العميد د. أمين محمد حطيط
================
يبدو أن أميركا وصلت اليوم إلى قناعة راسخة بان قرارها في إدارة حرب استنزاف طويلة في الشرق الأوسط هو القرار الأفضل والأصوب والأقل كلفة والأكثر ربحية لها من كل القرارات والاستراتيجيات التي اعتمدتها منذ ثلاثة عقود والتي ارتدت عليها في نهاية المطاف خسارة متعددة الأوجه بين المالية والميدانية أو السياسية والاستراتيجية


ونعلم أن أميركا لا يهمها في الشرق الأوسط ألا نفطه وماله وثرواته، وامن إسرائيل وثباتها . فحرب الاستنزاف تلك بما تحتاجه من مال وسلاح وحشد طاقات بشرية توفر لأميركا ما يلي:إشغال المنطقة برمتها عن "إسرائيل"، بما يتيح للأخيرة الانصراف إلى تنفيذ سياستها الهادفة إلى ابتلاع كل ما تبقى من فلسطين واجتثاث كل ما يشير إلى الطابع العربي أو الإسلامي أو الإنساني فيها وتهويد كل ذلك دون أن تجد اعتراضا فاعلا أو مانعا من أحد.


نذكر بان القرار الفعلي في أميركا يقع في يد مثلث كارتل شركات الأسلحة والنفط والمال، هذا المثلث يجد الحاجة قائمة دائما للحروب على حدود مناطق النفط من اجل تزنير تلك المناطق بالنار الحمائية المانعة لأي أحد من اقتحامها، حروب تفرض على المعنيين استيراد الأسلحة بكميات مناسبة للمخاطر المتشكلة أو المزعومة وللمهل المتوقعة لانتهائها.

في العام 2010 توقعوا انهيار الدولار في العام 2014 فكانت مباشرة شرارة الحريق العربي ارتفعت أسعار أسهم شركات تصنيع السلاح في الولايات المتحدة بنسبة تتراوح بين 3.8 و9.3 %، خاصة بعد أن أعلن بان هذه الحرب ستستمر مدة تتراوح ما بين 3 سنين إلى عشر سنين ومنهم من حدد مدتها ب 30 سنة من اجل إعطاء شركات الأسلحة مهلا أطول لوضع برامجها التصنيعية.
أبرمت أميركا مع دول الخليج عقود تسليح تبلغ قيمتها الإجمالية 73 مليار دولار، على أن يتم بدء تسليم الأسلحة بعد سنتين كحد أدني (ولهذا لا يمكن لأميركا ألا أن تقول بطول مدة الحرب، وتضخم خطر "داعش " حتى تبرر هذه الصفقات).


فشل أميركا في استراتيجيتها تلك هو اقرب للواقع من نجاحها لأسباب موضوعية متعددة ليس اقلها وعي و قدرات الخصم المتمثل بمحور المقاومة و حلفائه الإقليميين و الدوليين و في طليعتهم روسيا ، واعتماد الخصم لاستراتيجية المواجهة الواعية و الواقعية بما يمنع توسع حرب الاستنزاف و يؤدي إلى تطهير المنطقة تلو المنطقة و تحييدها و إبعادها عن النيران ما امكن ، كما و قدرة هذا المحور على المناورة و انزال الخسائر الاستراتيجية بأميركا و بحلفائها و ليس ما حصل في اليمن ببعيد. كل ذلك يجعلنا أكثر ميلا للقول بان احتمال تحقيق أميركا لأهدافها في حرب الاستنزاف اللئيمة تلك هو احتمال منخفض السقف.