النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: الآريوسية

  1. #1 الآريوسية 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    الآريوسية:


    نسبة إلى الأسقف الليبي (آريوس) الذي درس على تلميذ بولس السميساطي وهو (لوقيانوس)، وكان آريوس يعلم بأن الله إله واحد غير مولود، أزلي، أما الابن فليس أزليًّا، بل وجد وقت لم يكن الابن فيه موجوداً، وهو خرج من العدم مثل غيره من المخلوقات حسب مشيئة الله، فهو ليس إلهاً، ولايملك شيئاً من الصفات الإلهية، إلا أن الله منحه مجداً جعله فوق كل الخلائق.
    وقد انتشرت الآريوسية انتشاراً عظيماً، وهي التي انعقد مجمع نيقية سنة (325) م, بأمر الإمبراطور قسطنطين للنظر فيها وغيرها من المذاهب التي كان يتوزع إليها النصارى في ذلك الوقت.
    فهذه المذاهب والأقوال المتباينة كانت منتشرة بين النصارى في ذلك الوقت، ولأتباعها نشاط قوي أيضاً، وكانت المواجهات القوية كثيراً ما تحدث بينهم وبين من يخالفهم، وخاصة أتباع مذهب (بولس) الذي كان له تلاميذ وأتباع فيما يظهر أقوياء وذوي نشاط في دعوتهم، وقد استطاعوا أن يترأسوا المراكز الدينية في ذلك الوقت، بعد سقوط عاصمة الديانـة الأولى، وهي بيت المقدس، وتلك المراكز تمثَّلت في أنطاكية، والإسكندرية، وروما، وكانت في الغالب في يد أتباع بولس، وقد كان من أولئك الأتباع:
    أسقف أنطاكية إغناطيوس الأنطاكي الذي نصب أسقفًّا لكنيسة أنطاكية، وذلك في سنة (70) م.
    وأسقف كنيسة روما إكلميندس الروماني الذي نصب فيما يظن من سنة (92- 101) م.
    وأسقف سميرنا (أزمير) بوليكاربوس: الذي قتل في اضطهادات الحاكم ماركوس أوريليوس سنة (156) م.
    وأسقف ليون إيريناوس: الذي يعتقد أنه توفي بين سنتي (190- 202) م.
    جاستين- يوستينوس مارتر الذي فتح مدرسة في روما ثم أعدم في سنة (165) م.
    وإكلميندس الإسكندري: الذي ولد سنة (150) م, في بلاد اليونان، ثم انتقل إلى الإسكندرية حيث التحق بمدرستها التي تدعى (مدرسة التعليم المسيحي) وتولى إدارتها، ويعتقد أنه توفي سنة (215) م.
    وإريجانوس المصري: الذي ولد حوالي (185) م, في الإسكندرية، وتولى إدارة المدرسة اللاهوتية فيها بعد مديرها السابق، توفي في صور سنة (253) م.
    وإثناسيوس: الذي نُصِّبَ أسقفًّا على الإسكندرية سنة (328) م خلفاً لإسكندروس، واللذان كان لهما أكبر الأثر في تحريف دين المسيح عليه السلام بترسيخ عقيدة ألوهية المسيح في مجمع نيقية الذي دعا إليه الإمبراطور قسطنطين سنة (325) م، ونبذ دعوة التوحيد التي كان يتزعمها آريوس الليبي.
    وكانت هذه المواجهات بين المختلفين من دعاة النصارى وأساقفتهم تنتهي في الغالب بالدعوة إلى مجمع من المجامع، الذي يعلن في نهايته بحرمان من قصد حرمانه، وطرده من الشركة النصرانية، وفي الغالب لا ينصاع المطرود والمحروم لتلك القرارات، بل يستمر في نشر تعاليمه.
    ومن المعلوم أن النصارى في تلك الفترة لم تكن لهم دولة، ولم يقم لهم تجمع متكامل بحيث يمكن أن يقال عنهم: إنهم أمة مجتمعه، بل كانوا أول الأمر يعيشون بين بني جنسهم اليهود ثم بين الوثنيين، وهذا جعلهم في حالة من البلاء والعذاب شديدة، فحين كانوا بين بني جنسهم اليهود كانوا يُضْطَهدون؛ لأن اليهود اعتبروهم خارجين عن شريعتهم، وفي نفس الوقت يضطهد الجميع الرومان الوثنيون الذين كانوا لا يعرفون فرقاً بين اليهودي والنصراني، لهذا فقد كان لثورات اليهود على الرومان أسوأ الأثر على النصارى، وبعد القضاء على اليهود، وطرد من بقي منهم خارج فلسطين واجه النصارى الذين كانوا بين الوثنيين اضطهاداً شبه متواصل من قبل حكام الرومان الوثنيين استمر قرابة ثلاثة قرون، إلى أن تولَّى الإمبراطور قسطنطين عرش روما، فأوقف الاضطهاد بمرسوم ميلان سنة (313) م، وابتدأ النصارى منذ ذلك التاريخ، يظهرون على السطح، وبدأت ديانتهم تنتشر انتشاراً فعليًّا على حساب الوثنية التي كانت تدين بها أكثر الشعوب في ذلك الوقت، إلا أن النصرانية نفسها في هذه الفترة المتأخرة قد وصلت إلى الوثنيين، وقد أثرت في كثير من دعاتها السنون العجاف المتطاولة التي مرَّت بهم، فانحرفوا عن دين المسيح عليه السلام، وجعلوه ديناً وثنيًّا يقوم على تأليه ثلاثة آلهة في ثلاثة أقانيم يزعمون أنها إله واحد، ويعتمدون في شرح الديانة وتفصيل العقيدة على الفلسفة، وخاصة الأفلاطونية الحديثة والرواقية، وكان من يسمون بالمدافعين عن النصرانية في تلك العهود جلهم قد درس الفلسفة الوثنية، وربما كان تابعاً لها فترة طويلة ثم تحوَّل إلى النصرانية بفلسفته وسابق تصوراته، فهذا كله جعل الوثني لا يجد فرقاً كبيراً بين ما كان يعتقد وما يدعوا إليه النصارى.
    وكان لتنصر أباطرة الرومان- وأولهم قسطنطين- أكبر الأثر في انتشار النصرانية في الدولة الرومانية المترامية الأطراف - والناس على دين ملوكهم- إلا أن تنصر الأباطرة قد جعل النصارى يواجهون مشكلة كبرى، وهي وصاية الأباطرة على الديانة وتعاليمها، حيث صارت بعد ذلك في يد الأباطرة الرومان الذين يسيِّرون العقائد النصرانية وفق أهوائهم، فينصرون من المذاهب ما يتفق مع أهوائهم، فإذا كان هناك أحد يدعو إلى تعاليم لا يميلون إليها فإنهم يطلبون من النصارى عقد مجمع، ويوعز إليهم بطرد ولعن من لا يرغبون، يقول حبيب سعيد: ( وباحتضان الإمبراطورية للكنيسة، تعرَّضت القوى الروحية في الكنيسة لخطر الاختناق والفناء، وغدا تنفيذ القانون الكنسي، واستدعاء المجالس العامة وتنفيذ قرارتها، وتعيين الأساقفة في المراكز الهامة، وحق الاختصاص الأعلى للمحاكم الروحية، والقول الفصل في المشاكل الجدلية، والتي قد تنشأ حول العقائد، غدت كلها من الحقوق التي طالبت بها الدولة الرومانية، وأصرت على انتزاعها من السلطات الدينية).
    يؤكد لنا هذا التسلط ويوضحه أن الذي دعا إلى مجمع نيقية سنة (325) م, هو الإمبراطور قسطنطين، وكان حاضراً في ذلك المجمع، وقرَّر فيه أُلوهية المسيح، وطرد آريوس وجماعته، ثم صدق بعده بعشر سنوات على قرارات مجمع صور التي فيها إعادة آريوس إلى الكنيسة، وطرد إثناسيوس الذي كان وراء إقرار ألوهية المسيح عليه السلام.
    ثم دعا كل من الإمبراطور الغربي قسطنطين الثاني والإمبراطور الشرقي قسطنديوس إلى مجمع في مدينة سارديكا سنة (343) م, بغرض توحيد النصارى، لكن النصارى لم يتفقوا، وخرجوا أشد اختلافاً وتفرقاً.
    ثم بعد مقتل الإمبراطور قسطنطين الثاني دعا الإمبراطور قسطنديوس إلى مجمع ميلانو سنة (355) م, وطلب من الأساقفة إصدار حكم بخلع إثناسيوس، ووقعت الأغلبية على ما أراد، ثم دعا ذلك الإمبراطور أيضاً إلى مجمعين في نفس الوقت مجمع في تركيا ومجمع في إيطاليا سنة (359) م، وأمر الذين يشرفون على مجمع إيطاليا بإرغام المجتمعين على التوقيع على قرار المجمع الذي يوافق نوعاً ما مذهب الآريوسيين الذين يسمون (الأريوسيين المعتدلين). كما استخدم القوة العسكرية من أجل إرغام المجتمعين في تركيا على التوقيع، ثم جاء الإمبراطور ثيود وسيوس- وكانت ميوله ضد الآريوسية- فدعا إلى مجمع القسطنطينة سنة (381) م، وقرر المجمع العودة إلى قانون الإيمان النيقوي، وزادوا عليه: ألوهية الروح القدس، واعتبار الآريوسية ضد القانون الروماني، وهو المذهب الذي عليه الغالبية العظمى من النصارى إلى الآن.
    وهكذا نجد أن النصرانية صارت ألعوبة بيد أباطرة الرومان يسيرونها وفق أهوائهم ورغباتهم إلى أن سقطت الدولة الرومانية أمام هجمات القبائل القادمة من الشرق والشمال الشرقي التي استولت على روما سنة (410) م.
    وبهذا نكون قد عرضنا في هذا المبحث التاريخ النصراني المبكر بشكل مختصر، ولعله يكون وافياً بالغرض، ولابد أن نبين هنا أن انتصار أتباع بولس ومذهبه قد جعل مصادر دارسي مثل هذه الموضوعات تعتمد عليهم، فهم الذين نقلوا كل هذه المعلومات عن معلميهم، وعن الفرق الأخرى ومعلميها، لذا فإن الحكم على صحة المعلومات عن تلك الفرق وأولئك الناس- وخاصة في مجال العقيدة- لا يكون صحيحاً دقيقا إلا في حالة الاطلاع على كلام صاحب المقالة، أو كلام تلاميذه وأتباعه عنه، فعلى المطالع لذلك الانتباه في هذا الموضوع والحذر. والله تعالى أعلم .
    دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية لسعود بن عبد العزيز الخلف – ص 173
    رد مع اقتباس  
     

  2. #2  
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    وهذا ما جاء في وكيبديا ، رغم أننا نحذر من المواد في هذه الموسوعة والانتباه للخلط المقصود في الأشياء فيها


    آريوس (256 - 336 م) موجد مذهب الآريوسية في الديانة المسيحية الذي يقول بأن الكلمة ليس بإله، بل بما أنه "مولود" من الله الآب فهو لا يشاركه طبيعته، بل تقوم بينهما علاقة "تبني.
    محتويات [أخف]
    1 نشأته
    2 المجمع المسكونى الأول
    3 مؤلفاته
    3.1 (أ) رسالة إلى أسقف نيقوميدية
    3.2 (ب) رسالة إلى الكسندروس أسقف الإسكندرية
    3.3 (ج) اعتراف الإيمان
    3.4 (د) "ثاليـا"
    4 تعاليم أريوس
    5 الفرق الأريوسية
    5.1 الأريوسيون المعتدلون (الحمرة)
    5.2 الأريوسيون المتشددون
    6 مواجهة الأريوسية
    7 مراجع
    نشأته[عدل]
    ولد أريوس في قورينا (ليبيا الحالية) عام ؟270 م،لأب اسمه أمونيوس من أصل ليبي بربري. بعد منتصف القرن الثالث بقليل، ودرس تعليمه اللاهوتي بمدرسة الإسكندرية اللاهوتية وتاثر بفكر عمادها اوريجن متاثرا بالفكر الافلاطوني ومن ثم درس أيضا بمدرسة اطاكيا متاثرا بالمنطق الارسطي لوكيانوس بأنطاكية حيث كان زميل دراسة لبعض الأشخاص الذين أرتقوا فيما بعد إلى درجات الرئاسة الكهنوتية. وهم الذين عضدوه ودفعوا به للمضى في طريق الكفاح لأجل نشر أفكاره.
    وكل هؤلاء الزملاء الذين درسوا في مدرسة لوكيانوس صاروا يلقبون باسم "اللوكيانيين" أو "الاتحاد اللوكيانى". وهذا لا يمنع أن آريوس درس أيضا في مدرسة الإسكندرية اللاهوتية قبل دراسته بأنطاكية.
    ويمكن أن يقال أن آريوس جمع في تعليمه بين اتجاهين مختلفين لمدرستى أنطاكية والإسكندرية. وفيما بعد أخذ المنتمون لمدرسة أنطاكية يهاجمونه ويتهمونه بأنه سكندرى، في حين أن المنتمين إلى مدرسة الأسكندرية كانوا يحاربونه متهمينه بأنه أنطاكى.
    أستوطن أريوس في الإسكندرية حيث رسمه الأسقف بطرس كاهنا.. وأظهر في أول حياته ميولا متعصبة متمردة لأنه قبل رسامته وبعدها كان منضما للأسقف المنشق ميليتوس أسقف ليكوبوليس (أسيوط).
    ولهذا السبب جرد من رتبته الكهنوتية، إلا أنه فيما بعد أعيد مرة أخرى إلى رتبته على يد الأسقف اخيلاس خليفة الأسقف بطرس. وما لبث أن عمل على تأييد انتخاب الكسندروس أسقفا للإسكندرية خلفا لأخيلاس. وإن كان أريوس نفسه قد استطاع بتأثير ثقافته وصفاته الشخصية أن يصير ذو شأن كبير في المدينة.
    إلا أنه بعد بضعة سنوات (حوالي عام 318 م) اصطدم مع الكسندروس بسبب الاختلاف حول تفسير نص في الكتاب المقدس خاص بشخص ابن الله. وكان الكسندروس قد أعطاه – كما أعتاد الأسقف أن يفعل مع الكهنة – موضوعا ليبحثه. وفى الشرح الذي قدمه أريوس حاول أن يعبر عن ابن الله بمفاهيم مخالفة للإيمان المستقيم.
    رأى الكسندروس في تقرير آريوس مخالفة لاعتقاده بالوهية يسوع … وأثبتت الاتصالات بين الرجلين على أن آريوس أصر على رأيه بان يسوع مخلوق واعتبر أفكار الكسندروس أنها سابيلية(1)أي مستمده من الديانة السابيلية في عبادة ى الشمس والاوثان. وبالرغم من هذا فإن الأسقف لم يتعجل في اتخاذ أي اجراء ضد كاهنه. إلا أنه فيما بعد اضطر الأسقف أن يتخذ قرارا من مجمع قسوس الكنيسة، أدان فيه أريوس بسبب بدعته وقطعه من شركة الكنيسة.
    رحل أريوس إلى فلسطين ثم اتجه إلى سوريا فاسيا الصغرى. وتمكن من أن يجمع حوله عدد من الأساقفة وافقوه على عقيدته التي تعتبرامتداد لعقيدة التلاميذ، وكان من بين هؤلاء "أوسابيوس أسقف فيقوميديا" اللوكيانى، "وأوسانيوس أسقف قيصرية" الأوريجانى. وان الأساقفة الذين تجمعوا حوله قد أيدوه وبرأوه في مجمع عقدوه. وطالبوا بأن يعود مرة أخرى إلى الكنيسة.. وسرعان من كتب أريوس أقرارا وافقوا عليه في مجمع عقدوه في نيقوميديا، وأرسله كرسالة إلى أسقف الإسكندرية الذي رفضه. ودعا بالطبع إلى مجمع بالإسكندرية سنة 318 م اعتمد ادانة أريوس.
    وبعد ذلك بقليل، بسبب الاضطرابات التي نشأت نتيجة للمصادمات التي وقعت بين قسطنطين الكبير وليكينيوس، تمكن آريوس من العودة مرة أخرى إلى الإسكندرية. حيث أخذ بعمل بحماس شديد وبأساليب مبتكرة لأجل عقيدته بان يسوع مخلوق ونشرها بين الجماهير عن طريق الأحاديث والأشعار… وقد ساعد على نشر عقيدته ما كان يظهر به أريوس من مظاهر الورع والتقوى إلى جانب ما يتصف به من الكبرياء والتباهى وحبه للنضال.. وكان يجرى مباحثاته اللاهوتية مع الشعب. فانتهز الوثنيون تلك الفرصة وأخذوا يسخرون من المسيحية في مسارحهم بسبب تلك المناقشات(2).
    المجمع المسكونى الأول[عدل]
    Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: مجمع نيقية
    وهكذا أثار هذا الموقف قلق قادة الكنيسة. كما أزعج الإمبراطور أيضا، الذي رأى أن هذه المشاكل ستكون خطرا على السلام الذي حققه بجهود مضنية وكفاح مرير ولكنه لم يتوقع أن تكون خطرا على السلام على المدى البعيد. لذلك فهو إذ رأى أن هذه المعركة تبدو أمرا تافها لا يستحق أن يصدر له نطقا ساميا، فأكتفى بأن أرسل "هوسيوس" أسقف قرطبة بأسبانيا إلى الإسكندرية بخطاب إلى رؤساء الأطراف المتنازعة(3). ولكن هذه المحاولة لم تأت بأية نتيجة. عندئذ دعا الأمبراطور إلى مجمع عام يعقد في نيقية عام 325 والذي اشتهر باسم، "المجمع المسكونى الأول"…
    وقد أدان هذا المجمع تعاليم أريوس وحرم أسقف نيقوميدية مع ثلاثة أساقفة أخرىن لتأييدهم لتعاليم أريوس. أما أريوس فأنه في البدء أرسل إلى نيقوميديا مكبلا بالقيود، ثم نفى بعد ذلك إلى الليريا… إلا أنه على الرغم من هذه التدابير فإن هذه المحاولة للتهدئة لم تنجح، لأن أصدقاء أريوس أستمروا في نشر مبادئه وتعاليمه… ولذا أقتنع قسطنطين – بواسطة العناصر المهادنة للأريوسية والمحبة لها، وتأثر بهم. مما جعله يستدعى أريوس من منفاه عام 327. وبعد تحريض من أسقف نيقوميديا عرضوا صيغة اعتراف إيمان على الأمبراطور أخفوا عنه فيها. حقيقة عقيدة أريوس، وكانت كنيسة نيقوميديا قد وافقت على هذه الصيغة في المجمع الذي عقد بها. إلا أن الأرثوذكسيين لم يجبروا على منح أريوس العفو. حتى أن الكسندروس أسقف الأسكندرية وأثناسيوس الذي خلفه لم يقبلاه في الإسكندرية.
    ولم يرغب قسطنطين حينئذ أن يؤزم المسائل أكثر بأن يفرض على أسقف الإسكندرية – بأن يقل أريوس. بل أنه في الواقع عندما طلب أنصار أريوس من الأمبراطور – برسالة محررة بلهجة شديدة – أن يتدخل لأجل تأمين عودة أريوس إلى الإسكندرية، غضب قسطنطين وأعاد أدانتهم بمرسوم آخر أسماهم فيه "بالبورفوريين" أي أنهم مشايعون لتعليم "بورفيريوس"(4).
    وبعد وساطات متعددة غيروا مرة أخرى من مشاعر قسطنطين ورحل أريوس إلى القسطنطينية حيث أبى أن يعترف بالإيمان الأرثوذكسى أمام الأمبراطور وتمسك بأن يصير مقبولا بطريقة رسمية على نطاق أوسع بالكنيسة. إلا أن الأمر بتحديد موعد بقبوله في كنيسة القسطنطينية قد تلاشى نهائيا، إذ أن أريوس سقط ومات في مرحض عام فجأة ليلة الموعد المحدد لقبوله...
    مؤلفاته[عدل]
    أستحوذ أريوس على مركز هام في التاريخ الكنسى، لكنه لم يترك أثارا كثيرة. فقد كتب أعمالا قليلة نسبيا وصلنا منها النذر اليسير. وهذه الكتابات التي وصلتنا عبارة عن رسائل خارجية. إلا أنها في واقع الأمر تحوى اعترافاته وهي:-
    (أ) رسالة إلى أسقف نيقوميدية[عدل]
    وقد حفظها لنا إبيفانيوس في كتابه "باناريون"(6). وكذلك ثيئودوريتس في كتابه "التاريخ الكنسى"(7). وفى هذه الرسالى يحتج على تحامل الكسندروس ضده وضد أتباعه ويعرض أراءه وتعاليمه في صراحة تامة. ويقول أن الابن إله لكنه "ليس غير مولود Agenntos" "ولا جزء من غير المولود" وفى النهاية يستنجد باوسابيوس أسقف نيقوميديا مسميا إياه أنه من "الاتحاد اللوكيانى".
    (ب) رسالة إلى الكسندروس أسقف الإسكندرية[عدل]
    حفظت هذه الرسالة في أعمال "أثناسيوس عن المجامع"(8). وفى كتاب "باناريون" لابيفانيوس(9). كما حفظت باللغة اللاتينية في كتاب "الثالوث لايلارى"(10). وهي الاعتراف الإجمالي إلى كان قد قدمه لمجمع نيقوميديا الأول والذي عقده الأريوسيون المنفيون. وفى هذه الرسالة تحاشى التعبيرات المثيرة واعتبر أن "الأبن قد ولد قبل كل الدهور". إلا أنه لم يكن موجودا من قبل أن يولد.
    (ج) اعتراف الإيمان[عدل]
    حفظت هذه الرسالة في التاريخ الكنسى لسقراط(11) والتاريخ الكنسى لسوزومينوس(12). وفى هذه الرسالة حجب عقيدته الحقيقية وقال بأن الابن قد ولد قبل كل الدهور (لأنه لو كتبت كلمة gegennimenos المولود" بحذف حرف n منها أي gegenimenos لتغير معناها وأصبحت تعنى المخلوق وليس المولود.
    (د) "ثاليـا"[عدل]
    حفظ أثناسيوس في كتاباته بعض نصوص هذا الكتاب(13). وكلمة "ثالثا" معناها مأدبة أدبية. وقد دبجها كلها تقريبا بأبيات منظومة وبلحن جميل. وفى افتتاحيتها نجده يظهر نفسه أنه مملوء بالعقيدة والعواطف الشجية عندما يتحدث عن الله..
    "بحسب إيمان مختارى الله… عارفى الله…
    أبناء قديسين. ذوى التعاليم الشرعية الثابتة.. حاصلين على روح الله القدس…
    أنا نفسى تعلمت هذا.. من حكمة المشاركين.. السابقين.. عارفى الله..
    حسب كل أقوال الحكماء.. أتيت أنا مقتفيا أثر كل هؤلاء..
    وأنا ذو السمعة الحميدة.. متمش بنفس العقيدة..
    ومتحمل كثيرا من أجل مجد الله.. بنفس حكمة الله..
    وفيما عدا هذا، يبدو أنه كان لأريوس مجموعة أخرى من الأشعار لكل مناسبة من مناسبات الحياة(14). (كما أشار بذلك أثناسيوس) في المجموعة التي تسمى "البحرية"، "الرحى" "الرحلة".. الخ.
    ووفقا لما يقوله أثناسيوس فإن كل هذه القصائد قد دبجت بلهجة ونغمة مثل التي كان يكتب بها سوتيادوس أشعاره القومية.. التي كانوا يتغنون بها في مآدبهم بضجيج صخب وعبث..
    تعاليم أريوس[عدل]
    لم تقتصر تعاليمه هذه على مدرسة واحدة، كما قال كثيرون – أي أنها لم تنطلق لا عن وحدانية الله الكتابية التي اعتنقها الأنطاكيون المتطرفون الذين أعتقدوا بأن الابن تهذب وتشكل بهبوط قوة إلهية مجردة على يسوع..، كما أنها لم تنطلق عن فكرة الوحدانية التي اعتنقها السكندريون المتطرفون الذين أعتقدوا بأن هذه الوحدانية الإلهية اتسعت لتحوى كل الموجودات الإلهية، بل هي نشأت عن فلسفة الوحدانية. وحيث أن أريوس كان موحدا متطرفا فإنه أراد أن يؤكد أن الله كان واحدا وأنه في نفس الوقت متحول. أن حل وحدانية الله إنما سيعنى تمييز الله إلى أب وابن. أما حل التحول إنما سيكون بواسطة خليقة هذا العالم..
    وبحسب اعتقاده، فإن الله واحد، غير مولود وحده، سرمدى وحده، ليس له بداية وحده. الحقيقى وحده، الذي له الخلود وحده(15). وبجانب الله، لا يوجد كائن آخر.. ولكن عن طريقه توجد قوة عامة (لا شخصية) هي "الحكمة والكلمة".. وهذه التعاليم مأخوذة عن "الوحدانية المقتدرة" التي لبولس الساموساطى. ولكن فكرة اللاهوتى يوضح اعتمادا أكثر على "المدافعين". وتأثيرات "الغنوسيين". فيما أن الله كان واحدا فهو لم يكن أبا "الله لم يكن دائما أبا. أما فيما بعد فقد صار أبا".
    ولقد صار الله أبا عندما أراد أن يخلق العالم. عندئذ خلق كائنا واحدا. هذا الكائن أسماه الابن، ويسمى استعاريا الكلمة أو الحكمة.
    إذن فحسب تعاليم أريوس توجد حكمتان:
    - قوة الله الواحدة العامة.
    - وكائن إلهى ذاتى واحد. وهذا الكائن هو الحكمة الثانية الذي جاء إلى الوجود من العدم. ومن ثم فهو مخلوق. إذ يقول "كلمة الله ذاته خلق من العدم.. وكان هناك وقت ما حينما لم يكن موجودا. وقبل أن يصير لم يكن موجودا.. بل أنه هو نفسه أول الخليقة لأنه صار" ويقول أيضا "الله وحده كان وحده دون أن يكون هناك الكلمة والحكمة.. ومن بعد ذلك عندما أراد أن يخلقنا عندئذ بالضبط خلق شخصا وهو الذي دعاه الكلمة والابن، وذلك كى يخلقنا بواسطته"(17). ولكى يؤيد تعاليمه استخدم نصا خاصا اقتبسه من سفر الأمثال: "الرب أقامنى أول طرقه.." (أم22:8)، وكان أوريجانوس من قبل قد تحدث عن "خضوع الابن"، كما تحدث عن "ميلاد الكلمة الأزلى" وهنا أخذ أريوس الجزء الأول فقط من تعايم أوريجانوس، وذلك عندما اضطر فيما بعد أن يقر "بالميلاد قبل الدهور" مفسرا ذلك بأنه يعنى فقط الزمن الذي سبق خلقه العالم.
    فعند أريوس. يبدأ هذا العالم بخلق الابن، عندما بدأ الزمن أيضا أن يوجد.. والابن هو المولود الأول ومهندس الخليقة.. ومن المستحيل عنده أن يعتبر الابن إله كامل. ويعتبر أن معرفته محدودة لأنه لا يرى الآب ولا يعرفه.. والأمر الأكثر أهمية أنه يمكن أن يتحول ويتغير كما يتحول ويتغير البشر.. "وبحسب الطبيعة فإنه مثل جميع الكائنات، هكذا أيضا الكلمة ذاته قابل للتغيير والتحويل ولكن بنفس أرادته المطلقة، طالما أنه يرغب في أن يبقى صالحا.. حينئذ عندما يريد فإنه في استطاعته هو أيضا أن يتحول مثلنا، حيث أن طبيعته قابلة للتغير"(18).
    أن بولس الساموساطى استعمل اصطلاح "القدرة على الاكتمال الذي أتخذ منه أريوس كل تعبيراته.. وفقا لتعليمه وهو أن المسيح هو ظهور بسيط للكلمة في إنسان. ومن ناحية أخرى فهو يعتبر إنسان كامل فقط وليس إله كامل.. وبالتالى فإن الأبن يمكن أن يدعى الله استعاريا فقط. وهو نفس الاسم الذي يمكن أن يدعى به البسطاء من الناس أيضا حينما يصلون إلى درجة كاملة من الروحانية والأخلاق.. وهنا يتضح كل تعليم هرطقة "التبنى Adoptionism" عن المسيح.
    النتيجة الأولى لهذا التعليم:
    هو أن الإيمان بالثالوث يتلاشى ويذوب.. بالطبع تحدث أريوس أيضا عن الثالوث إلا أنه اعتبره أنه قد صدر متأخرا ولم يكن أصليا وأزليا. لأنه وفقا لتعليمه فإن الآب وحده كان إلها أزليا.
    أما النتيجة الثانية:
    فهي أن الحياة الجديدة للإنسان التي صيغت كنتيجة لتأنس الكلمة، لا تتكون نتيجة تأليه بل بواسطة سمو روحى وأخلاقى.. وبهذا يتمكن أي شخص أن يقول أن هذا الموقف قد اقتبسه أريوس من المدافعين(19) الذين وفقا للتقاليد نشؤوا من مدارس فلسفية. وكانوا قد اتخذوا موقفا مماثلا عن الحياة الجديدة.. إلا أن موقف "المدافعين" يجد له مبررا بسبب العصر الذي عاشوا فيه والعالم الذي كانوا يتوجهون إليه بالحديث. أما فيما يتعلق بأريوس فإن الموقف يظهر ركود أفكاره التي ولو أنها كانت حادة. إلا أنها خالية من الحركة والعمق.
    ساءت الأحوال بعد وفاة قسطنطين الكبير، لأن حاكم الشرق قنسطانطيوس، فرض الأريوسية على المناطق التي كان يحكمها.. أما بعد وفاة أخيه قسطنس عام 350 م، فقد فرضها على جميع أنحاء الإمبراطورية.. وسحق هذا الحاكم نشاط معارضيه ومقاوميه الأرثوذكسيين وانشغل بإحلال أساقفة أريوسيين بدلا من الأساقفة الشرعيين في أهم مراكز الشرق وبعض جهات الغرب.
    وبعد وفاة قنسطانطيوس أنهار فجأة بناء الأريوسيين الشامخ. لأن يوليانوس الذي كان يدين بالعقيدة الوثنية عامل جميع المذاهب المسيحية معاملة متساوية. وعندئذ عاد المنفيون إلى أماكنهم. وبدأت الأرثوذكسية في أعادة تنظيم شملها. مما جعلها تسود وتنتصر. وقد وصلت إلى أكبر درجة من السيادة أثناء حكم الإمبراطور الأرثوذكسى يوفيانوس…
    الفرق الأريوسية[عدل]
    كان البناء الأريوسى في عهد قسطنديوس على الأقل، يبدو عظيما في الظاهر.. إلا أنه كان من البدء عملا مزعزعا. وذلك ليس فقط لأنه حصل على قوته من عناصر كنسية منشقة، ولكن أيضا لأن اتجاهه اللاهوتى لم يكن متحدا.. فإن جميع الأريوسيين رفضوا اصطلاحات مجمع نيقية.. ولكن ليس لأجل الأسباب دائما.. لذا فإن الخلافات فيما بينهم انكشفت وتحددت عند كثيرين منهم عن طريق موقفهم من اصطلاحات هذا المجمع.
    ولقد استخدم أباء مجمع نيقية في قانون الإيمان اصطلاح؟ هومو أوسيوس" أي "الواحد في الجوهر مع.. أو المساوى في الجوهر لـ..". وأرادوا أن يثبتوا بهذا الاصطلاح أن الابن مع الآب هما واحد. وأن هذا الجوهر هو كيان أساسي واحد.. وأضاف نفس الآباء بعد قانون الإيمان – بسبب المحرومين – نصا قالوا فيه بأن الابن "ليس من هيبوستاسيس آخر" أي " ليس من جوهر أخر".. وهكذا فقد أغضب الاصطلاح الأول الأريوسيين المتشددين، أما الاصطلاح الثاني فقد أغضب الأريوسيين المعتدلين.. (أو أنصاف الأريوسيين Semi – arians) ويبدو أن القانون دبجه لاهوتى غربي من المحتمل أن يكون "هوسيوس" أسقف قرطبة. وكلمة "Hypostasis"(20) "هيبوستاسيس" فيه هي ترجمة للكلمة اللاتينية" Substantia" إلا أنه في الغرب – نظرا لعجز اللغة اللاتينية حيث كانت كلمة Substantia تعنى كلا من "أوسيا" Oucia أي الجوهر أو الكيان. وكلمة "هيبوستاسيس" Hypostasis أي القوام أو الأقنوم. لذا أوضح أباء نيقية وحدة تشابه هذين الاصطلاحين لأنهم كانوا يخشون لوأنهم اعترفوا باثنين هيبوستاسيس (أي قوامين) – أن يتهموا بأنهم يقبلون الاعتراف بجوهرين أي يكونوا مثل الأريوسيين.
    الأريوسيون المعتدلون (الحمرة)[عدل]
    كان الأريوسيون المعتدلون (Semi – Arians) أوريجانيين قدامى وكان يتزعمهم أسقف قيصرية أوسابيوس، وهم الذين قبلوا بتعاطف عن رضى تعليما واحدا يرتكز على النظرية الأوريجانية الخاصة بخضوع الابن، هؤلاء أصروا على التمييز المشدد بين الآب والابن.. ورفضوا أيضا اصطلاحى مجمع نيقيا واعتبروهما سابيليان. ولأنهما لم يردا بين نصوص الانجيل.. إلا أنهم كانوا على استعداد لقبول معنى "التساوى في الجوهر Omooucios" لكن بتعبير مخالف.. لهذا تمسكوا بالتعبير "مماثل للآب في كل شيء"(21).
    وبعد موت أوسابيوس قام باسيليوس أسقف أنقيرا وجورجيوس اللاوديكى بتنظيمهم. وتميزوا بوضوح أكثر من الأريوسيين الآخرين. وذلك في مجمع ميديولانوس عام 355 م. حيث أنهم قبلوا "تماثل الجوهر" أو التشابه في الجوهر "هوميوأوسيوس" الأمر الذي من أجله أطلق عليهم اسم "هوميوأوسيين" وكانوا يختلفون عن القائلين "بالتساوى في الجوهر" أي "الهوموأوسيين" قليلا، ولذلك أطلق على النزاع بينهم أنه نزاع على لا شيء.
    الأريوسيون المتشددون[عدل]
    هؤلاء كانوا على عكس المعتدلين. وهؤلاء المتشددون كانوا قد نشؤوا عن اللوكيانيين الذين قبلوا تعليم "بدعة التبنى".. وكان يرأسهم في البدء يوسابيوس النيقوميدى (فيما بعد أوسابيوس القسطنطينى). وهذا الفريق تشدد في الفصل بين الآب والابن بدرجة أكبر.. وان كانوا أحيانا يخفون أراءهم لأسباب تنظيمية. إلا أنهم كانوا متشددين.. وبعد موت أوسابيوس هذا في عام 341. برز بين صفوفهم "ايتيوس" الانطاكى الذي اندفع إلى تعليم أريوس الأشد تطرفا من أجل تكوين فريق أريوسى جديد. وهذا الفريق الجديد تشكل بطريقة أكثر تنسيقا على يد تلميذه "يونوميوس". أن المنتمين إلى هذا الفريق وضعوا مناهج وأساليب متكاملة.. وتدخلوا بفكرهم ليفحصوا جوهر كل الكائنات. بما فيها الله أيضا.. وزعموا أن جوهر الله هو في عدم الولادة. أما جوهر الابن فهو في كونه مولود.. ومن ثم فإن جوهرى الآب والابن ليسا فقط لم يكونا شبيهين بل نقيضين تماما.. ولكى يؤكدوا تمييزهم لله الآب بفرادة خاصة وحده. أعتادوا أن يمارسوا المعمودية بغطسة واحدة فقط بدلا من ثلاثة غطسات.
    بسبب التباين بينهم، تشكل فريق ثالث بإيحاء من الإمبراطور قسطنديوس. هو فريق "الاوميويين" أي (الشبيهيين) وهؤلاء استخدموا الاصطلاح "أوميوس OMIOS" (أي شبيه أو مثيل)، إلا أنهم لم يكن لاهوتهم الخاص.. بل – بحسب الظروف – كانوا ينحازون لفريق أو لأخر. وقد أدى ذلك إلى إضفاء تفسيرين على كلمة "أوميوس OMIOS" فصار من الممكن أن تعنى أما "تشابه الجوهر" أو تشابه المشيئة.. واتخذ مشايعو هذا الفريق لزعامتهم أساقفة الحدود الشمالية أمثال أورساكيوس السنجدونى، وأولتتاس المورصى… وكذلك أكاكيوس القيصرى، وهؤلاء فرضوا وجهات نظرهم في المجمع الذي أنعقد في سرميوس عام 359 م.
    مواجهة الأريوسية[عدل]
    هز الأريوسيون أرجاء الكنيسة بسبب الطريقة التي ظهروا بها، حيث أنهم – على وجه الخصوص – نشروا وفرضوا أفكارهم بكل ضرب من ضروب البدع الغريبة على ذلك العصر. فهم لم يستعينوا فقط بالأحاديث الدينية، وتحرير الرسائل اللاهوتية ونشر عقائدهم على هيئة أفكار منتظمة قانونية، كما تأمر بذلك "أحكام الرسل" بل كما سبق أن قيل أيضا، فإنهم استخدموا كذلك اشعارهم الغنائية التي كانوا يتغنون بها في كل مناسبة.. أما سلاحهم الأكثر مضاء وصلابة، فكان استغلالهم للقوى السياسية التي أقحموها للتدخل – لأول مرة – في شؤون الكنيسة الداخلية، وهكذا أبعدوا خصومهم بوسائل عنيفة.. وأرغموا أثناسيوس على أن يبارح كرسيه خمس مرات.. وفى مرتين منها أقاموا أساقفتهم على هذا الكرسى.. وكان تفوقهم الساحق أكثر ثباتا واستقروا في أنطاكيا، بعد عزل الأسقف أوستاتيوس عام 330 م.. وفى عام 360 أقاموا هناك صديقهم ميليتيوس الذي ما لبث أن أعرب في الحال عن اتجاهه إلى قانون إيمان نيقيا..
    أما في آسيا فكان نفوذهم أقل، ولو أن موقفهم هناك كان أكثر هدوءا، الأمر الذي لأجله كان موقف الأرثوذكسيين مرنا..
    وفى القسطنطينية – على مدى أربعين سنة – خلف أربعة أساقفة أريوسيين الواحد الآخر.. وهكذا عندما صار غريغوريوس الثيئولوغوس أسقفا للقسطنطينية استقر في بيت صغير للصلاة (Chapel)، لأن الأريوسيين كانوا قد أستولوا على جميع الكنائس، ولكن غريغوريوس خلص القسطنطينية منهم.. وفى الغرب حصلوا على نجاح محدود حيث أستولوا فقط على بعض مراكز هامة قليلة مثل المديولانيين وذلك لعدة سنوات قليلة فقط.. إلا أنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى كرسى أسقفية روما.
    وكانت حالة المسيحية في ذلك العصر تثير الحزن والأسى. فبينما أعطيت لها الفرصة لأول مرة لكى تمد كرازتها في كل مكان، اضطر قادتها أن يهملوا ذلك قهرا. واضطروا للانشغال بأمور عقائدية دقيقة.
    كانت شوارع الإسكندرية تعج باستمرار للاشتراك بالاساقفة الذين، أما كانوا يفدون نحو منفاهم وأما كانوا يتوجهون للاشتراك في المجامع غير المكتملة. وفى وسط هذه المحازفات والمخاطر أظهرت قيادة الأرثوذكسية شجاعة مقترنة بدبلوماسية تجاه مضطهديهم، كما أظهرت تمسكا شديدا بالتقليد والإيمان المسلم.. فكانوا أما ينادون بعقائدهم وينفون بسببها واما كانوا يحافظون على هذه العقائد ويمكثون في أماكنهم كى يصونوا الإيمان الأرثوذكسى الذي لا يطفأ، ومن حول هؤلاء كانت خلايا المؤيدين المخلصين تصارع وتتصادم من أجل عقيدة مجمع نيقية.
    ان مسؤولية الدفاع عن هذه العقيدة كان لها أولا: مجموعة القادة الأول: الكسندروس السكندرى. وأوستاتيوس الأنطاكى، وهوسيوس القرطبى.
    ثم بعد ذلك بقليل وقع عبء الدفاع عن عقيدة نيقية على اكتاف القديس أثناسيوس الكبير الذي أدار النضال طيلة خمسين عاما تقريبا.. معضدا أيضا من الأباء الآخرين أمثال كيرلس الأورشليمى وسرابيون أسقف تيميس، وديديموس الضرير، وهيلاريوس البكتافى وأخيرا الآباء الكبادوكيين العظام: باسيليوس أسقف قيصرية وغريغوريوس الثيئولوغوس وغريغوريس النيصصى، أن هؤلاء اللاهوتيين – باستنادهم على حجج وبراهين من الكتاب المقدس والتقاليد الشرعية الصحيحة – قاموا بتجريد لاهوت أريوس من غطائه المتستر بالكتاب المقدس. وكشفوا أن الآريوسية إنما هي دراسة فلسفية جافة وعميقة تظهر الله بدون حياة أو حركة..
    كشف أثناسيوس الكبير أن تعاليم أريوس أدت إلى أمرين غير لائقين:
    أولهما: أنه أذاب التعليم بالثالوث القدوس ولاشاه، وفتح الطريق أمام الاعتقاد بتعدد الآلهة، إذ أنه سمح بعبادة المخلوق.
    وثانيهما: أنه قلب "بناء الخلاص" كلية. فإن المخلص الذي أخذ على عاتقه خلاص البشرية يلزم أن يكون هو نفسه حاصلا على ملء اللاهوت، ما دام قد أخذ على عاتقه أن يؤله الإنسان. فكيف يكون من الممكن أن الكلمة الذي يقوم بعمل التألية لا يكون واحدا في الجوهر مع الله؟ إن قمة براهين أثناسيوس هي أن المسيح لم يصر أبنا لله كجزاء لكماله الأدبى بل على العكس فإنه هو الذي إلهنا (بتشديد اللام) (أي جعلنا الها). فيقول أثناسيوس "لذلك إذن فالمسيح لم يكن إنسانا وفيما بعد صار إلها، بل أنه كان إلها ثم صار إنسانا لكى يؤلهنا" (المقالة الأولى ضد الأريوسيين فقرة 39).
    وعلى الرغم من صرامته وحزمه لم يكن أثناسيوس متصلبا بل كان يعرف كيف يتدبر الأمر بتفهم وتسامح.. وعندما تخلص من الضغط السياسى الخطير عرض المشكلة بحذر ويقظة أكثر. ووضع موقف الأرثوذكسيين تحت الفحص. وعندئذ تحقق من قصور وعجز حججهم وسعى لكى يجد لها علاجا.. فإن المطابقة المشار إليها سابقا بين الاصطلاحين "اوسيا" (أي الجوهر). و"هيبوستاسيس" (أي القوام) صارت مقبولة في الغرب بدون اعتراض. ولكن في الشرق رأى كثير من اللاهوتيين أن فيها خطر البدعة "السابيلية". وأدرك أثناسيوس هذه الحيرة وقام بحركة توفيق فعالة أثناء مجمع الإسكندرية عام 362 م حيث أقر بأن كل من لا يرغب في الاعتراف بصيغة "الاوموأوسيوس" (أي المساواة أو الوحدة في الجوهر)، ولكنه يقبل في نفس الوقت بوحدة "الآب والابن فإنه يوجد على الطريق المستقيم. وقام بخطوة عوطة التسليم بالمبدأ الشرقى للثالوث مع التفريق بين معنى الاصطلاحين "أوسيا"، و"هيبوستاسيس" مع إضافة معنى "طريقة الوجود الخاص بالكيان" إلى "الهيبوستاسيس".. وهكذا فإن الله يكون من جوهر واحد ولكنه يوجد في ثلاث أقانيم (هيبوستاسيس) أو أشخاص (بروسوبا)، وهذه الصيغة توسع فيها أكثر الأباء الكبادوكيوسن بعد ذلك.. ومن ذلك الوقت فتح الباب أمام جماعة "الهوميواوسيين". وأن غالبية الذين رجعوا وانضموا إلى أتباع مجمع نيقيا الأرثوذكسيين، وصلوا أيضا بعد ذلك إلى قبول مبدأ "الهوموأوسيوس" (التساوى أو الوحدة في الجوهر) ولكن البعض من هؤلاء لم يكونوا على استعداد لقبول الاعتقاد بمساواة الروح في الجوهر أيضا (أي مع الآب والابن)..
    ولهذا السبب ضمن مجمع نيقيا ضمن قانون الإيمان. مجرد عبارة "وبالروح القدس" بدون أية خاصية أو صفة أخرى، وكان هؤلاء يعتقدون بثنائي فقط في الله بدلا من الثالوث. ولهذا أطلق عليهم اسم "أعداء الروح" ولآنه كان يتزعمهم "مقدونيوس". الذي جرده "الأوميوون" من رتبته. لهذا أطلق عليهم أيضا اسم "المقدونيون". وهؤلاء حكم عليهم بواسطة مجمع أنطاكية سنة 379 م. والمجمع المسكونى الثاني بالقسطنطينية سنة 381 م. ولكى يتجنب الاباء أي مخاطرات جديدة أو أي إساءة فهم للأمور. فانهم لم يستخدموا في هذا المجمع الآخير أي اصطلاحات مثيرة، مثل "الهومواوسيوس" بل استخدموا عبارات متباينة وهي عبارات توضح "المساواة في الكرامة". وهم في هذا قد أتبعوا السياسة الحكيمة التي كان يسير عليها باسيليوس الكبير. ثم أصدر الإمبراطور ثيئودوسيوس قرارا بوضع حد لهذا الصراع داخل إمبراطوريته، فكانت النهاية الحاسمة، مما أدى إلى الاعتراف بشكل دينى واحد وهو المسيحية الأرثوذكسية التي أقرها "داماسوس" أسقف روما. "وبطرس" أسقف الإسكندرية. وبالتالى انضم غالبية الآريوسيين إلى الكنيسة، أما البقية الذين تخلفوا فقد انضموا على التوالى إلى بدع وهرطقات أخرى، وخاصة انضموا إلى النسطورية وهي البدعة التي حاولت أن تنقص من ألوهية المسيح بطريقة أخرى.
    مراجع[عدل]
    (1) نسبة إلى سابيليوس صاحبة البدعة السابيلية المعروفة باسمه، والذي ظهر في روما أوائل القرن الثالث. والسابيلية تعلم بأن الآب والابن والروح القدس هم شخص واحد وليس ثلاثة أقانيم. فنقول "أن الآب أعطى الناموس في العهد القديم، ثم ظهر هو نفسه باسم الابن في التجسد، وبعد أن أختفى المسيح بالصعود ظهر هو نفسه باسم الروح القدس. أى أن الثالوث هو ثلاث ظهورات متوالية في التاريخ لشخص واحد، وليس ثلاثة أقانيم لهم جوهر واحد (المعرب). (2) أنظر "حياة قسطنطين لأوسابيوس المؤرخ" (61:2) والتاريخ الكنسى لسقراط (7:1). (3) أوسابيوس في حياة قسطنطين (64:2). (4) التاريخ الكنسى لسقراط (9:1) بوفيريوس هو أحد فلاسفة "الافلاطونية الجديدة" الوثنيين قرب نهاية القرن الثالث. هاجم المسيحية بعنف وخاصة هاجم ألوهية المسيح (المعرب). (5) الرسالة الدورية إلى الأساقفة بقلم أناسيوس 5:18. (6) باناريون معناها سلة الخير. (7) التاريخ الكنسى لثيئودوريتس (4:1) انظر "باناريون" لابيفانيوس (6:69). (8) "أثناسيوس عن المجامع" 16. (9) "باناريون" لابيفانيوس (7:29). (10) "ايلاريوس عن الثالوث" (12:4، 5:6 هـ). (11) "التاريخ الكنيسى لسقراط" (26:1). (12) التاريخ الكنسى لسوزومينوس" (27:2). (13) أثناسيوس ضد الأريوسيين (5:1-6). (14) أثناسيوس عن مجمع نيقية 16 – فيلوستورغيوس التاريخ الكنسى (2:2). (15) أريوس في رسالته إلى الكسندروس وجدت في كتاب أثناسيوس عن المجامع 16. (17) المرجع السابق. (18) "ثاليا" كما جاء في أثنايوس ضد الأريوسيين مقالة 5:1. (19) هم معلمى الكنيسة الذين قاموا بالدفاع عن المسيحية والمسيحيين أمام الأباطرة الوثنيين. وأمام الفلسفات الوثنية المعاصرة وأحيانا ضد الهجمات اليهودية. خلال القرنين الثاني والثالث، ومن أشهر المدافعين يوستيتوس. وتاتيان واتيناغوراس وأوريجانوس (المعرب). (20) كلمة "هيبوستاسيس Hyposasis" اليونانية تعنى القوام، أو الأساس – أو ما يقف عليه الشئ – "الدعامة" أو طبيعة الشئ، أو الشخص، أو أقنوم (المعرب). (21) أوسابيوس: رسالة إلى كنيسته في كتاب "التاريخ الكنسى لسقراط".
    كتاب حقبة مضيئة في تاريخ مصـر - بمناسبة مرور 16 قرنا على نياحته - القديس أثناسيوس الرسولى البابا العشرون 296 - 273 م سيرته، دفاعه عن الإيمان عند الأريوسيين، لاهوته - العلامة الروحانى الأب متى المسكين - عدد صفحاته 824 صفحة- الطبعة الثانية 2002 م ص 56
    الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - كنيسة علم ولاهوت - طبعة تحضيرية 1986 م - القمص تادرس يعقوب ملطى
    علم اللاهوت المقارن / الهرطقات - بقلم الأنبا غريغوريوس أسقف عام الدراسات اللاهوتية العليا والثقافة القبطية والبحث العلمى - مطبوعات الكلية الإكليريكية للقبط الأرثوذكس ص 62 -
    رد مع اقتباس  
     

  3. #3  
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    وهذا ما جاء في وكيبديا ، رغم أننا نحذر من المواد في هذه الموسوعة والانتباه للخلط المقصود في الأشياء فيها


    آريوس (256 - 336 م) موجد مذهب الآريوسية في الديانة المسيحية الذي يقول بأن الكلمة ليس بإله، بل بما أنه "مولود" من الله الآب فهو لا يشاركه طبيعته، بل تقوم بينهما علاقة "تبني.
    محتويات [أخف]
    1 نشأته
    2 المجمع المسكونى الأول
    3 مؤلفاته
    3.1 (أ) رسالة إلى أسقف نيقوميدية
    3.2 (ب) رسالة إلى الكسندروس أسقف الإسكندرية
    3.3 (ج) اعتراف الإيمان
    3.4 (د) "ثاليـا"
    4 تعاليم أريوس
    5 الفرق الأريوسية
    5.1 الأريوسيون المعتدلون (الحمرة)
    5.2 الأريوسيون المتشددون
    6 مواجهة الأريوسية
    7 مراجع
    نشأته[عدل]
    ولد أريوس في قورينا (ليبيا الحالية) عام ؟270 م،لأب اسمه أمونيوس من أصل ليبي بربري. بعد منتصف القرن الثالث بقليل، ودرس تعليمه اللاهوتي بمدرسة الإسكندرية اللاهوتية وتاثر بفكر عمادها اوريجن متاثرا بالفكر الافلاطوني ومن ثم درس أيضا بمدرسة اطاكيا متاثرا بالمنطق الارسطي لوكيانوس بأنطاكية حيث كان زميل دراسة لبعض الأشخاص الذين أرتقوا فيما بعد إلى درجات الرئاسة الكهنوتية. وهم الذين عضدوه ودفعوا به للمضى في طريق الكفاح لأجل نشر أفكاره.
    وكل هؤلاء الزملاء الذين درسوا في مدرسة لوكيانوس صاروا يلقبون باسم "اللوكيانيين" أو "الاتحاد اللوكيانى". وهذا لا يمنع أن آريوس درس أيضا في مدرسة الإسكندرية اللاهوتية قبل دراسته بأنطاكية.
    ويمكن أن يقال أن آريوس جمع في تعليمه بين اتجاهين مختلفين لمدرستى أنطاكية والإسكندرية. وفيما بعد أخذ المنتمون لمدرسة أنطاكية يهاجمونه ويتهمونه بأنه سكندرى، في حين أن المنتمين إلى مدرسة الأسكندرية كانوا يحاربونه متهمينه بأنه أنطاكى.
    أستوطن أريوس في الإسكندرية حيث رسمه الأسقف بطرس كاهنا.. وأظهر في أول حياته ميولا متعصبة متمردة لأنه قبل رسامته وبعدها كان منضما للأسقف المنشق ميليتوس أسقف ليكوبوليس (أسيوط).
    ولهذا السبب جرد من رتبته الكهنوتية، إلا أنه فيما بعد أعيد مرة أخرى إلى رتبته على يد الأسقف اخيلاس خليفة الأسقف بطرس. وما لبث أن عمل على تأييد انتخاب الكسندروس أسقفا للإسكندرية خلفا لأخيلاس. وإن كان أريوس نفسه قد استطاع بتأثير ثقافته وصفاته الشخصية أن يصير ذو شأن كبير في المدينة.
    إلا أنه بعد بضعة سنوات (حوالي عام 318 م) اصطدم مع الكسندروس بسبب الاختلاف حول تفسير نص في الكتاب المقدس خاص بشخص ابن الله. وكان الكسندروس قد أعطاه – كما أعتاد الأسقف أن يفعل مع الكهنة – موضوعا ليبحثه. وفى الشرح الذي قدمه أريوس حاول أن يعبر عن ابن الله بمفاهيم مخالفة للإيمان المستقيم.
    رأى الكسندروس في تقرير آريوس مخالفة لاعتقاده بالوهية يسوع … وأثبتت الاتصالات بين الرجلين على أن آريوس أصر على رأيه بان يسوع مخلوق واعتبر أفكار الكسندروس أنها سابيلية(1)أي مستمده من الديانة السابيلية في عبادة ى الشمس والاوثان. وبالرغم من هذا فإن الأسقف لم يتعجل في اتخاذ أي اجراء ضد كاهنه. إلا أنه فيما بعد اضطر الأسقف أن يتخذ قرارا من مجمع قسوس الكنيسة، أدان فيه أريوس بسبب بدعته وقطعه من شركة الكنيسة.
    رحل أريوس إلى فلسطين ثم اتجه إلى سوريا فاسيا الصغرى. وتمكن من أن يجمع حوله عدد من الأساقفة وافقوه على عقيدته التي تعتبرامتداد لعقيدة التلاميذ، وكان من بين هؤلاء "أوسابيوس أسقف فيقوميديا" اللوكيانى، "وأوسانيوس أسقف قيصرية" الأوريجانى. وان الأساقفة الذين تجمعوا حوله قد أيدوه وبرأوه في مجمع عقدوه. وطالبوا بأن يعود مرة أخرى إلى الكنيسة.. وسرعان من كتب أريوس أقرارا وافقوا عليه في مجمع عقدوه في نيقوميديا، وأرسله كرسالة إلى أسقف الإسكندرية الذي رفضه. ودعا بالطبع إلى مجمع بالإسكندرية سنة 318 م اعتمد ادانة أريوس.
    وبعد ذلك بقليل، بسبب الاضطرابات التي نشأت نتيجة للمصادمات التي وقعت بين قسطنطين الكبير وليكينيوس، تمكن آريوس من العودة مرة أخرى إلى الإسكندرية. حيث أخذ بعمل بحماس شديد وبأساليب مبتكرة لأجل عقيدته بان يسوع مخلوق ونشرها بين الجماهير عن طريق الأحاديث والأشعار… وقد ساعد على نشر عقيدته ما كان يظهر به أريوس من مظاهر الورع والتقوى إلى جانب ما يتصف به من الكبرياء والتباهى وحبه للنضال.. وكان يجرى مباحثاته اللاهوتية مع الشعب. فانتهز الوثنيون تلك الفرصة وأخذوا يسخرون من المسيحية في مسارحهم بسبب تلك المناقشات(2).
    المجمع المسكونى الأول[عدل]
    Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: مجمع نيقية
    وهكذا أثار هذا الموقف قلق قادة الكنيسة. كما أزعج الإمبراطور أيضا، الذي رأى أن هذه المشاكل ستكون خطرا على السلام الذي حققه بجهود مضنية وكفاح مرير ولكنه لم يتوقع أن تكون خطرا على السلام على المدى البعيد. لذلك فهو إذ رأى أن هذه المعركة تبدو أمرا تافها لا يستحق أن يصدر له نطقا ساميا، فأكتفى بأن أرسل "هوسيوس" أسقف قرطبة بأسبانيا إلى الإسكندرية بخطاب إلى رؤساء الأطراف المتنازعة(3). ولكن هذه المحاولة لم تأت بأية نتيجة. عندئذ دعا الأمبراطور إلى مجمع عام يعقد في نيقية عام 325 والذي اشتهر باسم، "المجمع المسكونى الأول"…
    وقد أدان هذا المجمع تعاليم أريوس وحرم أسقف نيقوميدية مع ثلاثة أساقفة أخرىن لتأييدهم لتعاليم أريوس. أما أريوس فأنه في البدء أرسل إلى نيقوميديا مكبلا بالقيود، ثم نفى بعد ذلك إلى الليريا… إلا أنه على الرغم من هذه التدابير فإن هذه المحاولة للتهدئة لم تنجح، لأن أصدقاء أريوس أستمروا في نشر مبادئه وتعاليمه… ولذا أقتنع قسطنطين – بواسطة العناصر المهادنة للأريوسية والمحبة لها، وتأثر بهم. مما جعله يستدعى أريوس من منفاه عام 327. وبعد تحريض من أسقف نيقوميديا عرضوا صيغة اعتراف إيمان على الأمبراطور أخفوا عنه فيها. حقيقة عقيدة أريوس، وكانت كنيسة نيقوميديا قد وافقت على هذه الصيغة في المجمع الذي عقد بها. إلا أن الأرثوذكسيين لم يجبروا على منح أريوس العفو. حتى أن الكسندروس أسقف الأسكندرية وأثناسيوس الذي خلفه لم يقبلاه في الإسكندرية.
    ولم يرغب قسطنطين حينئذ أن يؤزم المسائل أكثر بأن يفرض على أسقف الإسكندرية – بأن يقل أريوس. بل أنه في الواقع عندما طلب أنصار أريوس من الأمبراطور – برسالة محررة بلهجة شديدة – أن يتدخل لأجل تأمين عودة أريوس إلى الإسكندرية، غضب قسطنطين وأعاد أدانتهم بمرسوم آخر أسماهم فيه "بالبورفوريين" أي أنهم مشايعون لتعليم "بورفيريوس"(4).
    وبعد وساطات متعددة غيروا مرة أخرى من مشاعر قسطنطين ورحل أريوس إلى القسطنطينية حيث أبى أن يعترف بالإيمان الأرثوذكسى أمام الأمبراطور وتمسك بأن يصير مقبولا بطريقة رسمية على نطاق أوسع بالكنيسة. إلا أن الأمر بتحديد موعد بقبوله في كنيسة القسطنطينية قد تلاشى نهائيا، إذ أن أريوس سقط ومات في مرحض عام فجأة ليلة الموعد المحدد لقبوله...
    مؤلفاته[عدل]
    أستحوذ أريوس على مركز هام في التاريخ الكنسى، لكنه لم يترك أثارا كثيرة. فقد كتب أعمالا قليلة نسبيا وصلنا منها النذر اليسير. وهذه الكتابات التي وصلتنا عبارة عن رسائل خارجية. إلا أنها في واقع الأمر تحوى اعترافاته وهي:-
    (أ) رسالة إلى أسقف نيقوميدية[عدل]
    وقد حفظها لنا إبيفانيوس في كتابه "باناريون"(6). وكذلك ثيئودوريتس في كتابه "التاريخ الكنسى"(7). وفى هذه الرسالى يحتج على تحامل الكسندروس ضده وضد أتباعه ويعرض أراءه وتعاليمه في صراحة تامة. ويقول أن الابن إله لكنه "ليس غير مولود Agenntos" "ولا جزء من غير المولود" وفى النهاية يستنجد باوسابيوس أسقف نيقوميديا مسميا إياه أنه من "الاتحاد اللوكيانى".
    (ب) رسالة إلى الكسندروس أسقف الإسكندرية[عدل]
    حفظت هذه الرسالة في أعمال "أثناسيوس عن المجامع"(8). وفى كتاب "باناريون" لابيفانيوس(9). كما حفظت باللغة اللاتينية في كتاب "الثالوث لايلارى"(10). وهي الاعتراف الإجمالي إلى كان قد قدمه لمجمع نيقوميديا الأول والذي عقده الأريوسيون المنفيون. وفى هذه الرسالة تحاشى التعبيرات المثيرة واعتبر أن "الأبن قد ولد قبل كل الدهور". إلا أنه لم يكن موجودا من قبل أن يولد.
    (ج) اعتراف الإيمان[عدل]
    حفظت هذه الرسالة في التاريخ الكنسى لسقراط(11) والتاريخ الكنسى لسوزومينوس(12). وفى هذه الرسالة حجب عقيدته الحقيقية وقال بأن الابن قد ولد قبل كل الدهور (لأنه لو كتبت كلمة gegennimenos المولود" بحذف حرف n منها أي gegenimenos لتغير معناها وأصبحت تعنى المخلوق وليس المولود.
    (د) "ثاليـا"[عدل]
    حفظ أثناسيوس في كتاباته بعض نصوص هذا الكتاب(13). وكلمة "ثالثا" معناها مأدبة أدبية. وقد دبجها كلها تقريبا بأبيات منظومة وبلحن جميل. وفى افتتاحيتها نجده يظهر نفسه أنه مملوء بالعقيدة والعواطف الشجية عندما يتحدث عن الله..
    "بحسب إيمان مختارى الله… عارفى الله…
    أبناء قديسين. ذوى التعاليم الشرعية الثابتة.. حاصلين على روح الله القدس…
    أنا نفسى تعلمت هذا.. من حكمة المشاركين.. السابقين.. عارفى الله..
    حسب كل أقوال الحكماء.. أتيت أنا مقتفيا أثر كل هؤلاء..
    وأنا ذو السمعة الحميدة.. متمش بنفس العقيدة..
    ومتحمل كثيرا من أجل مجد الله.. بنفس حكمة الله..
    وفيما عدا هذا، يبدو أنه كان لأريوس مجموعة أخرى من الأشعار لكل مناسبة من مناسبات الحياة(14). (كما أشار بذلك أثناسيوس) في المجموعة التي تسمى "البحرية"، "الرحى" "الرحلة".. الخ.
    ووفقا لما يقوله أثناسيوس فإن كل هذه القصائد قد دبجت بلهجة ونغمة مثل التي كان يكتب بها سوتيادوس أشعاره القومية.. التي كانوا يتغنون بها في مآدبهم بضجيج صخب وعبث..
    تعاليم أريوس[عدل]
    لم تقتصر تعاليمه هذه على مدرسة واحدة، كما قال كثيرون – أي أنها لم تنطلق لا عن وحدانية الله الكتابية التي اعتنقها الأنطاكيون المتطرفون الذين أعتقدوا بأن الابن تهذب وتشكل بهبوط قوة إلهية مجردة على يسوع..، كما أنها لم تنطلق عن فكرة الوحدانية التي اعتنقها السكندريون المتطرفون الذين أعتقدوا بأن هذه الوحدانية الإلهية اتسعت لتحوى كل الموجودات الإلهية، بل هي نشأت عن فلسفة الوحدانية. وحيث أن أريوس كان موحدا متطرفا فإنه أراد أن يؤكد أن الله كان واحدا وأنه في نفس الوقت متحول. أن حل وحدانية الله إنما سيعنى تمييز الله إلى أب وابن. أما حل التحول إنما سيكون بواسطة خليقة هذا العالم..
    وبحسب اعتقاده، فإن الله واحد، غير مولود وحده، سرمدى وحده، ليس له بداية وحده. الحقيقى وحده، الذي له الخلود وحده(15). وبجانب الله، لا يوجد كائن آخر.. ولكن عن طريقه توجد قوة عامة (لا شخصية) هي "الحكمة والكلمة".. وهذه التعاليم مأخوذة عن "الوحدانية المقتدرة" التي لبولس الساموساطى. ولكن فكرة اللاهوتى يوضح اعتمادا أكثر على "المدافعين". وتأثيرات "الغنوسيين". فيما أن الله كان واحدا فهو لم يكن أبا "الله لم يكن دائما أبا. أما فيما بعد فقد صار أبا".
    ولقد صار الله أبا عندما أراد أن يخلق العالم. عندئذ خلق كائنا واحدا. هذا الكائن أسماه الابن، ويسمى استعاريا الكلمة أو الحكمة.
    إذن فحسب تعاليم أريوس توجد حكمتان:
    - قوة الله الواحدة العامة.
    - وكائن إلهى ذاتى واحد. وهذا الكائن هو الحكمة الثانية الذي جاء إلى الوجود من العدم. ومن ثم فهو مخلوق. إذ يقول "كلمة الله ذاته خلق من العدم.. وكان هناك وقت ما حينما لم يكن موجودا. وقبل أن يصير لم يكن موجودا.. بل أنه هو نفسه أول الخليقة لأنه صار" ويقول أيضا "الله وحده كان وحده دون أن يكون هناك الكلمة والحكمة.. ومن بعد ذلك عندما أراد أن يخلقنا عندئذ بالضبط خلق شخصا وهو الذي دعاه الكلمة والابن، وذلك كى يخلقنا بواسطته"(17). ولكى يؤيد تعاليمه استخدم نصا خاصا اقتبسه من سفر الأمثال: "الرب أقامنى أول طرقه.." (أم22:8)، وكان أوريجانوس من قبل قد تحدث عن "خضوع الابن"، كما تحدث عن "ميلاد الكلمة الأزلى" وهنا أخذ أريوس الجزء الأول فقط من تعايم أوريجانوس، وذلك عندما اضطر فيما بعد أن يقر "بالميلاد قبل الدهور" مفسرا ذلك بأنه يعنى فقط الزمن الذي سبق خلقه العالم.
    فعند أريوس. يبدأ هذا العالم بخلق الابن، عندما بدأ الزمن أيضا أن يوجد.. والابن هو المولود الأول ومهندس الخليقة.. ومن المستحيل عنده أن يعتبر الابن إله كامل. ويعتبر أن معرفته محدودة لأنه لا يرى الآب ولا يعرفه.. والأمر الأكثر أهمية أنه يمكن أن يتحول ويتغير كما يتحول ويتغير البشر.. "وبحسب الطبيعة فإنه مثل جميع الكائنات، هكذا أيضا الكلمة ذاته قابل للتغيير والتحويل ولكن بنفس أرادته المطلقة، طالما أنه يرغب في أن يبقى صالحا.. حينئذ عندما يريد فإنه في استطاعته هو أيضا أن يتحول مثلنا، حيث أن طبيعته قابلة للتغير"(18).
    أن بولس الساموساطى استعمل اصطلاح "القدرة على الاكتمال الذي أتخذ منه أريوس كل تعبيراته.. وفقا لتعليمه وهو أن المسيح هو ظهور بسيط للكلمة في إنسان. ومن ناحية أخرى فهو يعتبر إنسان كامل فقط وليس إله كامل.. وبالتالى فإن الأبن يمكن أن يدعى الله استعاريا فقط. وهو نفس الاسم الذي يمكن أن يدعى به البسطاء من الناس أيضا حينما يصلون إلى درجة كاملة من الروحانية والأخلاق.. وهنا يتضح كل تعليم هرطقة "التبنى Adoptionism" عن المسيح.
    النتيجة الأولى لهذا التعليم:
    هو أن الإيمان بالثالوث يتلاشى ويذوب.. بالطبع تحدث أريوس أيضا عن الثالوث إلا أنه اعتبره أنه قد صدر متأخرا ولم يكن أصليا وأزليا. لأنه وفقا لتعليمه فإن الآب وحده كان إلها أزليا.
    أما النتيجة الثانية:
    فهي أن الحياة الجديدة للإنسان التي صيغت كنتيجة لتأنس الكلمة، لا تتكون نتيجة تأليه بل بواسطة سمو روحى وأخلاقى.. وبهذا يتمكن أي شخص أن يقول أن هذا الموقف قد اقتبسه أريوس من المدافعين(19) الذين وفقا للتقاليد نشؤوا من مدارس فلسفية. وكانوا قد اتخذوا موقفا مماثلا عن الحياة الجديدة.. إلا أن موقف "المدافعين" يجد له مبررا بسبب العصر الذي عاشوا فيه والعالم الذي كانوا يتوجهون إليه بالحديث. أما فيما يتعلق بأريوس فإن الموقف يظهر ركود أفكاره التي ولو أنها كانت حادة. إلا أنها خالية من الحركة والعمق.
    ساءت الأحوال بعد وفاة قسطنطين الكبير، لأن حاكم الشرق قنسطانطيوس، فرض الأريوسية على المناطق التي كان يحكمها.. أما بعد وفاة أخيه قسطنس عام 350 م، فقد فرضها على جميع أنحاء الإمبراطورية.. وسحق هذا الحاكم نشاط معارضيه ومقاوميه الأرثوذكسيين وانشغل بإحلال أساقفة أريوسيين بدلا من الأساقفة الشرعيين في أهم مراكز الشرق وبعض جهات الغرب.
    وبعد وفاة قنسطانطيوس أنهار فجأة بناء الأريوسيين الشامخ. لأن يوليانوس الذي كان يدين بالعقيدة الوثنية عامل جميع المذاهب المسيحية معاملة متساوية. وعندئذ عاد المنفيون إلى أماكنهم. وبدأت الأرثوذكسية في أعادة تنظيم شملها. مما جعلها تسود وتنتصر. وقد وصلت إلى أكبر درجة من السيادة أثناء حكم الإمبراطور الأرثوذكسى يوفيانوس…
    الفرق الأريوسية[عدل]
    كان البناء الأريوسى في عهد قسطنديوس على الأقل، يبدو عظيما في الظاهر.. إلا أنه كان من البدء عملا مزعزعا. وذلك ليس فقط لأنه حصل على قوته من عناصر كنسية منشقة، ولكن أيضا لأن اتجاهه اللاهوتى لم يكن متحدا.. فإن جميع الأريوسيين رفضوا اصطلاحات مجمع نيقية.. ولكن ليس لأجل الأسباب دائما.. لذا فإن الخلافات فيما بينهم انكشفت وتحددت عند كثيرين منهم عن طريق موقفهم من اصطلاحات هذا المجمع.
    ولقد استخدم أباء مجمع نيقية في قانون الإيمان اصطلاح؟ هومو أوسيوس" أي "الواحد في الجوهر مع.. أو المساوى في الجوهر لـ..". وأرادوا أن يثبتوا بهذا الاصطلاح أن الابن مع الآب هما واحد. وأن هذا الجوهر هو كيان أساسي واحد.. وأضاف نفس الآباء بعد قانون الإيمان – بسبب المحرومين – نصا قالوا فيه بأن الابن "ليس من هيبوستاسيس آخر" أي " ليس من جوهر أخر".. وهكذا فقد أغضب الاصطلاح الأول الأريوسيين المتشددين، أما الاصطلاح الثاني فقد أغضب الأريوسيين المعتدلين.. (أو أنصاف الأريوسيين Semi – arians) ويبدو أن القانون دبجه لاهوتى غربي من المحتمل أن يكون "هوسيوس" أسقف قرطبة. وكلمة "Hypostasis"(20) "هيبوستاسيس" فيه هي ترجمة للكلمة اللاتينية" Substantia" إلا أنه في الغرب – نظرا لعجز اللغة اللاتينية حيث كانت كلمة Substantia تعنى كلا من "أوسيا" Oucia أي الجوهر أو الكيان. وكلمة "هيبوستاسيس" Hypostasis أي القوام أو الأقنوم. لذا أوضح أباء نيقية وحدة تشابه هذين الاصطلاحين لأنهم كانوا يخشون لوأنهم اعترفوا باثنين هيبوستاسيس (أي قوامين) – أن يتهموا بأنهم يقبلون الاعتراف بجوهرين أي يكونوا مثل الأريوسيين.
    الأريوسيون المعتدلون (الحمرة)[عدل]
    كان الأريوسيون المعتدلون (Semi – Arians) أوريجانيين قدامى وكان يتزعمهم أسقف قيصرية أوسابيوس، وهم الذين قبلوا بتعاطف عن رضى تعليما واحدا يرتكز على النظرية الأوريجانية الخاصة بخضوع الابن، هؤلاء أصروا على التمييز المشدد بين الآب والابن.. ورفضوا أيضا اصطلاحى مجمع نيقيا واعتبروهما سابيليان. ولأنهما لم يردا بين نصوص الانجيل.. إلا أنهم كانوا على استعداد لقبول معنى "التساوى في الجوهر Omooucios" لكن بتعبير مخالف.. لهذا تمسكوا بالتعبير "مماثل للآب في كل شيء"(21).
    وبعد موت أوسابيوس قام باسيليوس أسقف أنقيرا وجورجيوس اللاوديكى بتنظيمهم. وتميزوا بوضوح أكثر من الأريوسيين الآخرين. وذلك في مجمع ميديولانوس عام 355 م. حيث أنهم قبلوا "تماثل الجوهر" أو التشابه في الجوهر "هوميوأوسيوس" الأمر الذي من أجله أطلق عليهم اسم "هوميوأوسيين" وكانوا يختلفون عن القائلين "بالتساوى في الجوهر" أي "الهوموأوسيين" قليلا، ولذلك أطلق على النزاع بينهم أنه نزاع على لا شيء.
    الأريوسيون المتشددون[عدل]
    هؤلاء كانوا على عكس المعتدلين. وهؤلاء المتشددون كانوا قد نشؤوا عن اللوكيانيين الذين قبلوا تعليم "بدعة التبنى".. وكان يرأسهم في البدء يوسابيوس النيقوميدى (فيما بعد أوسابيوس القسطنطينى). وهذا الفريق تشدد في الفصل بين الآب والابن بدرجة أكبر.. وان كانوا أحيانا يخفون أراءهم لأسباب تنظيمية. إلا أنهم كانوا متشددين.. وبعد موت أوسابيوس هذا في عام 341. برز بين صفوفهم "ايتيوس" الانطاكى الذي اندفع إلى تعليم أريوس الأشد تطرفا من أجل تكوين فريق أريوسى جديد. وهذا الفريق الجديد تشكل بطريقة أكثر تنسيقا على يد تلميذه "يونوميوس". أن المنتمين إلى هذا الفريق وضعوا مناهج وأساليب متكاملة.. وتدخلوا بفكرهم ليفحصوا جوهر كل الكائنات. بما فيها الله أيضا.. وزعموا أن جوهر الله هو في عدم الولادة. أما جوهر الابن فهو في كونه مولود.. ومن ثم فإن جوهرى الآب والابن ليسا فقط لم يكونا شبيهين بل نقيضين تماما.. ولكى يؤكدوا تمييزهم لله الآب بفرادة خاصة وحده. أعتادوا أن يمارسوا المعمودية بغطسة واحدة فقط بدلا من ثلاثة غطسات.
    بسبب التباين بينهم، تشكل فريق ثالث بإيحاء من الإمبراطور قسطنديوس. هو فريق "الاوميويين" أي (الشبيهيين) وهؤلاء استخدموا الاصطلاح "أوميوس OMIOS" (أي شبيه أو مثيل)، إلا أنهم لم يكن لاهوتهم الخاص.. بل – بحسب الظروف – كانوا ينحازون لفريق أو لأخر. وقد أدى ذلك إلى إضفاء تفسيرين على كلمة "أوميوس OMIOS" فصار من الممكن أن تعنى أما "تشابه الجوهر" أو تشابه المشيئة.. واتخذ مشايعو هذا الفريق لزعامتهم أساقفة الحدود الشمالية أمثال أورساكيوس السنجدونى، وأولتتاس المورصى… وكذلك أكاكيوس القيصرى، وهؤلاء فرضوا وجهات نظرهم في المجمع الذي أنعقد في سرميوس عام 359 م.
    مواجهة الأريوسية[عدل]
    هز الأريوسيون أرجاء الكنيسة بسبب الطريقة التي ظهروا بها، حيث أنهم – على وجه الخصوص – نشروا وفرضوا أفكارهم بكل ضرب من ضروب البدع الغريبة على ذلك العصر. فهم لم يستعينوا فقط بالأحاديث الدينية، وتحرير الرسائل اللاهوتية ونشر عقائدهم على هيئة أفكار منتظمة قانونية، كما تأمر بذلك "أحكام الرسل" بل كما سبق أن قيل أيضا، فإنهم استخدموا كذلك اشعارهم الغنائية التي كانوا يتغنون بها في كل مناسبة.. أما سلاحهم الأكثر مضاء وصلابة، فكان استغلالهم للقوى السياسية التي أقحموها للتدخل – لأول مرة – في شؤون الكنيسة الداخلية، وهكذا أبعدوا خصومهم بوسائل عنيفة.. وأرغموا أثناسيوس على أن يبارح كرسيه خمس مرات.. وفى مرتين منها أقاموا أساقفتهم على هذا الكرسى.. وكان تفوقهم الساحق أكثر ثباتا واستقروا في أنطاكيا، بعد عزل الأسقف أوستاتيوس عام 330 م.. وفى عام 360 أقاموا هناك صديقهم ميليتيوس الذي ما لبث أن أعرب في الحال عن اتجاهه إلى قانون إيمان نيقيا..
    أما في آسيا فكان نفوذهم أقل، ولو أن موقفهم هناك كان أكثر هدوءا، الأمر الذي لأجله كان موقف الأرثوذكسيين مرنا..
    وفى القسطنطينية – على مدى أربعين سنة – خلف أربعة أساقفة أريوسيين الواحد الآخر.. وهكذا عندما صار غريغوريوس الثيئولوغوس أسقفا للقسطنطينية استقر في بيت صغير للصلاة (Chapel)، لأن الأريوسيين كانوا قد أستولوا على جميع الكنائس، ولكن غريغوريوس خلص القسطنطينية منهم.. وفى الغرب حصلوا على نجاح محدود حيث أستولوا فقط على بعض مراكز هامة قليلة مثل المديولانيين وذلك لعدة سنوات قليلة فقط.. إلا أنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى كرسى أسقفية روما.
    وكانت حالة المسيحية في ذلك العصر تثير الحزن والأسى. فبينما أعطيت لها الفرصة لأول مرة لكى تمد كرازتها في كل مكان، اضطر قادتها أن يهملوا ذلك قهرا. واضطروا للانشغال بأمور عقائدية دقيقة.
    كانت شوارع الإسكندرية تعج باستمرار للاشتراك بالاساقفة الذين، أما كانوا يفدون نحو منفاهم وأما كانوا يتوجهون للاشتراك في المجامع غير المكتملة. وفى وسط هذه المحازفات والمخاطر أظهرت قيادة الأرثوذكسية شجاعة مقترنة بدبلوماسية تجاه مضطهديهم، كما أظهرت تمسكا شديدا بالتقليد والإيمان المسلم.. فكانوا أما ينادون بعقائدهم وينفون بسببها واما كانوا يحافظون على هذه العقائد ويمكثون في أماكنهم كى يصونوا الإيمان الأرثوذكسى الذي لا يطفأ، ومن حول هؤلاء كانت خلايا المؤيدين المخلصين تصارع وتتصادم من أجل عقيدة مجمع نيقية.
    ان مسؤولية الدفاع عن هذه العقيدة كان لها أولا: مجموعة القادة الأول: الكسندروس السكندرى. وأوستاتيوس الأنطاكى، وهوسيوس القرطبى.
    ثم بعد ذلك بقليل وقع عبء الدفاع عن عقيدة نيقية على اكتاف القديس أثناسيوس الكبير الذي أدار النضال طيلة خمسين عاما تقريبا.. معضدا أيضا من الأباء الآخرين أمثال كيرلس الأورشليمى وسرابيون أسقف تيميس، وديديموس الضرير، وهيلاريوس البكتافى وأخيرا الآباء الكبادوكيين العظام: باسيليوس أسقف قيصرية وغريغوريوس الثيئولوغوس وغريغوريس النيصصى، أن هؤلاء اللاهوتيين – باستنادهم على حجج وبراهين من الكتاب المقدس والتقاليد الشرعية الصحيحة – قاموا بتجريد لاهوت أريوس من غطائه المتستر بالكتاب المقدس. وكشفوا أن الآريوسية إنما هي دراسة فلسفية جافة وعميقة تظهر الله بدون حياة أو حركة..
    كشف أثناسيوس الكبير أن تعاليم أريوس أدت إلى أمرين غير لائقين:
    أولهما: أنه أذاب التعليم بالثالوث القدوس ولاشاه، وفتح الطريق أمام الاعتقاد بتعدد الآلهة، إذ أنه سمح بعبادة المخلوق.
    وثانيهما: أنه قلب "بناء الخلاص" كلية. فإن المخلص الذي أخذ على عاتقه خلاص البشرية يلزم أن يكون هو نفسه حاصلا على ملء اللاهوت، ما دام قد أخذ على عاتقه أن يؤله الإنسان. فكيف يكون من الممكن أن الكلمة الذي يقوم بعمل التألية لا يكون واحدا في الجوهر مع الله؟ إن قمة براهين أثناسيوس هي أن المسيح لم يصر أبنا لله كجزاء لكماله الأدبى بل على العكس فإنه هو الذي إلهنا (بتشديد اللام) (أي جعلنا الها). فيقول أثناسيوس "لذلك إذن فالمسيح لم يكن إنسانا وفيما بعد صار إلها، بل أنه كان إلها ثم صار إنسانا لكى يؤلهنا" (المقالة الأولى ضد الأريوسيين فقرة 39).
    وعلى الرغم من صرامته وحزمه لم يكن أثناسيوس متصلبا بل كان يعرف كيف يتدبر الأمر بتفهم وتسامح.. وعندما تخلص من الضغط السياسى الخطير عرض المشكلة بحذر ويقظة أكثر. ووضع موقف الأرثوذكسيين تحت الفحص. وعندئذ تحقق من قصور وعجز حججهم وسعى لكى يجد لها علاجا.. فإن المطابقة المشار إليها سابقا بين الاصطلاحين "اوسيا" (أي الجوهر). و"هيبوستاسيس" (أي القوام) صارت مقبولة في الغرب بدون اعتراض. ولكن في الشرق رأى كثير من اللاهوتيين أن فيها خطر البدعة "السابيلية". وأدرك أثناسيوس هذه الحيرة وقام بحركة توفيق فعالة أثناء مجمع الإسكندرية عام 362 م حيث أقر بأن كل من لا يرغب في الاعتراف بصيغة "الاوموأوسيوس" (أي المساواة أو الوحدة في الجوهر)، ولكنه يقبل في نفس الوقت بوحدة "الآب والابن فإنه يوجد على الطريق المستقيم. وقام بخطوة عوطة التسليم بالمبدأ الشرقى للثالوث مع التفريق بين معنى الاصطلاحين "أوسيا"، و"هيبوستاسيس" مع إضافة معنى "طريقة الوجود الخاص بالكيان" إلى "الهيبوستاسيس".. وهكذا فإن الله يكون من جوهر واحد ولكنه يوجد في ثلاث أقانيم (هيبوستاسيس) أو أشخاص (بروسوبا)، وهذه الصيغة توسع فيها أكثر الأباء الكبادوكيوسن بعد ذلك.. ومن ذلك الوقت فتح الباب أمام جماعة "الهوميواوسيين". وأن غالبية الذين رجعوا وانضموا إلى أتباع مجمع نيقيا الأرثوذكسيين، وصلوا أيضا بعد ذلك إلى قبول مبدأ "الهوموأوسيوس" (التساوى أو الوحدة في الجوهر) ولكن البعض من هؤلاء لم يكونوا على استعداد لقبول الاعتقاد بمساواة الروح في الجوهر أيضا (أي مع الآب والابن)..
    ولهذا السبب ضمن مجمع نيقيا ضمن قانون الإيمان. مجرد عبارة "وبالروح القدس" بدون أية خاصية أو صفة أخرى، وكان هؤلاء يعتقدون بثنائي فقط في الله بدلا من الثالوث. ولهذا أطلق عليهم اسم "أعداء الروح" ولآنه كان يتزعمهم "مقدونيوس". الذي جرده "الأوميوون" من رتبته. لهذا أطلق عليهم أيضا اسم "المقدونيون". وهؤلاء حكم عليهم بواسطة مجمع أنطاكية سنة 379 م. والمجمع المسكونى الثاني بالقسطنطينية سنة 381 م. ولكى يتجنب الاباء أي مخاطرات جديدة أو أي إساءة فهم للأمور. فانهم لم يستخدموا في هذا المجمع الآخير أي اصطلاحات مثيرة، مثل "الهومواوسيوس" بل استخدموا عبارات متباينة وهي عبارات توضح "المساواة في الكرامة". وهم في هذا قد أتبعوا السياسة الحكيمة التي كان يسير عليها باسيليوس الكبير. ثم أصدر الإمبراطور ثيئودوسيوس قرارا بوضع حد لهذا الصراع داخل إمبراطوريته، فكانت النهاية الحاسمة، مما أدى إلى الاعتراف بشكل دينى واحد وهو المسيحية الأرثوذكسية التي أقرها "داماسوس" أسقف روما. "وبطرس" أسقف الإسكندرية. وبالتالى انضم غالبية الآريوسيين إلى الكنيسة، أما البقية الذين تخلفوا فقد انضموا على التوالى إلى بدع وهرطقات أخرى، وخاصة انضموا إلى النسطورية وهي البدعة التي حاولت أن تنقص من ألوهية المسيح بطريقة أخرى.
    مراجع[عدل]
    (1) نسبة إلى سابيليوس صاحبة البدعة السابيلية المعروفة باسمه، والذي ظهر في روما أوائل القرن الثالث. والسابيلية تعلم بأن الآب والابن والروح القدس هم شخص واحد وليس ثلاثة أقانيم. فنقول "أن الآب أعطى الناموس في العهد القديم، ثم ظهر هو نفسه باسم الابن في التجسد، وبعد أن أختفى المسيح بالصعود ظهر هو نفسه باسم الروح القدس. أى أن الثالوث هو ثلاث ظهورات متوالية في التاريخ لشخص واحد، وليس ثلاثة أقانيم لهم جوهر واحد (المعرب). (2) أنظر "حياة قسطنطين لأوسابيوس المؤرخ" (61:2) والتاريخ الكنسى لسقراط (7:1). (3) أوسابيوس في حياة قسطنطين (64:2). (4) التاريخ الكنسى لسقراط (9:1) بوفيريوس هو أحد فلاسفة "الافلاطونية الجديدة" الوثنيين قرب نهاية القرن الثالث. هاجم المسيحية بعنف وخاصة هاجم ألوهية المسيح (المعرب). (5) الرسالة الدورية إلى الأساقفة بقلم أناسيوس 5:18. (6) باناريون معناها سلة الخير. (7) التاريخ الكنسى لثيئودوريتس (4:1) انظر "باناريون" لابيفانيوس (6:69). (8) "أثناسيوس عن المجامع" 16. (9) "باناريون" لابيفانيوس (7:29). (10) "ايلاريوس عن الثالوث" (12:4، 5:6 هـ). (11) "التاريخ الكنيسى لسقراط" (26:1). (12) التاريخ الكنسى لسوزومينوس" (27:2). (13) أثناسيوس ضد الأريوسيين (5:1-6). (14) أثناسيوس عن مجمع نيقية 16 – فيلوستورغيوس التاريخ الكنسى (2:2). (15) أريوس في رسالته إلى الكسندروس وجدت في كتاب أثناسيوس عن المجامع 16. (17) المرجع السابق. (18) "ثاليا" كما جاء في أثنايوس ضد الأريوسيين مقالة 5:1. (19) هم معلمى الكنيسة الذين قاموا بالدفاع عن المسيحية والمسيحيين أمام الأباطرة الوثنيين. وأمام الفلسفات الوثنية المعاصرة وأحيانا ضد الهجمات اليهودية. خلال القرنين الثاني والثالث، ومن أشهر المدافعين يوستيتوس. وتاتيان واتيناغوراس وأوريجانوس (المعرب). (20) كلمة "هيبوستاسيس Hyposasis" اليونانية تعنى القوام، أو الأساس – أو ما يقف عليه الشئ – "الدعامة" أو طبيعة الشئ، أو الشخص، أو أقنوم (المعرب). (21) أوسابيوس: رسالة إلى كنيسته في كتاب "التاريخ الكنسى لسقراط".
    كتاب حقبة مضيئة في تاريخ مصـر - بمناسبة مرور 16 قرنا على نياحته - القديس أثناسيوس الرسولى البابا العشرون 296 - 273 م سيرته، دفاعه عن الإيمان عند الأريوسيين، لاهوته - العلامة الروحانى الأب متى المسكين - عدد صفحاته 824 صفحة- الطبعة الثانية 2002 م ص 56
    الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - كنيسة علم ولاهوت - طبعة تحضيرية 1986 م - القمص تادرس يعقوب ملطى
    علم اللاهوت المقارن / الهرطقات - بقلم الأنبا غريغوريوس أسقف عام الدراسات اللاهوتية العليا والثقافة القبطية والبحث العلمى - مطبوعات الكلية الإكليريكية للقبط الأرثوذكس ص 62 -
    رد مع اقتباس  
     

  4. #4  
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    ثناسيوس (بابا الإسكندرية)
    من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
    القديس أثناسيوس
    Ikone Athanasius von Alexandria.jpg

    القديس أثناسيوس
    ولد 293 في الإسكندرية, مصر
    توفي 21 مايو 373 في الإسكندرية, مصر
    تكريمه الكنيسة القبطية الأرثوذكسية, الكنائس الأرثودكسية المشرقية
    الضريح الرئيسي كاتدرائية القديس مرقس القبطية الأرثودوكسية في القاهرة, مصر
    سانتا كروجي, البندقية, إيطاليا
    عيده 2 مايو (كاثوليك)
    18 يناير (قبطية أرثوذكسية)
    15 مايو = بشنس 7 (أرثوذكس)
    أثناسيوس [أثناسيوس الإسكندري - أثناسيوس الكبير - البابا أثناسيوس الأول الإسكندري - أثناسيوس المعترف -أثناسيوس الرسولي - باليونانية : ل¼ˆخ¸خ±خ½خ¬دƒخ¹خ؟د‚ ]- (ولد في 293، توفي في 2 مايو 373) كان بطريرك الإسكندرية في القرن الرابع. تم الاعتراف به كقديس من الكنيسة الكاثوليكية مؤخرا بعد الكنائس الأرثوذكسية الشرقية وخاصة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، كما يعتبر عالم عظيم من قبل البروتستانت. أعلنته الكنيسة الكاثوليكية في روما أحد علماء الكنيسة الـ 33، ويعتبر أحد الآباء الأربعة الأعظم لدى الكنائس الشرقية ،هو أب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ومعلمها الإيماني الأول.
    محتويات
    1 تاريخ
    2 نشأته
    3 شبابه
    4 تلمذته
    5 مجمع نيقية325 م
    6 بطريرك الكرازة المرقسية
    7 مقاومته للأريوسين
    8 يوليانوس
    9 رفاته المقدسة
    10 مصادر
    تاريخ
    ولد أثناسيوس في الإسكندرية من أبوين وثنين[يعتقد أنه ولد لعائلة مسيحية، على الرغم من القصص على العكس من ذلك، لأنه في كتاباته يروي أكثر من مرة عن عمته التي علمته بعض مبادئ الايمان المسيحي ، والأب الذي فعل الشيء نفسه، وكذلك كما ذكر (مرة واحدة) والدته تفعل الشيء نفسه. كما كان له أخ مسيحي، وبعد ذلك في حياته، في واحدة من الخمس التي قضاها في المنفى، اختبأ في قبر والده في ما يبدو إلى وصفه بأنها مقبرة مسيحية]. توفي والده وهو صغير وكان وهو صغير يلعب مع أصدقائه المسيحين تمثيلية المعموديه وكان يقوم بدور الكاهن في التمثيليه فرآه البابا إلكسندروس البطريرك التاسع عشر فأعجب به فاستفسر عنه ثم قام باستحضار أم أثناسيوس وبشرها بأنه سيكون لإبنها شأن كبير في المسيحية فإستئذنها بأن يمكث معه ليعلمه وتم تعميدها هي وإبنها وعلمه أصول المسيحية. وعندما أجتمع المجمع المسكوني الأول في نيقية لمحاربة بدعة آريوس عام 325م ذهب أثانسيوس وهو ما زال شماساً مع البابا إلكسندروس ودحض بدعة آريوس فاضحا أخطائه اللاهوتيه واضعا قانون الإيمان بموافقة المجمع مما أثار خصومه وعندما تم اختياره بطريركاً خلفاً للبابا إلكسندروس لاقى اضطهادات كثيرة وتم نفيه عن كرسيه خمس مرات.
    هو البابا رقم 20 من باباوات كنيسة الأسكندرية لقبته الكنيسة بحامى الإيمان نظراً لدفاعه وحفاظه على الإيمان الأرثوذكسى ضد البدع والهرطقات التي ظهرت في إيامه
    نشأته
    كان الله يهيئ هذا الإناء المختار ليقف بقوة الروح والحق أمام أريوس والأريوسيين، محافظًا على إيمان الكنيسة الجامعة بخصوص لاهوت السيد المسيح. فقد وُلد أثناسيوس غالبًا في مصر حوالي عام 297 م، وقد نزحت الأسرة إلى الإسكندرية (غالبًا بعد نياحة والده) ليراه البابا الكسندروس (19) وهو مطل من شرفة البطريركية يقوم بدور عماد أصدقاء له على شاطئ البحر، فاستدعاه وحاوره فأحبه وقبله تلميذًا له وسكرتيرًا خاصًا، [1]
    شبابه
    بهذا كان الله يهيئه للعمل على مستوى عام وشامل. لم يُبتلع أثناسيوس في أعمال إدارية بل ركز بالأكثر على الدراسة العلمية والفلسفية والأدبية والقانونية، وأعطى اهتمامات للدارسات الإنجيلية اللاهوتية على أساس آبائي. ومما ألهب قلبه أن معلميه الذين يقرأ لهم أستشهد بعضهم في شبابه وربما عاين بنفسه شهادتهم من أجل تمسكهم بالإيمان بالسيد المسيح، فكانت كلماتهم مدعّمة في نفسه بالجهاد حتى الموت
    تلمذته[عدل]
    أما بالنسبة للجانب النسكي فقد تتلمذ أثناسيوس فترة لدى أنبا أنطونيوس ألهبت فيه زهد العالم وحبه للعبادة والتأمل وعدم مهابة الموت. يظهر نضوجه المبكر من كتابيه "ضد الوثنيين"، "تجسد الكلمة" الذين وضعهما قبل عام 319 م، الأول دعا فيه الوثنيين إلى ترك الوثنية، والثاني عرض فيه فكرًا لاهوتيًا بأسلوب علمي عن التجسد الإلهي ربنا موجود
    مجمع نيقية325 م
    في مجمع نيقية (سنة 325 م) قيل أن البابا ألكسندروس سام أثناسيوس قسًا أثناء المجمع ليعطيه حق الكلمة، فقد كان النجم اللامع، خذل الأريوسيين منكري لاهوت السيد المسيح، مؤكدًا أنه "واحد مع الآب في الجوهر"
    بطريرك الكرازة المرقسية
    حاول أثناسيوس الهروب حين وجد رجال الإكليروس مع الشعب يلحون على سيامته أسقفًا للإسكندرية بعد أن تنيح البابا ألكسندروس (عام 328)، ما عدا قلة من الأريوسيين والميليتيين (أتباع ميليتس أسقف أسيوط الذي أنكر الأيمان أثناء الاضطهاد ثم عاد فحرض الأساقفة على الانشقاق، وحاول اغتصاب الكرسي الباباوي حينما كان بطرس مسجونًا). سيم أسقفًا على الإسكندرية وبابا للكرازة وهو شاب (حوالي الثلاثين من عمره) وقد بقى سبع سنوات في جو من الهدوء، فيها سام فرمنتيوس أسقفًا على أكسوم بأثيوبيا (الأنبا سلامة)، وكان ذلك بداية تأسيس كنيسة أثيوبيا، حوالي سنة 330 م، وإن كان بعض الدارسين يرى أنها تحققت حوالي عام 357 م.وفى هذه الفترة قام بزيارة رعوية لصعيد مصر، فيها التقى ب باخوميوس الذي هرب من لقائه حتى اطمأن أنه لن يرسمه كاهنًا
    مقاومته للأريوسين
    مقاومة الأريوسيين له كان الأريوسيون مع الميليتيين على اتصال بيوسابيوس أسقف نيقوميديا يدبرون الخطط لتحطيم البابا أثناسيوس، فقد بقى حوالي أربعين عامًا لا يعرف طعم الراحة، نلحظها في النقاط التالية:
    بتحريض يوسابيوس أصدر الإمبراطور قسطنطين أمره لأثناسيوس بقبول آريوس في الشركة، بعد أن ادعى الأخير توبته وكتب قانون إيمانه بصيغة ملتوية، وقد رفضه البابا، وكان ذلك حوالي سنة 330 م.
    أبحر ثلاثة أساقفة ميليتيون إلى نيقوميديا يقدمون عريظة اتهام ضد البابا، وكان لدى الإمبراطور كاهنان كشفا كذبهم للإمبراطور، فأدانهم واستدعى البابا، فجاء وكشف بطلان حججهم ضده (إنه حطم كأس الأفخارستيا الذي يستخدمه أسخيراس الكاهن، وقتل الأسقف أرسانيوس... الأول أتى للبابا نادمًا ومعترفًا أنهم أغروه برشوة ليدعي كذبًا، والثاني كان مختفيًا في صور)
    في سنة 335 عقد مجمع في صور يرأسه يوسابيوس القيصري يحركه يوسابيوس النيقوميدي، فيه قامت امرأة زانية تتهمه باغتصابه لها، فقام تلميذه الشماس تيموثاوس يحدثها كأنه أثناسيوس فقالت له بوقاحة أنه هو الذي سلبها عفتها وبتوليتها.... عندئذ خزي الكل! عرضوا أيضًا قضية الكاهن أسخيراس والأسقف أرسانيوس وجاءوا بشهود من اليهود يدعون أنهم موعوظون جدد. ومع ظهور براءته هاج المجمع وماج، فترك البابا المجمع وانطلق إلى القسطنطينية. وإذ شعر يوسابيوس وأعوانه بالخطر يلاحقهم أسرعوا ليدعوا بأن البابا هدد بمنع إرسال القمح من الإسكندرية إلى القسطنطينية، فهاج الملك ونفاه إلى تريف وكان ذلك في فبراير 336 م. في جرأة قال البابا للإمبراطور: " الرب يحكم بيني وبينك".... بعد مجمع صور عُقد مجمع في أورشليم - بعد تدشين كنيسة القبر المقدس- من الأريوسيين أصدروا قرارًا بعودة أريوس إلى الإسكندرية في غياب البابا المنفي، فعاد أريوس تحت حراسة مشددة لكن ثورة الشعب ضده ألزمت الوالي أن يطالب بسحبه ورده إلى القسطنطينية، فاستدعاه الإمبراطور. بذل يوسابيوس النيقوميدي كل الجهد لعودة أريوس للشركة الكنسية فكان البطريرك القسطنطيني الكسندروس مرّ النفس، ولما أُلزم بقبوله صلى إلى الله، فمات أريوس في مرحاض عام وهو في طريقه إلى الكنيسة. بعد حوالي عام إذ كان قسطنطين على فراش الموت أوصى بعودة البابا أثناسيوس إلى كرسيه، وبالفعل عاد ليجد الإسكندرية كلها تترقبه على الشاطئ كملاك انحدر إليهم من السماء!
    لم يهدأ يوسابيوس النيقوميدي عن مقاومة البابا، فقد نجح في إقناع الإمبراطور أن يستدعي الوالي ثيوذوروس لأنه كان صديقًا للبابا ويرسل فيلاجيوس الكبادوكي عوضًا عنه، الذي كان قد حكم الإسكندرية قبلا (335 – 337 م) وهو عدو عنيف للبابا. قام الأريوسيون بأعمال شغب وتخريب وقتل لإثارة الإمبراطور بأن وجود البابا ينزع السلام عن الإسكندرية، كما وجهوا ضده اتهامات كاستيلائه على القمح الخاص بالفقراء، وإعلانهم أن عودته غير كنسية لأنها بدون قرار مجمعي، وقد نزل أنبا أنطونيوس يساند البابا المتألم
    خلال عام 338 أنهمك يوسابيوس النيقوميدي في الانتقال من نيقوميديا إلى أسقفية القسطنطينية، لأن العاصمة كانت قد انتقلت رسميًا من نيقوميديا إلى القسطنطينية، وإذ نجح في ذلك تفرغ لمقاومة البابا أثناسيوس ففي نهاية 338 أقنع الإمبراطور قنسطانطيوس بعقد مجمع في إنطاكية، فيه يصدر قرارًا بعزل البابا، صدر الأمر وانطلق الرعاع إلى كنيسة ثيؤناس لقتله، فهرب البابا. تعرض الكهنة والرهبان مع الشعب حتى النساء إلى موجة مرة من العذابات بل وذُبح البعض وسُجن آخرون، وبعد أربعة أيام دخل غريغوريوس الكبادوكي كأسقف للمدينة يضطهد المؤمنين. لم يقف الرهبان مكتوفي الأيدي، فقد أرسل أنبا أنطونيوس عدة رسائل منها إلى الأسقف الدخيل وبعض الضباط يؤنبهم عن تصرفاتهم، كما بعث باخوميوس أفضل راهبين عنده هما زكاوس وتادرس ليسندا المؤمنين بالإسكندرية في غيبة البابا. سافر البابا أثناسيوس إلى روما ليلتقي بصديقه البابا يوليوس حيث كتب الأخير رسالة إلى يوسابيوس النيقوميدي وجماعته كطلب مجمع روما، في هذه الزيارة دخلت الرهبنة إلى الغرب، وتشبع الفكر اللاتيني بلاهوتيات أثناسيوس. اعتبر اتباع يوسابيوس رسالة يوليوس التي برأت البابا أثناسيوس إهانة لكرامتهم، فعقدوا مجمعًا بإنطاكية، وكتبوا له يتهكمون ويهددون لكن في شيء من الحذاقة. في سنة 342 التقى البابا أثناسيوس بإمبراطور الغرب قسطانس في ميلان وقد حاول اليوسابيون أن يصوروا لأخيه إمبراطور الشرق قسطنطيوس أنه تلاقى معه ليطلب عقد مجمع عام لأساقفة الشرق والغرب، وقد أكدّ البابا أنه لم يفعل ذلك، إنما كانت الفكرة لدى قسطانس قبل لقائه بالبابا.
    رأى الإمبراطوران الشرقي والغربي أن يُعقد مجمع في سرديكا أي صوفيا (عاصمة بلغاريا) على حدود المملكتين وكان ذلك في عام 343، وقد جاء الأساقفة الأريوسيون من الشرق (كان يوسابيوس قد مات)، ورفضوا حضور المجمع لدخول البابا أثناسيوس وجماعته فيه، وإنما اجتمعوا في مدينة فيلوبوليس مقابل سرديكا وتقع في حدود مملكة الشرق، وقد تركوا خطابًا بيد يوستاثيوس كاهن كنيسة سرديكا يعتذرون أنهم اضطروا للرجوع لدعوة الإمبراطور لهم بعد عودته منتصرًا على الفرس، فيه حرموا هوسيوس ويوليوس وأثناسيوس وغيرهم. أما آباء مجمع سرديكا فوقعوا حرمانًا على أحد عشر أسقفًا أريوسيًا. استخدم الأريوسيون إجراءات حازمة لمنع دخول أثناسيوس ورجاله إلى الإسكندرية لكن الرب بدد مشورتهم بأيدٍ أريوسية، فقد أتى بعض الأريوسيين بامرأة شريرة ودخلوا بها إلى أسقفين كانا مندوبي الإمبراطور قسطانس موفدين إلى أخيه إمبراطور الشرق. وإذ دخلت المرأة إلى حجرة أحدهما ووجدته شيخًا وقورًا يغط في النوم صرخت، وتجمعت المدينة وأعلنت ما قد حدث، وبسببها عُزل الأريوسي إسطفانوس أسقف إنطاكية. هنا تيقظ ضمير إمبراطور الشرق ليدرك شر الأريوسيين وألاعيبهم فأمر بعودة جميع المنفيين بسببهم، بل وأرسل ثلاثة خطابات للبابا أثناسيوس يعلن فيها شوقه لرؤياه، مترجيًا عودته إلى كرسيه. قبل أن يذهب إلى الإمبراطور التقى أثناسيوس بصديقه الحميم يوليوس أسقف روما التي اهتزت نفسه بالفرح فكتب رسالة إلى كهنة الإسكندرية وشعبها يهنئهم على عودة أبيهم المناضل. التقى رجل الآلام بالإمبراطور، ثم انتقل إلى بلاده، ليستقبله شعبه بفرح عجيب عام 346 م، بعد غياب طال أكثر من سبع سنوات، فيه ذاق الشعب مرارة الحرمان من رعاية البابا مع سقوطهم تحت اضطهاد الأريوسيين والميليتيين لهم، فكان رجوعه سبب بركة إذ رسم الأساقفة للإيبارشيات الخالية وازداد عدد المكرسين للخدمة والمتبتلين والرهبان بصورة ضخمة، وانطلق الكل يود تعويض السنوات العجاف.
    انتهز الأريوسيين قتل قسطانس صديق البابا أثناسيوس حيث قامت حرب أهلية بين قاتل قسطانس ماجننتيوس والإمبراطور قسطنطيوس الذي صار إمبراطورًا للشرق والغرب شغلت الإمبراطورية أكثر من ثلاث سنوات، واتهموا البابا أن له علاقة سرية بالقاتل. وإذ تخلص الإمبراطور من ماجننتيوس تفرغ لمقاومة البابا الذي كان يكن له كراهية بغيضة في داخله. وبغضب شديد ألزم أساقفة الشرق والغرب بعقد مجمعين في آرل بفرنسا وميلان لعزل البابا ونفيه، وقد احتمل بعض الأساقفة النفي مثل باولينيوس أسقف تريف، ولوسيفر مطران سردينيا، ويوسابيوس أسقف فرشيلي بإيطاليا، وديوناسيوس أسقف ميلان، وهوسيوس أسقف قرطبة الذي كان قد بلغ المائة من عمره، أما ليبريوس أسقف روما فقد ثابر إلى حين وأخيرًا زلّ صاغرًا ووقّع على وثيقة الأريوسيين بعد أن أمضى في النفي سنتين. هاجم الجند كنيسة ثيوناس بينما كان البابا يصلي مع الكهنة والشعب، وإذ ماجت الجموع وسط بريق السيوف أراد البابا أن يبقى حتى يخرج أخر شخص، لكن الكهنة والرهبان ألزموه بالانسحاب خاصة وأن الظلام حلّ بالموقع حين انطفأت الشموع والمصابيح. بقى أثناسيوس هاربًا ست سنوات يطلب الإمبراطور رأسه دون جدوى! قدم الإمبراطور جورج الكبادوكي أسقفًا يغتصب الشعب ويتسلم الكنائس عنوة ويجمع الأموال، لكنه لم يستطع أن يحتمل البقاء في الإسكندرية، فهرب ليعود بعد موت الإمبراطور (سنة 361) فيقتله الوثنيون الذين كانوا يبغضونه (ربما للاستيلاء على أمواله). كان أثناسيوس في منفاه الاختياري يتنقل من دير إلى دير ومن موضع إلى أخر، بقلبه الملتهب بحب الله وشعبه، يرعى أولاده خلال كتاباته العميقة، فكان خصبًا في إنتاجه الروحي. كتب سيرة الأنبا أنطونيوس، ودفاعه عن هروبه، وأرسل خطابات إلى أساقفة مصر وليبيا ولوسيفر أسقف كالاريس (كاجلياري بجزيرة سردينيا غرب إيطاليا) وإلى الرهبان المصريين، وأربع مقالات ضد الأريوسيين، وخمس رسائل عقائدية لسيرابيون أسقف تمى، وخطابات عن الروح القدس، وكتاب المجامع.
    يوليانو
    بموت قسطانطيوس وتولي يوليانوس الحكم ظهر البابا أثناسيوس عام 362 ومعه لوسيفر أسقف كلاديوس وأوسابيوس أسقف فرشيلي اللذان كانا منفيين بالصعيد. عقد البابا مجمعًا بالإسكندرية عام 362 دعي "مجمع القديسين والمعترفين"، إذ كان جميعهم قد حضروا من النفي أو نالوا عذابات، لكن لم يدم الحال، فقد شعر يوليانوس بخطورة البابا أثناسيوس على الوثنية فبعث لوالي الإسكندرية يقول بأن الأمر بعودة المنفيين إلى بلادهم لا إلى كراسيهم، آمرًا إياه بطرد أثناسيوس خارج مصر، فاضطر البابا إلى الاختفاء في مقبرة أبيه 6 شهور. وإذ شدد الإمبراطور على الوالي اضطر البابا إلى ترك الإسكندرية متجهًا إلى الصعيد في مركب لحقتها مركب الوالي، فسأله الجند عن أثناسيوس، أما هو فقال لهم: "إنه ليس بعيد عنكم" فأسرعوا نحو الصعيد، وعاد هو إلى مدينة كايرو بجوار ممفيس، وبعد فترة صار يتنقل بين الأديرة في الصعيد. قُتل يوليانوس وتولى جوفيان الحكم فأرسل خطابًا ودّيًا للبابا يدعوه للعودة، كما أمر بعودة كل المنفيين. رجع البابا إلى الإسكندرية حيث عقد مجمعًا فيه كتب خطابًا يحوي قانون الإيمان النيقوي، ثم انطلق لمقابلة الإمبراطور الذي قابله بالترحاب ليعود إلى الإسكندرية في فبراير 364، حاملاً معه خطابات الإمبراطور. مات جوفنيان في فبراير 364 وتولى فالنتينان الحكم في نفس الشهر فاستلم الغرب وسلّم أخاه فالنس الأريوسي الشرق.
    بعث فالنس منشورًا بعودة جميع الأساقفة الذين سبق نفيهم في حكم يوليانوس إلى أماكن نفيهم، اضطر البابا أن يغادر الإسكندرية إلى بيت ريفي. وتحت ضغط الشعب رجع أثناسيوس إلى كرسيه بعد حوالي تسعة شهور (مايو 635 - فبراير366) فامتلأت الإسكندرية فرحًا. عاد البابا من نفيه الخامس وقد بلغ حوالي السبعين من عمره ليمارس رعايته لشعبه بروح متقدة بالغيرة، خاصة في تطهير البلد من كل فكر أريوسي. في عام 369 عقد مجمعًا بالإسكندرية من 90 أسقفًا للاهتمام بالفكر الإيماني المستقيم، وبقى عاملاً حتى بلغ الخامسة والسبعين من عمره ليسلم للأجيال وديعة الإيمان المستقيم بلا انحراف.
    رفاته المقدسة
    يوجد جزء من رفاته المقدسة في مزار مخصص له أسفل الكاتدرائية الكبرى بالعباسية بجوار مزار مارمرقس الرسول
    ويكي
    رد مع اقتباس  
     

  5. #5  
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    ثناسيوس (بابا الإسكندرية)
    من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
    القديس أثناسيوس
    Ikone Athanasius von Alexandria.jpg

    القديس أثناسيوس
    ولد 293 في الإسكندرية, مصر
    توفي 21 مايو 373 في الإسكندرية, مصر
    تكريمه الكنيسة القبطية الأرثوذكسية, الكنائس الأرثودكسية المشرقية
    الضريح الرئيسي كاتدرائية القديس مرقس القبطية الأرثودوكسية في القاهرة, مصر
    سانتا كروجي, البندقية, إيطاليا
    عيده 2 مايو (كاثوليك)
    18 يناير (قبطية أرثوذكسية)
    15 مايو = بشنس 7 (أرثوذكس)
    أثناسيوس [أثناسيوس الإسكندري - أثناسيوس الكبير - البابا أثناسيوس الأول الإسكندري - أثناسيوس المعترف -أثناسيوس الرسولي - باليونانية : Ἀθανάσιος ]- (ولد في 293، توفي في 2 مايو 373) كان بطريرك الإسكندرية في القرن الرابع. تم الاعتراف به كقديس من الكنيسة الكاثوليكية مؤخرا بعد الكنائس الأرثوذكسية الشرقية وخاصة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، كما يعتبر عالم عظيم من قبل البروتستانت. أعلنته الكنيسة الكاثوليكية في روما أحد علماء الكنيسة الـ 33، ويعتبر أحد الآباء الأربعة الأعظم لدى الكنائس الشرقية ،هو أب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ومعلمها الإيماني الأول.
    محتويات
    1 تاريخ
    2 نشأته
    3 شبابه
    4 تلمذته
    5 مجمع نيقية325 م
    6 بطريرك الكرازة المرقسية
    7 مقاومته للأريوسين
    8 يوليانوس
    9 رفاته المقدسة
    10 مصادر
    تاريخ
    ولد أثناسيوس في الإسكندرية من أبوين وثنين[يعتقد أنه ولد لعائلة مسيحية، على الرغم من القصص على العكس من ذلك، لأنه في كتاباته يروي أكثر من مرة عن عمته التي علمته بعض مبادئ الايمان المسيحي ، والأب الذي فعل الشيء نفسه، وكذلك كما ذكر (مرة واحدة) والدته تفعل الشيء نفسه. كما كان له أخ مسيحي، وبعد ذلك في حياته، في واحدة من الخمس التي قضاها في المنفى، اختبأ في قبر والده في ما يبدو إلى وصفه بأنها مقبرة مسيحية]. توفي والده وهو صغير وكان وهو صغير يلعب مع أصدقائه المسيحين تمثيلية المعموديه وكان يقوم بدور الكاهن في التمثيليه فرآه البابا إلكسندروس البطريرك التاسع عشر فأعجب به فاستفسر عنه ثم قام باستحضار أم أثناسيوس وبشرها بأنه سيكون لإبنها شأن كبير في المسيحية فإستئذنها بأن يمكث معه ليعلمه وتم تعميدها هي وإبنها وعلمه أصول المسيحية. وعندما أجتمع المجمع المسكوني الأول في نيقية لمحاربة بدعة آريوس عام 325م ذهب أثانسيوس وهو ما زال شماساً مع البابا إلكسندروس ودحض بدعة آريوس فاضحا أخطائه اللاهوتيه واضعا قانون الإيمان بموافقة المجمع مما أثار خصومه وعندما تم اختياره بطريركاً خلفاً للبابا إلكسندروس لاقى اضطهادات كثيرة وتم نفيه عن كرسيه خمس مرات.
    هو البابا رقم 20 من باباوات كنيسة الأسكندرية لقبته الكنيسة بحامى الإيمان نظراً لدفاعه وحفاظه على الإيمان الأرثوذكسى ضد البدع والهرطقات التي ظهرت في إيامه
    نشأته
    كان الله يهيئ هذا الإناء المختار ليقف بقوة الروح والحق أمام أريوس والأريوسيين، محافظًا على إيمان الكنيسة الجامعة بخصوص لاهوت السيد المسيح. فقد وُلد أثناسيوس غالبًا في مصر حوالي عام 297 م، وقد نزحت الأسرة إلى الإسكندرية (غالبًا بعد نياحة والده) ليراه البابا الكسندروس (19) وهو مطل من شرفة البطريركية يقوم بدور عماد أصدقاء له على شاطئ البحر، فاستدعاه وحاوره فأحبه وقبله تلميذًا له وسكرتيرًا خاصًا، [1]
    شبابه
    بهذا كان الله يهيئه للعمل على مستوى عام وشامل. لم يُبتلع أثناسيوس في أعمال إدارية بل ركز بالأكثر على الدراسة العلمية والفلسفية والأدبية والقانونية، وأعطى اهتمامات للدارسات الإنجيلية اللاهوتية على أساس آبائي. ومما ألهب قلبه أن معلميه الذين يقرأ لهم أستشهد بعضهم في شبابه وربما عاين بنفسه شهادتهم من أجل تمسكهم بالإيمان بالسيد المسيح، فكانت كلماتهم مدعّمة في نفسه بالجهاد حتى الموت
    تلمذته[عدل]
    أما بالنسبة للجانب النسكي فقد تتلمذ أثناسيوس فترة لدى أنبا أنطونيوس ألهبت فيه زهد العالم وحبه للعبادة والتأمل وعدم مهابة الموت. يظهر نضوجه المبكر من كتابيه "ضد الوثنيين"، "تجسد الكلمة" الذين وضعهما قبل عام 319 م، الأول دعا فيه الوثنيين إلى ترك الوثنية، والثاني عرض فيه فكرًا لاهوتيًا بأسلوب علمي عن التجسد الإلهي ربنا موجود
    مجمع نيقية325 م
    في مجمع نيقية (سنة 325 م) قيل أن البابا ألكسندروس سام أثناسيوس قسًا أثناء المجمع ليعطيه حق الكلمة، فقد كان النجم اللامع، خذل الأريوسيين منكري لاهوت السيد المسيح، مؤكدًا أنه "واحد مع الآب في الجوهر"
    بطريرك الكرازة المرقسية
    حاول أثناسيوس الهروب حين وجد رجال الإكليروس مع الشعب يلحون على سيامته أسقفًا للإسكندرية بعد أن تنيح البابا ألكسندروس (عام 328)، ما عدا قلة من الأريوسيين والميليتيين (أتباع ميليتس أسقف أسيوط الذي أنكر الأيمان أثناء الاضطهاد ثم عاد فحرض الأساقفة على الانشقاق، وحاول اغتصاب الكرسي الباباوي حينما كان بطرس مسجونًا). سيم أسقفًا على الإسكندرية وبابا للكرازة وهو شاب (حوالي الثلاثين من عمره) وقد بقى سبع سنوات في جو من الهدوء، فيها سام فرمنتيوس أسقفًا على أكسوم بأثيوبيا (الأنبا سلامة)، وكان ذلك بداية تأسيس كنيسة أثيوبيا، حوالي سنة 330 م، وإن كان بعض الدارسين يرى أنها تحققت حوالي عام 357 م.وفى هذه الفترة قام بزيارة رعوية لصعيد مصر، فيها التقى ب باخوميوس الذي هرب من لقائه حتى اطمأن أنه لن يرسمه كاهنًا
    مقاومته للأريوسين
    مقاومة الأريوسيين له كان الأريوسيون مع الميليتيين على اتصال بيوسابيوس أسقف نيقوميديا يدبرون الخطط لتحطيم البابا أثناسيوس، فقد بقى حوالي أربعين عامًا لا يعرف طعم الراحة، نلحظها في النقاط التالية:
    بتحريض يوسابيوس أصدر الإمبراطور قسطنطين أمره لأثناسيوس بقبول آريوس في الشركة، بعد أن ادعى الأخير توبته وكتب قانون إيمانه بصيغة ملتوية، وقد رفضه البابا، وكان ذلك حوالي سنة 330 م.
    أبحر ثلاثة أساقفة ميليتيون إلى نيقوميديا يقدمون عريظة اتهام ضد البابا، وكان لدى الإمبراطور كاهنان كشفا كذبهم للإمبراطور، فأدانهم واستدعى البابا، فجاء وكشف بطلان حججهم ضده (إنه حطم كأس الأفخارستيا الذي يستخدمه أسخيراس الكاهن، وقتل الأسقف أرسانيوس... الأول أتى للبابا نادمًا ومعترفًا أنهم أغروه برشوة ليدعي كذبًا، والثاني كان مختفيًا في صور)
    في سنة 335 عقد مجمع في صور يرأسه يوسابيوس القيصري يحركه يوسابيوس النيقوميدي، فيه قامت امرأة زانية تتهمه باغتصابه لها، فقام تلميذه الشماس تيموثاوس يحدثها كأنه أثناسيوس فقالت له بوقاحة أنه هو الذي سلبها عفتها وبتوليتها.... عندئذ خزي الكل! عرضوا أيضًا قضية الكاهن أسخيراس والأسقف أرسانيوس وجاءوا بشهود من اليهود يدعون أنهم موعوظون جدد. ومع ظهور براءته هاج المجمع وماج، فترك البابا المجمع وانطلق إلى القسطنطينية. وإذ شعر يوسابيوس وأعوانه بالخطر يلاحقهم أسرعوا ليدعوا بأن البابا هدد بمنع إرسال القمح من الإسكندرية إلى القسطنطينية، فهاج الملك ونفاه إلى تريف وكان ذلك في فبراير 336 م. في جرأة قال البابا للإمبراطور: " الرب يحكم بيني وبينك".... بعد مجمع صور عُقد مجمع في أورشليم - بعد تدشين كنيسة القبر المقدس- من الأريوسيين أصدروا قرارًا بعودة أريوس إلى الإسكندرية في غياب البابا المنفي، فعاد أريوس تحت حراسة مشددة لكن ثورة الشعب ضده ألزمت الوالي أن يطالب بسحبه ورده إلى القسطنطينية، فاستدعاه الإمبراطور. بذل يوسابيوس النيقوميدي كل الجهد لعودة أريوس للشركة الكنسية فكان البطريرك القسطنطيني الكسندروس مرّ النفس، ولما أُلزم بقبوله صلى إلى الله، فمات أريوس في مرحاض عام وهو في طريقه إلى الكنيسة. بعد حوالي عام إذ كان قسطنطين على فراش الموت أوصى بعودة البابا أثناسيوس إلى كرسيه، وبالفعل عاد ليجد الإسكندرية كلها تترقبه على الشاطئ كملاك انحدر إليهم من السماء!
    لم يهدأ يوسابيوس النيقوميدي عن مقاومة البابا، فقد نجح في إقناع الإمبراطور أن يستدعي الوالي ثيوذوروس لأنه كان صديقًا للبابا ويرسل فيلاجيوس الكبادوكي عوضًا عنه، الذي كان قد حكم الإسكندرية قبلا (335 – 337 م) وهو عدو عنيف للبابا. قام الأريوسيون بأعمال شغب وتخريب وقتل لإثارة الإمبراطور بأن وجود البابا ينزع السلام عن الإسكندرية، كما وجهوا ضده اتهامات كاستيلائه على القمح الخاص بالفقراء، وإعلانهم أن عودته غير كنسية لأنها بدون قرار مجمعي، وقد نزل أنبا أنطونيوس يساند البابا المتألم
    خلال عام 338 أنهمك يوسابيوس النيقوميدي في الانتقال من نيقوميديا إلى أسقفية القسطنطينية، لأن العاصمة كانت قد انتقلت رسميًا من نيقوميديا إلى القسطنطينية، وإذ نجح في ذلك تفرغ لمقاومة البابا أثناسيوس ففي نهاية 338 أقنع الإمبراطور قنسطانطيوس بعقد مجمع في إنطاكية، فيه يصدر قرارًا بعزل البابا، صدر الأمر وانطلق الرعاع إلى كنيسة ثيؤناس لقتله، فهرب البابا. تعرض الكهنة والرهبان مع الشعب حتى النساء إلى موجة مرة من العذابات بل وذُبح البعض وسُجن آخرون، وبعد أربعة أيام دخل غريغوريوس الكبادوكي كأسقف للمدينة يضطهد المؤمنين. لم يقف الرهبان مكتوفي الأيدي، فقد أرسل أنبا أنطونيوس عدة رسائل منها إلى الأسقف الدخيل وبعض الضباط يؤنبهم عن تصرفاتهم، كما بعث باخوميوس أفضل راهبين عنده هما زكاوس وتادرس ليسندا المؤمنين بالإسكندرية في غيبة البابا. سافر البابا أثناسيوس إلى روما ليلتقي بصديقه البابا يوليوس حيث كتب الأخير رسالة إلى يوسابيوس النيقوميدي وجماعته كطلب مجمع روما، في هذه الزيارة دخلت الرهبنة إلى الغرب، وتشبع الفكر اللاتيني بلاهوتيات أثناسيوس. اعتبر اتباع يوسابيوس رسالة يوليوس التي برأت البابا أثناسيوس إهانة لكرامتهم، فعقدوا مجمعًا بإنطاكية، وكتبوا له يتهكمون ويهددون لكن في شيء من الحذاقة. في سنة 342 التقى البابا أثناسيوس بإمبراطور الغرب قسطانس في ميلان وقد حاول اليوسابيون أن يصوروا لأخيه إمبراطور الشرق قسطنطيوس أنه تلاقى معه ليطلب عقد مجمع عام لأساقفة الشرق والغرب، وقد أكدّ البابا أنه لم يفعل ذلك، إنما كانت الفكرة لدى قسطانس قبل لقائه بالبابا.
    رأى الإمبراطوران الشرقي والغربي أن يُعقد مجمع في سرديكا أي صوفيا (عاصمة بلغاريا) على حدود المملكتين وكان ذلك في عام 343، وقد جاء الأساقفة الأريوسيون من الشرق (كان يوسابيوس قد مات)، ورفضوا حضور المجمع لدخول البابا أثناسيوس وجماعته فيه، وإنما اجتمعوا في مدينة فيلوبوليس مقابل سرديكا وتقع في حدود مملكة الشرق، وقد تركوا خطابًا بيد يوستاثيوس كاهن كنيسة سرديكا يعتذرون أنهم اضطروا للرجوع لدعوة الإمبراطور لهم بعد عودته منتصرًا على الفرس، فيه حرموا هوسيوس ويوليوس وأثناسيوس وغيرهم. أما آباء مجمع سرديكا فوقعوا حرمانًا على أحد عشر أسقفًا أريوسيًا. استخدم الأريوسيون إجراءات حازمة لمنع دخول أثناسيوس ورجاله إلى الإسكندرية لكن الرب بدد مشورتهم بأيدٍ أريوسية، فقد أتى بعض الأريوسيين بامرأة شريرة ودخلوا بها إلى أسقفين كانا مندوبي الإمبراطور قسطانس موفدين إلى أخيه إمبراطور الشرق. وإذ دخلت المرأة إلى حجرة أحدهما ووجدته شيخًا وقورًا يغط في النوم صرخت، وتجمعت المدينة وأعلنت ما قد حدث، وبسببها عُزل الأريوسي إسطفانوس أسقف إنطاكية. هنا تيقظ ضمير إمبراطور الشرق ليدرك شر الأريوسيين وألاعيبهم فأمر بعودة جميع المنفيين بسببهم، بل وأرسل ثلاثة خطابات للبابا أثناسيوس يعلن فيها شوقه لرؤياه، مترجيًا عودته إلى كرسيه. قبل أن يذهب إلى الإمبراطور التقى أثناسيوس بصديقه الحميم يوليوس أسقف روما التي اهتزت نفسه بالفرح فكتب رسالة إلى كهنة الإسكندرية وشعبها يهنئهم على عودة أبيهم المناضل. التقى رجل الآلام بالإمبراطور، ثم انتقل إلى بلاده، ليستقبله شعبه بفرح عجيب عام 346 م، بعد غياب طال أكثر من سبع سنوات، فيه ذاق الشعب مرارة الحرمان من رعاية البابا مع سقوطهم تحت اضطهاد الأريوسيين والميليتيين لهم، فكان رجوعه سبب بركة إذ رسم الأساقفة للإيبارشيات الخالية وازداد عدد المكرسين للخدمة والمتبتلين والرهبان بصورة ضخمة، وانطلق الكل يود تعويض السنوات العجاف.
    انتهز الأريوسيين قتل قسطانس صديق البابا أثناسيوس حيث قامت حرب أهلية بين قاتل قسطانس ماجننتيوس والإمبراطور قسطنطيوس الذي صار إمبراطورًا للشرق والغرب شغلت الإمبراطورية أكثر من ثلاث سنوات، واتهموا البابا أن له علاقة سرية بالقاتل. وإذ تخلص الإمبراطور من ماجننتيوس تفرغ لمقاومة البابا الذي كان يكن له كراهية بغيضة في داخله. وبغضب شديد ألزم أساقفة الشرق والغرب بعقد مجمعين في آرل بفرنسا وميلان لعزل البابا ونفيه، وقد احتمل بعض الأساقفة النفي مثل باولينيوس أسقف تريف، ولوسيفر مطران سردينيا، ويوسابيوس أسقف فرشيلي بإيطاليا، وديوناسيوس أسقف ميلان، وهوسيوس أسقف قرطبة الذي كان قد بلغ المائة من عمره، أما ليبريوس أسقف روما فقد ثابر إلى حين وأخيرًا زلّ صاغرًا ووقّع على وثيقة الأريوسيين بعد أن أمضى في النفي سنتين. هاجم الجند كنيسة ثيوناس بينما كان البابا يصلي مع الكهنة والشعب، وإذ ماجت الجموع وسط بريق السيوف أراد البابا أن يبقى حتى يخرج أخر شخص، لكن الكهنة والرهبان ألزموه بالانسحاب خاصة وأن الظلام حلّ بالموقع حين انطفأت الشموع والمصابيح. بقى أثناسيوس هاربًا ست سنوات يطلب الإمبراطور رأسه دون جدوى! قدم الإمبراطور جورج الكبادوكي أسقفًا يغتصب الشعب ويتسلم الكنائس عنوة ويجمع الأموال، لكنه لم يستطع أن يحتمل البقاء في الإسكندرية، فهرب ليعود بعد موت الإمبراطور (سنة 361) فيقتله الوثنيون الذين كانوا يبغضونه (ربما للاستيلاء على أمواله). كان أثناسيوس في منفاه الاختياري يتنقل من دير إلى دير ومن موضع إلى أخر، بقلبه الملتهب بحب الله وشعبه، يرعى أولاده خلال كتاباته العميقة، فكان خصبًا في إنتاجه الروحي. كتب سيرة الأنبا أنطونيوس، ودفاعه عن هروبه، وأرسل خطابات إلى أساقفة مصر وليبيا ولوسيفر أسقف كالاريس (كاجلياري بجزيرة سردينيا غرب إيطاليا) وإلى الرهبان المصريين، وأربع مقالات ضد الأريوسيين، وخمس رسائل عقائدية لسيرابيون أسقف تمى، وخطابات عن الروح القدس، وكتاب المجامع.
    يوليانو
    بموت قسطانطيوس وتولي يوليانوس الحكم ظهر البابا أثناسيوس عام 362 ومعه لوسيفر أسقف كلاديوس وأوسابيوس أسقف فرشيلي اللذان كانا منفيين بالصعيد. عقد البابا مجمعًا بالإسكندرية عام 362 دعي "مجمع القديسين والمعترفين"، إذ كان جميعهم قد حضروا من النفي أو نالوا عذابات، لكن لم يدم الحال، فقد شعر يوليانوس بخطورة البابا أثناسيوس على الوثنية فبعث لوالي الإسكندرية يقول بأن الأمر بعودة المنفيين إلى بلادهم لا إلى كراسيهم، آمرًا إياه بطرد أثناسيوس خارج مصر، فاضطر البابا إلى الاختفاء في مقبرة أبيه 6 شهور. وإذ شدد الإمبراطور على الوالي اضطر البابا إلى ترك الإسكندرية متجهًا إلى الصعيد في مركب لحقتها مركب الوالي، فسأله الجند عن أثناسيوس، أما هو فقال لهم: "إنه ليس بعيد عنكم" فأسرعوا نحو الصعيد، وعاد هو إلى مدينة كايرو بجوار ممفيس، وبعد فترة صار يتنقل بين الأديرة في الصعيد. قُتل يوليانوس وتولى جوفيان الحكم فأرسل خطابًا ودّيًا للبابا يدعوه للعودة، كما أمر بعودة كل المنفيين. رجع البابا إلى الإسكندرية حيث عقد مجمعًا فيه كتب خطابًا يحوي قانون الإيمان النيقوي، ثم انطلق لمقابلة الإمبراطور الذي قابله بالترحاب ليعود إلى الإسكندرية في فبراير 364، حاملاً معه خطابات الإمبراطور. مات جوفنيان في فبراير 364 وتولى فالنتينان الحكم في نفس الشهر فاستلم الغرب وسلّم أخاه فالنس الأريوسي الشرق.
    بعث فالنس منشورًا بعودة جميع الأساقفة الذين سبق نفيهم في حكم يوليانوس إلى أماكن نفيهم، اضطر البابا أن يغادر الإسكندرية إلى بيت ريفي. وتحت ضغط الشعب رجع أثناسيوس إلى كرسيه بعد حوالي تسعة شهور (مايو 635 - فبراير366) فامتلأت الإسكندرية فرحًا. عاد البابا من نفيه الخامس وقد بلغ حوالي السبعين من عمره ليمارس رعايته لشعبه بروح متقدة بالغيرة، خاصة في تطهير البلد من كل فكر أريوسي. في عام 369 عقد مجمعًا بالإسكندرية من 90 أسقفًا للاهتمام بالفكر الإيماني المستقيم، وبقى عاملاً حتى بلغ الخامسة والسبعين من عمره ليسلم للأجيال وديعة الإيمان المستقيم بلا انحراف.
    رفاته المقدسة
    يوجد جزء من رفاته المقدسة في مزار مخصص له أسفل الكاتدرائية الكبرى بالعباسية بجوار مزار مارمرقس الرسول
    ويكي
    رد مع اقتباس  
     

ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •