تطرقت "نيزافيسيمايا غازيتا" إلى الاحتجاجات في أوروبا ضد اتفاقية التجارة الحرة عبر الأطلسي مع الولايات المتحدة وكندا، بسبب الخوف من تردي نوعية المواد الغذائية وإفلاس المزارعين.

جاء في مقال الصحيفة:

تشهد دول الاتحاد الأوروبي موجة احتجاجات جماهيرية واسعة ضد اتفاقية التجارة الحرة عبر الأطلسي مع الولايات المتحدة وكندا، وذلك لخشية الأوروبيين من أن تؤدي إلى تدهور نوعية المواد الغذائية وافلاس المزارعين المحليين وظهور قوانين تجارية خاصة، تتمكن بموجبها الشركات المتعددة الجنسية من إدارة الحكومات الوطنية عمليا. وتؤكد موجة الاحتجاجات الجديدة ضد اتفاقيات التجارة ما أعلنه الاقتصاديون من "نهاية العولمة" – أي تقليص حجم التجارة الدولية وركود الاستثمارات عبر القارات.

يركز الأوروبيون اهتمامهم اليوم على اتفاقيتين: الأولى عن التجارة الحرة مع كندا، والثانية مع الولايات المتحدة حول "الشراكة التجارية والاستثمار عبر الأطلسي"، التي يعارضها عدد من ساسة أوروبا ونشطائها. وقد نظمت هذه التظاهرات في بروكسل يوم الثلاثاء 20 سبتمبر/أيلول الجاري، وقبلها خرج 300 ألف مواطن ألماني في تظاهرة احتجاجا على الاتفاقيتين.
يقول ميشيل سيرماك ممثل المركز الوطني للتعاون والتطور، الذي نظم التظاهرة في بروكسل: "يمكن أن تقرر الحكومات الأوروبية توقيع أول اتفاق عبر الأطلسي للتجارة الحرة مع كندا يوم الـ 22 من الشهر الجاري. ويؤكد النشطاء الأوروبيون أن الاتفاق مع كندا هي "حصان طروادة للاتفاقية مع الولايات المتحدة".
تشير "دويتشه فيله" إلى التظاهرات الجماهيرية التي شهدتها مدن ألمانيا يوم السبت الماضي (17/09/2016) ضد الاتفاق الموقع بين الاتحاد الأوروبي وكندا حول التعاون التجاري–الاقتصادي، الذي لم يدخل حيز التنفيذ، وأيضا ضد توقيع اتفاقية الشراكة التجارية والاستثمار عبر الأطلسي مع الولايات المتحدة. لأن هذه الاتفاقيات، حسب اعتقاد النشطاء، ستؤدي إلى انخفاض المعايير البيئية والاجتماعية.
Reuters Kai Pfaffenbach
الاحتجاجات في فرانكفورت بألمانيا
إضافة إلى ذلك، تفترض هذه الاتفاقيات إنشاء محاكم تحكيم دولية (ISDS – Investor-state dispute settlement) لتسوية الخلافات بين الشركات والدول، حيث يتخوف الأوروبيون من أن تصبح هذه المحاكم أدوات بيد الولايات المتحدة.
يقول دميتري دوبروف المعلق في وكالة انباء "ريا" إن "محاكم التحكيم الدولية هي هدف مشروع اتفاقية الشراكة التجارية والاستثمار عبر الأطلسي. هذه المحاكم تعني انتصار العولمة، وانتهاك حقوق الحكومات الوطنية".
وبحسب رأي المحللين الغربيين، هذا ليس "انتصارا للعولمة"، بل هو نهايتها. وهذا ما أكدته الموضوعات التي نشرتها صحف الغرب المؤثرة. يقول الاقتصادي سيمون إيفنيت في حديث لصحيفة "فيلت أم زونتاغ" إن "العولمة بدأت تتباطأ منذ عدة سنوات". ويعود سبب ذلك إلى الأوضاع السياسية المعقدة في العالم والحمائية الجديدة؛ حيث تمنح الدول الأولوية للاقتصاد الوطني في مجال الدعم والضمانات العلنية والسرية، وفي مجال رسوم التصدير وقواعد منع تشغيل عمال مهرة من بلدان أخرى.
من جانبه، يقول كبير اقتصاديي بنك DZ الألماني شتيفان بيلماير إن "الانخفاض ليس فقط في نمو الناتج المحلي العالمي، بل وفي انخفاض حجم التبادل التجاري بين الدول. وهذا يعني عمليا تقلص التداخل في الاقتصاد العالمي". فقد اتضح له بعد أن حلل الاستثمارات عبر الحدود لـ 16 بلدا، أنه بعد بلوغها الذروة عام 2007، بدأت تنخفض لتعود إلى مستوى تسعينيات القرن الماضي.
أما مدير معهد مشاكل العولمة الروسي ميخائيل ديلياغين، فيقول إن "تقوُّض أسواق العولمة المنتشرة في مناطق الاقتصاد الكلي، هو شيء موضوعي. ويمكن تسميته نهاية العولمة أو أي شيء مشابه. وإذا لم تتمكن روسيا من إنشاء منطقة اقتصاد كلي خاصة بها، فسوف يمزقوننا إلى أجزاء. عندها لن تبقى حاجة إلى الحديث عن البزنس الروسي أو عن الاقتصاد الروسي. كما يحصل اليوم بالنسبة للبزنس البلغاري مثلا". وبحسب قوله، فإن محاولات إنشاء منطقة حسابات بالروبل وإنشاء الاتحاد الجمركي هي رد صائب على "نهاية العولمة".
وبحسب نيكيتا ماسلينيكوف، رئيس قسم " الأموال والاقتصاد" في معهد التطور المعاصر، "لا داعي إلى تضخيم أهمية الركود في حجم التجارة والاستثمارات الدولية. لأن سوق الاستثمارات لا يزال عالميا وهذه الاستثمارات تمنح فرصا جيدة للنمو". وبحسب قوله: من الأصوب الحديث عن تغير شكل العولمة وليس عن نهايتها. وإن محاولة اغتنام فوائد العزلة لن تنجح، لأنه "كلما زادت العزلة – تقدمت البنية الاقتصادية". لذلك على روسيا خوض المنافسات الدولية باعتبارها محركا وحيدا للنمو، لأننا بعكس ذلك لن نتمكن من تحسين وتائر التقدم الاقتصادي".

روسيا اليوم