أعاد تنازل مصر عن سيادتها على صنافير وتيران للسعودية إلى الأضواء قضية حلايب وشلاتين، التي تفرض مصر سيادتها عليهما، وتدعي السودان ملكيتها لهما

وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية السفير أحمد أبوزيد، أمس الثلاثاء، إن القضيتين متشابهتان إلى حد كبير، وإن الوضع فيما يتعلق بمنطقتي حلايب وشلاتين لا يختلف عن جزيرتي تيران وصنافير. ففي وقت مضى، طلب وزير الداخلية المصري من السودان إدارة حلايب وشلاتين، ثم استردتهما مصر بعد ذلك، و"على السودان أن تحذو حذو مصر في التعامل مع قضية تيران وصنافير".

وزير الخارجية السوداني إبراهيم الغندور من جانبه، صرح أمس أيضا، بأن قضية حلايب وشلاتين لم تتخذ مسارا جديدا، و"ليس لدينا سوى خيارين: إما التفاوض حولها مباشرة، أو اللجوء للتحكيم الدولي، حتى لا تكون شوكة في العلاقات المصرية السودانية"؛ مضيفا أن كل سوداني يؤكد أن حلايب سودانية بينما كل مصري يؤكد أنها مصرية. "لكن ما بيننا هو التاريخ والحدود الجغرافية". وأشار الغندور إلى أن العلاقات بين مصر والسودان أكبر من أن تصبح رهينة لأي قضية مهما كانت أهميتها.

وعلي المستويين الرسميين، لم تتعد إثارة هذه القضية تصريحات إعلامية متبادلة لوزارتي خارجية البلدين، ارتبطت بمنحى الحكومة المصرية في ترسيم حدود الدولة المصرية البحرية مع المملكة العربية والسعودية، ومن قبل مع قبرص واليونان في البحر الأبيض المتوسط؛ وإن أشارت تقارير سرية لجهات سيادية إلى دور لعبته السعودية في فترة سابقة ساهم في عدم اعتراف الرئيس السوداني عمر البشير بسيادة مصر على منطقتي حلايب وشلاتين. ورجح التقرير أن يتحول الموقف السعودي إلى موقف داعم لمصر في تلك القضية بعد اعتراف الحكومة المصرية بأحقية السعودية في جزيرتي تيران وصنافير، والذي لا يزال مصيرها معلقا بموافقة البرلمان المصري عليه أو إلغائه .
وتبلغ مساحة حلايب وشلاتين 20 ألف كيلو متر مربع على ساحل البحر الأحمر، وتتبع محافظة أسوان.
وقد أوفد إليها مجلس النواب المصري مؤخرا لجنة لتقصى الحقائق، والتعرف على المتطلبات الحياتية الخاصة بأهالي المنطقة، لحث الحكومة على تحسين الخدمات المقدمة إليهم.
وتحظر إدارة الشؤون المعنوية التابعة لوزارة الدفاع المصرية تداول أو نشر أي خرائط جغرافية تعود إلى تلك الفترة التي مارست فيها السودان إدارتها للإقليم.
كما تكثف قوات حرس الحدود المصرية وجودها في هذه المنطقة التي تعد أحد دروب التهريب المطلة علي البحر الأحمر.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى، التي تثار فيها قضية حلايب وشلاتين؛ حيث كانت أحد أسباب إطاحة الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، حين قوبلت تسريبات عن تعهدات أبرمها مع الرئيس السوداني بإمكان تنازل مصر عن ملكيتها لهذا الإقليم أثناء زيارته للسودان في أبريل/نيسان عام 2013، بثورة شعبية عارمة أطاحت نظام حكمه في 30 يونيو من نفس العام. كما استخدمها البشير كورقة انتخابية على مدار فترات حكمة السابقة .
وحول الجانب التاريخي للقضية، قال عضو مجلس النواب وعميد معهد الدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة السابق الدكتور سيد فليفل لـrt "إن حلايب وشلاتين مصريتان تمارس الحكومة سيادتها عليهما كاملة، بدءا من تواجد القوات على الأرض وانتهاء باستخراج بطاقات الهوية وجوازات السفر المصرية لمواطنيها. وقد أدى الوجود البريطاني المتزامن في مصر والسودان إلى تعيين الخط الحدودي الفاصل بين البلدين، حيث وُقعت اتفاقية السودان بين مصر وبريطانيا في 19 يناير/كانون الثاني عام 1899، ووقعها عن مصر بطرس غالي ناظر خارجيتها في ذلك الحين، وعن بريطانيا اللورد "كرومر" المعتمد البريطاني لدى مصر.
ونصت المادة الأولى من الاتفاقية على أن الحد الفاصل بين مصر والسودان هو خط عرض 22 درجة شمالاً. ويرجع تولي السودان إدارة هاتين المنطقتين إلى عام1907 بأمر من وزير الداخلية حينها باعتبار أن السودان أقرب لهما من مصر. وكان الدخول إليهما بإذن مسبق من البلدين، وعندما أخلت السودان بهذه الاتفاقية وسمحت لشركة تعدين هولندية بالدخول إليهما والتنقيب فيهما من دون إذن مصر، تدخلت القوات المسلحة المصرية في عام 1992 وطردت السودان والشركة وفرضت سيادتها على الأراضي هناك فيما يعرف بأنظف عملية عسكرية لم يستخدم فيها الجيش فيها القوة ضد الشعب السوداني، ولم تسفر عن أية خسائر بشرية من الطرفين".
ويروي سيد فليفل أن المرة الأولى التي أثير فيها النزاع الحدودي بين مصر والسودان حول حلايب كان في يناير/كانون الثاني عام 1958، عندما أرسلت الحكومة المصرية مذكرة إلى الحكومة السودانية اعترضت فيها على قانون الانتخابات الجديد الذي أصدره السودان في 27 فبراير/شباط عام 1958.
وأشارت المذكرة إلى أن القانون خالف اتفاقية عام 1899 بشأن الحدود المشتركة؛ إذ أدخل المنطقة الواقعة شمال مدينة وادي حلفا والمنطقة المحيطة بحلايب وشلاتين على سواحل البحر الأحمر ضمن الدوائر الانتخابية السودانية، وطالبت مصر حينها بحقها في هذه المناطق التي يقوم السودان بإدارتها شمال خط عرض 22 .
وفي أسوأ الأحوال، فإن الخلاف بين مصر والسودان على تبعية منطقة حلايب وشلاتين لن يعوق مسار التفاهم المشترك بين بلدين شقيقين يجمعهما مصير واحد باعتبارهما دولتي المصب لنهر النيل، الذي بات محل نزاع بعد قيام إثيوبيا إحدى دول المنبع بتشييد سد النهضة، الذي يهدد مصر والسودان على حد سواء
محمدسو