واشنطن - "القدس" دوت كوم - سعيد عريقات –بعد مرور يومين على الكشف عن خطة الرئيس الأميركي باراك أوباما الجديدة بشأن هزيمة "داعش" والتنظيمات الإرهابية الأخرى مثل "جبهة النصرة" عبر التشارك العسكري الأميركي الروسي، لم يصدر عن البيت الأبيض أو وزارة الخارجية الأميركية أو وزارة الدفاع الأميركية أي تصريحات قوية تنفي وجود خطة كهذه.واكتفى المتحدثون باسم البيت الأبيض ووزارتي الخارجية والدفاع الأميركيتين بالقول إنهم "لن يستبقوا مباحثات جارية".وعلمت "القدس" دوت كوم أن الخطة المقترحة التي حملها مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري لبحثها مع الرئيس الروسي فلادمير بوتين ووزير خارجيته سيرجي لافروف "تهدف لفتح الطريق أمام تعاون عميق بين المؤسسات العسكرية والاستخبارية الأميركية والروسية، وتتضمن شن هجمات جوية منسقة من قبل الطائرات الأميركية والروسية على قوى المتمردين السوريين الذين يعتبرهم الطرفان إرهابيين".وكانت إدارة الرئيس أوباما اقترحت في شهر حزيران الماضي "توحيد الصفوف مع روسيا في حملة قصف مكثفة ضد الذراع السوري لتنظيم القاعدة (جبهة النصرة)" إلا أن ما تم الكشف عنه مسبقاً هو اقتراح الولايات المتحدة القاضي بإقامة "مقر قيادة جديد لتنسيق الحملات الجوية، ويضم جنوداً ومسؤولي استخبارات وخبراء عسكريين أميركيين وروس على حد سواء".ويؤمل أن يؤدي هذا الاقتراح الى تغيير السياسة الأميركية تجاه سوريا بشكل جذري من خلال توجيه المزيد من القوة العسكرية الأميركية ضد جبهة النصرة التي تركز على محاربة نظام الرئيس السوري بشار الأسد على اعتبار أن ذلك سيقود إلى "توسيع مهمة مكافحة الإرهاب التي تضطلع بها الولايات المتحدة في سوريا".إلا أن معارضي الخطة يعتقدون بأن من شأن ذلك أن "يحسن ويعزز موقف نظام الأسد من خلال تسديد ضربة خطيرة للقوات التي تقاتله، كما تشكل الخطة أيضاً تغييراً جوهرياً في السياسة الأميركية-الروسية، نظراً إلى أنها ستمنح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ما تطلع إليه دوماً، وهو توثيق العلاقات العسكرية مع الولايات المتحدة والتخلص من عزلته الدولية" حسب قول آندرو تابلر من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.وتفيد معلومات منسوبة إلى وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنها تعارض هذه الخطة "خاصة وأنه لم يتضح بعد أن الرئيس الروسي بوتين يؤيدها، وفي حال تأييدها/ هل سيلتزم بتعهداته إزائها وهو ما يشك به (النتاغون).وإزدادت اليوم الجمعة التكهنات بشأن مقر "القيادة الأميركية الروسية المشتركة" حيث من المرجح أن يكون هذا هذا المقر قرب العاصمة الأردنية، عمان، وستتمثل مهمتها في توسيع نطاق التنسيق بين الولايات المتحدة وروسيا بما يتجاوز إجراءات السلامة المعمول بها" في الحملات الجوية الحالية.وبموجب اقتراح أوباما، ستنشئ الولايات المتحدة وروسيا مقرات مستقلة في ذلك الموقع الجديد ومكتب تنسيق مشترك، حيث ترسل كلتا الدولتين إلى هناك مسؤولي استخبارات وخبراء عسكريين وقوات عمليات وفرق دعم. وستمضي الدولتان في البداية إلى تبادل المعلومات الاستخباراتية ثم إلى "تنسيق الإجراءات لتنفيذ عمليات مشتركة". كما ستشمل المهمة الأولى التعاون على وضع أهداف تابعة لـ "جبهة النصرة" وتنظيم "داعش"، ومن ثم توزيع هذه الأهداف على كلا الجانبين.وحسب الخطة، فإذا حققت الحكومتين قدراً من التوافق لاحقاً، قد تشرع قواتهما الجوية في تنفيذ "عمليات متكاملة" تشمل مساعدة بعضهما البعض في القتال. وفي مقابل الحصول على مساعدات الولايات المتحدة ضد "جبهة النصرة"، سيلتزم الجانب الروسي بقصر الضربات الجوية على الأهداف التي يتفق الجانبان عليها وأيضاً بضمان أن تتوقف القوات السورية عن قصف أهداف في "مناطق معينة" متفق عليها.كما تنطوي الخطة المقترحة على بعض الاستثناءات الكبيرة للقيود الواقعة على روسيا ونظام الرئيس السوري بشار الأسد، حيث إنها ستسمح للقوات الجوية الروسية بضرب "جبهة النصرة" بشكل أحادي الجانب في حالة وجود "تهديد وشيك" أمام قواتها. كما سيُسمح لقوات النظام السوري بقصف "جبهة النصرة" إذا حاولت الجماعة الزحف خارج المناطق المحددة التي تعمل فيها بالفعل.وحسب الخطة سيقوم الطرفان خلال خمسة أيام من إنشاء مكتب القيادة المشترك، برسم خارطة لجميع مواقع "جبهة النصرة"، مع البدء في تبادل المعلومات الاستخباراتية حول الأهداف المتعلقة بالقيادة ومعسكرات التدريب والمستودعات اللوجستية وخطوط الإمداد والمقرات.وتنص الوثيقة المقترحة في النهاية على حاجة الولايات المتحدة وروسيا إلى إبرام اتفاقية أخرى بحلول 31 تموز حول التعاون العسكري والأمني، ووضع خطة لوقف إطلاق النار وإطار جديد للانتقال السياسي في سوريا.ويدعي معارضو الخطة أن الخطورة تكمن في احتمال أن تعطي مهاجمة "جبهة النصرة" بالتعاون مع الروس دفعة إلى عمليات تجنيد الإرهابيين وأن تزيد أعداد الضحايا المدنيين وأن تضع الولايات المتحدة على "الجانب الخطأ من الثورة في عيون الشعب السوري"، خصوصا في ظل غياب آلية للتنفيذ تبين ما سيحدث حال انتهاك بوتين أو الأسد التزاماتهما كما فعلا دوماً.وحتى إذا التزمت روسيا وسوريا ببنود الاتفاقية حتى النهاية (حسب صحيفة واشنطن بوست)، فستكون النتيجة هي إحراز نظام الأسد لتقدم هائل على حساب خصومه، مؤكدة أن جبهة النصرة تمثل مشكلة، ولكن التعاون مع القوات الجوية الروسية ليس الحل الأمثل لهذه المشكلة.من جهته، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مستهل محادثاته مع نظيره الأميركي جون كيري اليوم الجمعة أن الحوار الروسي-الأميركي يزداد أهمية وإلحاحا بعد الهجوم الإرهابي الأخير في نيس الفرنسية.وشدد خلال جلسة المحادثات التي عقدت اليوم الجمعة أن اللقاء الذي سبق أن عقده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع كيري في الكرملين الليلة الماضية أظهر ضرورة تكثيف العمل الروسي-الأميركي المشترك في سوريا، واصفا اللقاء بأنه كان مفيدا جدا.