طمع الروم بحلب فنازلوها وهجموا المدينة من شماليها، وحاصروا القلعة.



فهادنهم قرغويه على حمل الجزية، عن كل صغير وكبير من سكان المواضع التي وقعتالهدنة عليها، دينار، قيمته ستة عشر درهماً إسلامية، وأن يحمل إليهم، في كل سنة عنالبلاد التي وقعت الهدنة عليها سبعمائة ألف درهم.
والبلاد: حمص، وجوسية، وسلمية، وحماة، وشيزر، وكفر طاب، وأفامية، ومعرةالنعمان، وحلب، وجبل السماق، ومعرة مصرين، وقنسرين،



والأثارب إلى طرف البلاط الذي يلي الأثارب وهو الرصيف، إلى أرحاب، إلىباسوفان، إلى كيمار، إلى برصايا، إلى المرج الذي هو قريب عزاز، ويمين الحد كلهلحلب، والباقي للروم.
ومن برصايا يميل إلى الشرق، ويتصل وادي أبي سليمان إلى فج سنياب، إلىنافوذا، إلى أوانا، إلى تل حامد إلى يمين الساجور، إلى مسيل الماء إلى أن يمضيويختلط بالفرات.


وشرطوا أن الأمير على المسلمين قرغويه، والأمر بعده لبكجورة وبعدهما ينصبملك الروم أميراً يختاره من سكان حلب. وليس للمسلمين أن ينصبوا أحداً، ولا يؤخذ مننصراني جزية في هذه الأعمال، إلا إذا كان له بها مسكن أو ضيعة. وإن ورد عسكرإسلامي يريد غزو الروم منعه قرغويه، وقال له: امض من غير بلادنا، ولا تدخل بلدالهدنة. فإن لم يسمع أمير ذلك الجيش قاتله، ومنعه، وإن عجز عن دفعه كاتب ملك الروموالطربازي لينفذ إليه من يدفعه.
ومتى وقف المسلمون على حال عسكر كبير كتبوا إلى الملك وإلى رئيس العسكر،وأعلموهما به لينظروا في أمرهما.


وإن عزم الملك أو رئيس العسكر على الغزاة إلى بلد الإسلام، تلقاه
بكجور إلى المكان الذي يؤمر بتلقيه إليه، وأن يشيعه في أعمال الهدنة، ولايهرب من في الضياع ليبتاع العسكر الرومي ما يحتاجون إليه، سوى التبن، فإنه يؤخذمنهم على رسم العساكر بغير شيء.
ويتقدم الأمير بخدمة العساكر الرومية إلى الحدث فإذا خرجت من الحد عادالأمير إلى عمله، وإن غزا الروم غير ملة الإسلام سار إليه الأمير بعسكره، وغزوامعه كما يأمر.



وأي مسلم دخل في دين النصرانية فلا سبيل للمسلمين عليه، ومن دخل من النصارىفي ملة الإسلام فلا سبيل للزوم عليه.


ومتى هرب عبد مسلم أو نصراني، ذكراً كان أو أنثى، من غير الأعمال المذكورةإليها، لا يستره المسلمون، ويظهرونه، ويعطى صاحبه ثمنه عن الرجل ستة وثلاثونديناراً، وعن المرأة عشرون ديناراً رومية، وعن الصبي والصبية خمسة عشر ديناراً فإنلم يكن له ما يشتريه أخذ الأمير من مولاه ثلاثة دنانير وسلمه إليه. فإن كان الهاربمعمداً فليس للمسلمين أن يمسكوه، بل يأخذ الأمير حقه من مولاه، ويسلمه إليه.
وإن سرق سارق من بلاد الروم، وأخفى هارباً أنفذه الأمير إلى رئيس العسكرالرومي ليؤدبه.
وإن دخل رومي إلى بلد الإسلام فلا يمنع من حاجته.
وإن دخل من بلد الإسلام جاموس إلى بلد الروم أخذ، وحبس. ولا يخرب المسلمونحصناً ولا يحدثوا حصناً فإن خرب شيء
أعادوه. ولا يقبل المسلمون أميراً مسلماً ولا يكاتبوا أحداً غير الحاجبوبكجور. فإن توفيا لم يكن لهم أن يقبلوا أميراً من بلاد الإسلام، ولا يلتمسوا منالمسلمين معونة، بل ينصب لهم من يختاره من بلاد الهدنة.
وينصب لهم الملك بعد وفاة الحاجب وبكجور قاضياً منهم، يجري أحكامهم علىرسمهم.


وللروم أن يعمروا الكنائس الخربة في هذه الأعمال، ويسافر البطارقة والأساقفةإليها، ويكرمهم المسلمون.


من كتاب زبدة الحلب في تاريخ حلب

وإن العشر الذي يؤخذ من بلد الروم، يجلس مع عشار الملك مع عشار قرغويه،وبكجور فمهما كان من التجارة من الذهب، والفضة، والديباج الرومي، والقز غير معمول،والأحجار، والجوهر، واللؤلؤ، والسندس عشرة عشار الملك. والثياب والكتان، والمزبون،والبهائم، وغير ذلك من التجارات يعشره عشار الحاجب وبكجور بعده، وبعدهما يعشر ذلككله عشار الملك.
ومتى جاءت قافلة من الروم، تقصد حلب، يكتب الزروار المقيم في الطرف

إلى الأمير ويخبره بذلك لينفذ من يتسلمها،ويوصلها إلى حلب. وإن
قطع الطريق عليها بعد ذلك، فعلى الأمير أنيعطيهم ما ذهب. وكذلك إن قطع على القافلة أعراب أو مسلمون في بلد الأمير، فعلىالأمير غرامة ذلك.
وحلف على ذلك جماعة من شيوخ البلد مع الحاجبوبكجور وسلم إليهم رهينة من أهل حلب: أبو الحسن بن أبي أسامة، وكسرى بن كسور وابنأخت ابن أبي عيسى، وأخو أبي الحسن الخشاب، وأبو الحسن بن أبي طالب، وأبو الطيبالهاشمي، وأبو الفرج العطار، ويمن غلام قرغويه. وكان المتوسط في هذه الهدنة رجلهاشمي من أهل حلب يقال له طاهر.
وعادت الروم عن حلب، وبقي الحاجب قرغويه فيولايتها، والتدبير إليه وإلى غلامه بكجور وذلك في صفر من سنة تسع وخمسينوثلاثمائة.