كيف زالت الدولة الفاطمية وكيف وصل صلاح الدين الأيوبي للحكم في مصر- 1 -
طارق شفيق حقي


أولاً لنجيب على هذا السؤال :
1- من هو بدر الدين الجمالي ؟
نهاية الدولة الفاطمية فعلياً
===============
"بدر الدين الجمالي مملوك أرميني الأصل كان أمير الجيوش في الشام استدعاه الخليفة المستنصر من الشام ليوليه الوزارة في عام 1073م حتى يستعيد السيطرة على الأمور وللخروج من الأزمات التي كادت تودى بدولة المستنصر بالله.
وكان على بدر الدين الجمالي مواجهة عدد من الأزمات مثل الصراعات بين فصائل الجيش التركية والأفريقية وهجمات من البربر على الدلتا ومجاعة مستمرة لسنوات بسبب انخفاض مستوى النيل وأوبئة واستيلاء السلاجقة على أجزاء من الشام وكانت مصر مهددة من كل النواحي.
جاء بدر الجمالي بقواته الأرمينية من الشام فسكنوا القاهرة التي كان قد قل تعداد سكانها كثيراً بسبب الأوبئة، كما قل تعداد سكان الفسطاط والقطائع في ذلك الوقت وتهدم معظمهما."

نهاية الدولة الفاطمية قد قد بدأت مع الاستعانة بالوزراء الذين تسلطوا على الدولة الفاطمية فصار الحاكم الفاطمي مجرد حاكم شكلي فحين انتشرت الأوبئة والأمراض وانتشر الضعف بالدولة الفاطمية مع وصول الصليبيين حتى القاهرة وعجزهم عن ردها
إذن مع وصول بدر الدين الجمالي وهو مملوك أرمني انتهت الدولة الفاطمية فعلياً
2- كيف كانت بداية الدولة الفاطمية ؟
====================

انتزعت الدولة الفاطمية الملك من الأغالبة
كان للداعية أبو عبد الله الصنعاني الشيعي الدور الأهم في ذلك

"نجح الدَّاعي أبو عبد الله بالقضاء على دولة الأغالبة في إفريقية سنة 296هـ الموافقة لِسنة 908م، بعد حربٍ شديدة دامت خمس سنوات. ثُمَّ التفت بعد هذا النجاح إلى العمل على إصلاح النظام السياسي في إفريقية بعد الفوضى التي نجمت عن إنهيار الدولة الأغلبيَّة، فحرص على إقامة نظامٍ جديدٍ وإضفاء الصبغة الشيعيَّة على مؤسسات الدولة الجديدة، وتركيز السُلطة في يده. فأمَّن الناس على حياتهم وأرزاقهم ومُمتلكاتهم، وأقرَّ عدَّة إجراءات لتهدئة وتأمين كُل خائفٍ كان يتولّى منصبًا في الدولة الأغلبيَّة، فاطمأنَّ إليه الكثير من الرجال ودخلوا في خدمته، وأوصى دُعاته الكتاميين أن لا يُكرهون أهل السُنَّة على التشيُّع، وأن يستعملوا معهم الإقناع عوض ذلك، وكان يُردد قولهُ المعروف: «إنَّ دَوْلَتُنَا دَوْلَةُ حُجَّةٍ وَبَيَانٍ، وَلَيْسَتْ دَوْلَةَ قَهْرٍ واستِطَالَةٍ، فَاتْرُكُوا النَّاسَ عَلَى مَذَاْهِبِهِم، وَلَا تُلْزِمُوْهُم بِاتِّبَاعِ الدَّعْوَةِ الهَادِيَةِ المَهْدِيَّة». وعاش حياةً مُتواضعةً بعيدةً عن أُبَّهة المُلك، فشعر النَّاسُ أنه قريبٌ منهم، وأضاف عدَّة علامات عقائديَّة شيعيَّة على نمط الحياة اليوميَّة، فأمر بأن تتضمَّن خِطبة الجُمعة الصَّلاة على الرسول مُحمَّد وعلى آله وعلى أميرُ المؤمنين عليّ بن أبي طالب وولداه الحسن والحُسين، وزوجته فاطمة الزهراء، وأن يُزاد في الآذان عِبارة «حيَّ على خيرِ العمل»"
تعتبر الخلافة الفاطمية من العصور الذهبية للإسلام فلقد قرب الخلفاء العلماء والأدباء لكنهم أول من أعطى للدولة صبغة دينية فأخذت الخلافة صبغة التشيع، فلم تكن للخلافة العباسية والخلافة الأموية هذه الصبغة الدينية
ورغم أن الخلافة الفاطمية بدأت سيرتها بالحرية المذهبية وعدم اجبار الناس على الدخول في المذهب الإسماعيلي وكان ذلك جلياً على يد أبي عبد الله الشيعي وكان يقول " «إنَّ دَوْلَتُنَا دَوْلَةُ حُجَّةٍ وَبَيَانٍ، وَلَيْسَتْ دَوْلَةَ قَهْرٍ واستِطَالَةٍ، فَاتْرُكُوا النَّاسَ عَلَى مَذَاْهِبِهِم، وَلَا تُلْزِمُوْهُم بِاتِّبَاعِ الدَّعْوَةِ الهَادِيَةِ المَهْدِيَّة»

لكن مصيبة الدول تكم دائماً في الأتباع وتخلف الأبناء عن وصايا الآباء وسيرتهم
مصر السنية تتحول إلى شيعية
=================
بعد وفاة آخر ملوك الدولة الإخشيدية أبو المسك كافور الإخشيدي
(سنة 357هـ) انحدارًا كبيرًا وانهيارًا اقتصاديًا شديدًا، فانتشر الغلاء والمجاعات والأمراض، وكثر الموت بين الناس. أدَّت هذه الأحوال المتردية إلا سخط أهل مصر على الإخشيديين، ووصلت أنباء هذه الحال إلى معز الدين الفاطميّ، فبادرَ على الفور باستغلال الفرصة بإرسال جيشٍ فاطمي على رأسه جوهر الصقلي لضمِّ مصر إلى دولته. لم يبدي المصريُّون أيَّ مقاومة تذكر للفتح الفاطمي نتيجة هذه الأوضاع، وقد استبشروا بقدوم حكامٍ جددٍ لهم عوضًا عن الإخشيديين، خصوصًا بعد خطبة قالها جوهر الصقلي باسم معزّ الدين الفاطمي عندما دخل مصر، فقد قدَّم في هذه الخطبة وعوداً عديدة بينها تجديد سكَّة النقود لتجنُّب الغش فيها، وتخفيف الضرائب الشديدة التي فرضها الإخشيديون، وحماية المصريّين من خطر دولة القرامطة بالمشرق، ومنح أهل السنَّة الحرية بممارسة مذهبهم على طريقتهم

إذن رحب أهل مصر بالفاطميين فاستقبله وفدٌ من أهلها على رأسه وزيرٌ إخشيديٌّ بارز يُدعَى «جعفر بن الفرات»، فسلَّموا له وقبلوا بأخذه بلادهم دون مقاومة
غير معركة تمت مع أمير إخشيدي هزم فيها وقد فرح الناس بهزيمة ابن الإخشيد بعد ما عانوه بسببه، ونهبوا قصور الإخشيديين بعد أن فرَّ هؤلاء إلى بلاد الشام
وبذلك استقر الفاطميون في مصر وأسسوا مدينة القاهرة فكانت عاصمة لخلافتهم

دمشق كانت عاصمة الأمويين وبغداد عاصمة العباسيين والقاهرة عاصمة الفاطميين وهذه المدن شهدت تقدماً حضارياً ومدنياً وكان لها الدور البالغ في نشر الإسلام والعلم والذود ضد الأعداء وهي لليوم محط أعين الأعداء يسعون لتدميرها لضرب هذا النمط الأصيل في ذاكرة الشعوب
فكما إن بغداد دحرت المحتل الأمريكي فهاهي دمشق تذله مرة ثانية والأمة تنتظر ثالثة من القاهرة لتكون القاهرة لإعداء الدين

تدهور الخلافة الفاطمية
==============
التزم الفاطميون بالتسامح المذهبي لكن هذا التسامح لم يستمر رغم أن الفاطميين قطعوا الوعود بعدم نشر مذهبم بالقوة لأهل مصر السنة الذين رحبوا بهم ونصروهم على الدولة الأخشيدية المنهارة.
ولقد قامت الدولة الفاطمية برد هجمات القرامطة عن مصر والتمدد على حسابها كما قضت على الدولة الحمدانية
لكن مع وصول الخليفة الخامس أبو منصور نزار العزيز بالله قام العزيز بإعطاء الدولة صبغة مذهبية وإجبار الناس على اعتناق المذهب الإسماعيلي وسمح بسب الصحابة على المنابر

ومن ثم خلف العزيز ابنه ابنه الحاكم بأمر الله، فاتَّبع أباه في بداية عهده، ونجح بتثبيت أركان الدولة وتهيئة أمورها، وحسَّن علاقته مع أهل السُنَّة، فجالس علماءهم وبنا لهم دور علم. وقد كان متديِّنًا كثيرًا لحدّ المُغالاة، حتى أنه حظر زراعة العنب خشية استعماله بصناعة الخمر، ومنع النسوة من المشي في الشوارع، واضطَّهد المسيحيّين واليهود. إلا أنَّ شخصيته تقلَّبت فيما بعد، فغيَّر منهجه مع أهل السُنَّة، ولم يعد شديد التديُّن، بل إنَّه أصيب بالغرور حتى شبَّه نفسه بالإله وسمح لأتباعه بوصفه بأوصافٍ إلهية، ممَّا أساء لسمعته وسمعة الإسماعيليَّة في مصر والعالم الإسلامي، وأثار سخط النَّاس عليه، فثاروا عليه وكرهوه، وانتشرت الفوضى بمصر، فوقعت اشتباكاتٌ بين السكان وجيش الحاكم بأمر الله، ودبَّت الفوضى.وأخيراً قرَّر الحاكم الخروج من القاهرة، وكان ذلك في شوَّال سنة 411هـ الموافقة لِسنة 1021م، واختفى اختفاءً غير مفسَّرٍ بعد خروجه منها بفترةٍ قصيرة. وهناك العديد من الروايات والنظريات حول سبب اختفائه، لكن الأرجح أنَّه اغتيل. منذ نهاية عهد الحاكم، أخذت قوَّة الفاطميين السياسيَّة بالانحدار شيئا فشيئًا، وكان معظم الحكام الذين تبعوه صغارًا لم يبلغوا سنَّ الرُّشد بعد، لذا فقد افتقروا إلى السُّلطة، وأصبحت الدولة فعليًّا في أيدي الوزراء الفاطميّين أو أقارب حكامها صغار السِّن.
وشهدت مصر سبع سنوات من القحط وعاد المرض والفقر ينتشران
ومع تقدم السلاجقة وقضمهم المدن التي كانت تحت سيطرة الفاطمين كالقدس ودمشق قام الخليفة الفاطمي المستنصر بالاستعانة بوالي عكا الأرمني وهو بدر الدين الجبالي
ومع الجبالي تكون الخلافة الفاطمية قد انتهت فعلياً وأصبح الطريق ممهداً لقدوم صلاح الدين الأيوبي حيث استعان به الفاطميون لرد الحملات الصليبية لكنه عاني من مكر الوزراء حتى تمكن من الوصول إلى الملك وتأسيس الدولة الفاطمية

كيف عامل صلاح الدين الأيوبي أولاد المعتضد الفاطمي
عندما علم صلاح الدين الأيوبي بوفاة الخليفة الفاطمي العاضد سنة (567هـ/1171م) اعتق بعض العبيد والإماء الذين كانوا بالقصر على حد قول المقريزي فى كتابه اتعاظ الحنفا ، ولم يظهر أي شماتة فى موت الخليفة بل حزن عليه وجلس للعزاء بوفاته ووفَّى له بوصيته إزاء إكرام أبنائه ورعايتهم. ومما يؤكد ذلك ما ساقه لنا أبو شامه بقوله " ولما اشتد مرض العاضد أرسل يستدعي صلاح الدين فظن أن ذلك خديعة ، فلم يمض إليه فلما توفي علم صدقه فندم عن تخلفه عنه" (الروضتين ، ج2 ، ص192)
وقد عبر الأمير أبو الفتوح ابن الخليفة العاضد عن التزام صلاح الدين بوصية والده بقوله " أن أباه فى مرضه استدعى صلاح الدين فحضر قال وأحضرنا يعني أولاده وهم جماعة صغار فأوصاه بنا فالتزم إكرامنا واحترامنا رحمه الله" على حد تعبير أبو شامة (الروضتين ج2 ، ص192)
ثم لما توفي الخليفة الفاطمي العاضد ندم صلاح الدين على استعجال نور الدين له في تحويل الخطبة للعباسيين ، وعدم التروي فى ذلك الأمر . حيث ذكر أبو شامة: "وأما ندمُ صلاح الدين، فبلغني أنه كان على استعجال بقطع خطبته وهو مريض، وقال: لو علمت أنه يموت من هذا المرض ما قطعتها إلى أن يموت" (الروضتين ، ج2 ، ص192)
وقد وصف المؤرخ ابن العماد الحنبلي (ت1089هـ/ 1679م) حزن صلاح الدين على موت الخليفة بقوله "جلس السلطان للعزاء، وأغرب في الحزن والبكاء، وبلغ الغاية في إجمال أمره؛ والتوديع له إلى قبره" (شذرات الذهب فى أخبار من ذهب ، ج6 ، ص364)
وحفاظًا على وصية الخليفة العاضد ووفاءًا له فقد " نقل صلاح الدين أبناء بيت العاضد إلى موضع من القصر ووكل بهم من يحفظهم"، كما يروي أبو شامة. وقد أكد حسن معاملة صلاح الدين لأفراد أسرة الخليفة الفاطمي فكتب: "ونقل أهل العاضد إلى مكان منفرد، ووكل لحفظهم، وجعل أولاده وعمومته وأبناءهم في الإيوان في القصر، وجعل عندهم من يحفظهم". ونقل أبو شامة عن أبي الفتوح بن الخليفة العاضد أن صلاح الدين "جعلهم في دار برجوان في الحارة المنسوبة إليه بالقاهرة، وهي دار كبيرة واسعة، كان عيشهم فيها طيبا (الروضتين ، ج2 ، ص192)

اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	تنزيل.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	9.6 كيلوبايت 
الهوية:	1555