الشتاء يأتي متأخرا
بقلم عزالدين مبارك
يأتي الشتاء متأخرا
فتهطل الأمطار
ويسكن الصقيع
الضلوع الخاوية
وترتجف الشفاه
المشققة
وينخر البرد العظام
وتغتسل المدينة
بشلال المياه الهادرة
وترحل الفراشات بعيدا
وتهاجر الطيور
إلى حيث الدفئ والسكينة
مدينتي تغدو كالأشباح
أضواءها خافتة
كمقبرة فرعونية
والأزقة تسكنها القطط
الجائعة
ورواد الحانات العامرة
وقهقهات الغواني
وزفرات المتسولين
أذكر أهل الصفيح
وبؤس المتشردين
وصاحب القلعة الحصينة
حيث الولائم تفيض نعما
وتغدق
فنغرق
ولا نستعين بغير الدعاء
فأنسى أكداس الهموم
ووجع السنين
وغدر الزمان
وأسخر من القوادين
ومتسلقي الظهور العارية
والراكضين وراء الولائم
والمتمعشين من بقايا الجيف
المتعفنة
وأضم شتات الماضي
البعيد
فتأكلني حسرة نائمة
على قارعة الطريق
يوم تركت قريتي الهادئة
وأناسها الطيبين
وجئت إلى هذه المدينة
الموبوءة
حيث النفاق والدجل
والنميمة والضرب تحت الحزام
حرام في حرام
وتتلون الوجوه
بأصباغ العهر المكشوف
ومساحيق النذالة
وأحمد الله
إني ما بعت جلدتي وحيائي
للكلاب السائبة
وخفافيش الليل
وبقيت صامدا
كصبار الجبال العاتية
وكم هدني الإعياء
وداهمتني الأنواء
والعواصف الهوجاء
وما انحنيت لأحد
وعفرت أنفي بالتراب
من أجل حفنة سراب
ودريهمات بائسة
ونياشين قصديرية.
التضامن في 14 جانفي 2010