ميكانيكا الكم (الدرس 1) : تجربة شقي يونغ

في أوّل وهلة تبدو تجربة شقي يونغ سهلة للغاية، اقطع شقّين في صفيحة معدنية وأرسل موجات ضوئية اليهما، أوّلا كموجة ثابتة، وبعد ذلك أرسل الفوتونات واحدة تلو الأخرى، النتيجة لن تكون يسيرة الفهم، وهذا في الواقع ما اضطرّ العلم للاتجاه إلى مسلك أخر وهو الفيزياء الكمية.
في أواخر الثمانينات، كان يصدِّق أغلب العلماء أنّ الضوء يتكوّن من جسيمات وليس من موجات، أدرك العالِم توماس يونغ أنّ نظرية الجزيئات لم تكن نهاية القصة، وأراد إثبات أنّ الضوء عبارة عن موجة. وعلم أنّ الموجات تتفاعل بطريقة قابلة للتنبُّؤ، وأنّه إنْ استطاع برهنة هذه التفاعلات بالضوء فسيستطيع إثبات أنّ الضوء عبارة عن موجة ولذلك قرر إعداد التجربة التالية : قام بقطع شقين في ورقة حديدية تم أرسل الضوء عبرهم الى شاشة، فإن كان الضوء عبارة عن جسيمات، فستصطدم بعض هذه الجسيمات مع الورقة الحديدية ومن تم ترتدّ عنها، وسوف تلمع الجزيئات الاخرى التي دخلت الشقين في الشاشة، كرش الحبر على الورق، لكن إن كان الضوء عبارة عن موجة، فهنا سيحصل شيء مغاير، سوف نلاحظ ظاهرة الحيود، بحيث سوف تدخل هاته الموجات عبر الشقين ومن تمّ تتفاعل مع بعضها البعض، بحيث يحدث بين هذه الموجات تراكب أو تداخل، ويكون هذا التداخل إمّا تداخل هدّام؛ أي أنّ الإشارة الأولى تدمر الأخرى. أو تداخلا بناء؛ أي أنّ الواحدة تعزز الأخرى، ليشكلا موجة ثالثة مضاعفة منتجتة لما يعرف بالنمط المتداخل، وهذا تماما ما وقع، الضوء ينتقل في موجات.
تحقق ما أراد العالم ؟ جميل، الان أكمل القراءة.


في حوالي القرن العشرين، بدا بعض العلماء بإعادة صقل هاته الفكرة، اقترح ماكس بلانك أنّ الضوء، وأنواع أخرى من الاشعاعات تأتي بكميات منفصلة، ولقد اقترح اينشتاين فكرة الفوتون، كمية من الطاقة للضوء يتصرف كجسيم، وكنتيجة على ذلك، اقترح أنّ الضوء عبارة على جسيم وموجة في نفس الوقت. وبالرجوع إلى تجربة شقي يونغ، تتذكر عندما قلنا أنّ الضوء عبارة عن جسيم، وبالتالي ستنتج نوعا من الحبر المرشوش على الورق بدل الشكل المتداخل ؟ فباستعمال أداة خاصة، يمكنك ارسال جسيمات الضوء عبر الشقين واحد تلو الاخر. لكن عندما قام العلماء بذلك، حدث شيء غريب، ظهر مجددا الشكل المتداخل !
ينبِّئ هذا أنّ شيئا غريبا جدا يحدث، يتبين أنّ الفوتونات تعلم أين تذهب إذا كانت في موجة! كأنّ جمهوراً في مسرح ظهر بدون مقاعد مخصصة، لكن كل شخص يعرف مكانه المحدد ليتم بذلك ملء القاعة بطريقة صحيحة. كما اقترح كمثال للتفسير موقع "Popular Mechanics". هذا يعني التالي.. " جميع الطرق الممكنة لهاته الجسيمات تتفاعل مع بعضها البعض، رغم أن طريقة واحدة ستحصل.''
جميع الوقائع تتواجد في وقت واحد (مفهوم معروف باسم التراكب الكمي) إلى حين حدوث النتيجة النهائية. والأغرب من ذلك، عندما استخدم العلماء مجسات في كل شق لتحديد في أيّ شق يمر منه كل فوتون، اختفى الشكل التراكبي !
يقترح هذا أنّ عملية مراقبة الفوتونات تهدم جميع تلك الوقائع المتعددة إلى واحدة.
شيء غريب صحيح؟ كذلك بالنسبة للعلماء، ولهذا تعتبر ميكانيك الكم أحد اغرب مجالات العلوم.
- المصدر : 1