ردي على الدكتور الشعيبي

كتب الدكتور عماد فوزي شعيبي عن المؤامرة

المؤامرة:

يعيش الفكر عموماً والفكر السياسي خصوصاً على فكرة المؤامرة. وهي فكرة تستسهل كل حدث لا تمتلك تفسيراً له أولا تريد أن

تصدّقه أو لا ترغب في تصديقه لاعتبارات تهزّ الوجدان والتوازن النفسي. وسرعان ما تجد هذه الفكرة صداها في العقول التي لديها

مخيّلة (l'imaginaire) تفيض بالخيالات والقصص الروائية فتضيف إليها (نكهة) الدراما والتراجيديا والتفاصيل المُفرطة في خلق شخصيات

وأحداث داعمة عندئذ تكتمل قصة المؤامرة فصولاً وتصبح واقعاً يُدافع عنه حتى من بدأ بابتكارها إذ أنها تغذي نفسها (بدارة تغذية خلفية

راجعة feedback ) بنفسها وتصبح واقعاً. والغريب أن أكثر الناس تعاملاً مع الوقائع وهم السياسيون هم أكثر من يتداول نظرية المؤامرة

كما لو أنها رواية متكاملة الفصول. ففي الوقت الذي تكون فيه السياسات مخططات (لا مؤامرات) ومخططات موازية ووقائع متحركة على

الارض تحتمل كل النتائج لا نتيجة واحدة(كما هو حال المؤامرة التي لا نتيجة لها إلا واحدة) فإن بعض المحللين السياسيين يعتمدون

مصطلح المؤامرة بديلاً من المخططات وبديلاً من بحث قابلية بلدانهم وأنظمتهم للاختراق ولمرور المؤامرات، وسرعان ما يصدقونها مع

الوقت حتى يستبطنون شعور الضحية والظلم وهو شعور يرفع عن كاهلهم المراجعة النقدية (الصعبة واقعياً أحياناً ونفسياً أحياناً أخرى)

لأخطاء أي فعل سياسي باعتباره أصلاً فعلاً بشرياً يحتمل الخطأ الذي ينحدر إلى مستوى تمرير مخططات الآخرين في سياق فعل صراع

الإرادات. والحال أن تسميات لمؤسسات استخباراتية كبرى ك CIA و M6 ... يُساعد بسبب غموضها المتعمد في أسطرة فعلها وإضفاء وهم إضافي بأن فعلها هو بمثابة المؤامرة التي لا راد لها. وفي كل هذا ضرب من الوهم.




إضافة للتوضيح

الفرق بين التخطيط المصلحي للدول والمؤامرة كبير. والحديث عن أن السياسات الغربية بالإجمال تقوم على دراسات (والفرق كبير بين

الدراسات والفرضيات) هو جزء من النمط stereotypeالذي يعيشه عقل المؤامرة في بلداننا؛ والا فكيف نفسّر كل هذا التخبيص في

منطقتنا، فالدراسات لا تعني مؤامرات وهي ليس بالضرورة أن تنفذ كمؤامرة. وبالمناسبة في أمريكا ابتعاد عن التخطيط بعيد الأمد تحت

مُسمى نظرية متوسطة المدى التي تتجنب الرؤى الشاملة كما نتصورها. وعموماً فالعقل الذي اعتاد على نظرية المؤامرة ونشأ عليها

وثبٌتها بالبراهين من الصعب عليه استحداث قطيعة ابستمولوجية معها وهذا ما ندعوه بعقبة المعرفة الشائعة والأثر النفسي للمعارف.

ما نتحدث عنه فكري هدفه تعديل المفاهيم واستبدال مفاهيم المؤامرة بالصراعات و مكاسرة الإرادات والمخططات والمخططات الموازية. والهدف هو الارتفاع عن الخطاب التقليدي في رؤية الوقائع.




وقد رددت عليه وفق ما رأيت :


تحياتي د عماد فوزي شعيبي

"أسهل المؤامرات هي التي تعمل على استثمار ضعفنا ، بمعنى أننا من نتآمر على أمتنا"

نظرية المؤامرة بالإنجليزية :Conspiracy Theory)

وأتمنى أن لا يكون ما أتقدم به يزعجك

ورد هذا المصطلح لأول مرة في مقالة اقتصادية عام 1920ولكن جرى تداوله في العام 1960، وتمت بعد ذلك إضافته إلى قاموس

أكسفورد عام 1997م

هناك نزعة لدى الإنسان تدعى " حب التأويل" وهذه النزعة تدخل القضاء في مشاكل الإفادات الكاذبة، وهي ليست تتقصد الكذب إنما

تحب التأويل
الناس بطبعهم يحبون نسب الأحداث لمعلوم لا لمجهول ، ومنطلقات الإنسان تتحكم في صياغة هذا الفهم

ما تتفضل به من وجهة نظري هو فهم لمستوى واحد من طبقة جيلوجية أبستمولوجية

فوجود معاهد علمية للمعطيات والدراسات لا يعني نفي وجود نوايا لتوظيف هذه المعطيات ومستوى آخر قد يكون لا واعي وقد يكون

واعي غير ظاهر أو ربما سري

فجون لوك كان ينظر للعلمانية في أوربا بينما كان يقوم سراً بنقل 100000 من رقيق أفريقيا لأوربا ، وأسبنوزا الداعي للفصل الدين عن

الدولة كان ينتي لحركات سرية وينتمي للكابلا

صحيح نحن من نتآمر على أنفسنا بضعفنا هذا صواب وحكمة ، ونحن من نتآمر على أنفسنا بعدم الفهم الصحيح للمؤامرة فتصبح مؤامرة

ثانية تسهل تحكم العدو بنا

لكن هناك طبقة جيلوجية أخرى لو فهمنا المعطيات العلمية ضمن سياق الدوافع الخلفية والتاريخية لكانت فهم دقيق للحقائق فمثلاً:

إسبنوزا اليهودي أول من أعطى مجموعة من المعطيات العلمية أو كما تظهر حول الدولة المدنية وفصل الدين عن الدولة، لكنه كذلك

انتمى لحركات سرية و يتبنى مذهب الكابلا

فرويد الذي قدم أطروحات في علم النفس الجنسي، كان ينتمي للحسيدية وهي التي أثرت في معطياته العلمية وقد بين العلم لاحقاً

خطلها

على ما أظن نيتشه وصاحب نظرية موت الآله كان ينتمي لمذهب الكابلا

وهناك عشرات الأمثلة ممن أظهروا للناس طبقة لها شكل علمي بينما لها خلفية دينية أو أسطورية و كثيراً من هذا الصراع الخفي

القديم الحديث لها طابع المؤامرة

لقد تجاوزت البشرية تفسير كل الظواهر إيجاباً وسلباً انطلاقاً من هذه النظرية وهذا صائب وإن الإنسان ليعجب بول ديورنت حين يشير

بعظمة الشرق ويقول لقد كان كثير من المؤرخين يقتصر تاريخا عظيماً على سطر واحد وهذا غير علمي وغير منصف كما يقول في قصة

الحضارة
لكنك بضرب أمثلة منصفة ستلقى أمثلة لا حصر لها من العنصريين ومن لهم خلفية لا علمية ، أو أنهم يوظفون المعطيات العلمية

لتحقيق النزعات العدائية ، والصهيونية العالمية تبني أجيالاً كاملة على مفهوم المؤامرة وتحذر أولادها من البشر ، فكيف سيكون هذا

الطفل حين يصبح عالماً أو رئيس معهد أو مستشار لأوباما هل سيتوقف فقط عند المعطيات العلمية ؟؟ أم أن هناك خلفية عميقة لا




انفكاك لها في تاريخه وعمله السري الآخر، أنا لا أعتقد أنه سيتخلى عن تلك الدوافع التي يعتبرها وجودية


لقد كتبت مقال عام 2010 " نحو فهم جديد لنظرية المؤامرة " يمكنك أن تغوغله سيظهر الخيار الثاني على أسواق المربد

ولقد حذرت من دور العالم الافتراضي ومعذرة على الإطالة