من خطب الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
ورُوي أن عليا، رضي الله عنه، خطب الناس، فحمد الله. وأثنى عليه، وصلى على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ثم قال:
" أما بعد، فإني أحذِّرُكم الدنيا، فإنها خَضِرة، حُفَّت بالشهوات، وحُسِّنت بالعاجلة، وعُمِّرت بالآمال، وزُينت بالغرور، لا يدوم خيرُها، ولا تؤمن فجائعُها. لا تعدو إذا تاهت أُمنيَّة أهل الرغبة فيها، والرضى عنها، أن تكون كما قال الله عزَّ وجل: )كماء أنزلناهُ من السماء فاختلطَ به نباتُ الأرضِ فأصبحَ هشيماً تَذروهُ الرياحُ وكان اللهُ على كل شيء مُقتدراً(، مع أنَّ أمرا لم يكن منها في حَبْرة إلا أعقبتْه بعدها عَبْرة، ولم يبق من سَرَّائها بطنا إلا مَنَحتْه من ضرَّائها ظهرا، ولم تَطُلَّه منها دِيمة رخاء إلا هَتنتْ عليه مُزْنة بلاء حري إذا هي أصبحت لك مُتَنضِّرة أن تسمي لك مُتَنكِّرة، مع أن وراء ذلك سكرات الموت وزَفَراته وهول المطَّلَع، والوقوف بين يدي الملك العدل )ليجزيَ الذين أساؤوا بما عَمِلوا ويَجْزِيَ الذينَ أحسنوا بالحسنى.
وخطب رضي الله عنه فقال:
" ألا إنَّ الدنيا قد أدبرت وآذنت بالوداع، والآخرة قد أقبلت وآذنت باطَّلاع. ألا وإن المِضْمار اليوم، والسباق غدا. ألا وإنَّ السَّبقة الجنة، والغاية النار. ألا وأنكم في مَهَل من ورائه أجل، تحته عجل. فمن عمل في أيام مَهَله قبل حضور أجله نفعه عمله ولم يضره أمله ومن لم يعمل في أيام مَهَله قبل حضور أجله ضَرَّه أمله وساءه عمله "