو ما سبب تسرعه وبحثه عن الإثارة، ومحاولة اجبار المراجع على البوح بمعلومات لا تحويها". في المقابل أصدر الخوري يوسف الحداد المعروف بـ"الاستاذ حداد" وهو من منطقة القلمون السورية، كتاباً بعنوان "القرآن دعوة نصرانية، في سبيل الحوار الإسلامي المسيحي". قال فيه: "القرآن كله دعوة نصرانية. وقد درس محمد هذه الدعوة مدة خمس عشرة سنة بعد زواجه من خديجة، ثرية مكة، على يد ورقة بن نوفل"(لنا عودة لاحقة له).

    الرابط بين مصطفى حجا وجوزف قزي، أنهما يهاجمان أو ينتقدان الاسلام لغايات سياسية أو غرضية، قبل أن تكون معرفية أو علمية، وهما من افرازات العصبيات والحرب الأهلية، التي بعد نهايتها اغتيل مصطفى حجا في شرق بيروت في 15 كانون الثاني 1992، وباتت كتبه شبه محجوبة ونادرة في المكتبات اللبنانية، واحتفلت عائلته قبل مدة في إعادة اصدار كتابه "الخميني يغتال زراديشت"، أما جوزف قزي (أو أبو موسى الحريري) فاختفى، وقيل أنه يعيش في فرنسا، وخلال مرحلة تواجده هناك ظهر اسم كريستوف لوكسمبرغ (وهو اسم مستعار) صاحب كتاب "قراءة آرامية سريانية للقرآن" والذي وصفه المستشرق غيرهارد بروينغ بأنه مأخوذ عن كتب قزي. مما دفع بعض الباحثين (منهم الباحث اللبناني رضوان السيد) للشك في كون لوكسمبورغ هو نفسه جوزف قزي، وهذا الأمر ليس مستغرباً، فهانس شيلر ناشر كتاب "قراءة آرامية سريانية للقرآن"، اعترف أن اسم المؤلف مستعار وهو مسيحي لبناني، وقد دفعه إلى ذلك الخوف على حياته من المتطرفين المسلمين الذين قد يثيرهم ما ورد في الكتاب من نتائج تهدم إرثهم القديم عن القرآن. وبعض المصادر الخاصة، تفيد ان لوكسمبرغ هو في الواقع اسم "أدبي" لكاتب سرياني – سوري.

    يعرّف لوكسمبرغ نفسه على أنه عالمٌ ألماني متخصص في اللغات السامية القديمة، ويدرّس في الجامعات الألمانية، من دون ذكر لأسم هذه الجامعات. وأثار كتابه نقاشات عديدة في ألمانيا وعموم أوروبا وبعض العالم الإسلامي، وكان منطلقاً للعديد من الدراسات حول اللغات السامية والأساطير الآرامية – المسيحية القديمة والأصول القرآنية، مثل أي كتاب يقدم وجهة نظر مختلفة عن السائد، وبغض النظر عن جديّتها أو هشاشتها، فلوكسمبرغ ادعى أنه يفك "شيفرة القرآن" والمعنى الأصلي له، وعلى هذا لم يكن مستغرباً ان يتلقف بعض الباحثين الغربيين الفكرة ويفتحون النقاش حول القرآن الذي طالما شغلهم وقدموا حوله الأبحاث اكثر من اصحاب الشأن والعلاقة، أحياناً بطرق علمية لا عقائدية وأحياناً أخرى بطرق استشراقية وسطحية.

    ثمة باحث اعتبر أن ما كتبه لوكسمبرغ يبين أنه ليس عالماً باللغات السامية القديمة بل إنه واحد من أولئك الذين يتكلمون بعض اللهجة العربية، وليس له تمكن من الفصحى، وله معرفة بالسريانية بالقدْرِ الذي يمكّنه من استخدام القاموس السرياني، مع فهم سطحي لمنهجيات اللغات السامية المقارنة. وكتابه ليس عمل عالم محترف، لكنه عمل هاوٍ ومع ذلك وأثارت دراسته انتباهاً شعبياً واعلامياً، دفعت الكثيرين من الباحثين إلى الاهتمام بهذه القضية، ونشرت حولها بعض الدراسات الاجنبية المترجمة على مواقع الانترنت (الحوار المتمدن، شبكة اللادنيين العرب، معابر).

    بالطبع، بعض هذه الدراسات فيها شيء من الجموح، فبمجرد أن تكون القضية تخص القرآن، فهي تدغدغ أفكار بعض الكتّاب الذي يعيشون الاسلاموفوبيا، لكن دانيال ماديغان من الجامعة الغريغورية البابوية في روما، يقول في تصديره كتاب "القرآن في محيطه التاريخي"(منشورات الجمل) إنه "بسبب الافتراضات المسبقة التأويلية واللاهوتية التي اعتمدت كأساس في عمل لوكسمبرغ، والافتقار إلى فهم واضح لكيفية عمل وتكوّن اللغة، يتساءل المرء عما إذا لم تكن مقاربته توحل المياه بدلاً من أن تنقيها". يضيف ماديغان "ان لوكسمبرغ يقترح أن "يفك" لنا المعنى الاصلي للقرآن، الذي وقع حتى الآن – كما يدّعي – سجين عجز التراث الاسلامي عن فهم وتقدير دور السريانية – الآرامية في تشكيل القرآن ولغته. خلف ذلك الهدف، يكمن افتراض أنّ المعنى الحقيقي للقرآن يجب أن يعثر عليه في النص نفسه، أو على الأدق خلف النص في فكر الكاتب الأصلي". ويصنف ماديغان كتابة لوكسمبرغ ضمن السذاجة التفسيرية التي تنشئ الجاذبية الشعبية، والاستجابة الشعبية.

    ابن ورّاق اسم آخر اشتهر في نقده للاسلام، هو الاسم المستعار أو المزيف لكاتب من أبوين هنديين يعيشان في باكستان. درس في جامعة أدنبرة في بريطانيا على يدي المستشرق مونتغومري وات. منذ انتقاله وعيشه في الغرب، صار نقده للاسلام هوساً واسلاموفوبياً. كثيراً ما كتب ابن ورّاق أفكاراً تعميمة وعنصرية، وتحدث عن مواضيع مثل أصل القرآن وحياة نبي الاسلام وكتب "لماذا لست مسلماً" الذي يعدد فيه اسباب عدم كونه مسلما، ليس له كتب مترجمة على العربية على حد علمنا، لكن نشرت له بعض المقالات في المواقع الالكترونية العربية ذات التوجه "الإلحادي والعلماني".

    يبرر ابن ورّاق نشر كتبه باسم مستعار لأن إسمه موضوع في عدة قوائم لأشخاص تقررت تصفيتهم جسدياً مثل سلمان رشدي. ولا يود إثارة غضب أفراد من عائلته ينتمون إلى الإسلام. ويعتبر أن سبب وضعه على لائحة الإغتيال لكونه انتقد الإسلام وطريقة التفسير الحرفي للقرآن. لكن عالم الأديان هربيرت بيرغ وصفه بأنه "انفعالي ومتضارب في الأقوال". وحتى الآن ما زال ابن ورّاق يكتب بهذا الاسم الذي يوحي بأنه تراثي، ولكن في المدة الاخيرة ظهر على الملأ، انتشرت صورته ولكنه بقي محتفظاً باسمه المستعار.

    بين جوزف قزي ولوكسمبرغ وابن ورّاق غاية واحدة، هي المقارعة في نشأة الاسلام واصول القرآن وبداياته ومحاولة الحد من "قدسيته" لدى المسلمين، هذه القضية التي شغلت الكثيرين من الباحثين وألفوا فيها آلاف الأبحاث لكنها لم تؤد في الواقع الى تغيير يذكر في توجهات المسلمين العاديين وعصبياتهم وأفكارهم الغيبية، والاهتمام بها يقتصر على نخبة تتحاور من خلال الانترنت الذي بات بحراً للأفكار، لكن في زمنه ولدت دولة اسمها "داعش".

    باختصار، الضجيج الذي أحدثه لوكسمبرغ (المستعار) في أوروبا الآن، وفي الأمس حول القرآن وبدايات الاسلام، مصدره جوزف قزي الذي انتشرت كتبه على الانترنت وهي على الأرجح غير متوفرة في أي مكتبة من المكتبات.

    رد مع اقتباس  
     

  2. #2  
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    جدال حول القرآن ... رد موجز على المستشرق كريستوف لوكسنبرغ


    نجيب المغربي
    الحوار المتمدن-العدد: 4733 - 2015 / 2 / 27 - 23:05
    المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



    سأحاول الرد عل بعض التناقضات و الأخطاء المنهجية و المعرفية التي سقط فيها المستشرق كريستوف لوكسنبرغ انطلاقا من خلاصة البحث الذي استشهد ببعض متنها خلال الاستجواب الصحفي ، منبها الى ان البحث يبقى مجرد محاولة تفسير تنطلق من فرضية مسبقة تعتمد منهجيا على جملة أخطاء لتصل الى نتيجة مطابقة للفرضية ، و هو ما يؤكد اعتماد المنهج الاستدلالي لا المنهج الاستنباطي كما يدعيه المستشرق الالماني صاحب الكتاب( و لا غرابة في ذلك اذا عرفنا ان العقل الألماني في مجالات البحث الانساني عموما و الفلسفي هو عقل يتميز بالميل الى البناء النسقي لا الى البناء التحليلي التفكيكي ، هذا الاخير الذي كان من المفروض ان يناسب عملا ينطلق من زاوية نظر لغوية - تاريخية تربط بين الالسنية المقارنة و التاريخ الثقافي و تاريخ الفكر) . و حتى لا يقع القارئ فيما يراد له ان يقبل به كبديهيات سارد نقطة بنقطة و حجة بأخرى، و عليه فإني سأوجز ملاحظاتي على شكل نقاط كالتالي :

    -1
    "وهو يقول أنّ القرآن قد تمّ تأليفه على يد متكلّمين سريان ـ أراميين - مسيحيين، بغرض تنصير العرب.وقد قام بتفسيره بطريقة جديدة "

    تظهر هنا أولى التناقضات التي تفضح طبيعة التصور المسبق الذي يعكس لا ضعف المنهج،على اعتبار اشكالية المنهج في عموم العلوم الانسانية،و لكن ايضا ضعف الطرح،حيث ان النص المؤسس الذي هو هنا القرآن كما يزعم الباحث اريد به تنصير العرب،و هذه سقطة كبيرة حيث ان عملية التنصير لم تكن تحتاج الى ايجاد نص مواز للعهد الجديد و معه العهد القديم بقدر ما كانت تحتاج فقط و بكل بساطة الى نقل هذين النصين عبر ترجمتهما و اشاعتهما بين الشعب المستهدف و المحدد في مجاله الجغرافي المختلف الذي هو وسط شبه جزيرة العرب.هذا احد اوجه تناقض يكفي ليطيح بكامل البناء الذي سيعقبه لانه خطأ منطقي واضح،و اذا ما اضفنا اليه ما قادت اليه عملية التنصير المخطط لها من ظهور دين جديد و مميز هو الاسلام أي ان المرادون بالتنصير تأسلموا بدل ان يتنصروا يكتمل كامل الوجه المرتبك للنظرية التي بنى عليها الكاتب تصوره المضطرب و الموجه بشكل غير حيادي فيما سيأتي فيما بعد و هو ما يتنافى مع قواعد واخلاق و اسس البحث العلمي .

    -2
    " فالبحث الغربي في القرآن، والذي لم تمّ توجيهه بأسلوب منتظم إلا منذ حوالي منتصف القرن التاسع عشر، اعتمد في أساسه على تعليقات وتفسيرات الفقهاء العرب. لكنه لم يتجاوز التفسيرات الاشتقاقية لبعض مصطلحات الأصل الأجنبي "

    طبعا، من الواضح هنا أن الباحث يحاول فرش الأرضية لتصوره بتقديمه كتجاوز للتفسيرات الاستشراقية التي سبقته و التي شغلت زهاء قرن و نصف كاملين ، اي انه يريد اثبات عجز المناهج التقليدية المعتمدة في مقارباتها لتفسير القرآن على النصوص الثراثية العربية خصوصا و الاسلامية عموما ، التي بنيت على هامش القرآن . و هو هنا يحاول أن يعرض لمنهج جديد كلية في بحث النص الديني الاسلامي الاساسي من منظور تاريخي و لغوي هذه المرة لا يولي اي اعتبار الى التفسير المعتمد على كشف المعاني الخفية لبعض الكلمات بالقرآن انطلاقا من ردها الى اصولها اللغوية المستوردة منها الى اللغة العربية حسب علاقات الاشتقاق المفسرة بالفقر الاصطلاحي او بالصراع اللغوي بين الألسن الذي يتبع علاقات الصراع و موازين الهيمنة السياسية و الثقافية بين حضارات او شعوب مختلفة و متجاورة .
    اذن فمعنى التاريخ الاسلامي هنا لن يعطى بالعودة الى النص المقدس : القرآن لوحده ، و ان انفتاح التفسير سيتجاوز ذلك الى اعطاء تفسير أكثر شمولا و عمقا يمزج المنهج اللغوي ( الاشتقاقي) و المنهج التاريخي ( الذي لا يعني به الباحث سوى تاريخ الاديان اي قراءة القرآن على ضوء الكتب المقدسة التي سبقته) في محاولة منه لإيجاد دلائل اسطوغرافية اكثر منها فيلولوجية .

    3-
    " فعندما تمّ جمع القرآن، لم تكن اللغة العربية موجودة بشكلها الكتابي [التدويني]، لذلك كان هذا بمثابة دليل بالنسبة لي يجب أخذه بعين الاعتبار وعدم التغاضي عنه... وفوق كل ذلك، اللغة الآرامية في ذلك العصر _بين القرن الرابع والسابع للميلاد_ لم تكن اللغة الكتابية الوحيدة المعتمدة في التواصل فحسب، بل كانت أيضاً اللغة المشتركة لجميع سكان تلك المنطقة في جنوبي قارة آسيا "

    و إن كان من المقبول افتراض غياب اي وجود للعربية قبل جمع القرآن، نظرا لافتقدانا لأية دلائل أركيولوجية تفنذ هذا الطرح الاقرب الى الصحة علميا ، كما لا ننسى في المقابل غياب أي دليل أركيولوجي أو أنثربولوجي حتى على سيادة الآرامية وسط شبه الجزيرة العربية حيث ما يدحض مزاعم تحدث العرب للآرامية ضمن ذلك المجال الجغرافي كلغة ثقافة و بالأحرى أن تكون لغة للنص القرآني نفسه . إلا أننا نفاجئ بالباحث يضيف فرضية أخرى لتعزيز اسس بحثه الموجه، و هي هنا فرضية تعمد الى خلط سيادة الارامية كلغة كتابة في المنطقة كما سادت في مناطق اخرى كفارس، بسيادة الارامية كلغة شفوية في مجموع المنطقة و في شبه الجزيرة العربية عموما و وسطها خصوصا. و هذا الادعاء مردود ليس فقط لاستحالة تبريره اركيولوجيا و لكن لاستحالة تبريره من منظور التاريخ الألسني و الثقافي لضعف فرضيته لاسباب سنأتي على بعضها في حينها، نذكر هنا بشكل مقتضب ان محاولة الخلط هاته تهدم نظرية تجاور اللغات السامية: الفينقية و الارامية -السريانية و العربية و العبرية و الأمهرية ... الخ ، باعتبارها تنحدر من اصل مشترك ليس بالضرورة ان يكون ذا تعريف اثنوغرافي (سلالة سامية ) ولكن اصل لساني تتفرع عنه لغات متقاربة من الناحية المعجمية و التركيبية و الصرفية و الصوتية، و هي الأدلة التي استندت اليها مجمل الدراسات التي قام بها معظم المستشرقين ان لم نقل كلهم في بحوثهم كمتخصصين في اللغات الشرقية القديمة، والذين جاءت نتائج بحوثهم متطابقة .
    -4

    -" باشرت بقراءة تزامنية. بمعنى آخر، وضعت في اعتباري كل من اللغتين العربية والآرامية. وبفضل هذا الإجراء، كنت قادراً على اكتشاف مدى التأثير المجهول وغير الملاحظ للغة الآرامية على لغة القرآن: في الحقيقة، معظم الألفاظ التي تندرج تحت تصنيف أنها -عربية كلاسيكية أو قديمة- هي من اشتقاقات آرامية ".

    ربما لا نحتاج هنا الى كثي جهد ، لاكتشاف تناقض مريع آخر في طرح الباحث ، حيث ان حديثه عن قراءة تزامنية يحيل مباشرة الى اقرار ضمني بتواجد لغتين مميزتين في حقبة تاريخية محددة هما الارامية و العربية ، الا ان هذه القراءة السانكرونية تنسف كليا فرضية تزمنية اللغتين اي بمعنى اخر ان تناقض اعتبار العربية متأخرة ديانكرونيا عن الارامية و منحدرة منها.أما حديثه عن وجود عربية قديمة سابقة تاريخيا للنص القرءاني الارامي الاشتقاق حسب زعمه فيسقطه في مفارقة وجود عربيتين احداهما قديمة و أخرى مستحدثة منها ، أما خلطه بين ظاهرتين لسانيتين مختلفتين تمام الاختلاف : الاشتقاق ( التقارض) و التفرع فيوضح حجم الخلط المتعمد، و الذي اراد من ورائه الباحث ممارسة الاحتيال العقلي لتمرير اسس نظريته و بالنهاية تأكيد نتيجة مغلوطة من ناحية البراهين المنطقية .

    و بناءا على ما سلف ، تصير فرضية كون اللغة العربية مزيجا من الارامية و السريانية ،كما اعتقد الباحث ، غير ذات جدوى لبناء حجاج يدعم نظريته، كما انها مردودة جملة و تفصيلا من جميع الوجوه لأنه يستحيل تشكل لغات هجينة ( كما هو الشأن مثلا بالنسبة للإيديش و اللادينو: خليط من العبرية ولغات اخرى)،على اعتبار أن عرب وسط شبه الجزيرة العربية لم يهاجروا شمالا خلال تلك الفترة، بل الارجح ان موجات هجرة ضعيفة هي ما عرفتها المنطقة من الشمال و الجنوب. لذلك فالعرب كاثنية محددة ضمن مجالها الجغرافي نجد و الحجاز عدا عن اليمن لم تعش الشتات ، و بنفس الشكل لم تعرف اي هيمنة سياسية من الحضارات المجاورة لها. حيث ان المصادر التاريخية لا تتحدث الا عن هيمنة رومانية و ساسانية على هوامش شبه الجزيرة العربية و اطرافها ، فيما لا يمكن لبعض المعطيات عن اجتياحات اشورية و كلدانية في مراحل معينة ان تعطى صفة سيادة أو استقرارا و احتلال كما هو الشأن بالنسبة للممالك العبرانية التي تعرضت لغزو آرامي و بابلي أدى الى قتل اللغة العبرية و الاستعاضة عنها بالآرامية منذ تلك الحقبة الى مرحلة احيائها - اي اللغة العبرية -مع نهاية ق 19 م . و بالتالي يتأكد بما لا يدع الشك استحالة اي تأثير آرامي على خصوصيات القومية العربية و بضمنها اللهجات العربية المتحدرة من لغة أم موحدة .

    -5

    -" إذا افترضنا أنّ عملية كتابة القرآن قد انتهت في السنةالتي توفي فيها النبي محمد_أي عام 632_فإننا نجد أنفسنا أمام فترة تبلغ قرابة 150 عام،لم يكن فيها أي أثر يذكر للغة العربية ."

    هنا يظهر خلط متعمد آخر، حيث ان تأييد معطى تاريخي دال على غياب اي أثر مكتوب وصلنا خلال قرن و نصف بعد تدوين القرآن، لا يعني أن اللهجات العربية ظلت مستمرة و متداولة بما فيها لهجة قريش التي بدأت تسيطر شيئا فشيئا على باقي اللهجات، بحكم ميزة وجود نص كتابي يحمل أغلب خصائصها مقارنة بنظيراتها من اللهجات القبلية العربية الاخرى . ما بوأها فيما بعد التحول الى لغة بعد تقعيدها و ضبط مختلف مظاهرها النحوية و الصرفية و المعجمية و الفونيتيكية خلال مرحلة متقدمة تاريخيا ، لتصير لغة العرب الموحدة. و هذا هو الاتجاه الطبيعي الذي أخذته كل اللهجات في عملية تحولها الى لغات قومية عبر سيطرة لهجة مكتوبة واحدة على لهجات اخرى لتصير لغة قومية، كما حدث بالنسبة للهجات الفرنسية مثل امع لهجة واحدة : لهجة باريس و للهجات الايطالية مع لهجة روما و قس على ذلك .
    بمعنى اخر ان دورة حياة الألسن تبدأ من لغة أم موحدة تتفرع عنها لغات مختلفة تبدأ في التباعد آخذة خصائصها المعزولة ، لتنقسم كل منها بفعل عامل الزمن و بفعل العزلة الى لهجات متعددة كميا لكل لغة، ثم سرعان ما يطرأ تحول نوعي تنفرد فيه إحداها و تسود كلغة مكتوبة مدعومة بالشروط الدينية او السياسية او هما معا لتصير لغة قومية و مستفيدة من احتوائها لجميع عناصر التركيب لأخواتها من اللهجات و اللهيجات و هكذا .

    6-

    " في ذلك الوقت، لم يكن هناك مدارس لتدريس اللغة العربية_باستثناء, على الأرجح، بعض المراكز المسيحية للأنبار و الحيرة ، في جنوب وادي الرافدين ، أو ما يسمى حالياً بالعراق. فالعرب القاطنين في تلك المنطقة تمّ تنصيرهم و تعليمهم أصول الديانة المسيحية على يد مسيحيين سوريين . لغتهم الطقوسية الأصلية كانت السريانية ـ الآرامية . و كانت بمثابة الوعاء الذي احتوى جلّ ثقافتهم ، و بشكلٍ عام لغة التواصل المدوّنة أو المكتوبة "

    كلما تقدم الباحث في طرحه، كلما تكشفت لنا تناقضات و اخطاء أخرى ، من بينها خطأ القفز على ان لغة القرآن كلغة مدونة هي المعادل الشفهي للهجة قريش او حتى جزء من القبائل العربية الاخرى التي كانت تتواصل بها لسانيا. اما الحديث عن فرضية تحول لغة ليتورجية خاصة بالطقوس حملها معهم بعض العرب المنصرين من شمال الجزيرة العربية لتسود كلهجة عامية فهو خطأ فادح ، لانه لا يستقيم منطقيا ان يتخلى اي مكون قومي عن لهجته المحلية - التي يمكن تشبيها بالكائن الحي- بشكل اعتباطي او ارادي و احلال لغة اخرى محلها الا بتدخل عوامل ترتبط بالاستعمار ، و تبعا لهذا يمكننا اسقاط مجمل العوامل المادية التاريخية التي تعمل على انقراض اللغات او سيطرة بعضها خارج مجالها القومي بفعل الهيمنة السياسية و العسكرية المباشرة .

    ، اضف الى ذلك أن اللغة التي تسيطر خارج مجالاتها القومية بفعل عوامل الاحتلال والاستطيان ، ليس فقط تتبادل التأثير و التأثر مع لغة الشعب الاصلي ، بل إنها هي من يتحول الى وعاء لثقافة البلد المحتل و ان كانت هي السائدة بمقياس التوازنات الالسنية. و ليس العكس كما يذهب الباحث و لعل مثال اللهجات العربية بشمال افريقيا بلاد الأمازيغ لدليل ساطع على هذه ظاهرة استبطان الاجنبي لثقافة البلد الذي يستوطنه ، و هو ما يتجلى في التقاليد الاجتماعية و الاعراف القانونية و النمط الثقافي العميق بشكل عام . عوضا عن احلال لغة الشعب الاصلي داخل لغة المحتل و اختراقها لها ضمن اطار صراع اللغات و التاثير عليها اكثر من التأثر بها من حيث المعجم و التركيب و الصرف و الاسلوب . لان اللهجات و اللغات ليست فقط ادوات تواصل بل هي ظواهر انثربولوجية تحمل أكثر ما تحمل مصفوفات و قوالب ثقافية تقاوم عناصرها التغيير ، و قد اثبت بعضها قدرة على المقاومة كلغات الشعوب الاصلية ال20 في العالم التي بقدر ما هي موغلة في التاريخ ، تواصل حياتها في التفاصيل الدقيقة للطوبونيميا المحلية الخاصة كما تتجذر محتفظة في بناها السحيقة كما السطحية على كثير من المحمولات التاريخية بخصوص الانثربولوجيا الثقافية و الدينية و الاجتماعية على سبيل المثال لا الحصر .

    7 -

    " فمن أجل نشر الإنجيل،اعتمدوا أساساً وبالضرورة على خليط أو مزيج من اللغات. و لكن في الوقت الذي لم تكن فيه اللغة العربية سوى مجموعة من اللهجات العامية أو المحلية و لم تكن قد اتخذت شكلاً كتابياً بعد، لم يكن أمام المبشرين أي خيار سوى أن يلجأوا إلى لغتهم الأدبية وثقافتهم الخاصة، و هي السريانية ـ للآرامية. و كانت النتيجة أن لغة القرآن قد ولدت كلغة كتابية عربية، إلا أنها أحد الاشتقاقات العربي ةـ الآرامية "

    هنا ربما يصدر كلام الباحث أعلاه عن معرفة باطنية اكثر منها عن استنتاجات علمية مبرهن عليها، و يواصل تفسير عملية التبشير الشاملة و المنظمة المزعومة التي يفترضها عبر رؤية ذاتية، يتمخض عنها تناقض صارخ آخر، حيث ان التبشير الذي من المفترض كما يقول الباحث انه جرى بخليط من اللغات الاجنبية وسط لهجات محلية لم يكفي القائمين عليه عناء توليد لغة أخرى ليست كما يفرض المنطق ان تكون ذات اصل عربي بل إنها لغة جرى التقعيد لها في مختبرات ما اعتمادا على اللغات الكتابية الارامية = السريانية ، لتصير لغة تأليف القرآن و تدوينه التي طبعا يجهلها عرب شبه الجزيرة العربية لانها لغة مستوردة ليتورجية غريبة و اجنبية، هذا الخيار الاصعب الذي شكل اسثناءا، بالمقارنة مع وضع اللاتينية لدى مسيحيي اليوم المتحدثين بلغات اروبية حديثة مختلفة .

    و لا أدري هنا ان كانت حقيقة استعمال الخط الارمي وتحويره لتحويل احدى اللهجات العربية الى لغة بقصد كتابة القرآن ، هي الفكرة التي أوحت الى الباحث بنظرية اشتقاق عربية القرآن من الارامية-السريانية ، لكن حتى هذا ليس اسثناءا يخص العربية وحدها ليوعز بمثل هذه الفرضية المتخبطة و العشوائية .

    -8

    - " نعم . أي شخص يريد أن يضع دراسة عن القرآن يجب أن تكون لديه خلفية في قواعد اللغة [السيروـ آرامية Syro-Aramaic] وأدب تلك الفترة،أي فترة القرن السابع الميلادي. عندها فقط سيكون بإمكانه تحديد المعنى الأصلي للتعابير العربية التي يمكن لتأويلاتها السيمانتيكية/اللفظية أن تؤسّس بشكل نهائي وقاطع على إعادة ترجمتها إلى السيروـ آرامية "

    هنا يصل التخبط مداه لدى المستشرق الالماني، لان بناء اي نظرية على خطأ وحيد أول يحوله االى سلسلة من الاخطاء الكاملة. و ان كنت لا انفي ورود كلمات غير عربية الاصل – المعجم - لكنها عربية التداول : فارسية ، و حبشية و ارامية و عبرانية و غيرها بالقرآن الكريم و هذا معلوم للكل تقريبا ، إلا اني لا أكاد أصدق حاجة المسيحيين الذين خاض البروتستانت منهم حروبا لأجل ترجمة العهد الجديد و القديم الى اللغات الهندوجرمانية ليتمكن الكاثوليك من ترجمته لاحقا الى اللغات الروتورومانية، إلى ضرورة تعلم العبرية و السريانية و اللاتينية ليصيروا كلهم فيلولوجيين، مع استحضا رالفرق بين عربية مطعمة ببضع كلمات وانجيل وصل عبر اكثر من لغة و ترجمة وسيطة . و هكذا يتبين بالملموس و بأقل ذكاء تحليلي أن المستشرق كريستوف لوكسنبرغ بحث لتأييد فرضيته في جميع الإتجاهات و يبدو بوضوح أنه لم يجد أيا منها للاسف ، و على العموم فان الاكتشاف الاخير للنسخة الاقدم للقرآن التي تعود الى 20 سنة بعد وفاة الرسول محمد صلى الله عليه و سلم تجعل مجمل طرح المستشرق كريستوف لوكسنبرغ مجرد فرضية باطلة و يجب ان تكون كاذبة ضرورة ما دامت الادلة الاسطوغرافية تسمح مع تقدم الزمن باستخراج الادلة من البيئة الثقافية
    رد مع اقتباس  
     

  3. #3  
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10


    «نيويورك تايمز»: كيف يرى المسيحيون القرآن الكريم؟
    قالت ليزلي هازلتون في مقال لها في صحيفة «نيويورك تايمز» إن الكثير من المسيحيين حاولوا قراءة القرآن الكريم لكنهم عجزوا عن فهمه. وعلى الرغم من أن المؤرخ الشهير توماس كارلايل كان قد وصف النبي محمد بأنه أحد أعظم الشخصيات في التاريخ، إلا أنه أكد أن فهم القرآن عملية في قمة الصعوبة.

    وأوضحت ليزلي أنها قد اطلعت على عدة ترجمات للقرآن على مر السنين، فوجدت نفسها تائهة في أرض إسلامية. قد يبدو القرآن كتابًا قصيرًا، لكنه ليس كتابًا يمكن للمرء قراءته خلال بضع ساعات. لكنها تمكنت من دراسته أخيرًا عبر عدة تراجم كجزء من بحث تجريه عن حياة النبي محمد. وقالت إن معظم من قرؤوا الكتاب المقدس لدى المسلمين أخرجوا المعاني عن سياقها تمامًا؛ بل واخترعوا أمورًا غير حقيقية، مثل فكرة مكافأة المؤمن بـ72 من الحور العين في الجنة، التي لم ترد في القرآن.
    تتساءل ليزلي: «ولكن، ماذا يحدث عندما يقرأ مفكر كاثوليكي بارز مثل جاري ويلز القرآن؟». وترد بأن النتيجة مذهلة. ولكن لا يعكس عنوان كتابه الأخير «ما يعنيه القرآن ولماذا هو مهم» هذا الأمر. تقول ليزلي إنها تعتقد أن العنوان المعيب للكتاب وُضع لأغراض تسويقية للربط بينه وبين كتب ويلز السابقة عن الكتب السماوية المسيحية واليهودية.
    وتشير الكاتبة إلى أن ما دفعه لقراءة القرآن كانت السياسة؛ إذ هاجم الجهل الديني والعلماني الذي أدى إلى غزو العراق، إحدى أطول حروب أمريكا الخارجية. كما أن الكتاب يتحدث عن نوع ثالث من الجهل «جهل الخوف» الذي يظهر في صورة «العداء للمسلمين»، وهو ما يذكرنا بالهستيريا المناهضة للشيوعية في الحرب الباردة.
    اقرأ أيضًا: «الإسلام الرسمي».. ما الذي يعنيه الصراع على المجال الديني؟
    لكن ويلز فحص القرآن بالعين الثاقبة نفسها التي أهلته للفوز بجائزة بوليتزر عن كتاب «لينكولن في جيتيسبورج»، فهو يغوص في أعماق النص بروح الاستكشاف، مانحًا منظورًا جديدًا حتى بالنسبة إلى أولئك الذين ظنوا أنهم فهموا القرآن جيدًا.
    يقول ويلز: «تسيطر ثقافة الصحراء على القرآن. ولم يمتدح أي كتاب مقدس المطر أو المياه عمومًا مثل القرآن». فبينما وصف الإنجيل الجنة بأنها «مثال حضري»، وصفها القرآن بأنها «واحة الواحات، تمتلئ بأنهار العسل، وتجري من تحتها الأنهار، وفيها الكثير من الينابيع». ويضيف: «في منتصف القرن الماضي، كانت هناك أغنية نسمعها في كل مكان، (ماء بارد) من غناء فون مونرو. وعندما قرأت القرآن، تذكرتها».
    يصف ويلز هذا الكتاب «بمحادثة أولى» –تشير ليزلي– لذلك فقد ابتهج عندما اكتشف أن «كل شيء يتحدث في القرآن الكريم. بالنسبة إلى الله، فإن المعنى الحقيقي للخلق هو التواصل. إن القرآن كُتب بلغة ترميزية. إذ يتحدث الله لغة خاصة، تشكل الجبال والكلمات والينابيع مقاطعها. وكل شيء له مدلول».



    لم تُعق نزعة ويلز الكاثوليكية فهمه للقرآن؛ بل طوعها بطرق مثيرة للاهتمام. تقول ليزلي إنها لا تتذكر اسم مفكر آخر يمكن أن يضع اقتباسات من كتب القديس أغسطينوس والقرآن جنبًا إلى جنب، مستمتعًا بالتناقض وعدم التجانس. أو تحديد أوجه التشابه والاختلاف بين النسخ التوراتية، والقرآنية في قصص موسى وإبراهيم ويسوع.
    يهتم ويلز اهتمامًا شديدًا بالسياق –تواصل ليزلي حديثها– ففي تناوله لكلمة الجهاد، يقارنها بكلمة «الصليبية» التي أثارت زوبعة في الشرق الأوسط. «بينما يمجد الغرب فكرة الحملة الصليبية، فهي ملطخة بالدماء الحمراء القذرة في وجدان العالم العربي».
    في الواقع، لا يعني الجهاد «الحرب المقدسة». وإنما «السعي»، مثل السعي إلى عيش حياة أخلاقية. إن توصية القرآن الرئيسية حول العنف هي وضع قيود على استخدامه، و«الامتناع عنه كلما أمكن». وفي الوقت الذي يشير فيه عدد قليل من الباحثين إلى الآيات التي تتعلق بالعنف، «فإن المضمون العام هو الرحمة والمغفرة، الذي يشار إليه كثيرًا». هذا هو ما يسعى إليه القرآن، وليس الحرب.
    أما الشريعة، يؤكد ويلز أن الكلمة وردت مرة واحدة فقط في القرآن، ولا تعني القانون، وإنما «المسار»، إذ يطمئن الله نبيه محمد أنه «على الطريق الصحيح». وعلاوة على ذلك، ليس هناك هيئة واحدة للشريعة. «فقد جرى تفسير العناصر الغامضة والمبهمة للشريعة في القرآن الكريم عبر تاريخ طويل ومثير للجدل، وقُسمت على فروع متعددة، كما هو الحال مع الشريعة المسيحية. وفي حين أن البعض يعتقد أن العقوبات الصارمة التي طبقها تنظيم الدولة الإسلامية هي جوهر الإسلام، فإن الغالبية العظمى من المسلمين، ومعظم رجال الدين، لا يقرون بعلاقتها بالقرآن».
    اقرأ أيضًا: ماذا نعرف عن المسيحيين في السعودية؟
    ويؤكد ويلز أن المرأة وردت بإيجاز في ثلاث سور بالقرآن الكريم، كما تنوه ليزلي. ثمة شعور بالانزعاج والتردد يقبع هنا، وكليهما له ما يبرره. صحيح أن القرآن يدعو كلًّا من النساء والرجال إلى الاحتشام، لكنه لم يأتِ على ذكر الحجاب، ناهيك عن جعله فرضًا. كما أن مسألة تعدد الزوجات كانت ممارسة سائدة قبل الإسلام.
    ويشير ويلز إلى أن كلًّا من التوراة والإنجيل والقرآن يمثل ديانة ما، ومن ثم فهي غير متجانسة، وكذلك المجتمعات التي تشكلت فيها. لكن الإساءة إلى المرأة لم ترد فيها؛ بل أكدت الكتب المقدسة الثلاثة على كرامة المرأة وقيمتها التي أوصى بها الله عندما خلقها.
    تختتم ليزلي بالقول إن ويلز ربما يكون قد كتب أفضل شرح للقرآن؛ بحث أنيق وثاقب، ومبهج في بعض الأحيان. لعله لا يستطيع أن يجعل قراءة القرآن متعة سهلة؛ لكن كتابه يضمن المتعة لأي أحد منفتح على الاكتشاف مثله.
    «نيويورك تايمز»: كيف يرى المسيحيون القرآن الكريم؟
    رد مع اقتباس  
     

  4. #4  
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    مجلة البيان - "وإنه يعلو ولا يُعلى"

    التاريخ : 12/2/2013 12:00:00 AM
    الكاتب : قـلـم الـتحـرير

    "وإنه يعلو ولا يُعلى"



    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
    إن أعداء الإسلام لا يفترون يكيدون لأهله حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبيّن لهم الحق. فهم تارة يهاجمون كتاب الله، وتارة سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وتارة أخرى ثوابت الدين التي نزل بها الوحي؛ لكنهم كلما أرادوا أن يطفئوا نور الله لم يزيدوه إلا تماماً، وكلما أرادوا نزعه من صدور الرجال لم يزيدوه إلا رسوخاً؛ ونضرب لذلك مثالاً.
    ففي عام 1977م نشرت جامعة أكسفورد كتاباً بعنوان «دراسات قرآنية» لأحد المستشرقين الأمريكيين يقال له «جون وانسبره» JohnWansbrough. زعم هذا الكاتب في سفره أن القرآن قول البشر، وأنه لم يظهر إلا بعد وفاة المصطفى صلى الله عليه وسلم، بل في القرن الثالث الهجري؛ وأنْ ليس ثمة دليل على وجود القرآن أصلاً في الحجاز، فمن أراد أن يجده فليلتمسه في موروث اليهود والنصارى في بلاد الرافدين. وممن تأثر بهذا الزعم باتريشيا كرون ومايكل كوك في كتابهما «الهاجرية»، وكذا كريستوف لوكسنبرغ في كتابه «قراءة سريانية/ آرامية للقرآن» - (يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً).
    وإن من حكمة الله عز وجل أن جعل إبطال هذه الدعاوى على أيدي أقوام من غير أهل الإسلام هم أنداد في العلم والرياسة لوانسبره وحزبه، حتى لا يظن جاهل أنه دفاع متحكم فرضته العاطفة، أو أملاه التعصب الأعمى.
    وإن مما يحسن في هذا السياق ذكر بعض شهادات أولئك القوم في الدفاع عن كتاب الله الحكيم، ونقد منطق المستشرقين السقيم.
    فهذا «ويليام موير» رغم تعصّبه يُقر في كتابه «حياة محمد صلى الله عليه وسلم» بعد حديثه عن الخلافات التي نشبت في عهد الخليفة عثمان رضي الله عنه، أنه «[برغم تلك الخلافات] لم يكن بين أيديهم سوى قرآن واحد. وإجماعهم في كل العصور على استعمال الكتاب نفسه إلى زمننا هذا [1858م] دليل حاسم على أن الذي بين أيدينا هو النص ذاته الذي أمر [عثمان] بجمعه...»[1].
    وهذا أدريان بروكيت يقول – بعد أن درس قراءتي حفصٍ وورشٍ –: «إن رواية النص القرآني بعد وفاة محمد صلى الله عليه وسلم كانت في جوهرها ثابتة ولم تكن متطورة؛ كان ثمة نص واحد فقط...»[2]. وفي هذا رد صريح على زعم وانسبره أن النص القرآني تطور عبر السنين ولم يكتمل إلا في القرن الثالث الهجري. وهو كلام لا يستند إلى حقائق البتة، حتى إن المستشرق الشهير «جوينبل» وصف نظرية وانسبره هذه بأنها «تغص بشاربها»[3].
    وفي ردٍّ على زعم وانسبره أن في القرآن من «الحذف والتكرار ما يشير إلى أنه... نتاج جمع لروايات مستقلة في أصلها»، يقول ر. ب. سارجنت: «إنه بهذا يحاول أن يستنسخ العملية التي أُقرت بها الكتب القانونية للكتاب المقدس فيركبها على القرآن، لكنها لم تسعفه!»[4].
    هذا في الحقيقة هو ما دفع وانسبره إلى اختلاق نظريته الواهية، فإنه لما عجز عن أن يثبت صدق ما بين يديه من كتابٍ مُبدَّل، عمَدَ إلى كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؛ طمعاً في أن يزعزع مكانه في قلوب المؤمنين، ليصدق في مثله قول الله عز وجل: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} [النساء: 89] ، لكن الله سلط عليه من بني جلدته من ألقمه حجراً.
    إن دعاوى وانسبره وحزبه لا تقوم أمام النقد العلمي المنصف، ولا يُستغرب أن رفضها أهلها من اليهود والنصارى ممن لا يُعرفون بالتعاطف مع الإسلام وأهله. فهذا المستشرق الشهير «جون بيرتون» يقول في كتابه «جمع القرآن»، بأن نص القرآن لم تمسه يد التغيير منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم. وعلى هذا يعلق ر. ب. سارجنت قائلاً: «يحاول ج. بيرتون في كتابه الأخير «جمع القرآن» (كامبرج 1976) أن يبرهن، بشكل أكثر إقناعاً من أطروحات «وانسبره» التي لا تقوم على سند، على أن النص القرآني الذي بين أيدينا هو الذي أقره النبي صلى الله عليه وسلم»[5].
    وقد سبق إلى هذا المعنى مستشرقون آخرون، منهم آرثر آربري في مقدمته لترجمة معاني القرآن، إذ قال: «... القرآن المطبوع في القرن العشرين مطابق للقرآن الذي اعتمده عثمان قبل أكثر من 1300 عام»[6].
    أما باتريشيا كرون ومايكل كوك اللذان سلكا في كتابهما «الهاجرية» مسلكاً شبيهاً بمسلك وانسبره، فقد كانا أقل خبرة منه في نسج الأكاذيب، حتى قال عنهما سارجنت: «هل سبق وأن قرأ هذان المؤلفان الصغيران القرآن بعناية؟ أم أنهما يبحثان بطريقة أكثر تواضعاً عن الشهرةِ التي نالها عالم اللغة العبرية العبقري الذي ربط بين يسوع المسيح ونبات الفطر؟»، وهو هنا يعرِّض بـ «جون أليجرو» في كتابه «الفطر المقدس والصليب».
    أخيراً نختم بما قيل عن ثالثة الأثافي، كتاب «قراءة سريانية/ آرامية للقرآن». فقد علق فرنسوا دي بلوا، أستاذ الدراسات الدينية بجامعة لندن، على وصف صحيفة نيويورك تايمز مؤلفه كريستوف لوكسنبرغ بـ «عالم اللغات السامية القديمة»، قائلاً: «إن الشخص المعنيَّ ليس عالماً باللغات السامية القديمة؛ إنما هو شخص يتحدث لهجة من اللهجات العربية، ويمتلك قدراً لا بأس به من الإلمام غير المتقَن باللغة العربية الفصحى، ويعرف من السريانية فقط ما يمكنه به الرجوع إلى المعاجم، لكنه خلو من الفهم الحقيقي للمنهج الذي تقارن به اللغات السامية. إن كتابه ليس كتاباً علمياً، وإنما كتاب هاوٍ غيرِ مختص»[7].
    فانظر كيف دفع هؤلاء العلماء غير المسلمين عن كتاب الله ما رُمي به من إخوانهم، ولسان حالهم يقول: «إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه ليعلوا ولا يُعلى»، لكنهم أبوا إلا أن يتنكبوا الصراط، فضلّوا.
    :: مجلة البيان العدد 318 صفر 1435هـ، ديسمبر 2013م.
    رد مع اقتباس  
     

  5. #5  
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    من كلمة غبطة البطريرك يوحنا العاشر في عمّان - الأردن
    صاحب السمو الملكي الأمير غازي بن محمد،أصحابَ الغبطةِ والقداسةِ والفضيلةِ والسّماحةِ،أصحابَ السُّموِّ والدولةِ والمعاليْ والسعادةِ، أيُّها الحضورُ الكريمُ،غبّ تقديمِ الشكرِ الجزيلِ لصاحبِ الجلالةِ الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، صاحبِ الوصاية وخادمِ الأماكن المقدسة في القدس الشريف ولكبيرِ مستشاريه، صاحبِ السمو الملكي الأمير غازي بن محمد، على الدّعوةِ الكريمةِ الموجَّهةِ لنا، يطيبُ لي أنْ أتوجّهَ إليكمْ لننقلَ إليكمْ، منْ هنا من عمَّانَ، وإلى العالمِ أجمعَ بعضاً من أفكارٍ وفيضاً من ثوابتَ وآمال علّها ترسمُ في ذاكرتكُمْ النيرةِ صورةً لما كنّا وما نحنُ وما سنبقى عليه نحنُ مسيحييّ هذا المشرق، الجزءَ الذي لا ينفصمُ منَ النسيجِ المشرقيَّ المسيحيِّ الإسلاميِّ.آتيكم اليومَ منْ رحابِ كنيسةِ أنطاكية الأرثوذكسية التي اتّشحَ ذكرُ بطريرْكِها بلقبِ "بطريرك العرب" وذلكَ منذُ الحربِ العالميةِ الأولى زَمنَ البطريركِ غريغوريوس حداد. وقد تفعّلَ هذا اللقبُ معَ منْ خلَفَه من بطاركةٍ ورَسَا على أَوْجِ مجدِه أيامَ البطريرك الياس الرابع في سبعينيات القرنِ الماضي وإيّامَ سلفِنا الراحل إغناطيوس الرابع. وكلُّ هذا لأقول، أنّ كنيسة أنطاكية هي بوّابَةُ المسيحيّةِ، بحقٍّ وامتيازٍ، على العالَمِ العربيِّ والمِجَسُّ الأولُ لهمومِ إنسانِه وقَضاياهُ.أوافيكمْ إلى الأردنِّ من دمشقَ التي تضمُّ بين ثناياها ضريحَ صلاحِ الدين وقبرَ النبيِّ يوحنّا (يحيى)، أوافيكُمْ من مريميّة دمشقَ، جارةِ الجامعِ الأموي، آتيكمْ من حمصَ الجريحةِ مدينةِ إليانَ الحمصيِّ وحاضنةِ خالدَ بنِ الوليدِ، آتيكمْ من نصاعةِ ثلجِ لبنانَ ومن شموخُ جبالهِ، من بيروتَ، مدينةِ الشرائعِ ومنْ صورَ عروسِ جنوبِ لبنان. آتيكم إلى الأردنُّ الهاشميِّ الطيبِ، جارِ فلسطينَ بمقدّساتِها الإسلاميةِ والمسيحيّةِ، آتيكمْ لأُقبّلَ ضفّةَ نهرِ الأردن حيثَ اعتمَدَ السيدُ المسيحُ.أنا مسيحيٌ من بلادِ الشام، وبلادُ الشامِ هذهِ هيَ أولُ من أطلقَتْ اسمَ "المسيحيين" على أتباعِ يسوعَ المسيحْ. أنَا منْ رَحِمِ هذِه الأَرْضِ أجِيْءُ وأَمامَ مزودِ ابنِ بيتَ لحْمَ أقفُ. ومنْ بيتَ لحمَ أحتميْ وإياهُ من هيرودوس وأقصدُ أرضَ مصرَ الطيّبةِ. ومنْ هناكَ أعودُ إلى فلسطين وأتْبعُ المسيحَ إلى ضفةِ الأردنِّ، ومن الأردنِّ أصحبُه إلى طبريّا ومنْها إلى صيدا في جنوبِ لُبنان. ومن ثمّ أتْبَعُه في دربِ صليبِه وأَسجُدُ لرَمْسِهِ المحيي في القدسِ الشريفِ. ومنَ القدسِ أعودُ أدراجي إلى دمشق لأنظرَ بولس مهتدياً على أسوارِها وأعايِنَه معتمداً على يدِ حنانيا. ومنْ دمشقَ أقصدُ أنطاكية، لأتسربلَ ومن هناكَ لقبَ "المسيحي"، وأنْقُلَ البشرى بإنجيل السيد المسيح، من ميناءِ أنطاكيةَ وبرفقةِ بولس، إلى المعمورةَ بأسرِها. كلُّ هذا يؤهِّلنيْ لأقولَ إنّي منْ هذه الأرضِ جئتُ وفيها وُلِدتُ وفيها أعيشُ وإلى قَلبي أضمُّ ثراها الطَّيِّبَ حينَ أغادرُ إلى الحياةِ الباقيةِ. وكُلّ هذا لأقول أيضًا، بإنّنا نحنُ مسيحييّ هذا المشرقِ متجذِّرون في أرضنا تجذّر الزيتونِ في جبلِ الزيتون وراسخون فيها رسوخَ الأرْزِ في لبنان.ورسوخُنا في أرضِنا يعني، بادئ ذيْ بدء، طيْبَ العَلاقَةِ معْ منْ أسْلَمنا وإياهُم أمرَنا لله، جلَّ جلالُه، معَ إخوتِنا المسلمين الذين نتقاسمُ وإياهُم لا تعايشاً فحسبْ بلْ عيشاً حقاً، لا تآخياً بل أُخوَّةً، لا تحالُفاً بلْ وحدةً تعجزُ عن فصْمِها أحابيلُ الطامعين وتَشهدُ على ذلكَ حوادِثُ التاريخ.أنا، مسيحيُّ هذا المشرق، أشهدُ على طيبِ علاقةٍ وأُخوَّةٍ مع إخوتي المسلمين، أنا أشهد عليها في العهدةِ النّبويّة، التي مَهَرها الرسولُ الكريمُ بخاتَمِه، وطلبَ فيها من الفاتحينَ حُسن مُعاملَةِ النّصارى، أنا أراها في حِكْمةِ عمرَ بنِ الخطاب، الذي لم يلبِّ طَلَبَ البطريرك صفرونيوس بالصلاةِ في كنيسةِ القيامةِ، احتراماً وتقديراً وحكمةً وتبصّراً. أُبْصرها وأَتلمّسها عند كبارِ وزراءِ الأمويين، عند منصور بن سرجون وجدّه. أراها في أُخوَّةٍ تجلّت عبرَ دروبِ التاريخِ على الرغمِ من وُعورَتِها بعضَ الأحيانِ. أراها في تاريخِنا الحديثِ، يومَ خبّأ عبدُ القادرِ الجزائري بعضاً من مسيحيي دمشقَ درءاً لِويلاتِ فتْنةِ 1860. أراها في يدِ غريغوريوس حدّاد، بطريركِ أنطاكية وسائرِ المشرق، تلكَ اليدِ التي كانت أولَ من صافحَ وآخِرَ من ودّع الأميرَ فيصل في محطةِ الحجازِ في دمشق سنة 1920، يومَها قالَ له: "إن اليدَ التي امتدّتْ لك ستبقى ممدودةً لك على الدوام"، وهي ممدودةٌ لكل أخٍ مُسلمٍ لتبنيَ وإياهُ غداً مُشرقاً. أنا ابنُ أنطاكيةَ البارةِ التي فتحَتْ كنائِسَها للمسْلمينَ سنة 1937 يومَ أُغلقَتْ مساجدُ لواءِ الاسكندرون في وَجهِ مُسلميه.نحنُ نرفضُ أن يتسربلَ كائنٌ مَنْ كانَ وِشاحَ الدِّيْنِ ليبُثَّ الفِرقةَ بينَ الناسِ وليشوّهَ صورةَ الإسلامِ السَّمِحِ أو المسيحيّةِ المُحبّةِ، كما عرفْناهُما ونَعرِفُهما. كما نرفضُ أنْ يتغنّى كائنٌ منْ كانَ بشعاراتٍ جوفاءَ للانقضاضِ على سيادةِ الدّولِ. نحنُ في هذا المشرقِ الحبيبِ لسْنا بغريبين عنْ شِرعَةِ حقوقِ الإنسانْ. لقدْ كانَ لشارلْ مالك اللبنانيِّ الهويّةِ والمشرقيِّ المولِد والأرثوذكسيِّ المعتقدِ اليَدُ الطولى والأولى في صياغَتِها على شكْلها الحاليّ.نحنُ لا نرى في الدِّينِ مدعاةً للفرقة والانقسامِ لا بل سبيلاً للالتحام والانصهارِ في بوتقةِ أوطاننا أياً كانت. ألم يقلْ القرآنُ الكريمُ: "يا أيُّها الناس إنا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلْناكم شعوبَاً وقبائلَ لِتعارفوا. إن أكرمَكمْ عند اللهِ أتقاكم" (سورة الحجرات، 13)؟ نحنُ لا نرضى بأنْ يغيبَ وجهُ السيدِ المسيحِ عنْ بلادِ الشام وعنِ المَشرقِ العربيّ، أرضِ الأنبياء المباركة. مسيحيّو هذا المشرقِ ومسلمُوهُ رئتانِ لجسدٍ مشرقيٍّ رائعٍ، لا يُكتَبُ لَه عيشٌ لائقٌ إلا بِتَناغيْ رئتيه. ومنْ هُنا فإنَّ هجرةَ المسيحيينَ من هذا الشّرقِ هيْ هجرةُ المشرقِ نفسهِ عن نفسِه، وتغرُّبُه عن شيءٍ جوهريٍّ منْ كينونَتِه. نحنُ وإخوتُنا المسلمونَ بنيْنا حضارةَ بلادِنا مِدْماكاً أساسيّاً فيْ حضارةِ العالمِ أجمعَ.وَمنْ هُنا منَ الأردنِّ الغاليْ، من جارِ سوريا الحبيبة أوجّهُ نداءً إلى الداخلِ والخارجِ السوريّين، إلى العالمِ بأسرِهِ، وإلى كلِّ الأُسْرةِ الدوليّةِ، وأقولُ: أرضُ سوريا بثّتْ إلى العالَمِ قوّةَ الحضارةِ، لا حضارةَ القوةِ. العالمُ، كلُّ العالمِ، مَدينٌ لها ولبلادِ الشّامِ بأَسْرها بجهودٍ لترسيخِ السّلامِ في ربوعِها. وبلادُ الشّامِ، ومنها سوريا، صدَّرَتْ للعالمِ أبجديّةَ الحرْفِ لا ثقافةَ الصِّدامِ. لا تورِّدوا إلى سوريا حَضارةَ القوة بلْ حافظوا فيها على مَنطقَ السّلام. "دَعُوا بلدي يعيش" قالها أحدُ أبناءِ كنيستِي عنْ لبنانَ العزيز قبل ثلاثين عاماً ونيّف، وها أنا، ومِنْ عمّان، من عروسِ الأردنِّ، أقولُها من جَديد، وللعالَم كلّه، دعوا بلادَنا تعيش، دعوا كافّةَ أوطانَنا في هذه المنطقة تعيش. ولا تجعلُوها لعبةً في أيديْ الكبارِ ومسرحاً لمصالِحهم، بلْ منارةً ومشكاةَ نورٍ للبسيطة بأسرها. نحنُ ننبذُ منطقَ العنفِ ومنطقَ القتلِ والخطْفِ، وندعوْ العالمَ أجمعَ لبذلِ الجهدِ مضاعفاً لإطلاقِ المطرانين المخطوفين بولسَ يازجي ويوحنا ابراهيم وسائرِ المخطوفين. كما ندعوهُ لبذلِ الجهدِ مُضاعفاً لدَفعِ سائرِ الأطرافِ إلى تبنّي منطقِ الحوار والحلِّ السياسي ونبذِ العنفِ ورفضِ اتخاذِ الدينِ مطيةً للتفرقةِ والانقسامِ. كما نطالب الهيئاتِ الدوليّة باتخاذِ الخطوات الآيلة إلى حماية سكّان هذه البقاع، والدّعوةِ كيّ تترفّعَ كلّ الدول المعنيّة، بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، عن مصالِحها الضيّقةِ وأن تساعد في تهيئةِ الأرضيةِ المناسبةِ في سوريا لترسيخ أسسِ الحل السياسي السلمي وذلك بإحلالِ منطقِ الحوارِ بدلاً من منطقِ الرصاص والنار. كما نهيبُ بالمراجعِ الأمميّة كي تعتمدَ مقارباتٍ جديدةً لإعادة الأمان إلى إنسان هذه المنطقة الذي يدفعُ الثمنَ الغاليَ من جرّاء هذه الأجواء كما هي الحالُ في لبنانَ أو العراق أو فلسطين أو مصر.وأما للبنان وللبنانيين فنقولُ، في لبنانَ تلتقي شواهِقُ الجبالِ مع رحابةِ البحرِ ويلتقي الثلجُ الناصعُ بالوديان الهابطة. أنا أرى في هذا رسالةً ربّانيةً وهي أن يتعلّم اللبنانيون جميعاً، من تناغِي جُغرافية لبنانَ الرائعِ أن لبنانَ موطنُ اللُقيا جغرافياً وإنسانياً، وأن الاختلاف مع الآخر يؤول إلى التّلاقي والتكاملِ والعيشِ المشتركِ، وأن مجدَ لُبنان ونصاعة ثلجِه تزدادُ رونقاً بالتآخي والمواطنةِ وقبولِ الآخرِ وصونِ السّلْمِ الأهليِّ.ربِّ باركْ سماءَ الأردنِ النّيّرةَ وأرضَهُ المعطاءةَ وأجزلْ على شعبِه وحكّامِه من عطاياكَ. ربِّ صُنْ واحمِ ياسمينَ دمشق وزِد عن ترابِ سوريا واحفظْه سالماً موحّدَاً. ربّ باركْ أرْزَ لبنان، واحمِ أبناءَهُ وأغدِقْ عليهِ من ينبوعِ سلامِك. ربّ بارِك أرضَ فلسطين الطاهرةَ، وانْفُخْ فيْ نفوسِ أبنائِها من نسمَتِك الإلهيةِ المحييةِ واحمِ ثَراها الطيّبَ. ربّ افتقدْ أرضَ النّيلِ الغالية، مصرَ، كما افتقدْتَها طِفلاً وبارِكْ بَنيْها وبلْسِمْها برحيقِ سلامِك الإلهي، وافتقدْ مِنْ عليائِك العراقِ الحبيب وسربلْ ربُوعَه بغزيْرِ نِعَمِكَ الإلهيةِ. ربِّ اغمرْ عالمَك أجمعَ بفيضِ سلامِك الإلهي وأنرْ نفوسَنا كلَّنا لما فيه خيرُ خليقَتِك وسلامُها.ربِّ وحّدْ قلوبَ أبنائِكَ في بلادِ الشّامِ واجمعها إلى مَصبٍ واحد ووئامٍ دائمٍ، تماماً كما جمعْتَ إلى مصبٍ واحدٍ مياهَ نهرِ الأردنِّ الخالدةَ منْ جولانِ سوريا وقممِ لبنانَ الجنوبيِّ وجليلِ فلسطين وضفّةِ الأردنِّ.أعطِنا ياربُّ أنْ ننهلَ من سلامِكَ الإلهيِّ، ليتجلّى ذاك الأخيرُ فينا مَعينَ سلامٍ حقٍّ للمسكونةِ بأسرِها، لكَ المجدُ والرِّفعةُ أبدَ الدهرِ، آمين.
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. قصة القرآن الطولى .. يوسف عليه السلام
    بواسطة فريد البيدق في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 17/11/2018, 04:09 AM
  2. قصيدة : يوسف
    بواسطة عبد الحميد صافي العاني في المنتدى الشعر
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 04/11/2010, 07:15 AM
  3. خارطة المنظمات الجهادية الوهمية في العالم الا
    بواسطة د.أحمد الناعم في المنتدى قبة المربد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 19/12/2008, 09:48 PM
  4. كلمات في القرآن الكريم.....يوسف أبوسالم
    بواسطة يوسف أبوسالم في المنتدى لسان الضاد
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 04/10/2008, 10:57 AM
  5. [النصب بالجوائز والمسابقات الوهمية نعمان ناجى مثالا
    بواسطة عزت الطيري في المنتدى قضايا أدبية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 04/09/2007, 06:21 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •