لنقسم الموضوع لقسمين ونرد على الطرح الأول ثم نرد عليه من باب آخر :

1- قال الله تعالى :" ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير)[البقرة:106]
- هذا إقرار من الله بالنسخ ول ولم يقر القرآن لتطاول المتطاول على كلام الله ولأن كتاب الله لا ريب فيه ولا أقول لا شك ، فإنه متين يقوي بعضه بعضاً

أنواع النسخ :
أ- نسخ التلاوة مع بقاء الحكم، ومثاله آية الرجم وهي(الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة..) فهذا مما نسخ لفظه، وبقي حكمه.
ب- الثاني: نسخ الحكم والتلاوة معاً: ومثاله قول عائشة رضي الله عنها: (كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخ بخمس معلومات يحرمن) فالجملة الأولى منسوخة في التلاوة والحكم، أما الجملة الثانية فهي منسوخة في التلاوة فقط، وحكمها باق عند الشافعية.

ج - والوجه الثالث أن ينسخ حكمه ويبقى خطه يتلى في المصحف وهذا كثير نحو قوله والذين يتوفون منكم ويذرون أزوجا وصية لأزوجهم متعا إلى الحول غير إخراج البقرة 240 نسختها يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا البقرة 234 وهو من الناسخ والمنسوخ والمجتمع عليه.

بذلك بينا النسخ في القرآن وأنواعه وإن أي تناول للقرآن الكريم دون العودة للناسخ والمنسوخ سيدخل المتدخل في ورطة وهناك حكمة لنسخ كل آية يمكن توضيحها لمن أراد كما إن هناك نسخاً للأحاديث والناسخ والمنسوخ علم قائم بحد ذلك وبحاجة لمختصين كما المكي والمدني والمحكم والمتشابه .

يقول الله تعالى في سورة النور

الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ .

ثم قال : "وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ 4" النور

هل يستغرب منكر العقوبة على الإسلام أم على كل الأديان ؟؟

فعقوبة الرجم موودة في المسيحية كما هي لدى اليهود ولقد ثبت جلد يهودي زنى أيام الرسول والقصة معروفة

- ما عدد حالات الرجم التي جرت خلال 30 عاماً من بداية الخلافة حتى نهايتها

" رجم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ورجم أبو بكر ، ورجمت " . ثم أخرجه من طريق نجيح أبي على عن النبي - عليه السلام - قال : " رجم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ورجم أبو بكر وعمر ، وأمرهما سنة " . وإسناده مرسل رجاله ثقات غير نجيح أبى على أورده ابن أ بي حاتم ( 4 / 1 / 493 ) وقال : " روى عن أنس ، روى عنه أبو هلال الراسبي " . ولم يزد . وكذا قال ابن حبان في " الثقات " ( 1 / 243 ) ! وأخرج ابن أبي شيبة ( 11 / 83 / 1 ) عن الشعبي : " أن عليا جلد ورجم " . وإسناده صحيح . وعن ابن سيرين قال : " كان عمر يرجم ويجلد ، وكان علي يرجم ويجلد " . أخرجه من طريق أشعث عنه . وإسناده صحيح أيضا ، وأشعث هو ابن عبد الملك الحمراني . 2340 - ( عن علي رضيى الله عنه " أنه ضرب شراحة ( 1 ) يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة وقال : جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) رواه أحمد والبخاري ) صحيح

- وعمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجم خمسة أشخاص، وهم اليهوديان، وماعز، والغامدية، وصاحبة العسيف، وكذلك عمل به خلفاؤه الراشدون فقد رجم عمر رضي الله عنه امرأتين، ورجم عثمان كذلك امرأة، ورجم علي بن أبي طالب رضي الله عنه شراحة ، فكل هؤلاء رجموا بهذه الآية التي نسخ لفظها وبقي حكمها.

كل حوادث الرجم لم تتجاوز عشرة حوادث

- التشديد على رمي المحصنات :

سمى القرآن الكريم الزانية محصنة حتى يثبت بأربعة شهود وقد شاهدوا بأم العين العضو يدخل بالعضو و لو كانوا ثلاثة وقد شاهدوا هذا الفعل حقيقة يقام عليهن الحد ويعتبر حكمهم رمي المحصنات .وللشرع حكمة بالغة في ذلك سنأتي على تفصيلها
ولو استطاع الرجل جلب أربعة شهود واثبات الواقعة فذلك يعني أن حادثة الزنا كأنها أصبحت تمارس في الشارع ومن قبل ممتهنة سهلة الوصول .

المقارنة بين الحكم المدني الذي يخفف حكم جرائم الشرف ، ونصوص الشرع ولنذكر هذا الكلام :
اختلف العلماء في حكم من وجد مع امرأة رجلا وتحقق وجود الفاحشة منهما . فقتله هل يقتل ام لا ؟
الجمهور - قالوا : لا يصح ان يقدم الرجل على قتل رجل وجده عند زوجته وتحقق من ارتكابه الفاحشة لما روى البخاري عن ابي هريرة رضي الله عنه : ( ان سعد بن عبادة رضي اله عنه قال : يارسول الله أرأيت ان وجدة مع امرأتي رجلا أمهله حتى آتي بأربعة شهداء ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( نعم فإن قتله يقتص منه إلا أن يأتي ببينة على ارتكابه جريمة الزنا وهومحصن أو يعترف القتول بذلك أما اذا قتلهما أو أحدهما ولم يستطع ان يأتي بالبينة وإحضار الشهداء على الزنا او الإعتراف . فإنه يطالب بالقود والقصاص أو الدية لأنه يجوز لرجل أن يدعو رجلا آخر لدخول بينه لعمل شيء ثم يقتله لضغن في نفسه ويقول : وجدته مع امرأتي كذبا
ويجوز ان يقتل الرجل زوجته ليتخلص منها لشيء في نفسه ثم يدعي عليها زورا أنه وجد معها رجلا يزني بها لذلك احتاط الشارع في هذا حفظا للأرواح بأنه يجب على القاتل إقامة البينة على دعواه فإن استطاع إقامة البينة فلا شيء عليه

فقد روي عن ابن المسيب أن رجلا بالشام وجد مع امرأته رجلا فقتله وقتلها فكتب معاوية إلى أبي موسى الأشعري بأن يسأل له عن ذلك عليا رضي الله عنه فسأله فقال علي كرم الله وجهه : ( أنا أبو الحسن إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته ) . أي يقتل

الشافعية - قالوا : إذا وجد الرجل مع امرأته رجلا فادعى أنه ينال ينال منها ما يوجب الحد وهما ثيبان فقتلهما . أو أحدهما ولم يأت بالبينة كان عليه القود أيهما قتل إلا أن يشاء أولياء الدم أخذ الدية أو العفو

هذا الجانب وسأقوم بتفصيل الجانب الثاني

الجانب الأول وضحنا فيه أن عقوبة الزنا ليست موجودة فقط في الإسلام

والجانب الثاني لنبحث الأمر في القوانين الوضعية أو العلمانية لو صحت التعبير

ونحن نظن أننا إذا ألغينا العقوبة التي تردع من هذه الجرائم، فإن الله سبحانه وتعالى لن ينزل عقابه الآجل
فالمجتمعات التي أباحت الزنا فشت فيها الأمراض وإن الأيدز مرض فتاك لم ينتشر إلا في المجتمعات التي حللت الزنا ولم تضع روادع له

لو صدق الإنسان في مسعاه وصدق في أن عقله أرفع لأوجد حلاً أرفع وأجدر وأقدر من عقوبة الله سبحانه وتعالى
ولو محصنا النظر فيما يدعيه الإنسان لعرفنا فشله في تشكيل قوانين أرفع من القوانين السماوية

لم تبق القضية في أوربا عند حد زنا المحصن وغير المحصن
بل وصل لزنى المحارم وزنى المثليين

أوربا اليوم وتتجه في عدد من الدول لمنع تجريم زنا المحارم قانونياً مثل ألمانيا

فرنسا أقرت قانون زواج المثليين الذي هو شكل من أشكال الزنى

إذن نحن أمام ثلاثة أمثلة

مثال متشدد يقوم بقتل الزاني وهو مخالف لشرع الله وفق ما وضحنا
مثال يضع عقوبة رادعة للزنا بالجلد أو الرجم
مثال متفلت لا يعتبر الزنا عقوبة تدحرجت الكرة لديه حتى المثليين وزنا المحارم فصارت الأخت تلد من أخيها وربما أبيها

أخيراً تطبيق حد الزنا اليوم وشكله ، هو بيد المختصين والفقهاء فهناك ما يسمى التعزير في الفقه كإذافة حكم النفي للزاني لمدة سنة

وهذا بحاجة لتفصيل إضافي


الشق الأخير حول الحد أم نوع العقوبة :

إن كثير من الحوارات يجب أن تعرف أين تريد أن تنتهي

السؤال : هل نحن منتفقون أولاً أن الزنا جريمة اجتماعية ولها أضرارها الاجتماعية على الأسرة ولها أضرارها النفسية على الشريكين في هذه الجريمة، ولها أضرارها الصحية عليهم وعلى غيرهما كذلك ؟؟

إذا اتفقنا على الجريمة فذلك يعني أننا نتفق على الحد أي العقوبة

ونكون قد قطعنا شوط كبير في التفاهمات الحوارية
يبقى الحوار والإشكالية حول طبيعية تطبيق الحد أي الأداة والوسيلة

والغريب في إي إنسان إنه يرفض الوسيلة فيما لو كانت عليه بينما لو طبقت على غيره أو عدوه لأثار فيه نوعاً من الارتياح
ونسمع اليوم إدعاءات بإزلة مدن باكملها أو الرد على الذبح بالأصفر أي التركس فيقال جئناكم بالتركس
هل تعتبر وسيلة التركس أقل إجراماً من الذبح بالسكين
أو البرميل مثلاً ؟؟

ولو قلنا اليوم للشعب إننا سنطبق حد قطع اليد على المسؤول الفاسد ، لرأيت الناس تسعد بذلك وتؤيد
وكثيراً ما يقوم الناس بالقبض على الحرامي فيكاد لا يصل لقسم الشرطة من الضرب والتعذيب
وحتى قتل الزانية من قبل الأهل هو تشدد يزيد عن الحد الشرعي

طيب ثم كيف لو علمنا إن هناك ما يسمى التعزير في القضاء
والتعزير بحاجة لموضوع مستقل وهو تفويض الشرع للقاضي باختيار نوع الأداة أو الوسيلة في تطبيق الحد

ولو فكرنا بعيداً عن قضية الرجم، لو فكرنا مثلاً بحد القتل

القتل جريمة ولا يختلف أحد في مجتمعنا على أن القاتل يجب أن يقتل ، اللهم إلا بعض المقلدين للعقوبات في الغرب والأحداث الأخيرة قد أخرجت ما بداخل الناس من حقيقة بغض النظر عن الشكلية التي يدعيها

فلو أن رجلاً قتل طفلاً في 40 هـ فما هي الوسيلة التي يقضي القاضي بقتل هذا الرجل ؟؟

هل يصعقه بالكهرباء أو يرميه بالرصاص ؟؟

إن سلاح القتل المتعارف عليه هو السيف وهو أداة القتل وقتها ، فكان الرجل يقتل بالسيف

مع تقدم الزمن بقي المسلمون يقيمون حد الله في القتل وهو قتل القاتل، ففي سوريا يقتل القاتل لكن هل يقتل بالسيف ؟؟

أم شنقاً أو بالرصاص

حتى عقوبة الشنق قد يجدها البعض وحشية ، وربما الرمي بالرصاص مع مرور السنوات ستكون وحشية
حينها قد يصدم بأمواج صوتية تقتله فوراً .

كذلك الحدود الأخرى يبقى لفقهاء الشرع إيجاد التعزير المناسب لها زمانياً

بذلك القضية تكون قد توضحت ويمكن افراد المزيد من الحوار حول التعزير
والحمد لله رب العالمين