حرب قد تكون في الأفق بسببها ظل جيش عرمرم من الوجوه الصفراء يجهز لها منذ عشرين عاماً... استعدادات ضخمة تليق بالجيش المهيب الذي ينفذ تعليمات جديدة بالمحافظة على التماسك الداخلي وحفظ انتشار قوته الناعمة في العالم...
من 3 إلى 5 ملايين جندي صيني قد ينتشرون بالسلاح - في أي لحظة - من أجل المحافظة على إرث مؤسس الدولة الشيوعية في الصين ماوتسي تونغ. من أجل ذلك لمحت افتتاحية أخيرة لصحيفة الحزب الشيوعي الصيني الحاكم إلى الجهوزية التامة لجيش التحرير الشعبي لمواجهة الحرب الإلكترونية، أو بالأحرى حرب التجسس الغربي وحرب الأفكار من الخارج التي تروج من خلال الانترنت إلى داخل الصين، الأمر الذي استنفر قدرات العملاق الأصفر للحفاظ على تماسكه الداخلي ونفوذه الخارجي.

لكن قد تكون المواجهة الصينية للقوى العظمى ليست الكترونية فقط، بل مواجهة عسكرية نووية إذا اقتضى الأمر. ولذلك تسارع نسق صناعة حاملات الطائرات والغواصات النووية الصينية. لكن ما هي عوالم هذه الحرب التي تجهز لها أكثر دول العالم قوة بشرية وتصنيعاً، والتي وصفت بالعملاق الأصفر؟، وهل حان وقت نهوض العملاق لمواجهة العم سام والدب الروسي؟، أم أن العملاق يريد فقط الحفاظ على سيطرته على مناطق نفوذه التاريخية التي ترجح بعض التقارير أنها ستشهد اجتياحاً للأفكار الليبرالية بدلاً من الشيوعية.
وأعلنت الصين عن طريق افتتاحية نشرتها يوم الأربعاء 20 ايار الماضي في مجلة «جيش التحرير الشعبي» الصينى أنها تستعد لحرب رقمية علمية منذ عشرين عاماً، وأن الجيش الصيني يتخذ كافة التدابير اللازمة وفق ما نقله تقرير «اتلاينكو» استعداداً لهذه الحرب.
الصين التي لديها نزاعات مع أغلب جيرانها حول سيادة جزر أو حول النفوذ في بحر الصين الشرقي والجنوبي تتأهب اليوم أكثر من أي وقت مضى لمواجهة تزايد الوجود الأميركي قريباً من مناطق نفوذها وخصوصاً في أكثر المناطق حيوية في العالم في منطقة بحر الصين الجنوبي الذي يعد ممراً استراتيجياً لأكثر من نصف السفن التجارية في العالم وتكمن أهمية هذه المنطقة المطلة على المحيط الهادي كونها الممر الرئيسي للمنطقة الآسيوية التي أصبحت شيئاً فشيئاً تمثل أكبر مركز ثقل اقتصادي في العالم.
أول مؤشر على أن الصين تريد التوسع في ظل استراتيجية دفاعها الجدية نقله موقع «سترات فور العالمي» للدراسات والذي أكد أن الصين لديها طموحات للتوسع العسكري المبينة في الكتاب الأبيض حول الدفاع والتي تتعارض مع سياستها المعلنة بعدم التدخل خارجيا. وذكر موقع «نيويورك تايمز» أن «قانون الأمن الوطني الجديد في الصين، الذي صدر في شكل مشروع الشهر الماضي ركز على دعم مكافحة التجسس والدفاع عن حدود البلاد».
وظهر هذا القانون كما نقل «سترات فور العالمي» أشبه بورقة أيديولوجية للحزب الشيوعي تتضمن دعوة لحمل السلاح بهدف الدفاع على بقاء الحزب في السلطة، ويشكل القانون تعبيراً واضحاً عن رؤية الرئيس شي جين بينغ للأمن الوطني التي تفسر التهديدات التي يتعرض لها الحزب الشيوعي والدولة منذ عهد ماو.
مؤشرات الاستفزاز بين الصين والقوى العظمة بدأت منذ سنوات قليلة ماضية وذلك من خلال الغزو الصيني الاقتصادي لكبرى دول العالم مثل الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا.
الصين الشيوعية أصبحت ماركة مسجلة في بيت كل ليبرالي. إلى ذلك نمو التسليح الصيني الذي انتبهت إليه الولايات المتحدة دفع إلى الحذر من نمو قوة العملاق في الخفاء، وهو ما دفع إلى تغير استراتيجية الانتشار العسكري العالمي بالنسبة لكل من وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون»، وجيش الدفاع الروسي وذلك بالتوجه أكثر إلى بحر الصين أو ما يسمى اليوم بقطب آسيا.
ومن أجل تأثر الشعب الصيني بأفكار التحرر التي انتشرت خصوصاً في العالم العربي وبعض دول أوروبا فإن الصين تريد السيطرة على العالم الرقمي «الانترنت» الذي من خلاله تنتشر ثقافة التحرر العالمية. حيث تتأهب الصين أكثر إلى حرب في خلال سنوات مقبلة للسيطرة على العالم الافتراضي. إذ ان الحرب ستكون حرب السيطرة على المعلومات وتدمير الخصوم قد يكون من خلال السيطرة على معلوماتهم أو تعطيل أجهزتهم.
إذا فإن أغلب أنظمة العالم الدفاعية والاقتصادية والمعلوماتية والحياتية تدار شيئاً فشيئاً بكبسة زر وستنتقل أكثر أنشطة الإنسان إلى الانترنت لذلك فإن إلحاق الضرر ببلد ما سيكون ممكنا خلال الحرب الإلكترونية الرقمية التي تريد الصين بناء سور عظيم يحميها من تسلل أفكار تناهض الشيوعية.وفي افتتاحية صحيفة جيش التحرير الشعبي الصيني، بررت الصين حسب موقع «أتلانتيكو» دخولها في حرب رقمية وذكرت الافتتاحية أن «القوى المعادية للغرب وأقلية من الخونة الأيديولوجيين يستخدمون شبكة الإنترنت لمهاجمة الحزب الشيوعي الصيني».
والهدف من ذلك هو التنافس مع اميركا على الهيمنة بوسائل غير تقليدية، ويقوم هذا النوع من الحروب على الترهيب النفسي أو المضايقة المستمرة. ويبدو أن الستار الحديدي الرقمي قد فرض في الصين. حيث فرضت السلطات هناك معاييرها الخاصة ضد «غوغل» على وجه الخصوص، وقد ظهر جهاز ضخم لتصفية المعلومات في الصين، لحرصها على حماية النظام الشيوعي من شبح انهيار الكتلة السوفياتية وعدوى الربيع العربي.
في تشرين الأول 2014، ظهر برنامج أكسيوم الصيني الذي مكن بكين من جمع معلومات حساسة لتحقيق خطة مدتها خمس سنوات في مجالات البيئة والطاقة والدفاع.
من ناحية أخرى، تبني الصين بنسق متسارع جزراً اصطناعية جديدة في بحر الصين الجنوبي لتوسيع أراضيها هناك، وترفض واشنطن في المقابل بعناد الاعتراف بتلك التحركات وتعتبر إنشاء بكين لتلك الجزر هي خطوة لزيادة عسكرة المنطقة الأكثر نشاطاً تجارياً عالمياً.
البنتاغون حسب موقع «سي إن إن» أكد أن «الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ إزاء وتيرة ونطاق استصلاح الأراضي في بحر الصين الجنوبي وهو أمر يزيد احتمال العسكرة فضلا عن احتمال تزايد مخاطر الصراع بين الدول المتنازعة».حيث ان واشنطن تعتبر ان الدول المجاورة للصين يجب أن تكون لها حرية الملاحة لمنافع التنمية الاقتصادية.
وحسب ما نقلت «سي إن إن» عن مسؤول سابق في وكالة الاستخبارات الأميركية فإن «احتمال المواجهة قد يكون ممكناً ما يشكل خطراً على الولايات المتحدة إذا اختارت الصين الذهاب إلى الحرب في وقت ما في المستقبل».
لكن واشنطن وان كانت قلقة إزاء زيادة نفوذ بكين في بحر الصين الجنوبي إلا أنها تستبعد وفق تقرير «سي إن إن» اللجوء لحل عسكري للنزاعات في هذه المنطقة.
خطة لتطوير حاملات الطائرات والغواصات النووية
نقل موقع «شاينا ميلتري أون لاين» أن بحرية جيش التحرير الشعبي الصيني تخطط لنمو سريع للمعدات، مع إطلاق مكثف لنوع جديد من السفن، وعلى الرغم من الضجيج من «التهديد الصيني»، فإن تقارير أظهرت أنه في السنوات الأخيرة ركزت بيكين على تطوير الغواصات النووية الاستراتيجية إضافة إلى تطوير المعدات البحرية التي تركز بشكل وثيق على أسطول حاملات الطائرات.

وبنت الصين 40 سفينة عسكرية مع تطوير ستة أحواض لبناء السفن إما قيد الإنشاء أو في الاختبار، أو الانتهاء. كما أن عدد السفن التي تم بناؤها حديثا تعتبر عالية الأداء العسكري، حيث خضعت الغواصات الصينية لتطوير في صمت في العام 2014.
وذكرت مصادر سنغافورية أخيراً أن الصين بصدد تطوير جيل جديد من الغواصات التي يمكنها أن تحمل 24 صاروخاً باليستياً يصل مداها إلى ما لا يقل عن 11 ألف كيلومتر، ما يعني أن تلك الصواريخ يمكن أن تصل إلى أراضي الولايات المتحدة من المناطق البحرية للصين.
وفي نهاية عام 2014، حسبما ذكرت وسائل اعلام أميركية فإن هناك نوعا جديدا من الغواصات النووية الصينية برؤوس نووية من شأنها تحقيق القدرة على توجيه ضربة نووية موثوقة.
ووفقا للتقرير، فإن الغواصات النووية الصينية يمكنها أن تطلق صواريخ من المياه في شرق هاواي، ويصل مداها جميع الولايات الـ 50 في الولايات المتحدة.
أهمية بحر الصين الجنوبي
حسب دراسة لمركز «الجزيرة» فإن «بحر الصين الجنوبي تحديداً يثير توتراً بين الصين والفيليبين من جهة وبين الصين وفيتنام من جهة أخرى. هذا التوتر وصل إلى مرحلة غير مسبوقة من التهديد باستخدام القوة العسكرية لحسم نزاع مماثل على مجموعة جزر أخرى، هي جزر سبراتلي وبارسيل التي تتنازع السيادة عليها بشكل كامل أو جزئي خمس دول، هي الصين وفيتنام وماليزيا وبروناي وإندونيسيا بالإضافة إلى تايوان. وتعتبر قضايا النزاع في بحر الصين الجنوبي واحدة من بؤر التوتر المزمنة الثلاث في شرق آسيا إلى جانب قضيتي تايوان وكوريا.

بحر الصين الجنوبي هو بحر آخر من بحار النزاع في المحيط الهادي يمتد من سنغافورة حتى مضيق تايوان حيث يرتبط هناك ببحر الصين الشرقي وتقارب مساحته نحو ثلاثة ملايين ونصف المليون كيلومتر مربع، ويعتبر ثاني أكثر ممرات العالم البحرية ازدحاماً بسفن التجارة الدولية.
وترى الصين أحقيتها بالسيطرة على 80 في المئة من بحر الصين الجنوبي وهذا ما ترفضه معظم الدول المطلة عليه، ويتناقض كذلك مع قانون الحدود البحرية الذي أقرته الأمم المتحدة.

الراي