اختلف الباحثون في أصل هذه الكلمة "زندقة"

لكن أقرب الأقوال
إلى هذه الكلمة: "فارسي معرب عن زنديك فإنّ الكلمة كانت تطلق بمعناها الأصلي علىالمؤمن المخلص من أتباع ماني. ولما كان الزادشتية يعدون المانوية ملحدين خارجين علىالزرادشتية، فقد أطلقت عندهم على كل ملحد لا يؤمن بالدين الحق.


وفي ذلك يقول
"براون" شارحاً له ومدللاً عليه: "كلمة زنديق صفة فارسية معناها متتبع الزند أيالشروح القديمة للأفستا وهو كتاب زرادشت المفضل له على النص المقدس. وقد سميالمانوية زنادقة لميلهم إلى تأويل الكتب المقدسة للديانات الأخرى وشرحها حسب آرائهموأهوائهم" أقول: والذي يرجح أن أصلها فارسي معرب ما جاء في لسان العربي لابن منظور:الزِّنْدِيقُ القائل ببقاء الدهر , فارسي معرب

, وهو بالفارسية : زَنْدِ كِرَايْ ,
يقول بدوام بقاء الدهر. والزَّنْدَقةُ الضِّيقُ , وقيل : الزِّنْدِيقُ منه لأنهضيّق على نفسه. التهذيب : الزِّنْدِيقُ معروف, و زَنْدَقَتُه أنه لا يؤمن بالآخرةووَحْدانيّة الخالق . وقال أحمد بن يحيى : ليس زِنْدِيق ولا فَرْزِين من كلام العرب , ثم قال; ولكن البَياذِقةُ هم الرّجّالة , قال : وليس في كلام العرب زِنْدِيق ,وإنما تقول العرب رجل زَنْدَق و زَنْدَقِيّ إذا كان شديد البخل,

فإذا أرادت العرب
معنى ما تقوله العامة قالوا : مُلْحِد ودَهْرِيّ , فإذا أرادوا معنى السِّنِّ قالوا : دُهْرِيّ , قال : وقال سيبويه الهاء في زَنادِقة وفَرازِنة عوض من الياء فيزِنْدِيق وفَرْزِين , وأصله الزَّنادِيق الجوهري : الزِّنْدِيقُ من الثَّنَوِيَّةوهو معرب , والجمع الزَّنادِقة وقد تَزَنْدَقَ والاسم الزَّنْدَقة" وفي مختارالصحاح: "الزنديق م الثنوية وهو فارسي معرب وجمعه زنادقة وقد تزندق والاسمالزندقة." وجاء أيضاً في محيط المحيط: " زندق - تزندق الرجل صار زنديقًا أو تخلقبأخلاق الزّنديق. وقولهم من تمنطق تزندق أي من تعلَّم علم المنطق تهوَّر فيالزّندقة لأنهُ يتورَّط في الأقيسة والنتائج بما يُفسد العقائِد الدينيَّة التيمدارها على التسليم .. رجلٌ زَنْدَقٌ وزَنْدَقيٌّ أي شديد البخل الزَّّندقة الاسمتزندق. يقال عندهُ زندقٌة .. الزُّّنْدُوق لغةٌ في الصندوق الزِّّنْدِيق منالثنويَّة أو القائل بالنور والظلمة أو من لا يؤمن بالآخرة وبالربوبيَّة أو منيُبطِن الكفر ويُظهِر الإيمان. ومنهُ قول الشاعر: بغـداد دارٌ لأهل المال طيّبةٌوللمفاليس دار الضنك والضيقِ ظللتُ حيران أمشي في أزِقَّتها كأنني مُصحفٌ في بيتزنديقِ معرَّب زَن دِين أي دِين المرأة ج زناديق زنادِقة. والتاءُ عوض الياءالمحذوفة.

والزّنادقة في بعض ترجمات العهد الجديد هي تحريف الصدوقيّين نسبةً إلى
صدوق الذي أنكر الروح والبعث وغير ذلك. والزّنديق عند العامَّة من لا يراعي حرمةًولا يحفظ مودَةً " وقد ورد هذا المعنى في قاموس "لاروس": "الزندقة: ابطان الكفروإظهار الإيمان: مذهب القائلين بدوام الدهر من أصحاب زرادشت" أقول: لكن هذا المعنىتطور ولم يقتصر على أصحاب ماني لذلك يرى بعض المؤرخين أن للزندقة عدة معان تختلفباختلاف العصور.. "فقد كان العرب يطلقون لفظ (زنديق) على من ينفي وجود الله سبحانه،أو يقول إن له شريكاً. وقيل: إن الزنديق مَنْ يبطن الكفر ويظهر الإيمان.. وكان لفظزنديق يطلق أول الأمر على كل من يتأثر بالفرس في عادتهم ويسرف في العبث والمجون، ثمصار يطلق بعد ذلك على كل من يتخذ عقائد المانوية شعاراً له، ويتمسك بعقيدة الثنوية،وعبادة إلهين اثنين، واتباع تعاليم ماني. ثم توسعوا في العصر العباسي في إطلاق لفظالزندقة،

فأصبح يطلق على من ينكر الألوهية، أو يتظاهر بالظرف" ويرى د.عبد الرحمن
بدوي أن: "زنديق" لفظ غامض مشترك قد أطلق على معان عدة، مختلفة فيما بينها علىالرغم مما قد يجمع بينها من تشابه، فكان يطلق على من يؤمن بالمانوية ويثبت أصلينأزليين للعالم: هما النور والظلمة. ثم اتسع المعنى من بعد اتساعاً كبيراً حتى أطلقعلى من يكون مذهبه مخالفاً لمذهب أهل السنة أو حتى من كان يحيا حياة المجون منالشعراء والكتاب ومن إليهم" الزندقة إذن: "حركة دينية سياسية، ابتغى أصحابها بعثالديانات الثنوية الفارسية، وكان أكثرهم يعتنقون المانوية خاصة، وكان أهل الإباحة منهم يتأثرون المزكية أيضاً. وقد دبروا لطمس العقيدة الإسلامية، ونسف ُمثل الأمةالعربية، ليقوضوا الدولة الإسلامية، ويعيدوا الدولة الفارسية الثنوية، وكانالزنادقة مخادعين أذكياء، ودُهاة خبثاء، فتستروا بالإسلام، وأسروا الكفر، إخفاءلعقائدهم، وتغطية لأهدافهم، وتيسيراً لعملهم، وكان رؤساؤهم وأتباعهم من المواليالفرس، وكان شعراؤهم أهم من جد منهم في إحياء تراثهم الديني ونشره، وأكبر من لجّمنهم في تخريب الإسلام وتهديمه وأشهر من نشط منهم في تشويه الخلق العربي وتحطيمه.واشتط في ذلك منهم الشعراء الموالي الكوفيين أكثر من البصريين، لأن الكوفة سبقتالبصرة في الزندقة، وفاقتها في الإباحة. وكان مطيع بن إياس وحماد عجرد .. أخطرالزنادقة من أهل الكوفة، وكان بشار بن برد، وصالح بن عبد القدوس أخطر الزنادقة
الموالي من أهل البصرة. وكان بجانبهم مجانّ وفسقة وعصاة من الشعراء من أهل الكوفةمثل أبي دلامة وعلي بن الخليل، ووالبة بن الحباب، ومن أهل البصرة سلم الخاسر وأبانبن عبد الحميد، وأبي نواس .. وقد اتهموا جميعاً بالزندقة الدينية"