علي الشرنوبي يكتب: وثائق سرية تكشف علاقات مرشد الإخوان بالماسونية العالمية

العلاقات مستمرة بين الماسون وأعضاء كبار من الإخوان المسلمين بدءا من مؤسسها حسن البنا وحتى كبار قادتها اليوم، بالإضافة لعضوية عدد كبير من المنتمين الى تنظيمهم الدولي في فروع المحافل الماسونية في عدد كبير من دول العالم.

  • أشهر المنتمين للماسونية: الشيخ محمد عبده والأفغاني وحسن البنا وسيد قطب وحسن الهضيبي ومحمد رشيد رضا ومصطفى السباعي.
  • اللورد كرومر: أظن ان صديقي محمد عبده كان في الواقع ملحدا والحركة السلفية هم حلفاء طبيعيون للمخطط الأوروبي ويمكن أن تستخدم بشكل نافع لمصلحة بريطانيا.
  • الشيخ الغزالي: بعد اغتيال البنا أصبحت الحركة الماسونية هي من تختار زعماء الأخوان المسلمين وتزرع الماسونيين داخل الجماعة وتقول لهم “ادخلوا فيهم لتفسدوهم” وسيد قطب كان من ضمن هؤلاء.

علي الشرنوبي
في دراسة خطيرة نشرها موقع “ريدمون رايزنج” حول الإخوان المسلمين بإسم “الإخوان المسلمين- السلاح السري للعولمة”، وقدمت الدراسة تقرير سري قدمته المخابرات الإنجليزية mi6 لرئيس الوزراء البريطاني عن تاريخ الإخوان وكيفية التعامل معهم بعد أن تولوا حكم مصر وتونس وليبيا وقريبا سنراهم في سوريا.
كما استعانت المخابرات البريطانية في تقريرها بمعلومات قديمة وسرية مستقاة من المحفل الماسوني الأعظم وفروعه المنتشرة في الشرق الأوسط ومصر، وجاء في التقرير أن المحفل الماسوني ينصح الغرب بالتعاون مع الإخوان المسلمين على أساس أنها أفضل تعاونا وقيمة من غيرها، ويوضح المحفل الماسوني العالمي سبب هذه النصيحة بأنها مبنية على العلاقات القديمة بين الماسون وأعضاء كبار من الإخوان المسلمين بدءا من مؤسسها حسن البنا وحتى كبار قادتها اليوم، بالإضافة لعضوية عدد كبير من المنتمين الى تنظيمهم الدولي في فروع المحافل الماسونية في عدد كبير من دول العالم حيث تتواجد فروع الجماعة في أكثر من ثمانين دولة غربية وإسلامية، ويشير التقرير الى أن التنظيم الدولى للإخوان ساعدت الحركة الماسونية على تأسيسه ورعايته منذ بدايته وظل هذا الدعم متواصلا طوال السنوات الماضية وإلى الآن.

ويورد التقرير عدة دلائل على أن إنشاء جماعة الإخوان المسلمون وتسللها داخل المجتمع كان من ترويج الماسونية البريطانية وبإيحاء من المخابرات البريطانية، فيقول د. جون كولمان أن إنشاؤها تم على يد أسماء كبيرة في المخابرات البريطانية في الشرق الأوسط، كما كتب ستيفن دوريل أن نظام الشاه في إيران كان ينظر الى جماعة الإخوان على أنها مجرد أداة للماسونية البريطانية.
وربما يجد بعض المسلمين صعوبة في تصديق هذه الأدلة والوقائع ولكن لا ينبغي رفضها بصورة قاطعة الآن، فإذا كان حسن البنا وهو مسلم متدين قد تأثر بالماسونية البريطانية، و قبل المساعدات المالية والمعنوية البريطانية للمضي قدما في تأسيس وترسيخ حركته على الأقل في المراحل الأولى من تاريخ الجماعة، فلماذا لا تحاول المخابرات والماسونية استخدامه في مصر أيضا؟

وقد ظهرت الماسونية في مصر بعد غزو نابليون لها في 1798 وسيطرت الماسونية الفرنسية عليها حتى جاء الاحتلال البريطاني في 1882، وكان للماسونية شعبية كبيرة في النصف الأول من القرن العشرين، حتى أن كثير من النخبة المصرية كانوا أعضاء في الحركة الماسونية مع الحكام والأرستقراطيين الذين احتلوا البلاد، وكان هناك حوالي سبعين من المحافل الماسونية في جميع أنحاء مصر وكذلك كان قادة الأحزاب القومية مثل حزب الوفد من الماسونيين، وكذلك العديد من أعضاء البرلمان المصري.. حيث اختلطوا بالقادة العسكريين والأرستقراطيين من البريطانيين، والحقيقة أن الإنتماء للماسونية في ذلك الزمان لم يكن يُنظر اليه على أنه نقيصة أو خيانة الى غير ذلك من الأوصاف التي تطلق على المنتمين اليها، وربما يرجع ذلك الى أن اسرار وتفاصيل المحافل الماسونية وأهدافها وعلاقتها بالصهيونية العالمية ومن ورائها لم تكن قد تكشفت بعد في ذلك الزمان كما نعرفها نحن الآن.
وكذلك كان اثنان من كبار القادة الإسلاميون في مصر هم من الماسونيين، وهم الشيخ جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده، وكان الأفغاني يعتبر مؤسس “الحركة الإسلامية السياسية” والمعروفة بالحركة السلفية، وقام الأفغاني بتحريكها ضد الإمبريالية البريطانية ولكن في الوقت نفسه دافع عن التحديث أو الحداثة في العالم المسلم، وترك وراءه مجموعة كبيرة من الكتابات السياسية والدينية التي ستشكل الأساس الذي تستند عليه الحركات الإسلامية في وقت لاحق، وكان أهم تلاميذه الشيخ محمد عبده، والذي كان مدافعا عن حق المسلمين في تقرير المصير لأنفسهم، وبعد طرد الأفغاني من مصر في 1879 واصل محمد عبده نشر رسالته الاصلاحية، ثم طُرد عبده أيضا في 1882، وفي منفاه بباريس التقى عبده مع الأفغاني حيث توسعت اتصالاتهم داخل الجماعة الماسونية، وبعد أربع سنوات أعاد البريطانيون الشيخ محمد عبده الى مصر وعينه اللورد كرومر في منصب مفتي الديار المصرية، وفي الوقت نفسه أصبح محمد عبده كبير الماسونيين في مصر!.
وفي مقابل هذا التكريم من اللورد كرومر قام محمد عبده بإباحة الفوائد الربوية للبنوك بعدما استخدم تفسيرا حديثا للقرآن وإفتعل الثغرة التي سمح بموجبها بهذه الممارسات المحرمة وقتئذ والتي كانت تعد ضرب من ضروب الربا، وفي مذكرات اللورد كرومر يقول: “وأظن ان صديقي محمد عبده كان في الواقع ملحدا”، وعلق على الحركة السلفية التابعة لمحمد عبده قائلا: “هم حلفاء طبيعيون للمخطط الأوروبي” وأن “الحركة الإسلامية يمكن أن تستخدم بشكل نافع لمصلحة بريطانيا”.

وكان للشيخ محمد عبده تلميذين أخذا على عاتقهما مهمة استمرار الحركة السلفية بعد وفاته، واحدا منهم هو الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا، والد الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، والآخر كان محمد رشيد رضا، وهو الماسوني الذي أصبح صديق الشيخ عبده الحميم وناشر لمجلتة الشهرية “المنارة”.. ودخل رضا أيضا دائرة النفوذ البريطاني وعكست صحيفته وجهة النظر البريطانية ضد الإمبراطورية العثمانية.
وقد تأثر حسن البنا بكل هذه العوامل: الحركة الإسلامية والاحتلال البريطاني ووالده ومعلمه الأكثر أهمية.. محمد رشيد رضا؛ وقد وضع رضا قبل وفاته في 1935 كل أمله لإعادة النهضة الإسلامية في جماعة الإخوان المسلمون ومؤسسها حسن البنا.
وكان العامل الآخر المؤثر في حياة حسن البنا هو الحركة الماسونية، فقد جرب البنا الإنضمام للعديد من الطوائف الدينية والجماعات السياسية وعندما أصبح شابا إنضم أيضا الى الحركة الماسونية، وكان هذا الأمر طبيعي تماما لمن يطمح الى المراتب العليا في المجتمع المصري في ذلك الوقت، وكما سبق القول أنه لم تكن عضويته في الماسونية تعتبر خيانة للقيم الإسلامية كما هو الحال اليوم.
ويقول “ناصر القفاري” في كتابه “أصول مذهب الإثنا عشرية” أن جماعة الإخوان تتخذ شعارات تشبه شعارات الماسونية مثل (التقريب بين المذاهب الإسلامية) والتي نشرت “الموجز” من قبل كيف كان الشيخ حسن البنا عضوا مؤسسا وفاعلا فيها مع الشيعي نواب الصفوي، ويضيف القفاري أن قاعدة الإخوان (نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه) هي أيضا مأخوذة من الماسونية، ولهذا فالسند الإخواني متصل بالماسونية شاءوا أم أبوا.
كما يقول الشيخ ربيع بن هادي المدخلي، أن هذه القاعدة الخبيثة المدمرة هي ماسونية نجسة، وضعها الماسون لضم جميع الشعوب والأمم والأديان والملل تحت راية ماسونية واحدة، وتهدف الى إدخال الروافض والباطنية والصوفية فيها ثم الدعوة إلى أخوة النصارى واليهود والحزب الإبراهيمي وفي النهاية الى وحدة الأديان.
ويطرح التقرير سؤال مهم هو.. كيف استطاعت جماعة الإخوان المسلمين من بين العديد من المنظمات الإسلامية المتنافسة تحقيق هذه القفزات الكبيرة وضم أكثر من نصف مليون عضو فاعل في 10 سنوات فقط؟
يُرجع التقرير هذا النجاح لجماعة الإخوان مباشرة إلى المهارات التنظيمية لحسن البنا، وكذلك النشاط الدؤوب على المستوى الشعبي والاعتماد على وسائل الاتصال الجماهيري، كما يرجع الى انتقال البنا الى بناء حركة معقدة شاملة تتبنى هياكل الحكم المتطورة؛ وقسمها الى أقسام مسؤولة عن تعزيز قيم المجتمع بين الفلاحين والعمال والمهنيين؛ بجانب الوحدات المكلفة بالمهام الرئيسية مثل الدعوة والاتصال بالعالم الإسلامي والصحافة والترجمة واللجان المتخصصة للشؤون المالية والقانونية، وإعتمد البنا في ترسيخ هذه الجماعة على الشبكات الاجتماعية الموجودة من قبل، لا سيما في المساجد والجمعيات الخيرية الإسلامية.

لكن يقول التقرير أيضا أن نجاح الإخوان المسلمون يفسر تعاون البنا مع الحركة الماسونية وسبب كفاءة وتنظيم جماعة الإخوان التي أنشئت في البداية كمنظمة خيرية لتخفي أغراضها وأطماعها السياسية.
ويذكرنا هذا بما قاله عضو الإخوان السابق د. ثروت الخرباوي في كتابه سر المعبد حين يقول: انكببت في فترة من حياتي على القراءة عن الماسون والماسونيين، وكان مما قرأته أن الأفراد العاديين للماسون لا يعرفون الأسرار العظمى لتنظيمهم العالمي، تلك الأسرار تكون مخفية إلا الذين يؤتمنون على الحفاظ على سريتها، وتكون هي الهيكل الذي يحفظ كيان الماسونية، وعند بحثي في الماسونية استلفت نظري أن التنظيم الماسوني يشبه من حيث البناء التنظيمي جماعة الإخوان، حتى درجات الانتماء للجماعة وجدتها واحدة في التنظيمين.
كما يقدم التقرير أيضا دلائل أكيدة ثبت ان “سيد قطب” منظر الإخوان وملهم الحركات الجهادية والتي تحولت الى المنظمات الإرهابية فيما بعد، أنه كان خادما مخلصا للماسونية العالمية، وأن قطب كان له اتصالات مشبوهة قبل ثورة 1952 بمنظمات امريكية مشبوهه وغامضة.
كما يقول التقرير أن سيد قطب الأب الروحي لجماعات العنف الدموية، وضع كتابه “معالم في الطريق” كدستور للدمار و الخراب، ويقوم الإخوان المسلمون بإلزام أعضاءهم الجدد بدراسته، ويصف التقرير الكتاب بأنه دستور الماسونية في العالم الإسلامي وأنه مثل كتب كثيرة خرجت من رحم الأفعى الماسونية فيما بعد.
ويحكي التقرير أن سيد قطب عانى من التخبط الفكري والديني لفترات طويلة من شبابه قبل أن يعرف طريقه، وحتى وجد ضالته في هذه الحركة الإسلامية الصاعدة بقوة الصاروخ والمسماة بـ”الأخوان المسلمين”.
وللتأكيد على هذه الفترة التي عانى فيها سيد قطب من التخبط الديني والفكري يدلل التقرير على ذلك بما نشرته جريدة الأهرام المصرية في عام 1934 من دعوة سيد قطب لتبني “العرى التام”.. وأن يعيش الناس عرايا كما ولدتهم أمهاتهم، ووذلك تقليدا للأفكار الماسونية التي كانت تنتشر في البلدان الأوربية آنذاك.
كما أكدت مجلة روز اليوسف ذلك الأمر حين نشرت مقالا بعنوان “سيد قطب من الإلحاد إلى القداسة والعكس” وكتبت فيه عن دعوة قطب لنشر العرى وتبنيه بين افراد المجتمع المصري، وكذلك أوردت الصحيفة قصة عن حب قطب لفتاة أمريكية حبا شديدا وقالت أنه بكى بشدة عندما تزوجت بغيره.
ويؤكد التقرير أن الإنضمام للحركة الماسونية والإعتقاد بأفكارها أمر لم ينفرد به سيد قطب، بل طال كذلك بعض أعضاء الأخوان المسلمين الآخرين، وتأكيدا لإنتماء قطب للماسونية في ذلك الوقت يقول التقرير أنه كان ينشر مقالاته الأدبية في جريدة إسمها “التاج المصري” وهي لسان “المحفل الماسوني الأكبر” في مصر، ورغم أن قطب نفسه لم يصرح بأنه كان ماسونيا، لكن من المعروف أن الصحف الماسونية لا تسمح لأحد من غير الأعضاء المقيدين في المحافل الماسونية بالكتابة فيها مهما كان وضعه الإجتماعي والسياسي أو حتى منصبه الحكومي.
كما احتوت أوراق المحافل الماسونية في مصر والتي صودرت فيما بعد على خطاب بتاريخ 29 أغسطس عام 1922 يعترض فيه “إدريس راغب” كبير المحفل الأكبر المصري على أمر إفشاء أسرار الماسونية في الجرائد العادية وقتذاك، وكان سبب ذلك أن الشيخ محمد عبده نشر مقالا بعنوان “في الماسونية”، وذلك في جريدة اسمها “وادي النيل”، وأمر “إدريس راغب” في النهاية بإيقاف عضوية ونشاط محمد عبده ومحاكمته، وبعدها أعلنت “المجلة الماسونية” أن أي ماسونى يريد نشر مقالة فعليه أن يرسلها الى الجريدة، ولا يسمح لغير الماسونين بالنشر في الصحف الماسونية ولا للماسونيين بالنشر في الجرائد العادية، وكان هذا التقليد متبعا أيضا في كل صحف الماسون حول العالم، ويعد هذا دليلا دامغا على إن أي شخص يكتب أو ينشر في الصحف الماسونية فهو منهم، وليس في هذا جدال حيث أن قوانين الماسونية صارمة فيما يتعلق بتلك الأمور، كما أن هذه المحافل الماسونية تم إغلاقها في مصر سنة 1965 بعد أن ثبت تجسسهم لحساب إسرائيل.
وفي شهادة للشيخ “محمد الغزالي” يقول أن سيد قطب كان منحرفا عن طريق البنا، وأنه بعد اغتيال البنا سنة 1947 أصبحت الحركة الماسونية هي من تختار زعماء الأخوان المسلمين وتزرع الماسونيين بداخل الجماعة وتدعمهم فيها بكل الوسائل، وكانت تقول لهم “ادخلوا فيهم لتفسدوهم” ويضيف الغزالي في كتابه “من ملامح الحق” ان سيد قطب كان من ضمن هؤلاء الذين زرعتهم الحركة الماسونية داخل جماعة الإخوان المسلمين.
لكن للحق نقول أن قطب لم يكن هو الماسوني الوحيد في الجماعة، فكما ذكرنا من قبل من انتماء حسن البنا ومحمد عبده والأفغاني الى المحافل الماسونية المصرية، فنقول أنه بعد عشرات السنوات تورط بعض الأعضاء الآخرون من الأخوان في الإنتماء إلى الماسونية، وذلك مثل “مصطفى السباعي” الذي كان من أنشط أعضاء الماسونية في لبنان، وقد انتخب السباعي عام 1945 رئيسا عاما للإخوان المسلمين في سوريا وإتخذ لقب “المراقب العام”.
ويضيف الشيخ الغزالي في كتابه قائلا أنه بعد مقتل حسن البنا، بدا الأقزام من المنتمين للجماعة على حقيقتهم بعد أن ذهب الرجل الذي طالما حماهم وسد عجزهم، ومع أنه كان هناك في الصفوف التالية من يصلحون لقيادة الجماعة، لكن الجماعة استقدمت رجلاً غريباً عنها ليتولى قيادتها، ويؤكد الغزالي أن وراء هذا أصابع هيئات سرية عالمية أرادت وأد النشاط الإسلامي الوليد، ويضيف قائلا: “هناك كلاما كثيرا عن انتساب عدد من الماسون بينهم الأستاذ حسن الهضيبي نفسه لجماعة الأخوان، وقد استطاعت هذه الهيئات الكافرة والمعادية للإسلام أن تخنق هذه الجماعة.. وربما يكشف المستقبل أسرار هذه المأساة”.