****المعلقة السينية الحديثة****
مفيد فهد نبزو
- سوريا -
كتب الشاعر السوري مفيد فهد نبزو قصيدته السينية التي بدأها يوم الجمعة بتاريخ 22 - - 10 - 2010 -
وهذه بعض أبياتها علما ً بأنها لما تنته بعد :

على أطلال من نهوى ندوسُ
ونبكي واقفينَ متى الجلوسُ ؟!
كفى يا أمتي لا الدمعُ يجدي
ولا يجدي التبسُّمُ والعبوسُ
لنا ماض ٍ وأمجادٌ توّلتْ
وغبراءٌ وداحسُ والبسوسُ
بعبد مناف ثم بعبد شمس ٍ
على الدنيا تضيء بنا شموسُ
فلا تسألْ متى التاريخُ يحكي
بنصر ِالعُرْب ِ إن حميَ الوطيس ُ
وأيامٌ لتشهدُ كيف كنا
نسوسُ الملكَ أفضلَ ما نسوسُ

بجحفل جيشنا الفرسان كانوا
وفارسنا المجلي والبئيسُ
أنبقى في تذكرها سُكارى
إذا ُذكرت ْ لترتعشُ الرؤوس ُ
ذئابٌ للجريمة في حمانا
لها في كلِّ مذأبة طقوس ُ
على أشلائنا رقصوا وغنوا
فنامت فوق طرحتها العروسُ
وعرسٌ مهرهُ الغالي دماءٌ
سيدفعُ عُمَرهُ الأغلى العريس ُ
فلا وصفُ الظعائن ِيا خليلي
ينجينا .. ولا حربٌ ضروسُ
أنشربُ من بني عبس ٍ كؤوساً
أتروي غَّلتي تلك الكؤوسُ ؟!
ومنا الأوفياء بكل عهدٍ
ومنا الخائن الوغد الدسيسُ

ومنا للغد المأمول قومٌ
كرامٌ في المعالي لن يجوسوا **1**
نموتُ مع الحياة بكلِّ يوم ٍ
ومن رمس ِالحياة لنا رموسُ
وعبدُ الموت شيطانٌ دميمٌ
وذئبٌ غادرٌ نهم ٌ ألوسُ * *2**.
إذا ما انسلَّ لا الجبارُ يسطو
ولا ملكٌ يدومُ ولا رئيس ُ
ونجمُ العبد في الدنيا سعودٌ
ونجم الحرِّ في الدنيا نحوسُ
برأس العقل نحلُ الشَّهد يفنى
ويعمرُ في رؤوس الطيش ِسوس ُ
كذا والعمرُ أيامٌ عُجالى
فلا سبتٌ يدوم ولا خميسُ
كذلك زار عبدُ الموت كسرى
أنوشروانَ فانحلَّ الخميس ُ **3 **

وكم حوريةٍ عذراءَ أشهى
إلى قلبي إذا خطرت ْ تميسُ
رماها الموتُ في واد ٍسحيق
وضاع َ الجوهرُ الدرُّ النفيس ُ
فيا وحشَ الردى تبَّا ً لعمر ٍ
ُيقدَّرُ في محافلنا الخسيس ُ
وإنَّ الحقَّ سخريةٌ وهزءٌ
إذا ما دافعت ْ عنهُ التيوس ُ
أنا يا أمتي طيرٌ حبيسٌ
فكيفَ يغرِّد ُ الطيرُ الحبيسُ ؟!
ولي نفسٌ إذا مرَّتْ رئامٌ
ونفسي شعلةٌ كانتْ تنوسُ
لتضرمُ نارها في القلبِ عطراً
لأن خيالَ من أهوى أنيسُ
ولي في روضة الشهباء ريمٌ
تقاسَمَها من الروح ِالرسيسُ **4**

تمِّيزُ غادتي وجناتُ وردٍ
إذا قبَّلتها نفسي نفوسُ
وما جدوى الورودُ الحمرُ إذ ما
أمتِّعُ ناظريَّ ولا أبوسُ
وخصرٌ أهيفٌ ، وعيونُ ريمٍ
إذا رفَّتْ ففي عقلي مسيسُ
خيوط العنكبوت شَغافُ قلبي
وعيناها بقلبي كهرطيسُ ** 5**
وثغرٌ نكهة ٌ بالمسك فاها
وجفنٌ فاترٌ جفنٌ نعوس ُ
وظبيٌ خائفٌ يرتاعُ قربي
ولا ظبيٌ بمأمنهِ كنوسُ **6 **
فعاطفتي الينابيع العذارى
وإحساسي يهامسهُ الحسيسُ ** 7**
ولي في وحشتي ليلٌ سحيمٌ
وصوتُ الشعر ِلي خلٌّ جليسُ

وكلبٌ مؤنسٌ ليصون ودِّي
ولا خلٌّ تمُّلقهُ لحوس ُ
فلا تندبْ على حظ ٍّ تعيس ٍ
لأن العمرَ باطنهُ تعيس ُ
ولا تغترَّ في وفر ٍ وفير ٍ
لأن الوفرَ فائضهُ بخيسُ
لنا التاريخُ كم أعطى عظاتٍ
دروساً هل تُعِّلمُنا الدروسُ
يقاس المرءُ في فعلٍ جليلٍ
وغيرهُ لا يقاسُ ولا يقيسُ
وناسٌ بيننا غزلان برٍّ
ولكن أكثرُ الناس النموسُ
ومن يفقرهُ في الدنيا شعورٌ
فلا تغنيهِ في الدنيا الفلوسُ
وأشجارٌ بلا ثمرٍ وظلٍّ
ستقطعها من الجذر الفؤوسُ

سلاماً يا نديم الكأس دعنا
لنا قمرٌ بليلتنا أنوس ُ
أميرٌ حوله سرب العذارى
نجوم الليل ترنو ،وهي شوسُ ** 8**
ونسمات إذا هبت علينا
لتسحرنا ،ولكن فيها جَوسُ ** 9 **
زهور حولنا من كلِّ لون ٍ
فلا تأبهْ إذا نطق النَّفوسُ ** 10**
طيورُ القمح موسيقى وعزفٌ
فصهْ ، واسمعْ بنقرتها جروسُ **11**
حياة المرءِ ُملكٌ للأماني
فكلُّ تجارة ٍ ولها مكوسُ **12* *
وما يخضرُّ في وجهٍ ويندى
له في وجهه ِ الثاني يبيسُ
زمانٌ طبعهُ يخفي النوايا
ويسرقُ عمرنا إن لا يخيسُ ** 13**

وحادي العيس في سفر الصحارى
ترافقه مع الصحراء عيسُ
ونحن اليوم في جنات نعمى
بطائرة ترافقنا لميسُ
وجوَّالٌ وحاسوب ٌ وفكسٌ
إذاً أين الحمائم والطروسُ؟!
كفانا يا بني قومي كفانا
يعزُّ لنا من الماضي الدريسُ
هجاءٌ ثمَّ مدحٌ أو رثاءٌ
وتشبيبٌ وشعرٌ طلطميس ُ ** 14 **
إذا الشعراء ما غذوا نفوساً
ولا ذوقاً، فشاعرهم طويسُ ** 15**
وكلُّ الذنب ِ يا طسمٌ خراجٌ
يفرُّ بعيد سرقته ِ جديس ُ ** 16 **
ألا يا أمة الأعراب قيحٌ
بنا العلاتُ والداء النكوسُ

تمزقنا أمورٌ تافهاتٌ
ولمُّ الشمل جوهرنا الرئيسُ
فمن ينفخْ على الجمرات ِحقداً
ليشعلها سيحرقهُ النسيسُ
ولا جدوى بإقناع ٍ ورأي ٍ
أيُقنَعُ جاهلٌ بغلٌ شَموس ُ
هنا قدموس أوروبا بأرضي
وروح الشرق ِ مولدها يبوسُ ** 17 **
هنا درب الحرير وقلب ربي
ولكن هاهنا عمري يئوس ُ
فهل من أمةٍ في الأرض تبكي
على أمس ٍ وقد مرَّتْ أموسُ؟!
كأنَّ أبي وأمي لستُ منهم ْ
وجنسي ماله أبداً جنوسُ
وكم قصرٍ بمظهره مضيء ٍ
ولكن قلب ُ صاحبه دموس ُ ** 18 **

وبعضُ الناس ترشقني سهاماً
وبعضُ الناس قدَّامي تروسُ
وبين الناس أنواعٌ ومنهم
جراثيم ٌ أيكشفها لويس ُ ** 20**
لها عدوى وكائنها طفيلي
أبُقراطٌ ٌ تحيَّر والرئيس ُ ** 21**
ونوبلُ للسلام ولا سلامٌ
وأرقامٌ تحِّطمها غنيس ُ ** 22 **
فما من قوة إلا وتفنى
وثوب العزِّ مهترئ لبيسُ
وللإسكندر انحلَّتْ جيوشٌ
وظلُّ الشمس ِ ظل َّ ديوجينيس . **23**
إله العرش أعطانا سماءً
ودين الحق ِّ ليس به لبوسُ
شيوخ المسلمين هنا تآخوا
وكهانُ النصارى والقسوسُ

لأن الأرض ما عرفت سلاماً
سلام الله يا شام الرغيس ُ ** 24**
ولندنُ أم نيويوركٌ وروما
محردة ُ* أين َ باريس ٌ ونيس ُ ** 25 **
غداً إن مت ُّ لا تبكوا وقولوا
معلقة، وشاعرها المر يس ُ ** 26 **
له بالوحي والإلهام نارٌ
على الشعراء شعلتها رَكوس ُ ** 27**
قصائده من الجوزاء أعلى
فقيسوا إن أردتم أن تقيسوا .


****************************************************************************************************

الهوامش :
1– لن يجوسوا : لن يترددوا في المعالي .
1 – ألوس : مخاتل ومخادع .
3– الخميس : الجيش المخمس .
4– الرسيس : بقية الروح .
5 – كهرطيس : كهرباء ومغناطيس
6 – كنوس : بيت الظبي .
7 – الحسيس ُ : الإدراك بالحواس والصوت المخفي .
8 : شوس : تنظر بطرف عينها غيظة وتكبراً
9 – جوس : ذهاب وإياب
10 – النَّفوس : الحسود .
11– جروس : صوت مناقير الطيور وهي تنقر الحَبَّ والقمح .
12 – مكوس : ضرائب مفردها ضريبة .
13 -– يخيس : يفسد .
14 – طلطميس ُ : مبهم غامض .
15- طويس : مغن ضرب به المثل بالشؤم فقيل أشأم من طويس .
16 – جديس :هو أخ طسم وهو سارق خراج الملك ،ولما هرب ولم تقبض عليه الشرطة عوقب أخوه طسم وسجن حتى يدفع خراج الملك الذي سرقه أخوه جديس .
17 – يبوس : من أسماء القدس الشريف .
18 – دموس : شديد الظلمة حالك السواد .
20 – لويسُ :إشارة إلى لويس باستور
21- الرئيس : إشارة إلى ابن سينا
22 - غنيس : الموسوعة العالمية لتحطيم الأرقام القياسية .
23 - ديوجينيس : فيلسوف إغريقي كان قانعا ً زاهدا ً يحمل مصباحا ً ويسير في السوق وقت الظهيرة يفتش عن الإنسان . عاش بين عامي 403- 323 ق .م .
الإسكندر :الإسكندر المقدوني ابن ملك مقدونية الذي اشتهر بفتوحاته ،
وكانت غايته أن يمزج الثقافة اليونانية بالثقافة الفارسية فلم يفلح إذ أدركه الموت بين عامي 356 - 323 ق.م .


قال الإسكندر لديوجينيس: إنني زاحف الآن على بلاد العجم وسأفتح الممالك ، وأقطع الصحارى ، وأعبر البحار ، وأدك الجبال ، إنني أريد أن أفتح الممالك المملوءة بالذهب وعظام العاج ، والأبنية الشاهقة .
إنني أريد هذه الممالك المشرقة بالفن والتصوير ، ألم يكن هذا مغريا ً؟.
ألم تكن السعادة في مثل هذا ؟ تمن َّ يا ديوجينيس تمن َّ.
أجابه ديوجينيس : الآن أيها الملك لا أتمنى شيئاً إنما أريد أن تتحول عني
قليلا ً لتترك لي شعاعاً من أشعة الشمس .
24 – الرغيس : النماء والخير .
25 – لندن ونيويورك وروما ومحردة وباريس ونيس : أسماء مدن . محردة : مسقط رأس الشاعر .
26 – المر يس ُ: المتمرس المتمكن الخبير .
27 – رَكوس : منقلبة ومرتدة عليهم .
* مفيد فهد نبزو*
شاعر سوري –